القائمة الرئيسية

الصفحات

إشكالات الرهن الرسمي العقاري

إشكالات الرهن الرسمي العقاري

إشكالات الرهن الرسمي العقاري




تقديـــــم
يعتبر الإئتمان ضرورة أساسية من ضرورات النشاط الاقتصادي في المجتمعات المعاصرة ويعتير الرهن إحدي وسائل تحقيق الإئتمان و يقصد بالرهن لغة الثبوت و الدوام و يقصد به الحبس أيضا,فمن الأول قولهم :نعمة راهنة, أي ثابتة و دائمة, ومن الثاني قوله تعالى "كل نفس بما كسبت رهينة"  أي محبوسة بكسبها و عملها ، ومعناه شرعا هو حبس الشيء بحق ليستوفى منه عند تعذر الوفاء به, أي توثقه الدين بعين يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها في حالة تعذر المدين عن تسديد دينه  
و بعد تعريفنا للرهن لغة و شرعا, سنحاول تعريف عقد الرهن قانونا ، فالمشرع المغربي لم يعرف الرهن وإنما عرف أنواعه  منها ما يتعلق بالرهن الرسمي و ما يتعلق بالرهن الحيازي. بخصوص الرهن الرسمي نجد انه ينقسم إلى ثلاثة أنواع كما أوردها المشرع المغربي:  الرهن الرسمي الرضائي و الرهن الرسمي المؤجل و الرهن الرسمي الجبري. أما الرهن الحيازي فينقسم إلى نوعين و هما الرهن الحيازي للمنقول و الرهن الحيازي للعقار. إضافة إلى الرهن الرسمي و الحيازي نجد حقوق الامتياز التي تعتبر من الحقوق العينية التي تضمن الوفاء بدين و منها حقوق الامتياز المنقولة العامة و الخاصة و حقوق الامتياز العقارية الخاصة
تتميز هذه الرهون بخصائص عدة كونها  أنها  من حقوقا عينية وتعمل على تخويل الدائن المرتهن سلطة مباشرة على الشيء المرهون و تمنح لصاحبها ميزتي التتبع و الأولوية, كما أنها تتميز بكونها من الحقوق العينية التبعية أي أنها تتطلب قيامها وجود التزام أصلي يلحق بها و يكون ضامنا لتنفيذها و يترتب عن هذه الميزة أن بطلان الالتزام الأصلي يؤدي إلى بطلان الرهن كما أنها تقوم مع قيام الدين وتنقضي بانقضائه, و أيضا تعتبر من الحقوق غير القابلة للتجزئة أي أن كل جزء من الرهن ضامن لكل الدين و كل جزء من الدين مضمون بكل الرهن .
وعلى هذا الأساس ارتأينا تخصيص موضوعنا وحصره في الرهن الرسمي نظرا لأهمية وكذا ما يطرحه من إشكالات نظرية وعملية فقد عرف المشرع المغربي الرهن الرسمي في المادة 165 من مدونة الحقوق العينية بأنه" حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ و يخصص لضمان أداء دين ".
إضافة إلى الخصائص المذكورة أعلاه يمكن إضافة خصائص أخرى يتميز بها الرهن الرسمي عن الرهن الحيازي و منها : تبقى ملكية وحيازة الشيء المرهون في حق الرهن الرسمي بيد المالك (المدين)، بينما تنتقل الحيازة في عقد الرهن الحيازي إلى الدائن , يرد حق الرهن الرسمي على العقارات فقط واستثناءا على العقار في طور التحفيظ، بينما يرد حق الرهن الحيازي على العقارات والمنقولات
فمن خلال هذه الخصائص التي يتميز بها الرهن الرسمي , جعلت المشرع المغربي يعمل على تطويره و ذلك من اجل توفير السيولة المالية المطلوبة للنهوض بالاستثمار و الإسكان بشكل خاص و خاصة بعد إدخال تقنية تسنيد الديون الرهنية لغرض تملك المساكن أو بنائها سواء كانت فردية أو معدة للاستئجار.
و بالتالي انطلاقا مما ذكرناه تبرز لنا أهمية موضوع الرهن الرسمي في التشريع المغربي باعتباره وسيلة ائتمان في العصر الحديث فهو يكفل لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة إستثمار أموالهم في قروض مضمونة برهون رسمية على عقارات تفي قيمتها بقيمة القروض وملحقاتها
وتبرز أهمية الرهن الرسمي على ثلاث مستويات  تظهر جليا في المستوى العملي و الاقتصادي و القانوني.
فمن الناحية العملية يضمن مصالح الأغيار و ذلك عن طريق ما توفره عملية الإشهار, كما انه وسيلة فعالة لوصول الدائن المرتهن إلى حقه , بحيث يكفيه سلوك مسطرة
تحقيق الرهن الرسمي و ذلك بإتباع مسطرة توجيه إنذار عقاري, ثم وضع العقار المرهون تحت يد القضاء ثم إعداده للبيع عن طريق المزاد العلني ليستوفي الدائن المرتهن حقه.
  أما على المستوى الاقتصادي يعتبر الرهن الرسمي ضمانة مرتفعة رهن إشارة المستثمرين لجلب الادخار الطويل الأمد كما ان إقبال أصحاب رؤوس الأموال على منح القروض و بالتالي يتم تمويل المشروعات و توفير فرص الشغل فيزدهر الاقتصاد الوطني , و خاصة بعد إقرار نظام تسنيد الديون الرهنية المتمثل في قيام صندوق جماعي لتسنيد الذي يقوم بشراء ديون رهنية يؤدي ثمنها بواسطة حصيلة إصدار ممثلة لتلك الديون, لذلك فهذا القانون جاء أساسا لدعم الاستثمار و ذلك لتوفير السيولة اللازمة لمؤسسات الائتمان عن طريق تمكينها من إعادة التمويل.إذ أن البنك مثلا إذا لم يتمكن من استيفاء ديونه في الوقت المحدد فان ذلك سينعكس سلبا على البنك و على الاقتصاد.
و على المستوى القانوني فانه لا يقل أهمية عن المستويات الأخرى المذكورة , إذ أن توثيق عقد الرهن له دور مهم في تعيين العقار المرهون و الدين المضمون من جهة و كذلك تحديد هوية و أهلية المدين الراهن و الدائن المرتهن من جهة أخرى و لا يعتبر صحيحا إلا إذا قيد في الرسم العقاري.
يطرح الرهن الرسمي عدة إشكالات سواء من الناحية القانونية أو العملية أو الاقتصادية لكن ما يهمنا في هذا البحث هو الإشكالات المتعلقة بالدائن المرتهن و حماية حقوقه و خاصة أن العقار المرهون يبقى في يد المدين الراهن لذلك أولت التشريعات الحديثة عنايتها نحو التوفيق بين الإبقاء على الحيازة وبين ضمان مصالح الدائن المرتهن. كما أن استيفاء الدائن لدينه لابد له من اللجوء إلى  مسطرة تحقيق الرهن الرسمي التي تخول له سلوك الوسائل القانونية لاسترداد حقه جبرا من المدين, و ذلك بانتزاع العقار المرهون من الراهن و عرضه للبيع في مزاد علني, و أمام كون مسطرة تحقيق الرهن الرسمي عبارة عن خليط معقد من الفصول و المواد سواء من مدونة الحقوق العينية أو المسطرة المدنية أو ظهير 2 يونيو 1915 أو المرسوم الملكي الصادر في 17 دجنبر 1968 مما اوجد خلافات فقهية و قضائية و تضارب في الآراء.إضافة إلى أن الدائن المرتهن لا يقبل ضمانة عقارية إلا إذا كان العقار المرهون محفظا , لكن بالرجوع إلى المادة 165 من مدونة الحقوق العينية نجد أنها تقر الرهن الرسمي على عقارات محفظة أو في طور التحفيظ و هنا يثار إشكال أخر بخصوص رهن عقار في طور التحفيظ .إذن بعد كل ما سبق ذكره ستكون الإشكالات المثارة و المطروحة كالأتي : ما هي مظاهر حماية الدائن المرتهن من خلال القواعد الموضوعية و الشكلية أو من خلال الضمانات المحيطة بتقييد الرهن الرسمي ؟ و ما هو دور القضاء عند سلوك مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ؟ و ما مدى إمكانية ورود الرهن الرسمي على عقار في طور التحفيظ؟
وعلى هذا الأساس يمكن لنا اقتراح التصميم التالي :
-              المبحث الأول: مظاهر الحماية في الرهن الرسمي
-              المبحث الثاني: إشكالات تحقيق الرهن الرسمي العقاري.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات