القائمة الرئيسية

الصفحات

أثر التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن

أثر التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن

أثر التحولات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن




تقديم
يحتل العقد مكانة الصدارة في النظم القانونية  المختلفة ،فهو المرتكز الاساسي للمعاملات على الصعيدين المحلي، والدولي، ويلعب دورا مهما في تنظيم العلاقات بين الاشخاص.
و العقد بصفة عامة، هو توافق ارادتين لأحداث اثر قانوني معين، يتمثل في اعطاء شيئ ،أو القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل، ومن خلاله تنشا الغاية العظمى من الحقوق والالتزامات، وتستقر به المراكز القانونية المختلفة، لذا تحضى نظرية العقد بمكانة بارزة ومتطورة في التشريعات المعاصرة، وتزداد اصداءها في جنبات القضاء والدراسة الفقهية. ويلعب العقد دورا هاما في تداول الثروات والخدمات على صعيد الجماعة الدولية التي تشهد تطورا ملحوظا في ضل العولمة وحرية التجارة والتكتلات الاقتصادية والتقدم التقني الهائل الذي ربط أجزاء المعمورة، من خلال الاتصالات الفضائية وشبكة الانترنيت أصبحت العقود اداة تيسير التجارة الدولية، ووسيلة المبادلات الاقتصادية  والخدماتية والمعلوماتية عبر الحدود.
وعموما ،تتنوع العقود بتنوع موضوعاتها، فالى جانب العقود الدولية التقليدية في مجال البيع والتامين والعمل، ظهرت عقود أخرى لمواكبة مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية والمعاملات الالكترونية ،كعقود نقل التكنولوجيا والتعاون الصناعي والتجارة الالكترونية وغيرها ،ولقد كان للتطورات الاقتصادية والتكنولوجية الهائلة عمق الأثر من العملية التعاقدية ووزنها الاقتصادي والقانوني والدولي، حيث ظهرت الكثير من العقود المركبة والمعقدة ترد على مشروعات عملاقة تقدر قيمتها بأموال طائلة نتطوي على كثير من تعقيدات الفنية والقانونية والمالية، ولها تأثير ها البالغ بما تحمله من فوائد ومخاطر على المجتمع.[1]
: والاشكال  الذي يمكن طرحه في هدا الصدد هو 
هل يمكن  اعتبار تغير التحولات الاقتصادية والتكنولوجية ثورة على العقد وعلى المبادئ التقليدية المنظمة لهدا الأخير ؟
: ويترتب على هدا الاشكال  تساؤلات فرعيه وهي كتالي
فما الاطار التاريخي لهذه التحولات الاقتصادية و التطورات والتكنولوجية  التي لحقت بنظرية العقد ؟
وما هي مظاهر هذه التحولات؟
وما النتائج المترتبة عن هذه التحولات سواء في التشريع المغربي أو المقارن؟
: ولاجابة عن هذه الاشكاليات ارتأينا اعتماد التصميم التالي


 المبحث الاول الإطار التاريخي للتحولات الاقتصادية  والتطورات التكنولوجية على نظرية. العقد في التشريع المغربي والمقارن 

المطلب الاول: التطور الاقتصادي والتكنولوجي على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن.
المطلب الثاني :مظاهر التحولات الاقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المقارن المغربي      

المبحث الثاني  تقييم مدى تاثير التحولات الاقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن

المطلب الاول : اثر التحولات الاقتصادية على نظرية العقد
المطلب الثاني: اثر التحولات التكنولوجية على نظرية العقد
المبحث الاول :الإطار التاريخي للتحولات الاقتصادية  والتطورات التكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
اثر التحولات الايجابية الملموسة التي عرفتها نظرية العقد في الاونة الاخيرة، مند بداية الالفية التي استهلها المشرع المغربي بطرح جملة من النصوص القانونية الخاصة ،التي عدل بها هيكل نظرية العقد وفقا للتصور الجديد  الذي اصبح يصب في اتجاه اللاصلاحات  الجزئية القطاعية المحدودة لمدونة الالتزامات والعقود[2]
المطلب الاول :التطور الاقتصادي والتكنولوجي على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
-في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر كان المجتمع الاوروبي يتسم بالبساطة في تركيبته و محدودية تقدمه التقني و التكنولوجي حيث كانت الثورة الصناعية في بدايتها الاولي , وفي هذه الفتره كان مبدأ وسلطان الاراده هو المسيطر علي المعاملات التعاقدية أي أن الارادة كانت حرة بصفة مطلقه تستطيع تحديد أثار العقود التي تنشأ عنها في ظل مبدأ سلطان الارادة ولهذا فإن مدونة نابليون التي صدرت في سنة "1804"لم تكن لتثير إشكالا حينما تبتت مبادل الحريه التعاقدية و العقد شريعة المتعاقدين و القوة الملزمة للعقد لان ذلك كان مطلبا أساسيا لرجال الثورة الفرنسية.
2- ثم ان انتصار مبدأ سلطان الارادة يرجع الي عوامل إقتصادية بالاساس وهي عوامل أدت الي انتشار روح الفردية في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر فهذه العوامل ذاتها بعد ان تطورت و قامت الوحدات الانتاجية و نظمت طوائف العمال ادت الي اختلال التوازن بين القوي الاقتصادية هذه العوامل كان ممن شانها ان تقلص او تنقص من قوة مبدأ سلطان الارادة فيكون هذا المبدأ قد قام علي اساس اقتصادي و انتكس متاثرا بعوامل اقتصادية .
3-و باعتبار الواقع الاقتصادي لا يتوقف عن السريان و التغير بل هو في حركة دائمة وتطور مستمر فالظروف الاقتصادية التي تمخض عنها مبدأ سلطان الارادة في مجال العقد تغيرت وتبدلت خاصة  بعد الحرب العالمية الاولي وما نتج عنها من ازمات اقتصادية عالمية سنة "1929" وهذه الازمات فرضت تغيير القوانين التي تحكم الظواهر الاقتصادية باعتبارها تتسم بالمرونه.
4-و التداخل او التواجيه التشريعي للعقد يرجع للتحولات الاقتصادية التي شهدها العالم فتدخل المشرع في النظام القانوني الغاية او الهدف منه تفادي حدوث كوارث اجتماعيه و اقتصادية ناتجة عن ازمة القانون فالمشرع عند تدخله في مجال المعاملات الاقتصادية يعمل الي صالح الاقتصاد الوطني و المصلحة العامة  ولايفهم من هذا التدخل تدمير العقد دائما جعله مسايدا للتغيرات الاقتصادية التي تحدت ذلك ان الوظيفة الاساسية التي تسعي القواعد القانونية الي تحقيقها هي تعميم العدالة وسيادتها في جميع المجالات و النواحي.
و العدالة مفهوم نسبي تتغير بتغير الزمان و المكان وما العقد باعتباره قانون النتعاقدين الا تعبير عن ظروف المجتمع ان هو المراة التي تنعكس من خلالها مدي التطور القانوني الذي بلغه المجتمع.
5- و امام هذه الوضعية تدخل المشرع المغربي بما يتوفر لديه من وسائل التوجيه الاقتصادي في كثير من النشاطات الحيوية ذلك ان الظروف الاقتصادية العامة تستلزم تعديل بعض القواعد القانونية المسايرة التغيرات[3].
فعمل المشرع المغربي علي سن مجموعة من القوانين لمواكبة الظروف الاقتصادية الحالية و مانتج عنها من اختلال التوازن العقدي و من هذه القوانين قانون "13:83" المتعلق بالزجر و الغش في البضائع و "24:04" المتعلق بسلامة المنتجات المعيبة و "31:03" حماية المستهلك. 
وكذلك أدي التطور الاقتصادي الي :
- ظهور صيغ جديدة للتعاقد.
و من اهم التقنيات و الممارسات الجديدة في التعاقد نجد الشراء عن طريق التلفزيون و الانترنت و البيع بالسلف و عقد الائتمان التجاري و الكراء المعني الي التملك و الاقمار المستندي
المطلب الثاني :مظاهرالتحولات الاقتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المقارن المغربي
- قانون الشغل و قانون 24:09 كنموذجين للتطورات الاقتصادية .
أن الدوله في الوقت الحاضر لم يعد يقتصر دورها علي حفظ العدل و الامن داخل المجتمع بل اصبح في بعض الاحيان دوراً ايجابيا موجها للحياة الاقتصادية و ذلك عن طريق تنظيم القواعد و سن التشريعات التي
تحكم الانشطة الاقتصادية و ما تشهده من معاملات و علاقات و أشهر مثال لذلك هو "عقد الشغل" الذي عملت مدونة الشغل علي تنظيمه وذلك من خلال تنظيم العلاقة بين الاجراء و المؤاجرين من عدة وجوه أهمها تنظيم فترة الاختبار ابرام عقد الشغل التزامات الاجير و المؤجر و قواعد الصحة و السلامة, وتسوية نزاعات الشغل وقواعد توقف عقد الشغل و انهاؤه و الحد الادنى للاجر.
فعقد الشغل أخد يزدحم بالقواعد و الأحكام القانونية التي تهدف الى حماية العمال و اعطائهم من الحقوق  ما لم يكن لهم من قبل كحرية الاجتماع وحق تكوين النقابات وحق الاضراب .
فتوجه المشرع من خلال مدونة الشغل اثر في نظرية العقد تاثيراً واضحا كون ان هذه العلاقة التعاقدية أصبحت لا تتحكم الى العقد باعتباره شريعة المتعاقدين او بمتابة القانون الذي يحكم الاطراف بل الي حماية  الطرف الضعيف ضد تعسفات الشغل والتي اساسها علاقة التبعية للمشغل[4]  
 * قانون 24-09 المتعلق بالمسؤولية المدنية عن مخاطر المنتجات المعبئة .
امام تزايد حجم مخاطر الاشياء و المنتجات المعبئة بتعبئة التقدم
الأساليب التقنية التكنولوجيا الحديثة وانتشار المعدات و المواد التي اصبحت تشكل خطرا علي صحة وسلامة مستعمليها و مستهلكيها وامام قدم النصوص  التشريعيه المنظمة لهذه المسؤليه 
فان التشريعات المعاصرة وجدت نفسها امام ضرورة ملحة لوضع انظمة خاصة لهذه المسؤولية.
وفي المغرب يعتبر القانون 24-09 المؤرخ في (17-8-2011) واحد من أبرز القوانين التي إستجاب فيها المشرع المغربي لضغوطات العولمة التشريعيه وهذا القانون نظم المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتوجات المعبئة التي خصص له المشرع بابا رابعاً مستقلا اتمم به مقتضيات القسم الاول من الكتاب الاول من (ق.ل.ع).
و بالرجوع لمواقف التشريعات المقارنه نلاحظ بانه كان للتجربه الامريكية في مجال المسؤولية عن محاطر المنتوجات المعبئة تاتير جد واضح علي مسار القوانين الاوروبية في هذا الشأن وكما هو معروف ان القانون الامريكي يتدرج ضمن منظومة القانون العرفي ونظرا للمرونة الي الممزوج بقواعد قانونية مكتوبة ونتيجة للمرونة التي يمتاز بها القانون العرفي في امريكا فان الضاء تمكن من تطوير نظام المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتوجات المعبئة مراعيا في ذلك مختلف التطورات الاقتصادية و الاجتماعية لبلد متحرك وبالاضافة لما سبق فإن القضاء الامريكي توصل الي ابتداع مايسمى (بالدعوي المباشرة) التي تعد من اهم الانجازات التي تحققت منذ بداية القرن العشرين عندما اعترفت المحكمة العليا بمدينة نيويورك سنة "1916" بأحقية الطرف المضرور في الرجوع علي علي الصانع بالتعويض ولو لم يكن مرتبطا به بمقتضي رابط عقدي.
وقد كان لهذا المستوي المتقدم تشريع الولايات المتحدة الامريكية في مجال المسؤولية المدنية عن مخاطر المنتجات المعبئة اثره الايجابي علي تشريعات الدول الاوروبية الوطنية وتعتبر اتفاقية "ستراسبورغ" الموقع عليها بتاريخ (27-يناير_1977) بمثابة مصدر تاريخي ومرجع للقانون الحالي الصادر عن مفوضية الاتحاد الاوروبي بتاريخ (25_يوليوز_1985) وتعتبر فرنسا اخر دولة توافق علي تبني هذه التوجيهية وقد استجابة بمقتضي القانون المؤرخ في (19_ماي_1998) ونتيجة للمواخدات التي وجهها مجلس الاتحاد الاوروبي علي هذا القانون فان المشرع الفرنسي اضطر لتدارك هذا النقص بمقتضي القانونيين الصادرين على التوالي بتاريخ (9-12-2004)(5-4-2006)[5]         
المبحث الثاني : تقييم تاثير التحولات القتصادية والتكنولوجية على نظرية العقد في التشريع المغربي والمقارن
يعتبر ق، ل، ع  من أكثر القوانين المدنية اخلاصا لمبدأ سلطان الارادة، الذي يشكل أساس النظرية التقليدية للعقد،اذ أعطى وبالنظر الى الظرفية التي وضع فيها للارادة الحرية في أن تنشئ ما تشاء من العقود والاتفاقات دون تقييد بتلك التي نظمها ، ما تشاء من البنود والشروط بشرط عدم التعارض مع النظام العام.الا أن هدذا المبدأ عرف عدة تاثيرات.
المطلب الاول: اثر التحولات الاقتصادية على نظرية العقد
[6]230 ادا كان كل التزام عقدي يقوم مقام القانون بالنسبة لطرفيه، شريطة أن يكون صحيحا، حسب المادة  ق، ل ،ع والتي جاء التنصيص عليها كذالك من طرف المشرع الفرنسي، حيث كرسه في المادة1134 من القانون المدني الفرنسي[7]
  والتي يقصد بها، أن ما أنشاته ارادتين، لا يموت ولا يعدل الابارادتين، وهو ما يصطلح عليه بمبدأ سلطان الارادة. هذا الأخير الذي ينطوي تحت لوائه مجموعة من المبادئ الأخرى المعبرة عن سيادة وسمو الارادة.
ولعل من امثلة هذه المبادئ ، مبدا القد شريعة المتعاقدين بالاضافة الى مبدا القوة الملزمة للعقد ونسبية اثار العقد[8]
أولا تأثير قانون 31-08 على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين 



إذا كان العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ، فهذا يعني أن أطرافه قد تفاوضت ،حول مضامينه مسبقا قبل تضمينها فيه، وهو ما يعني وجود نوع من التوازن العقدي بين أطرف العقد، و هو ما نجد القضاء يسعى إلى تكريسه كلما أتيحت له الفرصة فقد قررت محكمة الاستئناف التجارية بفاس[9] في قرار لها  مايلي "العقد شريعة المتعاقدين و منه فإن كلا منهم  ملزم ما تم الاتفاق عليه في حدود التزام كلا منهم تحت طائلة شروط العقد الجزائية"، لكن التطورات الاقتصادية و التكنولوجية أبت إلا أن تفرز لنا أطراف علاقة  متفاوتة في المراكز القانونية، طرف المستهلك، غالبا ما يكون تحت رحمة الطرف القوي ،الذي  يملك السلطة و القدرة على تطويع  مفاصيل العقود، الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف المقبل على التعاقد مغلوب على أمره، وهو ما يجعل من الحديث عن سموا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، مجرد كلمات منقوشة على أوراق لا تجد لها مكانا في الواقع العملي، هذا كله جعل من ضرورة تدخل المشرع و لو على حساب مبدأ العقد شريعة المتعاقدين
هذا التدخل جاء عبر عدة مقتضيات من خلال  قانون حماية المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها العقد الشيء الذي جعل المبدأ الأخير يتأثر

ثانيا : تأثير قانون 31-08 على مبدأ القوة الملزمة للعقد 

إذا كان عموما مبدأ القوة الملزمة للعقد يعني العقد الذي أبرم بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم علاقتهما، و بما أنه لا يجوز التحلل من التزام يفرضه القانون  فكذلك  لا يجوز تحلل  من التزام أنشأته إرادة حرة[10]
و هذه القوة  الملزمة للعقد تمنع أي تدخل خارجي من أي شخص أخر غير الأطراف، بمن فيهم تدخل المشرع لإضافة التزام أو إنقاصه، واستنادا إلى ذلك فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على السلعة أو خدمة استهلاكية معينة، إنما يلتزم بذلك العقد و بتنفيذه أيا كانت الظروف، حتى  ولو كانت السلعة أو الخدمة لا تفي بالغرض الذي يسعى إليه أو لا تفيده أصلا
و هو ما يجعنا نتساءل والوضعية هاته عن: كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما لا يتوفر على القدرة الفنية والقانونية والوقت الكافي للتفكير في جميع ما يبرمه من عقود وصفقات للاستهلاك؟ أم يكن من الارحم به منحه حق العدول عن تنفيذ العقد في حالات معينة؟ 
هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن لأطراف العلاقة العقدية تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة الملزمة للعقد و أقر له الحق في الرجوع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها لا تفي بالغرض المطلوب[11]
  
ثالثا:تأثير قانون 31-08 على مبدأ نسبية أثار العقد 

بالرجوع إلى الفصل 228 من ق ل ع نجده يقرر أن أثار العقد لا تنسحب إلا على أطرافه بمعنى أن الأطراف هم من ينتفعون أو يضرون بآثار العقد و أن هذه الآثار لا تضر ولا تنفع الغير بشيء إلا في الحالات المذكورة في القانون، وهو ما يجعل من العقد يكون نسبي في تطبيق أثاره ولا يمكن مواجهة الأغيار بمقتضياته، بيد أن طبيعة العملية الاستهلاكية عادة ما تحتمل وجود أكثر من طرف مما يحول دون إمكانية تمديد أثر العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد، هذا القول أبان عن خطورته وعجزه عن حماية بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطرافا في العقد المبرم
فمثلا لو اشترى زيد جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا الأخير للانفجار بسبب عيب فيه مما تسبب في أذى لأخ زيد و بالتالي لن يكون بمقدوره  الرجوع على البائع على اعتبار أنه أجنبي عن العقد، تطبيقا للقواعد العامة
كل هذا جعل المشرع يتدخل بمقتضيات أكثر حماية تجعلنا نقول أنها أثرت بالفعل على القواعد العامة، لتجاوز عجزها هكذا نجد المشرع عبر قانون 31-08 يعرف في مادته الثانية المستهلك هو " كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل ..." أي أن المشرع وسع من نطاق حماية المستهلك سواء أكان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ نسبية أثار العقود[12]
و بناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو ما دفع المشرع إلى سن مقتضيات تتكفل بتحقيق المبتغى، إلا أنها أثرت بالملموس على المبادئ المقررة في القواعد العامة

وإذا كان القانون (31.08) قد اعتبر الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية غير المتوقعة سببا يبرر إمهال المقترض المدين قضائيا فإنه كان يتعين تعميق كل مظاهر الحماية التي تصب في هذا الاتجاه لتشمل كل الحالات الطارئة التي تجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للطرف المدين خصوصا في الحالات التي يكون فيها هذا الأخير مستهلكا ولو تبنى القانون الجديد هذا النهج التشريعي لقدم بذلك خدمة جليلة لجهاز القضاء الذي تحمل من المشقة على مدار عقود من الزمن في البحث عن الحلول الملائمة لإعادة التوازن للعلاقات العقدية التي يعاني فيها الطرف المدين من تبعات هذا الإرهاق وذلك نتيجة لوجود فراغ تشريعي واضح في قانون الالتزامات والعقود بخصوص هذه المسألة، وقد كان بودنا أن يأخذ هذا القانون زمام المبادرة لسد هذا الفراغ الذي عانى منه ق،ل،ع لما يناهز 100 عام.[13]

المطلب الثاني: أثر التحولات التكنولوجية على نظرية العقد
ان التغير الذي لحق نظرية للعقد ينبع اساسا من تاثر هذه الاخيرة بالتخولات التكنولوجية التي عرفها العالم في العقدين الاخيرين نتيجة للمؤثرات الخارجية التي تصب في اتجاه العولمة الاقتصادية مما خلق تحديات قانونية واسعةتتمحور في مجموعها حول اثر استقدام الوساىل الالكترونية في تنفيذ الانشطة التجارية فهده الاثار التي خلقتها التقتيات العالية دفعت بابنظم القانونية المختلفة لمعالجتها عبر حركة تشريعية تتماشى مع مستجدات العصر.
ومن ذلك المشرع الفرنسي الذي غير من نظم العلاقةالتعاقدية وذلك بالتخلي بصفة جزىية عن العقد الورقي والعمل بالعقد الالكتروني حيث وضع تنظيما شاملا للتعاقد الاكتروني وكما الحال للمشرع التونسي الذي ا صدر قانونا خاصا بالتجارة الالكترونية لسنة2000 .ولكن بنجد القانون التونسي لم يتاثر تاثيرل ملحوظا بالتحولات التكنولوجية فقد جعل العقد الالكتروني يخضع لنظام العقةد الكتابية من خلال التعبير عن الارادة واثارها القانوني ووقابليتها للتنفيذ فيما لا يتنافى مع احكام العقد التقليدي  وبالرجوع الى التشريع المغربي نجد ان القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات اصدر ابرز الامثلة على التعديل الجزىي واثره على قانون الالتزامات والعقود حيث تراوح هذا الاصلاح بين تقييم بعض الفصول بمقتضيات جديدة او اضافة فصول   كاملة للفصل الاصلي وفي مقابل هذه الاضافات فان هدا  القانون  غير وتممم كلا من الفصول 443-440-426-425 من قانون الالتزامات والعقود حتى تكون منسجمة مع مستجدات القانون الجديد ورغم ان قانون 53.05 لم ياتي بالغاءات جديدة للنصوص التشريعية  الواردة في قانون الالتزامات والعقود الا انه نص على تجميد بعد لنصوص التشريعية التي للتلائم صيغة هذا العقد الالكتروني[14]
كتنصيصه في المادة الثانية من هذا القانون على عدم سريان مقتضياته على المحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية والعينية ذات الطابع الدني أو التجاري
وهدا الحكم هو الذي أكده ايضا الفصل ثلاثين والفصل اثنان وثلاثون من ق.ل.ع على العقد الالكتروني.
فان هناك الكثير من الأحكام يشترك 53;05 وفي مقابل الحالات المستبعدة أ المعدة بموجب القانون
فيها نظام العقد الالكتروني مع غيره من العقود الاخرى .وخصوصا في مجال التعبير عن الارادة وحماية التراضي وأهلية المتعاقد الى غير ذلك من الأحكام الواردة في الباب الأول من ق.ل.ع [15].
خاتمة :
ان  نظرية العقد تاثرت بشكل واضح لايساير التحولات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المغربي،التي فرضتها بالطبع ظروف داخلية وأخرى دولية،وما زاد الأمر إلحاحا صدور العديد من القوانين أخذت بأسس فلسفية مغايرة لأساس هذا العقد ،وتجاوزت بذلك العديد من المقتضيات التي تحكمه ، فنهج المغرب لاقتصاد السوق حتم عليه تنظيم المنافسة بوضع قواعد تخدم الحرية التنافسية،وضوابط لتوجيه الاقتصاد،وهذا ما جاء به القانون رقم 06.99 وقانون حماية المستهلك 31 :08 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والقانون رقم لم ياتي بالغاءات جديده لنصوص تشريعية وارده في قانون ل ع الاانه نص على تجميد العمل بعدة نصوص تشريعيه وانطلاقا مما سبق يمكن القول أن التحولات الاقتصادية و التكنولوجية  التي لحقت نظرية العقد لا تعتبر ثورة على العقد وانما هي قفزة نوعية من المشرع لمسايرت هذه التطورات وهاا لا ينقص من قيمة الأحكام العامة للعقد حيث أن هذه الأخير لازالت تنظم مجموعة من المعاملات بين الأفراد. 
لائحة المراجع
الكتب
  2006ذ عبد الحق الصافي كتاب القانون المدني الجزء الاول المصدر الارادي للالتزامات الطبعة
ذ. عبد الرحمان الشرقاوي. كتاب دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي. من تقديم الاستاذ العرعاري
2008 الطبعة
  2013_1913 كتاب مئوية قانون الالتزامات والعقود التحضيرية المنضمة بالكلية جامعة محمد الخامس أكدال
ذ عبد القادر العرعاري، "مصادر الالتزامات – الكتاب الأول – نظرية العقد"، الطبعة الثالثة، 2013، دار الأمان، الرباط،
2014 د.عبد القادر العرعاري كتاب المسؤولية المدنية الطبعة
2013  الطبعة ذ عبد القادر العرعاري كتاب نظرية الالتزامات والعقود د
مقالات ورسائل
4_7_12 الطالب بالقاسم حامدي ابرام العقد الاكتروني اطروحة لنيل درجة دكتراه في العلوم القانونية تخصص قانون الأعمال
www.cacfes.ma تاريخ الإطلاع يوم 26/5/2015 قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26 بتاريخ 6 يناير 2005 ملف عدد 548-04 منشور في 
مقال للباحثين محمد اشهيهب وأيوب العثماني قانون 31.08 والقواعد العامة: أي تأثير موقع العلوم القانونية  
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة بوجدة  .أثر التحولات الاقتصادية على العقد للطالب البشير   2004_2003 الدحوتي السنة   
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

شاركنا برأيك