القائمة الرئيسية

الصفحات

ورقة بحثية حول موضوع إشكالية التعمير والعقار أمام الاستثمار

ورقة بحثية حول موضوع إشكالية التعمير والعقار أمام الاستثمار 

ورقة بحثية حول موضوع إشكالية التعمير والعقار أمام الاستثمار
ورقة بحثية حول موضوع إشكالية التعمير والعقار أمام الاستثمار 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمـــــــــــــــة
يشكل العقار أساس كل المشاريع اقتصادية كانت أم اجتماعية،  مما يجعله عنصرا بالغ الأهمية في مجال النهوض بقطاع الاستثمار، إذ ينعكس بذلك  مباشرة على التنمية المستدامة لمجموع التراب الوطني.
كما أن التطورات الراهنة التي تعرفها المملكة والتحديات المستقبلية المرتبطة بالاستجابة للحاجيات المتزايدة التي تفرضها التنمية وما يتبعها من مشاريع استثمارية ضخمة، خاصة التزايد المستمر في الطلب على الأراضي تقتضي نهج سياسة محكمة وتدبير عقلاني للعقار وذلك لجعله رهن إشارة الاستثمار الوطني قبل الأجنبي، لتوفير احتياطات عقارية مهمة كفيلة باستيعاب النمو و الانتشار اللامتوازن للساكنة وكذا الزحف العمراني الكبير نحو البادية الذي تزداد  وتيرته  يوما بعد آخر.
ثم إنه و نظرا للتحولات التي يعرفها المجال الحضري المغربي٬ فقد اهتمت الإدارة المكلفة بالتعمير اهتماما بالغا بسياسة التعمير على عديد مناطق التراب الوطني٬ و ذلك بهدف تنظيم و ضبط هذا المجال، و بالتالي فقد أصبحت الدولة واعية أكثر من أي وقت مضى بنتائج و انعكاسات سياسة التعمير على حاضر و مستقبل البلاد سواء على المستوى،السياسي أو الإداري الذي من شانه أن يحفز ويساعد على إرساء أسس عقلانية تساهم في خلق وحدات عمرانية متكاملة اقتصاديا واجتماعيا وديموغرافيا وإداريا منسجمة فيما بينها، هذه التحولات التي عرفها المجال الحضري عملت على استقطاب الاستثمارات في ميدان التعمير٬ وذلك عن طريق تفعيل  مفاهيم جديدة لتمكن المتدخلين من الانخراط الايجابي لإعداد المجال وذلك بهدف تحقيق التنمية المستدامة·ومن منطلق سعي المغرب لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية لإنعاش الاقتصاد الوطني وجلب العملة الصعبة بحكم توفره على رأسمال جغرافي وعقاري استراتيجي مهم مشجع ومغري للاستثمار، في غياب توفر البلاد على ثروات طبيعية حقيقية كالبترول ، ومن ثم فإن هذا فإن الرهان على الاستثمار في مجال التعمير يعد رهانا اقتصاديا استراتيجيا لدفع عجلة التنمية المنشودة.
إلا أن نجاح سياسة التعمير و انجاز الاستثمارات تظل رهينة  بوضوح وشفافية السوق العقارية٬ كما ترتبط أيضا بالاختيارات البناءة في مجال التخطيط و بساطة المساطر الإدارية ووضوح الأنظمة العقارية٬  لأن الاستثمار يجب أن يشجع التلاحم و التضامن الاجتماعي مع ضمان حق المردودية  للمستثمر.
و بناءا عليه، نتساءل عن׃ 
واقع العقار والتعمير ببلادنا تجاه تشجيع الاستثمارات؟ هل الوضعية العقارية الحالية تشجع فعلا وتساعد على جلب الاستثمارات؟ هل القوانين المؤطرة والمنظمة للعقار تقوم بدورها  في تفعيل الاستقرار و تقليص المنازعات حولها ؟ أم أنه على العكس من ذلك، وضعية عقارية تسودها تعقيدات وفوضى تكرس واقع نفور الاستثمار؟ هل هناك تكامل بين قوانين العقار وقوانين التعمير ، كون المنطق يفرض حتمية وجود علاقة انسجام وترابط بين هاتين المؤسستين القانونيتين اللتان ترومان تنظيم اكتساب  حق الملكية والمحافظة عليه من جهة واستعماله من جهة ثانية تحقيقا للتنمية على مختلف مستوياتها، أم أنه على العكس من ذلك لا يوجد أدنى انسجام بين المؤسستين لا من الناحية القانونية و لا التدبيرية ؟ خاصة إذا عدنا لأرض الواقع ، حيث إن طبيعة الأنظمة العقارية وتعددها وكذا المنازعات العقارية تؤثران سلبا على التخطيط والتدبير العمراني؟ ألا يمكن القول أن الدور السلبي الناتج عن سوء استعمال القانون أو سوء تأويله يكرس بدوره هذا النفور والتباعد بين المؤسستين؟ ثم ما هي أبرز التأثيرات لقوانين التعمير بشكل خاص على فعالية العقار في أداء دوره في جلب الاستثمارات ؟
هذه الاشكالات وغيرها سنحاول الاجابة عنها من خلال تقسيمنا لهذا العرض المتواضع إلى مبحثين كالآتي:
المبحث الأول: إشكاليات العقار أمام الاستثمار
المبحث الثاني: إشكاليات التعمير أمام الاستثمار

المبحث الأول: إشكاليات العقار أمام الاستثمار


إن الاستثمار في الميدان العقاري، سواء من طرف الدولة أو الخواص، يتطلب توفير قسط كبير من الأراضي، فحاجيات المجتمع في هكذا مجال تتعدد وتتنوع، لكن السوق العقارية ببلادنا تعرف وضعية لا تتماشى مع الحاجيات المطلوبة للنمو الحضري بشكل خاص، ذلك أن طبيعة هذه السوق لا تسمح في كثير من الأحيان بمواجهة المشاكل العقارية التي تتطلبها سياسات الاستثمار العقاري. ولا بتوفير الليونة المطلوبة للتحكم في المسألة العقارية بهدف الحصول على رصيد عقاري كافي وملائم لإعمال التعمير والاستثمار العقاري.
ومن تم فإن جل المعوقات العقارية التي تقف كجحر عثرة أمام الاستثمار تتجلى في خصائص السوق العقارية المغربية (المطلب الأول) وكذا ما يرتبه ضعف الاحتياط العقاري والمضاربة اللامشروعة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: إشكاليات ترتبط بخصائص السوق العقارية

غالبا ما تعجز السلطات العمومية والخواص عن الحصول على الأراضي اللازمة لإقامة مشاريع استثمارية عقارية،وهدا العجز دائما ما يرتبط أما بالقوانين المؤطرة للعقار (الفقرة الأولى) وكذا معوقات ترتبط بوضيعة الأرض نفسها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: معوقات ترتبط بتعدد الأنظمة المؤطرة للعقار

إن النظام العقار بالمقرب يعرف تعددا في الأنظمة وازدواجية في البنية ،فهو متعدد الأنظمة بدليل تعدد أصناف الأراضي وتباين الجهات المكلفة بتدبيرها[1].
كما أنه نظام يعرف ازدواجية في البنية العقارية من حيث وجود بنيتين أساسيتين في إطار كل الأنظمة العقارية المتواجدة ببلادنا وهي إما:
- عقارات محفظة تخضع لمقتضيات ظهير 12 غشت 1913 كما تم تعديله وتتميمه بقانون 14.07[2] المتعلق بالتحفيظ العقاري.
- عقارات غير محفظة تخضع لنصوص القانون رقم 39.08[3] المتعلق بمدونة الحقوق العينية، وكذلك قانون الالتزامات والعقود ثم الفقه المالكي.
ولا تعتبر العقارات في طور التحفيظ من قبيل هذا التنوع في هذه البنية العقارية بل هو مقدمة لمسطرة التحفيظ التي نظمها ظهير 12 غشت 1913[4]، ومن ثم فإن مشكل تعدد الأنظمة وازدواجية أبنيته أثر بشكل كبير على وضعية الأراضي وكيفية استغلالها، وإذا كانت الأراضي المحفظة تساهم إلى حد كبير بسبب وضوح نظامها في تسهيل عمليات الاستثمار والتعمير، فإن الأراضي غير المحفظة تعتبر مرتعا لعديد النزاعات والمشاكل، ذلك أن هذا النوع من الأراضي يخضع لقواعد لا تحيطه بالحماية اللازمة والسهولة المتطلبة في التداول، مما يصعب معه ضبط المعاملات العقارية فيها الشيء الذي يجعلها حجر عثرة في وجه أي استثمار.
وإذا كان نظام التحفيظ العقاري يساهم بشكل كبير في عملية ضبط ملكية الأراضي وتطهيرها من جميع الدعاوى والتعرضات، ويساعد على بيعها بشكل أمهل وأضمن، فانه وللأسف لا يسري على جل الأنظمة العقارية بالمغرب والتي أفرزها واقع تطور النظام العقاري ببلادنا حيث تتمثل في:

1)   نظام الملك العام

هي الأملاك المعدة للاستعمال العمومي ولتحقيق المنفعة العامة، وإذا كان المبدأ الأساسي الذي ينص عليه الفصل 4 من ظهير 1 يوليوز 1914 المنظم لها، هو عدم إمكانية تفويت الملك العمومي وعدم خضوعه لمبدأ التقادم، فإن الفصل الخامس من نفس الظهير أورد استثناء على ذلك؛ في الحالة التي يصبح فيها هذا الملك عاجزا عن تلبية الحاجيات العمومية، حيث يمكن تحويله إلى ملك خصوصي للدولة بموجب مرسوم للوزير الأول بناء على اقتراح من وزير الأشغال العمومية (وزارة التجهيز والنقل)[5].
وهذا النظام يسري على مساحات شاسعة وهامة في مختلف المناطق الحضرية بالمغرب، وقد حاولت الدولة مرارا جرد مختلف أملاكها للتعرف عليها وضبط الاحتياطات العقارية التي تتوفر عليها؛ إلا أنها اصطدمت في ذلك بضعف المعلومات المتوفرة في هذا الصدد، مما يشكل عائقا في وجه كل محاولة لضبط هذه الاحتياطات العقارية بغية تسخيرها لخدمة السياسات الاستثمارية في الميدان العقاري.

2)   أملاك الدولة الخاصة

هي مجموعة من الأملاك التي تملكها الدولة كباقي الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين من أشخاص القانون الخاص، والتي يعود أمر تسييرها إلى وزير المالية ممثلة في مديرية أملاك الدولة، وذلك طبقا للمرسوم 02-07-995 الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2005.
هذه الأملاك التي تقلصت مساحتها بشكل كبير بالمدارات الحضرية بسبب سهولة مسطرة تفويتها والاستعمال المتزايد الذي عرفته من لدن مختلف إدارات الدولة[6].

3)   أراضي الجموع

هي أراضي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر قد تربط بينهم روابط عائلية أو عرقية أو اجتماعية ودينية، وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة[7]، وهذه الأراضي تحت وصاية وزارة الداخلية، واهم النظام الساري عليها هو عدم قابليتها مبدئيا للحجز أو التفويت أو اكتساب ملكيتها بالتقادم.
إلا أن هناك استثناء يسير إليه الفصل 11 من ظهير 5 فبراير 1963 يتمثل في إمكان اقتناء عقارات هذا النظام من طرف الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات الترابية، إما بالمراضاة أو عن طريق نزع الملكية، هذا الاستثناء أدى إلى استحواذ مختلف الإدارات العمومية وشركات العقار التابعة للدولة ( العمران، الضحى ...) على هكتارات ضخمة من هذه الأراضي إن على المستوى القروي أو الحضري لإنجاز مشاريع عمرانية؛ مما أدى إلى تقلص مساحتها بشكل كبير وتشوب عدة نزاعات بين الأفراد القاطنين عليها الذين يعود إليهم حق المنفعة أو الاستغلال دون حق الرقبة الذي يبقى حكرا على الدولة.

4)   أراضي الجيش

تعتبر أراضي الجيش ملكا خاصا للدولة من نوع خاص، وتنقسم ملكيتها إلى ملكية الرقبة لفائدة الدولة وحق الانتفاع والاستغلال للذين خصهم القانون بذلك وهم القبائل المقيمة عليها والتي كانت فيما مضى مكلفة بالدفاع على أرض الوطن، ولا يوجد أي نظام قانوني ينظم هذه الأراضي وعلاقتها بالجماعة التي تقيم عليها من حيث التسيير والتصرف فيها وفي المواد المتحصلة منها لهذا بقي استغلال هذه الأراضي تنظمه الأعراف المحلية التي تختلف من قبيلة إلى أخرى[8].
ومن ثم فهذه الأراضي تطرح عديد المشاكل نظرا لوضعيتها سواء القانونية غير المضبوطة وكذا من خلال تسييرها أضف إلى ذلك تعدد مساطر اقتنائها مما يشكل عائقا إضافيا للسياسات الاستثمارية للدولة.

5)   أملاك الأحباس

تعتبر أراضي الأحباس تلك الأراضي التي أوقفها بعض الأشخاص لفائدة الزوايا أو  المؤسسات الدينية والخيرية والاجتماعية أو لفائدة أفراد عائلاتهم بحيث تصبح بعد انقراضهم تماما أحباسا عمومية وتشكل هذه الأراضي مساحة قدرها 58843 هكتار[9]، وتخضع هذه الأراضي لنظام مدونة الأوقاف الصادرة في 23 فبراير 2010[10]، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي الجهاز الإداري المسير لأراضي الأوقاف تبعا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.03.193[11] في شأن اختصاصات وتنظيم هذه الوزارة.
ويطرح نظام الأوقاف مشاكل إجرائية عديدة بالنسبة لاقتناء العقارات التبعة له، على اعتبار أن مسطرة تفويتها تفرض الحصول على ترخيص بمقتضى ظهير وتعويض هذه الملك بإعادة استخدام ثمن التفويت في اقتناء ملك مماثل.
وقد حاولت الدولة الاستفادة من الرصيد العقاري الهائل الذي يوفره نظام الأوقاف، ولا أدل على ذلك ما أصبحت تقوم به الوزارة الوصية؛ حيث ما يفوق 200 هكتار سنويا ما يدل على أنها تفطنت للدور الذي يمكن أن يلعبه الوقف رغم الصعوبات التي أصبحت تطاله من ترامي الغير أفرادا كانوا أم جماعات وكذا توقف الناس عن تحبيس عقاراتهم إلا نادرا.
وبناء عليه فإن كل هذا التنوع في الأنظمة العقارية بالمملكة يشكل حاجزا كبيرا أمام سهولة تداول الملكية العقارية وجعلها قابلة للتعبئة من أجل مشاريع واستثمارات تخدم الصالح العام للدولة والمجتمع على حد سواء.

الفقرة الثانية: إشكاليات ترتبط بوضعية الأرض

إن الرصيد العقاري القابل للاستثمار وتطبيق سياسات التعمير، هو ذلك الرصيد الذي يسمح موقعه وخصائصه الطبيعية، وطبيعته القانونية باستثناء مشاريع استثمارية لصالح المجتمع، وبالتالي يلزم توفر ثلاثة شروط فيما يتعلق بالأرض القابلة للتهيئة والاستثمار هي:
- الطبيعة الجغرافية والجيولوجية للأرض؛
- الوضعية القانونية المنظمة لكيفية استغلال الأراضي؛
- طبيعة النظام العقاري القائم،
فهناك من جهة استعمال متزايد للأراضي الحضرية من طرف الدولة والأفراد الذين يتزايد عددهم يوميا، ثم هناك عديد القيود والمعوقات التي تقف في وجه المستثمر والمكلف بالتعمير، وقد ترتبط هذه المعوقات إما بضعف المعلومات والمعطيات القانونية والتقنية المتعلقة بالأرض موضوع الاستثمار (ب) وإما بطبيعة الأرض من حيث التضاريس وموقعها الجغرافي ووضعتها القانونية ( أ ).

أ‌-   إشكالات تتعلق بطبيعة الأرض

إن طبيعة الأرض تعتبر من أولى القضايا التي تقف حاجزا أمام المستثمر، ويقصد بها – طبيعة الأرض- وضعيتها الجغرافية والطبوغرافية، فالموقع الجغرافي هو من يحدد قابلية الأرض للبناء، ثم إن المعطيات الطبوغرافية تمكن من استنتاج الامتيازات الممكن الحصول عليها، فقد يكون العقار معرضا لمخاطر الفيضان والانجراف أو التلوث ما يجعله غير قابل للاستعمال.

ب‌-  قيود متعلقة بالوضعية القانونية للأرض

ويمكن أن ترد هذه القيود في شكل ارتفاقات إدارية كحماية الأملاك العمومية، أو في شكل ارتفاقات التعمير من اجل تخطيط حضري محكم[12].

1-   الارتفاقات الإدارية

تحدث هذه الارتفاقات من طرف المشرع بهدف حماية الملك العام وحسن استغلاله، ورغم أنها تتعلق اساسا بالملك العام فإنها تفرض على عقارات الخواص المجاورة تحت طائلة المنفعة العامة وأهمها:
- الارتفاقات الإدارية المتعلقة بالمناطق العسكرية والمواقع الحربية حيث ينص ظهير 07 غشت 1934 بشأن الارتفاقات العسكرية على إمكانية القيام بأي بنايات محاذية مباشرة لهذه المناطق.
- الارتفاقات المتعلقة بالمناطق المخصصة للطيران والملاحة الجوية والتي بمقتضاها يمنع على اصحاب الأراضي المجاورة إقامة مشاريع سكنية أو غيرها قد تعيق عملية الطيران، وقد نص ظهير 26 شتنبر 1938 بشأن الارتفاقات المقررة في سبيل مصلحة الملاحة الجوية على وجوب احترام مسافة معينة وعلو معين من أجل الوقاية[13].
-  ارتفاقات حماية السير على الطرقات، وقد حدد المشرع عددا منها يمكن أن تطبق على الملكيات المحاذية للطرق العمومية مثل ارتفاقات عدم البناء بجوار الطرق للحفاظ على الأمن وعدم حجب الرؤيا بملتقيات الطرق والمنعرجات وغيرها، وكذا الارتفاقات المخصصة على الملكيات المجاورة للطرق السيارة حيث يمنع البناء على منطقة يساوي عرضها 20 متر من جابي الطرق السيارة[14].

2-   ارتفاقات التعمير

وهي ارتفاقات تحدث في إطار قانون التعمير بغض النظر عن علاقتها بالملك العام، وتحدث هي الأخيرة مثلها مثل الارتفاقات الإدارية من أجل المنفعة العامة[15]، وكل وثائق التعمير تحدث الارتفاقات من أجل المنفعة العامة، وهو ما تشير اليه المادة الرابعة من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير، والمادة 14 من نفس القانون التي تشير إلى أن تصميم التهيئة هو الذي يتكلف بمسألة الارتفاقات بشكل دقيق حيث جاءت المادة مفصلة، فعددت مجموعة من الارتفاقات يلزم أن تحددها الإدارة عند وضعها لتصاميم التهيئة.........
- ضوابط استعمال الأراضي والبناء لتحديد العلو الأدنى والأقصى والارتفاقات المعمارية الملتصقة بالبناء؛
- الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة والمرور...؛
-  الارتفاقات المحدثة بنصوص خاصة.

المطلب الثاني: معوقات ترتبط بضعف الاحتياطات العقارية و المضاربات

إن تغيير البنية السكانية المغربية وعدم التوازن في توزيع السكان، بحيث قضت المدن بأفواج هائلة من الافراد القادمين من مختلف قرى المملكة، مما أدى إلى انفتاح سكان الحواضر وهو ارتفاع قابله انخفاض ملموس في الاحتياط العقاري ( فقرة 1) وكذا استفحال ظاهرة المضاربة العقارية (فقرة 2) يؤدي بشكل جد سلبي على كل جهود تطوير الاستثمار العقاري.

الفقرة الأولى: ضعف الاحتياط العقاري

إن ارتفاع الطلب على الأراضي الواقعة بالمناطق المؤهلة للتوسع الحضري، وكذا الاستهلاك العشوائي للأراضي المحيطة بالمدن، ساهم بشكل كبير في تكريس ضعف الاحتياط العقاري بالبلاد.
وإذا كانت التقديرات المتعلقة بحاجيات المجتمع المغربي على الفترة الممتدة من نهاية 1980 إلى 2012 تشير إلى خصاص ناهز حوالي أربع ملايين وحدة سكنية، فهو يبين النقل الكبير الذي يمثله الاستثمار في قطاع السكن وحجم البرامج الواجب إنجازها سنويا لمواجهة الحاجيات من جهة، ومن جهة أخرى؛ فهي تقديرات تكشف مدى شساعة الرصيد العقاري الواجب توفيره وتجهيزه، والذي يقدر بحوالي إلى 4000 هكتار سنويا.
وهذا الخصاص في الرصيد العقاري يقف حاجزا مانعا في وجه السياسات المتعلقة بالاستثمار، والذي لا تعاني منه الوزارة المعنية فقط؛ بل يطال حتى الجماعات الترابية وهو يعزى إلى ضعف الإمكانات المالية لدى المتدخلين العموميين في القطاع، وإلى عدم استجابة الآليات القانونية المعمول بها حاليا، لرغبتهم في تكوين أرصدة عقارية خاصة بهم[16].
ومن ثم فإن الدولة تجد نفسها ملزمة على نهج سياسة عقارية متكاملة، وذلك بالعمل على تكوين رصيد عقاري احتياطي يمكن استعماله على المدى المتوسط والبعيد لمواجهة متطلبات الاستثمار العقاري، ولعل هذا الاتجاه هو الذي يمكن أن يساعد على ترقب الحاجيات من جهة، وعلى استعداد السلطات العمومية مسبقا لمواجهة مثل هذه الحاجيات من جهة أخرى، وهو توجه بمثابة تخطيط مستقبلي يمكن السلطات العمومية من التوفر على رصيد عقاري كاف وقادر على حفظ التوازن بين العرض والطلب وعلى تفادي الضغط الذي تعرفه سياسة الاستثمار العقاري من جراء تضخم القيمة العقارية، أضف إلى ذلك أن مثل هكذا سياسات تعطي الدولة متسعا من الوقت لتكوين رصيديها العقاري بالطرق التي تراها مناسبة، وتجنبها عديد المشاكل التي تنجم عن ضعف احتياطاتها العقارية[17].

الفقرة الثانية: المضاربة العقارية

إن التعلق بالأرض وبالملكية العقارية كمصدر للاستقرار والادخار يؤدي في نفس الوقت إلى العزوف عن تفويت حق الملكية والى تزايد الطلب على الأراضي سواء بالمدن أو بالمناطق المحيطة بها، ولعل هذا التفاوت بين التمسك بالملكية وتزايد الطلب المبني أساسا على توقع ارتفاع قيمة الأرض يبعث على المضاربة العقارية وهي مضاربة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الميدان العقاري، وتؤثر بشكل سلبي على المجال بالمناطق الحضرية والقروية معا، كما أن للمضاربة العقارية تأثيرات جد سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، إذ تؤدي إلى التضخم في الاقتصاد، والى التأشير على السياسات الاستثمارية[18].
وإذا كانت المضاربة العقارية ظاهرة تعرفها كل المجالات الاقتصادية، فإن المجتمع المغربي عانى وما زال يعاني من هذه الظاهرة وبشكل حاد في المجال العقاري، الذي يعتبر أخصب مجال لتحقيق أرباح ومداخيل هائلة دون عناء ومغامرة.
"ولكثرة ما هي خصوصية، أصبحت الملكية العقارية تتسم بالسلبية، فلم تعد كما كانت في السابق تعبيرا ورمزا للجماعة، ولكنها غدت أداة للعزلة وعدم التضامن" وبذلك أضحى المشكل العقاري عائقا للتطور ومرض القرن بامتياز.
وتكاد المضاربة العقارية تجعل كل فرد من المجتمع مضاربا عن دون وعي وذلك تحت وطأة الأزمة السكنية وهاجس تحقيق الربح المضمون، ومن ثم فهي تكرس شل التهيئة الحضرية للمدن وتجعل أقلية من الفعلين (أغلبهم بارونات مخدرات وأصحاب نفوذ كبير في الدولة) في السوق العقارية تتحكم في نمط عيش أغلب السكان حضريين كانوا أم قرويين[19]
إن المضاربة العقارية تؤثر بشكل سلبي على المجتمع بكامله وهي تؤدي إلى انزلاق الاستثمار نحو قطاع غير منتج، فيتأثر قطاع البناء وسياسات التهيئة والتعمير، كما أن أعمال المضاربين العقاريين تساهم في تغييب وعرقلة كل تخطيط في هذا الميدان إذ بدل إعداد استراتيجية حضرية وعمرانية منسجمة، تجد الدولة نفسها بصدد إعداد سياسة دفاعية لحماية الأنشطة الاقتصادية وعلاج النسيج الحضري وما يلحقه من تشوهات ثم إنها تحول دون تمكن الدولة من التحكم في السوق العقارية من أجل حل مشكل ندرة الأراضي، وغياب إرادة قوية لدى صانعي القرار لاستعمال ما تخوله الآليات التشريعية والقانونية لمجابهة الآفة، ولضبط السوق العقارية الغارقة في فوضى ارتفاع الأثمان، وإبرام جل صفقات البيع والشراء بعيدا عن الإدارة، فأصبحت هذه السوق مرهونة بشجاعة الرأسماليين وأنانيتهم المفرطة في تحقيق الربح دون  أدنى جهد أو عناء.
وهكذا فإن الإشكالات التي يطرحها العقار أمام الاستثمار سواء تلك المتعلقة بصلابة الأنظمة العقارية على التداول والاستثمار الهادفة، أو بسبب وضعية الأرض من الناحية العقارية والمضاربات كانت وستبقى من أبرز معوقات الاستثمار العقاري إن لم تكن هناك إرادة قوية من طرف صانعي القرار لهدف تغيير الوضع.

المبحث الثاني: إشكاليات التعمير أمام الاستثمار


إن نجاح التعمير في إنعاش سياسة الاستثمار، يظل رهينا  بوضوح وشفافية السوق العقارية التي تبين من خلال ما استعرضناه في المبحث الأول من هذا العرض، وأنها سوف تتخبط في عديد من المشاكل التي لا تزيد الاستثمارات إلا نفورا ما لم يكن هناك تدخل تشريعي، صارم، و حاسم ينظمها.
ثم إن التعمير وكما هو معلوم يرتبط بالاختيارات السياسية والاقتصادية، التي تنهجها الدولة، بغية تحفيز الاستثمار، لكن الواقع يكشف مدى العراقيل التي يخلقها التعمير أمام الاستثمارات.
سواء من حيث سواء من حيث التعقيدات المرتبطة بوثائق التعمير، من قبيل طول المساطر والبطء في إنجازها، وعدم كفاية الموارد المالية المخصصة لها (المطلب الأول)، ثم أيضا تعدد المتدخلين مركزيا ومحليا، وكثرة النصوص المنظمة لهذا الميدان من جهة أخرى(المطلب الثاني).

المطلب الأول: البطء الإداري وقلة التمويل في إعداد وثائق التعمير

إن مسلسل إعداد وثائق التعمير، يتطلب وقتا طويلا، فالفترات التي تفصل بين رسم المشاريع، حتى إنهائها جد طويلة (الفقرة الأولى) ثم إن إعدادها يحتاج أموال باهظة نظرا لما تحتاجه من دراسات قصد إعدادها (الفقرة الثانية) الأمر الذي لا يشجع على تحفيز الاستثمارات العقارية.

الفقرة الأولى: البطء الإداري في إعداد وثائق التعمير

يعتبر عامل الوقت أحد الانشغالات الرئيسية لقانون التعمير، إذ يلعب دورا مهما في فعالية أو عدم فعالية أدوات التخطيط العمراني، والواقع أثبت أن إعداد وثائق التعمير ودراستها، تعوق يهدد قدرتها على مواكبة التحولات الديموغرافية، والعمرانية المتسارعة، ومجاراة الديناميات السوسيو اقتصادية، التي تتفاعل داخل المجالات الترابية[20].

ومن أهم العراقيل التي تسبب هذا البطء، نذكر:

1-   الكيفية التي يتم اختيار بها مكاتب الدراسات، فرغم كون مرسوم 2007 المتعلق بالصفقات العمومية ينص على اختيار أحسن عرض وأقلهم تكلفة.
المهتمين يشيرون إلى أن الإدارة المكلفة بإبرام الصفقات، عادة ما ترجح كفة  الفريق الذي يكون عرضه أقل ثمن، وهو ما يفيد تغييب معيار الجودة في معادلة وثائق التعمير.

2-   هيمنة الطاقم التقني في إعداد هذه الوثائق، وتغييب عالم الاجتماع والجغرافي، ورأي الاقتصادي[21]  والذي قد لا يشارك قط في هذه الدراسة.

3-   عدم التزام المتعاقد بالآجال المحدد بموجب المنشور رقم 005[22]  لإنجاز الدراسات المتعلقة بتصميم التهيئة،  والمتمثل في 18 شهر، ومرد هذا البطء راجع بالأساس إلى افتقاد العديد من المتعاقدين للخبرة والتجربة، والتخصص في ميدان التعمير.

وقانون التعمير هو بدوره يساهم في هذا البطء، والتأخر الذي تعرفه وثائق التعمير، نظرا لعدم تحديد المشرع لأجال واضحة ، يتم فيها تحديد تاريخ بدء وانتهاء كل مرحلة من المراحل التي تقطعها عملية إعداد هذه الوثائق، وكمثال على ذلك ، فإن تصاميم التهيئة والتي تمد عمليات الشروع في دراستها مند دخول قانون 12-90 المتعلق بالتعمير، حيز التنفيذ ووصل عددها 240 تصميما إلى غاية سنة 2000 كانت توجد منها 110 قيد الدراسة و 56 إما أمام أنظار اللجان المحلية ،أو البحث العمومي العلني، أو أمام اللجنة المركزية، وكان يوجد عدد مسائل في مرحلة إدخال التعديلات التي طلبتها اللجنة المركزية، بينما كانت الأمانة العامة للحكومة(ثلاجة القوانين) قد توصلت ب18 تصميما من أجل مراقبتها ومن تم متابعة إجراءات المصادقة عليها[23]
ومن هذه الحالات مشروع تصميم التهيئة للسوالم الساحل بإقليم سطات، حيث ته افتتاح البحث العلني يوم 12 دجنبر 2002 إلى غاية 18 يناير 2002، كذا لم يتم إرجاعه إلى الوكالة الحضرية من قبل السلطات الإقليمية إلا بتاريخ 23-7 -2003 في وقت أصبحت معه مقتضيات المشروع غير لازمة التطبيق، استنادا إلى مضمون الفقرة الثالثة من المادة 7 من القانون 12.90 .

الفقرة الثانية: الإكراهات المالية المعرقلة لإعداد مخططات التعمير

يتطلب إعداد وثائق التعمير توفير إمكانيات مالية باهضة، ومكلفة، تتناسب وحجم المشاريع والبرامج والتجهيزات التي تتضمنها، أضف إلى ذلك، أن تطبيق هذه المخططات يتطلب أراضي شاسعة، لتنفذ عليها.
على اعتبار أن التجهيزات والمرافق التي تتضمنها وثائق التعمير، تأتي بعد الاستشارة المسبقة، للإدارات العمومية أثناء فترة إعداد وثائق التعمير،والتي تقترح خلالها مختلف الإدارات حاجياتها من الأراضي، قصد القيام تريده من مشاريع .
إلا أن انصرام الآجال القانونية لوثائق التعمير، دون تنفيذ البرامج التي تتضمنها ، يجعل من الإدارات المعنية، في موفق حرج، كون خزينة الدولة والجماعات الترابية، لم تعد قادرة على إسناد العقارات، أو تعويض ملاكها،لإنجاز التجهيزات اللازمة.
ويزداد الإكراه المالي تعقيدا نتيجة التناقض الشبه الكلي، بين برمجة التجهيزات، والواقع، إذ غالبا ما يتم اقتراح مساحات تفوق بكثير المتطلبات الفعلية.
ويمكن إرجاع ذلك إلى أسباب منها:
- عدم  ضبط الحاجيات بصفة دقيقة؛
- غياب التنسيق بين الدراسات المتعلقة بالتخطيط العمراني،وإحصائيات الساكنة؛
- وجود شرح بين التخطيط المجالي من جهة، والتخطيط الاقتصادي وإعداد المزانية من جهة أخرى[24]؛
- عدم تتبع المقتضيات المتعلقة بتتبع تنفيذ وثائق التعمير،سواء تعلق الأمر باللجنة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون رقم 12-90 وإجراءات التتبع المنصوص عليها في المادة 2 من ظهير 20-11-1993 المنظم للوكالات الحضرية، فيما يتعلق بالمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.
فضلا عن الفقرة الثانية من المرسوم التطبيقي لقانون 12.90 التي تنيط بمجالس الجماعات الترابية مهمة العمل بانتظام على معرفة حالة تقدم تنفيذ الأحكام الواردة في تصميم التهيئة ، وبتشاور مع المصالح الخارجية التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالتعمير،أو الوكالة الحضرية بحسب الحالة[25]. 

المطلب الثاني: كثرة المتدخلين وتعدد النصوص المنظمة لميدان التعمير كعامل سلبي أمام الاستثمارات

مما لا شك فيه أن تدبير التعمير يخضع لسلطات وهيئات متعددة ، وهذا يجد أساسه في كون التعمير يعد من القطاعات التي لا يمكن إسنادها إلى جهاز بذاته،نظرا لارتباطه بعدة قطاعات[26] ومن تم فإنه ميدان يعرف  كثرة المتدخلين،إن على المستوى المركزي أو المحلي،(الفقرة الأولى)إلى جانب ذلك نجد أن مبدأ التعمير تؤطره عديد النصوص القانونية والتي تزيد الأمر ارتباكا وغموضا أمام السلاسة المتطلبة للدفع بعجلة الاستثمار (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: كثرة المتدخلين في ميدان التعمير وتأثيرها على الاستثمارات

إن سبب تعدد المتدخلين في ميدان التعمير،إذ على المستوى المركزي أو المحلي،راجع إلى الصيغة الأفقية التي يتميز بها قطاع التعمير، فإن هذا التعدد يوازيه في المقابل تنازع وغموض في الاختصاصات بين المتدخلين في هذا القطاع الحيوي والشائك، مما ساهم في عرقلة النمو الطبيعي للمدينة المغربية[27]، أضف إلى ذلك أن كثرة المتدخلين نتج عنه عدم الانسجام والتناسق بين مختلف الهيئات.
ومن بين الانعكاسات السلبية لتعدد المتدخلين في ميدان التعمير نذكر:
ü     قلة وثائق التعمير المصادق عليها؛
ü     البطء في دراسة طلبات الحصول على وثائق التعمير؛
ü     ارتفاع حالات رفض مشاريع التجزئات العقارية ، وكذا مشاريع الاستثمار  في الميدان العقاري بصفة عامة.
لكن إذا تم التنسيق بين مختلف المتدخلين في هذا الميدان، و تم توزيع الاعباء والمهام بشكل محكم ودقيق، فإن ذلك قد يخفف من وطأة المشاكل الكثيرة التي تعيشها مختلف مدن وقرى المملكة.

الفقرة الثانية: كثرة النصوص المؤطرة لميدان التعمير وغموض عديد مقتضياتها

إن وفرة النصوص المؤطرة لميدان التعمير وغموض عديد مقتضياتها لها انعكاسات سلبية على هذا المجال، فالملاحظ أن الإطار القانوني والتنظيمي لميدان التعمير قد وضعت أسسه بداية القرن الماضي[28]، ولم يتغير إلا بشكل جزئي ، حيث تغيرت بعض الجزئيات ، وظهرت بعض الأدوات الجديدة، لكن الإطار العام لهاته القوانين لم يطله أي تغيير، الأمر الذي جعل هاته القوانين متجاوزة وغير مسايرة لحركية العمران والاستثمار بالبلاد، ومن تم فإن صلابة وجمود هاته القوانين أثرت بشكل كبير على فعالية وثائق التعمير التي بقيت عاجزة في غلاب الأحيان عن اداء الهدف المتوخى من إنجازها أل وهو " التخطيط المحكم وضبط المجال، اضف لذلك عدم مسايرة هاته الوثائق لمختلف استراتيجيات وما يصاحبها من فتح عدة أوراش بمختلف ربع التراب الوطني.
وبذلك صار من اللازم إعادة النظر في هذه القوانين و السير قدما نحو إخراج مدونة للتعمير، تواكب مختلف التحديات التي تفرضها موجات العولمة من الناحية الاقتصادية، وفي هذا الإطار تم تنظيم ملتقى وطني بالرباط حول مدونة التعمير بتاريخ 3 أكتوبر 2005 ، والذي حددت فيه التوجهات الكبرى و آليات التشاور لإنجاز هذا المشروع الضخم، وهو ما أكدته الرسالة الملكية الموجهة إلى الملتقى جاء في مقتطف منها"... وتعزيزا للمجهودات التي تقوم بها حكومتنا، فقد أضحى من اللازم الانكباب على مراجعة و تحديد منظومة التعمير الجاري بعا العمل في بلادنا ، والتي وإن عرفت بعض الإصلاحات في العقدين الماضيين فإنها ظلت محدودة وما زالت بعض تشريعاتها ترجع لبداية القرن الماضي"، توجيهات يبدوا أها لت تجد آذانا صاغية وإرادة سياسية قوية تحولها واقعا ملموسا ، نظرا لعديد العوائق ، يكفي ذكر لوبيات العقار داخل المعششة داخل مجلس المستشارين والتي يبقى هاجسها المحافظة على مصالحها  و ممتلكاتها وعدم السماح بأي قانون يمس ذلك، فعن أي دفع لعجلة الاستثمار نتحدث؟ ومن هم مؤتمنون على مصالح البلاد لا يهمهم سوى مصلحتهم ليس إلا؟.

خاتمـــــــــــــة

من خلال كل ما أسلفنا، يتأكد أن العقار بدون شك يعد عنصرا رئيسيا في مجال التنمية العمرانية والاستثمار في هكذا مجال، واعتبارا للتحديات التي تعرفها بلادنا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، و نظرا للتزايد المفرط للطلب على الأراض فغنه بات من الضروري إعادة النظر في بعض القوانين المتابعة في اتجاه خلق انسجام و تكامل ببن العقار والتعمير و هما في ذلك التدبير العمراني من جهة و بين متطلبات التنمية والاستثمار من جهة أخرى ، وفي هذا الصدد يمكن اقتراح بعض الافكار التي تبدو ضرورية لرسم سياسة  واضحة في هذا الشأن وذلك من خلال ما يلي [29]:

v    فيما يخص الجانب العقاري:
ü      التفكير بشكل جدي في وضع الاسس القانونية للملكية العقارية عبر تحفيظ العقارات لتوضيح وضعيتها  المادية والقانونية تفاديا لكثرة النزاعات التي تثار حولها ما يؤثر بشكل كبير على الاستثمارات.
ü     يلزم إعادة  النظر في المساطر والقوانين المنظمة للعقار غير المحفظ بتطويعه لخدمة التعمير و رفع الحواجز التي تجعله معيقة للاستثمار.
ü     توحيد أنظمة الملكية العقارية خاصة تلك العائدة للدولة وتنظيمها في نظام واحد بهدف توفير احتياطات عقارية للدولة والجماعات الترابية على  وجه الخصوص، ثم يلزم القيام ببلورة سياسة جديدة تؤطر مختلف أنواع العقارات ( جموع، جيش...) عبر التحديد الدقيق لذوي الحقوق ومحاولة تعويضهم بأراضي أخرى خارج المدارات الحضرية بشكل يجعل هذه الأراضي قابلة لأن تكون رهن إشارة الاستثمار.
ü     تشجيع نظام التحفيظ الجماعي عن طريق نهج سياسة مرحلية تتوخى تحفيظ جميع الأملاك الواقعة في المدارات الحضرية بصفة إلزامية كخطوة في اتجاه تعميم التحفيظ.
ü     تطوير مساطر تكوين الاحتياطات العقارية للدولة حتى يمكنها أن تواكبها كثرة الطلب على الأراضي المتطلبة للاستثمار.
ü     ضرورة إحداث محاكم متخصصة في ميدان العقار والتعمير ، للبث السريع في المشاكل التي تعوق الاستغلال الفعال للعقار والتمهيد لذلك بخلق وحدات متخصصة على مستوى كليات الحقوق تجمع بين العقار والتعمير.

v    أما فيما يخص الجانب المتعلق بالتعمير
ü     ضرورة إعادة النظر في وثائق التعمير المعمول بها حاليا ، بشكل يجعلها تواكب التطورات وتأخذ بعين الاعتبار المعطيات والمستجدات الراهنة، وتعكس متطلبات الاستثمار من خلال التفكبر في خلق مناطق جديدة لاستقبال مشاريع سياحية ، تجارية، وصناعية.
ü     اعتماد مبدأ العدالة في وثائق التعمير، بغية تفعيل مفهوم التضامن الاجتماعي والعدالة العقارية.

المراجع والمصادر المعتمدة

المراجع الخاصـــــــــــــة

- الحاج شكرة،"الوجيز في قانون التعمير المغربي" مطبعة دار القلم للطباعة والنشر ، الرباط، ط 6.
- الهادي مقداد، "السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى" الطبعة الأولى 2000 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
- محمد محجوبي، " قراءة في قوانين التعمير المغربية" الطبعة الثانية 2011، مطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع.

المراجع العامــــــــــــــة
- محمد أوزيان، "الأملاك المخزنية بالمغرب النظام القانوني والمنازعات القضائية" الجزء الأول، الطبعة الأولى 2013، مطبعة المعارف الجديدة الرباط .
-  محمد بن معجوز المزغراني، "الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي" طبعة 1999 مطبعة النجاح الجديدة.
-  عبد الله حداد،" الصفقات العمومية ودورها في التنمية"، ط 1 ،  2001

الأطروحات القانونية
-  أحمد مالكي، "التدخل العمومي في ميدان التعمير" أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام ، جامعة الحسن الأول، وجدة –السنة الجامعية 2007/2008.
-  لبنى أشقيف،"سياسة التعمير والسكنى"، دراسة لسيرورة القرار المركزي والمحلي، جهة  مراكش تنسيفت الحوز، نمودجا" أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، جامعة القاضي عياض السنة الجامعية 2009- 2010.

الرسائل القانونيـــــــة
-  فوزي عبد اللطيف " دور وثائق التعمير في تحقيق التنمية المحلية" رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية الاقتصادية بطنجة ، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، السنة الجامعية 2010-2011.

المجلات القانونيـــــــــــــــة
-   العربي مياد، "وضعية الأراضي الجماعية" المجلة المغربية للأدارة المحلية والتنمية، يوليوز/ شتنبر 1998 عدد 24 .
-  محمد الوكاري، "العقار بين الازدواجية وتعدد الأنظمة العقارية ومتطلبات التنمية الحضرية" مداخلة ضمن أشغال ندوة الأنظمة العقارية في المغرب، منشورات مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، الطبعة الأولى 2003، المطبعة الوراقة الوطنية بمراكش.
-  حمود المختار،"أضواء على جوانب إشكالية المدن الكبرى بالمغرب" منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد43 مارس أبريل 2002

النـــــدوات
-  أحمد المريني، (وضعية الهياكل والأنظمة العقارية الفلاحية بالمغرب) مداخلة ضمن أعمال الندوة الوطنية حول "الأنظمة العقارية بالمغرب" .
-  محمد الوكاري، "العقار بين الازدواجية وتعدد الأنظمة العقارية ومتطلبات التنمية الحضرية" مداخلة ضمن أشغال ندوة الأنظمة العقارية في المغرب، منشورات مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، الطبعة الأولى 2003، المطبعة الوراقة الوطنية بمراكش.
- عبد السلام شكري، "برمجة التجهيزات الجماعية والإدارية ، قانون وواقع"مداخلة في اليوم الدراسي حول المرافق العمومية بوثائق التعمير، التصور والإنجاز، المنعقد بالرباط بتاريخ 7-11-2000 منشور بمجلة التنمية والإدارة عدد 12
- رشيد السملالي، مداخلة في الندوة التي انعقدت بمحكمة الاستئناف بطنجة بتاريخ 16 ماي 2012 حول  موضوع " العقار والتنمية"، تقرير من إعداد حميد فضلي ومحمد المغامري
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] نظام الملك العام للدولة تشرف على تسييره وزارة النقل والتجهيز
- نظام الأوقاف تديره وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؛
- نظام أراضي الجماعات السلالية تشرف عليه وزارة الداخلية؛
- نظام الأملاك الجماعية تشرف عليه وزارة الداخلية؛
- نظام أراضي الجيش ترجع ملكيتها لمديرية أملاك الدولة؛
- نظام الملك الخاص للدولة وتتدخل بصدده جهتان إداريتان: المندوبية السامية للمياه والغابات ثم مديرية أملاك الدولة.
[2]  نشر بالجريدة الرسمية عدد 5998 المؤرخة في 14 نونبر 2011 ص 5575.
[3]  نشر بالجريدة الرسمية عدد 5998 المؤرخة في 24 نونبر 2011 ص 5587.
[4]  محمد أوزيان، (الأملاك المخزنية بالمغرب النظام القانوني والمنازعات القضائية) الجزء الأول، ط. الأولى 2013، مطبعة المعارف الجديدة الرباط ص. 19.
[5]  الهادي مقداد، (السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى) الطبعة الأولى 2000 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص. 76.
[6]  محمد محجوبي، مرجع سابق ص. 154.
[7]  العربي مياد، (وضعية الأراضي الجماعية) المجلة المغربية للأدارة المحلية والتنمية، يوليوز/ شتنبر 1998 عدد 24 ص.83.
[8]  محمد الوكاري، (العقار بين الازدواجية وتعدد الأنظمة العقارية ومتطلبات التنمية الحضرية) مداخلة ضمن أشغال ندوة الأنظمة العقارية في المغرب، منشورات مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، الطبعة الأولى 2003، المطبعة الوراقة الوطنية بمراكش ص. 249.
[9]  أحمد المريني، (وضعية الهياكل والأنظمة العقارية الفلاحية بالمغرب) مداخلة ضمن أعمال الندوة الوطنية حول "الأنظمة العقارية بالمغرب" المرجع السابق ص. 104.
[10]  ظهير شريف رقم 1.09.236 صادر بتاريخ 23 فبراير 2010 يتعلق بمدونة الأوقاف، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ 14 يونيو 2010 ص. 3154.
[11]  ظهير شريف صادر بتاريخ 03 دجنبر 2003، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5172 بتاريخ 25 دجنبر 2003 ص. 4389.
[12]  الهادي مقداد، مرجع سابق ص 71.
[13]  محمد بن معجوز المزغراني، (الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي) طبعة 1999 مطبعة النجاح الجديدة ص. 354.
[14]  ظهير 17 يونيو 1999 المتعلق بتغيير القانون رقم 4.89 المتعلق بالطرق السيارة، الجريدة الرسمية عدد 4164 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 1999 ص. 1016.
[15]  
[16]  محمد محجوبي، مرجع سابق ص. 152.
[17]  الهادي مقداد، مرجع سابق ص. 224.
[18]  محمد محجوبي، مرجع سابق ص. 153.
[19]  الهادي مقداد، مرجع سابق ص. 107.
[20]   أحمد مالكي،"التدخل العمومي في ميدان التعمير" أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام ، جامعة الحسن الأول، وجدة –السنة الجامعية 2007.2008 ص 207.
عبد الله حداد،" الصفقات العمومية ودورها في التنمية"، ط 1 ،  2001. ص. 16 [21]
منشور وزارة الداخلية 005 بتاريخ 5-6-1995 المتعلق بتصميم التهيئة.[22]
[23]   لبنى أشقيف،"سياسة التعمير والسكنى"، دراسة لسيرورة القرار المركزي والمحلي، جهة  مراكش تنسيفت الحوز، نمودجا أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، جامعة القاضي عياض السنة الجامعية 2009- 2010
[24]  عبد السلام شكري،"برمجة التجهيزات الجماعية والإدارية ، قانون وواقع"مداخلة في اليوم الدراسي حول المرافق العمومية بوثائق التعمير، التصور والإنجاز، المنعقد بالرباط بتاريخ 7-11-2000 منشور بمجلة التنمية والإدارة عدد 12 ص. 205.5
[25]   أحمد مالكي، م.س.ص205
الحاج شكرة،"الوجيز في قانون التعمير المغربي" مطبعة دار القلم للطباعة والنشر ، الرباط، ط 6 ،ص 50 [26]
[27] حمود المختار،"أضواء على جوانب إشكالية المدن الكبرى بالمغرب" منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد43 مارس أبريل 2002 ،ص51
[28]  فزي عبد اللطيف " دور وثائق التعمير في تحقيق التنمية المحلية" رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونيو الاقتصادية بطنجة ، التابعة لجامعة عبد الكالك السعدي بتطوان، السنة الجامعية 2010-2011، ص 65.
[29]  رشيد السملالي، مداخلة في الندوة التي انعقدت بمحكمة الاستئناف بطنجة بتاريخ 16 ماي 2012 حول  موضوع " العقار والتنمية" ، تقرير من إعداد حميد فضلي و محمد المغامري ص 17.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات