الإطار القانوني للتحكيم الإلكتروني
الإطار القانوني للتحكيم الإلكتروني |
مقدمة
يشهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة أثرت على كل جوانب الحياة البشرية، وقد سُخرت هذه التكنولوجية الجديدة في ميادين البحث والمعرفة ، وتقديم خدمات متنوعة وخصوصا في ميدان التجارة والأعمال, فأصبح التسوق يتم عبر مواقع إلكترونية في شكل أسواق افتراضية يزورها الزبناء والتجار ويبرمون إتفاقاتهم عبر هذه الوسائط, وينفذونها بأداءات عن بعد سهلتها ظهور النقود الرقمية، وبطاقات الإئتمان الذكية، والشيكات الإلكترونية، والإنترنيت المصرفي وقد خلق هذا الأمر نماذج جديدة للتعاقد لم يستوعبها الإطار القانوني للتعاقد عن بعد المنظم من داخل النظرية العامة للإلتزامات المدنية، فاضطرت التشريعات القانونية المقارنة إلى تحيين نصوصها و قوانينها أو سن نصوص جديدة تلائم هذا الشكل الجديد من التعاقدات، من أجل قيامه صحيحا القانونيا، وكذلك من حيث إثباته، وتنفيذه.
واشك أن تنفيذ العقد هو الهدف من التعاقد، ولذلك كان الأصل فيه هو التنفيذ الطوعي و عن حسن نية، ووفق الشكل المتفق عليه, إلا أن الأمر لا يسير على هذا المنوال دائما إذا تنازع المتعاملان حول إحدى العناصر الأساسية للعملية ، كخصائص السلعة أو الخدمة أو محل التعاقد، أو حول مقابلها من النقود وطريقة تسديد هذا المقابل، كما تتخذ النزاعات الإلكترونية كذلك شكل اعتداءات على الملكية الفكرية والصناعية، والمواقع الإلكترونية والعلامات التجارية، ومنازعات متعلقة بأمن المعلومات والمنافسة غير المشروعة.
والأصل في هذه النزاعات ولو نشأت في وسط إلكتروني أن تعرض على القضاء، باعتباره صاحب الولاية العامة للحسم في خصومات الناس كيفما كانت طبيعتها، إلا انه قد لا يسعف أحيانا في الاستجابة لطبيعة هذه النزاعات، مهما اتصف هذا القضاء بالجودة والفعالية نظرا لأنها-أي النزاعات الإلكترونية- تنشأ في بيئة افتراضية تتطلب خبراء متخصصين في هذه البيئة للبث فيها والتعاطي معها، ولأنها ثانيا تتسم بطابع دولي الذي يفرض الرجوع إلى مناهج القانون الدولي الخاص لتحديد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق, بناءا على ضوابط مكانية تنتفي في العالم الافتراضي الذي لا يعترف بالحدود الجغرافية ، وحتى لو تمت هذه المراحل على المنوال المطلوب واحترمت كل قواعد القانون الدولي الخاص، لوجدنا أنفسنا أمام مشاكل أكثر تعقيدنا كانعدام الاستقلالية والتخصص, وضعف الخبرة في هذا الميدان, الأمر الذي ينفر التجار والمتعاملين منها.
فكان لزاما على لفكر القانوني ابتداع آليات أكثر ملاءمة للطبيعة الجديدة لهذه المنازعات. فبرزت وسائل سميت بالبديلة أو الموازية للقضاء على رأسها التحكيم والوساطة الإلكترونيين, يحققان مزايا عدة تروق لطائفة التجار كالسرية والفعالية والسرعة..., ولو كان التحكيم قد اشتهر أكثر في مجال التجارة الدولية، كون أحكامه تكون ملزمة لأطراف النزاع، وتتخذ إجراءات خاصة في حق المحكوم عليه الممتنع عن تنفيذ مضمون الحكم التحكيمي.
ولى هذا الغرار تم تطوير إجراءات هذا التحكيم التقليدي لتلائم النموذج الجديد للتجارة الإلكترونية - والتي يمكن تعريفها بأنها "عملية ترويج و تبادل السلع و إتمام صفقاتها باستخدام وسائل الاتصال و تكنولوجيا تبادل المعلومات الحديثة عن بعد ، دون حاجة إلى انتقال الاطراف و التقائهم في مكان معين ، وذلك سواء أمكن تنفيذ الالتزامات المتبادلة إلكترونيا ، أم تطلب الامر تنفيذها بشكل مادي ملموس [1]"- دون اشتراط الحضور المادي للأطراف وما يصاحب هذا الحضور من تبعات مادية، وبذل للوقت والجهد, و يتم عبر جلسات سمعية بصرية, أو عن طريق مؤتمرات افتراضية ، ويقصد بالتحكيم تلك الآلية التي بموجبها يعرض أطراف نزاع قائم أو محتمل الوقوع على هيئة مستقلة للنظر في هذا النزاع وإصدار حكم ملزم لهما، والقانون هو الذي يحدد إجراءات عرض النزاع على هذه الهيئة وإجراءات بثها ، فالتحكيم عدالة خاصة ومؤدى عنها تخرج النزاع من ولاية القضاء إلى نظر أفراد معينين باتفاق الأطراف واختيارهم .وقد تم إنشاء العديد من المراكز الدولية لهذا الغرض،وتم توقيع العديد من الاتفاقيات بذلك و مع تطور المعاملات الالكترونية واشتهارها بين التجار والمستهلكين وبروز نزاعات جديدة ، ولمواكبة هذا التطوير أصبح التحكيم يتم هو بدوره بطريقة الكترونية في كل المراحل التي يمر منها أو بعضها، وقد اعتمدت مراكز التحكيم هذا الأسلوب الجديد وبالخصوص المنظمة العالمية للملكية الفكرية (OMPI) فيما عرف ب"نظام التحكيم السريع", ولجنة التحكيم التجاري لدى الأمم المتحدة ، كما عملت بعض الدول على تبني نماذج لهذا التحكيم، وإن اختلفت المسميات من بلد لآخر فهكذا نجد مؤسسة القاضي الافتراضي بكندا، وما يسمي بالكمبيوتر القاضي بالصين، والمحكمة الافتراضية بأمريكا...
وهذا ما أدى بالعديد من المنظمات الدولية لسعي لوضع إطار قانوني ينظمها ، ولعل أولها القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية لسنة 1996[2] الصادر عن لجنة القانون التجاري الدولي التابعة للأمم المتحدة ، والذي أشارت في دليل تشريعها أن الهدف القانون النموذجي هو إتاحة و تيسير الاستعمال وتوفير معاملة متساوية لمستعملي المستندات الورقية و مستعملي المعلومات الحاسوبية ، وكذا زيادة الاقتصاد و الفعالية التجارية[3]، أما الدول العربية فلم تشهد لحد الساعة مؤسسات مشابهة ربما لحداثة الموضوع وللإقبال الضعيف على الإلكترونيات بالمقارنة مع العالم الغربي.
ويكتسي مجال التحكيم الالكتروني أهمية عظيمة على المستوى الوطني والدولي لأنه الأسلوب الأكثر نجاعة وخصوصا في المجال التجاري بعد أن أصبح القضاء غارقا في القضايا والنزاعات المتراكمة بشكل مستمر، لأسباب تعود أساسا للبطء الذي يطغى على مسطرة التقاضي ولذلك أصبح الفكر القانوني يلح وبشدة الإهتمام بالطرق البديلة واستغلال الإلكترونيات في إعمالها.
ويمر التحكيم الإلكتروني بمراحل عدة ممهَدة باتفاق تحكيم إلكتروني يتخذ شكل شرط أو عقد تحكيم، وفي هذا الإتفاق ينبغي مراعاة الشروط اللازمة لقيام العقود الإلكترونية, على وجه صحيح، وهي الشروط التي جاء بها القانون رقم 05.53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانوني الذي أضيف لمقتضيات قانون الإلتزامات والعقود، ورفع من حجية المحررات الإلكترونية إلى مصاف المحررات الورقية فيما يخص الإثبات متى كانت هذه المحررات قد احترمت شروط التي تضمن تماميتها وجاءت موقعة بآلية لإنشاء التوقيع الإلكتروني، تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة.
وعند نشوب نزاع يلتزم الأطراف بعرضه على الهيئة التحكيمية المعينة باتفاقهم أو المسند تعيينها للمركز التحكيمي المختار، والتي تباشر نظرها في النزاع المعروض ولها في ذلك كل الصلاحيات للوصول للحقيقة من انتداب خبير وسماعة شهود واتخاذ كل إجراء تحفظي أو وقتي, مع المحافظة تحت طائلة مسؤولياتها المدنية والجنائية، على حقوق الدفاع وضمان المساواة بين الخصوم, ثم عن تهيئ القضية تحجز الدعوى للمداولة، وبعدها يصدر حكم تحكيم إلكتروني مستوف لكل الشروط الشكلية من أسماء المحكمين والأطراف وتوقيعاتهم مع منطوق الحكم وتعليل هذا المنطوق، ويبلغ للأطراف عبر البريد الإلكتروني. وهذه الإجراءات هي في أصلها إجراءات للتحكيم التقليدي, نص عليها قانون اليونسترال النموذجي لأغلب تشريعات التحكيم الوطنية, ومنها قانون التحكيم والوساطة الإتفاقية المغربي رقم 05.08، وهذه الإجراءات تمدد لتنطبق على التحكيم الإلكتروني, في ظل غياب قانون نموذجي خاص بالتحكيم الإلكتروني.
لقد ظهرت فكرة حل المنازعات الكترونيا في بداية التسعينات من القرن الماضي ، وقد كان لهنري بيرن سنة 1993 قصب السبق للطرح الفكرة ، كحل للمنازعات بالوسائل الالكترونية ، وذلك قبل الشروع في وضع الفكرة موضع تنفيذ عام 1993 ، ثم جاء ديفيد جونسون وقام بدراسة الاحتمالات و التصورات التي تتفق و طبيعة و خصائص الشبكة المعلوماتية التي تجري من خلالها التجارة، لإمكانية لفض المنازعات الناشئة عنها بطرق إلكترونية[4]. وهناك رواية اخرى تتحدث ان الاخد بالتحكيم الالكتروني بدأ ضمن مشروع عرف باسم "شبكة القضاء" اسسه دافيد ستادولسكي سنة 1994 ، وبموجبه تم إعداد قائمة إلكترونية تضم 40 قاضيا ، و كان الهدف من إنشاء هذه الشبكة هو مكافحة عمليات القرصنة و جرائم التشهير و غيرها من الجرائم الالكترونية في حين تم أطلاق مشرزع محكمة التحكيم الافتراضية سنة 1996 ولقد تصدت هذه المحكمة لقضية واحدة فقط ، إلا انها لم تصدر حكمها فيها لكون اطراف النزاع توصلوا لاتفاق الصلح[5] .
وتبرز اهمية الخوض في هذا الموضوع كون التحكيم الالكتروني اصبح الوسيلة الاهم لحل النزاعات الالكترونية و ذلك لما يوفره من مزايا عديدة كالسرعة و الفعالية و قلة التكاليف ، وكذلك تبرز اهمية هذا الاخ الشقيق للتحكيم التقليدي في ان جميع جوانبه تتم في عالم افتراضي يعلو مجتمع الدول ، له قواعده الخاصة ولا تحده الحدود الجغرافية و لا يلزمه تاشيرة مروربينها ، و ما يجب الاشارة اليه ان التحكيم الالكتروني لِما اصبح يلقاه من نجاح عملي على الصعيد العالمي ، يطرح مجموعة من الاشكاليات على صعيد تعريفه و نطاق تطبيقه وإطاره الاجرائي و قيمة المقرر التحكيمي و طريقة تنفيذه و تذييله و غيرها من المساطر المتعلقة به .
من كل ما سبق يمكن طرح الاشكالية الاتية :
باعتبار التحكيم الالكتروني، وسيلة بديلة لحل المنازعات المتعلقة بالفضاء الافتراضي(الانترنت)، فانه يثور التساؤل فما مفهوم التحكيم الالكتروني؟ وماهو نطاق تطبيقه؟وماهي مختلف إجراءاته تفعيله و كيفية تنفيذ مقرراته؟
سنحاول الاجابة على هذه الاسئلة عبر تقسم العرض الى مبحثين نتطرق في الاول للأحكام العامة للتحكيم الإلكتروني لمفهوم التحكيم الإلكتروني والمؤسسات المشابهة له بحيث نخصص الجزء الاول منه أما الجزء الثاني فنخصصه لنطاق تطبيق التحكيم الإلكتروني والاتفاق عليه اما في المبحث الثاني سنتطرق فيه الى إجراءات التحكيم الإلكتروني والحكم التحكيمي .
المبحث الأول: ماهية التحكيم الالكتروني ونطاق تطبيقه
إن نمو التجارة الدولية وثورة الاتصالات جعلت العالم يعيش في قرية واحدة، حيث سمح هذا بسهولة انتقال رؤوس الأموال في شكل استثمارات ضخمة بإبرام العديد من العقود، كعقود نقل التكنولوجيا وعقود الإنشاءات وعقود النقل الجوي والبحري والبري وعقود التأمين والعقود المصرفية وغيرها، كل ذلك أوجد الحاجة الماسة لتطوير آلية التحكيم التجاري الدولي ليكون الوسيلة الفعالة والمناسبة،فبعدما كان الإبرام العادي قد أفرز آليات تتم بالسرعة والسهولة بعيدا عن الإجراءات الطويلة المعقدة أمام القضاء العادي، فإنه أصبح من المنطقي أن يفرز الواقع العملي آلية جديدة لتسوية المنازعات التي تثيرها سرعة المعاملات التجارية، ودلك عبر شبكات الاتصال دون الحاجة للانتقال أو تواجد العملية في مكان واحد حيث برز التحكيم الالكتروني كأهم آلية بديلة لحل منازعات العقود التجارية ، الأمر الذي تطلب تحديد ماهيته وذلك من خلال ما سيتم التعرض له في المطلب الأول، مع توضيح نطاقه وهذا في المطلب الثاني.
المطلب الأول: ماهية التحكيم الالكتروني
يعتبر التحكيم الإلكتروني إتفاق شأنه شأن التحكيم التقليدي، كما أن هناك بعض النظم الإلكترونية لحل النزاعات تتشابه مع التحكيم الإلكتروني (الفقرة الأولى)، و بالرغم من أن التحكيم الإلكتروني يتميز بالعديد من المزايا الا أن له عيوب تمنع في بعض الأحيان من اللجوء إليه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف التحكيم الإلكتروني و تمييزه عن النظم المشابهة له
1. تعريف التحكيم الالكتروني
لقد اختلف الفقه في تعريف التحكيم الالكتروني وكل واحد منهم انطلق في تعريفه له من زاوية معينة،حيث قام البعض بتعريف التحكيم الإلكتروني بأنه:" نظام قضائي إلكتروني خاص مؤداه تسوية المنازعات التي تنشأ أو المحتمل نشوؤها إلكترونيا بين المتعاملين في التجارة الإلكترونية بموجب اتفاق بينهم يقضي بذلك". و منهم من عرفه بأنه:" التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اتصالات دولية بطريقة سمعية بصرية ودون الحاجة إلى التواجد المادي لأطراف النزاع والمحكمين في مكان معين ". منهم من عرفه بأنه:" ذلك التحكيم الذي يتفق بموجبه الأطراف على إخضاع منازعاتهم الناشئة عن صفقات أبرمت غالبا بوسائل إلكترونية، إلى شخص ثالث يفصل فيها بموجب سلطة مستندة ومستمدة من اتفاق أطراف النزاع، وباستخدام وسائل اتصال حديثة تختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة في التحكيم التقليدي ".[6]
كما عرفه فريق اخر من الفقهاه " كـل تحكيم يتم عبر الانترنت أو أي وسيلة الكترونية أخرى لفض منازعات الكترونية بحيث يـتم عرض النزاع والسير في إجراءاته وإصدار القرار وتبليغه بطريقة الكترونية". [7]
ولم يختلف الفقه على تعريف التحكيم الالكتروني فحسب، بل امتد الخـلاف إلـى تحديـد الطبيعة القانونية له، حيث انقسم الفقه بذلك إلى اتجاهين: الاتجاه الأول يرى أن التحكيم الالكتروني لا يعـدو كونـه تطورا للتحكيم التقليدي والثاني يرى أنه بديلا عنه وله محدداته الخاصة. فيعتقد أصحاب الاتجاه الأول أن التحكيم الالكتروني جاء نتيجة تطور التكنولوجيـا التـي تبعها تطور في كل شيء، في حين يرى أصحاب الاتجـاه الثـاني أنـه لا يجـدر بالبيئـة الالكترونية استخدام التحكيم التقليدي لفض منازعاتها، ويفضلون استحداث قوانين خاصة بها، وبين هذا الرأي وذاك يرى البعض أن التحكيم الالكتروني خليط مـن القواعـد والشـروط الخاصة بحلول المنازعات، التي وان كانت مبنية على البيئة التحكيمية التقليدية إلا أنها بـلا شك قد ولدت قواعد وأعراف جديدة شكلت نوعا من الاستقلالية لنوع جديد من التحكيم[8]. وتبدو أهمية تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم الالكتروني في اختيـار الوسـيلة الملائمـة لتطويره والنهوض به، فقد يكتفى بتعديل القوانين والمعاهدات الخاصة بالتحكيم بشكل يلائـم التطور الحاصل إذا اعتبرنا التحكيم الالكتروني تطورا للتحكيم التقليـدي، أو علـى العكـس ضرورة صياغة قواعد جديدة خاصة بالتحكيم الالكتروني إذا اعتبرناه بديلا للتحكيم التقليدي.
ففي النهاية يمكن القول بأن التحكيم الإلكتروني ما هو إلا خليط من القواعد القانونية والوسائل الإلكترونية، بحيث يتم تطويع هده القواعد التقليدية لتتلاءم مع متطلبات التجارة الدولية الإلكترونية، بأن تجري جميع إجراءات التحكيم أو بعضها عبر الوسائط الإلكترونية بداية من الاتفاق على إحالة النزاع إلى الية التحكيم، وصولا إلى إصدار القرار التحكيمي المنهي للنزاع. [9] وعليه يمكن تعريف التحكيم الإلكتروني بأنه: طريق استثنائي لفض المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الإلكترونية، قوامه الخروج عن طرق التقاضي الأصلية، مستند بذلك على إرادة الخصوم بطرح النزاع على شخص معين أو هيئة معينة، للفصل فيه بحكم ملزم للخصوم، على أن تجري مراحله بشكل كامل أو جزئي عبر وسائل الاتصال الحديثة.
وقد عنيت التشريعات الدولية بهدا النوع من التحكيم و أشارت اليه في العديد من النصوص و التوصيات :
فقد نصت المادة الأولى من التوجيه الأوروبي رقم 31 / 2000 في شأن بعض المظاهر القانونية لخدمة مجتمع المعلومات و التجارة الالكترونية على أنه 'تسمح الدول الأعضاء لموردي خدمات المعلومات و المتعاملين معهم بتسوية منازعاتهم بعيدا عن أروقة المحاكم،و باستخدام الوسائل التكنولوجية المعروضة في العالم الالكتروني و في مجتمع المعلومات في فض المنازعات'.
كما قامت اللجنة الأوروبية المعنية بتسوية المنازعات لا سيما التي تتم بين المستهلكين باعتماد سلسلة من التوصيات بخصوص حل المنازعات على الخط، منها :
التوصية الصادرة في 25 5 2000 بخصوص تأسيس شبكة أوروبية لتسوية المنازعات على الخط مباشرة لتغطي كافة المنازعات الخاصة بالمستهلك الأوروبي خاصة في قطاع الأموال و الخدمات.
التوصية رقم 98.257 في 30 3 1998 بشأن تسوية منازعات المستهلكين خارج ساحات القضاء.
التوصية رقم 310 في 4 4 2001 بشأن المبادئ الواجب مراعاتها من جانب الأعضاء عند تسوية منازعاتهم عبر الأنترنيت[10]..
2. تمييز التحكيم الالكتروني عن النظم المشابهة له
هناك أنظمة إلكترونية يعتمد عليها في حل المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية، وهي الوساطة الإلكترونية ،المفاوضات الإلكترونية ، الصلح الإلكتروني.
تختلف الوساطة الإلكترونية عن التحكيم الإلكتروني من عدة وجوه: يتم اللجوء إلى الوساطة الإلكترونية من أجل الحفاظ على استمرار العلاقات فيما بين الطرفين المتنازعين وعدم القضاء عليها، بينما يتم اللجوء إلى التحكيم بين أطراف لا تربط بينهم علاقات وثيقة ويستوي لديهم استمرار التعامل بينهم من عدمه .وهناك بعض الأنظمة التي تربط بين التحكيم الإلكتروني والوساطة الإلكترونية، وتقرر مرور حل المنازعة بمرحلتين: تتمثل الأولى في محاولة حل النزاع عن طريق الوساطة الإلكترونية، فإذا ما فشلت الوساطة انتقل الطرفان تلقائيا إلى مرحلة التحكيم الذي يجري هو الآخر بطريقة إلكترونية[11]. أيضا يتمتع المحكم بسلطة قضائية تمنحه القدرة على إصدار أحكام وقرارات ملزمة للطرفين، في حين أن الوسيط لا يتمتع بمثل هذه السلطة، وإنما يتمتع بسلطة اقتراح الحلول على الطرفين، فالمحكم يحكم بينما الوسيط يقترح. اضافة الى أن الوساطة الالكترونية تختلف عن التحكيم الالكتروني في انه يحق لطرفي النزاع الانسحاب في أي مرحلة كانت عليها الوساطة، في حين أنهما لا يتمتعان بنفس الإمكانية في حالة التحكيم[12].
إذا كانت هناك نقاط اختلاف بين التحكيم والوساطة فإنه توجد نقاط التقاء بينهما، أهمها أنه لا يجوز اللجوء إلى أي من النظامين إلا بناء على اتفاق أطراف النزاع، سواء قبل نشوء النزاع في صورة شرط تحكيم أو شرط وساطة يوضع في العقد، أو بعد وقوعه بتوقيع اتفاق تحكيم أو وساطة.
التفاوض الالكتروني : أسفر اقتران التكنولوجيا و الوسائل الحديثة للاتصالات و على رأسها شبكة الأنترنيت عن ما يسمى بالتفاوض عبر الخط التي تتجسد ميدانيا من خلال طريقتين التفاوض الالي -حيث يتم البحث من خلال هده الالية على مصالحة عرفية بين الطرفين دون الرجوع الى شخص ثالث و دون تدخل بشري ودلك عن طريق عروض مرموزة مقدمة من جانب طرفي النزاع حيث يقوم الحاسوب باجراء مقارنة بينهما للتوصل الى حل وسط توفيقي بينهما ويلتزم الطرفان بهدا الحل مسبقا –أو من خلال التفاوض الالكتروني بمساعدة الحاسوب حيث يتم التفاوض بين الأطراف مباشرة على الأنترنيت دون استخدام برامج الكمبيوتر [13]أما عن الفرق بين التفاوض الالكتروني و التحكيم الالكتروني فيكمن في أن جريان إجراءات حل المنازعة عن طريق المفاوضات تتم دون تدخل شخص ثالث، في حين أنه في التحكيم يخضع الطرفان منازعاتهم إلى شخص ثالث تكون له سلطة إصدار حكم تحكيمي، ويضاف إلى ذلك أن المحكم في التحكيم الإلكتروني غالبا ما يطبق وهو في سبيله إلى حل المنازعة قواعد قانونية، أما بالنسبة للمفاوضات الإلكترونية فغالبا ما يتم اللجوء فيها إلى حلول عرفية غير مستمدة من قواعد قانونية محددة، وإنما تستقي من مجرد إجراء مقارنات حسابية بين طلبات كل طرف للتوصل إلى حل وسط بينهما. وأخيرا فإن المفاوضات الإلكترونية غالبا ما تنتهي باتفاق يوقعه الطرفان، في حين أن التحكيم الإلكتروني ينتهي بحكم تحكيمي يكون ملزما للطرفين[14]
يختلف الصلح الإلكتروني عن التحكيم الالكتروني في كون أن التصالح لا يوجد فيه وسيط بين طرفي النزاع، خلافا للتحكيم الذي يتطلب شخصا يعمل على حسم النزاع، أيضا أن في التصالح يكون حسم النزاع بالتضحية المتبادلة، حيث يتنازل أحدهم بالتقابل عن جزء من ادعاءه، فإن رفض الطرف الآخر التنازل وتمسك بكل طلباته ظل النزاع قائما، بعكس الحال في التحكيم سواء كان عاديا أم إلكترونيا، حيث أن حسم النزاع يكون بتطبيق القانون .أيضا ان في التحكيم الالكتروني يكون القرار بمثابة حكم مثل أحكام القضاء، ويتمتع بحجية الأمر المقضي، وبالتالي يكون واجب التنفيذ مثل الأحكام، أما في الصلح الالكتروني فإن حسم النزاع يكون بواسطة العقد أو الاتفاق نفسه مما يتطلب تدخل القضاء بعمل ولائي، لكي يتم بهذا التصديق على الصلح، وبالتالي الاعتراف به استصدارا لأمر تنفيذه[15].
الفقرة الثانية: مزايا وعيوب التحكيم الإلكتروني
يوفر التحكيم الالكتروني لأطرافه العديد من المزايا والتي تنبع بشكل أساسي من طبيعـة الوسط الذي تجري فيه عملية التحكيم (شبكة الانترنت)، غير أنه وكأي نظام حـديث يؤخـذ عليه بعض المآخذ، وعليه سيتم عرض أبرز مزايا وعيوب التحكيم الالكتروني.
المزايا
إذا كانت الوسائل البديلة لحسم المنازعات تتميز بالعديد من المزايا مقارنة بالقضاء، فـان حسم المنازعات بالطرق البديلة عبر الانترنت والتي يعتبر من أبرزها التحكيم الالكتروني يوفر مزايا أكثـر من تلك التي توفرها الوسائل البديلة لحسم المنازعات بالطريقة التقليدية،هده المزايا تتمثل بالاساس في :
- تقريب المسافة: إذ أن اغلب منازعات التجارة الالكترونية تتم بـين أطراف تختلف جنسياتهم وتتباعد أماكن إقامتهم[16]،و أصبح بامكان أي شخص ارسال كميات هائلة من المعلومات الى أي شخص أخر مهما بعدت المسافات ،و بنفس اللحظة نظريا. [17]
- خفض التكاليف: في ظل تنامي التجارة الالكترونية، يساهم التحكيم الالكتروني في خفـض التكاليف المرتبطة بعملية التحكيم، إذ لا يحتاج أي من المحتكمين ولا الشهود والمحكمين إلى التنقل من دولة لأخرى[18]، وذلك يتناسب مع أحجام العقود الإلكترونية المبرمة التي لا تكون في الغالب الأعم كبيرة بل متواضعة، وتستخدم أحيانا نظم الوسائط المتعددة التي تتيح استخدام الوسائل السمعية والبصرية في عقد جلسات التحكيم على الخط المباشر للأطراف وللخبراء، وهذا يقلل من نفقات السفر والانتقال[19].
- السرعة:حيث تتم مختلف مراحل التحكيم الالكتروني عبر شبكة الانترنيت التي تضمن سرعة و سهولة اجراءاته، حيث لا يلتزم أطراف النزاع بالانتقال و الحضور المادي أمام المحكمين، بل يمكن لهم المشاركة في جلسات التحكيم من خلال الاتصالات الالكترونية، كما أن هده الميزة تبدو بوضوح أكثر في شأن أحكام التحكيم الصادرة من جهات التحكيم الالكتروني، حيث تصدر في وقت قصير لسهولة الاجراءات التي تعتمد على التبادل الالكتروني للمستندات الخاصة بالنزاع. [20]
- الملاءمة: خلافا للمحاكم أو هيئات التحكيم التقليدية، فان التحكيم الالكتروني متاح على مدار أربـع وعشرين ساعة في اليوم و سبعة أيام في الأسبوع، هذه الميزة تمكن الأطراف مـن إرسـال رسائل البريد الالكتروني أو الاتصال في أي وقت دون الاضطرار إلى تكبد عنـاء السـفر ويمكنهم أيضا ممارسة التحكيم الالكتروني من أي مكان دون قيد، فأصبح بالإمكـان القيام بذلك بواسطة جهاز الكمبيوتر في المنزل أو في العمل أو أي مكان آخر. [21]
-الخبرة: الرغبة في عرض النزاع على أشخاص ذوي خبرة فنية خاصة ومحل ثقة، تعني وتواكب تطور التجارة الإلكترونية، خاصة في المجال الفني والتجاري لهذه التجارة. [22]
-السرية:وهي ميزة التحكيم من حيث وجوده ونتائجه وفي جميع مراحله مما يحول دون إلحاق الضرر بسمعة الأطراف المحكمين.حيث يجنب الأطراف سلبيات طرح نزاعاتهم أمام الجمهور على عكس المحاكم العادية التي تخضع لمبدأ علانية المحاكمة.[23]
على الرغم من كل هذه المزايا التي يتيحها التحكيم الالكتروني، إلا انه بحاجة إلى المزيد من الضوابط القانونية والتقنية، ودلك لما يتصف به من عيوب.
العيوب
رغم المزايا التي يتمتع بها هذا النوع من بدائل تسوية النزعات، إلا أن هناك بعض معوقات التحكيم الالكتروني. التي تمنع اللجوء إليه ومنها:
- السرية: تعتبر السرية في التحكيم الالكتروني سلاح ذو حدين، حيث يحصل الأطراف المحتكمـون على كلمة مرور تخولهم الدخول إلى الموقع الالكتروني لمركز التحكيم وتتبع الإجراءات وتبادل الوثائق والحجج إلى حين صدور الحكم. وفي الوقت الذي تحول فيه هذه السرية من إلحاق أضرار بسمعة الأطراف في حال نشـر أو إذاعة حكم التحكيم أو حتى نشر أية وثائق قدمت إبان نظر النزاع - وهو ما يعتبر ميـزة تضاف إلى مزايا التحكيم- تفرض طبيعة الانترنت تحديا آخر وهو الاختـراق القـادم مـن الخارج فيما يعرف بالمتطفلين[24] وهم أشخاص يجوبون الانترنيت و يعترضون المعلومات السرية خاصة منها أرقام بطاقات الائتمان، التي قد تكون من المعلومات الخاصة بنزاع معروض على التحكيم الالكترني، و تبقى مسألة اختراقها تهديدا لسرية التحكيم و الأسرار التجارية لأطراف النزاع.
- عدم ملائمة التشريعات الداخلية و الدولية للتحكيم الالكتروني :يتعذر على التحكيم الالكتروني في كثير من الأحيان استيفاء الشكليات و الشروط التي تتطلبها التشريعات الوطنية و الدولية التي وضعت أصلا لحكم المعاملات التجارية التقليدية ، هدا ما يحول في كثير من الأحيان الى عدم فعالية التحكيم الالكتروني لتعذر توفر الشكليات التي تضفي عليه الشرعية و الاعتراف بحكم التحكيم الالكتروني. [25]
-الفجوة الرقمية: [26] أحد أهم العوائق الرئيسية للتحكيم الالكتروني يكمن في وجود الفجوة الرقمية بين الـدول الناشئة في استخدام التكنولوجيا والدول المتقدمة، بل أن هذا التفاوت يكون أيضا في داخل الدول المتقدمة ذاتها، فالأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية والريفية في كثيـر مـن الأحيان لا يحصلون على مستوى مناسب للاتصالات السلكية واللاسلكية . [27]
المطلب الثاني: نطاق تطبيق التحكيم الالكتروني
ان ظهور التجارة الإلكترونية واكبه العديد من المنازعات التي سميت بالمنازعات الإلكترونية، التي تم تعريفها بأنها:" كل خلاف يطرأ بين طرفين يدعي كل منهما أحقيته في الشيء موضوع الخلاف، وإن كان موضوع الخلاف يخص التجارة الإلكترونية ". [28]، وهنا أثير النقاش حول دور. التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات التجارة الالكترونية.
إن معظم الفقه اتفق على تقسيم المنازعات الالكترونية إلى قسمين: المنازعات الناشئة عن العقد الإلكتروني أي ذات الطبيعة التعاقدية(الفقرة الأولى) و المنازعات الإلكترونية ذات الأساس غير التعاقدي(الفقرة الثانية) .
الفقرة الاولى: المنازعات الإلكترونية ذات الأساس التعاقدي
ان العقود التجارية التي تبرم عبر الشبكة الالكترونيـة إمـا أن تكـون عقودا تجارية بالنسبة لطرفيهـا (أولا) أو عقودا ذات طبيعة تجارية مختلطة، أي تجارية بالنسبة لأحد أطرافهـا ومدنيـة بالنسبة للطرف الآخر(ثانيا) العقود المبرمة بين مؤسسة أعمال و إدارة حكومية أو محلية(ثالثا).ثم العقود المبرمة بين المستهلك ومستهلك (رابعا).
1. العقود التجارية الالكترونية
لقد تم تعريف العقد الإلكتروني بأنه:" تعاقد بين غائبين لا يجمعهما مجلس عقد واحد يتبادلان التعبير الإرادي فيه بواسطة وسيلة تقنية حديثة للاتصالات مخصصة لنقل الإرادات المتبادلة، مع استعمال طرق قانونية محددة تضمن التأكد من إحداث تبادل التعبير الإرادي، وأثره في إبرام العقد وتحديد وقت انعقاد العقد قانونا وبدء سريان آثاره القانونية من حقوق والتزامات وغيرها"[29] .
من جهة أخرى تناولت بعض التشريعات العربية و الأوروبية تعريف العقد الالكتروني ،فالمشرع الأردني يعرف العقد الإلكتروني في نص المادة 02 فقرة 08 على أنه:" الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائل إلكترونية كليا أو جزئيا[30]. في حين عرف قانون المعاملات والتجارة الالكترونية لإمارة دبي المعاملات الالكترونية في المادة رقم ٢،قانون رقم ٢ لسنة ٢٠٠٢ أنها " كل تعامل أو عقد أو اتفاقية یتم إبرامها أو تنفیذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة المراسلات الإلكترونية " . [31]
أما التشريعات الأوروبية فركزت في تعريف عقود التجارة الإلكترونية على أساس تصنيفها من العقود المبرمة عن بعد، فعرفه البرلمان الأوروبي من خلال التوجيه الخاص بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد رقم 97/7 الصادر في:20/05/1997 في المادة الثانية بأنه:" كل عقد يتعلق بممتلكات أو خدمة المبرم بين المورد والمستهلك في إطار نظام البيع أو تقديم الخدمات عن بعد ينظمها المورد، وذلك من خلال استخدام تقنية أو عدة تقنيات الاتصال عن بعد إلى حين إبرام العقد"، وقد نص هذا التوجيه أن أحكامه ينبغي أن تدخل حيز النفاذ في أقاليم الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي في موعد أقصاه 03 سنوات من تاريخ نفاذه[32] . هذه العقود تتمثل بالأساس في :
- العقود المختصة بالبنية التحتية للتجارة الالكترونية: وتندرج هذه العقود تحت مسمى اتفاقيات الربط، وتبرم بين الشركات المخولة بإنشاء وتأسيس البنية التحتية لشبكة الانترنت والشركات والمؤسسات الراغبة في الاستفادة من هذه الخدمة في تقديم خدماتها للآخرين . وتعد المنازعات الناشئة عن هذا النوع من العقود من أكثر أنواع المنازعات تعقيدا[33] ، وهذا نظرا للعقبات القانونية التي تثيرها مثل هذا النوع من العقود خاصة المتعلقة بتفسير العقد وتعديله وذلك بسبب ما يحتاج إليه العقد من تغيير في شروطه لمواجهة تطورات التقنية نفسها. بالتالي فالعقد هو الآخر يحتاج لتعديلات تواكب وتوازي ذلك التطور، كما أن مجال الاتصالات يبقى عنصرا حساسا داخل كيانات مجموعة من الدول الشيء الذي جعل بعض الدول تفرض رقابة خاصة على هذا المجال[34].
- العقود المبرمة بين المنشآت التجارية المستخدمة لشبكة الانترنيت: ويعنى بها الشركات التي تستخدم خدمة الانترنت في عرض بضائعها وخدماتها بعضـها مع بعض، وتشمل هذه العقود تلك العقود المبرمة بين مجموعة من الشركات لإنشاء مركـز تجاري افتراضـي لتمكين المسـتهلكين من الدخول إليه بشـراء حاجياتهم[35] ، فـالمتجر الافتراضي يعد بمثابة محل تجاري داخل أحد المراكز التجارية ولكن هذا المحـل أو المتجر متواجد على شبكة الانترنت وليس له وجود مادي كما هـو الحـال فـي المحـلات المتواجدة في الأسواق التجارية.
-العقود ذات الطبيعة المغلقة على طائفة معينة من المنشآت التجارية: تكون هذه العقود بين شركات أو مؤسسات لها نفس الاختصاص، أي أن لها نفس العمل التجاري أو أنها تقدم نفس الخدمة، وغالبا ما تتخذ صورة عقد بين شركات و وكلائها، أو شركات كبرى وفروع لها. وما تخلقه هذه العقود من منازعات يكون سببه في الغالب الاختلاف حول موعد التسليم أو نوعية البضاعة أو ثمنها أو كميتها[36].
2. العقود ذات الطبيعة المختلطة
تعد العقود المتعلقة بالمستهلك في مجال التجارة الالكترونية أكثر صـور هـذه التجـارة شيوعا، وساهم في ذلك تزايد الضغوط على المستهلك لمحاولة جذبه وإغرائه بالدخول إلـى عالم التجارة الالكترونية في ظل التطور الهائل في مجال المعلوماتية والاتصالات الالكترونية بالإضـافة (وسهولة الإبحار في صفحات الويب من خلال شبكة الانترنت[37]،ويتواجد على شبكة الإنترنت العالمية مواقع لمراكز تجارية متعددة يسـتطيع المسـتهلك ومؤسسة الأعمال إتمام عمليات البيع والشراء فيما بينهما إلكترونيا، وتقوم هذه المواقع بتقديم كافة أنواع السلع والخدمات، كما تقوم هذه المواقع باستعراض كافة السلع والخدمات المتاحة.
3. العقود المبرمة بين مؤسسة أعمال و إدارة حكومية أو محلية
ان العقود المبرمة بين مؤسسة إعمال و إدارة حكومية أو محلية هي التي تقوم الحكومة من خلالها بعرض الإجراءات والرسوم ونماذج المعاملات على شبكة الإنترنت بحيث تستطيع مؤسسات الأعمال أن تطلع عليها من خلال الوسائل الإلكترونية وان تقوم بإجراء المعاملات إلكترونيا من غير أن يكون هنالك تعامل مع مكاتب المؤسسات والدوائر الحكومية[38].
4. العقود المبرمة بين مستهلك ومستهلك آخر
تبرز هذه الحالة عند قيام شخص بعرض ما يريد بيعه على موقع معد لذلك يعرض فيه الأشخاص أغراضهم للبيع ويبحث فيه الزوار عن ما يناسبهم من معروضات في الموقع ومن أمثلة هذه المواقع في المغرب نجد موقع Www.Avito.Ma . وقد أصبحت شبكة الأنترنيت مليئة بمثل هذه المواقع[39]، وعموما فهذه العينة من العقود تبقى عرضة هي الأخرى لنشوب الخلافات فيها
الفقرة الثانية: المنازعات الإلكترونية ذات الأساس الغير التعاقدي
ان نزاعات التجارة الإلكترونية إما تكون متعلقة بالعقد الإلكتروني في حد ذاته فيما يتعلق بإبرامه و تنفيذه كما سبق ذكره، أو تتصل بالعناصر المرتبطة بالتجارة الإلكترونية و المتمثلة في منازعات أسماء المواقع الإلكترونية أو ما يسمى بأسماء النطاق، ولعل السبب في ذلك هو ما أصبحت تتعرض له بعض المواقع الإلكترونية من تشويش يتمثل في انتحال أسمائها وعلاماتها التجارية أو اتخاذ اسم أو علامة مشابهة لها، والغرض من ذلك هو تشويه سمعة تلك المواقع أو كسب الربح على حسابها. وعليه سوف يتم لتطرق لمفهوم أسماء النطاق (أولا) ،ثم صورها (ثانيا).
1. مفهوم أسماء النطاق
لقد كان مفهوم أسماء النطاق عرضة لمجموعة من التعريفات لفقهاء مختلفين تباينت تعاريفهم باختلاف آرائهم. فقد عرفت بأنها عبارة عن عنوان فريد ومميز يتكون من عدد من الأحرف الأبجدية اللاتينية أو الأرقام التي يمكن بواسطتها الوصول لموقع ما على الأنترنيت[40]، كما ينظر إلى تعريف العنوان الإلكتروني بأنه موقع أو عنوان على شبكة الأنترنيت يسمح بتحديد ذلك الموقع وتمييزه عن غيره من المواقع الأخرى.
كما تعرف أسماء النطاقات بأنها عبارة عن سلسلة من الكلمات يفصل بينهـا نقاط تتولى تعريف عنوان بروتوكول الانترنت ينفرد به حائزه، أيضا يعرف بأنه علامة تأخذ مظهر اندماج الأرقام والحروف بحيث يتولى هذا المظهر تحديد مكان حاسوب أو موقع أو صفحة عب الانترنت[41].
2. صور منازعات أسماء النطاق
- تسجيل اسم الموقع متطابق مع علامة تجارية: هذا النوع من أكثر الاعتداءات شيوعا، خصوصا في فترة بداية انتشار الأنترنت عندما لم تكن الشركات مدركة لأهمية أن يكون لها وجود على الشبكة، إذ سارع الكثير من الأشخاص (المضاربين أو المحتالين) بتسجيل علامات تجارية لشركات كبرى كأسماء مواقع دون استخدامها، لكن قصد بيعها أو استئجارها للشركات التي قد تكون أحق منهم بتسجيلها[42].
ومن الأمثلة التطبيقية على هذا النوع من المنازعات قضيةSony corporation V RK Enterprises ،رقم: (FA0011000096109) التي عرضت على مجمع التحكيم الوطني (Arbitration National forum (NAF حيث قام المسجل لاسم المواقع بتسجيل العلامة التجارية التي تملكها الشـركة المشـتكية SONY وهي WALKMAN تحت اسم موقع com.walkman.www وقد طلبت الشركة المشتكية تحويل واستعاده اسم الموقع المسجل، وذلك لان زبائن الشركة سوف يعتقدون أن الموقـع لـه علاقة ببضائع ومنتجات الشركة وانه ليس للمسجل حق بالتسجـيل وهو يهدف مـن تسـجيله الاعتماد على شهرة العلامة التجارية WALKMAN في جلب الزوار لموقعه، وبمـا أن الشركة المشتكية أثبتت ما يلزم إثباته وفق السياسة الموحدة لحل منازعات أسماء المواقع،فان الفريق المعين في هذه القضية حكم بضرورة إعادة اسم الموقع المسـجل للشركة المشتكية[43].
- تسجيل اسم الموقع متشابه مع علامة تجارية: في هذه النوع يقوم الشخص بتسجيل اسم موقع شبيه إلى حد كبير بعلامة تجارية عن طريق تعديل أحد الحروف أو إضافة كلمة قصد مغالطة الجمهور واستمالته نحو موقعه باستغلال اسم العلامة التجارية مما يلحق أدى بالمستهلك والعلامة التجارية[44]،
ومن الأمثلة التطبيقية على إجراء تعديل طفيف على اسم الموقع: القضية التـي نظرهـا مركز الويبو للتحكيم والوساطة WIPO والتي تحمل رقم (0567-D2002 (حيث رفعتها شركة Corporation Microsoft ضد summit seventh الذي قام بتسجيل اسم الموقع com.www. hotmailالمتماثل مع العلامة التي تملكها الشركة وقد قضى المركز بنقل اسـم الموقع HOTMAIL للشركة المشتكية[45].
- تسجيل اسم الموقع يحتوي على علامة تجارية مع إضافة عبارة تحقيرية: يوصف هذا النوع من المنازعة بالمنافسة غير المشروعة، إذ يقوم شخص أو شركة بتسجيل علامة تجارية عائدة للشركة مع إضافة كلمة أو عبارة مشينة[46] سواء بهدف الإساءة لهذه العالمة التجارية أو بهدف التعبير عن عدم الرضا عن هذه العالمة التجارية عن خدماتها أو منتجاتها. ولا يهم موقع إضافة هذه العبارة التحقيرية سواء بعد العالمة التجارية أو قبله.
المبحث الثاني : إجراءات التحكيم الإلكتروني و الحكم التحكيمي.
قبل الخوض في إجراءات التحكيم يجب التفرقة بين التحكيم المرتبط بالنزاعات الإلكترونية و التحكيم الالكتروني الذي يتم اللجوء إليه بعد اتفاق الأطراف على ذلك، وفق ضوابط تختلف من قوانين تشريعية ومن دولة لأخرى.
وقبل إصدار الحكم التحكيمي ، تمر عملية التحكيم الإلكتروني بمجموعة من الإجراءات منذ الاتفاق عليه، إلى ما بعد صدور الحكم وتنفيذه، إذن ما هي طريقة بدء وسير إجراءات التحكيم؟ وما هي أبرز الوسائل التي من خلالها يمكن تنفيذ الحكم الصادر عن هيئات التحكيم الإلكتروني دون اللجوء للمحاكم الوطنية ؟ هذا ما سنتناوله في المطلبين الآتيين :
المطلب الأول: الإطار الإجرائي للتحكيم الإلكتروني
للقيام بإجراءات التحكيم الإلكتروني يتم الوقوف عادة على إجرائيين مهمين [47] ، الاول هو تشكيل هيئة التحكيم الالكتروني الفقرة الاولى و الثاني هو إختيار القانون الواجب التطبيق الفقرة الثانية.
الفقرة الأول : تشكيل هيئة النزاع الالكتروني
ترتكز مسألة اختيار و تشكيل هيئة التحكيم على إرادة أطراف النزاع من جهة وعلى قبول المحكمين من جهة أخرى ، بحيث أنه إذا اتفق الأطراف على طريقة معينة لاختيار المحكمين فإنه لا بد لهم من الالتزام بهذا الاتفاق، ويعبر عن ذلك عن مبدأ " سمو اتفاق التحكيم" وفي هذا الصدد سنتطرق الى كيفية تعيين المحكمين وتحديد اختصاصاتهم قبل أن نتطرق لتجريح واستبدالهم بمحكمين آخرين.
أولا : إختيار المحكمين وتحديد اختصاصاتهم
يتم اختيار هيئة التحكيم وفقا لقواعد التحكيم العادي،وهذا الاختيار يتجه كما هو مألوف في التحكيم التقليدي سواء الى التحكيم الحر أو المؤسسي بواسطة الأطراف مباشرة عبر الشبكة العنكبوتية، أو حتى اللجوء الى إحدى هيئات التحكيم الالكتروني مباشرة.وغالبا تتولى مؤسسات التحكيم تشكيل هيئة التحكيم وفق نظامها الداخلي.وقد تتكون هيئة التحكيم الالكتروني من محكم واحد أو أكثر حسب القضية أو حسب ما يقتضيه النظام الداخلي للمؤسسة التحكيمية[48] .
أما إذا ذهبت إرادة أطراف النزاع الى اختيار المحكمين وتشكيل هيئة التحكيم باتفاقهم في اتفاق التحكيم، فلا يرد على إرادتهم في هذا الصدد أية قيود سوى ضرورة أن يكون عددهم وترا، إذا قرر أطراف اتفاق التحكيم تشكيل الهيئة من أكثر من محكم، فإن لم يتفقا على عدد المحكمين كان عددهم ثلاثة.
وفيما يتعلق بجنسية المحكمين، للأطراف الحق في الاختيار الكامل لجنسية من يختارون -المحكمين- ، أما بالنسبة للمحكم الوحيد فإن اختياره يتم عادة بواسطة المحكمة من جنسية دولة أخرى غير دول أطراف النزاع، وكذلك الحال بالنسبة للمحكم الثالث. ولخلق نوع من الثقة في التحكيم الإلكتروني،يجب أن تتوافر في المحكم الحياد والنزاهة والاستقلالية .
وتوافر الاستقلالية في المحكم الذي يفصل في خصومه تحكيم بطريقة إلكترونية يكون أكثر أهمية من المحكم في خصومه تقليدية، وذلك لأن الأول على عكس الثاني يتمتع بحرية أكبر ويستطيع أن يثير مسألة أو يستدعي القاعدة القانونية أو يطلب القيام بإجراء حتى ولو لم يطلب الخصوم ذلك .
أما تمتعه من بالنزاهة تمكنه من الوقوف على مسافة متساوية من أطراف النزاع وتمنعه من الميل عن الحق وتجبره على الالتزام بمعايير الأمانة والصدق والشفافية في إصدار الحكم، وأن يتعامل مع أطراف النزاع بموضوعية ودون محاباة مما يعني الالتزام بالمساواة في معاملته لأطراف النزاع إذ عليه أن يتيح لكل طرف من أطراف النزاع لعرض وجهة نظره، وتمكينه من الرد على ما يطرحه خصمه من وجهات نظر وهو ما يعرف بمبدأ التواجهية.
أما بخصوص الدفع بعدم إختصاص الهيئة التحكيمية من طرف أحد أطراف النزاع فهي جائزة
شرط أن يتم في الوقت المحدد ، ويكون للهيئة سلطة الفصل في اختصاصها كمسألة أولية[49]، أو أن ترجأ البث في هدا الدفع إلى وقت الفصل في الموضوع، ويكون للمحكمة سلطة إصدار أوامر وقتية فيما يتعلق بموضوع النزاع .
ثانيا: تجريح المحكمين واستبدالهم
من المؤكد أن إرادة الأطراف لا تنتهي عند تعيين المحكمين، بل يستمر دور الإدارة في ممارسة الرقابة على اختيارها وفق ضوابط معينة، وحرصا على ذلك تمنح جل مراكز تحكيم الأطراف حق رد المحكمين إذا توافرت شروط معينة، وذلك ضمن سقف زمني محدد حتى لا يتخذ هذا الإجراء وسيلة لتعطيل عمل الهيئة.
وفي هذا الصدد نظم مركز الويبو أحكام تجريح المحكمين، حيت يمكن لأي طرف تقديم طلب تجريح المحكم إذا وجد ما يبرر شكه في عدم حياد واستقلالية ذلك المحكم.
ويتم إرسال طلب التجريح إلى المركز عبر البريد الإلكتروني مكتوبا حيت يتعين على طالب التجريح أن يقوم بإرسال إشعار إلى كل من المركز والطرف الأخر مبينا أسباب التجريح
ويجب أن يتم تقديم طلب التجريح خلال 10 أيام من تاريخ تعيين المحكم أو من تاريخ علم الطرف طالب التجريح بالأسباب التي بني عليها طلبه ، ولا يلتفت إلى طلب التجريح الذي يقدم بعد إنقضاء الوقت المخصص لذلك.
وبعد أن يتقدم كل من المحكم وطالب التجريح بملاحظاتهم، تفصل المؤسسة التحكيمية في طلب التجريح بقرار نهائي غير قابل للطعن فيه.
وفي نفس إطار وعند قبول التجريح يتم تعيين محكم بدلا من المحكم الذي قبلت المؤسسة تجريحه،ويمكن أيضا تغيير الحكم إدا لم يقم بواجباته أو إذا قدم إستقالته مثلا إذا أصبح غير قادر بحكم القانون أو بحكم الواقع على أداء وظائفه أو تخلف على القيام بمهمته.و تنتهي ولايته إذا تنحى عن وظيفته، أو إذا اتفق الطرفان على إنهاء مهمته، أما إذا ظل هناك خلاف حول أي من هذه الأسباب فيجوز لأي من الطرفيين أن يطلب من المحكمة أو إلى المؤسسة التحكيمية في حالة التحكيم المؤسسي أن تفصل في موضوع عزل المحكم وقرارها في ذلك يكون نهائيا.[50]
الفقرة الثانية: إجراءات التحكيم الالكتروني
يثير التحكيم الإلكتروني عددا من الإشكاليات المتعلقة أساسا بكون النظم القانونية القائمة والمنظمة لإجراءات التحكيم تفترض استخدام الدعائم الورقية والحضور الشخصي لأطراف النزاع، لذلك تلعب القواعد الإجرائية التي تسنها مراكز التحكيم لتنظيم سير عملية التحكيم حدا جوهريا لضمان نجاح العملية، فهي سلسلة من الإجراءات منذ ما قبل عرض النزاع على التحكيم وصولا إلى حين فضه وصدور الحكم فيه:
أولا: تحريك دعوى التحكيم الإلكتروني
يتم في التحكيم الإلكتروني إتباع إجراءات التحكيم العادية مضافا إليها باتفاق الأطراف على القواعد الإضافية الخاصة بالتحكيم الإلكتروني ويجوز للأطراف تحديد إجراءات التحكيم الإلكتروني التي يريدون تطبيقها ضمن بنود اتفاق التحكيم [51]ومن أبرزها نجد:
- كيفية التواصل بين المتخاصمين والمحكمين عن بعد عبر الشبكة العنكبوتية.
- كيفية تقديم المستندات إلكترونيا.
- أهمية الحفاظ على سرية المعلومات التجارية، والصناعية موضوع النزاع التي تهم الأطراف.
إذا كنا بصدد خلاف بين أطراف التحكيم الإلكتروني، فإنه قبل اللجوء إلى مركز التحكيم يتعين اتخاذ مجموعة من الإجراءات لعرض النزاع على مركز التحكيم، والتي يمكن إيجازها كالتالي:
- التقدم لمركز التحكيم المعين عن طريق كتابة النموذج الموضوع على موقع الإنترنيت المعد سلفا من قبل المركز أو الجهة المعنية بالتحكيم، مع تبين طبيعة الخلاف الناجم عنه وما قد يقترح من حلول مناسبة،إذ يجب تعيين موضوع النزاع في وثيقة التحكيم حتى يسهل تحديد ولاية المحكمين .
- تحديد كل طرف أسماء ممثليه في نظر النزاع ووسيلة الاتصال بهم وتحديد عدد المحكمين واختيار طريقة الإجراءات التي يرغب في إتباعها خلال نظر النزاع وكذلك تحديد مدة النزاع .
- إبلاغ المدعى عليه بطلب المدعي، والابلاغ يمكن أن يتم بواسطة وسائل التبليغ العادية، أو بالفاكس أو أو أي وسيلة أخرى للاتصال، ويتم الابلاغ بعد استيفاء الشروط القانونية بالإعلان على عنوان المدعى عليه الوارد بطلب التحكيم، وعلى هذا الأخير الرد على هذا الطلب في حدود 10 أيام من تاريخ توصله، ويجوز للمدعى أن يرفق المقال الأصلي بأي وثيقة يرى أنها ستعزز طلبه ، وعلى المدعى عليه أيضا إرسال رده متضمنا موقفه من طلبات المدعي والبراهين التي تدعم موقفه، والاعتراضات المحتملة على التحكيم وبريده الإلكتروني الذي سيرسل منه كافة إدعاءاته إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالنزاع، ويكون للمدعي إرسال رده خلال 30 يوم من تاريخ إبلاغه بطلبات المدعي عليه.
- يبتدأ تاريخ البث في النزاع باستلام المركز لطلب التحكيم، ويقوم بإخطارالمحتكم ضده بالإدعاء في حالة عدم إبلاغه بطلب التحكيم، وذلك لكي يتمكن من إبداء دفاعه بشأن موضوع النزاع وتقديم الأدلة والبيانات المؤيدة لدفاعه ، وإن تبادل المستندات وأدلة الإثبات بين الأطراف يساعد المحكم على الفصل في موضوع النزاع. ولم تذكر نصوص التحكيم العادي سوى الوثائق المكتوبة، لأنه لم يخطر ببال واضعي هذه النصوص إمكانية وجود وثائق إلكترونية أما عن القواعد المنظمة للمحكمة الفضائية، فقد نصت على أن الاتصال بالسكرتارية يكون من خلال البريد الإلكتروني ، وكما نص نظام التحكيم المستعجل التابع للويبو (wipo)على إمكانية نقل الوثائق الإلكترونية و الوثائق الأصلية التي ترسل بالبريد المستعجل.
ثم يتم أداء الرسوم الإدارية المحددة التي تختلف من مركز تحكيم إلى أخر من الطرفين وفي حدود 30 يوم من إرسال طلب التحكيم بالنسبة للمحتكم ونفس المدة من إرسال طلب الإدعاء المقابل بالنسبة للمحتكم ضده.
وتتم إجراءات التحكيم بطريقة إلكترونية على الموقع الإلكتروني لمركز التحكيم ، وفيها تخزن البيانات والمستندات والوثائق المتعلقة بالقضية وتجمع أغلب الأنظمة القائمة في مجال حل المنازعات بطرق إلكترونية ،ولتسهيل هذه الإجراءات يتوجب إنشاء موقع خاص بكل نزاع لا تستطيع الدخول إليه إلا أطراف اتفاق التحكيم أو وكلائهم وهيئة التحكيم، وذلك بموجب أرقام سرية، وإضافة إلى عملية التسهيل التي يجب أن يوفرها الموقع و أهم شيئ تمكين الأطراف من إيداع وتقديم ما يريدون إيداعه أو تقديمه من حجج وطلبات ومستندات ووضعها تحت أنظار و تصرف هيئة التحكيم التي تتولى البث في النزاع .
القاعدة أنه يجوز للأطراف تحديد إجراءات التحكيم ضمن إتفاق التحكيم، ويمكن أن يتم ذلك التحديد بطريقة مباشرة، من خلال الإحالة إلى قانون معين أو نصوص لاتفاقيات دولية في مجال التحكيم.
وقد تظهر إشكاليات إذا لم يتفق الأطراف على تحديد إجراءات التحكيم ،والمعلوم أنه يجري العمل بالنسبة للتحكيم التقليدي على تطبيق الإجراءات الواردة في قانون مكان التحكيم أي قانون الدولة التي تنعقد محكمة التحكيم على إقليمها، ولكن هذا الحل يصعب إعماله في مجال التحكيم الإلكتروني الذي لا يرتبط بإقليم معين، ويتم إجراء المعاملات وتنفيذها عبر الشبكة العنكبوتية.[52]
ولتجاوز هذا الإشكال يمكن للاطراف تحديد مكان التحكيم وبالتالي قانون الإجراءات الواجب التطبيق. وإلا جاز للمحكمين إعمال الإجراءات المتبعة أمام محاكم التحكيم الإلكتروني.
كما أن للأطراف حرية الاتفاق على اللغة أو اللغات التي تستخدم في إجراءات التحكيم، فإن لم يتفقا على ذلك بادرت هيئة التحكيم على تعيين اللغة أو اللغات التي تستخدم في هذه الإجراءات.
ويسري هذا الاتفاق أو التعيين على أي بيان مكتوب يقدمه أي من الطرفين وأي مرافعة شفوية وأي قرار تحكيم أو أي قرار أو أي بلاغ أخر صادرمن هيئة التحكيم ما لم ينص الاتفاق على خلاف ذلك، ولهيئة التحكيم أن تأمر بان يرفق بأي دليل ترجمة إلى اللغة أو اللغات التي اتفق عليها الطرفان أو عينتها هيئة التحكيم
ثانيا: سير الدعوى التحكيمية ومكانها
وبعد أن يكون قد تجمع أمام المحكم أو الهيئة التحكيمية التي تبث في النزاع طلبات وردود كل طرف على طلبات الدفوع ، أي تقديم البيانات الكتابية الإضافية والشهود عند وجودهم، حيث قد يستجد أمر ما لم يتمكن الأطراف من تقديم البينة شأنه في الطلبات الأولية أو قد يفاجأ المحتكم بأمور في طلبات المحكم بحاجة إلى الرد ولم يكن قد اطلع عليها، ويتم عقد جلسات التحكيم عند الاقتضاء، وتمكين كل طرف من أخد الكلمة لشرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، كما أن للهيئة الاكتفاء بتقديم الطلبات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
إن من أبرز الإشكاليات التي تثيرها مرحلة سير الدعوى في التحكيم الالكتروني بحكم طبيعة الوسط الذي تجري فيها هي شكلية إنعقاد الجلسات وتقديم البيانات.
وقد عالجت المادة 24 من القانون النموذجي- الأونسيترال- هذه المسألة في فقرتها الأولى وتنص " تقرر هيئة التحكيم ما إذا كانت ستعقد جلسات مرافعة شفهية لتقديم البيانات أو لتقديم الحجج الشفهية أو أنها ستسير في الإجراءات على أساس المستندات وغيرها من الأدلة المادية مع مراعاة أي اتفاق مخالف لذلك بين الطرفين غير أنه يجب على هيئة التحكيم ما لم يتفق الطرفان على عدم عقد أية جلسات المرافعات الشفوية أن تعقد تلك الجلسات في مرحلة مناسبة من الإجراءات إذا طلب ذلك منها أحد الطرفين [53].
وعليه، يفهم من مضمون المادة أن عقد الجلسات بالأساس يقوم على اتفاق الطرفين مع تحديد شكل الجلسة وأن غض نظر الخصمان لهذه المسألة في اتفاق التحكيم لا يجبر المحكم على ضرورة عقد الجلسة إلا في حالة طلب أحد الخصوم ذلك.
وتبقى المسألة التي تفرض نفسها هي معرفة ما إذا كان من المقبول إدارة الجلسات إلكترونيا حيث أن الوسائل الفنية في هذا المجال متاحة من خلال الانترنيت، وقد ظهرت وسائل حديثة للاتصال تسمح بتبادل الصورة والصوت والنصوص، بشكل متزامن بين الطرفين وبسرعة عالية، ومن هنا نجد أن البريد الإلكتروني يسمح بنقل النصوص والمستندات المكتوبة والمرئية، لكنه يمكن أن يكون أكتر استعمالا في تقدير أدلة المرافعات والجلسات في المرحلة التي يكون فيها تبادل فوري، كما يمكن للأشخاص أن يتقابلوا في غرف محادثة جماعية chat conférence
وكذلك كما في حالة المؤتمرات حيث تسمح لكل شخص يعمل على الحاسبة الإلكترونية، بعد ربطها بشبكة المعلومات أن يرسل ويكتب ويقرأ في آن واحد فضلا عن المؤتمرات المرئية تعقد، جلساتها بين الأشخاص في أي مكان بالعالم ويكون هذا الالتقاء بين الأشخاص أي بين حاضرين من حيث الزمان وغائبين من حيث المكان .
وعلى هذا النحو فمراكز التحكيم الإلكتروني تأخذ صراحة بإمكانية عقد الجلسات وسماع الخصوم والشهود والمحامين والخبراء عند اقتضاءهم بشكل يقارب جلسات التحكيم العادي وكل ذلك عبر الوسائل الإلكترونية، فعلى سبيل المثال ووفقا للائحة الويبو الخاصة بالمنازعات الإدارية في أسماء المواقع والملكية الفكرية، نصت المادة 27 على أن مصلح الجلسة يشمل اللقاءات المادية أو التي تتم عبر التلفون أو مؤتمرات الفيديو أو الاتصال المتزامن للتبادل الإلكتروني في الاتصالات بطريقة تسمح لأي من الأطراف تلقي أو إرسال أي رسالة من الطرف الأخر[54].
وخلاصة القول إن المداولات التي تجري عن طريق الانترنت والتي تسمى vidéo conférence تجعل لقاء الأطراف أسهل وأسرع من إجراءات التحكيم العادي، ويبدأ التحكيم من تاريخ إنشاء موقع القضية على الشبكة، وتبدأ هذه الإجراءات من اليوم الذي يستلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم سواء كان إلكترونيا أو اعتياديا وحيث نجد أن الأطراف هي التي تحدد تاريخ بدأ الإجراءات ،ولابد من استخدام نظام تشفيري يسمح لتبادل المستندات والمعلومات السرية عبر الانترنت .
تجدر الإشارة إلا أنه بالرغم من السرعة الملاحظة في جريان جلسات التحكيم، إلا أن هذه العملية لا تضمن صحة مضمون ما يتم فيها من إجراءات بشكل مثالي، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان الأطراف من حق الدفاع وبالتالي إمكانية المنازعة في صحة القرار وإبطال تنفيذه، ويرى أن القول بإمكانية عقد بعض الجلسات بشكل مادي( وجها لوجه)، يخرج التحكيم الالكتروني من ثوبه فلا بد من إيجاد آلية لضمان سير جميع الإجراءات بالشكل الإلكتروني بشكل يكفل صحة وسلامة إدارة الأطراف ومضمون هذه العملية، لا أن يتم الرجوع إلى الوسط المادي وإلا فما الغاية من القول بوجود من هذا النوع من التحكيم أصلا؟ على العموم فأبرز خطوات التحكيم المتبعة من تاريخ عرض النزاع بإرسال الطلب إلى حين إصدار الحكم نفسها السارية في كل مراكز التحكيم الموجودة، ولا تختلف كثيرا عن بعضها البعض إلا من حيث المدد المتعلقة بالرد على الدفوعات والطلبات، وعلى ذكر المدد فعلى المحكم أو الهيئة التحكيمية أو المركز إصدار قرار أو حكمه التحكيمي في مدة معينة ومحدودة حيث سيتم التعرض لها عند مناقشة إشكالية إصدار الحكم التحكيمي في المطلب لاحق.
بعد التطرق للإجراءات المتبعة قبل سريان الدعوى وتلك الواجبة في الدعوى ومعرفة القانون الواجب التطبيق عليها يتضح أن الأصل كما هو الحال في هذا الأخير أن يتفق الأطراف أيضا على تحديد مكان إجراء التحكيم في اتفاق التحكيم ومن مزايا ذلك أنه يساعد في تحديد المحاكم المحلية المختصة بإلغاء حكم التحكيم وكذا تحديد التحكيم تماشيا مع مقتضيات اتفاقية نيويورك، ولما كانت شبكة الانترنيت لا توجد في جزء معين من العالم المادي وبمعنى أنها لا ترتبط بدولة معينة، فإن القول بأنه لا وجود لمكان تحكيم في مجال التحكيم الإلكتروني قول صحيح، لذا لا يمكن ربط هذا النوع من التحكيم بنظام قانوني لدولة بعينها بما يؤهله على دعم قوانينها وقبولها به، وإذا حددت ولم يتفق الأطراف على مكان التحكيم. تولت هيئة التحكيم تحديد هذا المكان مع مراعاة ظروف التحكيم، وتبقى مسألة تحديد المكان ليس بأمر يشغل أطراف التحكيم عبر الانترنيت، على اعتبار التسهيلات التي تقدمها الشبكة والتي تمكن تحقيق اتصال وتواصل الأشخاص، إذا لا حاجة للقاءات والمقابلات الشخصية .[55]
تقييما لكل ما سبق عرضه في هذا المبحث يتضح أن مرحلة تعيين الهيئة التحكيمية ومرحلة عرض النزاع أهم مرحلتين يعرفها التحكيم الإلكتروني إذا بهما تتبين خصوصية هذا الأخير كوسيلة بديلة لفض المنازعات من جهة، واختلافه وتعقيد إجراءاته خاصة المتبعة أمام المحكمة الافتراضية عن التحكيم العادي – التقليدي- من جهة أخرى، فرفع النزاع للتحكيم يتوخى منه إسراع المسطرة قصد الخلوص لنتيجة واضحة في أقل مهلة ممكنة إلا أنه تنبغي المعرفة إلى أن كل الإجراءات السالفة الذكر والتي تعد الطريق الوحيد والمعبد لإصدار الحكم مصدرها الأساسي إرادة الأطراف في اتفاق التحكيم إذ الإرادة – الصريحة لا الضمنية- هي المرجع في شأن اختيار وتشكيل هيئة التحكيم، بحيث إذا ما اتفق الأطراف على طريقة معينة لاختيار المحكمين فإنه يتعين الالتزام بهذا الاتفاق ويعبر عن ذلك بمبدأ " سمو اتفاق التحكيم" ونفس الشيء يسري على تحديد مكان التحكيم والقانون الواجب التطبيق، كما أن مسألة الطلبات والدفوعات بيديهم- الطرفين- إسراع المسطرة أو تأخيرها وذلك باحترامهم ا الآجال المحددة لأن خرق الآجال يعمل على تعطيل الإجراءات والتأخير فيها، فضلا عن الجزاءات التي تفرضها المراكز لعدم إغفالها هذا الجانب العملي المهم .[56]
المطلب الثاني: حكم التحكيم الإلكتروني
يعتبر حكم التحكيم الإلكتروني من أبرز المسائل التي تضع مشروعية التحكيم الإلكتروني على اعتبار أنه يمثل ثمرة اتفاق وإجراءات عملية التحكيم بمجملها بالنسبة لأطراف التحكيم من جهة وجزء من سلطات الدولة وسيادتها المتمثلة في القضاء من جهة أخرى.
ويثير حكم التحكيم الإلكتروني، تساؤلات عديدة لا على صعيد الشكل فحسب، بل أيضا عند تنفيذه فهل نعتبر حكم التحكيم صحيحا إذا صدر في شكل الإلكتروني؟ وبالتالي هل يكون هذا الحكم واجب النفاذ من جانب المحاكم الوطنية في الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها؟ وإزاء عدم تنظيم معظم قوانين التحكيم العربية منها لأحكام التحكيم الالكتروني، وللإجابة على هذه التساؤلات وغيرها والتعرف على. التحكيم الإلكتروني ماهيته وإجراءاته . وكيفية صدوره والطعن فيه، سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في الأول ماهية الحكم التحكيمي والثاني آثار الحكم التحكيمي.
الفقرة الأولى: ماهية حكم التحكيم الإلكتروني
لمعرفة حكم التحكيم لابد من تعريفه حتى تتسنى لنا معرفة القواعد الخاصة به، إذ بعد انتهاء هيئة التحكيم من سماع الإدعاء والدفاع من أطراف الاتفاق على التحكيم وفحص وسائل الإثبات المقدمة من الأطراف، وإغلاق باب الجلسات، لابد من إصدار الحكم الذي توصلت إليه الهيئة بعد التشاور مع أعضائها.
تتعدد تعريفات الحكم التحكيمي حتى انقسم الفقهاء إلى اتجاهين، اتجاه موسع والآخر مضيق.
- التعريف الموسع: ويمثله الأستاذ E. Gaillard بحيث يعرف بأنه:
" القرار الصادر عن محكم والذي يفصل بشكل قطعي على نحو كلي أو جزئي في المنازعة وبمسألة تتصل بالإجراءات أدت بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة".
- التعريف الضيق: يمثله الفقه السويسري ممثلا في كل من الأساتذة Lalive et Peymand
بحيث يعرف بأنه:" القرار الذي ينهي بشكل كلي أو جزئي منازعة التحكيم حتى تلك المتصلة بموضوع النزاع ولا تفصل في طلب محدد، بحيث لا يمكن وفقا لهذا الفقه أن تكون الأحكام محلا للطعن فيها بالبطلان استقلال عن الحكم التحكيمي الذي سيصدر" .
وما بين موسع ومضيق لتعريف حكم التحكيم، يمكن تعريفه بأنه: كل القرارات الصادرة عن المحكم والتي تصدر بشكل قطعي في المنازعة المعروضة على هيئة التحكيم، سواء كانت قرارات كلية تفصل في موضوع المنازعة ككل أو قرارات جزئية تفصل في شق منها، وسواء تعلقت هذه القرارات بموضوع المنازعة أو بموضوع الاختصاص أو بمسألة تتعلق بالإجراءات طالما أدت بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة.
ولا يختلف تعريف حكم التحكيم الإلكتروني عن تعريف حكم التحكيم عموما لأن حكم التحكيم الإلكتروني يتم عبر شبكة الانترنيت وهذا الوسيط محدود باتفاقات وبروتوكولات دولية لتبادل المسندات والمعلومات ولذلك فحكم التحكيم يعني كافة القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم عبر شبكات الاتصال. سواء كانت قرارات نهائية أو قرارات مؤقتة تمهيدية أو جزئية دون الحاجة إلى التواجد المادي لأعضاء هيئة التحكيم في مكان واحد .[57]
بعد عرض تعريف الحكم التحكيمي الإلكتروني يتوجب الوقوف على صدور هذا الحكم من خلال تحديد شروطه قبل التطرق إلى صدور إنهاء إجراءات التحكيم.
صدور الحكم التحكيمي
قبل أن نتناول الشروط الواجب توافرها في حكم التحكيم الصادر في خصومة التي تجري إلكترونيا يلزم التعرض للشروط التي يجب أن يستجمعها حكم التحكيم الفاصل في خصومة التحكيم التقليدية.
حكم التحكيم كالحكم القضائي يجب أن يصدر في الموضوع وعلى ذلك لا يعد حكما تحكميا في الأحكام غير المنهية للخصومة سواء تعلق الأمر بالإجراءات أو بالدعوى أو موضوعها، ولا يجوز للمحكم أن يصدر حكمه متجاهلا للقانون الإجرائي والقانون الموضوعي الذين اختارهما الأطراف للتطبيق على إجراءات خصومة التحكيم وعلى موضوع النزاع.
ويلزم بالإضافة لذلك، ضرورة أن يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكم إذا اقتصر تشكيل هيئة التحكيم عليه وحده أما إذا ضمت هيئة التحكيم ثلاثة محكمين تكتفي عندئذ بتوقيعات أغلبية المحكمين.
والحال هكذا، تشكل الكتابة لوجود الحكم لا لإثباته، فإذا غابت الكتابة بأن صدر الحكم شفاهة غاب معها وصف حكم التحكيم، ويلزم تذييل حكم التحكيم بتوقيع المحكم أو المحكمين الذين أصدروه .
على هذا النحو تثار مشكلة الكتابة أيضا فيما يتعلق بحكم محكمة التحكيم الإلكترونية، فهل يجب أن يصدر هذا الحكم مكتوبا ويكون معقدا؟
تشترط كافة قوانين التحكيم صدور الحكم التحكيمي كتابة وإن كانت هذه القوانين لا تتفق فيما بينها حول الدور الذي تلعبه هذه الشكلية في اتفاق التحكيم. ومن حيث أن بعض القوانين نصت صراحة على ضرورة صدور حكم التحكيم كتابة، أمكن استنتاج اشتراط كتابة حكم التحكيم في البعض الآخر، فتجد قانون الأونسيترال اشترط ضرورة كتابة حكم التحكيم في الفقرة الأولى من المادة 31 والتي تنص على أنه "يصدر قرار التحكيم كتابة ويوقعه المحكم أو المحكمون يكفي في إجراءات التحكيم التي يشترك فيها أكثر من محكم واحد أن توقعها أغلبية أعضاء هيئة التحكيم شريطة بيان سبب غيبة أي توقيع" .
ونصت على نفس الشروط المادة 54 من قواعد منظمة الملكية الفكرية، والمادة 4 من اتفاقية نيويورك التي استوجبت للاعتراف بالحكم وتنفيذه تقديم أصل الحكم أو نسخه طبقا للأصل منه.[58]
يتضح لنا من العرض السابق أن معظم النصوص التي استلزمت الكتابة لم تشترط شكلا خاصا لصياغتها أو طريقة تدوينها، فقد تكون بخط اليد أو بالوسائل الإلكترونية لذا فإن صدور الحكم بالكتابة الإلكترونية يحقق شرط الشكل المطلوب في التشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية. وفيما يتعلق بتوقيع الحكم فقد نصت المادة 31 من القانون النموذجي الخاص بالتحكيم التجاري الدولي على ضرورة توقيع المحكم والمحكمين حالة تعددهم على حكم التحكيم وهذا هو المعمول به في التحكيم العادي، حيث يقوم المحكمون بتوقيع الحكم بخط اليد إلا أن التوقيع بخط اليد غير متيسر في التحكيم الإلكتروني، لذا اقترح البعض- لعلاج مشكلة غياب توقيع المحكمين بخط اليد- إرسال نسخة مطبوعة من الحكم إلى أعضاء لجنة التحكيم لتوقيعها.[59]
إلا أن هذا الحل لا يمكن قبوله لأنه يخرج عن الإطار الإلكتروني الذي يجري فيها التحكيم فلابد من إعطاء التوقيع الإلكتروني نفس حجية التوقيع العادي، وهذا ما أقرته قواعد منظمة الملكية الفكرية التي نصت على أن:
" يوقع الحكم إلكترونيا من أعضاء اللجنة. بالإضافة إلى شرطي الكتابة والتوقيع نجد شرطا آخر يتمثل في نشر الحكم في الموقع الذي أنشئ خصيصا للقضية وإعلانه للأطراف بكل وسيلة من وسائل الاتصال وفقا لظروف القضية وبعد أن يكون الأطراف قد سددوا الرسوم المفترضة، وعادة يكون للمحكم سلطة تحديد مكان صدور حكم تحكيمي وإذا ما وقعة أطراف اتفاق التحكيم على هذا المكان يكون عليه –المحكم- بيانه في حكم التحكيم الصادر عنه وتقرر الفقرة الأولى من المادة 25 من لائحة المحكمة الفضائية اعتبار حكم التحكيم قد صدر في مكان التحكيم. كما يجب على هيئة التحكيم ان تصدر حكمها المنهي للخصومة خلال الميعاد المتفق عليه من قبل الأطراف، أما إذا لم يوجد أثناء بدء إجراءات التحكيم وفي الحالتين يجوز لهيئة التحكيم مد الميعاد شرط ألا يزيد موضوع المدد على 6 أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم وفي حدود اختصاصها يجب أن تكون مكتوبة وموقعة من المحكمين، وأن تكون مسببة وأن يتم تبليغها للأطراف سواء صدر هذا القرار بصورة اعتيادية أو إلكترونية. ولابد للمحكمين قبل إصدار الحكم من قفل باب المرافعة وإحالة القضية إلى الدراسة والتوصل بعد ذلك للحكم الفاصل في النزاع مبدئيا، تتم إحالة النزاع للمداولة فيه إذا كانت هيئة التحكيم مؤلفة من أكثر من محكم واحد ولا حاجة لذلك إذا كانت مكونة من محكم واحد ويتم التساؤل هنا حول ما إذا كانت إجراءات التحكيم تنتهي عند هذا الحد أم أنها تستمد إلى ما دون ذلك؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال الفقرة الموالية.
إنهاء إجراءات التحكيم الإلكترونية
يصدر حكم التحكيم الإلكتروني بعد مداولات تتم غالبا عن طريق الفيديو كون فرنس بعد تبادل الرسائل الإلكترونية بين المحكمين في حالة تعددهم لكن هل ينتهي دور هيئة التحكيم أو المحكم بعد صدور حكم التحكيم؟ وهل من الممكن أن تتخذ هيئة التحكيم قبل إصدار حكم نهائي فاصل في موضوع النزاعات أي إجراءات تحفظية؟ من المؤكد أن دور هيئة التحكيم لا ينتهي تماما بعد صدور حكم التحكيم بل تحتفظ الهيئة ببعض صلاحياتها في النزاع المعروض، حيث يشوب الحكم الصادر غموضا أو نقصا أو قد يحتاج إلى تسبيب وهو ما سنبحثه تباعا.[60]
تختلف القوانين في اشتراط تسبيب حكم التحكيم الصادر من قانون لآخر، ففي حين لا يشترط القانون الإنجليزي والأمريكي تسبيب أحكام التحكيم تفترض بعض القوانين تسبيب الحكم، إذ نصت المادة 31 من قانون الأونسيترال، على أنه يجب أن تسبب هيئة التحكيم قرارها ما لم يتفق الطرفان على عدم تسبيبه أما لائحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية تجعل الخيار لأطراف التحكيم مع مراعاة القانون الواجب التطبيق فتنص المادة 62 منه على أنه:" يبين قرار التحكيم الأسباب التي يستند إليها إلا إذا كان الطرفان قد اتفقا على عدم تسبيبه ولم يكن القانون الواجب التطبيق على التحكيم يقتضي بيان تلك الأسباب".
وعليه إذا كان أحد أطراف التحكيم الإلكتروني قد لجأ لمركز المنظمة العالمية للملكية الفكرية على سبيل المثال فإنه يجب تسبيب القرار، استنادا لنص المادة وإلا كان الحكم معرضا للنقض.
فيما يتعلق بتصحيح الحكم واستكمال ما أغفل الفصل فيه يجوز لكل من الطرفين أن يطلب تصحيح ما يكون قد وقع في حكم التحكيم من أخطاء حسابية أو طباعية أو أية أخطاء، مماثلة دون المساس بموضوع التحكيم، ويراعى في حكم التحكيم أن يصدر من أغلبية أعضاء الهيئة، إذ يسري عليه ما يسري على إصدار الحكم الأصلي ولا يختلف الأمر في التحكيم الإلكتروني فيه في التحكيم العادي حتى في المدد، حيث يلاحظ أن أغلب التشريعات تأخذ بمدة 30 يوما لتقديم طلب التصحيح وهو ما ذهبت به المادة 66 لائحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وتشير المادة 46 من نفس اللائحة إلى أن محاكم التحكيم الإلكتروني قد تتخذ تدابير مؤقتة بناء على طلب أي من الطرفين بعد تقديم كفالة مناسبة حيث تأخذ هذه التدابير شكل قرار مؤقت وهذا على الرغم من اختلاف فاعلية تطبيق القرارات المؤقتة في التحكيم الإلكتروني عنها في التحكيم العادي.
لكن يجب مراعاة أن يكون موضوع المساعدة من المحكمة المختصة مدنيا أو تجاريا، بالإضافة إلى ارتباط الدولة المعنية باتفاقية أو معاهدة دولية مع الدولة التي يكون الطرف الآخر منها، ولا شك أن تنامي تبني الحكومة الإلكترونية بين دول العالم المختلفة يساعد على تنفيذ مثل هذه القرارات أو الطلبات .
هكذا يتضح أن حكم التحكيم الإلكتروني لا ينتهي بمجرد صدوره ذلك أنه قد يحتاج إلى تسبب أو تصحيح أو اتخاذ تدابير وقائية مؤقتة وكما قد تنتهي إجراءات التحكيم بقرار التحكيم النهائي أيضا بأمر من هيئة التحكيم وفقا لما جاءت به الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون النموذجي - الأونسيترال- إذ على هيئة التحكيم أن تصدر أمرا بإنهاء إجراءات التحكيم إذا سحب المدعي دعواه أو إذا اعترض على ذلك المدعى عليه واعترفت هيئة التحكيم أن له مصلحة في الحصول على تسوية نهائية للنزاع أو إذا اتفق الطرفان على إنهاء إجراءات التحكيم أو إذا وجدت هيئة التحكيم أن استمرار الإجراءات أصبح غير ضروري ومستحيلا لأي سبب آخر مما يفيد أنه أعطيت للهيئة التحكيمية سلطة تقديرية واسعة، وبانتهاء إجراءات التحكيم تنتهي ولاية هيئة التحكيم عامة.
نستنتج من خلال ما سبق أن قرار التحكيم يصدر بعد فض المحاكمة وإنهاء الإجراءات ما لم تطرأ ظروف استثنائية تحول دون ذلك مع توضيحها للأفراد إن وجدت ويشترط أن يصدر القرار كتابة، وتكفي الأغلبية لصدوره مع التوقيع عليه من الرئيس والأعضاء مع ذكر رأي العضو المخالف إن لم يكن الحكم بالإجماع، وملخص أقوال المتهم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدوره .
وكأي حكم القرار التحكيمي ينتج عنه هو الآخر مجموعة من الآثار وعليه هل تعتبر هذه الأخيرة هي نفسها الناتجة عن باقي الأحكام؟ فيما تتجلى هذه الآثار؟ سنعمل للإجابة على هذه الأسئلة من خلال فقرة ثانية.
الفقرة الثانية: آثار التحكيم الإلكتروني
إن صدور حكم التحكيم الإلكتروني يرتب بعض الآثار أهمها قابلية ذلك الحكم للتنفيذ فور صدوره وفي نفس الوقت قابلية للحفظ تأكيدا لمبدأ السرية -الذي يعتبر أساس الالتجاء للتحكيم الإلكتروني- لذلك لابد من تناول حجية حكم التحكيم الإلكتروني ومدى قابليته للطعن في الفقرة الأولى، وتنفيذه وحفظه في الفقرة الثانية وذلك على التحولات:
أولا: حجية التحكيم الإلكتروني والطعن فيه
تعترف معظم التشريعات لأحكام التحكيم بحجية الأمر المقضي به، والحجية تنصرف إلى المستقبل وتعمل خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم، أما قوة الشيء المقضى فيه فتعمل داخل الخصومة للدلالة على ما يتمتع به القرار من قابلية أو عدم قابلية الطعن بطرق الطعن. كما أن حكم التحكيم لا يحوز فقط حجية الأمر المقضي فيه وإنما يحوز أيضا قوة الأمر المقضي به وذلك أنه لا يحوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في القوانين المدنية.[61]
ويلاحظ أنه وإن كان حكم التحكيم يتمتع بحجية فإن هذه الحجية ليست مطلقة وإنما يتحدد نطاقها بنطاق التحكيم فلا يكون للحكم من حجية إلا في حدود ما فصل فيه من المسائل التي تضمنها اتفاق التحكيم كما أنه لا يتمتع بحجية إلا في مواجهة أطرافه، الذين اعلموا بالحضور أمام محكمة التحكيم، وعلى ذلك لا يجوز الخلط بين القوة الملزمة لاتفاق التحكيم وحجية حكم التحكيم الذي يصدر بناء على هذا الاتفاق. أما على مستوى التحكيم الإلكتروني توجد بعض الأحكام التحكيمية التي لا تتمتع بحجية الأمر المقضي به ومثال ذلك التحكيم الذي يجري وفقا للائحة الموحدة لمنظمة الإيكان ICANN
والتي تقرر تعليق تنفيذ حكم التحكيم على عدم قيام أحد الطرفين بالرجوع إلى المحاكم الوطنية خلال 10 أيام التالية.
لإعلامهم بحكم التحكيم الأمر الذي يعني عدم تمتع القرار التحكيمي بقوة إلزامية في مواجهة أطراف الخصومة ويأخذ بهذا التوجه القضاء الأمريكي الذي يجيز للأطراف ليس فقط تحديد نطاق القوة الملزمة لحكم التحكيم بل استبعادها كليا .
على خلاف أحكام القضاء لا يجوز الطعن في أحكام التحكيم بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في القوانين المدنية.
وعلى ذلك يعد حكم التحكيم حكم نهائي ولا ينال من نهائية أحكام المحكمين ما تقرره بعض القوانين من جواز الطعن فيها بالبطلان لأسباب محددة وذلك "لأن هذه الأسباب تتصل بصلاحية الهيئة واختصاصها والضمانات الأساسية للتقاضي، والنظام العام في بلد مقر التحكيم أو بلد تنفيذ الحكم الصادر عن هيئة التحكيم، ومن ثم فهي ضروريات لأي حكم منه للخصومة إذا لم يستوفها لم يكن جديرا بالتنفيذ ولا حائز للحجية التي لا قوام باعتباره حكما قضائيا إلا بها".
وفيما يتعلق بالتحكيم الإلكتروني، لا يختف الأمر كثيرا حيث تنص الفقرة 25 من لائحة المحكمة الفضائية على أن يعد التحكيم نهائيا لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف، وقد نصت الفقرة 6 من المادة المشار إليها على أن يعتبر اتفاق الأطراف على إخضاع النزاع للتحكيم وفقا للائحة المحكمة الفضائية، تنازلا منهم عن الطعن في الحكم بأي طريق من طرق الطعن، وهذا الحكم نفسه الذي يقرره نظام القاضي الافتراضي هذا على خلاف نظام محكمة التحكيم الفضائية أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة منها أمام المحكمة المختصة بالطعون في الأحكام الصادرة من محاكم أول درجة، وعلى ذلك لا يستطيع الأطراف طلب تنفيذ الحكم إلا بعد أن يصبح الحكم نهائيا بفوات مواعيد الطعن بالاستئناف أو برفض الطعن.
وعلى ذلك تقترب قواعد الطعن في أحكام التحكيم التقليدية مع قواعد الطعن في أحكام التحكيم الصادرة في خصومة التحكيم تجرى إجراءاتها بطريقة إلكترونية ومن أجل بناء تنظيمات ذاتية فعالة تدير التحكيم الإلكتروني بداية من الاتفاق على التحكيم حتى تنفيذ حكم التحكيم، تنظيمات تجنب تقرير بطلان حكم التحكيم من قبل القضاء الوطني، نرى من الأفضل تضمين هذه التنظيمات بقواعد تكفل الطعن في الحكم الصادر أمام هيئة تحكيم أخرى يتم تشكيلها خصيصا لنظر الطعن مع قصر الطعن في الحكم على البطلان الذي قد يلحق هذا الأخير لأسباب محددة حصرا على غرار ما تقرره بعض التشريعات .
إلا أن حكم التحكيم الإلكتروني لن يكون له من قيمة قانونية وعملية إذا ظل مجرد عبارات مكتوبة غير قابلة للتنفيذ، فتنفيذ حكم التحكيم يمثل أساس ومحور نظام التحكيم نفسه وتتحدد به مدى فعاليته كأسلوب لفض وتسوية المنازعات وبه كيف يتم تنفيذ قرار التحكيم الإلكتروني؟ وفيما تتحدد آلياته؟ وكذا حفظ هذا القرار؟
ثانيا: تنفيذ وحفظ حكم التحكيم الإلكتروني
إن الثمرة الحقيقية للتحكيم تتمثل في الحكم الذي يصل إليه المحكمين لذلك تعتبر مسألة تنفيذه جوهر إعمال وتحريك ما جاء في حكم المحكم من قرارات.
فعندما يفضل الأطراف اللجوء للتحكيم فإنه يجب عليهم تنفيذ الحكم الصادر من محكمة التحكيم دون تأخير، ومع ذلك قد يكون الطرف الخاسر سيء النية وترفض تنفيذ الحكم مما يضطر الطرف المستفيد إلى اللجوء للقضاء الوطني لدولة التنفيذ لطلب تنفيذ هذا الحكم .
وحيث أنه قد لا يقتنع أحد الأطراف بالحكم الصادر فما هو الحل إزاء تعنته أو عدم انصياعه إلى قرار التحكيم، لاسيما وأن حكم التحكيم الإلكتروني قد يكون غير ملزم .
وانطلاقا من كون التحكيم الإلكتروني نظاما خليطا لا يمكن سلخه عن أصله التقليدي، فالأصل أن يتم تنفيذ الحكم الإلكتروني بنفس الآلية التي يتم فيها تنفيذ حكم التحكيم التقليدي إن أمكن ونظرا لاعتبارات عديدة يصعب معها إتباع نفس الآلية السابقة فقد يتم تنفيذه بطرق تتماشى مع خصوصية العالم الافتراضي دون الحاجة إلى إتباع إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، فكيف يتم تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني؟
يشترط إيداع حكم التحكيم لدى حكم كتاب المحكمة التي يوجد بها القاضي المختص بتنفيذه لكي يحصل الحكم على صيغة الأمر بالتنفيذ وفي حالة تحديد مكان التحكيم فإن الحكم الإلكتروني تكون له جنسيته الخاصة، مثل أحكام التحكيم العادية. وبالتالي يمكن تقسيم أحكام التحكيم من حيث التنفيذ إلى:
1- التنفيذ في بلد صدور حكم التحكيم: أن يخضع لإجراءات تنفيذ أحكام التقليد العادية ويعتبر كأي محكم محلي.
2- التنفيذ والاعتراف به في البلاد الأجنبية: أن يخضع تنفيذه لاتفاقية نيويورك لعام 1958 التي تسري مقتضياتها على أحكام التحكيم الإلكتروني أيضا.
ما يلاحظ أن اتفاقية نيويورك لا تشترط أن يكون حكم التحكيم مكتوبا وموقعا من طرف المحكمين بل تكتفي باشتراط أن يقدم الطرف الراغب في الاعتراف وتنفيذ الحكم في بلد أجنبي النسخة الأصلية للحكم أو صورة مصدقة عنه مثل هذه الشروط تفرض أعباء على الطرف الراغب في تنفيذ حكم التحكيم عبر الإنترنيت رغم أن الهدف منها هو حماية أطراف النزاع من الغش والتدليس .
وتتلخص إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني في:
1- إيداع حكم التحكيم لدى قلم كتابة المحكمة المختصة؛
2- انقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان التحكيم الإلكتروني؛
3- استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني؛
4- التقدم بعريضة إلى القاضي المختص بإصدار الأمر بالتنفيذ؛
5- إرفاق المستندات اللازمة لعملية التنفيذ (أصل حكم، صورة من اتفاق التحكيم، صورة من الأوراق الدالة على إيداع الحكم لدى قلم كتابة الضبط) ؛
6- تقديم ما يفيد سلامة، المعلومات المتضمنة في (الحكم والمشارطة) إذا كان موقعين إلكترونية .[62]
وبخصوص مسألة الحفظ يتميز حفظ التحكيم التقليدي ببقاء المعلومات المحفوظة على دعائم ورقية لفترة طويلة من الزمن لذا أصبح التحكيم التقليدي يأخذ مكانة مرموقة كدعامة لحفظ الحكم لدى قلم كتابة المحكمة متى تمت مراعاة الشروط الخاصة بالحفظ، وعلاوة على ذلك يتسم الحفظ التقليدي للتحكيم العادي ببساطته النسبية حيث لا يتطلب خبرة حقيقية من قبل الموظف المكلف بالحفظ أو الأرشفة.
وفي هذا الصدد ينبغي الأخذ في الحسبان أنه في هذا النوع من الحفظ لا يمكن نقل المعلومات التي يتم حفظها على دعامة ورقية تحتفظ بطبيعتها الأصلية ولما كانت مسألة الحفظ في مجال التحكيم العادي لا تثير أية مشكلة فقد نصت المادة 28 في الفقرة 4 من القواعد المنظمة لغرفة التجارة الدولية على أن" يودع أصل الحكم لدى أمانة المحكمة"، ولم تشر اتفاقية نيويورك والقواعد المنظمة للمحكمة القضائية إلى مسألة الحفظ فإذا كانت هذه الأخيرة قد نصت في المادة 23 الفقرة 6 على أن "الحكم على موقع الدعوى"، إلا أن المادة 10 من القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية أشارت إلى بعض الشروط التي يجب توافرها لحفظ الوثائق الإلكترونية وهي:
1- سهولة الاطلاع على المعلومات التي تتضمنها هذه الوثائق في وقت لاحق؛
2- الاحتفاظ برسالة البيانات التي أنشأت أو أرسلت أو تم استلامها به؛
3- الاحتفاظ بالمعلومات التي تتعلق بمنشئ رسالة البيانات ووجهة وصولها وتاريخ ووقت إرسالها واستلامها لا شك أن مراعاة كل تلك المقتضيات مرجعة أجهزة التحكيم باعتبار أحد مهامها حفظ الحكم وضمان كماله ومن هنا يبدو اختيار أطراف التحكيم لمؤسسة التحكيم باعتبارهم أصحاب مصلحة في تفضيل مؤسسة هامة ذات خبرة تملك أفضل الوسائل لحفظ التحكيم وتأكيد سريته وإقامة الدليل على محتواه دون منازعة كلما كان ذلك ممكنا.
وكخلاصة نستنتج أن قبل صدور أي قرار أو حكم تحكيمي يتوجب توافر مجموعة من الشروط كما نجد أن أغلب القوانين الصادرة تتطلب إخطار الأطراف بحكم التحكيم الصادر في النزاع وإعلام أطراف الخصومة به- الحكم- إذ الهدف من بلاغهم هو تسليمه ما صدر من حكم وأما في مجال التحكيم الإلكتروني فقد رأينا أن الحكم يصدر بشكل إلكتروني مع إمكانية الأطراف الاطلاع عليه عبر موقع الشبكة وإرسال نسخة منه إلى بريده الإلكتروني، لإخطارهم بما جاء فيه، وأن صدوره يترتب عليه بعض الآثار الهامة المتصلة في حجية الأمر المقضي به، أي يعد حجة على كافة الأطراف حيث يكون الحكم مكتسبا الدرجة القطعية ولا يمكن الطعن فيه ويكون الأصل في تنفيذ حكم التحكيم سواء كان عاديا أو إلكترونيا أن يتم بالتراضي بين أطراف الخصومة الذين ارتضوا لحكم هيئة التحكيم، وبعد صدور الحكم لابد من حفظه لدى قلم كتابة المحكمة باللغة التي صدرت به أو ترجمتها ويكون مصدقا وموقعا عليه من قبل هيئة التحكيم ويجوز لكل من الطرفين الحصول على صورة من الحكم الصادر[63].
خاتمة
وفي الختام نرى ان التحكيم الإلكتروني وعلى الرغم من حداثة عهده ومواجهته للعديد من العقبات القانونية والفنية إلا أنه من الممكن التغلب عليها وتدليلها، سواء بالاتفاق مسبقا بين الأطراف على النقاط التي يمكن أن تثيرها طبيعته، كالاتفاق على تحديد مجلس العقد والقانون الواجب التطبيق وغيرها من الإشكاليات أو بالاعتماد على ما يبتدعه التحكيم الإلكتروني من آليات وتنظيم ذاتي ينسجم مع طبيعة المعاملات المعروضة على مراكز التحكيم الإلكتروني كصدور الحكم وتنفيذه .
لذلك فقد ألقينا الضوء من خلال هذه الدراسة على معظم الجوانب المتعلقة بالتحكيم الإلكتروني معرضا في الفصل الأول للقواعد والأحكام العامة المتعلقة بالنظام القانوني، للتحكيم الإلكتروني.
وتطرقنا في الفصل الثاني للإجراءات التي يتطلبها سير التحكيم وأحطنا بجميع الأمور المتعلقة بالحكم التحكيمي، والاتفاق التحكيم الإلكتروني الذي يبرم عبر الإنترنيت ولما لهذه الوسيلة من خصوصية ، تستوجب مراعاة ذلك في الأحكام التي تسري عليه.
المشرع المغربي لم ينظم التحكيم الإلكتروني كما نظم التقليدي منه من خلال ظهير 08/05 ترك فراغا تشريعيا في هذا الباب، لم يغلقه تنظيم ظهير 53.05 المتعلق – بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية و صحة المحررات المعدة بشكل إلكتروني أو الموجهة بطريقة إلكترونية، وإلى جانب ذلك تطرق للنظام القانوني المطبق على التوقيع الإلكتروني المؤمن و التشفير والمصادقة الإلكترونية ، فرغم هذه المواكبة التشريعية للتطورات التكنولوجية ، فان إغفال المشرع تنظيم التحكيم الإلكتروني وذلك لما يحظى به من بمكانة هامة في المعاملات الإلكترونية باعتباره من الوسائل البديلة لحل المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية عوض الالتجاء إلى القضاء ، فانه لم يخص هذا المجال بالتنظيم، وهذا مطلب ملح على ضوء الاهمية التي يحظى بها على مستوى المنازعات الالكترونية[64] .
لائحة المراجع :
الكتب و المجلات:
- أحمد باشي ، واقع وافاق التجارة الالكترونية ، مجلة المدرسة الوطنية للإدارة ، المجلد 13 ، العدد 02 ، 2003 .
- بومكوسي معمرو ، نظام التحكيم الاكتروني ودوره في تسوية النزاعات المرتبطة بالاستثمار،مقال منشور بمجلة التحكيم و القضاء،العدد 1 ،مطبعة الامنية،الرباط
- محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن.
- عصام عبد الفتاح مطر : التحكيم الالكتروني . دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2009.
- حسام الدين فتحي ناصف : التحكيم الالكتروني في منازعات التجارة الدولية . دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005 .
- احمد أبو الوفا : التحكيم الاختياري والإجباري . منشأة دار المعارف ، الإسكندرية ، 1979، ص 152
- أبو زيد رضوان : الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي . دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 1999.
- علاء محي الدين مصطفى : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية . دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2008 .
- Arancha Gonzalez' Règlement des litiges commerciaux: Arbitrage et règlement alternatif des différends - 2ème édition. Genève, 2016 , p 14 .
الاطروحات و الرسائل
- بوديسة كريم ، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية ، أطروحة لنيل شهادة الماجستير في القانون التعاون الدولي ، جامعة مولود معمري ، الجزائز ، 2012.
- كريم محجوبة ، التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية ،رسالة الماستر ، جامعة مولاي الطاهر ، كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق ، الجزائر ، 2014/2015.
- رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، جامعة النجاح الوطنية كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2009.
- لعربي العتوت ،حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي،رسالة ماستر قانون المقاولة التجارية، 2008/2009،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سطات.
- عصام عبد الفتاح مطر: 'التحكيم الالكتروني، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2009 ، الطبعة الأولى.
- سمير حامد عبد العزيز جمال، التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة (دراسـة مقارنـة)، ط/2 ،دار النهضة العربية، الإسكندرية.
- عبد العزز محمد الزعابي: القانون الواجب التطبیق على عقود التجارة الالكترونية'، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر ،جامعة دمشق ، 2013 .
- ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية ، بحث لنيل شهادة اإلجازة في القانون الخاص ، الكلية المتعددة التخصصات آسفي ، 2015.
المواقع الاكترونية
- سهام الصديق ،الاطار القانوني للتحكيم الالكتروني ، مقال الكتروني ،مجلة القانون و الأعمال ،صادر في3/11/2015 http://www.droitetentreprise.com/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%83%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A/:14:28
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - أحمد باشي ، واقع وافاق التجارة الالكترونية ، مجلة المدرسة الوطنية للإدارة ، المجلد 13 ، العدد 02 ، 2003 ، ص65 .
[2] -صدر هذا القانون في 12/06/1996 عن لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي ، وتم اقراره بناء على التوصية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 51-662 في 16/12/1996 ، ويتكون من 17 مادة قابلة للزيادة في المستقبل .
[3] - بوديسة كريم ، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية ، أطروحة لنيل شهادة الماجستير في القانون التعاون الدولي ، جامعة مولود معمري ، الجزائز ، 2012،ص 2 .
[4] - كريم محجوبة ، التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية ،رسالة الماستر ، جامعة مولاي الطاهر ، كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق ، الجزائر ، 2014/2015 ، ص 3 .
[5] -سهام الصديق ،الاطار القانوني للتحكيم الالكتروني ، مقال الكتروني ،مجلة القانون و الأعمال ،صادر في 3/11/2015 http://www.droitetentreprise.com/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%83%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A/:14:28
[6] - كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، جامعة د/ مولاي الطاهر – سعيدة- كلية الحقوق والعلوم السياسية ، 2014 2015، ص9.
[7]- Arancha Gonzalez' Règlement des litiges commerciaux: Arbitrage et règlement alternatif des différends - 2ème édition. Genève, 2016 , p 14 .
[8] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، جامعة النجاح الوطنية كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2009 ، ص12.
[9] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، مرجع سابق، ص14.
[10] عصام عبد الفتاح مطر: 'التحكيم الالكتروني، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2009 ، الطبعة الأولى ،ص43.
[11] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، مرجع سابق، ص18.
[12] بوديسة كريم:'التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، جامعة مولود معمري، الجزائر ،2012 ،ص17.
[13] بوديسة كريم:'التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية، مرجع سابق ،ص14.
[14] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، مرجع سابق، ص17.
[15] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر، جامعة النجاح الوطنية كلية الدراسات العليا، فلسطين، 2009 ، ص26.
[16] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص14.
[17] عصام عبد الفتاح مطر: 'التحكيم الالكتروني، مرجع سابق ،ص53.
[18] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص14.
[19] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مرجع سابق، ص22.
[20] بوديسة كريم:'التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية، مرجع سابق ،ص22.
[21] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص16.
[22] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مرجع سابق، ص22.
[23] عصام عبد الفتاح مطر: 'التحكيم الالكتروني، مرجع سابق ،ص54.
[24] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص18.
[25] بوديسة كريم:'التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الالكترونية، مرجع سابق ،ص25.
[26] هي عبارة عن فجوة بين من لديهم الإمكانيات لاستخدام الحاسوب ومن هم اقل حظا من هذه الناحية.
[27] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص20.
[28] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مرجع سابق، ص24.
[29] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مرجع سابق، ص26.
[30] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص30.
[31] عبد العزز محمد الزعابي: القانون الواجب التطبیق على عقود التجارة الالكترونية'، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماستر ،جامعة دمشق ، 2013 ص2.
[32] سمير حامد عبد العزيز جمال، التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة (دراسـة مقارنـة)، ط/2 ،دار النهضة العربية، الإسكندرية، 2007 ،ص64
[33] داود مسعود، دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات التجارة الدولية، مذكـرة مكملـة لنيـل شهـادة الماستر الاكاديمي،جـامـعة قـاصـدي مـربـاح –ور ڤلة-، 2017، ص44
[34] ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية ، بحث لنيل شهادة اإلجازة في القانون الخاص ، الكلية المتعددة التخصصات آسفي ، 2015-2016 ،ص17.
[35] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص32.
[36] ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية ، مرجع سابق ،ص18.
[37] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص34.
[38] داود مسعود، دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات التجارة الدولية، مرجع سابق، ص46
[39] ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية ، مرجع سابق ،ص18.
[40] ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية ، مرجع سابق ،ص19.
[41] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص34.
[42] كريم محجوبة:'التحكيم الالكتروني و دوره في حل منازعات عقود التجارة الدولية، مرجع سابق، ص33.
[43] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص44.
[44] داود مسعود، دور التحكيم الالكتروني في تسوية منازعات التجارة الدولية، مرجع سابق، ص49
[45] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص45.
[46] رجاء نظام حافظ بني شمسه: الإطار القانوني للتحكيم الالكتروني'، مرجع سابق ، ص46.
[47] - بومكوسي معمرو ، نظام التحكيم الاكتروني ودوره في تسوية النزاعات المرتبطة بالاستثمار،مقال منشور بمجلة التحكيم و القضاء،العدد 1 ،مطبعة الامنية،الرباط، ص 82
[48] - بومكوسي معمرو ، نظام التحكيم الاكتروني ودوره في تسوية النزاعات المرتبطة بالاستثمار، ص 83
[49] - العربي العتوت ،حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي،رسالة ماستر قانون المقاولة التجارية، 2008/2009،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سطات،ص ،ص 74.
[50] - ابراهيم مرسلي، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية المنازعات الالكترونية مرجع سابق، ص 126.
[51] - خالد ممدوح إبراهيم، التحكيم الإلكتروني في عقود التجارة الدولية، ط 01، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية , 2008، ص 246 - 248 .
[52] - محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن, ص 39 و ما بعدها.
[53] - عصام عبد الفتاح مطر : التحكيم الالكتروني . دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2009 ، ص 41
[54] - حسام الدين فتحي ناصف : التحكيم الالكتروني في منازعات التجارة الدولية . دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005 ص 15، 16 .
[55] - احمد أبو الوفا : التحكيم الاختياري والإجباري . منشأة دار المعارف ، الإسكندرية ، 1979، ص 152
[56] - جورجي شفيق ساري : التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية . دار النهضة العربية القاهرة ، 1999 ، ص 36 .
[57] - جورجي شفيق ساري : التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود الإدارية .مرجع سابق ص 103.
[58] - محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن, ص 54.
[59] - أبو زيد رضوان : الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي . دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 1999، ص 26
[60] - علاء محي الدين مصطفى : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية . دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2008 ص 25 .
[61] - محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن, ص 92.
[62] - محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن, ص 96.
[63] - علاء محي الدين مصطفى : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية . مرجع سابق ، ص 85.
[64] - محمد إبراهيم أبو الهيجاء, التحكيم بواسطة الانترنت, ط 01، 2002,الدار العلمية للنشر و التوزيع , دار الثقافة للنشر و التوزيع, عمان- الأردن, ص 66.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك