أسباب نشوء وانقضاء حق الارتفاق
تـــــــقديــــــم:
أقر الإسلام الملكية العقارية، وبين حدودها وأعطاها عناية كبيرة لأهميتها، في تثبيت وضمان استقرار وتجمع المجتمعات ومالها من دور في النمو الاقتصادي والاجتماعي للحياة البشرية كما أولى كذلك الدستور المغربي الجديد للملكية الخاصة أهمية بالغة ومتميزة وحماية قصوى لحق الملكية
وقد نص الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 في الفصل 35 على أنه " يضمن القانون حق الملكية" .
ويتفرع عن حق الملكية مجموعة من الحقوق من بينها حق الارتفاق ،وبقصد به لغة الانتفاع، يقال: ارتفقت بالشيء إذا انتفعت به، والمرفق بكسر الميم وفتح الفاء هو ما يرتفق به ،وقد عرفه الحنفية بأنه أنه حق مقرر على عقار لمنفعة عقار آخر، وعند المالكية أنه تحصيل منافع تتعلق بالعقار، ونلاحظ ان تعريف الذي قدمه المالكية أعم لأنه يشمل انتفاع الشخص بالعقار فضلاً عن انتفاع العقار بالعقار، كحق الشرب وحق المرور.
وقد عرف المشرع المغربي حق الارتفاق في الفصل 108 من الظهير 19 رجب 1333 الموافق ل2 يونيو 1915 على انه":تكليف مقرر على عقار من أجل الاستعمال ومنفعة عقار يملكه شخص أخر"، وبصدور مدونة الحقوق العينية عرفت حق الارتفاق في الفرع الأول من الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بالارتفاقات والتحملات العقارية في المادة37 على أن:"الارتفاق حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص اخر"
ﻭﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻋﺩﻡ ﺘﻁﺭﻕ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺤﻕ ﺍﻹﺭﺘﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺸﺎﻤل، ﻟﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺒﻴﺎﻥ ﻤﺤل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻕ ﻟﻴﺱ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻟﻜﺜﺭﺓ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻹﺭﺘﻔﺎﻗﺎﺕ ﻭﺇﺨﺘﻼﻑ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻜل ﻤﻨﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ، ﺍﻻﺴﺘ ﻌﻤﺎل ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﻭﺤﻕ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻉ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎل ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﺩﺍﺌﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺤﻕ ﺍﻹﺭﺘﻔﺎﻕ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺤﺼﺭﻩ، ﻓﻴﻭﺠﺩ ارتفاق ﺒﺎﻟﻤﺭﻭﺭ، ﻭﺒﺎﻟﻤﻁل ﻭﺒﻌﺩﻡ ﺘﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﺤﺩ ﻤﻌﻴﻥ.. الخ
وقد عرفت حقوق الارتفاق أهمية كبيرة على مستوى الشريعة الإسلامية وخاصة أن هناك مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة تقر نوع من أنواع حق الارتفاق من قبيل ما جاء في ارتفاق الجار بجدار جاره، فقد ثبت في السنة الصحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره» ، ثم يقول أبو هريرة: «ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم» وهذا الحديث يدل على حق مدار الجوار وهو من أسباب حق الارتفاق
وتكمن أهمية هذا الموضوع ) أسباب نشوء حق الارتفاق وانقضائه(في كون أن حق الارتفاق شرع لمن له ضرر في عقاره لا حل له إلا أن يقوم بالمطالبة بحق الارتفاق من أجل كسر هذا الضرر كما هو شان بالنسبة لوضع الطريق للأرض المحاصرة التي لا طريق لها ، إلا أن ترتيب حق الارتفاق الذي يعطي منفعة للعقار المخدوم قد ينتج عنه تحول هذا الضرر إلى العقار الخادم بهذا تظهر أهمية تنظيم المشرع المغربي لهذا الحق بداية من أسباب نشوئه إلى أسباب انقضاءه وقد نظمه المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية من المادة 37 الى المادة 69.
وعلى هذا الأساس يطرح الموضوع الذي بين أيدينا )أسباب نشوء حق الارتفاق وانقضائه ( نشوء حق الارتفاق وانقضائه مجموعة من الإشكالات سواء تعلق الأمر بمسألة إنشائه وكذا مسالة انقضائه ، فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي التوفيق بين هاجس مصالح صاحب العقارالمرتفق وصاحب العقار المرتفق به
لجواب على هذا الإشكال سنحاول تقسيم الموضوع الذي بين أيدينا إلى مبحثين بداية نخصصها للحديث عن أسباب إنشاء حق الارتفاق وما يتطلبه من شروط وبعد ذلك سنحاول الحديث عن انقضاء حق الارتفاق سواء في أسبابه العامة أو الخاصة
وذلك وفق التصميم التالي :
المبحث الأول: أسباب كسب حق الارتفاق.
المبحث الثاني:انقضاء حق الارتفاق.
>>>رابط تحميل بحث حق الارتفاق<<<
قد يهمك ايضا المواضيع التالية:
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك