القائمة الرئيسية

الصفحات

منهج قواعد التطبيق الفوري

منهج قواعد التطبيق الفوري

منهج قواعد التطبيق الفوري
منهج قواعد التطبيق الفوري


المقدمة
يعتبر القانون ضرورة تحتمها ظروف الجماعة والحیاة الهادئة للمجتمع، لما یضمنه من تنظیم لسلوك الأفراد وعلاقاتهم، عن طریق قواعده التي تبین ما لكل منهم من حق وما علیه من واجب، وتمنع أي تداخل بین المصالح، وتجنب الفوضى بینهم.
وإن للتعدد المعاملات بین الأشخاص وتنوعها في شتى المیادین، وهو ما یؤدي إلى اختلاف مصالحهم وتضاربها، ومن ثم تخاصمهم وتنازعهم، لذا فقد تصدى القانون لحفظ الحقوق بوضع ما یكفل ذلك من قواعد تنظم النزاعات وتفصل فیها، فنجد منها ما تتكفل ببیان الإجراءات والطرق الواجب إتباعها للمطالبة بالحق وحمایته ورد الاعتداء علیه، ومنها ما یتضمن أحكاما موضوعیة تبین العلاقات القانونیة في نشوئها وآثارها وانقضائها.
ولكي یتحقق هذا الهدف اتصفت القواعد القانونیة بالعمومیة والتجرید و الإلزام، فهي واجبة الاحترام من المخاطبین بها، الذین یفترض علمهم بوجودها، كما تراعي التشریعات التلاؤم بین العلاقة القانونیة وما تحكمها من قواعد للتوفیق بین المصالح المتعارضة وتحقیق العدل.
وقد وضع القانون لأجل حكم وتنظیم العلاقات القائمة في المجتمع والغالب في هذه العلاقات أن تكون داخلیة في جمیع عناصرها، أطرافها و محلها و سببها،غیر أن تطور وسائل الاتصال والانتقال عبر الحدود وانفتاح الدول على بعضها البعض،ومع ضرورة إشباع الحاجات الاقتصادیة والاجتماعیة التي تعجز عن تحقیقها الموارد والإمكانات الذاتیة للدولة، زاد في تنامي وتنوع العلاقات ذات البعد الدولي بین الأشخاص،وهي تلك العلاقات ذات الصلة بأشخاص أو إقلیم دولة أخرى أو أكثر، وبذلك یكون أحد عناصرها أجنبیا، وهي بذلك تقتضي وجود تزاحم أو تنازع في حكمها بین القانون الوطني وقانون أجنبي أو أكثر على حسب ارتباط العناصر بالدول الأجنبیة.[1]
وهذا الأمر الذي دعا مختلف الدول بأن تتقبل إمكانیة تطبیق قانون غیر القانون الوطني، بأن تتبنى المنهج ألتنازعي الذي یفرض أن تحل مشكلة تنازع القوانین عن طریق تحلیل العلاقة أو الرابطة القانونیة محل النزاع، وتركیزها في مكان أو إقلیم الدولة التي تمت فیها أو ارتبطت بها أكثر من غیرها، ثم إسنادها إلى قانون تلك الدولة باعتباره الأكثر صلاحیة وملائمة لحكمها، والأكثر إیفاء لمقتضیات العدالة وهذا الإسناد إنما یتم بوسیلة أساسیة هي قواعد الإسناد وهذه القواعد هي التي تساعد القاضي على الفصل في العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي, وأول ما ظهرت في المدرسة الإيطالية في العصور الوسطى.
ورغم وجود منهج التنازع إلا انه هناك حالات لا يرجع فيها القاضي إلى قواعد الإسناد أصلا, وهذه الحالات هي : منهج القواعد المادية, التي يكون مصدرها إما تشريعي كقانون الاستثمار أو اتفاقي كالمعاهدات, بحيث يطبق القاضي بنود الاتفاقية مباشرة دون اللجوء إلى قواعد الإسناد, أو إعمال مبدأ سلطان الإرادة خاصة في مجال عقود التجارة الدولية أومأ يسمى بالعقود النموذجية, فيتم إعمال بنود العقد بناء على إنفاق الطرفين, إضافة إلى القواعد ذات التطبيق الفوري, أو ما درج بعض الفقه على تسميتها بقواعد البوليس والأمن أو التطبيق الفوري التي التي تتميز بخصوصية قانونية في حماية المجتمع [2] لا تسمح طبيعتها الخاصة بقبول الاشتراك القانوني بين الدول المختلفة، ففي وجود تلك القوانين يلتزم القاضي تطبيق قانونه الوطني فقط،وان كانت قاعدة الإسناد تقضي بتطبيق قانون أجنبي، ومن هنا تبرز أهمية قواعد ذات  التطبيق الفوري في إلزام القاضي عندما يعرض عليه نزاع دولي خاص بتطبيقها مباشرة دون استشارة قواعد الإسناد أو الرجوع إليها، مما يدفعنا إلى طرح الإشكالية التالية :
إلى أي حد استطاع منهج قواعد التطبيق الفوري فرض خصوصيته في حل النزاعات الدولية ذات الطبيعة الخاصة بطريقة مباشرة أمام المكانة التي يحتلها منهج قاعدة الإسناد التقليدي في حل هده النزاعات ؟
وتتفرع عن هده الإشكالية عدة الاسئلة:
فهل لهذه القواعد خصوصية قانونية لحماية المجتمع، يكون معها القاضي ملزما بتطبيقها حسب ما ينص عليه قانونه المحلي؟، أم أنها تشترك مع قواعد الإسناد التي تحدد القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض؟ إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تطبيق قواعد التطبيق الفوري؟
للإجابة على هذه الأسئلة صوف نعتمد المنهج التحليلي في إطار دراسة تحديد مفهوم و خصوصيات القواعد ذات التطبيق الفوري في( المبحث الأولى)، و كذا موقف القانون المغربي و القانون المقارن من القواعد ذات التطبيق الفوري في( مبحث الثاني).

المبحث الأول: تحديد طبيعة وخصوصية القواعد ذات التطبيق الفوري


من بين الانتقادات التي وجهت لمنهج التنازع أن قاعدة الإسناد قد تؤدي إلى تطبيق القانون الأجنبي على حالات يكون فيها تطبيق قانون القاضي هو الأجدر، وبالتالي من أجل تجنب هذه المشكلة يتعين تطبيق قانون القاضي على هذه الحالات بصفة مباشرة عن طريق اللجوء لقوانين ذات التطبيق الفوري فإذا كانت الفكرة واحدة لدى الفقه إلاّ أن الاختلاف انصب حول التسمية والتعريف ، والمعايير التي تحددها المطلب الأول، وإيضاح خصوصية  هذه  القواعد المطلب الثاني .

المطلب الأول :طبيعة قواعد ذات التطبيق الفوري.

للوقوف على مفهوم ودلالة منهج قواعد ذات التطبيق الفوري صوف نعمل على مناقشته من خلال مضمون قواعد ذات التطبيق الفوري فقرة الأولى،ثم طبيعة هذه القواعد في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: مضمون القواعد ذات التطبيق الفوري:

إن نمو دور الدولة في العصر الحديث ودأبها على حماية المجتمع بصورة عامة،وليس حماية الفرد كما كان سائداً في العصور السابقة، حيث كان دور الدولة يقتصر على وضع القوانين لحماية الأفراد في مواجهة الدولة كجهاز سياسي. فهذا الدور الذي أصبح للدولة جعلها تصدر القوانين لحماية المجتمع بأسره، وقد بدأ تدخلها يتجلى في المجال الاقتصادي، فأصدرت القوانين التي تحقق تلك الحماية ومن بينها توجيه الاقتصاد، كحماية الائتمان والرقابة على النقد والصرف، وعمليات البنوك بصورة عامة، وأسعار الفائدة،والعمليات الجمركية، والقوانين الخاصة بحماية المستهلك، وحماية الأيدي العاملة، إلى جانب قيام الدولة بأنشطة كانت من صميم نشاط الأفراد،فقد ظهرت المشروعات العامة،وشركات الاقتصاد المختلط[3].



ولما كان القانون ظاهرة اجتماعية، وهو كائن حي يتطور بتطور المجتمع، وتنعكس عليه جوانب الحياة في المجتمع ليتطور معها، ولابد من تطويع القانون حتى يوافق التدخل الاقتصادي للدولة، ولعل هذا ما أظهر للوجود فكرة العقد الموجه، وعقد الخطة، والعقد المفروض، التي تستطيع أن تلائم ما تفرضه الدولة من الحماية القانونية للنشاط الاقتصادي للمجتمع، بخلاف ما كان مقرراً في نظام العقد الحر الذي يقوم على الإرادة المطلقة للأفراد.
وقد ظهر منهج قواعد التطبيق الفوري في عهد الفقيه الألماني "سافينيي " الذي قال"للفصل في رابطة قانونية ما، على صلة بدولة مستقلة يتعين على القاضي أن يطبق القانون المحلي الذي تنتمي إليه الرابطة القانونية محل النزاع دون أن يفرق بين ما إذا كان هذا القانون هو قانون دولته أم قانون دولة أجنبية" وجاء في المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي لسنة 1804:"قوانين البوليس والأمن ملزمة لكل من يقطن الإقليم الفرنسي"،غير أن مصطلح"قوانين البوليس" لقي معارضة من لدن جانب كبير من الفقه،حيث فضل الفقيه "فرنسيسكاكيس"مصطلح"القواعد الفورية التطبيق"عوض مصطلح قواعد البوليس والأمن،وقد عمل المشرع الفرنسي عند وضعه القانون النابليوني لعام1804،أن ينص صراحة في الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه’على أن قواعد الأمن والبوليس ملزمة لكل من يقطن الإقليم الفرنسي.2
في سياق توسع وازدياد السياسة التدخلية للدولة ظهر منهج قواعد التطبيق الفوري،حيث أصبحت الدولة تصدر قوانين توجيهية بصيغة آمرة في عدة مجالات بما فيها القانون الدولي الخاص[4]،وتعرف قواعد التطبيق الفوري على أنها تلك القواعد التي تصير واجبة التطبيق على جل الروابط القانونية التي تدخل في مجال نفاذها أيا كانت طبيعتها،سواء دولية أو وطنية،حيث تهدف هذه القواعد إلى حماية النظام القانوني والمجتمعي لدولة القاضي،و حيث أن ذلك يقتضي تطبيق هذه القواعد بشكل فوري مباشر دون أن يلزم القاضي نفسه بالبحث عن طبيعة المسألة،كما هو معمول به بالنسبة لقواعد الإسناد لقانون القاضي المختص بالحكم في النزاع،ودون المرور بقاعدة الإسناد الخاصة.
وعرفته كذلك "الأستاذة جميلة أوحيدة " قواعد التطبيق الفوري تسند الاختصاص مباشرة لقانون القاضي لحمك النزاع دون المرور بقاعدة الإسناد،إذ تمنع البداية قيام أي تنازع بين القوانين بصدد المسألة محل النزاع وتستبعد كل إمكانية لتطبيق القانون الأجنبي على المسألة المطروحة قبل أثارة أي نزاع بشأنها أمام القاضي[5].
تواجه القوانين ذات التطبيق الفوري مشكلة تحديد طبيعتها الخاصة في المقام الأول،حيث تقضي هذه القواعد بإيجاد حل مباشر وفوري للتنازع،ولذلك سميت بقواعد التطبيق الفوري،وتندرج ضمن هذه القواعد ما يعرف بقواعد الأمن والبوليس ،كما يطلق عليها أيضا قواعد القانون الدولي الخاص المادي،وتتميز بخصوصية قدرتها على إيجاد حل فوري ومباشر،كما أنها منفردة الجانب،أي أنها تحدد اختصاص قانون دولة معينة بصورة مباشرة.
لقد سمى الفقيه" فرانسيسكاسيس" هذه القواعد بالقواعد ذات التطبيق الحالي أو ذات التطبيق الإلزامي،ومن المفضل تسميتها بالقواعد ذات التطبيق الإلزامي[6].

الفقرة الثانية :طبيعة القواعد ذات التطبيق الضروري:

إذا وجد القاضي نفسه أمام قاعدة اقتصادية أو اجتماعية توجيهية،فإنه يكون ملزما بتطبيقها على كافة المنازعات التي تدخل في نطاق نفوذها،كيفما كانت هذه المنازعات،سواء كانت وطنية أو دولية،وقد أثير خلاف حاد بين مختلف الفقهاء حول الطبيعة القانونية للقواعد ذات التطبيق الفوري،التي انقسم الفقه حول تحديد طبيعتها إلى ثلاثة اتجاهات أساسية:

1.الاتجاه الأول أو التقليدي:

ذهب هذا الاتجاه الذي كان الفقيه"بوييه"أحد رواده،وذلك قبل ظهور المذهب الاشتراكي الحديث،إلى تسمية كل القواعد المتعلقة بحماية المجتمع،أو قواعد حماية الصالح العام،بقواعد"الأمن والبوليس"[7].
فإذا وجدت قاعدة من قواعد التوجيه الاقتصادي أو الاجتماعي المذكورة آنفا فعلى القاضي أن يطبقها على كافة المنازعات سواء أكانت هذه المنازعات وطنية أم ذات طابع دولي، فإذا وجدت قواعد أو قوانين البوليس والأمن فإنها تطبق داخل حدود الدولة، على كل شخص وعلى كل شيء، كما يكون على القاضي أن يطبقها على كل المنازعات الوطنية والدولية، ولا يلتفت إلى قواعد الإسناد، وإن نصت على تطبيق قانون أجنبي. إلا إن الجمع بين قوانين البوليس والأمن يثير نوعا من الخلط، يرى الفقه الحديث إيضاحه للتفرقة بين كلا القانونين، فقوانين الأمن من خصائصها الإقليمية، حيث إنها تشمل قواعد القانون الجنائي والإداري، وقواعد القانون العام الأخرى التي لا ينشأ بشأنها تنازع بين القوانين مطلقا. أما قوانين البوليس، فهي تلك القوانين التي تتصل بالقانون الخاص، وتحمي المصلحة العليا للدولة مثل قوانين الائتمان الاقتصادي، وبعض القوانين الاجتماعية كقانون العمل والأحوال الشخصية6 . والفقه الحديث لم ترق له هذه التسمية وتحديد الطبيعة القانونية لهذه القواعد، فهي تنم على تطبيق مبدأ إقليمية القوانين، وبذلك لا يتم تطبيقها خارج إقليم الدولة[8].

2.    الاتجاه الثاني أو الحديث / القواعد فورية التطبيق:

استعاض الفقه الحديث عن قواعد " البوليس والأمن" بمصطلح جديد هو " القواعد فورية التطبيق" وظهر هذا الاصطلاح في فرنسا على يد الفقيه اليوناني الأصل (فوسيون فسيسكاكيس) فهو يرى هو ومن معه أن هذا الاصطلاح يحقق الكثير من المزايا التي لا يحققها مصطلح "قواعد البوليس والأمن" ومن هذه المزايا:

1   إن هذا المصطلح يكون أساسا منطقيا لاختصاص قانون القاضي، بدلاً من أفكار أخرى غير واضحة مثل الإقليمية وقوانين النظام العام، فالقوانين التي تحمي النظام الاقتصادي والاجتماعي للدولة، لها نطاق مكاني محدد تطبق فيه بشكل أوسع من الذي تعمل فيه قاعدة الإسناد التقليدية، وهو هدف كل مشرع وضعي يسعى لتحقيق حماية الأسس الاقتصادية والاجتماعية لبلده[9].

2 إن هذا الاصطلاح يعمل على تطبيق القواعد القانونية اللازمة لحماية الأسس الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وبصورة مباشرة دون الاستعانة بقاعدة الإسناد العادية

3 إن مصطلح قواعد البوليس والأمن فيه اختلاف وخلط كما سبق الإشارة، حيث إن منها ما يشمل قواعد الأمن، ومنها ما يشمل القواعد الإقليمية، وهو ما لا يغطي القواعد فورية التطبيق التي تهدف إلى حماية المجتمع.

3.    الاتجاه الثالث،أو الاتجاه الفقهي القضائي /قواعد النظام العام  الوقائي والتوجيهي[10]

يذهب جانب من الفقه إلى تسمية ( قواعد البوليس والأمن ) بقوانين النظام العام ومن هؤلاء الفقيه الإيطالي "مانشيني" والفقيه "سافيني" والفقيه "جيسيب سبيرد بوتي" وذلك للأسباب الآتية:

 –1  بيان مدى ضرورة تطبيق تلك القوانين من قبل القاضي المحلي دون اللجوء إلى قاعدة الإسناد.

–2   تمييزها عن مبادئ النظام العام، التي يتم الدفع بها أمام المحكمة، أو التي يدفع بها القاضي من تلقاء نفسه عندما يرى أنها تثير غضب الرأي العام.
3- إن قوانين النظام العام أوسع مجالا في التطبيق؛ لأنها لا تنتمي إلى القانون الدولي الخاص فقط، وبذلك تكون مرتبتها أعلى من قواعد البوليس، فتكون واجبة التطبيق بمجرد ما يكون القاضي مختصا بالمسائل التي تنظمها، بخلاف قوانين البوليس التي يقتصر مجال تطبيقها على العلاقات ذات العنصر الأجنبي[11] .
من خلال استعراض الاتجاهات السابقة، يتضح أن اصطلاح " قواعد أو قوانين البوليس والأمن " لا يعطي مفهوماً محدداً بل يشمل القواعد الإقليمية، أي القواعد أو القوانين الداخلية للدولة، وكذلك القوانين التي تتصل بالمصلحة العامة للدولة، كما أن قواعد النظام العام تختلط بقواعد البوليس والأمن، فقواعد النظام العام أعلى من قواعد البوليس فهي واجبة التطبيق من قبل القاضي حال ما يكون مختصً بالمسائل التي تنظمها. لكي نخرج من كل الثغرات التي واجهت المصطلحات السابقة نسير مع الفقه الذي يفضل استعمال مصطلح " القواعد ذات التطبيق الضروري" على تلك القواعد التي تنظم التدخل الاقتصادي والاجتماعي للدولة، التي يعتبر القصد من صياغتها حماية الأسس الاقتصادية والاجتماعية التي يقوم عليها مجتمع دولة القاضي[12]، وبالتالي يكون للقاضي تطبيقها في العلاقات الدولية دون الرجوع إلى قواعد الإسناد التقليدية حتى يتحقق هدف المشرع من صياغتها، فلو أن القاضي رجع إلى قواعد الإسناد التقليدية بخصوص هذه القواعد، فقد تشير عليه قاعدة الإسناد بتطبيق قانون أجنبي، وبتطبيقه قد لا تتحقق الحماية التي أرادها المشرع، ومن ثم ليس أمام القاضي إلا تطبيق تلك القواعد ذات التطبيق الضروري، وقد عرفها بعض الفقه بأنها" القواعد التي تلازم تدخل الدولة، التي ترمي إلى تحقيق وحماية المصالح الحيوية والضرورية، الاقتصادية والاجتماعية، والتي يترتب على عدم احترامها إهدار ما تفرضه السياسة التشريعية، وتكون واجبة التطبيق على كافة الروابط التي تدخل في مجال سريانها أيا كانت طبيعتها وطنية أم ذات طابع دولي ولكن ما هو المعيار أو المجال الذي يستطيع فيه القاضي تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري؟ وهذا ما نبحثه في المطلب الثاني.هذه القواعد أجنبية عن القاضي المذكور أعلاه،فيجب إعمال مبدأ" المساواة التامة بين القوانين الأجنبية"،إلا في حالة استحالة التوفيق فيما بينها فيجب تقديم الأصلح لحكم الرابطة القانونية،والتضحية بباقي القواعد[13].

المطلب الثاني: معيار ومجال القواعد ذات التطبيق الفوري:[14]
الفقرة الأولى :مجال تطبيق القواعد ذات التطبيق الفوري

لتحديد مجال تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري لابد من التمييز بين حالة إفصاح المشرع عن رغبته في تحديد مجال التطبيق وفي حالة عدم الإفصاح عن رغبته في تحديد هذا المجال. إذا أفصح المشرع الوطني صراحة عن رغبته في تحديد المجال الذي تطبق فيه تلك القواعد، حالة صدور قانون يشتمل على قواعد حماية المجتمع، إي القواعد ضرورية التطبيق، كأن يحدد النطاق المكاني مثل الإقامة أو الموطن، أو محل تنفيذ العمل، أو محل إصدار السند، أو جنسية الشركة التي أصدرت ذلك السند، بحيث يثبت الاختصاص لقانون القاضي، وبدرجة غير مألوفة، وعلى نحو لا يتحقق عن طريق قاعدة الإسناد العادية
·       حالة إفصاح المشرع عن رغبته في تحديد مجال التطبيق:
إذا أفصح المشرع عن ذلك فلا توجد صعوبة في الأمر، وهو عينه ما ينطبق بخصوص القواعد الآمرة ضرورية التطبيق، مثل ما هو الحال في تحديد نطاق التشريعات الضريبية، وتشريعات العمل، والتأمينات الاجتماعية، والتشريعات التي تمنع الاحتكار، والقواعد المتعلقة بعدم إفشاء الأسرار في العمليات المصرفية، والتشريعات الخاصة بحماية القصر وغير كامل الأهلية.
·       عدم إفصاح المشرع عن رغبته في تحديد مجال التطبيق::
أما إذا لم يفصح المشرع عن أن القانون الذي يصدره هو من القوانين ضرورية التطبيق هنا انقسم الفقه إلى جانبين:
-الجانب الأول[15]: يرى أن القوانين ذات التطبيق الضروري ترتب نتائج استثنائية خطيرة، حيث إنها تستبعد الوسيلة الأصلية (قاعدة الإسناد) لفض النزاع الدولي للقوانين، وتستوجب تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري على تلك النزاعات الدولية، وذلك بقصد حماية المجتمع ومصالحه العامة، وبالتالي لا يجب أن يترك الأمر للقاضي حسب سلطته التقديرية، فيقدر أن هذا القانون من القوانين ذات التطبيق الضروري، إذا كانت إرادة المشرع غير صريحة في اعتبار القانون من القوانين ذات التطبيق الضروري، وهذا تطبيق للقاعدة العامة المعروفة التي تقول:" إن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه".
الجانب الثاني:[16] والذي يمثله الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة، حيث يقول: " إن القاضي كالمشرع فلابد أن يعمل كل في نطاق وظيفته على تحقيق وحماية الأسس الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع في دولته، ولا شك أن للقاضي سلطة تفسير النص القانوني الغامض، مستعينا بوسائل التفسير المتعارف عليها في قانونه، وبالتالي إذا ساوره شك حول طبيعة النص القانوني الواجب التطبيق كان عليه أن يحدد وحسب المبادئ العامة لقانونه، كي يصل إلى النطاق السليم في تطبيقه12، ولا تخرج القواعد ذات التطبيق الضروري عن تلك القاعدة،إذا لم تكن إرادة المشرع صريحة في هذا الشأن" .

الفقرة الثانية :معايير تحديد قواعد ذات التطبيق الفوري في قانون القاضي.

اختلف الفقه حول المعايير التي يمكن الاستعانة ا لتحديد مفهوم قوانين البوليس، فلا صعوبة في الأمر إذا كان المشرع قد أفصح عن إرادته صراحة في أن القانون الذي يضعه من القوانين ذات التطبيق الضروري، ويكون ذلك عن طريق بيانه للنطاق المكاني لسريانه 5، لكن في بعض الحالات قد يصعب تحديد قوانين البوليس، لهذا تمّ اقتراح عدّة معايير. فالاتفاق على قبول وجود قوانين البوليس يتوقف على إعطاء معيار قابل لتحديد مفهومها،وتختلف المعايير المقترحة، لهذا ينبغي التمييز بين المعايير؛ الشكلي (البند الأوّل)، العضوي (البند. الثاني) والتقني(البند الثالث) والغائي (البند الرابع)

البند الأوّل :المعيار الشكلي [17]:

يتخذ المعيار الشكلي صورتين، الأولى أن يكون القانون قانون بوليس عندما يحرص المشرع الذي وضعه على تحديد مجال تطبيقه من حيث المكان، وهو ذا يسجل الطابع الآمر والملّح له والذي يربطه بتطبيق قانون القاضي تحت شكل قاعدة انفرادية، حيث يظهر إرادته في عدم ترك تطبيق قانونه بناءا على قاعدة الإسناد، فعندما يحدد المشرع النطاق المكاني للقوانين الذي يصدرها فإنه يعبر عن الأهمية التي يوليها لتطبيق قانونه الوطني وعن رغبته في عدم تعليق تطبيق قانونه على إعمال قاعدة التنازع ، وهذا يعني التحديد التشريعي الصريح لنطاق تطبيق القواعد القانونية على سبيل المثال  القاعدة الشائعة بين القوانين المقارنة والتي :
-2 تخضع العقارات، حتى تلك المملوكة لأجانب للقانون الفرنسي،
-3 القوانين التي تنظم الحالة والأهلية تحكم الأشخاص الفرنسيين حتى ولو كانوا في الخارج".

البند الثاني: المعيار المادي[18].

ذهب البعض إلى اقتراح معيار مادي أو عضوي يقوم على فكرة تنظيم الدولة للمسألة التي يتعلق ا القانون، حيث يعتبر القانون قانون بوليس إذا كان احترامه ضروريا لحماية التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة ، فمن ميزة قوانين البوليس أن الأجهزة الإدارية والقضائية هي التي تطبقها وهذا ما جعل التعريف الأول (تعريف فرانسيسكاكيس) لها يتصف بالوصف المادي ، كما يربط أنصار القوانين ذات التطبيق الفوري مفهوم تنظيم الدولة بقوانين البوليس، مثل قوانين تنظيم الصرف وتدابير المساعدة التربوية حيث يتطلب تطبيقها تدخل أجهزة دولة القاضي، أو تدخل مرفق عام أو سلطة عامة .
لكن ما يؤخذ على هذا المعيار أنه يوسع نطاق قوانين البوليس ليشمل كل القوانين بما فيها القانونين الإداري والجنائي إلى جانب قواعد القانون الخاص، كما أن فكرة تنظيم الدولة غامضة وغير محددة.

البند الثالث: المعيار التقني.[19]

أما المعيار التقني أو الفني فيقصد به السير العادي للتفكير من أجل فهم ما هو مجهول عن طريق فئات أو تصورات معروفة، وهكذا يتم تقريب قوانين البوليس من القوانين الإقليمية وقوانين النظام العام باعتبارها أفكار عامة ومعروفة في القانون الدولي الخاص.

1- قوانين البوليس والقوانين الإقليمية.[20]

انطلاقا من فكرة أن قوانين البوليس هي قوانين ذات تطبيق إقليمي، ، فقوانين البوليس هي ذات تطبيق إقليمي وتطبيقها لا يكون مضمونا إلاّ من طرف هيئات الدولة التي وضعتها باعتبار أن القانون الإقليمي يطبق من طرف الهيئات المسؤولية عن الإقليم، ويمكن أن يفسر ذلك بضرورة التطبيق الموحد للقانون على الإقليم مثل تطبيق الأحكام الحمائية للمستهلكين على إقليم محل إقامتهم لكن هذا التصور منتقد، لأنه يدعي تفسير مفهوم غامض عن طريق مفهوم لا يقل غموضا عنه، فيمكن تصنيف قانون القاضي، القانون المحلي، قانون الموقع، قانون الموطن على أنها قوانين إقليمية، فالإقليمية مفهوم متنوع ، إضافة إلى أنه ليس صحيحا أن من آثار الإقليمية وضعها خارج تنازع القوانين، كما ليس صحيحا أن كل قانون إقليمي هو قانون بوليس، فإذا كان النظام العيني يقوم على قانون الموقع فهو لا يشكل إلاّ فئة إسناد تقليدية.
وإذا كان قانون البوليس قانونا إقليميا فهذا يعني أنه ينتمي للقانون العام، وفي المقابل لا يسمح بتطبيق قوانين البوليس الأجنبية مادام أ ا قوانين عامة ذات تطبيق إقليمي، لكن الاعتراض على تطبيقها ليس له محل حاليا، بالإضافة إلى أن مفهوم قوانين البوليس والقانون العام ليسا متماثلين، إذ يجب التمييز بينهما بسبب أنه لا يوجد تنازع بين قوانين القانون العام للدول المختلفة، فلا يمكن لأي دولة أن تتدخل في سيادة دولة أخرى، مثلا التشريع الجمركي لدولة ما ينظم دخول البضائع لإقليمها فإن قانون هو الواجب التطبيق على مسألة ترخيص الاستيراد وليس هناك محل لإثارة مسألة اختصاص قانون دولة أخرى باعتباره قانون العقد، وهذا ما يمنح لقواعد القانون العام طابع قوانين البوليس، لكن مادام أن القاضي يمكنه تطبيق قوانين البوليس الأجنبية فهذا ما ينفي الخلط بين قواعد القانون العام وقوانين البوليس.ويرى أنصار قوانين البوليس إمكانية امتداد تطبيقها في بعض الحالات خاصة في مسائل الزواج والانفصال والطلاق.

2- قوانين البوليس وقوانين النظام العام.

محاولة أخرى ذات مصدر قضائي ترتكز على تشبيه قوانين البوليس بقوانين النظام العام فنظرا لغموضها تستعمل عبارة" قوانين النظام العام" من طرف القضاء في معان مختلفة، عندما يكون القانون من النظام العام فإن تطبيق قانون القاضي يفرض نفسه حتى ولو أشارت قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون أجنبي ، وهذا انطلاقا من أن قوانين البوليس عبارة عن قواعد آمرة، فتمّ تكييفها على أ ن "قواعد النظام العام"، فالصفة الآمرة لقانون القاضي تؤدي إلى تطبيقه بصفة انفرادية، حيث يتعلق الأمر بنظام عام ايجابي.
وتقترب قوانين البوليس من الدفع بالنظام العام من حيث الآثار المتمثلة في استبعاد قاعدة الإسناد وعدم تطبيق القانون الأجنبي، وهذا سبب تسمية قوانين النظام العام التي أطلقها القضاء  على قوانين البوليس، حيث يستخدمها في كل مرة عندما تظهر له أحكام قانون القاضي أكثر أهمية، فتحول الإجراء إلى دفاع ضد القوانين الأجنبية، يجعله يلعب دورا مماثلا للدفع بالنظام العام لكنه يختلف عنه في أنه يعمل به قبل استشارة القانون الأجنبي ، ومن مجموع الأحكام الداخلية الآمرة باعتبارها قواعد النظام العام، بعض النظريات جعلت من النظام العام" فئة إسناد".
مثل فئة الأحوال الشخصية أو العينية، وتخضع بالتالي لقانون القاضي لكن هذه المحاولة تعتبر خطرة، لأنها تقود إلى غلو (تطور مفرط حتمي لقانون البوليس وتحجب مفهوم النظام العام عن طريق إعطائه معنى جديد، فمفهوم النظام العام في القانون الداخلي لا يحدد قوانين البوليس، مثلا إن أغلب القواعد في مادة الطلاق والنسب تعتبر قواعد من النظام العام في القانون الداخلي لكنها لا تعتبر قوانين بوليس في القانون الدولي الخاص، أما بالنسبة لمفهوم النظام العام في القانون الدولي الخاص فهو بعيد عن قوانين البوليس، وهو مقدم تحت شكل الدفع بالنظام العام أي كاستثناء، وكمصحح للقواعد العادية للإسناد من أجل استبعاد القانون الأجنبي المطبق،فتدخله إذن يفرض تعيين مسبق للقانون الأجنبي من طرف قاعدة الإسناد، أما قوانين البوليس، فعلى العكس، لم يتم تعيين القانون الأجنبي[21].

 البند الرابع: المعيار الغائي.[22]

تمّ التعبير عن المعيار الغائي من خلال الصياغة المقترحة للفقيه "فرانسيسكاكيس"، حيث يتعلق الأمر بضرورة المحافظة على التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة، ويتم الاعتماد عليه من أجل تكييف القواعد القانونية على أن قوانين بوليسي اعتمد الفقه على المعيار الغائي من أجل تحديد مفهوم قوانين البوليس الذي يقوم على الغاية الاجتماعية للقاعدة القانونية، فإذا كانت دف إلى حماية النظام العام ومصلحة الجماعة فهي من القواعد ذات التطبيق الضروري، وتطبق فقط داخل إقليم الدولة ولا تمتد خارجه ويتم الاعتماد على هذا المعيار في حالة سكوت المشرع وغياب التحديد التشريعي لقوانين البوليس، حيث يجب على القاضي أن يتأكد ممّا إذا كانت المصالح المعنية مهمة لدرجة أن تجعل من الضروري تطبيق الأحكام الآمرة في قانون القاضي، فالتطبيق الفوري الذي يجريه القاضي ليس إلاّ نتيجة للطابع الآمر لقوانين البوليس المرتبط بالهدف الذي تسعى إليه[23] .
ويمتد تطبيق القواعد الموضوعية المخصصة للعلاقات الداخلية على العلاقات الدولية لأن تطبيقها يكون ضروريا بالنظر للهدف الذي تريد . فتطبق قاعدة ما باعتبارها من قوانين البوليس إذا تبين أن من الضروري تحقيق أهداف المصلحة العامة التي تسعى إليها على العلاقة المعروضة على القاضي بغض النظر عن القانون الذي عينته قاعدة الإسناد وقد يرتبط الهدف بحماية مصالح الجماعة عن طريق حماية فئة معينة من الأشخاص مثل العمال الأجراء، المستأجرين، المستهلكين، الأطفال القصر المعرضين للخطر، أو من أجل ضمان أمن المعاملات في مواجهة الغير، حيث توجد قوانين تساهم في التنظيم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدولة، لها طابع التطبيق الضروري المستنبط من هدفها، يتعلق الأمر مثلا بقواعد حماية المستهلكين التي تهدف لتحقيق حماية فردية، لكن هذا الهدف لا يجعل تطبيقها على جميع المستهلكين المقيمين على الإقليم أقل ضرورة، بالرغم من أن العقد يخضع وفقا لإرادة أطرافه لقانون أجنبي أقل حماية، فطابع قوانين البوليس المعترف به لهذه الأحكام هو مصحح للطابع الليبرالي والمتحرر لقاعدة الإسناد الازدواجية.

المبحث الثاني :خصوصية منهج القواعد ذات التطبيق الضروري واهم تطبيقاته في القانون المغربي والقانون المقارن.  


تقتضي دراسة هدا المبحث  الوقوف عن خصوصية منهج قواعد ذات التطبيق الفوري في مقارنته مع باقي المناهج المعمول بها في حل النزاعات ذات طابع دولي خاص (المطلب الأول)، ونخلص الحديث عن بعض النصوص التطبيقية له في القانون المغربي والقانون المقارن( المطلب الثاني).

المطلب الأول: خصوصية منهج قواعد ذات التطبيق الفوري.
أولا :مقارنة بين القواعد ذات التطبيق الفوري و قاعدة الإسناد

للفصل في رابطة قانونية يشوبها عنصر أجنبي يتم إعمال قاعدة الإسناد باعتبارها أهم القواعد التي يعتمد عليها لتحديد القانون الواجب التطبيق،إلا أن هذا الأمر ليس مطلقا من كل قيد،حيث توجد قوانين لا تسمح بطبيعتها بتطبيق القانون الأجنبي من بين هذه القواعد،قواعد ذات التطبيق الفوري والتي تتميز عن قواعد الإسناد من خلال مجموعة من الفرو قات:
من حيث التطبيق: أن القواعد ذات التطبيق الضروري، تكون واجبة التطبيق بمجرد أن يتحقق القاضي من وجودها سواء أكانت العلاقة ا النزاع وطنية أم دولية. -أما قاعدة التنازع (الإسناد) التقليدية فلا يمكن تطبيقها إلا إذا تحقق القاضي من أن العلاقة المعروضة عليه هي علاقة دولية.

تحليل العلاقة: إن منهج قاعدة الإسناد يذهب إلى تحليل العلاقة أو المركز القانوني محل النزاع، ثم يسندها إلى قانون دولة معينة باعتباره القانون الأمثل لحل ذلك النزاع، وقد يكون ذلك القانون هو قانون دولة القاضي أو قانون دولة أجنبية. أما منهج القواعد ذات التطبيق الضروري، فهو يقوم على تحقيق الحماية التي أوجبها المشرع للنظام القانوني لمجتمعه، فإذا تأكد القاضي من هذا الهدف، وهو هدف الحماية، طبق تلك القاعدة فورا ودون البحث عن طبيعة المسألة أو العلاقة القانونية، ولا تثريب عليه وإن كانت تلك العلاقة دولية. [24]
اختيار القانون الأنسب: أن مسألة قاعدة التنازع هي مسألة اختيار أنسب القوانين المرشحة لحل النزاع، فما على القاضي إلا أن يأخذ بالقانون الأنسب والأمثل لفض النزاع المثار، وحسب ما أشاربه ضابط الإسناد. أما في القواعد ذات التطبيق الضروري فمسألة الاختيار لا تعرض مطلقا أمام القاضي، فكل ما عرضت له تلك القواعد فلا ينظر إلى القانون الأجنبي، بل عليه أن يطبقها حتى يحقق الحماية التي يهدف إليها. هذا وقد أكدت على ذلك محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 20 فبراير سنة 1964م حيث قضت" أنه على فرض قبول ثبوت الجنسية للمستأنف وابنته القاصر، اعتبار القانون الجزائري هو الواجب التطبيق على الحالة الشخصية للطاعنة، خصوصا على إعطاء ومضمون وممارسة السلطة الأبوية، وفقا لقاعدة الإسناد 375 وما بعدها من القانون المدني واجبة التطبيق لتعلقها بالنظام العام الفرنسي. وذلك بغض النظر عن القانون الشخصي، حيث تهدف هذه القواعد إلى ضمان حماية القاصر الموجود في خطر.[25]
الهدف: اختلاف الهدف لكلا النظامين، فنجد قواعد الإسناد تعمل على الموازنة بين القوانين التي تتنازع علاقة معينة من أجل تحقيق حل مناسب يعمل على تسهيل العلاقات الخاصة الدولية بين الأفراد عبر الحدود، فيزيد من نموها وتعاظمها، وما تحققه من ازدهار. أما القواعد ذات التطبيق الضروري فهي تهدف إلى حماية النظام القانوني الوطني، حسب ما يرسمه المشرع الوطني، ولا تهدف إلى صالح العلاقات الخاصة الدولية.
تحقيق الحماية: قاعدة الإسناد لا تقدم الحل النهائي للنزاع المعروض على القاضي – كما سبق معنا- فهي تمثل دليل إرشاد للقاضي،حتى يهتدي إلى القانون الأمثل لحل النزاع فقط. أما القواعد ذات التطبيق الضروري، فلا تهتم بالعنصر الأجنبي، أو الطبيعة الدولية للنزاع المعروض، بل إنها تتناسى وبصراحة الطبيعة الدولية للمسألة محل النزاع، هدفها في ذلك هو توسيع دائرة اختصاص القانون الوطني ساعية في ذلك إلى تحقيق حماية هامة وهي حماية المجتمع الوطني.
النتيجة: لما كانت قاعدة الإسناد لا تهتم بالنتيجة، أو بالحل النهائي والموضوعي للنزاع، فالقاضي لا يعرف الحل في القانون الأجنبي المسند إليه. وبذلك لابد من بالبحث عن طريقة تكون آمنة عند تطبيق هذا القانون الأجنبي، فكانت هي الدفع بالنظام العام الذي عن طريقه يستبعد القاضي تطبيق القانون الأجنبي، إذا تعارضت أحكامه مع المبادئ والأسس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لدولة القاضي، التي تثير اشمئزاز الرأي العام الوطني.

ثانيا :مقارنة بين القواعد ذات التطبيق الفوري و القواعد الموضوعية[26]

نتيجة لتطور علاقات التجارة الدولية وتأثيرها في العلاقات الدولية ذات الطابع الخاص، ظهرت وسائل فنية جديدة لحل أزمة تنازع القوانين في العلاقات الدولية الخاصة التي فيها عنصر أجنبي ومن هذه الوسائل الفنية الجديدة التي ظهرت لتنظيم العلاقات الخاصة الدولية هي القواعد الموضوعية والقواعد ذات التطبيق الضروري  حيث تختلف الأولى عن الثانية في كون القواعد الموضوعية لا تطبق إلا بشان عقود التجارة الدولية في حين إن قواعد التطبيق الفوري وضعت لحكم العقود و العلاقات الداخلية و لا تهتم بطابعها الدولي.
ومن جهة أخرى فان القواعد الموضوعية الدولية نشأت لتلاءم حاجيات التجارة الدولية و تطبق بصفة مستقلة عن النظم الوطنية عملا بمبدأ الكفاية الذاتية للعقد،و هو الهدف من إقرارها خلافا لقوانين التطبيق الفوري التي تهدف إلى حماية المصلحة الوطني.
لكن تختلف القواعد الموضوعية للتجارة الدولية عن قوانين البوليس لأنه لا تطبق إلاّ بشأن  عقود التجارة الدولية وهي بديل لمنهج الإسناد الذي يسند الاختصاص التشريعي للقانون الداخلي متجاهلا طبيعة العقود الدولية وأهميتها، في حين أن قوانين البوليس وضعت أصلا لحكم العقود والعلاقات الداخلية ولا تم بطابعها الدولي.
ومن جهة أخرى فإن القواعد الموضوعية الدولية نشأت لتلاءم حاجيات التجارة الدولية وتطبق بصفة مستقلة عن النظم الوطنية عملا بمبدأ الكفاية الذاتية للعقد وهو الهدف من إقرارها خلافا لقوانين البوليس التي تهدف إلى حماية المصلحة الوطنية فلقد أثبت منهج القواعد الموضوعية تفوقه نتيجة أزمة منهج الإسناد، الذي تراجع في مجال التجارة الدولية وأصبح العمل به محصورا في نطاق العلاقات الأسرية، خاصة من خلال الاتفاقيات الدولية التي تتضمن تطبيق أحكام موضوعية موحدة، مثلا في مجال عقد البيع الدولي، وكذلك تدخل التحكيم التجاري الدولي لخلق قواعد القانون التجاري الدولي، وهذا ما يساهم في وضع القانون الخاص الدولي  وتجد القواعد الموضوعية مصدرها في التشريع الوطني الداخلي أو في أحكام القضاء.[27]
فقد يأخذ المشرع الوطني بعين الاعتبار المتطلبات الحديثة للتبادل التجاري الدولي وخصوصية المعاملات التجارية الدولية، ويضع قواعد خاصة بهذه العلاقات الدولية تكون واجبة التطبيق إذا ثبت الاختصاص القضائي لمحاكمه أو إذا كان قانون دولته هو الواجب التطبيق وفقا لضابط الإرادة كأن يختاره المتعاقدان، أو عن طريق تركيز العقد، ومن أمثلة هذه القواعد الأحكام المقرّرة في مدوّنة المصطلحات التجارية الأمريكية.[28]
لكن وجود هذه القواعد الوطنية لا يعني أنّ تلغي منهج الإسناد، لأن لن تكون واجبة التطبيق إلاّ إذا اتجهت إرادة المتعاقدين إلى اختيارها كما رسّخ القضاء لبعض الدول خاصة محكمة النقض الفرنسية بعض القواعد الخاصة بمجال التجارة الدولية والتي تعتبر باطلة في مجال المعاملات الداخلية، من بينها قاعدة استقلالية شرط التحكيم وقاعدة جواز التعامل بالذهب بدل الوفاء بالعملة المتداولة.
ولقد انتقد الأخذ بمفهوم قوانين البوليس لأنه يؤدي إلى منح القاضي السلطة التقديرية بحيث يغلب ميوله الشخصية ونزعته الوطنية من خلال تكييف القواعد الموضوعية وإدراجها ضمن القواعد ذات التطبيق المباشر.

المطلب الثاني:القواعد الفورية التطبيق في القانون المغربي والقوانين المقارنة

تطرق المشرع التونسي لقواعد ذات التطبيق الفوري، في الفقرة السادسة من المادة الثانية عشرة من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية،والتي نصت على ما يلي:"تطبق مباشرة ومهما كان القانون المعين من قواعد التنازع،أحكام القانون التونسي التي يكون تطبيقها ضروريا بالنظر إلى الغرض المقصود من وضعها،ويطبق القاضي أحكام القانون الأجنبي غير المعين بقواعد النزاع،إذا كان لهذا القانون روابط وثيقة بالوضعية القانونية،وكان تطبيق الأحكام المذكورة ضروريا بالنظر إلى الغرض المقصود منها".14
تنص المادة السابعة من القانون الدولي الهولندي الخاص، على أن قواعد التطبيق الفوري،هي تلك التي يحقق إتباعها أمنا عاما في شقه السياسي والاجتماعي والاقتصادي،وأن القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين لا يمكن أن يطبق مادام متعارضا مع قواعد التطبيق الفوري لدولة القاضي،كما يمكن لذات القاضي أن يعين قواعد التطبيق الفوري للدولة الأجنبية،في حالة ما ارتبطت هذه الدولة بالنزاع ارتباطا وثيقا،وأكدت المادة ذاتها،على أن تطبيق قواعد التطبيق الفوري يبقى رهينا بطبيعتها،وما ينجم عن تنفيذها من عدمه.
أما بالنسبة للقانون الدولي الخاص التركي،فقد نصت المادة السادسة منه على ما يلي:"في حالة إذا ما كانت قاعدة التنازع تحدد الاختصاص لقانون أجنبي معين،وتعرضت قواعد التطبيق الفوري لهذه الحالة،تطبق القاعدة التركية".15
أما القانون الإسباني ،فقد نص في مادته الثامنة،على أن قواعد الأمن والبوليس تطبق على كل متواجد بالتراب الإسباني.16
أما بخصوص بعض القرارات القضائية الدولية فنذكر منها قرار"ليزاردي"الذي قضى بعدم إبطال الالتزامات الصادرة عن الأجنبي،وذلك بدعوى قصوره في قانون أحواله الشخصية،حيث قام بتوقيع كمبيالات في التراب الفرنسي،ثم طالب بعد ذلك بإبطال توقيعه على أساس أنه كان قاصرا عند التوقيع،حسب قانونه الوطني المكسيكي،والذي يحدد سن الرشد في خمسة وعشرين عاما،في تلك المرحلة،وهو لم يبلغها حينئذ بعد،وارتكز في دفوعاته على المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي التي كانت تعتبر أهلية الفرد خاضعة لقانونه الوطني،غير أن القضاء الفرنسي رفض دعواه بحجة أن مصلحة المواطنين تقتضي التعامل معه على أساس انه كان راشدا حين  توقيعه لتلك الكمبيالات.17
أما بخصوص المشرع المغربي فمن جملة الإشكالات العميقة التي يواجهها الباحث في ما يرتبط بالقانون الدولي الخاص المغربي،عدم وجود مدونة خاصة  بهذا القانون ،إلا أن ذلك لا يمنع التأكيد على وجود نصوص قانونية متفرقة،تشير صراحة أو بصفة ضمنية لقواعد التطبيق الفوري،ومن أهم هذه النصوص،المادة الثالثة من القانون المتعلق بالحالة المدنية التي تنص" على انه يخضع لنضام الحالة المدنية بصفة إلزامية جميع لمغاربة، كما يسري نفس النظام على الأجانب بالنسبة للولادات والوفيات التي تقع فوق التراب المغربي".18
ومن جملة الملاحظات بخصوص القوانين المغربية ذات الطابع الدولي الخاص،تعدد النصوص والمواد المتعلقة بحالة وأهلية المواطنين والأجانب،وما يهم بهذا الخصوص أهلية الأجنبي في المجال التجاري،حيث نصت المادة الخامسة عشرة من مدونة التجارة،على أن الأجنبي يكون كامل الأهلية لممارسة الأعمال التجارية بمجرد إتمامه سن العشرين،ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى مما هو منصوص عليه في التشريع المغربي19،تجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يقم بتعديل هذه المادة لتواكب مقتضيات مدونة الأسرة،وبالضبط المواد20920 ،وكذلك المادة397 من نفس المدونة،والتي تنص على ما يلي:"غير أن الأحكام الواردة في الظهائر الشريفة والمنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل،تعوض بالأحكام الموازية في هذه المدونة".
وبالرجوع إلى مضمون المادة 209 من مدونة الأسرة،الذي لا يقبل أي تأويل،فإن سن أهلية الأجنبي المقيم بالمغرب،هو نفسه سن أهلية المغربي،وعليه فإن تطبيق قواعد الأهلية المنصوص عليها في القانون الأجنبي لم يعد ممكنا إلا في المعاملات المدنية.21
ومن جملة كذلك النصوص القانونية التي تعتبر من قواعد ذات التطبيق الضروري ما ورد في قانون إلا التزامات والعقود المغربي نذكر على سبيل المثال :
الفصل 61 الذي ينص على عدم جواز التعامل أو القيام بأي إجراء في تركة إنسان على قيد الحياة ويعتبر كل تصرف مما سبق باطلا، وكذلك الفصل 62 الذي ينص أن الالتزام المبني على سبب غير مشروع ومخالف للنظام العام و الأخلاق العامة للقانون يعد كأن لم يكون،وكدا الفصول 77 و78  في الباب المتعلق بالالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم التي جاء فيها" كل شرط مخالف لذلك يعد عديم الآثار"، بالإضافة كذلك إلى الفصل108 الذي جاء فيه أن كل شرط يقوم على شيء مستحيلا مخالف للقانون أو الآداب العامة يعد باطلا،وكذا الفصل109الذي جاء فيه كذلك  كل شرط يؤدي إلى المنع أو يحد الإنسان من مباشرة إحدى الرخص الثابتة له أو الحقوق يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام [29].
كذلك بالرجوع إلى بعض مقتضيات قانون 31.08 ، الخاص  بحماية المستهلك  نجد بعض قواعد ذات دلالة على أنها قواعد الواجب تطبيقها مباشرة وفيها حماية للأسس الاقتصادية للبلاد، حيث  تنص المادة 44 على كون أحكام الباب الثاني المنظم للعقود المبرمة عن بعد من النظام العام. نفس الشيء بالنسبة للمادة 52، في الباب الثالث  المتعلق  بالبيع خارج المحلات التجارية، التي تنص  بشكل صريح على أن مقتضيات ذلك الباب من النظام العام.[30]
وفي المادة 65  بشكل  ضمني  تظهر إحالة على النظام العام ، حيث  اعتبرت  أن  الدعوى الناشئة عن العيوب الموجبة للضمان أو عن خلو  المبيع من الصفات  الموعود  بها  ترفع في أجال محددة و لا يسوغ تقصيرها  باتفاق المتعاقدين ، مما  يوضح  اتجاه  المشرع  نحو تقييد إرادة  الأطراف  معا  في  هذه الدعاوى ، و  يدرج شرط الكتابة و حق المستهلك في التراجع و في إعلامه ضمن النظام العام[31].
كما تضمن قانون الشركات المغربي مجموعة من قواعد ذات التطبيق الفوري كالقاعدة التي تقول أن النظام القانوني للشركة يسري عليه الدولة التي اتخذت فيها الشركة مركز إدارتها الرئيسي الفعلي.
تنبغي الإشارة والتذكير،أن قواعد القانون الأجنبي المرتبطة بحالة وأهلية الأجنبي في علاقاته المالية لا تطبق،وذلك إذا سببت ضررا بمصالح متعاقد مغربي حسن النية،وذلك تفضيلا وإعلاء لمبدأ الصالح العام الوطني والمصلحة العامة.22

خاتمة

نخلص في هذا  التقرير أن منهج قواعد ذات  التطبيق الفوري ساهمت في ظهوره سياسة تدخل الدولة عن طريق قوانين التوجيه الاقتصادي والاجتماعي،كقوانين الأسعار والرقابية عن النقد وعمليات البنوك وأسعار الفائدة والعمليات الجمركية والقوانين الخاصة بحماية المستهلك وظهور فكرة النظام العام  الاقتصادي والاجتماعي، مما جعله يأخذ مكانة مهمة في حل النزاعات الدولية الخاصة بطريقة مباشرة دون الرجوع إلى قاعدة الإسناد التي أصبحت عاجزة عن التلاؤم مع قواعد القانون العام التي تعتبر في اغلبها قواعد أمرة، ولهذا تعتبر قوانين البوليس التي تصدر استجابة لأوامر ومقتضيات الاجتماعية واقتصادية منهجا ملائما ومستقلا لتطبيق قواعد القانون العام على العلاقات الدولية الخاصة .
من جهة أخرى تبقى نقطة تحديد طبيعة قواعد ذات التطبيق الفوري مستحيلا، لأنه لا يوجد اختلاف بينها وبين القوانين الأخرى من حيث الطبيعة، حيث يمكن القول أن كل قانون يهدف إلى ضمان المصالح الاقتصادية والاجتماعية بصفة فعلية ،وهدا ليس امتيازا خاصا بقوانين البوليس وإنما يوجد اختلاف في الدرجة مما يجعل التمييز بينها صعبا.
والى هنا نوجه توصيتنا إلى المشرع المغربي بإفراد مدونة خاصة بالقواعد القانونية ذات التطبيق الفوري حتى تكون نقلة نوعية في القانون الدولي الخاص المغربي.

لائحة المراجع
المؤلفات:
·        جميلة أوحيدة آليات "تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي".الطبعة الأولى.مطبعة المعارف الجديدة- الرباط .سنة2007 .
·        أ حمد عبد الكريم ، فكرة تنازع القوانین في الفقه الإسلامي،دار الجامعة الجدیدة، الإسكندریة، طبعة 2004 .
·        عنايات عبد الحميد ثابت، إطراح فكرة الدفع بالنظام العام في نطاق القانون الدولي. الخاص، سنة 1995 م، دار النهضة العربية، القاهرة.
·        إبراهيم أحمد إبراهيم، القانون الدولي الخاص، ومركز الأجانب وتنازع القوانين،. 1991/  1992 م، لا توجد دار نشر.
·        أحمد عبد الكريم سلامة. القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص: دراسة تحليلية تطبيقية. دار النهضة العربية،, 1985.
·        هشام علي صادق، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الدار الفنية للطباعة والنشر،. 1993 م،
·        فؤاد عبد المنعم رياض، وسامية راشد، مبادئ القانون الدولي الخاص وتنازع القوانين، ج 2 ،دار النهضة العربية، 1996م.
·        علي علي سليمان، شرح القانون الدولي الخاص الليبي، دار صادر بيروت،سنة 1969م..
·        محمد المبروك اللافي، تنازع القوانين وتنازع القضائي الدولي، منشورات الجامعة المفتوحة، سنة 1994م.

أطروحات
·     كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان،  الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية 2016 2015.

مقالات
·       علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية العدد السابع ديسمبر2015.
·        أحمد عبد الكريم سلامة، القواعد ذات التطبيق. الضروري، المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 40 ، عام 1984 م، ص 133 .

محاضرات:
·       جميلة أوحيدة :"محاضرات القانون الدولي الخاص"2012-2013
·       محمد الهادي المكنوزي :"محاضرات تطبيقية في قانون الأعمال"الجزء1-التاجر.

مواقع إليكترونية:
- http://www.ispramed.it/root/wp-content/uploads/2012/10/ippl turkey.pdf, vu le 12/12/2016 à 16h25.
- http://www.wipo.int/wipolex/en/text.jsp ?file id=221319,vu le 12/12/2016 à 18h05.-
القوانين:
·     ظهير شريف رقم 83-96-1 صادر في 15 من ربيع الأول 1417 بتنفيذ القانون رقم 95-15     المتعلق بمدونة التجارة (.بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 - 3 أكتوبر 1996.
·     ظهير شريف رقم 22-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004)بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة.الجريدة الرسمية رقم 5184 الصادرة يوم الخميس 5 فبراير .
·      قانون عدد 97 لسنة 1998 مؤرخ في 27 نوفمبر 1998 يتعلق بإصدار مجلة القانون الدولي الخاص. 
·      مرسوم رقم 2.12.503 صادر في 4 ذي القعدة 1434 (11 سبتمبر 2013)بتطبيق بعض الأحكام القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

[1] -أ حمد عبد الكريم ، فكرة تنازع القوانین في الفقه الإسلامي،دار الجامعة الجدیدة، الإسكندریة، ط 2004 ،ص93
[2] -عنايات عبد الحميد ثابت، إطراح فكرة الدفع بالنظام العام في نطاق القانون الدولي. الخاص، سنة 1995 م، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 10  .27 إبراهيم أحمد إبراهيم، القانون الدولي الخاص، ومركز الأجانب وتنازع القوانين،. 1991  1992 م، لا توجد دار نشر، ص 256  26
[3] - علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية العدد السابع ديسمبر2015.ص27
2 - انظر في ذلك، مقال للدكتور/ أحمد عبد الكريم سلامة، بعنوان/القواعد ذات التطبيق. الضروري، المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 40 ، عام 1984 م، ص 133 هشام علي صادق، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الدار الفنية للطباعة والنشر،. 1993 م، ص 16  17.
[4] - أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 135  139 .وعنايات عبد الحميد ثابت، المرجع السابق، ص 5 7، وأحمد عبد الكريم سلامة، القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص (دراسة تحليلية تطبيقية) الطبعة الأولى، دار النهضة العربية سنة 1985 م، ص 25 ، وما بعدها. وعزالدين عبدالله، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي،ج 2، ط 9، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص 73  74 . وانظر كذلك مقاله في تنازع القوانين في التشريعات الحديثة لبعض الدول الإشتراكية، مجلة مصر المعاصرة،عدد يوليو سنة 1971 م ص 172  178 . وإبراهيم أحمد إبراهيم،المرجع السابق، ص 262.
[5] -جميلة اوحيدة اليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي.الطبعة الاولى.مطبعة المعارف الجديدة- الرباط .سنة2007 .ص"31
[6] - علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية العدد السابع ديسمبر2015 ص27.
[7] -انظر في ذلك،في ذلك مقال للدكتور / أحمد عبد الكريم السلامة،بعنوان/القواعد ذات التطبيق الضروري، المجلة المصري،عدد40،عام1984م،ص133
[8] - أحمد عبد الكريم السلامة،مقال القواعد ذات التطبيق الضروري مرجع سابق ،ص134-135،وهشام علي صادق تنازع القوانين،مشأة المعارف الاسكندرية .الطبعة 3. سنة1993م،ص300 302
[9]  علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية العدد السابع ديسمبر 2015.ص30
[10]   علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مرجع سابق ص30
[11]   عبد الكريم سلامة، مقال، القواعد ذات التطبيق الضروري، مرجع سابق، ص 144ـ146، وفؤاد عبد المنعم رياض، وسامية راشد، مبادئ القانون الدولي الخاص وتنازع القوانين، ج 2 ،دار النهضة العربية، 1996م، ص 179ـ180
[12] - أحمد سلامة عبد الكريم سلامة، مقال، القواعد ذات التطبيق الضروري، مرجع سابق، ص 150 ،وهشام علي صادق، مرجع سابق، ص 15
[13] -أحمد عبد الكريم سلامة، مقال، القواعد ذات التطبيق الضروري، مرجع سابق، ص 158ـ159 ،وعلي علي سليمان، شرح القانون الدولي الخاص الليبي، دار صادر بيروت،سنة 1969م، ص96 .ومحمد المبروك اللافي، تنازع القوانين وتنازع القضائي الدولي، منشورات الجامعة المفتوحة، سنة 1994م، ص134.
[14]   علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مرجع سابق.
[15]  انظر رأي الفقيه،دروبي والفقيه لاجا رد ، مقال، أحمد عبد الكريم سلامة،  القواعد ذات التطبيق الضروري، مرجع سابق ص 160، هامش    89.14 وكتابه، قواعد ذات التطبيق الضروري والقانون الدولي الخاص،مرجع سابق ،ص187.
[16]   ، أحمد عبد الكريم سلامة،  القواعد ذات التطبيق الضروري، مرجع سابق ص 160، هامش 89.14و كتابه، قواعد ذات التطبيق الضروري والقانون الدولي الخاص، مرجع سابق،ص 152.
[17] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان،  الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية 2016 2015 ص 334'.
[18] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص338
[19] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 339
[20] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 339
[21] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 340و341
[22] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 342و343
[23] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 342و343
[24] - علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية الليبية العدد السابع ديسمبر 2015 ص 37و38
[25] - علي الهادي الأسود .العلاقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص،مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والشرعية  اللبيبة العدد السابع ديسمبر 2015 ص 39و40.
[26] كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص ""361و362
[27] - كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص ""361و362
[28] -كمال سمية، "تطبيق قانون القاضي على المنازعات الأجنبية على المنازعات الدولية الخاصة"،مرجع سابق ص 362
14 المادة الثانية عشرة من المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص.
15 http://www.ispramed.it/root/wp-content/uploads/2012/10/ippl turkey.pdf ,vu le 12/12/2016 à 16h25.
16 http://www.wipo.int/wipolex/en/text.jsp ?file id=221319,vu le 12/12/2016 à 18h05.
17 فريدة اليوموري،"القانون التجاري والأعمال التجارية والتاجر"،قرار"ليزاردي"الصادر بتاريخ16/01/1981ص126
18 المادة3من القانون37.99الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.02.239
19 المادة15 من مدونة التجارة لسنة 1996
20  -تنص المادة209 من مدونة الأسرة على مايلي:"سن الرشد القانوني18سنة شمسية كاملة"
21  -محمد الهادي المكنوزي"محاضرات تطبيقية في قانون العمال "الجزء1-التاجر-ص64
[29] -قانون الالتزامات والعقود المغربي ظهير 9 رمضان 1331 أغسطس 1913 الجريدة الرسمية العدد 5980 بتاريخ 23 شوال 1432 (22 شتنبر 2011) ص4678.
[30] -  مداخلة الدكتور أمين اعزان ، حول تقييم المقتضيات الجنائية الواردة في القانون 08-31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ، في ندوة علمية بمقر محكمة الاستئناف بسطات حول موضوع "قراءة في القانون رقم 08-31 المتعلق بتدابير حماية المستهلك بتاريخ 17 يونيو 2011 ، منشورة بمجلة الدفاع ، العدد السادس – أكتوبر 2011 ، ص 153 و 154.
[31] - مداخلة الدكتور أمين اعزان،مرجع سابق ص 154 و153.
22 - جميلة أوحيدة"محاضرات القانون الدولي الخاص"2012-2013.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات