القائمة الرئيسية

الصفحات

امتداد شرط التحكيم

امتداد شرط التحكيم
امتداد شرط التحكيم



مقدمة
لا يخفى على أحد مدى أهمية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية في العصر الحالي باعتبارها من أهم الوسائل التي تؤدي إلى فض النزاعات المتعلقة بالاستثمار في أقصر الآجال وبأقلية التكاليف مقارنة بإجراءات القضاء الرسمي للدولة، ومن هنا يأتي التحكيم التجاري من أهم الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية، والتحكيم كنظام قائم بذاته له جذور تاريخية تمتد قبل الاسلام، ومرجعيات دولية تؤطرها اتفاقيات دولية وقوانين نموذجية، تؤكد على الاهتمام الدولي بالتحكيم لما له من مزايا بالمقارنة مع عدالة الدولة.
ومايزكي هذا الاهتمام الدولي بالتحكيم هو إشراف لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولي على العديد من الاتفاقيات ومن خلال إصدارها للقانون النموذجي للتحكيم ودعوتها للدول المنتمية لمنظمة الأمم المتحدة بضرور ملاءمة تشريعاتها مع المبادئ العامة المقررة في الموضوع وذلك لتسهيل تدفق السلع والخدمات عبر الحدود ولإعطاء دفعة للاستثمار الأجنبي بالدول النامية.



والتشريع المغربي كغيره من تشريعات الدول العربية، يعاني من معضلة التحيين والملاءمة مع القوانين والاتفاقيات الدولية، وذلك بهدف توحيد الأسس القانونية المعتمدة لفض النزاعات ذات البعد الدولي.
ومعنى هذا أن العولمة الاقتصادية المنشودة لن تتحقق إلا عبر عولمة الفكر القانوني أولا.
وهذا ما أوصلت به الجمعية العامة في قرارها21/33 المؤرخ 4 دجنبر2006 بما يلي "جميع الدول بأن تنظر بشكل إيجابي في تطبيق المواد المنقحة من القانون النموذجي أو القانون النموذجي المنقح للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، عندما تسن قوانينها أو تنقحها".
وقد تم اختيار شكل القانون النموذحي كوسيلة لتحقيق الاتساق والتحديث لأنه يمنح الدول مرونة في إعداد قوانين جديدة للتحكيم، للتقليل إلى أدنى ممكن من الاختلاف عن النص الذي اعتمدته الاونسترال، وبالتالي تعزيز ثقة الأطراف الأجنبية باعتبارها جهات رئيسة التي
تستخدم التحكيم الدولي، في قانون التحكيم تلك الدولة.
وحيث أن المغرب لا يمكن أن يبقى معزولا عن محيطه الدولي، بل يجب عليه الانخراط والمساهمة في عولمة الفكر القانوني كخطوة للمساهمة في عولمة الاقتصاد، فإن المغرب ليس له خيار من ضرورة ملاءمة قانون التحكيم 05-08 مع الاتفاقيات الدولية ومع القانون النموذجي، كل ذلك من أجل تحفيز الاستثمار الأجنبي الكفيل بالمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
ولقد اصبح هذا الموضوع يحتل مكانة مهمة في الساحة التحكيمية الدولية و الوطنية على حد السواء فما المقصود امتداد التحكيم؟ و ما هي شروطه و مقوماته وحدوده و صعوباته ؟

المبحت الاول : امتداد شرط التحكيم في مجال التعاقد بين الأشخاص المعنوية المكونة لمجموع الشركات


إذ كان أهم ما يميز مجموع الشركات هي الوحدة الاقتصادية وسيطرة الشركة الأم على باقي شركات المجموعة ، مع احتفاظ كل شركة بشخصيتها القانونية و ذمتها المالية المستقلة ، فإن هذه الأخيرة تطرح في مجال التحكيم التجاري الدولي تساؤلا حول مدى إمكانية الامتداد الوارد بعقد أبرمته شركة من شركات المجموعة إلى باقي الشركات الأخرى المنتمية إلى نفس المجموعة؟ أم أن أثر  التحكيم هنا يقتصر على هذه الشركة وحدها ولا يمتد إلى غيرها إعمالا بمبدأ نسبية الحقوق.
و قد ظهر بهذا الخصوص إتجاهين ، إتجاه مؤيد لفكرة الامتداد وإتجاه معارض لهذه الفكرة وسنفصل فيما يلي كل اتجاه على حدى.

المطلب الاول : الإتجاه المؤيد لامتداد شرط التحكيم 


أقرت مجموعة من الاجتهادات التحكيمية و القضائية هذا الامتداد إلى الأطراف غير الموقعة عليه في مجموعة الشركات حيث أقرت بمد شرط،التحكيم الذي وافقت عليه شركة أو أكثر ، الوارد في أحد العقود التي وقعتها شركات أخرى لا يتضمن ذا الشرط ، ولكنها تنتمي لنفس مجموع الشركات الأولى.[1]
وهنا نعرض للإتجاهات الحديثة:
فبالنسة لأحكام المحكمين نجد أنها أخدت بفكرة الظاهر لمد الشرط للأطراف غير الموقعة عليه ، إنطلاقا من تصرفات ممثل الشركة أثناء التفاوض على العقد ، والتي تخلق لذى المتعاقد الأخر الإعتقاد بأن العقد وما تضمنه ملزم لكل أعضاء المجموعة ، نفس المقتضى أقرته الهيئة التحكيمية التابعة لغرفة التجارة دولية بباريس في قضية  1434 والمتعلقة بعقد بناء مصنع في بلد معين بين شركة وطنية ( B ) وشركة (X) عضو في مجموعة صناعية متعددة الجنسيات (A) وذهبت المحكمة إلى مد الشرط المدرج في العقد من الشركة (X )إلى باقي أعضاء المجموعة (A) و استندت في ذلك على فكرة الظاهر .
كما إستندت هذه المحكمة إلى فكرة الوحدة الاقتصادية أو الحقيقة الاقتصادية ، تماشيا مع روح العقد ، وتأسيسا على مفهوم مجموع الشركات نفسه قضت المحكمة التحكيمية التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس في القضية 2375 بأن مفهوم المجموعة يجب أن يعرف بشكل أبعد من الاستقلال الشكلي الناتج عن انتماء أشخاص معنوية مستقلة ، ووفقا لوحدة التوجه الاقتصادي الذي يتبع سلطة مشتركة.[2]
كما أسس أيضا القضاء امتداد شرط. التحكيم ، على نظرية رفع الحجاب الاجتماعي ، حيث قضت محكمة التحكيم التابعة لجنيف القضية رقم 5721[3] برفع الحجاب الاجتماعي للشركة وقضت بأن : " إنتماء شركتين لمجموعة واحدة أو خضوعها لسيطرة مساهم واحد غير كاف في ذاته لرفع الحجاب الاجتماعي عنها ...على أن هذا الانتقال القانوني يمكن استبعاده استثناءا متى تبث أن هناك خلطا قد وقع بينهما من جانب المجموعة أو المساهم صاحب الأغلبية ".
وفي نفس المنحى أكدت هيئة التحكيم بغرفة تجارة الدولية بباريس في القضية الرقم 8385 [4]سنة 1997 على مبدأ أثر شرط.التحكيم للأطراف غي الموقعة عليه في مجموع الشركات ، مستندة في ذلك على نظرية رفع الحجاب الاجتماعي مع توسعها في مضمون هذه النظرية ،لتصبح بعد ذلك قاعدة من قواعد قانون التجارة ، حيث أكدت المحكمة في قرارها أن : " التصور القضائي للشخصية المعنوية يجب أن ينهار ويتوقف أمام حقيقة سلوك بعض الأشخاص الذين يختبئون وراء الحجاب الاجتماعي للشركات من أجل مصالحهم الخاصة على حساب الأشخاص الذين يتعاملون مع الشركة ".
وفي نفس الإطار المؤيد حكمت المحكمة التحكيمية التابعة لغرفة تجارة دولية لباريس في القضية رقم 11160 ، بمد أثر التحكيم للأطراف غير الموقعة عليه في النزاع بين الشركة الفرع وشركتها الأم التي كانت قد باشرت إجراءات التحكيم ضد كل من شركة تابعة أخرى وشركتها الأم ، في حين أن العقد قد وقع فقط من قبل الشركات التابعة.
أما على مستوى قضاء الدولة من فكرة التمديد ، فإننا نجد المحاكم المؤيدة لهذه الفكرة قد إستندت إلى نفس الحجج التي جعلتها محاكم التحكيم أساسا لهذا الإمتداد.
فعلى مستوى محكمة الإستئناف بباريس ، نجد أن هناك سلسلة من الأحكام التي ذهبت في هذا إتجاه ، ومن بين هذه الأحكام نجد :
القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بباريس والذي جاء فيه : " بأن شرط.التحكيم يكون ملزما لكل الأطراف المعنية حتى تلك التي لم توقع عليه ، طالما أن هناك إرادة مشتركة لدى كافة الأطراف بالخضوع إلى هذا الشرط ".[5]
كما اعتبرت نفس المحكمة في قرارها الصادر سنة 1994 : "إن امتداد الشرط. لغير الموقعين عليه يكون نتيجة طبيعية لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم ولكن لا يعني ذلك التزام كافة المحاكم بأن تأخد به ".

المطلب التاني : الاتجاه المعارض لامتداد شرط التحكيم في مجموع الشركات


خلافا لاتجاه المؤيد لامتداد الشرط هناك إتجاه يعارض مد شرط التحكيم، للأطراف غير الموقعة عليه ، ويرى أنصار هذا الإتجاه أن وجود مجموعة الشركات ليس شرطا كافيا للقول بمد عقد التحكيم لكل المجموعة.
وسوف نحاول في هذه الفقرة أن نعرض للاجتهاد التحكيمي الرافض وأيضا إلى موقف قضاء الدولة المعارض لامتداد .

أولا : الاجتهاد التحكيمي الرافض لفكرة امتداد شرط التحكيم  

يؤسس هذا الاتجاه قضائه على الأخذ بتفسير ضيق لاتفاق التحكيم ، ويقوم على البحث عن الإرادة الحقيقية في المساهمة في التحكيم ، كا يؤسس قضائه استنادا إلى أنه ولئن كانت شركات المجموعة تجمعها كلها وحدة المصلحة الاقتصادية إلا أنها مع ذلك تتمتع باستقلال قانوني ، حيث تتمتع كل شركة بشخصية معنوية مستقلة.
كما يرى أن القول بالامتداد يتعارض مع مبدأ نسبية أثر إتفاق التحكيم باعتباره عقد.[6]
كما يتعارض مع الطابع الإرادي الذي يطبع مؤسسة التحكيم ، فالأصل في التحكيم اتجاه إرادة الأطراف إلى التنازل عن عرض نزاعهم أمام قضاء الدولة ، واختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاعات القائمة بينهم ، وبالتالي لا يمكن الاحتجاج بالشرط على أية شركة لم توقع على العقد المتضمن لهذا الشرط.
ومن بين الأحكام التي أخذت بهذا التوجه والتي يمكن أن نستدل بها في هذا الخصوص الحكم الصادر عن غرفة ت.د في القضية رقم 2138 ، والذي قضى بأن الشركة التي لم توقع على العقد المبرم بواسطة إحدى شركات المجموعة التي تنتمي إليها و المتضمن لشرط التحكيم لا تعد طرفا في العقد ، ولا تلتزم بشرط.التحكيم الوارد به و إن تدخلت في المفاوضات السابقة عند إبرام العقد.
وفي حكم أخر قضت هيئة التحكيم بأنها بعد أن تحققت بشكل لا يدع مجالا للشك أن هذه الشركات تتمتع كل منها باستقلال قانوني ، و أن كل منها قادر على أن يلزم نفسه باستقلاله ، مما يمكن من القول بأنه ، لا أثر للتعهدات التي تعهدت بها أي منها تجاه الغير.
أيضا قضت الهيئة التحكيمية التابعة لغرفة ت،د القضية 4402 بعدم امتداد شرط التحكيم و أقرت المحكمة أن : "...التحكيم قضاء استثنائي...وأن الندعين كانو يعلمون منذ وقت إبرام العقد أن الشركة التابعة هي التي ستقوم بتنفيذه ، وكان يتعين عليهم إذا أرادوا إلزام الشركة الأم ببنود العقد أن يطلبوا ذلك قبل التوقيع على ذلك العقد ".
وفي نفس الاتجاه القاضي برفض مد شرط.التحكيم في مجموعات الشركات قضت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس في الدعوى رقم 10758 لسنة 2000 بأن إستقلالية الأطراف من العناصر الأساسية لقانون التحكيم ، وسلطة الهيئة التحكيمية يجب أن تأخد بالرضائية (رضا الأطراف) كمرجع لها.[7]
- مقال شامل في موقع ويكيبديا عن الغرفة التجارية الدولية -

ثانيا : موقف قضاء الدولة المعارض لمبدأ امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات


على مستوى الاجتهاد القضائي قضت محكمة الاستئناف بالقاهرة ببطلان حكم التحكيم الذي قضى فيه بإدخال شركة لم توقع على إتفاق التحكيم في خصومة التحكيم و بإلزامها بالتضامن مع الشركة الموقعة عليه ، وذلك على سند أنه تجمعهما وحدة اقتصادية واحدة ، و أسس حكم الاستئناف ببطلان حكم التحكيم على أن الأمر الذي يترتب عليه ببطلان الحكم الصادر ، وهو بطلان تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.
نفس المقتضى تم تأكيده في الأمر الرئاسي الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء الذي اعتبر أن تمديد شرط التحكيم إلى المطلوبة الثانية ( إيناهولدينغ ) يعتبر إجراء باطلا وفيه مساس بالنظام العام المغربي.
و إذا كان الاجتهاد القضائي الفرنسي يكاد يجمع على مد شرط – كما سبق و أن رأينا – فإن موقف الاجتهاد السويسري يختلف جدريا عن موقف الاجتهاد الفرنسي ، إذ أن مد شرط،التحكيم إلى طرف غير موقع عليه لا يمكن تصوره بموجب هذا الاجتهاد ، ففي قرار صادر عن المحكمة الاتحادية السويسرية سنة 1996 أكدت فيه هذا الرفض حيث جاء فيه : " طالما أنه عند توقيع العقد ، كان المتعاقدان عالمان بأنهما يتعاملان مع الشركة الموقعة وليس مع أي شركة أخرى من المجموعة ، فإن تدخل هذه الشركة اللاحق في العقد لا يغير شيئا في الأمر وفي استقلال الشركتين القانوني ".
وفي قرار أخر ، أكدت نفس المحكمة أن العقد المبرم من جانب حامل أغلبية الأسهم و المدير المتحكم في مجموعة الشركات ، لا يلزم الشركات المكونة للمجموعة إلا إذا أثبت أنه تصرف باعتباره ممثلا عن  كل شركة من هذه الشركات ، و أنه يملك سلطة تمثيلهم.[8]

المبحت التاني أهلية الدولة كطرف في التحكيم


يقوم إبرام اتفاق التحكيم على مبدأ التراضي بين الدولة أو أية مؤسسة تابعة لها من جهة و بين المستثمر الأجنبي من جهة أخرى، على أن يكون محل اتفاق التحكيم محددا و في شكل مكتوب.
وأمام التطورات الحاصلة على مستوى العلاقات الاقتصادية الدولية مما اثر على الحصانة السيادية للدولة، و أدى ذلك إلى تحول الحصانة القضائية و التنفيذية المطلقة إلى نسبية لاسيما في عقود التنمية الاقتصادية مع مستثمرين أجانب، و مثاله عقود الاستثمار البترولية من اجل تنمية مصادر الثروة الطبيعية

المطلب الاول اتفاق التحكيم و الدولة

إذا كان الأصل من الناحية الموضوعية لصحة إتفاق التحكيم ضرورة توافر الأهلية اللازمة لدى كل طرف،حيث “لايجوز الاتفاق على التحكيم الا للشخص الطبيعى او الاعتبارى الذى يملك التصرف فى حقوقة” وقد فرق القانون فى الأهلية بين الشخص الطبيعى والشخص الاعتبارى الخاص او العام على حد سواء وطنى أم اجنبى والذى يعنينا هنا وهو محل الإشكالية محل البحث هو الشخص المعنوى العام والمبدأ فى هذا الشأن أهلية الدولة فى الخضوع للتحكيم تتحدد وفق قانون التحكيم المصرى بالقاعدة ” بالنسبة لمنازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى أختصاصة بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض فى ذلك”.
ومن هذا المنطلق ثار خلاف حاد حول لجوء الدولة للتحكيم فى الفقة وهى ما يطلق عليه بالفرنسية Arbitrabilite subjective بين من يرى انها تتعلق بأهلية الدولة فى إبرام عقد التحكيم ويرى اخر انها مسألة تتعلق بمدى توافر السلطة لدى الدولة فى اللجوء الى التحكيم واخر اسسها بالرجوع الى النظام العام وقد حسم القانون المصرى هذا الأمر باعتباره مدى توافر الاذن لمن يمثل الشخص المعنوى العام فى الاعتداد بالخضوع للتحكيم.
ولم يحدد القانون ان يكون التعبير الوارد من صاحب الاختصاص محدد بلفظ صريح بل كل ما يدل على تنازل الدولة عن سيادتها القضائية فى مواجهة اطراف اخرى سواء كانت معنويه خاصة وطنيه او اجنبية.
ونجد ان الاتفاق بين وزاره البترول وشركه شرق البحر المتوسط لتوريد الغاز المصرى الى اسرائيل والاردن وتركيا قد ورد فيها لفظ ضمنى وليس صريح باللجوء للتحكيم وهو تنازل الدوله عن سيادتها وكل ما يتعلق بتلك السيادة فى مواجهة أطراف العقد والأثار المترتبة عن تلك المكانة القانونية الحصينه .
وبغض النظر عن عدم توقيع هذا الشرط ممن صرح له القانون بتلك السلطة الا اننا نستخدمها كشاهد على واقعه قبول الدولة المصرية للخضوع للتحكيم والتنازل عن سيادتها القضائية بصوره غير مباشرة.
يثور الخلاف احيانا حينما يكون التعاقد بين الطرفين مرتبط باجراءات او قرارات تقوم بها الدولة بوصفها جهة اداره فتؤثر فى استمرارية تنفيذ هذا التعاقد المنصوص به ضروره حل النزاع بالتحكيم، والواقع القانونى يفرق بين حاله ما اذا كان جهة الاداره طرف فى العقد عقد الاساس او كان دورها معتبر فى عقد الاساس فهنا توقيعها كطرف اصيل او ضامن يكون متضمن خضوعها للتحكيم وهو ما حدث بالفعل فى اتفاق الدولة المصريه مع شركه شرق البحر المتوسط حيث قامت بالتوقيع عىل عقود توريد شرطه سرق البحر لكل من وزاره الكهرباء الاسرائيلية والاردنية والتركية كضامن لتوريد الاولى لهم للكميات والنوعيات بالكفاءه المتعاقد عليها وخلال المواعيد المنصوص عليها بالعقود وبالتالى اصبحت الدولة عنصر مؤثر فى تلك العقود وحال نكوص الدولة المصريه عن توريد الغاز للشركة بناء على حكم محكمة القضاء الادارى ببطلان التعاقد اصبحت الدولة المصريه طرف محل فى نزاع تحكيمى بين اطراف عقد التوريد لدول البحر المتوسط وحينما تم تعديل الحكم الى تعديل سعر التوريد بناء على حكم المحكمة الادارية العليا وتم استمرار اطراف المنازعه التحكيمية فى نزاعهم استنادا الى رفع السعر عن المتفق عليه فى العقد تم استمرار المحكمين فى نظر الدعوى بناء على الزامية اراده الدولة فى الخضوع للتحكيم بوصفها ضامن وليس بوصفها طرف وكافه قراراتها يجب ان تلتزم بالمسئولية وفق مبدأ حسن النية فى التعاملات التجارية الدولية.
ومن المتوقع صدور حكم بالتعويض بمبلغ ضخم على الحكومة المصريه من الأكسيد بوصفها المختصه بنظر التحكيم فى منازعات الاستثمار بشروط واردة فى اتفاقيه انشائها.
والحالة الاخرى هى كون الاداره منبته الصلة بالعقد وبذلك فهى غير خاضعة لشرط التحكيم

المطلب التاني موقف التشريعات العربية و الأجنبية من أهلية الدولة في إبرام اتفاق التحكيم

العديد من القوانين تنص على قدرة الشخص العام في اللجوء إلى التحكيم في بعض المنازعات التي ينبغي أن تخضع إجباريا للتحكيم، حيث استقر الفقه الفرنسي في مجال التحكيم الدولي على اعتبار المنع الوارد في نص المادة 2060 من القانون المدني لا يتعلق بالنظام العام الدولي، و بموجب الحكم الصادر بتاريخ 02 ماي سنة 1966 اعتبرت الغرفة المدنية الأولى أن هذا المنع لا يطبق على العقد الدولي27 تنص المادة التاسعة من قانون التحكيم السوري على انه :( لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه وفقا للقانون الذي يحكم أهليته)، أما بالنسبة للمقنن السعودي فقد نص في المادة03 من نظام التحكيم السعودي على انه :( لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، و يجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم)، أما المقنن الجزائري في تعديله لقانون الإجراءات المدنية و الإدارية سنة 2008 أجاز لجوء الأشخاص المعنوية العامة إلى التحكيم في علاقاتها التجارية ذات الطابع الدولي و في الصفقات العمومية بنص المادة 1006، و لا يوجد نص في القانون النموذجي للتحكيم في البحرين وسار على نفس النهج المقنن الكويتي واللبناني والمغربي والسوداني والإماراتي في إخضاع أحكام الأهلية  للقواعد العامة، و في اعتقادنا حول مسالة أهلية الأشخاص المعنوية العامة في إبرام اتفاق التحكيم في التشريعات القانونية في الأصل هو الجواز إلا ما استثناه القانون بنص صريح، و في حالة السكوت يفهم ضمنيا من القواعد العامة صحة أهلية الأشخاص المعنوية العامة في إبرام اتفاق التحكيم ما لم يخالف النظام العام و يحدد مضمون النظام العام الدولي في القانون المقارن الدولي بمجموعة السياسات العامة وفقا لمعايير داخلية مماثلة لمتطلبات دولة القانون الذي يمكن الاحتجاج به لمنع تطبيق قانون الأجانب في التحكيم التجاري الدولي و مع تحليل دقيق لموضوع النظام العام فان الجوانب الفلسفية لقانون التحكيم الدولي يتضمن قواعد غير مألوفة في القانون الدولي الخاص و القانون الدولي العام.
و نظرا لمتطلبات التجارة الدولية فيما يتعلق بالأعمال التجارية للمرافق العامة نجد اتفاقية الحكومة الإيرانية و الشركة العامة الإيرانية للبترول وقعت سنة  1954من خلال شركة "كونسر تيم"، و قد أبرمت الحكومة التركية اتفاق مع الشركة العامة الإيرانية للبترول سنة 1958، و نشير إلى إمكانية إبرام اتفاق التحكيم بالنسبة للدول و مثاله التشريع البرازيلي في المادة الأولى، و في التشريع الفنزويلي يتطلب الحصول على ترخيص مسبق من الوزير المختص إذا كانت الدولة تشارك بنسبة 50% من المؤسسة، وفي القارة الإفريقية نجد المادة 03 من التشريع الجيبوتي للتحكيم تقرر أهلية الدولة في إبرام اتفاق التحكيم، كما نصت المادة 315 من قانون الإجراءات المدنية الإثيوبي على ذلك ما لم يتعارض مع النظام العام الدولي، و في قانون الإجراءات المدنية الفرنسي سنة 1806 نص صراحة على حق الدولة و المؤسسات العامة و الأقاليم باللجوء إلى التحكيم.
أثيرت مشكلة إبرام الدولة أو احد الأشخاص المعنوية العامة اتفاق التحكيم، و قد ذهب الفقه إلى أن الدولة لها الأهلية في الاتفاق على التحكيم و السبب في ذلك أن الدولة تقوم بإدارة مشروعات اقتصادية عملاقة و مؤسسات كبيرة ذات نفع عام، و قد اخذ بذلك القانون السويسري حيث نص في المادة 177/2، و قد أيدت ذلك أيضا محكمة استئناف باريس باعتبارها تنظر الطعون في أحكام التحكيم التي تصدر عن غ.ت.د في حكمها الصادر بتاريخ 13 جوان سنة 1996، و من ذلك القانون المصري رقم09 لسنة 1997، و التشريع السعودي في المادة الثالثة من المرسوم الملكي رقم 46 سنة 1983 التي اشترطت موافقة رئيس مجلس الوزراء، و في حالة إذا لم يتضمن اتفاق التحكيم الموافقة هل يعتبر باطلا؟، انقسم الفقه بشان هذه المسالة حيث اعتبره البعض خطا مرفقي بينما ذهب البعض الأخر إلى أن إبرام اتفاق التحكيم حتى دون حصول الموافقة إلزامي.9

خاتمة

الواقع أن قاعدة استقلال شرط التحكيم فى مواجهة الغير تثير الحيرة والتردد بسبب مالها من طبيعة خاصة ، فعلى صعيد القانون الدولى الخاص ، فان هذه القاعدة ليس لها فقط معنى مادى يتمثل فى تجنب مصير العقد الأصلى . وأنما يقصد بهذا أيضا تجنب أو العمل على تجنب تطبيق القانون الذى يحكم العقد الأصلى وعلى صعيد قانون المرافعات ، فان هذه القاعدة يثير مسألة إجرائية ، من شأنها تقرير مبدأ الاختصاص بالاختصاص . وهنا يثور التساؤل حول طبيعة المسألة التى يثيرها التحكيم عندما يتمسك أو يحتج به فى مواجهة الغير , الواقع أن الإجابة تتوقف على تكييف الشرط ،ونعتقد أن المسألة تتعلق بأثر العقد ، فيحكمها إذن قانون العقد ،lexcontractus أو قانون الإرادة ، ولكن الاستقلال من شأنه العمل على عدم إخضاع الشرط للقانون الذى يحكم العقد الأصلى ولكن أى قانون يحكم هذا الشرط ؟ هل القانون الواجب التطبيق على الإجراءات ؟ يذهب بعض الفقهاء الى القول بذلك كما تجرى بعض أحكام القضاء على أن آثار التحكيم من طبيعة إجرائية. بيد أن القضاء الفرنسى يذهب الى ما هو أبعد من ذلك واعتبر استقلال .شرط التحكيم. وسيلة لمنع تطبيق أى قانون ، وانما يعد بمثابة قاعدة موضوعية على مشروعيته وصحته ، وبهذا تتعقد المشكلة أكثر فأكثر ، فكونها قاعدة صحة فانها يترتب عليها على الفور امتداد التحكيم ، ومنحها بعض الاستمرارية من حيث الزمان ، وهو ما أطلق عليه البعض (( بنهائية شرط،التحكيم )) ، ويعنى أنه متى تم الاتفاق على التحكيم فلا يستطيع أحد الطرفين بإرادته المنفردة الانسحاب من هذا الشرط أو عدم تطبيقه ولا أثر لتغيير المراكز العقدية فى العقد الأصلى على بقائه واستمراره.
مواضيع أخرى قد تهمك:

  1. التحكيم التجاري الدولي
  2. الإجراءات الوقتية و التحفظية في التحكيم التجاري الدولي
  3. الإطار القانوني للتحكيم الإلكتروني



------------------------------------------------------------------------------------------
[1] بهتي،امتداد شرط التحكيم،،ص 174. 
[2] سعيد بهتي،مرجع سابق،ص 177.
[3] Sentence CCI rendue dans l’affaire n°5721 de 1990.
[4]-la  sentence CCI rendue dans l’affaire n°8385 en 1997 ,J.D.I ,P:1061
[5] سعيد بهتي،،مر س،ص 188.
[6] سعيد بهتي،،مرج س،ص 195.
[7] سعيد بهتي،،مرجع سابق،ص 200. 
[8] سعيد بهتي،،م س،ص 205. 
[9] محمد الوكيلي التحكيم التجاري الدولي في منازعات الاستثمار بين الدولة وشخص اجنبي خاص أطروحة لنيل دكتراه الدولة جامعة محمد الخامس اكدال الصفحة 50 و ما بعدها.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات