القائمة الرئيسية

الصفحات

شركات المساهمة كتدبير للمرفق العام

شركات المساهمة كتدبير للمرفق العام

شركات المساهمة كتدبير للمرفق العام
شركات المساهمة كتدبير للمرفق العام


مقدمة

يعد المرفق العمومي المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة وتتولاها الإدارة بنفسها أو بالإشتراك مع الأفراد، وتسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة .
والمرافق العمومية تتخذ مجموعة من الصور ، تتنوع حسب نشاطها وكيفية ممارستها لهذا النشاط ، لهذا كان من الطبيعي أن تتباين طرق إدارتها وتسييرها ، فما قد يصلح لمرفق عمومي ليس بالضرورة قد يصلح لمرفق عمومي آخر .
وتأسيسا على ذلك فالمرافق العمومية تختلف من حيث وضع يد الدولة عليها ، فأحيانا نجد الدولة هي من تحتكر النشاط وهي من تنفق الأمول و تعيِن الموظفين وتراقب سير المرفق ونشاطه ، وهو ما إصطلح عليه بطريقة الإستغلال المباشر ، وأحيانا أخرى نجد الدولة تكلف وفي إطار القانون أحد أشخاص القانون الخاص للقيام بإدارة المرفق ، ويتم ذلك على نفقته وأن يتكلف بتوفير اليد العاملة وكل مايلزم لقيام المرفق بالخدمة أي المصلحة العامة للمرتفقين على أن يتقاضى رسوما من هؤلاء .
ومن بين هذه الطرق الغير مباشرة نجد طريقة شركات المساهَمة ، التي تتوزع بين طريقتين طريقة الشركة الوطنية التي تملك الدولة رأسمالها كله ، وطريقة شركة إقتصاد مختلط التي تجمع ما بين المساهمات العمومية و المساهمات الخاصة في تركيبة الرأسمال .



فكيف إذن تتم إدارة و تدبير المرفق العمومي من خلال طريقة شركات المساهمة ؟ سواء على مستوى الشركات الوطنية ؟ أو على مستوى شركات إقتصاد مختلط ؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات مستدلين بذلك بنموذج الشركة الوطنية لطرق السيارة بالمغرب ، سنتبع التصميم التالي :
المبحث الأول : إدارة المرفق العمومي بأسلوب الشركة الوطنية
المبحث الثاني : إدارة المرفق العمومي بأسلوب الشركة ذات الإقتصاد المختلط
المبحث الثالث : الشركة الوطنية لطرق السيارة بالمغرب نموذجا

المبحث الأول : إدارة المرفق العمومي بأسلوب الشركة الوطنية


إن الشركة الوطنية هي شركة مساهمة ، أي التي تساهم الدولة في رأسمالها بشكل وحيد منذ تأسيسها ، وتنشئها الدولة أو أحد الأشخاص العامة من أجل تسيير مرفق عام صناعي وتجاري معين .
ويمكن القول أن هذا النوع من شركات المساهمة قد أصبح في الآونة الأخيرة جد قليل ، وذلك نظراُ لسياسة الخوصصة التي أصبحت الدولة تنتهجها بشكل مفرط ، وهو ما أدخل كثير من هذه الشركات إلى القطاع الخاص ، ومن أمثلة الشركة الوطنية في المغرب نجد الشركة الوطنية لطرق السيارة بالمغرب، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ، الشركة الوطنية لتهيئة خليج طنجة .
ولتبيان هذا النوع في إدارة وتسيير المرفق العمومي ، سنعالج في (المطلب الأول) كيفية إنشاء الشركة الوطنية ، ثم في (المطلب الثاني) كيفية تنظيمها ، أي الجهاز الإداري .

المطلب الأول : كيفية إنشاء الشركة الوطنية

إن الشركة الوطنية وعلى خلاف ما يحدث في بلدان أخرى ، يتم إنشاؤها في المغرب من لدن الدولة، فوجودها إذن غير ناتج عن التأميم ولا عن نقل بموجب اتفاق لمؤسسة خاصة إلى القطاع العام .
ويتم إحداث الشركة الوطنية في المغرب إما بنص تشريعي حماية لحقوق الملكية و حرية الصناعة والتجارة مثل الشركة الوطنية للمنتوجات البترولية المحدثة بظهير 4 أبريل 1974 ، وإما بنص صادر عن السلطة التنظيمية مثل الشركة الوطنية للمواصلات .
وإن أهم ما يميز الشركة الوطنية عن المؤسسة العمومية هو تمتعها بالشخصية المعنوية الخاصة و يبنغي أثناء إحداثها إحترام الشكليات التي يتطلبها القانون التجاري ، أما هدفها فهو محدد في قانون تنظيمي ويكون إرتباطها بالدولة أخف مماهو عليه الأمر في المؤسسات العمومية [1].
وأيضا ما يميز الشركة الوطنية كونها ليست كشركات مجهولة الإسم في كونها لا تشكل شركة أشخاص أو أموال ، وبالتالي فالقواعد المفروضة على الشركات المجهولة الإسم لحماية المساهمين تفقد مدلولها في الشركة الوطنية ، كما أن الجمعية كجهاز رئيسي في الشركة يفقد دوره بحكم أن المساهم الوحيد هو رأسمال الدولة وليس رأسمال الخواص [2].
وتعتبر هذه الشركات أشخاصا معنوية يجري عليها القانون الخاص ، وذلك على الرغم من الصيغة العمومية لرأسمالها ، ومن جانب آخر فعلى الرغم من خضوع هذه الشركات مبدئيا للنظام الأساسي لشركة الإقتصاد المختلط فإن هذا النظام الأخير لا ينطبق عليها بصفة شمولية ، وذلك لأن الشركات المعنية لا تتضمن سوى مساهم واحد هو الدولة . ولهذا فإنها تخضع في الغالب لقواعد نظامية خصوصية ولمراقبة شبيهة بتلك التي تطال المؤسسات العمومية بخصوص كل ما يتعلق بالمسائل المالية[3] .

المطلب الثاني : الجهاز الإداري لشركة الوطنية ( خصوصيات الشركة الوطنية)

إذا كان المبدأ الأساسي في تسيير الشركة الوطنية هو الأخذ بالنظام المعمول به في القانون التجاري المتعلق بشركات المساهمة ، فإن الملكية العامة لرأسمال الشركة الوطنية يتيح بعض الخصوصيات التي تخضع لبعض قواعد القانون العام ، على النحو التالي :
-       المدير : يعتبر المدير موظف عمومي يتم تعيينه بواسطة ظهير أو مرسوم ، وهذا التعيين يدعم مكانته داخل الشركة ، ويمكنه من سلطات واسعة ، فإذا كان هذا الأخير في الشركات التجارية الخاصة يمارس إختصاصات مفوضة إليه من طرف المجلس الإداري ، فإنه في الشركة الوطنية يمارس إختصاصات أصلية وأخرى مفوضة إليه.
-       المجلس الإداري : يعتبر المجلس الإداري الهيئة المفوضة من الجمعية العامة للمساهمين لإتخاذ كل القرارات بإسم الشركة والتي ترمي إلى تحقيق غرضها ، غير أن صلاحيات المدير تجعل من المجلس الإداري شبه مهمش ، ويتحول فقط إلى جهاز إستشاري للمدير .
ويتكون المجلس من موظفين حكوميين يترواح عددهم من 7 أعضاء إلى 13 عضوا ، وينتمي غالبيتهم للوزارة الوصية على نشاط الشركة[4] .
-       الجمعية العامة للمساهمين : في الشركة الوطنية لاتعتبر سلطة إدارية عليا ، نظراً لكونها لا تضم سوى موظفين يمثلون الإدارات العمومية المركزية المعنية بنشاط الشركة .

    وبالتالي فإن هؤلاء ليسوا مساهمين في الرأسمال الشركة كما هو الشأن في الشركة الخاصة ، ومن شأن ذلك أن يجعل من عملهم عملا صوريا ، إذ مثلا لا يتم التصويت وفقاُ للإرادة الحرة لأعضاء الجمعية ، بل وفقا لتوجهات السلطة المركزية ، أو كما قيل الحكومة تصوت على الحكومة[5] .

تقييم لأسلوب الشركة الوطنية

ما يميز أسلوب شركة المساهمة الوطنية في إدارة وتدبير المرفق العام ، كون أن الدولة هي من يملك رأسمال ملكيتها كله، وبالتالي تكون هي المشرف الحقيقي عليه ، هذا الإشراف يعزز دور أساسي وهو أن النشاط سيكون موجه للمصلحة العامة دون المصلحة الخاصة.
وأيضا من إيجابيات هذا الأسلوب ، كون أن الخدمات المقدمة لإشباع الحاجات العامة لن تكون مقابل ربح كبير كما هو عادة مع الشركات الخاصة ، والذين يبحثون فقط عن مصلحتهم الشخصية المتمثلة في الربح ، بل قد تكون الخدمات في هذا التسيير مجانية أو بمقابل لتغطية نفقات أو ربح على إنعاش خزينة الدولة .
أما من ناحية سلبيات هذا التسيير ، فهو أن الخدمات المقدمة عادة تكون متميزة بالتعقيد و الروتين و البطئ نتيجة المساطرة القانونية المعقدة ، عكس ما هو موجود عند الشركات الخاصة حيث تتميز الخدمات بالسرعة وبطابع ذا جودة عالية ، وفي حالة حصول عجز لهذه الشركة ، فالمتضرر هو خزينة الدولة ، وبالتالي تكون عبئ على خزينة الدولة بدل أن تكون عونا لها .

المبحث الثاني : إدارة المرفق العمومي بأسلوب الشركة ذات الإقتصاد المختلط


يقوم أسلوب الإستغلال المشترك أو الإقتصاد المختلط على أساس إشتراك الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة مع الخواص في تدبير مرفق عام . ويأخذ هذا الإشتراك في شكل شركة مساهمة تكتتب السلطات العامة في جزأ من رأسمالها والجزء الباقي يكون مملوكا للخواص . وهي طريقة تلجأ إليها الدولة لتفادي عيوب الإستغلال المباشر ، والمتسمة بالتعقيد والبطئ والروتين وهذا لتجاوز هاجس الربح الذي تخضع إليه شركات الإمتياز ، لأن إشراك الدولة يمنحها حق الرقابة حتى داخل مجلس الإدارة ، فتشترك عن الإدارة و تتحمل مخاطرها .
ولمعرفة المزيد عن شركات ذات الإقتصاد المختلط سنحاول الوقوف عند كيفية إنشاء هذه الشركات (المطلب الأول) ثم نتطرق إلى خصائص هذه الشركات ، على إعتبار وجود شخص معنوي عام (المطلب الثاني ) وأخيرا نتحدث عن الجهاز الإداري المسير لهذه الشركات (المطلب الثالث) .

المطلب الأول : كيفية إنشاء الشركة ذات الإقتصاد المختلط

تحدث شركات ذات الإقتصاد المختلط بطرق مختلفة ، فقد تنشأ من لدن الشخص العام عن أول الأمر ثم يبيع جزء من أسهمه بعد ذلك للخواص ، فتنتقل الشركة العامة بذلك من شركة يمتلك الشخص العام كل رأسمالها إلى شركة ذات إقتصاد مختلط ، وقد تنشأ بمبادرة من الشخص العام بعد الإتفاق مع المساهمين الخواص كما هو الحال مع البنك المغربي للتجارة الخارجية ، كما يمكن إنشاؤها عن طريق مساهمة الشخص العام في رأسمال شركة خاصة كانت قائمة كالشركة المغربية للنقل خطوط وطنية CTM ، وقد تنشأ أيضا بعد تحويل طريقة تدبير مرفق عمومي موجود من قبل، كتحويل مؤسسة عامة تجارية أو صناعية إلى شركة إقتصاد مختلط [6].
أما بالنسبة للوسيلة التي يتم بها إنشاء شركة الإقتصاد المختلط ، فتكون إما بقانون أو بناءاً على قانون ذلك أن القانون هو الذي سيمكن الشخص العام من السلطات التي تمكنه من فرض القواعد المتعلقة بالمرفق العام ، بحيث أن الإقتصار على تطبيق قواعد القانون التجاري قد لاتعينه في ذلك . علاوة على أن مخالفة أحكام هذا الأخير يتعين أن تكون بقانون أيضا ، وقد تنشا بمرسوم فحسب الدستور المغربي 2011 يمكن القول أن إنشاء هذا النوع من الشركات تحكمه مقتضيات الفصل 72 المتعلق بالمجال التنظيمي وذلك في الظروف العادية ، على أنه في بعض الظروف الإسثنائية أنشئت بعض الشركات بموجب مرسوم ملكي كما هو الحال بالنسبة للقرض العقاري والسياحي ، أو بموجب ظهير كما هو الشأن بالنسبة للبنك المغربي للتجارة الخارجية [7].
من ناحية أخرى تلغى شركات الإقتصاد المختلط بحصول دواعي إنتهاء أو إنقضاء شركات المساهمة الخاصة طبقاً لمقتضيات القانون الخاص وقد تلغى بتحويلها إلى القطاع الخاص عبر أسلوب الخوصصة أو تحويلها إلى شركة عامة وطنية مملوكة كليا من لدن السلطات العامة ، علاوة على أنها تنتهي بنفس الوسيلة القانونية التي أحدثت بها [8].

المطلب الثاني : خصائص الشركة ذات الإقتصاد المختلط

الشركة ذات الإقتصاد المختلط شركة مساهمة تكتتب الدولة أو أحد الأشخاص العامة مع الخواص في رأسمالها بهدف إستغلال مرفق عام (يكتسب طبيعة إقتصادية ، صناعية أو تجارية) ، ولذلك تعتبر شخصا معنويا خاصا يخضع لقواعد القانون التجاري مهما بلغت نسبة مساهمة الدولة أو أحد الأشخاص العامة . (خضوعها للقانون التجاري يترتب عنه القيد في السجل التجاري ، ومسك الدفاتر التجارية والخضوع للضريبة على الأرباح ) ، بيد أن مساهمة السلطات العامة في رأسمها يجعلها تتميز بخصائص أساسية أهمها:
ـ الدولة لها الحق في تعيين المدير والمديرين الفرعيين وممثلها في المجلس الإداري للشركة ؛
ـ الشخص العام يتمتع بحق إعتراضي توقيفي أو مطلق على قرارات الجمعية العامة أو المجلس الإداري التي تتنافى مع مقتضيات سير المرفق العام .
ـ رغم خضوع شركة الإقتصاد المختلط للقانون التجاري ، فإن مساهمة السلطات العامة في جزء من رأسمالها (سواء قل أو كثر) قد يجعلها تستفيد من نظام إستثنائي خاص يتيح لها التمتع بإمتيازات غير مألوفة في نطاق القانون الخاص ، كأن تمتع بالإحتكار ، كما هو الشأن بالنسبة للشركة المغربية لتركيب السيارات SOMACA وهي شركة مساهمة تخضع للقانون الخاص ومع ذلك تم تمكينها من إحتكار العمليات المتعلقة بتركيب أجزاء السيارات .
ـ خضوع الشركة ذات الإقتصاد المختلط للقواعد الأساسية التي تحكم سير المرافق العامة ، الإستمرارية؛ التكيف ؛ المساواة ... إلخ .
ـ خضوع شركة الإقتصاد المختلط لمراقبة الدولة من الناحية المالية ، قانون رقم [9]69.00 سنة 2003 ولمراقبة المجلس الأعلى للحسابات [10].
ولقد إعتمد أسلوب الإستغلال المشترك أو الإقتصاد المختلط في تدبير العديد من القطاعات الإقتصادية بالمغرب ، ففي مجال النقل تم إحداث شركة الخطوط الملكية المغربية والشركة المغربية للملاحة ، وفي قطاع الأبناك والتأمين تم إحداث البنك المغربي للتجارة الخارجية والبنك الوطني للإنماء الإقتصادي[11] و الشركة المركزية لإعادة التأمين ، وفي مجال الطاقة تم إنشاء الشركة الشريفة للبترول والشركة المغربية لصناعة التكرير SAMIR.
من ناحية أخرى أتاح المشرع للمجالس الجماعية إمكانية اللجوء إلى هذا الأسلوب في تدبير المرافق العامة المحلية ذات الطبيعة التجارية أو الصناعية مع الإستفاد من قدرات القطاع المحلي في ذلك ، غير أن المجالس الجماعية لا تستخدمه إلا نادراً ، ومن تطبيقاته نجد مثلا ، شركة إستغلال المياه المعدنية الصحية كمامات مولاي يعقوب ، فندق المامونية ، المحطات الطرقية[12] .

المطلب الثالث : الجهاز الإداري لشركة ذات الإقتصاد المختلط

وجود مساهم عمومي في الشركات ذات الإقتصاد المختلط يجعل تطبيق قواعد القانون التجاري يتوارى شيئا فشيئا ، مقابل ترجيح بعض المقتضيات القانونية الخاصة التي تمكن الشركة من الإستفادة من بعض الإمتيازات نظراُ لإرتباطها بوجود مرفق عام مسير برأسمال يتضمن أموالا عامة .
هكذا تسير شركات الإقتصاد المختلط من خلال الهيئات التالية : الجمعية العامة للمساهمين ، والمجلس الإداري ورئيسه و المدير واللجنة التقنية .

1ـ الجمعية العامة للمساهمين :

تعد الجمعية العامة للمساهمين صاحبة السلطة التقريرية في شركات المساهمة ، طبقا لقواعد القانون التجاري ، لكن دورها في شركات الإقتصاد المختلط يظل من الناحية العلمية شكليا وضعيفا ، بالنظر لمساهمة الشخص العام في رأسمال الشركة ، بحيث قد يمتلك أغلبية الأسهم في الشركة ، وهذا مايمكنه من إتخاذ القرارات الفردية ، فتصبح بذلك الجمعية العامة للمساهمين مجرد مقام لأخبار المساهمين الخواص المالكين لأقلية الأسهم في الشركة ، على أن الشخص العام قد يستفيد من الإمتيازات الغير عادية تقررها النصوص القانونية المنظمة لهذا النوع من الشركات ، بحيث يتم تعيين أعضاء الجمعية العامة للمساهمين بشكل غير مباشر من لدن الدولة[13] .

2- المجلس الإداري ورئيسه :

يتشكل المجلس الإداري لشركات الإقتصاد المختلط من ممثلي الدولة وممثلي المساهمين الخواص الذين قد يتم تعيينهم وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة لشركات المساهمة ، أما بالنسبة للممثلي الدولة في هذا النوع من الشركات فهم يخضعون لمقتضيات المرسوم الملكي ، بمثابة قانون المؤرخ في 1 مارس 1968 ، الذي نص على القواعد العامة التي تهم تمثيلية الدولة في المجالس الإدارية لشركات الإقتصاد المختلط كما أضاف الفصل الثاني من نفس المرسوم على أن ممثلي السلطة العمومية داخل المجالس الإدارية يعملون بنفس الحقوق ونفس الصلاحيات التي يعمل بها ممثلوا الخواص ، ويلاحظ أن ممثلي الدولة في المجالس الإدارية لشركات الإقتصاد المختلط ، ينظر إليهم كمستخدمين تابعين للسلطة العامة .
أما بالنسبة لرئاسة المجلس الإداري التي تعود بمثابة الجهاز التنفيذي الأعلى في شركات الإقتصاد المختلط ، نجد أن الرئيس يعين من لدن السلطة العامة بدلا من المجلس الإداري ، خصوصا في الشركات التي تمتلك الدولة فيها أغلبية الأسهم،  فمن الناحية العملية يتم تعيين رئيس المجلس الإداري بإتباع إحدى الطرق التالية :
ـ قد يحتفظ المجلس الإداري بحقه في تعيين رئيس المجلس الإداري ، لكن شريطة المصادقة البعدية عليه من السلطات المحلية ؛
ـ المجلس الإداري قد يعين رئيس المجلس بعد إقتراحه من لدن السلطة الإدارية المختصة ؛
ـ المجلس الإداري يقترح الرئيس في حين يبقى حق التعيين من إختصاص السلطة الإدارية الوصية ؛
ـ رئيس المجلس الإداري يتم تعيينه من لدن الإدارة الوصية من دون تدخل المجلس الإداري [14].

3- المدير :

يتم تعيين مدير شركة الإقتصاد المختلط من لدن السلطة العامة بشكل مباشر ، مما يجعله يتمتع بوضعية من القانون العام ، حيث يبقى تابعا للدولة وتابعا في إدارة الشركة للتعليمات الصادرة عنها . أما الإختصاصات فهو يتمتع بسلطات واسعة داخل الشركة تمكنه من السهر شخصيا على السير اليومي للشركة و يرأس المسؤولين عن المديريات والأقسام ويعمل على تماسك أعمالها وتوجيهها بما يحقق المصلحة العامة .

4- اللجنة التقنية :

بتباين تشكيل هذه اللجنة ، التي توجد في بعض شركات الإقتصاد المختلط وذلك حسب توزيع الأسهم بين الدولة والقطاع الخاص ، وتتكفل هذه اللجنة برقابة التسيير العادي للشركة ، ومطابقة القرارات المتخذة مع التعليمات وقرارات المجلس الإداري مابين دوراته ، كما تساعد مدير الشركة في إعداد وتنفيذ قرارات المجلس الإداري مابين دوراته ، كما تساعد مدير الشركة في إعداد وتنفيذ قرارات المجلس الإداري وتقوم بدور أساسي في التحضير لإجتماعاته ، كما أنها تتولى القيام بالدراسات الأولية للقضايا المتعلقة بالتسيير التقني والمالي والتجاري للشركة ، ومن أمثلتها نجد ؛ اللجنة التقنية للشركة المغربية لصناعة السيارات التي تتشكل من ثلاثة أعضاء و هم : رئيس المجلس الإداري ؛ المدير العام المساعد ؛ وممثل عن مكتب تنمية الإستثمارات[15] .

تقييم أسلوب الإستغلال المشترك :

يمكن أسلوب الإستغلال المشترك السلطات العامة من توظيف القدرات المالية لكل من القطاعين العام والخاص ، قصد التدخل في الميدان الإقتصادي والتقني مع الإستفادة من وسائل القانون الخاص في تدبير المرافق العامة ، ويمكن هذا الأسلوب من تفادي التعقيدات الموجودة في القانون العام التي تظهر في الأساليب الأخرى ، كالبطئ والروتين وتعقيدات الإجراءات . من ناحية أخرى يمكن هذا الأسلوب من الإستفادة من تقنيات الإدارة الحديثة والتكنولوجيا المتطورة قصد الرفع من جودة و مردودية المرافق (المسيرة بهذا الأسلوب) . علاوة على الوجود الدائم والمستمر والفاعل لرقابة السلطات العامة على شركات الإقتصاد المختلط وفق السياسات الحكومية في مجال التنمية الإقتصادية .

المبحث الثالث : الشركة الوطنية لطرق السيارة بالمغرب نموذجا

أنشئت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب في سنة 1989 ، وهي الشركة الوطنية الوحيدة لبناء الطرق السيارة المفوتة في المملكة وصيانتها وإستغلالها والبالغ طولها 1800 كلم ، وبالتالي فهي تتولى إستغلال شبكة من الطرق السيارة يبلغ طولها 1096 كلم، مفتوحة في وجه حركة المرور ، 549 كلم قيد التشييد و 155 مبرمجة على المدى القصير والمتوسط ، كل هذا حسب التقرير السنوي للشركة إلى حدود 31 مارس 2010.
إن الطريق السيار بإعتباره يربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب ، فإنه يتضمن دينامية بشرية وسياحية وإقتصادية تشكل في حقيقة الأمر تنمية مختلف جهات المملكة ، كما تضطلع الشركة إلى جانب حدود إختصاصاتها في أعمال إجتماعية منها بناء المدارس المجاورة للطرق السيارة وكذلك محافظتها على البيئة بتبني سياسة المحافظة على البيئة رغم بناء الطرق التي تلوثها .
من خلال هذا سنحاول التعرض لتنظيم الشركة ومواردها البشرية قم بيان مالية الشركة وإنجازاتها ، بإعتبارها نموذجا لطريقة الشركة الوطنية في إدارة وتدبير المرفق العام .

المطلب الأول : التنظيم الإداري لشركة
1-    المجلس الإداري

يتسم أعضاء المجلس الإداري للشركة بفئتين من الأشخاص ؛ الأولى : أشخاص ذاتيون ؛ والثانية:أشخاص معنويون .
الأشخاص الذاتيون هم وزير النقل و التجهيز وهو رئيس مجلس الإدارة ، والكاتب العام لوزارة التجهيز والنقل ، ومدير الطرق بوزارة التجهيز والنقل و مدير الشؤون التقنية والعلاقات مع المهنة بوزارة التجهيز والنقل ونائب مدير الميزانية مكلف  بتنسيق نظم تمويل المشاريع العامة العمومية ، مديرية الميزانية ، وزارة الإقتصاد والمالية .
أما الأشخاص المعنويون فهم ، صندوق الحسن الثاني للتنمية الإقتصادية والإجتماعية ، الهيئة العامة للإستثمار ، مجموعة المغربية الكويتية للإستثمار ، الوكالة الوطنية للموانئ ، صندوق الإيداع والتدبير ،البنك الشعبي المركزي .

2-    إحصائيات الموارد البشرية :

بلغ عدد موظفي الشركة الوطنية لطرق السيارة بالمغرب إلى غاية سنة 2010 مامجموعه 569 موظفا مع إنخفاض قدره 59.3 مقارنة مع سنة 2009 ، ويعزى مغادرة التقنيين المتعاقدين في ذلك عقب إنهاء الأشغال بمحور مراكش أكُادير .
ومن خلال إحصائيات صنف الجنس فإن موظفي الشركة يتوزعون على حوالي 11  من الإناث و 89 من الذكور .
بالنسبة لمكان إستغلال ففي المقر الرئيسي 138 و مراكز الإستغلال 342  وأقسام الأشغال 89 أي أن مراكز الإستغلال تستحوذ على 60 والمقر الرئيسي24  وأقسام الأشغال 16 .
وتجدر الإشارة إلى أنه قد عرفت الشركة إرتفاعا طفيفا في مراكز الإستغلال وذلك بنسبة 9.4  بسبب إفتتاح طريق السيارة مابين مراكش وأكُادير.
أما من حيث أقدمية الموظفين فيأتي أولا موظفون من 11 إلى 15 سنة ، و فئة ثانية 15 فمافوق وفئة ثالثة أقل من 5 سنوات وفئة أخير من 6 إلى 10 سنوات.
ويعد تكوين هذه الموارد البشرية ضروريا لإرتقاء بالمهارات والحفاظ على المستوى المهني و يهم التكوين كافة أصناف الموظفين حسب مواصفاتهم وحاجاتهم و تطلعاتهم ، وقد بلغ عدد الدورات 44 على أساس أن الاستفادة من أيام التكوين بلغت 2242 يوما ، وقد سببت تكلفة التكوين انخفاضا بفضل أعمال التكوين تم إنجازها من طرف الشركة الوطنية أو بواسطة شركاء لا يطالبون بمكافآت مقابل الخدمات المقدمة .

المطلب الثاني : بيان مالية الشركة

إنتقلت المداخيل من 310.1 مليون درهم سنة 2009 إلى 1525 مليون درهم سنة 2010، وهو مايعني إرتفاعا قدره 16 يعزى بصفة أساسية إلى إرتفاع حجم حركة المرور و فتح الطريق السيار أكُادير في وجه حركة المرور بتاريخ 21 يونيو 2010. أما باقي الأرباح فهي موزعة من خلال الرسوم المترتبة عن إستغلال باحات الإستراحة و الخدمات .
لقد بلغت مشتريات المستهلكة من مواد ولوازم سنة 2010 ، 102.707 درهم ، تكاليف خارجية أخرى 373.239 ، الرسوم و الضرائب 1.835 و مصاريف الموظفين 140.884 مصاريف إستغلال أخرى 10.461، تحصيصات الاستغلال 852.400 والمجموع هو 1.481.526 درهم .فيما يخص أصول الشركة فهي 38.282 أصول ثابتة 33.326 أصول متداولة 4.588 ، الخزينة أصول 71.
الخصوم التمويل الدائم 33.058 الخصوم المتداولة 3.071 الخزينة 38.282154
بالنسبة لمجموع موارد الرأسمال هناك تطور من 5.692 في سنة 2007 إلى 7.368 في سنة 2010.
بالنسبة للمداخيل فإن طريق الدارالبيضاء الرباط بلغت سنة 2010 ما يراوح 389.399.917 الرباط القنيطرة 91.250.385 ، القنيطرة طنجة الشرق 270.664.299 طنجة الشرق ميناء طنجة المتوسط 27.907.062 الرباط فاس 213.651.037 الدار البيضاء برشيد 142.134.026 تطوان فنيدق 14.550.798 .
من هنا نرى أن مداخيل الشركة في نمو مقارنة على سبيل المثال إذا أخذنا الطريق السيار بين الدار البيضاء والرباط الذي بلغ عام 2008 : 389.399.917 .

المطلب الثالث : تقييم إنجازات الشركة

الشركة في تحسن مطرد ، وذلك نتيجة الكثير من الخدمات التي تقدمها مثل ربط جميع الطرق السيارة بشبكة الألياف الضوئية التي أقامتها الشركة تكفل الربط بين مختلف محطات بالقاعدة الرئيسية وكذلك بوسائل الإتصال بنسبة لمستغلها حتى في المناطق الجبلية الوعرة ، وأيضا نظام التعرف على اللوائح المعدنية التي تحمل رقم تسجيل المركبات من أجل أخذ جميع المعطيات وتسهيل الخدمات بالنسبة للمستغل أو عند الضرورة إذا إرتكب جريمة بإعطاء جميع البيانات للسلطات المختصة ، أيضا وجود نظام لدى هذه الشركة يسمى نظام دعم الإستغلال وهو عبارة عن نظام يتخذ قرارات مستقلة من أجل ضمان حركة المرور بشكل طبيعي و أيضا ضمان سير مرور في حالة مواجهة أحداث قد تعرقل المرور ، وهذا هو ما تشتغل به بعض الطرق السيارة في الشبكة الأروبية .
أيضا هناك التحصيل الإلكتروني لإقتناء وحدة ملصقة من عبور مسار الآداء دون توقف مع سير بسرعة في حدود 30km .
كما هناك إنخفاض في حوادث السير بلغ في سنة 2010 : 2181 حادثا ، والشركة أيضا منخرطة في التنمية الإقتصادية وذلك من خلال إعطاء الأولوية للحفاظ على الموارد الطبيعية أثناء شقها الطرقات وكذلك قاممت بتجربة أولية لإعادة تدوير الرصف في الطريق مابين الرباط والقنيطرة . وأيضا تقوم الشركة بأعمال منتظمة مثل صيانة الطريق وتزيين المتوسط الطولي للطريق من خلال أشجار ونباتات وعنايتها .
أيضا المساهمة في بناء مدارس التي تمر منها الطرق ، وأيضا إكتشافها لحفريات آثرية بجانب الطريق السيار المستقبلية فاس تازة والذي يدرسه الآن أساتذة بالمدرسة الوطنية لعلوم الآثار والتراث أيضا لديها جائزة الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب للفنون الجميلة : إنجاز عملين فنيين لتشجيع السياحة بالمناطق التي تمر بها الطرق السيارة وأيضا برنامج إحياء الشجرة الأركان وعيا منها بالأهمية التي تكتسيها هذه الشجرة في النسيج الإقتصادي للمناطق التي يمر بها الطريق السيارة مراكش أكُادير ، وأخيرا الإحتفال بالذكرى الأربعين ليوم الأرض حيث شاركت في الفضاء الآيكولوجي من 17 إلى 24 أبريل 2010 ، ويعد هذا المعرض أحد الفعاليات الأساسية المبرمجة في الإطار الإحتفال بيوم الأرض في مدينة الرباط .

 مواضيع أخرى في شركات المساهمة 

لائحة المراجع
عبد الله حداد ، المرافق العمومية الكبرى ، منشورات عكاظ ، 1997 .
أحمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، دار النشر المغربية ، 1999.
ميشيل روسي ، المؤسسات الإدارية المغربية ، تعريب : إبراهيم زياني ومصطفى أجدبا ونور الدين الراوي ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، 1993.
إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مطبعة النجاح الجديد الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 2009.
محمد نشطاوي ، المرافق العامة الكبرى ، المطبعة الوراقية الوطنية الداوديات ، مراكش ، الطبعة الأولى ، 2002 .جامعة القاضي عياض ماستر : القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية -مراكش 
عرض بعنوان شركات المساهمة كتدبير للمرفق العام (المفهوم والكيفية) 2011-2012
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1]   عبد الله حداد ، المرافق العمومية الكبرى ، منشورات عكاظ ، 1997 ، ص 130 .
[2]   أحمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، دار النشر المغربية ، 1999 ، ص 162.
[3]   ميشيل روسي ، المؤسسات الإدارية المغربية ، تعريب : إبراهيم زياني ومصطفى أجدبا ونور الدين الراوي ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 1993 ، ص 165.
[4]   أحمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، مرجع سابق  ، ص 163.
[5]   أحمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، مرجع سابق ، ص 164.
[6]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مطبعة النجاح الجديد الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 2009 ، ص178.
[7]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص178.
[8]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص179.
[9]   ظهير شريف رقم 1.03.195 صادر بتاريخ 11 نوفمبر 2003 ، بتنفيذ قانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى .
[10]  إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص176-177.
[11]  محمد نشطاوي ، المرافق العامة الكبرى ، المطبعة الوراقية الوطنية الداوديات ، مراكش ، الطبعة الأولى ، 2002 ، ص137 [12]  أحمد بوعشيق ، المرافق العامة الكبرى ، مرجع سابق  ، ص 167 و 168 .
[13]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص 178.
[14]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص 182.
[15]   إبراهيم كومغار ، المرافق العامة الكبرى – على نهج التحديث ، مرجع سابق ، ص 183 .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات