القائمة الرئيسية

الصفحات

نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك

نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك

نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك
نطاق تطبيق قانون حماية المستهلك

مقدمة :
في ظل النظام الرأسمالي، سادت الرغبة في تشجيع التجارة و الصناعة عن طريق ترسيخ مبدأ سلطان الإرادة. و هو ما أدى إلى عدم التكافؤ بين حقوق التزامات طرفي العلاقة التعاقدية، المستهلك و المهني، إذ تراجع مبدأ سلطان الإرادة بسبب التفوق الاقتصادي للمهنيين على حساب الفئات المستهلكة، خاصة مع التفاوت الكبير بين سيطرة المهنيين المتمثلة في القدرة و الخبرة في مجال التعاقد، في مقابل المستهلك الذي يبرز ضعفه و حاجته للحماية.
و قد ظهرت الإرهاصات الأولى للدفاع عن المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية، و ذلك عندما أقر الرئيس جون كينيدي في خطاب له سنة 1962 بأن : "المستهلكين يمثلون المجموعة الاقتصادية الأكثر أهمية و الأقل حماية ". ووعد بتأسيس تشريع يضمن لهم حقوقهم كاملة.



بعد ذلك انتقل قانون الاستهلاك إلى الدولة الأوربية حيث يعتبر التشريع الفرنسي من التشريعات السباقة في هذا المجال و إن كان وفق قواعد غير صريحة.
حيث بادر بمقتضى قانون (1993/07/26) إلى وضع مدونة عامة لحماية المستهلك، و هي عبارة عن خليط من النصوص التي لها ارتباط بمختلف الفروع القانونية الهادفة لتكريس هذه الحماية.
و في فاتح فبراير 1995 سارع المشرع الفرنسي إلى إدخال تعديلات جوهرية على المدونة الاستهلاكية لتتلاءم مع الاتفاقية المبرمة في 1993/04/05 التي جاءت بمقاييس وضوابط حماية المستهلك في دول الاتحاد الأوربي.
أما على الصعيد الوطني، فرغم أن المجتمع المغربي يعتبر مجتمعا استهلاكيا بامتياز خصوصا في السنوات الأخيرة، و ذلك بسبب عوامل الانفتاح الاقتصادي و تحرير الأسعار و رفع الحواجز الجمركية و العولمة، فإن الاهتمام بموضوع المستهلك تشريعيا لم يكن إلا من خلال ق.ل.ع كشريعة عامة و بعض القوانين الأخرى الخاصة التي لم تستحضر البعد الحمائي بمفهومه الحديث.
غير أنه في سياق ملائمة التشريع المغربي مع المنظومة الدولية، و لأهمية قانون حماية المستهلك باعتباره دعامة أساسية لإقامة التوازنات القانونية و الاجتماعية، تم إصدار قانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك كإطار مكمل للمنظومة القانونية المتعلقة بالاستهلاك في المغرب.
فما هي الأطراف المعنية و المخاطبة بقواعد هذا القانون ؟
و هل استطاع المشرع أن يحددها تحديدا دقيقا ؟
و ما هي أهم مظاهر الحماية التي جاء بها قانون 31.08 ؟

المبحث الأول : النطاق الشخصي


أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية الي ظهور مفاهيم قانونية جديدة، كالمستهلك والمهني والمنتج ، وهي مفاهيم لم يعرفها القانون المدني حينما قرر حماية الطرف الضعيف بالوسائل التقليدية[1]، ويبدوا أن مسألة تحديد مفاهيم أطراف عقد استهلاك من أهمية بمكان في الحديث عن النطاق الشخصي لقانون ألاستهلاك لذلك لابد من التطرق لمفهوم المستهلك (المطلب الاول) ثم مفهوم المهني في (المطلب الثاني ) .

المطلب الاول :مفهوم المستهلك 

المستهلك كمفهوم محدد لم نجد له تعريف واضحا في القنون المغربي ، وكذلك لم يلقى اقبالا من طرف القضاء ،الي أن جاء قانون رقم 08-31 المتعلق بتحديد حماية المستهلك بتعريف محدد لهذا الأخير في المادة الثانية منه معتبرا اياه"كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجاته غير المهنية منتوجات أو سلع أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي".[2]
يلاحظ ان التعريف ركز فيه المشرع علي وضعية الضعف والجهل بموضوع العقد في التعريف بالمستهلك، لكن المشرع الفرنسي رغم اهتمامه بالمستهلك في عدة مجالات لم يعطي تعريفا له وترك المجال للفقه والقضاء،فعرف الفقه المستهلكين "الأشخاص الذين يقتنون أو يستعملون منتوجات وخدمات لغرض غير مهني "[3] وهو نفس التعريف الذي جاء به المشرع المغربي ، وحسب هذا التعريف لكتساب صفة مستهلك لابد من توافر ثلاثة عناصر :

-أولا : ان يكون الشخص ممن يقتني أو يستعمل السلع أو الخدمات

المستهلك غالبا ما يكون شخصا طبيعيا يقتني أو يستعمل السلع أو الخدمات لتلبية حاجياته الشخصية أو العائلية ،إلا أنه يمكن لبعض الأشخاص المعنوية أن تتخذ صفة مستهلك عندما تكون أنشطتها غير مهنية ولا تهدف الي تحقيق الربح.

ثانيا: أن ينصب الاستهلاك علي السلع والخدمات

كل الأموال والأشياء يمكن أن تشكل موضوعا لاستهلاك كالأطعمة والأدوية والسيارات والآلات المنزلية، ويمتد أيضا ليشمل الخدمات كتطبيب والاستشارة .

ثالثا: أن يكون الغرض غير مهني

يعتبر هذا العنصر جوهريا وحاسما في تحديد مفهوم المستهلك ، لذلك يؤدي هذا المعيار الي التمييز بدقة بين المهني والمستهلك ، والذي يعد أساس قانون الاستهلاك .
فالمستهلك عكس المهني يتعاقد لأجل احتياجاته الشخصية وليس المهنية ،ذلك أن التصرفات التي يقوم بها الشخص هي التي بتصنيف صاحبه ضمن فئة المستهلكين أو فئة المهنيين، وأخذا بعين الاعتبار العناصر الثلاثة السابقة يمكن القول أن المستهلك هو " الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يقتني أو يستعمل منتوجات أو الخدمات لأغراض غير المهني ".

المطلب الثاني : مفهوم المهني

يقوم المسهلك بإبرام عقود الاستهلاك من أجل تلبية حاجياته ألشخصية، يكون المهنيون  الثاني فيها ، فماذا نعني بالمنهي ؟ وما هي معايير تحديد المهني ؟
لم يعرف المشرع المغربي المهني كما فعل بالنسبة للمستهلك ، وإنما عرف المورد في الفقرة الثانية من المادة الثانية بكونه " كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في اطار نشاط مهني أو تجارى".
فهل يقصد بالمورد المهني ؟ يعتبر مفهوم المهني أشمل وأوسع من المورد ، فالمهني هو ذلك الذي يتعاقد في مباشرته لمهنته أو هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتعاقد من أجل مباشرة نشاط مهني ما ، سواء أكان صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو غير ذلك .
واعتمد الفقه لتحديد مفهوم المهني عدة معايير حصرها في معيار الاحتراف ومعيار الربح ومعيار الكفاءة والتفوق التقني [4].

أولا : معيار الاحتراف

هو ممارسة الأعمال التجارية علي سبيل التكرار وبصفة منتظمة وباستمرار ، ويقتضي الاحتراف أن يأخذ العمل بصفة دورية ومستمرة بشكل معتاد.
ويختلف الاعتياد عن الاحتراف ، فالاحتراف يتضمن في معناه الاعتياد والعكس غير صحيح ، اد الاعتياد لا يتضمن الاحتراف بل هو في مرتبة أدني منه،  والاعتياد هو التكرار المادي لتعاطي نشاط تجاري معين بصرف النظر عن الاستقرار أو المدة الزمنية التي وقع فيها هذا التكرار[5] .

ثانيا: معيار الربح

اعتمادا علي هذا المعيار يقصد بالمهني ذلك الشخص الذي يباشر حرفته التجارية أو الصناعية أو مدنية علي وجه الاحتراف من خلال هذه الحرفة يهدف الي الحصول علي السلع والخدمات لتقديمها الي الجمهور بمقابل مادي للحصول علي الربح.

ثالثا: معيار الكفاءة والتفوق التقني والقانوني

يعني أن مهني يتمتع بالمقدرة الفنية ، حيث يكون علي دراية بالعناصر الفنية والتقنية لمنتجاته أو الخدمة التي يقدمها ، وذلك من حيث كيفية الصنع وطريقة الاستعمال وغيرها من العناصر التي يستطيع غير المنتج معرفتها .
كما يتمتع المهني بمقدرة القانونية تكون نابعة من واقع خبرته بهذا النوع من التجارة ، بفعل اعتياده علي ابرامه تلك العقود[6].
انطلاقا مما سبق يمكن تعريف المهني "الشخص الطبيعي أو المعنوي عام أو خاص ، الذي يمارس نشاطه بصفة اعتيادية ويتمتع بالتفوق التقني والقانوني يؤدي الي صياغة العقد بشكل غير متوازن لمصلحته علي حساب المتعاقد معه".   

المبحث الثاني: نطاق من حيث الغاية والموضوع

المطلب الأول : نطاق تطبيق القانون 31.08 من حيث غايته

سنحاول خلال هذا المطلب التطرق إلى نطاق تطبيق القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك،وذلك وفق شكل لاندعي فيه التفصيل نظرا لإرتباط هذا الموضوع بمواضيع أخرى مقررة في هذه المادة.
حيث سنتناول (في فقرة أولى) الإلتزامبالتبصير،قبل أن ننتقل إلى حماية المستهلك من الشروط التعسفية (في فقرة ثانية).

الفقرة الأولى :الإلتزام بالتبصير

بما أن عقد الإستهلاك يجمع بين مستهلك متأثر بجاذبية الإغراءات منبهر بفعل تنوع أساليب العرض والدعاية، مندفع نحو استهلاك مواد وسلع وخدمات يجهل في الغالب كنهها.وبين مهني يمتلك القدرة الفنية والتقنية التي تخول له إمكانية التحكم في ظروف التععاقد وشروطه حيث يستدرج المستهلك في الحقيقة إلى التوقيع على عقد قد لا يساهم في إنشائه بإرادة متبصرة و واعية  بكل حيثيات الاتفاق و تبعياته .
فإن المشرع قد عمل من خلال قانون حماية المستهلك على طرح مجموعة من الأحكام التي ترمي في مجملها إلى تدعيم رضا المستهلك حتى ينشأ العقد الإستهلاكي عن بينه و اختيار حقيقيين[7].
ويمكن أن نجمل هذه الأحكام في الإلتزام بالتبصير باعتباره جوهر قوانين الإستهلاك بمختلف مضامينها.
هذا الالتزام يقتضي من المهني بائعا كان أم مقدم خدمة إعلام الطرف الأخر أي المستهلك بالخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة محل التعاقد وكذا شروط العقد وظروفه بمعنى أن هذا الإلتزام إن صح التعبير يلزم الشخص بالدفاع عن مصالح غيره على حساب نفسه.
وهو ما أكده المشرع ضمن القسم الثاني من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك.
كما تجدر الإشارة إلى أن القوانين الحديثة ومن بينها القانون المغربي قد تنبهت إلى وجود عدة ممارسات تعتمد أسلوب استدراج المستهلك لتحمل إلتزامات تعاقدية ما كان ليرتضيها لوتوفرة لديه فرصة أو مهلة كافية للتفكير والتروي[8] فأقرت مجموعة من الأحكام بعقود ونذكر منها على سبيل المثال عقد القرض الإستهلاكي حيث خول المشرع بموجب المادة 85 من القانون رقم 31.08 للمقترض إمكانية التراجع عن العقد داخل أجل سبعة أيام ابتداءا من تاريخ قبوله للعرض المسبق-وسكون هناك عرض مخصص للحق في التراجع-.

الفقرة الثانية : حماية المستهلك من الشروط التعسفية

يهدف قانون حماية المستهلك بالإضافة إلى تعزيز رضا المدني و تحقيق نوع من التوازن بين طرفي العقد الاستهلاكي،إلى توفير الحماية اللازمة للمستهلك خاصة من الشروط التعسفية التي يمكن أن يتضمنها العقد الإستهلاكي و قد عالج المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بالشروط التعسفية في المواد من 15 إلى  20 من قانون حماية المستهلك[9].
وقد حدد المشرع أيضا من خلال المواد أعلاه مجموعة من الضوابط التي يتعين على القاضي مراعاتها لتحديد الشروط التعسفية بالإضافة إلى تحديد قائمة من الشروط التعسفية على سبيل المثال لا الحصر.
وقد رتب المشرع في القانون 31.08 كجزاء على إدراج الشرط التعسفي في العقود المبرمة بين الموردين والمستهلكين البطلان، غير أن بطلان الشرط لا يؤدي إلى بطلان الالتزام ككل إلا إذا لم يكن بإمكان العقد أن يبقى قائما بدون الشرط المذكور،وذلك لأن مصلحة المستهلك قد تقتضي بطلان الشرط الإرادي فقط وبقاء العقد قائما لأن البطلان الكلي يمنع المستهلك من الحصول على سلعة أو خدمة هو في حاجة إليها. وسيتم التطرق إلى الشروط التعسفية بشكل مفصل خلال العرض المخصص لها ضمن سلسلة العروض المبرمجة لهذه المادة.

المطلب الثاني: نطاق  من حيث الموضوع

سنخصص هذا المطلب لعقدين نموذجيين من العقود الإستهلاكية وهما عقدا التأمين (الفقرة الأولى) وعقد القرض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: عقد التأمين

استقر الإجتهاد الفقهي و القضائي منذ زمن ليس بالقصير على أن عقد التأمين نموذج حي ومتجدد على عقود الإذعان.
ولكن إذا تم تطبيق شروط الإذعان التقليدية على عقد التأمين وفق ما هو مشار إليه أعلاه يصعب القول بأنه عقد إذعان بصورة مطلقة وذلك على النحو التالي:

أولا: فمن شروط عقد الإذعان كما ذكرنا أن هناك احتكار للسلعة أو الخدمة وهذا غير متوفر في التأمين إذ هناك حوالي 22 شركة نشيطة للتأمين[10] تمارس أعمال التأمين المختلفة مما ينفي عنصر الاحتكار عن هذه الخدمة.

ثانيا: إن خدمة التأمين في مجتمعنا ليست من الخدمات الضرورية ولا يعتبرها مجتمعنا كذلك باستثناء التأمين على المركبات ضد الغير[11] فهذا النوع من التأمين يعتبر ضروريا لأنه مفروض بقوة القانون، مما أصبغ عليه طابع الضرورة القانونية وليس طابع الضرورة الواقعية أو الفعلية.
أما ما عدا ذلك من أنواع التأمين أو من بعض أنواعه[12]، فإنه أقرب ما يكون في رأي الكثيرين إلى الترف منه إلى الضرورة في مجتمع كمجتمعنا مما ينفي عن التأمين شرط الضرورة.
وبالرغم من كل ما سبق يبقى التأمين عقد إذعان لكون أن المؤمن يفرض في الغالب شروطه على المؤمن لهم، فيعد تلك الشروط في شكل نماذج مطبوعة "عقود نمطية" يعرضها على الناس كافة وليس لهؤلاء إلا الانضمام إلى ما يعرض عليهم أو رفضه دون أية مناقشة[13].
ومن بعض مظاهر التعسف في عقد التأمين نجد أن المؤمن هو الذي يستقل عمليا بتحديد المخاطر التي يقبل تغطيتها.
كما يشترط المؤمن في عقد التأمين توليه بنفسه الدفاع عن المؤمن له في دعاويه كما أن شركات التأمين تحكم القبضة على المؤمن لهم في الانتظام في دفع القسط في الوقت التي تضع في العراقيل دون حصولهم على مبلغ التأمين كما يقول خبير التأمين هنزديترمر.

الفقرة الثانية: عقد القرض الاستهلاكي

ينعكس التطور الاقتصادي والتحول المجتمعي حتما على نمط عيش الأفراد وتقاليد استهلاكه، فقد برزت حاجيات استهلاكية جديدة و متعددة أصبح اللجوء إلى قرض الاستهلاك إحدى الوسائل الشائعة لتلبيتها. وذلك لمحدودية القدرة الشرائية لفئات عريضة من المجتمع ولسرعة القروض الاستهلاكية عن تغطية مصاريف عاجلة لا يمكن مواجهتها عبر الادخار الشخصي، هذا فيما يخص أهميتها الاجتماعية، أما من الناحية الاقتصادية فهي تلعب دورا مهما بالنظر إلى مساهمتها في الرفع من انتاج وتداول السلع ومختلف الآليات والتجهيزات الممولة بهذه القروض[14].
وقد أدى ارتفاع الطلب على هذه القروض إلى ظهور شركات عديدة متخصصة في هذا الميدان الذي حظيت به القروض الاستهلاكية من طرف الشركات لم تحظى به على الصعيد التشريعي، فباستثناء القواعد العامة المنظمة لعقد القرض في ظ.ل.ع فإنها تفتقر إلى  تنظيم خاص بها، وهو ما جعل هذه الشركات تنفرد بوضع شروط التعاقد مضمنة إياها في نماذج عقود خاصة بها، وما على المقترض سوى الإذعان لهذا العقد والتسليم بكل بنوده دون مناقشة أو رفض التعاقد.
من هنا تفرض حماية المقترض - الطرف الضعيف- نفسها على المشرع المغربي من المقرض   الطرف القوي في العقد  لأن الأمر لم يعد علاقة مدين بدائن حتى تضمن القواعد العامة في ظ.ل.ع الحماية لأطراف العقد.
فما هي يا ترى المخاطر والمشاكل التي تطرحها هذه القروض بحيث تستوجب تدخلا تشريعيا لحماية المستهلك؟
إن أكبر خطر يحيط بالمستهلك هو القرض الاستهلاكي لكونه عقدا إذعان بامتياز ولذلك يمكن للمقرض إملاء شروطه على المقترض ودس العديد من الشروط التعسفية في العقد بما يخدم مصالحه ما دام أن المقترض لا يملك سوى التسليم بها دون أية مناقشة.
ومن الشروط التعسفية الخاصة بعقد الإستهلاك: نجد أن لحظة إبرام العقد تتفق عقود القروض الاستهلاكية على إدراج شرط يلزم المستهلك بالتعاقد في حين يعطي للمقترض مهلة طويلة ليقرر خلالها التعاقد أو رفض التعاقد إن هذا يثير لنا مسألتين أسايتين:

1- الانتقاء التحكمي للزبناء.

2- عدم إعطاء المستهلك مهلة للتروي والتفكير.

- اشتراط المقرض توقيع المستهلك على إعلان علمه بشروط العقد وبحالة البضائع بالرغم من أنه في الحقيقة يجهلها.
- تقوم مؤسسات الائتمان عند توقيع عقد القرض بفرض مجموعة من الأوراق التجارية "كمبيالات" "سندات لأمر" يتعين على المستهلك توقيعها ولهذه الأدوات نتائج خطيرة على المستهلك لأنها تحرمه من أية حماية، فالمستهلك الذي وقع على كمبيالة أو سند لأمر لا يمكن له نهائيا الاعتراض أو كونها غير مطابقة للمواصفات أو معيبة.
- عقود القروض الاستهلاكية المخصصة لشراء شيء معين تشير إلى الفصل التام بين عقدي البيع و القرض وذلك لإعفاء مؤسسة الائتمان من أية مسؤولية ناتجة عن عقد البيع.
- يعد شرطا تعسفيا الشرط الذي يجبر المستهلك في حالة الأداء المسبق للقرض برد المبلغ الاجمالي لتكلفة القرض المحدد لكل فترة سداد.
- الشروط التي تعفي المقرض من المسؤولية حيث تصب جل بنود عقود القروض الاستهلاكية في اتجاه اعفاء المقرض من اية مسؤولية في حالة وجود عيب في الشيء المشتري بالقرض أو كان الشيء غير مطابق للمواصفات وتنتشر مثل هذه الشروط بصفة خاصة في عقود البيع بالقرض.
- لا يخلو عقد القرض الاستهلاكي من ضخامة الضمانات المعطاة للمقرض وكذا فرض تعويضات باهظة عند عدم تنفيذ المقترض لأحد التزاماته.
- تحديد محكمة مختصة بعيدة عن موطن المقترض في حالة نزاع حول تنفيذ العقد.

خاتمة

ونافلة القول هي أن القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك-رغم مجيئه بعد مخاض عسير-أضحى يمثل وعاء قانونيا لحماية المستهلك وذلك عبر إفراده لمجموعة من المقتضيات الخاصة بفئة المستهلكين على خلاف ما كان علية الوضع في ظل القواعد العامة و التي كانت قاصرة وغير كافية لتوفير الحماية المطلوبة للمستهلك خاصة في ظل عدم توازن قوى طرفي العقد الاستهلاكي.
وبما أن قانون حماية المستهلك  قانون وظيفي وليس مجرد حيث أنه يقوم على التجانس الوظيفي لقواعده ، فإن نطاقه يشمل أي منظومة قانونية تتضمن حماية للمستهلك ولو كانت خارج القانون رقم 31.08.
وفي الأخير فإن المسؤولية الأكبر من وجهة نظرنا ملقات على عاتق جمعيات حماية المستهلك وكذا مختلف الفاعلين في هذا المجال من أجل تنزيل مقتضيات هذا القانون على أرض الواقع وتوفير الحماية الحقيقية للمستهلك في الواقع و أمام القضاء لا أن تظل حبيسة النصوص.
مواضيع ذات صلة

 ----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] -نورالدين الرحالي: "التطبيقات العملية الحديثة في قضايا الاستهلاك" توزيع مكتبة الرشاد سطات ص 23
[2] -فتيحة الصياح "الحماية العقدية للمستهلك " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص.كلية الحقوق سطات 2011. ص56
[3] -نزهة الخالدي :" الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية " أطروحة الدكتوراه كلية الحقوق ،أكدال الرباط، 2005 ص65
[4] -محمد لبغيل :"حماية المستهلك من الشروط التعسفية في التشريع المغربي"رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق ، وجدة 2010. ص98
[5] -عمر قريوح: "الحماية القانونية لمستهلكي السلع والخدمات " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص . وجدة 2000 ص67
[6] -نور الدين الرحالي . مرجع سابق ص45
[7] الحسين بلحسايني : أساس الالتزام بتبصير المستهلك ومظاهره المجلة المغربية للاقتصاد و القانون العدد 4 دجنبر 2001 ص 10.13.14
[8]الحسن بلحسايني مرجع سابق ص 71
[9] لتفصيل أكثر أنظر مجلة القانون القضائي.العدد 161 لسنة 2012 إصدار وزارة العدل مقال ذ. أبوبكر مهم بعنوان '' حماية المستهلك من الشروط التعسفية قراءة في المواد من 15 إلى 20 من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك''
[10]- من بينها، أكسا التأمين المغرب، الوطنية، أطلنطا، التعاضدية الفلاحية للتأمينات، الشركة المركزية لإعادة التأمين.
[11]- المادة 120 من مدونة التأمينات.
[12]- كالتأمين على الحياة
[13]- قانون التأمين، دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة، ص 27.
[14]- الرحموني حسنة، حماية المستهلك، مخاطر القروض الأستهلاكية.  

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات