القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث الإجازة وسائل إثبات النسب ونفيه ما بين الشريعة والقانون المغربي

 وسائل إثبات النسب ونفيه ما بين الشريعة والقانون المغربي 

دراسة للبصمة الوراثية كمستجد بيولوجي علمي ينازع اللعان كلازمة شرعية في مجال النسب  

 وسائل إثبات النسب ونفيه ما بين الشريعة والقانون المغربي




مقدمة:

لقد حرص الاسلام على صيانة أعراض الناس وحفظها من الألسنة. فجاء حكم الشرع أن من يقذف امرأة بزنى ولم تكن له بينة تصدقه من أربعة شهود، يحد جزاءا على فعلته (قذفه) بثمانين جلدة لقوله تعالى في سورة النور:"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبل لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون".
وهذا حكم مطلق يشمل من قذف امراته ومن قذف امرأة غيره.ولكن الأحكام تختلف باختلاف الأزمنة و الأشخاص والبقاع. ليتم الاحتكام بذلك في عصرنا هذا الى القانون الوضعي والذي حرص على تجريم القذف الذي ضمنه في الباب السابع في الجنايات والجنح ضد الأشخاص في الفرع الخامس المتعلق بالاعتداء على الشرف أو الاعتبار الشخصي وإفشاء الأسرار من الفصول 442 الى 448 من القانون الجنائي المغربي، لينص صراحة في الفصل 442: "يعد قذفا ادعاء واقعة او نسبتها الى شخص او هيئة، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف او اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت اليها.
ليحدد لنا في باقي الفصول هذه الحالات وعقوباتها، ولأهمية نظام الأسرة و حرص المشرع على تماسكه، ولأهمية الجنس البشري وقيمته. فإن المشرع في الباب الثامن من القانون الجنائي المتعلق بالجنايات والجنح ضد نظام الاسرة والأخلاق العامة، عرض مجموعة من العقوبات في حق الفاعل سواء كان فاعلا أصليا أو معنويا والمشارك والمساهم الذي يدل على جريمة الاجهاض مع الحرمان من مزاولة الوظيفة والقيام بأي عمل بعقوبات حبسية أو سجنية قد تصل الى عشرين سنة اذا نتج عن ذلك موت المراة المجهضة.
أما في الفرع السادس المتعلق بانتهاك الآداب فقد حدد المشرع عقوبات لجريمتي الاغتصاب و الفساد لما لها من اثر على موضوع النسب، تمس الشرف وتمس النظام العام لعدة اعتبارات دينية، اجتماعية، ثقافية...
وأيضا بالقانون رقم 24.03 المتعلق بتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمراة فإن المشرع جد حريص على حماية الاسرة ونشيد هنا بالفصول 466-467-468-469 و 470 من القانون الجنائي المغربي.
وإذا كان قانون الالتزامات والعقود الشريعة العامة للقانون الخاص فإن مدونة الأسرة تعتبر بمثابة الأصل العام المنظم للنسب من خلال القانون 70.03 الذي دخل حيز التنفيذ في 3 فبراير 2004 والذي عني بتنظيم البنوة والنسب من خلال 20مادة من الفصل 142 الى 162، وقد سبق أن نظمت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، النسب وحده في الفصول من 83 الى 96 من خلال 14 فصل، وهذا كله ثمرة اهتمام وتطور بوضعية الأسرة تؤكد على أن المشرع من خلال قانون رقم 99-37 بشأن الحالة المدنية الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2002، يحرص على حالة الشخص من حيث ترسيم وتسجيل بعض الوقائع التي يمر بها ولد الفراش من ولادة ووفاة وزواج...في سجلات الحالة المدنية المادة 11 ، بالاضافة الى احكام تخص الاسم العائلي (المادة 20) والاسم الشخصي (المادة 21) من قانـون الحالة المدنية رقم37-99.
وعليه فان الأهمية البالغة التي يكتسيها علم النسب والإشكاليات التي يطرحها اثباتا ونفيا مع اعتماد قاعدة "الولد للفراش" في فقه النوازل والاجتهاد القضائي أصبحت تنحو منحى آخر يتأقلم مع المتغيرات التي فرضتها العولمة والحكامة الجيدة ومفهوم التنمية المستدامة في إطار دولة الحق والقانون تتجسد فيها كل أشكال الديمقراطية الحديثة من خلال الالتزام بالقانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية بما يتماشى مع سيادة الدولة الداخلية دون المساس بقواعد النظام العام والأخلاق الحميدة. ليتم النص صراحة في مدونة الأسرة فيما يتعلق بإثبات النسب ونفيه على إمكانية اللجوء إلى الخبرة القضائية في قضايا النسب والتي بدورها قيدها المشرع المغربي بشرطين :
+ إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه.
+ صدور أمر قضائي بهذه الخبرة.
لتظل بذلك إشكالية إثبات النسب ونفيه لا قضية عصر إنما قضية فرع متجدر عن أصل عنيت بها الشرائع السماوية ونظمها الإسلام. قال تعالى: " وما جعل الله أدعيائكم أبنائكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لأباهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به، ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفور رحيم" .
في الحديث النبوي:" حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب" . وقوله أيضا: الولد للفراش وللعاهر الحجر." فإذا كان الإسلام سباقا إلى وضع لبنة الحياة الاجتماعية فان القانون الوضعي وإن كان كلازمة فرضتها المتغيرات في ظل عصرنا هذا فإنه في نظرنا لا يعد بديلا عن أحكام ظلت إلى عهدنا هذا تفرض وجودها في جميع المجالات غير أن النظام الحالي في عصرنا الحديث أصبح يتطلب من المشرع أن يجد بديلا عن حكم الشرع في مجال نفي النسب (اللعان) أو إثباته (القيافة) دون أن يخرج عن الجوهر والمضمون ليعتمد بذلك على التقدم العلمي والبيولوجي عبر نظام فصائل الدم أو تحليل الحمض النووي عن طريق تقنية البصمة الوراثية
ADN في مجال لا يترك أي أثر للشك في إثبات النسب أو نفيه.
لذلك كله فإننا نرى أن موضوع البحث سيرتكز على فصل تمهيدي كمدخل عام يعمم العام ويخصص الخاص ثم تصميم مقسم إلى ثلاثة فصول: الأول: يعالج وسائل إثبات نسب ما بين الشريعة والقانون المغربي، الثاني وسائل نفي النسب الثالث والأخير تحليل بعض القرارات القضائية. 



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات