القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث حول موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية

بحث حول موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية





مقدمة
لقد أكدت العديد من الدراسات العلمية ، أن السياسة الجنائية تعرف أزمة حقيقية خصوصا في شقها العقابي ، لانها لم تحقق الأهداف المرجوة ، بالأساس الحد من الجريمة وإعادة تأهيل الجناة بغية إدماجهم في المجتمع من جديد .
هذه الأزمة الناتجة عن الإفراط في الحكم بالعقوبات السالبة للحرية ، دفعت إلى البحث عن حلول جديدة ، فكان من بينها بدائل العقوبات السالبة للحرية .
تختلف التعريفات المعطاة لبدائل العقوبات السالبة للحرية ، حسب زاوية نظر كل واحد من الباحثين ، غير أن وزارة العدل و الحريات عرفت هذه البدائل بأنها :" هي العقوبات التي يحكم بها في غير حالات العود كبديل للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا "[1].
هذا التعريف وجهت له العديد من الانتقادات ، لكون البدائل ليست بالمعنى الذي توصف به العقوبة ، كما أنها لا تحقق الإلم ، لهذا تم اقتراح تسميات مثل : التدبير البديلة أو بدائل العقوبة ...
قد يختلط مفهوم بدائل العقوبات السالبة للحرية مع التدابير الوقائية ، نظرا لتقرب مضمون بعضهما ، إلى أن فلسفة كل منهما مختلفة بحيث أن التدابير يحكم بها لمواجهة خطورة الجاني أم البدائل فيحكم بها من أجل تجاوز إشكالات العقوبة السالبة للحرية .
وتختلط ايضا مع بدائل الدعوى العمومية لتشابه المفاهيم ، إلى أنهما يختلفان بكون الأولى تعوض العقوبة المحكوم بها لحسم الدعوى ، أم الثانية فهي تعوض الدعوى ، أي أنها تطبق عوضا عن الدعوى مثل الصلح و الوساطة ...، وتجدر الإشارة إلى أن هناك بدائل عن الاعتقال الاحتياطي .
   وفيما يتعلق بالإطار التاريخي سنتناوله على المستويين الدولي ثم الوطني :
أولا : على المستوى الدولي
ترتبط فكرة بدائل العقوبات السالبة للحرية بفكرة المنفعة من العقوبة التي تعرض لها مفكرو المدارس الجنائية خاصة حركة الدفاع الاجتماعي بعد الحرب العالمية الثانية ، وتم تبنها من طرف الأمم المتحدة عبر القواعد الدنيا للأمم المتحدة لخلق تدابير غير سالبة للحرية المعروفة بقواعد طوكيو في سنة 1986 ، بالإضافة إلى تبني مختلف التشريعات المقارنة لها ، كما نشير لمؤتمر الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية رقم 12 المنعقد بسلفادور البرازيل من 12 إلى 19 أبريل 2010 الذي دعى إلى تبني هذه البدائل ، كما أن قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة رقم 25/2013 بتاؤيخ 25/7/2013 الذي دعى إلى تقليص الاكتظاظ بالسجون .
ثانيا : على المستوى الوطني
نظريا بدأ الحديث عنها مند 1988 [2]، أما الوزارة المشرفة فقد نظمت يشراكة مع منظمة الإصلاح الجنائي في سنة 2000 بإفران ندوة حول الموضوع ،وكذا ندوة السياسة الجنائية بمكناس سنة 2006 ،  وايضا ندوة أخرى بمحكمة الاستئناف ببني ملال سنة 2011 ، نستحضر هنا دور المجلس الوطني لحقوق الانسان [3].
أما على المستوى الاكاديمي فقد نقشت العديد من الرسائل[4] و الاطروحات [5]، ليطرح النقاش من جديد بمناسبة الندوات الجهوية بمراكش وفاس المنظمة في إطار إصلاح منظومة العدالة 2012/2013 ، الذي أكد على ضرورة تبني العقوبات البديلة ضمن المبدأ 69 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة الصادر في يوليوز 2013 .
هذا المبدأ تم تفعيله من خلال الباب الأول مكرر بعنوان العفوبات البديلة المواد 35-1 إلى 35-15 من مسودة القانون الجنائي بتاريخ 31 مارس 2015 ، الذي يبدو أن هناك تراجع عنه لفائدة مشروع قانون رقم 16-10 يقضي بتغيير وتتميم القانون الجنائي الحالي ، والذي حافظ على العقوبات البديلة في إنتظر عرضه على البرلمان للمصادقة .
وتجدر الاشارة الى ان المشرع تبنى بعض البدائل هنا وهناك من نصوصه مثلا : بدائل الاكراه البدني في مدونة تحصيل الديون العمومية ، و بدائل قي مدونة السير على الطرق ، وكذا مؤسسة الافراج الشرطي .
وتظهر أهمية الموضوع ، أولا على المستوى النظري من خلال عديد الاشكالات النظرية حول التعريف و تقبل المجتمع المغربي لها ...، وثانيا على المستوى العملي من خلال اليات التطبيق وكذا التاهيل من عدمه ....
كل هذا يدفعنا الى طرح الإشكالية التالية : هل توفقت التشريعات المقارنة – بما فيها التشريع المغربي – في رسم استراتيجية حديثة تقوم على بدائل العقوبات السالبة للحرية كخيار أساسي لسباستها العقابية وحل ناجع لتجاوز أزمة هذه العقوبات ؟
 أو بعبارة اخرى مقاربة راسم السياسة الجنائية المغربية في تبني بدائل العقوبات السالبة للحرية بين الشمولية والقصور .
يمكن تفكيك هذه الاشكالية ألى التساؤلات الاتية :
ماهي مبررات بدائل العقوبات السالبة للحرية ؟
وما هي أنواعها ؟
وما هي أهدافها ؟
وماذا عن التجارب المقارنة ؟
وماهي مقاربة المشرع المغربي لها ؟
في أطار محاولة الإجابة عن الاسئلة المطروحة ، نقترح التصميم التالي :
المبحث الأول : مكانة بدائل العقوبات السالبة للحرية في السياسة العقابية
    المطلب الأول : مبررات بدائل العقوبات وأهدافها
         الفقرة الاولى : مبررات بدائل العقوبات
  الفقرة الثانية : أهداف بدائل العقوبات
    المطلب الثاني  : تنوع بدائل العقوبات
         الفقرة الاولى : البدائل غير المالية
         الفقرة الثانية : البدائل المالية
المبحث الثاني : إختلاف النظم القانونية في تكرس بدائل العقوبات السالبة                                                         للحرية
المطلب الاول : تكرس التشريعات المقارنة لبدائل العقوبات
        الفقرة الاولى : في التشريع الفرنسي
        الفقرة الثانية : في التشريع التونسي
   المطلب الثاني : تبني بدائل العقوبات في مسودة مشروع القانون الجنائي
       الفقرة الاولى : الشروط وكيفية التطبيق
       الفقرة الثانية : الإشكالات المطروحة
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات