القائمة الرئيسية

الصفحات

عرض حول موضوع اختصاصات قاضي التوثيق

عرض حول موضوع اختصاصات قاضي التوثيق

عرض حول موضوع اختصاصات قاضي التوثيق
عرض حول موضوع اختصاصات قاضي التوثيق



تعتبر مؤسسة قاضي التوثيق تلك الإدارة القضائية التي تعنى بتوثيق الحقوق والمعاملات وإثبات التصرفات والوقائع، وفق الشكل والمضمون اللذين يحددهما الشرع والقانون.
ومؤسسة قاضي التوثيق مؤسسة إسلامية المنشأ والتطور والابتكار بدون منازع، ففي كنف الفقه الإسلامي عامة والفقه المالكي خاصة، نشأت وترعرعت وتطورت، وهي تدل بحق على نضج الفقه الإداري عند علمائنا وقضاتنا السابقين. كما تدل على مدى أسبقيتهم في إنشاء الإدارة القضائية وتدبيرها وتصريف شؤونها وابتكار مناهج ومساطر قضائية خاصة.
وتضطلع هذه المؤسسة بمجموعة من الاختصاصات رتبها المشرع في العديد من النصوص القانونية المتفرقة نخص بالذكر مدونة الأسرة والقانون رقم 0316 المنظم لخطة العدالة والقانون رقم 0049 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة، إلى جانب مجموعة من المناشير الوزارية.
وبناء عليه، فإن الباحث في موضوع اختصاصات قاضي التوثيق، سيجد نفسه أمام نوع من اللبس، يصعب معه ضبط وتحديد هذه الاختصاصات بشكل دقيق.
ومحاولة منا لمقاربة هذا الموضوع وتذليل هذه الصعوبات في ضبط اختصاصات قاضي التوثيق، ورفع اللبس الذي يكتنف أمر تحديدها، سنعمل على محاولة التوفيق في دراسة هذا الموضوع.

بين الجانب القانوني والجانب العملي لمهام قاضي التوثيق، وذلك بعرض اختصاصات قاضي التوثيق الأصلية والأصيلة في مجال التوثيق، إلى جانب مختلف الاختصاصات التي أسندها المشرع بمقتضى نصوص قانونية صريحة إلى مؤسسات قضائية أخرى.
فما هي أهم الاختصاصات المتعلقة بمجال التوثيق الذي أسندها المشرع لقاضي التوثيق؟
وما هي الاختصاصات التي كانت مخولة له في ظل مدونة الأحوال الشخصية المنسوخة، والمتعلقة بمجال الأسرة؟
للإجابة عن هذه الإشكاليات، ستتمركز منهجية البحث في هذا الموضوع وفق التصميم التالي:

المبحث الأول: اختصاصات قاضي التوثيق في مجال التوثيق


تعد الاختصاصات المتعلقة بمجال التوثيق من أهم الاختصاصات الأصيلة المرتبطة بمؤسسة قاضي التوثيق والمسندة له بنصوص قانونية صريحة، ويمكن أن نجمل هذه الاختصاصات في الخطاب على الوثائق العدلية ومراقبة العدول والنساخ (كمطلب أول)ثم الرقابة على الوثائق والسجلات (كمطلب ثاني)

المطلب الأول: خطاب قاضي التوثيق على الوثائق العدلية ومراقبة العدول والنساخ

يتبين من خلال استقراء مختلف النصوص القانونية التي تنظم شؤون مؤسسة قاضي التوثيق (قانون رقم 03-16 بخطة العدالة ، وقانون رقم 00-49 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة) أن هذا الأخير يمارس جملة من الاختصاصات الموكولة إليه بصريح النصوص القانونية والتي تتجلى خاصة في الخطاب على الرسوم العدلية (كفقرة أولى) بالإضافة إلى مراقبة العدول والنساخ (كفقرة ثانية)

الفقرة الأولى: الخطاب على الوثائق العدلية

يقصد بخطاب القاضي على الرسوم العدلية بعد التأكد من سلامتها من الخلل وذلك بوضع عبارات محددة تفيد الثبوت بخطه وشكله وبإسمه وطابعه مع تاريخ هذا الإجراء
فما المقصود من هذا الخطاب؟ وما هي شروطه وصيغه؟

أولا: مفهوم خطاب القاضي على الرسوم العدلية

عرف الفقه خطاب القاضي على الرسوم بأنه: " إعلام القاضي المخاطب على الرسم وإخبار من يقف عليه ليعمل بمقتضاه بما ثبت عنده من عدالة شهوده ويكون بالأداء والإعلام"
والهدف من الخطاب على الرسوم هو حفظها وتوثيقها، إذ به تكتسب الشهادة المخاطب عليها صفة الوثيقة الرسمية لا العرفية  وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 35 من القانون المنظم لخطة العدالة  في فقرتها الثالثة التي تنص على أنه: " لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب، وتعتبر حينه وثيقة رسمية" وخطاب القاضي على الوثيقة لا يعطيها قوة ثبوتية قاطعة للحق الذي يشهد بمضمنه إنما يضفي الرسمية على الجانب الشكلي فيها دون الجوهر الذي يظل خاضعا في مراقبته لمحكمة الموضوع[1]

ثانيا: شروط الخطاب على الرسوم العدلية

يتوقف خطاب القاضي على الشهادات العدلية على تحقق شروط منها
1- أن تكون الشهادة تامة: يتعين على القاضي المكلف بالتوثيق أن لا يخاطب على الشهادات العدلية بالا بعد أن يتأكد أنها تامة، أي صحيحة معنى ومبنا ومحترمة القواعد الشرعية والقانونية، عملا بما جاء في الفقرة الأولى من المادة 35، من خطة العدالة التي تنص على أن: " يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة والتأكد من خلوها من النقص وسلامتها من الخلل، وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها"
2-   أن تحمل الرسوم الخاضعة للتسجيل، تأشيرة مصلحة التسجيل
3-   أن تكون الشهادة مدرجة بمذكرة الحفظ لأحد العدلين المتلقيين
4-   أن تكون الشهادة مضمنة بسجلات التضمين، ودليل تضمينها هو أن تكون حاملة لمراجع التضمين
5-   أن يكون الرسم منجزا من طرف عدلين إثنين[2]

ثالثا: صيغة الخطاب على الرسوم العدلية

كانت صيغة الخطاب على الوثائق العدلية تختلف بحسب ما إذا كانت تتعلق بشهادة أصلية أو لفيفية أو إلحاق، بل كانت تختلف وتتعدد من قاضي لآخر.
من صيغ الخطاب التي كانت توضع على الوثائق العدلية، الصيغة التالية: " الحمد لله أعلم بثبوته" أي بثبوت الرسم لدى القاضي، وبعد صدور قانون 03-16 المنظم بخطة العدالة تم توحيد صيغة الخطاب على الوثائق العدلية وفق الصيغة التالية: " الحمد لله أعلم بأدائها ومراقبتها" أي أنه تم الإعلام أمام القاضي بأداء الشهادة التي تلقاها العدلان وكذا مراقبتها من طرفه[3].
وهذه الصيغة  أكدتها المادة 35 من قانون 03-16 والتي جاء فيها: " يخطاب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات... وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها"
ولا يمكن أن يتم الخطاب بغير هذه الصيغة، كما أن الرسم الحالي من الخطاب يكون عديم الأثر لعدم ثبوته
وفي هذا يقول المتحف[4]:
 والعمل اليوم على قبول ما          خاطبه قاضي بمثل أعلما
وليس يفني كتب قاضي فاكتفى      عن الخطاب والمزيد قد كفى
وإنما الخطاب مثل مثل أعلما       إذ معلما به اقتضى ومعلما

الفقرة الثانية: مراقبة قاضي التوثيق للعدول والنساخ

أوجب المشرع المغربي على قاضي التوثيق في ظهير 03-16 المنظم لخطة العدالة وظهير 00-49 المتعلق بمهنة النساخة مراقبة سير التوثيق وهذا ما سنتناوله من خلال مراقبة قاضي التوثيق للعدول والنساخ

أولا: مراقبة العدول

تنص المادة 40 من ظهير 03-16 على أنه يخضع العدل لمزاولة مهامه لمراقبة وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق ومن خلال استقراء باقي النصوص يتبين أن العدول يخضعون لنوعين من الرقابة من طرف قاضي التوثيق، وهي إما رقابة قبلية أو رقابة بعدية
1)    الرقابة القبلية: من أجل ضمان احترام ضوابط وتقنيات الوثيقة العدلية يقوم قاضي التوثيق برقابة قبلية وهي عبارة عن مجموعة من الإجراءات كالتالي:
أ‌-       الإشراف على توجيه شهادة طبية صادرة عن مصالح الصحة العمومية تثبت قدرة العدل الذي تجاوز السبعين من العمر على الاستمرار في ممارسة مهامه بصورة عادية وذلك من خلال ثلاثة أشهر الأولى كل سنة حسب الفقرة الثانية من المادة 11 من ظهير 03-16
ب- الإشراف على تدبير العدل المتمرن بقسم قضاء الأسرة وبمكتب عدلي يحدده القاضي المكلف بالتوثيق بتنسيق مع رئيس المجلس الجهوي للعدول حسب المادة 9 من مرسوم 378-08-2 الصادر في 28 أكتوبر 2008
ج- التأشير على مذكرة الحفظ طبقا للمادة 70 من قانون 03-16 المتعلق بخطة العدالة وذلك بعد ترقيم صفحاتها ووضع طابع في كل صفحة منها قبل الشروع في استعمالها (المادة 17 من المرسوم التطبيقي بخطة العدالة)
د- الإشراف على تسليم كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ إلى من يرغب في الاطلاع عليها بعد تقديم طلب كتابي طبقا للمادة 22 من الفقرة الثانية من المرسوم التطبيقي بخطة العدالة
هـ- مراقبة السجلات الإدارية والتنبيه إلى ضرورة مسكها بشكل منتظم ويتعلق الأمر بسجل الواردات والصادرات وهو مخصص للمراسلات الإدارية الخاصة بقسم التوثيق وسجل التداول مع مختلف الأقسام الأخرى داخل المحكمة  وسجل كفالة الأطفال الغير المهملين[5]
و- ويراقب قاضي التوثيق العدول ويحرص على أن يتم دائما التلقي الثنائي للشهادة العدلية كما يلزمه التزام جانب التحري الكامل في شهادات اللفيف وافسراع في إنجاز الرسوم
ن- الإذن للعدول بإنجاز الشهادات العلمية حسب الفقرة الأخيرة من المادة 27  من ظهير خطة العدالة 03-16
ك- يناوب العدول على تلقي الإشهاد المجاني، كما هو الحال في شهادة اعتناق الإسلام ومراقبة الهلال، وتلقي شهادة الزواج إذا ثبت عسر المتعاقدين حسب المادة 13 من قانون 03-16
ل- إشارة انتباه العدول إلى الإسراع في إنجاز عقود الكفالة التي يطلبها المواطنون المغاربة المقيمين بالخارج وإشعار طالبيها بضرورة اللجوء إلى المحكمة بمجرد الحصول عليها لاستصدار مقررات قضائية بإثبات الكفالة حسب المادة 38 من المرسوم التطبيقي لظهير 03-16
ي- لا يأذن للعدل بالتغيب لسبب معقول إلا بعد أن يصفي الأشغال المنوطة به (المادة 18 من قانون 03-16)
2) الرقابة البعدية
يمكن إجمال هذه الرقابة النقاط التالية:
أ‌-       يراقب قاضي التوثيق تصرفات العدول ويطلع على المذكرات والمستندات والرسوم العدلية وينجز مخصرا بذلك يضمنه جميع الملاحظات ويحتفظ به في ملف العدل
ب‌-  يفتش مكتب العدول مرة في السنة على الأقل
ج- يخاطب على الرسوم بعد التأكد من سلامتها وخلوها من النقص والخلل كما يخاطب على نسخ تلك الشهادات
د- يتولى تنقيط العدول سنويا على أساس سلوكهم والإنتاج والكفاءة عملا بمنشور وزير العدل الصادر بتاريخ 19-05-1979، كما يتولى رفع تقريري سنوي في مطلع كل سنة بالإضافة إلى التقارير الخاصة بكل مخالفة، وإخلال يرتكبه العدل، ويضمن هذا التقرير وضعا شاملا لوضعية التوثيق بالمحكمة المعنية خلال سنة من حيث بيان نوعية الشهادات العدلية وعددها والعدول وحركة نقلهم والإشكالات والصعوبات التي تواجه خطة العدالة[6]
هـ- توجيه نظائر من عقود التحيين وعقود اعتناق الإسلام إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حسب الفقرة السادسة من المادة 38 من المرسوم التطبيقي لظهير 03-16 المنظم لخطة العدالة، هذا فيما يخص المراقبة القبلية والبعدية للعدول.

ثانيا: مراقبة قاضي التوثيق للنساخ

كما هو الشأن بالنسبة لللعدول يخضع النساخ حسب المادة 22 منن ظهير 00-49 المتعلق بمهنة النساخة لرقابة قاضي التوثيق وتتمثل هذه الرقابة فيما يلي:
1- الترخيص للنساخ بتضمين الوثيقة العدلية بالسجل المخصص لها من بين السجلات المسوكة ممن طرفه لهذا الغرض[7] وذلك بوضعه لعلامته المميزة له تدل على الترخيص، كما يحدد قاضي التوثيق كيفية استخراج نسخ هذه الشهادات
2- يؤشر قاضي التوثيق على صفحات نماذج السجلات الممسوكة من طرف النساخ بعد ترقيمها ووضع الطابع على كل صفحة منها قبل الشروع في استعمالها باستثناء السجل الخاص بتضمين عقود الزواج حسب الفقرة الأخيرة من المادة 30 من المرسوم التطبيقي لخطة العدالة 03-16
3- يحيل القاضي المكلف بالتوثيق الشكايات والأبحاث المتعلقة بمخالفة الناسخ لأحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية المرتبطة بالمهنة أو المخلة بالواجبات المهنية، والمنافية للشرف والنزاهة والأخلاق المادة 28 من قانون 0049
4- يتولى قاضي التوثيق توزيع الشهادات على النساخ بطريقة عادلة لتضمينها مع مرعاة المصلحة التوثيقية حسب المادة 5 من المرسوم التطبيقي لقانون 0041
5- يؤشر قاضي التوثيق على كناش الوصلات المنصوص عليه في المادة 8 من المرسوم الصادر في 17 يوليوز 2001 بتطبيق قانون 00-49 بحيث لا يجوز استعماله إلا إذا أشر عليه قاضي التوثيق
6-  لا يجوز للناسخ أن يغيب عن عمله إلا إذا أذن له قاضي التوثيق بذلك[8]

المطلب الثاني: الرقابة على الوثائق والسجلات

يمارس قاض التوثيق إلى جانب اختصاصاته في الخطاب على الوثائق العدلية ومراقبة العدول مجموعة من الاختصاصات الأخرى ذات طابع رقابي وذلك على مختلف الوثائق والسجلات المرتبطة بمجال التوثيق، وهكذا نجد أن قاضي التوثيق يتولى مهام الرقابة على المحررات العدلية (الفقرة الأولى) وعلى مذكرات الحفظ الخاصة بالعدول (الفقرة الثانية) ثم تمتد رقابته إلى مختلف السجلات المتعلقة بالتضمين والسجلات الإدارية (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: الرقابة على المحررات العدلية

يتعين على قاضي التوثيق عدم المخاطبة على الشهادات العدلية إلا بعد التأكد من كونها شهادة تامة، وذلك عملا بالفقرة الأولى من المادة 35 من القانون المنظم لخطة العدالة 03-16 والتي تنص على أنه يخاطب قاضي التوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة والتأكد من خلوها من النقص وسلامتها من الخلل..."
ومن هنا يتعين على قاضي التوثيق قبل إقدامه على الخطاب على الرسوم والشهادات العدلية أن يتأكد من كونها صحيحة وسليمة مبنى ومعنى، ومن تأسيسها على مستنداتها الواجبة ومن احترامها لقواعدها الشرعية والفقهية والقانونية، فإذا وجدها تامة وسليمة خاطب عليها، أما إذا وجدها ناقصة فلا يسوغ له الخطاب عليها، بل عليه أن ينبه العدلين إلى تدارك ذلك الخلل، إذا كان مما يمكن تداركه ما لم يعثر على مخالفة في رسم قدم إليه من أجل الخطاب عليه، ففي هذه الحالة يستوجب عليه رفع تقرير في شأنها إلى وزارة العدل لاتخاذ المتعين في حق العدلين[9]. كما يدخل في مهامه أيضا الرقابة على المحررات العدلية التأكد من الرسوم الخاضعة للتسجيل تحمل تأشيرة مصلحة التسجيل إذ يمنع على القاضي المكلف بالتوثيق أن يخاطب على الشهادات الخاضعة للتسجيل إلا بعد تأديتها " الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون 03-16"

الفقرة الثانية: مراقبة مذكرة الحفظ

إن قاضي التوثيق مكلف كذلك بمراقبة مذكرات الحفظ أثناء استعمالها، والاطلاع عليها ومراجعتها مرة في الشهر على الأقل، ويقوم بالتأشير عليها كل إطلاع لما يمكنه تسجيل ملاحظاته بها فإذا وجد مخالفة كتب بشأنها تقريرا إلى وزارة العدل التي لها الحق في أن تعاقب الذي ارتكب المخالفة. ويكون من الواجب على قاضي التوثيق الامتناع على الخطاب على أي رسم لم يضمنه العدل في كناش جيبه – أي مذكرة الحفظ – قبل عرضه للمخاطبة، وقد تضمن المنشور المؤرخ في 24 يونيو 1943 والمناشير المعدلة له توجيه أمر إلى كافة العدول بأن يمسك كل واحد منهم دفترا في شكل معين وبيانات خاصة يسجل فيها العدل مضمون كل شهادة تلقاها قبل أن يحررها في الصك – الرسم-
والجدير بالذكر أن قاضي التوثيق هو الذي يفتتح مذكرة الحفظ ويختمها، وأن افتتاح المذكرة يشكل إذنا بالشروع في التلقي للشهادات العدلية، كما أنه يتسلم مذكرات الحفظ الخاصة بأي عدل عند انتقاله أو عزله أو سقوطه من خطة العدالة أو وفاته وذلك بعد ختمها بتاريخ حيازتها

الفقرة الثالثة: مراقبة السجلات الإدارية وسجلات التضمين

يتولى قاضي التوثيق أيضا مهمة مراقبة السجلات الممسوكة من طرف النساخ والتي تضمن فيها الشهادات العدلية وذلك عند إذنه بتضمينها في سجلات التضمين، ويتوفر كل قسم من أقسام التوثيق على أربع أنواع من سجلات التضمين هي:
1-  سجل الزواج والطلاق: وهي مخصصة لتضمين رسوم الزواج والطلاق وما شابهها من رجعة ومراجعة
2-  سجل الأملاك: وتدرج به الرسوم المتعلقة بتفويت العقارات والحقوق العينية العقارية وغيرها
3- سجل التركات: وتدون فيه الشركات والإرث والإحصاءات المختلفة والوصايا والمواجيب المتعلقة بالتقديم والاحتياج...إلخ
4-  السجل المختلف: تنسخ فيه بقية الرسوم التي لا تدخل ضمن هذه الأنواع الثلاثة
كما يخاطب قاضي التوثيق على تلك السجلات داخل أجل شهر من تاريخ التضمين على الشهادات التامة المضمنة بها، كل شهادة على حدة بعد توقيع العدول شهودا عليها المادة 38 و 39 من القانون المنظم لخطة العدالة 03-16 ومنه يتبين أن لقاضي التوثيق رقابة قبلية وأخرى بعدية على تضمين الشهادات في سجلات التضمين، كما يراقب من خلال هذه الصلاحية في ذات الآن النساخ العاملين تحت عهدته
وبالإضافة إلى سجلات التضمين هناك سجلات إدارية يعمل قاضي التوثيق على مراقبتها ويحث القائمين عليها على ضرورة مسكها بشكل جيد ومنظم، ويتعلق الأمر بسجلات الواردات والصادرات وهي سجلات مخصصة للمراسلات الإدارية الخاصة بقسم التوثيق وسجل التداول مع مختلف الأقسام داخل المحكمة[10]

المبحث الثاني: اختصاصات قاضي التوثيق في ظل مدونة الأسرة


بالرجوع إلى الفصول المنظمة للاختصاصات قاضي التوثيق نجد مدونة الأسرة قد حسمت وإلى حد كبير في مسألة الاختصاصات من جهة لكنها من جهة أخرى يظهر أنها نزعت من قاضي التوثيق العديد من أحكام الأسرة وأسندتها إلى غيره، كما ضايقته في كثير من الاختصاصات المتعلقة بشؤون التوثيق العدلي وأشركت معه فيها غيره.
 ومن خلال هذا المبحث سوف نتطرق لاختصاصاته المرتبطة بالزواج والنسب (الفقرة الأولى)، واختصاصاته في مجال الطلاق والوصية (الفقرة الثانية).

المطلب الأول: الاختصاصات المتعلقة بالزواج والنسب

بالرجوع إلى المادة 67 من م. الأسرة التي تتعلق بما ينبغي أن يتضمنه عقد الزواج، نجدها تنص على ضرورة وجود خطاب القاضي على رسم الزواج وطابعه حسب الفقرة 11 وبالتالي نستنتج أن قاضي التوثيق هو المكلف بالخطاب على عقد الزواج، مع وضع طابعه عليه، وذلك بعد تضمينه بالسجلات المعدة لهذا الغرض بقسم قضاء الأسرة حيث يقوم بعد ذلك حسب المادة 68 بتوجيه ملخص منه إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين مع إرفاقه بشهادة التسليم مع الإشارة إلى مراجع الحالة المدنية المشار إليها في عقد الزواج وفق الإجراءات الشكلية للتبليغ داخل أجل 15 يوما من تاريخ الخطاب على العقد، ويسلم أصل عقد الزواج للزوجة، ونظيره إلى الزوج حسب مقتضيات المادة 69[11].
أما فيما يخص اختصاصاته المتعلقة بزواج معتنقي الإسلام والأجانب، فإنه بعد حصول المعني بالأمر على الإذن بعد إدلائه بمجموعة من الوثائق[12]، وذلك حسب الحالات التي حددها المنشور عدد 46 س2 الصادر بتاريخ 05/12/2006، فإن قاضي التوثيق المختص، يفتح ملفا للمعنيين بالأمر ويوجه كتابا مرفقا بصور الوثائق المطلوبة إلى السيد وكيل الملك من أجل إجراء بحث دقيق في الموضوع، وفي إطار الزواج المختلط، فإن قاضي التوثيق يقوم بإشعار القنصليات الفرنسية بعقود الزواج بين مغاربة وفرنسيين عملا بالفقرة الأخيرة من الفصل6 من الاتفاقية المبرمة بين الدولتين المغربية والفرنسية بتاريخ 10 غشت 1981 المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي.
كما أن الفصل 124 من مدونة الأسرة ينص كذلك على أن القاضي المكلف بالتوثيق ملزم قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، استدعاء الزوجة لإخبارها بذلك، هذا بإيجاز ما يمكن قوله بشأن اختصاصات قاضي التوثيق المتعلقة بالزواج، فما هي اختصاصاته في إثبات النسب؟
يعد الإقرار الصادر عن الأب أو الأم حسب مدونة الأسرة من بين وسائل إثبات النسب[13]، وحسب المادة 62 فالإقرار بالنسبة للأب يثبت بخط يده الذي لا يشك فيه أو بإشهاد رسمي على إقراره ممن له صفة تلقي الإشهاد حيث يقوم القاضي المكلف بالتوثيق بالخطاب على رسم الإقرار بعد تحريره من قبل العدول المنتصبين للإشهاد بدائرته القضائية.

المطلب الثاني: الاختصاصات المتعلقة بشؤون الطلاق والوصية

بالرجوع إلى مدونة الأسرة نجدها قد تضمنت بعض المواد المنظمة لاختصاصات قاضي التوثيق فيما يخص الطلاق ومنها المادة 87 التي تنص على إذن المحكمة لعدلين منتصبين للإشهاد في دائرتها القضائية بتوثيق الطلاق بعد فشل محاولة الصلح حيث يخاطب عليه القاضي المكلف بالتوثيق، يقوم بعد ذلك بتوجيه نسخة منه إلى المحكمة التي أذنت بتوثيق الطلاق، بالإضافة إلى المادة 98 التي تنص على أسباب التطليق ومن بينها الغيبة والضرر ومن هذا المنطلق يمكن للزوجة إثبات الضرر والغيبة بمختلف الوسائل ومنها الشهود إذ يمكنها اللجوء إلى العدول لتحرير شهادة لفيفية تؤكد واقعة الضرر أو الغيبة حيث يقوم قاضي التوثيق بالخطاب على هذه الشهادة بعد التأكد من احترامها للضوابط القانونية والشرعية.
هذا بالإضافة إلى اختصاصاته فيما يتعلق بالطلاق الرجعي إذ يقوم القاضي المكلف بالتوثيق باستدعاء الزوجة لإخبارها بواقعة طلب الرجعة والاستماع إليها فيما تدلي به من ملاحظات حسب مقتضيات المادة 124 من مدونة الأسرة.
أما فيما يخص اختصاصات قاضي التوثيق في الوصية فإنه حسب المادة 296 حتى تكون الوصية صحيحة لابد من أن يصدر بها إشهاد عدلي أو أية جهة أخرى رسمية مكلفة بالتوثيق أو يحررها بخط يده مع إمضائه، أما في حالة تعذر الإشهاد على الوصية أو إثباتها بخط يد الموصي قيد حياته فيمكن لقاضي التوثيق الإذن بالرغم أن المشرع لم يبين ذلك صراحة بتوثيق شهادة شهود اتفق حضورهم النطق بوصية لفظية، بعد أن تؤدى الشهادة أمامه يوم التمكن من أدائها ويخطر الورثة بذلك فورا.

خاتمة

كخلاصة لما سبق ذكره يتضح لنا الدور البارز لقضاء التوثيق في صيانة حقوق المتعاقدين والسهر على الحفاظ على ممتلكاتهم وأموالهم وبالتالي ضمان استقرار المعاملات، لكن هل قضاء التوثيق يقوم بالدور المنوط به فعلا في الواقع العملي؟ وما هي العقبات التي تحول دون أدائه لرسالته النبيلة على الوجه الأكمل؟ فقيام قاضي التوثيق بالدور المنوط به رهين بمدى ممارسته لمهمته بإخلاص ومدى درايته وتكوينه وبذلك يمكن اقتراح الاقتراحات التالية:
1- جمع شتات النصوص القانونية المنظمة لهذه المهنة، وذلك عن طريق جمعها في قانون يوحدها ويعمل على توحيد مناهج عمل قضاة التوثيق.
2- الفصل بين مؤسسة قاضي التوثيق كجهاز مستقل وبين كل من مؤسسة قاضي شؤون القاصرين وكذا مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج عن طريق التفعيل العملي لمبدأ التخصص.
3- تحري وتفحص قاضي التوثيق  للوثائق العدلية قبل الخطاب عليها ، تفاديا لإثارة النزاعات بشأنها فيما بعد.
4- وأخيرا تخصيص بناية مستقلة لقضاة التوثيق لتوفير ظروف عمل ملائمة تحفظ كرامتهم وبالتالي تمكينهم من القيام بعملهم على أكمل وجه.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - محمد الشتوي: المعين في التوثيق وفق الضوابط المنظمة لخطة العدالة، الطبعة الأولى السنة 2001 ص: 152
[2] -محمد البوشواري: التوثيق العدلي (مبادئ أولية) الطبعة الأولى 2005 ص: 54-55
[3] -
[4] -محمد الشتوي: المرجع السابق ص: 161
[5] -  مرزوق أيت الحاج: الوجيز في التوثيق بين النظر والتطبيق، الطبعة الثانية سنة 2006 ص: 123
[6] -  كمال بلحركة: محاضرات في التوثيق العدلي، الطبعة الثانية 2009 ص: 34-35
[7] - المادة 38، الفقرة ألخيرة من المرسوم التطبيقي رقم 378-208 الصادر في 28 أكتوبر 2008
[8] - محمد البنوشرواري، وكمال بلحركة: م.س ص: 48-49
[9] -  العلمي الحراق: الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، الطبعة الأولى 2009 ص: 117
[10]
[11]- دليل عملي لمدونة الأسرة، وزارة العدل، العدد 1/2004، ص 56.
[12]- للاطلاع على هذه الوثائق، راجع محمد العسري: مداخلة بعنوان: "مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج بين النظرية والتطبيق"، ألقاها بمناسبة انعقاد الندوة الثانية حول موضوع قضاء الأسرة، والمنعقدة بتاريخ 9-10 مارس 2006 بقصر  المؤتمرات بمكناس.
[13]- المادتان 147 و152 من مدونة الأسرة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات