القائمة الرئيسية

الصفحات

حقوق الامتياز وفق مدونة الحقوق العينية والإجتهاد القضائي

 حقوق الامتياز وفق مدونة الحقوق العينية والإجتهاد القضائي

 

 حقوق الامتياز وفق مدونة الحقوق العينية والإجتهاد القضائي

مقدمة

ضمانا لاستقرار المعاملات وتأكيدا لحقوق الدائن في استيفاء حقوقه من المدين، قضت التشريعات الاسلامية بامداد الدائن بوسائل مختلفة ابتداءا بحقه في اللجوء الى القضاء قصد اقتضاء التنفيذ الجبري للالتزام فيما اذا كان ممكن التنفيذ مع التعويض جبرا للضرر الناجم عن التاخر في التنفيذ. أو الغرامة التهديدية لكسر ؟ القائم لدى المدين الممتنع دون مبرر عن الوفاء بما التزم به وهي وسيلة ردعية في حد ذاتها. غير أن للدائن الاحتياط  ضمانا للاستيفاء دينه بإنشاء رهن رسمي على ملك المدين حيث يضمن عدم تصرف هذا الأخير في المال المخصص لضمان الوفاء بالدين إضرارا بحقوق الدائن.

غير أن بعض الحقوق تستوجب نوعا من الرعاية من التشريع نظرا لصفة الديون المستندة إليها. ومن ثمة لا بد من إيلائها العناية التشريعية اللازمة بإفرادها بميزة الامتياز والأفضلية على سائر الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهن رسمي. وهذا ما كرسه المشرع المغربي من خلال المادة 142 من مدونة الحقوق العينية والتي جاء فيها: "الامتياز حق عيني تبعي يخول للدائن حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين.[1]

وحق الامتياز يحقق لصاحبه الاولوية في استيفاء دينه وذلك خروجا عن قاعدة المساواة بين الدائنين. ولم يكن هذا الحق وليد التشريعات الحديثة، بل كان معروفا في القوانين القديمة. وذلك أن القانون الروماني عرف مثل هذا الحق. ولكن مع ذلك كان عبارة وصف من أوصاف الالتزام، إذ الحق بالالتزام. مما يعطيه قوة خاصة تميز صاحبه عن غيره من الدائنين العاديين. إلا أنه لم يعط للدائن حقا عينيا على مال مملوك للمدين وبالتالي عدم تخويله لحق الأولوية.[2]

كما ظهرت حقوق الامتياز في القانون الفرنسي القديم، فكانت متنوعة ترد إما على عقار معين، ولا تختلف عن الرهم العقاري إلا من حيث مصدرها، وإما منقول معين وهذه لا تختلف عن رهن المنقول إلا في المصدر فقط، كما ظهرت حقوق امتياز عامة ترد على جميع أموال المدين المنقولة والعقارية.

أما التشريعات الحديثة فقد نظمت أحكام حقوق الامتياز ضمن تنظيمها للضمانات العينية خاصة التشريعين السوري والمصري والفرنسي، أو ضمن الحقوق العينية التبعية كالتشريع المغربي.[3] الذي تطرق لحق الامتياز في كل من قانون الالتزامات والعقود، فخصص له فصولا من 243 الى250، وكذا من مدونة الحقوق العينية العقارية، حيث خصص لها المواد من 142 الى 144.

ولقد جرت العادة في دراسة الأحكام العامة لأي موضوع أن تتم الإحاطة بكل جوانبه ووصفه في إطاره العام لمعرفة أحكامه وهكذا سنتعرض لإشكالية تحريف وطبيعة ؟ حقوق الامتياز كما طرحت في جل التشريعات المقارنة دون أن نغفل مسألة تميز حق الامتياز بمجموعة من الخصائص منها ما هو عام يتعلق بخصائص الحق العيني التبعي، كعدم قابليته للتجزئة، وكونه يخول لصاحبه الحق التتبع والأفضلية، ومنها ما هو خاص، وهو أنه حق مقرر لفائدة الدائنين لسبب الدين دون اعتبار لشخصه، وأن مصدره القانون. إضافة إلى تميزه من حيث مضمون حق الأفضلية الذي يخول للدائن في استيفاء دينه، كما تتنوع الامتيازات من حيث محلها بين امتيازات واردة على المنقولات وأخرى واردة على العقارات وكما هو الحال في الرهن سواء كان رهنا حيازيا أو رسميا، لا بد من انقضاء حقوق الامتياز في حالات معينة، ولكن المشرع المغربي لم ينص على هذه الحالات بنص صريح رغم وجود نصوص قانونية متفرقة تدل على بعضها.

وأمام هذا الفراغ التشريعي تدخل الفقه ليعطي بعض الحلول معتمدا على القياس، فذهب إلى أن حقوق الامتياز المنقولة تخضع لأحكام الرهن الحيازي، في حين تخضع حقوق الامتياز العقارية لأحكام الرهن الرسمي ولكن مع ذلك، ونظرا للخصوصية  المميزة لحق الامتياز –التي سنتعرض لها خلال هذا العرض- لا يمكن التوسع كثيرا في هذا القياس.

ولصبر اغوار هذا الموضوع، سنقف على أهم الاشكاليات التي تطرح في هذا الموضوع، وهي ما هي الإشكالية التي يطرحها التعريف بحقوق الامتياز بالنظر لطبيعته القانونية؟ وما هي أهم المميزات التي تميزه عن الرهن الرسمي ؟ وما هي أهم الخصائص التي ينفرد بها والأنواع التي تميزه؟ وما هي مراتبه وطرق انقضائه؟

ولقد حاولنا جمع هذه الإشكاليات وتصنيفها في إطار مبحثين رئيسين:

المبحث الأول: ماهية حقوق الامتياز وطبيعتها وخصائصها وأنواعها

المبحث الثاني: ترتيب أصحاب حقوق الإمتاز وانقضائه

المبحث الأول: ماهية حقوق الامتياز وطبيعتها وخصائصها وأنواعها

يعتبر حق الامتياز أحق أشكال الضمانات العينية لاستيفاء دين معين والتي أعطاها القانون أولوية أولاها تمييزا على الضمانات العينية الأخرى وخاصة الرهن الرسمي، ويتميز حق الامتياز بعدة خصائص  منها ما هو عام يتعلق بخصائص الحق العيني التبعي، ومنها ما هو خاص به (المطلب الأول) كما تتنوع الامتيازات من حيث محلها إلى امتيازات واردة على المنقولات بصفة عامة وأخرى وادرة عليها بصفة خاصة، وإلى امتيازات واردة على العقارات (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية حقوق الامتياز وطبيعتها وخصائصها

سنحاول تعريف حق الامتياز كشكل من أشكال الضمانات العينية وبيان طبيعته القانونية وتمييزه عن الرهن الرسمي كما سنتطرق لبعض خصائصه لتنوير مقاربتنا للموضوع.

الفقرة الأولى: ماهية حقوق الامتياز وطبيعتها القانونية

أولا: تعريف حقوق الامتياز

حق الامتياز حق عيني يتقرر بمقتضى نص في القانون ضمانا للوفاء بدين معين، مراعاة لصفته على جميع أموال المدين أو على منقول أو عقار معين عنها، فيكون للدائن أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين في المرتبة في استيفاء حقه من المقابل النقدي لهذه الأموال.

وقد عرفه الفصل 1243 من ق ل ع: بأنه "حق أولوية يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين" وفي نفس الاتجاه سارت مدونة الحقوق العينية التي نظمت أحكام حقوق الامتيازات في المواد من 142 إلى 144 وعرفت حق الامتياز في المادة 142 بكونه: "حق عيني تبعي يخول للدائن حق الأولوية على باقي الداينين ولو كانوا مرتهنين"[4].

كما جاء في المادة 30/1 من القانون المدني المصري بأنه: "أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته" أما القانون المدني الفرنسي فقد تنص المادة 2095 على أنه: "الامتياز هو حق يخول للدائن أفضلية على جميع الدائنين وإن كانوا مرتهنين رهنا رمسيا بسبب صفة دينهم"



لكن بالرجوع لمدونة الحقوق العينية النمغربية نجد المشرع قد كرس حق أولوية الدائن على كافة الدائنين حتى ولو كانوا مرتهنين وذلك في نطاق حقوق الامتياز[5] مراعاة منه لبعض الحقوق التي تستوجب الرعاية الخاصة استنادا لصفات الديون المستندة إليها.

ومن تم لابد من إيلائها العناية التشريعية اللازمة بإفرادها بميزة الامتياز والأفضلية على سائر الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهن رسمي، وذلك ما فعله المشرع المغربي عندما نظم الحققو الممتازة ببيان طبيعتها القانونية وبتمييزها عن الرهن الرسمي[6].

ثانيا: طبيعة حق الامتياز

اعبتر المشرع المغربي حقوق الامتياز أيا كان نوعها من قبيل الحقوق العينية وذلك على ما يستفاد صراحة من المادة 142 من مدونة الحقوق العينية، خلافا لما يستفاد من التعريفيين السابقين الفرنسي والمصري اللذات لا يشيران إلى أن حق الامتياز هو حق عيني وإنما اكتفسا بالإشارة إلى أن يخول لدين ما أولوية على باقي الديون دون إشارة إلى حق التتبع وسبب ذلك هو الاختلاف القائم بين الفقه حول عينية حق الامتياز، خاصةب النسبة لحقوق الامتياز العامة في التشريعين المصري والفرنسي، إذ هناك اتجاه عريض من الفقه في هذين التشريعين ينفي الصفة العينية عن هذا النوع من الامتيازات نظرا لورودها على جميع أموال المدين دون تعيين[7].

أما مدونة الحقوق العينية ففي معرض تعريفها للامتياز أوضحت بأنه "حق عيني" وقانون الالتزامات والعقود أشار في تعريف حق الامتياز إلى أنه "حق أولوية" فيكون قد أخرجه نطاق الحقوق الشخصية وأدخله في عداد الحقوق العينية لأن هذه الحقوق وحدها تخول صاحبها حق الأولوية.

ويترتب على اعتبار حقوق الامتياز من الحقوق العينية نتيجتان:

الأولى: حق الامتياز كالرهن، يولي صاحبه حق التتبع، وعلى هذا الدائن الممتاز تتبع المال المترتب عليه الامتياز في يد أي حائز له، واستيفاء الدين من ثمنه ما لم يكن الامتياز واقعا على منقول، وما لم يكن الحائز حسب النية حيث يتعطل حق التتبع.

الثانية: حق الامتياز كالرهن، حق غير قابل للتجزئة، وعليه فصاحب الدين يمكن التمسك بامتيازه على مجموع المال المترتب عليه الامتياز ما بقي جزء من الدين دون وفاء[8].

وإذا كان حق الامتياز يتشابه مع الرهن الرسمي في أمور فإنه يختلف معه في أخرى، وهذا ما سنقف عليه فيما يلي:

ثالثا: تمييز الامتياز عن الرهن الرسمي

أ-أوجه تشابه الامتياز مع الرهن الرسمي

كونه حق عيني فهو كالرهن يولي صاحبه حق التتبع والأولوية.

كونه حق تبعي: لا يقوم إلا إذا قام الدين، فهو يتبعه في مصيره، إذ يتبعه وجودا وعدما، صحة وبطلانا، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 161 من مدونة الحقوق العينية على أنه "يعتبر الرهن تابعا للدين المضمون ويدور معه وجودا وقدما".

كونه لا يقبل التجزئة: فهو يبقى كاملا على الشيء المحمل به حتى يقضي الدين المضمون به تمامه[9]

ب-أوجه اختلاف الامتياز عن الرهن الرسمي

-مصدر الامتياز القانون وحده بينما مصدر الرهن الرسمي يكون إما القانون وإما الاتفاق.

-الامتياز قرره القانون مراعاة منه لصفة الدين بصرف النظر عن شخص الدائن بينما الرهن الرسمي الذي مصدره القانون (أو الرهن الجبري) إنما قرره المشرع لمصلحة نوع خاص من الدائين كالزوجة والقاصر والمحجوز عليه.

-الامتياز يرد على العقار وعلى المنقول بخلاف الرهن الرسمي فلا يقع مبدئيا إلا على العقار.

-الامتيازات العقارية معفاة من التسجيل في السجل العقاري: بينما الرهن الرسمي يخضع دوما للتسجيل، فلا يوجد بين الطرفين ولا يكون ملزما للغير إلا إذا سجل في السجل العقاري.

-رتبة الأولية في حقوق الامتياز تكون بحسب صفة كل من هذه الحقوق عملا بالفصل 1244 من قانون الالتزامات والعقود بخلاف الرهن الرسمي، حيث رتبة الأولوية تكون دوما للأسبق في التسجيل[10].

وهكذا ومن خلال هذه المقارنة البسطية يتبين بجلاء أن حق الامتياز ونظرا لتصنيفه ضمن الضمانات العينية فإن خصائص ولكنه مع ذلك ينفرد ببعض الخصائص، خاصة من حيث مصدره ومحله بالإضافة إلى غايته أو الاعتبار الذي تقرر من أجله هذا الحق لذا سنحاول التطرق لمختلف هذه الخصائص لتنوير مقاربتنا للموضوع.

الفقرة الثانية: خصائص حق الامتياز

أولا: حق الامتياز حق مصدره القانون

من القواعد الكلية في القانون المدني أن الامتياز لا يكون إلا بنص قانوني، فحيث لا يوجد نص لا يمكن أن يوجد امتياز[11]، لأن هذا الأخير لا ينشأ عن العقد ولا عن الإرارة المنفردة أو غيرهما من الأسباب التي تؤدي إلى كسب الحقوق، وإنما ينشأ فقط بنص القانون، لذا يتعين الاقتصار على الامتيازا التي ينص عليها القانون، فلا يمكن أن يتفق شخصان على أن يعتبرا الذي لأحدهما على الآخرين دينا ممتازا ما دام القانون لا يجعله كذلك ولا يكون لهذا الاتفاق إن نوقع أي أثر من الناحية القانونية[12].

وعلى هذا قررت محكمة الاستئناف في الرباط أن الفصل 2104 من القانون المدني الفرنسي المتضمن أن "الامتيازات العامة المنقولة تمتد عند الاقتضاء إلى الأموال العقارية"، لا يوجد ما يماثله في التشريع المغربي، وعليه ولما كانت النصوص المتعلقة بالامتياز يجب تفسيرها تفسيرا ضيقا فإنه لا يمكن اعتنبار الامتياز المقرر للخزينة على المنقولات ممتدا إلى الثمن الناجم عن بيع عقار أحد المكلفين[13]، ويترتب على كون القانون مصدر للامتياز نتيجتان:[14]

-الأولى: لا يمكن إنشاء الامتياز مبدئيا على عقارات المدين إلا بنصوص خاصة كما هو الشأن في المادة 144 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أن الديون[15].

-الثانية: لا يجوز التوسع في تفسير النصوص التي تقرر الامتياز ذلك أن هذه النصوص بمثابنة استثناء من القاعدة العامة بوجوب مساواة الدائنين في الحقوق على أموال مدينهم والاستثناء يفسر دائما بصورة ضيقة ولا يقاس عليه[16]، فلا يجوز أن نعتبر دينا ممتازا لأنه يشبه دينا نص للقانون أنه من الديون الممتازة، لأن القاعدة العامة تقضي بأنه يجب أن يعتبر الدائنون جميعا متساوين في استحقاقهم لاستيفاء ديونهم من أموال المدين من غير تفصيل أحدهم على الآخرن في أن الامتياز يعتبر خروجا عن القاعدة، لأنه يعطي صاحبه الحق في استيفاء دينه الممتاز قبل غيره من الدائنين[17].

فهكذا مثلا إذا اعتبار المشرع المغربي المبالغ المستحقة عن توريدات المواد الغذائية للمدين وعائلته عن ست أشهر الأخيرة ديونا ممتازة في حين أن بعض التشريعات كالتشريع السوري وسعت نطاق الامتياز، فجعلته شاملا المبالغ المستحقة عما يورد للمدين وعائلة من مأكل ومشرب وملبس[18].

فلا نستطيع في التشريع المغربي التوسع في تفسير النصوص الواردة في الفصل 1248 من قانون الالتزامات والعقوج، واعتبار ما يورد للمدين وعائلته من ملبس أسوة بما يورد له من مأكل من ولا بالامتياز، ما دام النص ورد قاصرا على الديون الناجمة عن توريد المواد الائية وأنه لا يجوز التوسع في تفسير هذا النص[19].

ثانيا: الامتياز حق قرره القانون مراعاة منه لصفة الدين أو لسببه

بما أن القانون هو المصدر المباشر لحقوق الامتياز فإنه يضفي عليها هذه الصفة لسبب في الدين بصرف النظر عن شخص الدائن، كالرهن الجبري المقرر لمصلحة الزوجة على عقارات زوجها، ويترتب على هذا الاختلال أن الحق المتمتع بالامتياز عندما ينتقل إلى الغير ينتقل ممتازا كما هو، لأنه لم يتقرر للدائن عن شخصه وإنما يتقرر الامتياز للحق في ذاته، فيبقى لصيقا به عند انتقاله[20]، وذلك لأن بعضالديون تتطلب رعاية خاصة ويجب ان تكون محمية بنصوص قانونية وأن تدفع لأصحابها قبل غيرها من الديون، فديون الدولة غنما اعتبرت ممتازة لاعتبارات المصلحة العامة بسبب الفائدة التي يجنيها الجميع من تغذية خزينة الدولة وضمان سير الأعمال العامة[21].

كما تقرر هذه الامتيازات أيضا لاعتبارات اجتماعية كديون العمال المتمثلة في أجورهم المستحقة في ذمة رب العمل تكريما للعمل، وإعلاء لشأن العمال، وحتى لا يتضرروا من جراء عدم حصولهم على مستحقاتهم، أو من التأخير في حصولهم عليها[22]، كما يأخذ المشرع باعتبارات أخرى تتعلق مثلا بالعدالة وتتجلى في امتياز الدائن الذي أنفق مصروفات قضائية للمحافظة على الضمان العام[23]، لأن مبالغ هذه المصروفات أنفقها الدائن لمصلحة جميع الدائنين، وبالتالي كان لابد من منحه امتياز عليهم وقت التنفيذ على منقولات المدين[24]. ومن هذه الاعتبارات أيضا ما هو مبني على فكرة الرهن الضمني كما هو الحال في دين المؤجر أو صاحب الفندق اللذين يتمتعان بامتياز على أمتعة المستأجر أو النزيل الموجودة في المأجور أو الفندق[25]، هذا ودون أن نغفل الديون التي جعلت ممتازة لاعتبارات إنسانية كما هو الحال في الديون المترتبة عن نفقات الجناز ة حيث جعلها التقنين ممتازة لتشجيع الناس على التعجيل بتجهيز الميت والإسراع بدفنه، وبالأخصر حينما لا يتوفر الميت على مال ساند يجهز به[26].

ثالثا: الامتياز يرد على المنقولات أو على العقارات

خلافا للرهن الرسمي الذي لا يرد مبدئيا إلا على العقارات، فإن الامتياز يمكن أن يكون محله المنقول، كما يمكن أن يكون محله العقار، ثم إن حقوق الامتياز على المنقولات  معنية[27].

وعليه فالامتياز حسب التشريع المغربي على ثلاثة أنواع:

1-امتياز عام يرد على جميع ما يملكه المدين من منقول

3-امتياز خاص يثقل منقولا أو منقولات معينة دون سائر المنقولات الأخرى  العائدة للمدين.

3-امتياز خاص يثقل عقار أو عقارات معينة دون سائر العقارات الأخرى العائدة للمدين[28].

لكن الامتياز سواء كان عاما أو خاصا لا يقع إلا على أموال المدين ولا يمتد أثره إلى الأموال الجارية في تصرف أو ملكية الغير[29].

رابعا: الامتياز يولي صاحبه الأولية على غيره من الدائنين

حق الامتياز يتم تفصيله على غيره من الدائنين أصحاب الحقوق العينية حتى لو كانوا مكستندين إلى رهن رسمي، فالدين الممتاز على هذا النحو يقوم على سائر الديون الأخرى، فيستوفي صاحب الدين الممتاز حقه على وجه الأولوية على الدائنين الآخرين بغض النظر عما إذا كانت هذه الطائفة لها ديون سابقة على الدين الممتاز أم كانت مضمون برهون رسمية، وذلك تطبيقا للفصل 244 من قانون الالتزامات والعقود اي ينص على أن :"الدين الممتاز مقدم على كافة الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهون رسمية"[30].

وإذا أردنا تحديد هذه الأولوية وجب علينا التمييز بين ثلاث حالات حسب ما يحصل تزاحم الدين الممتاز مع دين عادي أو مع دين مضمون يرد على منقول مع مدين مضمون برهن عقاري حيازي أو رسمي[31].

أ-إذا حصل التزاحم بين الدين الممتاز والدين العادي فالأولوية للدين الممتاز على الإطلاق.

ب-إذا حصل التزاحم بين الدين الممتاز والدين المضمون برهن على منقول، فيجب التمييز بين أن يكون المرتهن حسن النية أو سيء النية، فإذا كان سيء النية اي عالما بترتب الامتياز على المنقول الذي تسلم على سبيل الرهن كانت الأولوية للدين الممتاز أما إذا كان المرتهن حسن النية فالأولوية هي له[32].

ج-إذا حصل التزاحم بين الدين الممتاز والدين المضمون برهن رسمي أو حيازي الأولوية للدين الممتاز على الإطلاق، عملا بالفصل 244 من قانون الالتزامات والعقود، فالدين المضمون برهن عقاري رسمي أو حيازي أيا كان تاريخ قيده في السجل العقاري يأتي في المرتبة مؤخرا من الامتياز العقاري الذي أعفاه المشرع من التسجيل[33].

ولعد مناقشة هذه الخصائص المميزة لحقوق الامتياز نتساءل عن أنواع هذه الحقوق.

المطلب الثاني: انواع حقوق الامتياز

إن حقوق الامتياز على ثلاث أنواع:

حقوق امتياز منقولة عامة ترد على جميع ما يملكه المدين من منقولاته وحقوق امتياز خاصة تنقل منقولا أو منقولات معينة، وحقوق امتياز خاصة تشمل عقار أو عقارات معينة.

الفقرة الأولى: حقوق الامتياز المنقولة العامة

وهي التي ترد على جميع منقولات المدين فهي لا تختص بمنقول معين دون الآخر، كما أن مرتبتها تأتي حسب الترتيب التي وردت عليه في الفصل 248 من قانون الالتزامات والعقود اي عدد هذه الحقوق[34].

أولا: الامتياز على منقولات الميت

حيث نجد الفصل المذكور يقرر امتيازا على هذه المنقولات لضمان الديون الآتية:

1-مصروفات الجنازة أي نفقات غسل الجثة وتكفينها ونقلها ودفنها مع مراعاة المركز المالي للمدين الميت.

2-الديون الناشئة عن مصروفات مرض الموت أيا كانت وسواء كانت قد أنفقت في منزل المريض وفي مؤسسة علاجية عامة أو حاضرة وذلك خلال 6 أشهر على الوفاة أو على افتتاح التوزيع.

3-المصروفات القضائية كمصروفات وضع الأختام وإجراء الإحصاء والبيع وغيرها مما يلزم للمحافظة على الضمان العام ولتحقيقه[35].

4-الأجور والتعويضات عن العطل السمتحقة الأجرة والتعويضات المستحقة بسبب الإخلال بوجوب الإعلام بفسخ العقد داخل المهلة القانونية والتعويضات المستحقة إما عن الفسخ التعسفي لعقد العمل وإما عن الإنماء السابق لأوانه لعقد محدد المدة متى كانت مستحقة:

-للخدام

-العمال المستخدمين مباشرة من المدين

-الكتبة والمستخدمون والمكلفون سواء كانت لهم رواتب محددة أو كانت أجورهم محددة بعمولة نسبية.

-الفنانين وغيرهم من الاشخاص المستخدمين في مؤسسات المشاهدة العمومخية ولك للفنانين وغيرهم من الأشخاص المستخدمين في المحلات الخاصة بإنتاج الأفلام السينمائية[36].

5-الدين المستحق للمصاب في حادثة شغل ولخلفائه من بعده يضمن مصروفات المساب الطبية والجراحية والصيدلية ومصروفات الجنازة، وكذلك التعويضات المستحقة له بنتجة العجز المؤقت عن العمل[37].

6-التعويضات المدفوعة للعمال والمستخدمين إما عن صندوق الإسعاف الاجتماعي (الضمان الاجتماعي) أو أنه مؤسسة أخرى تقوم بتقديم التعويضات العائلية للمشتركين فيها وإما من أرباب العمل الذين يقومون مباشرة بتقديم التعويضات العائلية لموظفيهم[38].

7-الديون المستحقة لصندوق الإسعاف الاجتماعي وغيره من المؤسسات التي تقوم بتقديم التعيوضات العائلية للمشتركين فيها من اجل رسوم العضوية والاشتراكات التي يلتزم هؤلاء المشاركون بدفعها للمنظمات السابقة وكذلك من أجل الإضافة التي تقتضيها تلك الإشراكات ورسوم العضوية[39].

الفقرة الثانية: حقوق الامتياز المقنولة الخاصة

حقوق الامتياز المنقولة الخاصة هي الحقوق التي ترد على منقول أو منقولات معينة للمدين دون بقية المنقولات وقد أورد المشرع تعداد هذه الحقوق في الفصل 125 على سبيل الحصر:

1-الدين المترتب عن مصروفات الزراعة

فإن استدان الفلاح مبالغ من المال ثم أنفقها في شراء البذور وأعمال الفلاحة من وزارة وتسمين وحصاد فإن هذا الدين يعتبر ممتازا بالنسبة للغلة الناتجة عن هذه الفلاحة.

2-الدين المترتب عن كراء العقارات

أي كراء الأراضي الفلاحية والأعمال المعدة للتجارة والصناعة والحرف والأماكن المعدة للسكنى والاستعمال المهني كراء لمكان آخر يندرج ضمن المفهوم المتعارف على العلاب تكون أجرته معتبرة من الديون الممتازة  مما يوجد من غلة ومنقولات قابلة للحجز من أدوات فلاحية ومراش وأثاث وأجهزة تكون ضامنة للأجرة المستحقة.

3-امتياز المصروفات المنفعة لحفظ الشيء

وهي المبالغ التي أولاها التلف الشيء وهلك كله أو بعضه لذا فمن العدل أن يفصل إنفاقها على الدائنين الآخرين في استيفاء ما أنفق من ثمن هذا الشيء أما المصاريف التحسينية فلا تعتبر ممتازة وفي حالة تزاحم عدة دائنين من أجل نفقات الحفاظ.

فهذه النفقات تعتبر جميعا ايا كان تاريخ صرفها في مرتبة واحدة تستوفي إذن نسبة قيمة[40].

4-امتياز أجر الصانع من عمله وما أنفقه من أجل المصنوع، له امتياز على الاشياء التي سلمت إليه ما دامت في حوزته[41]. فالصانع قد زاد في قيمة الشيء الذي عهد به إليه لذا من الإنصاف إذا بيع هذا الشيء أن تكون للصانع أفضلية على سواه من الدائنين العاديين استيفاء دينه من الثمن.

5-الدين المستحق للوكيل بالعمولة

فإذا أوكل شخص ضيخا آخر على أن يشتري له اشياء مقابل عمولة تضاف إلى الثمن يقام هذا الوكيل بما كلف به ويترتب له في طمة الموكل ديون في شمل عمولات ومصاريف أنفقها على ما اشتراه فإنها تعتبر دينا ممتازا يخوله حق في استيفاء دينه من تلك المنقولات التي اشتراها للموكل قبل غيره من الدائنين.

6-الدين المستحق للناقل

فإذا كلف شخص بنقل أشياء لحساب شخص آخر مقابل أجر معين، فإن هذا الأخير يعتبر دينا ممتازا يخول الناقل أن يتمسك بتلك الأشياء المنقولة إلى أن يستوفي قبل دينه من ثمنها قبل غيره من الدائنين، أما إن خرجت من يده ودفعها لصاحبها قبل استعمال حق الامتياز أصبح مجرد دائنا عادي وفقد حقه في الامتياز[42].

8-ديون أصحاب الفنادق والنزل المعتبرة ممتازة بسبب ما قدموه من للنزل أو صرفوه لحسابه

وهذا الامتياز يعطي للدائن الحق في أن يتمسك بالمنقولات التي يضعها النزيل في الفندق أو النزل إلى أن يستوفي منها دينه[43].

9-الديون الناشئة عن حادثة لصالح الأشخاص اين تضرروا منها أو لخلفائهم لها امتياز على مبلغ التأمين الذي يستحق عن المسؤولية المدنية[44].

الفقرة الثالثة: حقوق الامتياز العقارية الخاصة

وهو امتياز يثقل عقار أو عقارات معينة دون سائر العقارات الأخرى التي تملكها المدين وهذه الحقوق الممتازة كانت مجددة من المشرع المغربي في الفصل 155 من ظهير 19 رجب وفقا لما تم تعديله بمقتضى ظهير 12 شوال 1354 الموافق 7 يناير 1936 حيث حصر هذه الحقوق الممتازة في حقين إثنين وهما:

أ-المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه

ب-حقوق الضريبة كما تقررها وتعينها القوانين المتعلقة بها[45]

وسنعطي لكل من هذين الامتيازين:

أ-امتياز المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه

إذا بيع عقار المدين من أجل توزيع ثمنه بين دائنيه، وأدى أحد الدائنين المصاريف القضائية اللازمة لذلم البيع من إشهار وخبرة لتحديد ثمنه وغير ذلك، فإن تلك المصاريف التي أنفقت لصالح الدائنين جميعا يعتبر دينا ممتازا بالنسبة لذلك العقار ويحق للدائن بها أن يستوفي من الثمن المحصل عليه من ذلك البيع قيل غيره من الدائنين ثم يوزع باقي الثمن بين الدائنين حسب رتبتهم ولا يحتاج هذا الدائن إلى تسجيل تلك المصاريف بالرسم العقاري لأن هذا الامتياز لا يحتاج إلى تسجيل[46].

ويجب الانتباه إلى أن الرسوم والنفقات القضائية الممتازة لا تشكل إلا الرسوم والنفقات التي يستفيد منها جميع الدائنين أما الرسوم والنفقات التي يتكبدها أحد الدائنين للدفاع عن حقوقه كما في الرسوم والنفقات القضائية التي يؤديها مرتهن لتثبيت رهنه الرسمي المطعون في صحته فهي نفقات خاصة لا يسوغ له استيفاءها بصورة ممتازة لأن الدائنين لم يستفيدوا منها[47].

2-امتياز الحقوق المترتبة للخزينة العامة

نظرا لما قلناه سابقا من أن المصدر الوحيد للامتياز هو نص القانون، فإن ديون الدولة على الافراد لا تكون ممتازة إلا إذا نص القانون على ذلك، وهذا ما قررته الفقرة الثانية من الفصل 155 المشار إليها والتي تفيد أن هناك نصوصا خاصة بتعيين ديون الخزينة التي تتمتع بامتياز على عقار المدين، فديون الدولة على الأفراد لا تعتبر كلها ممتازة وإنما تقتصر ذلك على ما نصه القانون على أنه ممتاز[48].

ويلاحظ الفقه أن الفصل 155 من ظهير 2 يونيو لا يتضمن في الواقع إلا امتيازا عقارا واحدا هو امتياز المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه إما فيما يتلعق بالخزينة العامة فلا يمكن اغتبار أي حق من حقوقها ممتازا لما لم يقرر ذلك القانون المتعلق بها كمدونة تحصيل الديون العمومية[49].

وفي هذا السياق يذهب الدكتور محمد خيري إلى أنه "لا يعتد بالامتياز على العقارات بالنسبة لحقوق الخزينة العامة إلا عندما تقرر نصوص خاصة ذلك الامتياز".

كما ذهب الدكتور عبد الواحد شعير إلى أنه لا يوجد نص قانوني صريح بإمكانية استخلاص الضرائب من ثمن بيع الأرض بالمزاد العلني بامتباز وأن حق الامتياز ينحصر في محصولات وغلل وأكرية ومداخيل العقارات التي تفرض عليها الضريبة لكن وإلى جانب هذا الاتجاه العريض للفقه الذي يعتبر أنه لا امتياز لدين الخزينة على ثمن بيع العقار.. ذهب البعض إلى القول "أن محل الامتياز الضريبي لا يكون إلا على الأموال التي تفرض عليها تلك الضرائب وترد على عين الأرض وأجورها وغرادتها، فيحق استيفاء ما هو مستحق لها من الضريبة من بدل إيجار الأرض ووارداتها وكذا من ثمن بيع الأرض المزاد العلني"[50].

الموقف القضائي:

استقر قضاء الموضوع في المغرب على أنه لا امتياز للخزينة العامة على تمتيع العقار المرهون بل تعتبر دائنا عاديا وذلك تطبيقا لمبدأ لا امتياز بدون نص فقد عبرت محكمة الاستئناف بمراكشض عن هذه القاعدة بقولها:

حيث إن الفصل 158 من ظهير 6.2 .1915 في فقرته الثانية لم يحدث فيه أي امتياز لفائدة الخزينة العامة وإنما اقتصر على الإشارة إلى الامتيازات التي من شأنها أن تحدث بمقتضى نصوص خاصة وهو ما ذهبت إليه صراحة محكمة الاستئناف بالربقاط في قرارها الصادر بتاريخ 5 يوليوز 1935 المنشور في مجلة المحاكم لسنة 1936 والتي رفضت فيه إعطاء الخازن العام حق الامتياز على ثمن بيع عقار أحد المدينين، حيث لم يدل المستأنف بما يفيد صدور نصوص خاصة تعطيه حق الامتياز على العقارات، فالامتياز المتمسك به من طرف المستأنف ينحصر مفعوله على المنقولات والمعدات والبضاعات لاستخلاص الضرائب المباشرة والرسوم المشابهة ثم على الغلل وما تنتجه العقارات لاستخلاص الضرائب الناشئة عن هذه العقارات نفسها والفصل المذكور لا يتحدث عن امتياز الخزينة على العقارات نفسها لاستخلاص ديون لا علاقة لها بهذه العقارات[51].

ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط[52] إلى "أن النصوص الخاصة بالامتياز يجب تفسيرها تفسيرا ضيقا، وبالتالي لا يمكن اعتبار الامتياز العام المقرر للخزينة على المنقولات ممتدا إلى ثمن بيع العقار" وفي نفس الأتجاه ذهبت محكمة الاستئناف بطنجة[53] إلى "أن مقتضيات ظهير 21/8/35 حصرت الامتياز فيما يخص الديون المستحقة للخزينة برسم الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة لها على المنقولات دون العقارات" كما ذهبت محكمة الاستئناف بالناظور[54] في قرارها الصادر بتاريخ 8-10-02 إلى أن: "الفصل 56 من ظهير 15/3/62 ألقى الفصول 56-50-61-69 من ظهير 21/8/35 وعوضتها بالفصل 56 الذي حصر مفعول الدين الممتاز (دين الخزينة) على ثمن المقنولات والمعدات والبضاعة لاستخلاص الضرائب المباشرة والرسوم المشابهة لها ثم على الغلل وما تنتجه العقارات، ولم يورد منتوج بيع العقار ضمن الامتياز" وبتاريخ 14-01-2004 أصدر المجلس الأعلى قرارا في الموضوع[55] يسير في اتجاه محكمة الاستئناف بالناظور والذي جاء فيه أن دين الخزينة العامة "غير مشمول بحق الامتياز الذي يعطي للخزينة حق الأفضلية في استيفائه قبل الديون المضمونة برهن رسمي على عقار محفظ من منتوج بيع هذا العقار".

ونلاحظ وجود شبه إجماع فقهي واستقرار على مستوى قضاء الموضوع واجتهاد للمجلس الأعلى على أن الامتياز الوارد في ظهير 21/8/35 أو في مدونة تحصيل الديون العقمومية التي ألغت هذا الأخير إنما هو وارد على مداخيل وأكرية وغلل وعائدات العقار وليس على العقار ذاته وهو ما يعني أن المؤسسة المبادرة أو الجهة المكلفة بالتحصيل في إطار عملية التسنيد والتي تتمتع برهن رسمي من الدرجة الأولى تستوفي بالأسبقية دينها من ثمن بيع العقار قبل كل دائن حتة ولو كان الدائن هو الخزينة العامة.

وأخيرا لا يفوتنا أن نأكد أنه بعد صدور مدونة الحقوق العينية وبالرغم من تكريسها لهذه الحقوق في النصين السالفي الذكر، فإنها أكدت مباشرة حق الامتياز على العقار لا يتم عند وجود منقولات بمعنى أن وجود هذه الأخيرة يغني عن اللجوء إلى العقارات وذلك بمقتضى المادة 144 من هذه المدونة والتي جاء فيها: إن الديون التي لها وحدها اميتاز على عقارات المدين هي:

أولا: المصاريف القضائية لبيع الملك بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه

ثانيا: حقوق الخزينة كما تقررها وتعينها القوانين المتعلقة بها ولا يباشر هذا الامتياز على العقارات إلا عند عدم وجود منقولات[56].

المبحث الثاني: ترتيب أصحاب حقوق الإمتاز وانقضائه

حق الامتياز حق عيني يتقرر بمقتضى نص في القانون ضمانا للوفاء بدين معين، مراعاة لصفته على جميع أموال المدين أو على منقول أو عقار معين عنها، فيكون للدائن أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين في المرتبة في استيفاء حقه من المقابل النقدي لهذه الأموال. إلا أن الأشكال يطرح عند تزاحم هؤلاء المدينين  ويرغب كل منهم في استيفاء حقه من أموال المدين  وهذا ما سنتناول هذه الإشكالية في ترتيب أصحاب حقوق الإمتياز ( المطلب الأول )  على أن نقف عند انقضاء حقوق الإمتاز في  ( المطلب الثاني ) سواء انقضائه بصفة أصلية أو تبعية

المطلب الأول: ترتيب أصحاب حقوق الامتياز

أهمية الترتيب تظهر عندما يتزاحم حقوق الامتياز على منقول أو عقار ويريد كل من له دين ممتاز أن يستوفي الدين قبل غيره من الدائنين، فلابد من تعيين مراتب هذه الامتيازات من أجل تحديد من هو صاحب الحق الذي له الأولوية للحصول على دينه، وبالأخص عندما يكون المنقول أو العقار الواقع عليه حق الامتياز لا يكفي لسداد الديون الممتاز، لهذا سنحاول تحديد مراتب حقوق الامتياز انطلاقا من النصوص القانونية على أمل أن نتعرف بواسطتها على ما يقدم منها على غيره عندما تتزاحم هذه الحقوق.

الفقرة الأولى: تزاحم حقوق الامتياز فيما بينها

إن أهم ما يميز حق الامتياز هو أن القانون هو الوحيد يعطي ميزة الأولوية لحق معين على سائر الحقوق بوالتالي فإنه المصدر المباشر والوحيد لهذا الحق لهذا فيجب على القانون أن يحدد مرتبة حقوق الامتياز إلا أننا لا نجد في القانون المغربي نصا قانونيا يحدد ذلك على خلاف ما ذهب إليه المشرع المصري حيث نجد المادة 1131 من القانون المدني المصري تنص على أنه: "مرتبة الامتياز يحددها القانون فإن لم ينص صراحة في حق ممتاز على مرتبة امتيازه كان الحق متأخرا في المرتبة عن كل امتياز ورد في هذا الباب فإذا كانت  الحقوق الممتاز في مرتبة واحدة فإنها تستوفي بسبب كل  منها ما لم يوجد بما يقضي بخلاف ذلك".

إلا أنه رغم ذلك تجد مجموعة من النصوص حاولت تحديد مرتبة هذه الحقوق سواء كانت من نوع واحد أو من أنواع مختلفة.

أولا: تزاحم حقوق الامتياز الخاص الواقع على عقار

حيث هنا المشرع منح الأولوية للمصاريف القضائية على ديون الخزينة العامة، وهذا ما اقرته المادة 144 من مدونة الحقوق العينية[57]، إن الديون التي لها وحدها امتياز على عقارا المدين هي: .

ثانيا: المصاريف القضائية لبيع الملك بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه.

ثالثا: حقوق الخزينة كما تقررها وتعيينها القوانين المتعلقة بها ولا يباشر هذا الامتياز على العقارات غلا عند عدم وجود منقولات.

وهذا ما كان ينص عليه الفصل 155 من ظهير 2 يونيو 1915 حيث اشار إلى أن المصاريف القضائية تقدم على ديون الخزينة لأنها ذكرت قبلها[58].

وفي هذا الصدد يقرر الاستاذ محمد ابن معجور "إذا تزاحم حق الامتياز الواقع على عقار مع حق امتياز آخر فإن حق الامتياز الواقع على عقار هو الذي يقدم على غيره من الديون، ولو كانت هذه الديون مضمونة برهن رسمي على ذلك العقار[59].

ولقد برر الاستاذ رأيه هذا استنادا إلى الفصل 155 من ظهير 2 يونيو 1915 الذي ينص على "إن الامتياز حق عيني تخول بمقتضاه صفة الدين لدائن الأفضلية على باقي الدائنين حتى ولو كانوا دائنين برهن رسمي حيث أن هذا النص القانوني (الذي تقابله المادة 144 من قانون 39.08 حاليا، وإن كان لا يصرح بأن الامتياز يتعين تقديم الامتياز الواقع على عقار على امتياز آخر إلا أنه ما دام يصرح بأن الامتياز الواقع على عقار يقدم على كافة الديون الأخرى حتى ولو كانت ممتازة.

وبالتالي ستكون المصاريف القضائية المنفقة لبيع العقار وتوزيع ثمنه بين دائنيه، حيث أنه إذا ما قام أحد الدائنين بالإناق على إشهار البيع باطرق القضائية ودفع من أجل ذلك مصاريف الخبرة لتجديد ثمن العقار فإن المصاريف التي أنفقت تعتبر دينا ممتازا وتؤخذ من ثمن بيع العقار لصالح الدائن الذي أنفقها وبعده توزع المبالغ الباقية بين الدائنين حسب رتبهم[60] وإذا تزاحمت حقوق الامتياز على العقار كما لو افترضنا أن مزاحمين طالبا ببيع العقار (محل الحق) وكان دين أحدهما مضمونا برهن رسم ودين الآخر غير مضمون بأي رهن.

وتدخلت الدولة لاستخلاص دين ممتاز لها على صاحب ذلك العقار، فأدى الدائن الذي لا رهن له المصاريف القضائية اللازمة لبيع ذلك العقار، فإن هذا الدائن يستخلص المصاريف القضائية أولا وقبل غيره، ثم تستخلص الدولةو دينها الممتاز، وبعد ذلك يأتي دور الدين المضمون بالرهن الرسمي ثم الدين العادي[61].

وهذا إن دل علىشيء إنما يدل على أولوية المصاريف القضائية بالنسبة لكل الديون بما فيها ديون الدولة الممتازة على ذلك العقار المبيع وذلك بأن المصاريف القضائية أديت لمصلحة كافة الدائنين وكل ذلم يبرره ما أقرته المادة 144 بصريح العبارة أن الديون التي لها وحدها امتياز على عقارات المدين هي:

أولا: المصاريف القضائية لبيع الملك بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه

أما في القانون المصري الذي يستلزم التسجيل في الامتيازات الخاصة على عقار فإن ترتيبها يكون حسب تاريخ تسجيلها في حين نجد المشرع الفرنسي رغم أنه اشترط التسجيل في الامتيازات العقارية الخاصة فإن مرتبتها لا تتحدد بحسب تاريخ التسجيل كما ذهب إلى ذلك المشرع المصري بل تتحدد على اعتبارات أخرى مثلا، إذا تزاحم حق امتياز بائع العقار مع حق امتياز المهندس، فإن الأولوية تكون لحق المهندس على قيمة العقار لأنه زاد في هذه القيمة[62].

ثانيا: تزاحم حقوق الامتياز على منقول معين

بالنسبة لحقوق الامتياز الخاصة وهي التي ترد على منقول أو منقولات معينة[63] تتحدد مرتبتها بإعطاء الأولوية للدائن الذييكون المنقول تحت حيازته استنادا على اعتبارات تتعلق برهن ضمن لهذا المنقول لأن الدائن المرتهن رهنا حيازيا مقدم على سواه في المتحصل من الشيء المرهون وذلك طبقا للفصل 1249 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أنه "الدائن المرتهن رهنا حيازيا لمنقول مقدم على غيره في المتحصل من الشيء المرهون" ويأتي بعده الفصل 1250 لينص فيه المشرع على الديون الممتازة على بعض المنقولات[64].

هذا فيما يخص تزاحم حقوق الامتياز الخاصة على منقول معين أما فيما يتعلق بتزاحم حقوق الامتياز العامة على منقول معين فإنه لم يطرح مشكل في التشريعات المقارنة[65]. ذلك أن ترتيبها يكون على الشكل الذي وردت عليه في القانون فالمشرع اغلمغربب مثلا بعدما نص في الفصل 1247 ق ل ع أن "الامتيازات على المنقولات إما عامة وإما خاصة.

والدولة ترد على كل أموال المدين المنقولة أما الثانية فهي لا ترد إلا على منقولات معينة، ذهب بعد ذلك يوضح الديون الممتازة على كل المنقولات[66] في الفصل 1248 من قل ع[67].

بقي لنا أن نشير إلى أنه إذا ماكان أصحاب الديون المشارة في مرتبة واحدة، فإنه يستوفون حقوقهم محاصة وذلك عملا بالفصل 1245 من ق ل ع الذي نص على أنه "الدائنون الممتازن في مرتبة واحدة يتسوفون عىل وجه المحاصة خلفاء الدائنين الممتازين يباشرون نفس الحقوق التي كانت لمن أنجز منهم الحق إليهم ويحلون محلهم فيها.

لكن يمكن لنا أن نتساءل عند العمل إذا ما تزاحم أصحاب الامتياز العامة مع أصحاب حقوق الامتياز الخاصة على منقول؟

ليس هناك نص صريح يحدد ترتيب أصحاب حقوق الامتياز في مثل هذه الحالات إذا ما استثنينا الفصل 1244 من ق ل ع الذي نص فيه المشرع على أنه: "الدين الممتاز مقدم على كافة الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهون رسمية، وتتحدد الأفضلية بين الدائنين الممتازين على أساس الأنواع المختلفة الامتيازات.

ولكن بجانب هذا الفصل توجد مقتضيات خاصة تتعلق مثلا بديون الدولة والمؤسسات العمومية لذلك يطرح مشكل الترتيب فيما بينها[68].

الفقرة الثانية: تزاحم حقوق الامتياز مع الرهون

انطلاقا من المادة 142 من مدونة الحقوق العيني التي تنص على أن: "الامتياز حق عيني تبعي يخول للدائن حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين" واستنادا إلى ما قضى به المشرع في الفصل 1244 من ق ل ع على أن "الدين الممتاز المقدم على كافة الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهون رسمية ومن خلال تأمل هذين الفصلين يبدو أنه من الأفيد أن نقف أولا إلى تزاحم حقوق الامتياز مع الرهون العقارية على أن نقف عند تزاحم حقوق الامتياز والرهن الحيازي على منقول النفقة الثانية.

أولا: تزاحم حقوق الامتياز مع الرهون العقارية

يجب قبل ذلك أن نيمز بين الرهن بالرسم الذي عرفته المادة 165 من مدونة الحقوق العينية بأنه حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لضمان أداء دين وبين الرهن الحيازي الذي عرفه المشرع في الفقرة الأولى من المادة 145 من مدونة الحقوق العينية بأنه: حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين ويخول الدائن المرتهن حق حيازة المرهون وحق حبسه إلى أن يستوفي دينه[69]. وهو نفس التعريف الوارد في الفصل 1170.

لهذا فإذا كان الرهن رهنا رسميا فإن الأولوية تكون لحق الامتياز الواقع على العقار إذا ما طبقنا مقتضيات المادة 142 من قانون رقم 39.08 المتلق بمدونة الحقوق العينية التي يقضيب بشكل صريح أن الامتياز حق عيني تبعي يحول حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين[70].

إلا أنه مع ذلك تجد الملاحظة إلى أن الأولوية تكون فقط لامتياز المصاريف القضائية لبيع العقار وتوزيع ثمنه أمام امتياز حقوق الحقوق الخزينة فإن الاتجاه الغالب لدى القضاء[71].

ومن جهة أخرى بخصوص تزاحم حقوق الامتياز العقارية مع الرهن الحيازي العقاري فالمادة 142 من قانون رقم 34.08 والفصل 1244 من ق ل ع اللذان أسلت الإشارة إليهما أعلاه لا يشيران غلى الرهن الحيازة العقاري وفي هذا الصدد يرى الاستاذ مأمون الكزبري  أن رغم غياب هذه الإشارة في الفصلين السابقين فإن صياغتهما تدل على منح الأولوية للامتياز العقاري على الرهن الحيازي، إلا أإننا نجد الأستاذ نور الدين الأعرج يذهب اتجاه آخر في هذه الصدد نجده يقول "إننا لا نشاطر هذا الرأي أولا على اعتبار أن الفصلين السالفين الذكر كانا صريحين في مدى الأولوية لحقوق الامتياز العقارية على الرهن الرسمي، وثانيا نظرا لأهمية الحيازة والدور الذي تلعبه في مجال الرهن الحيازي يشترط أن يكون المرتهن حسن النية".

ثانيا: تزاحم حقوق الامتياز والرهن الحيازي على منقول

صاحب الرهن الحيازي على منقول تكون له الأولوية على صاحب الامتياز وهذا ما نستشفه انطلاقا من الفصل 1249 ق ل ع الذي نص على أن "الدائن المرتهن رهنا حيازيا لمنقول مقدم على غيره في المتحصل من الشيء المرهون[72].

فالحيازة هي التي تخول للدائن المرتهن حق الأولوية هذا ولكن يشترط أن يكون هذا الأخير حسن النية أي غير عالم برتب حق الامتياز على المقنول الذي يحوزه على سبيل الرهن لأن المبادئ العامة تقتضي بأنه لا يحترم بحق الامتياز على من حاز المنقول بحسن نية إذا كان المرتهن سيء النية، فإن الأولوية تخول لصاحب حق الامتياز[73].

المطلب الثاني: انقضاء حقوق الامتياز

انطلاقا من المادة 143 من قانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي تنص على أنه "تنتج حقوق الامتياز أثرها ولو لم تفيد بالرسم العقاري وتحدد رتبتها بالقانون نستشف أن مصدر حق الامتياز هو القانون إذ أن القانون هو الوحيد الذي يعطي ميزة لحق معين على سائر الحقوق وبالتالي فإنه إلا أننا لا نجد في التقنين المغربي نصوصا خاصة بالأسباب التي ينقضي بها الامتياز بصفة عامة، وإنما نعثر في بعض الفصول على ما تنتهي به بعض الامتيازات[74]، أمام هذا الفراغ التشريعي ندخل الفقه ليعطي بعض الحلول معتمدا على القياس فذهب إلى أن حقوق الامتياز يمكن أن تخضع لأحكام الرهون فيما لا نص فيه، وهكذا يمكن أن تخضع لأحكام الرهون فيما لا نص فيه، وهكذا فإن حقوق الامتياز المنقولة تخضع لأحكام الرهن الحيازي[75]

وهكطا يقول الاستاذ محمد ابن معجوز "وبما أننا نعرف أن حق الامتياز يقترب من حق الرهن في أن حلا منهما حق تبعي وجد ليضمن أداء الدين كما أن كلا من الرهن والامتياز يعطي صاحبه الأولوية في استيفاء الدين من ثمن الشيء المرهون أو الشيء الذي يقع عليه الامتياز، فإن هذا يعني أن الأسباب التي ينقضي بها حق الرهن يمكن أن ينقضي بها حق الامتياز أيضا[76].

لهذا فحق الامتياز ينقضي إما بصفة تبعية للدين الممتاز (الفقرة الأولى) وأما ينقضي بصفة رئيسية حينما توجد أسباب تؤدي إلى انقضاءه.

وقبل التصرف في الحالات انقضاء الامتياز والتي اقتبست من أحكام الرهون نريد أن نشير إلى إشكالةي لها علاقة بالموضوع ألا وهي مسألة هلاك المال الطي يرد عليه حق الامتياز فرغم أننا نجد المشرع المصري قد كان موقفه واضحا في هذه المسألة حسب نص صراحة على الأحكام المطبقة أثناء هلاك المال محل حق الامتياز في المادة 1135 من القانون المدني المصرح بقوله أنه: "يسري على الامتياز على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة بهلاك الشيء أو نقله" فإن القانون المغربي ظل ساكتا تجاه هذه المسألة.

فما العمل إذن.

وأمام هذا الفراغ التشريعي مكا على الباحث إلا أن يلتجأ إلى آراء الفقهاء هكذا نجد أن القه ذهب إلى تطبيق أحكام الرهون في هذه الحالة، وهكذا إذا كان مال الهالك المثقل بحق الامتياز عقارا فإن أحكام الرهن الرسمي هي المطبقة على هذه الحالة.

أما إذا كان منقولات فإنه يخضع لأحكام الرهن الحيازي.

الفقرةالأولى: انقضاء حقوق الامتياز بصفة تبعية

بما أن الامتياز هو حق عيني تبعي[77] فهو يتبع الدين الممتاز في انقضاءه، فإذا كان هذا الدين باطلا أو قابلا للإبطال أو انقضى بإحدى طرق الانقضاء فإن الامتياز الواقع على مال المدين سواء كان منقولا أو عقارا لينقضي تبعا لذلك، لهذا يتبين لنا أن هناك ثلاثة حالات ينقضي حقا الامتياز تبعا لانقضاء الدين.

أولا: إذا تبين أن الدين الممتاز باطل

كما إذا تبين أن الأجرة التي يطالب بها الأجير كانت في مقابلة القيام بجريمة.

ثانيا: وإذا أبطل الدين الممتاز بسبب من أسباب الغبطال كما إذا تبين أن الوكيل بالعمولة ارتكب تدليساأدى إلى غبن المدين بالعمولة.

ثالثا: إذا انقضى الدين  الممتاز بطريق من طرق الانقضاء من وفاء أو مقاصة أو غيرهما فإن الامتياز الواقع على ما للمدين من منقول أو عقار ينقضي بذلك.

الفقرة الثانية: انقضاء حق الامتياز بصفة أصلية

ينقضي حق الامتياز بصفة أصلية بقطع النظر عما إذا كان الدين الممتاز قد انتى أولا بسبب من هذه الأسباب الآتية:

هلاك المال المثقل بحق الامتياز هلاكا كليا أما إذا كان الهلاك جزئيا فإن هذا الحق لا ينتهي ولكنه يبقى على الجزء الذي لم يملك ومما يجب النبيه غليه أنه حتى في حالة الهلاك الكلي يمكن أن ينتقل حق الدائن الممتاز إلى المقابل النقدي للحق محل الامتياز، وذلك استنادا إلى الفصل 1188 من ق ل ع الذي جاء فيه: "يمتد الرهن الحيازي بقوة القانون إلى التعويضات المستحقة على الغير بسبب هلاك المرهون أو تعيبه أو بسبب نزع الملكية لملنقعة العامة وللدائن أن يتخذ كل الإجراءات التحفظية لحفظ حقه في مقدار التعويضات".

2-تنازل الدائن عن حقه في الامتياز وذلك إما بصفة صريحة كأن يكتب لدائن بمصروفات مرض الموت وثيقة يذكر فيها أنه يعبتر نفسه إسوة الغرماء[78].

وأنه تخلى عن حق الامتياز الذي يؤهله لاستيفاءدينه قبل غيره من الدائنين وإما بصفة ضمنية كأن يأخذ صاحب الفندق لنزيله بإخراج منقولات من ذلك الفندق وكأن يسلم الصانع الشيء المصنوع قبل أن يستوفر أجرته وثمن ما أنفقه في صناعته.

3-بيع الشيء الذي وقع عليه الامتياز لفائدة دين ممتاز سابق في الرتبة إذا تزاحم دينا أو أكثر على شيء وكانت درجتهما متفاوتة ثم بيع هذا الشيء واستوفر صاحب الدرجة الأولى دينه ولم يبق من الثمن شيء فإن الدين الذي في المرتبة الثانية يفقد الامتياز الذي كان يتمتع به، وهكذا إذا بيعت كل المنقولات المتفورة ولم يعط ثمنها إلا مصروفات الحيازة فإن الدائن بنفقات المرض يفقد امتيازه الذي كان له على تلك المنقولات ويصبح مجرد دائن عادي.

4-استحقاق الشيء الذي يقع عليه الامتياز إذا تبين أن الشيء الذي يقع عليه الامتياز غير مملوك للمدين كما إذا تبين أن المنقولات التي وضعها النزيل بالفندق مسروقة أو ضائعة وطالب بها صاحبها في الوقت المناسب فإن امتياز صاحب الفندق ينتهي ولو كانت تلك المنقولات ما تزال في فندقه.

5-انتهاء مدة الامتياز: إذا انتهت المدة التي حددها القانون لامتياز فإن حق الامتياز بينهم بذلك، وذلك كما إذا لم يمت المريض إلا بعد أن مرت أكثر من سنة أشهر على قيام الدائن بالإنفاق على علاجه وكما إذا لم تطالب الخزينة بالضرائب المفروضة على شخص غلا بعد مرور أكثر من سنتين على نشر قائمة الضرائب بالجريدة الرسمية.

6-اتحاد الذمة متى آلت ملكية الشيء الذي يقع عليه إلى صاحب الدين الممتاز فإن حق الامتياز ينقضي بذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الحالات التي ينقضي الرهن فيها لا يمكن تطبيقها على حقوق الامتياز لأن مصدرها كما سبقت الإشارة أعلاه القانون ولا يشنأ بإرادة الطرفين وهذه الحالات هي:

1-فسخ حق الطرف الذي أنشأ الرهن

2-تحقيق الشرط الفاسخ للرهن

3-حوالة الدين المرهون

خاتمة

من خلال استعراضنا لحقوق الامتياز التي نصت عليها مدونة الحقوق العينية الجديدة والتي تم التطرق إليها في هذا البحث المتواضع، يتبين لنا وبجلاء مدى أهمية التثقيف والتمكين من كل ما يتعلق بالعقار والحقوق العينية العقارية وتستمد هذه الثقافة والتمكين أهميتها من كون المتمكن في معرفة هذه الحقوق وتعريفاتها والملم بالقوانين التي تنص عليها، يكون في مأمن من الوقوع في الأخطاء القانونية، شكلا وموضوعا وعلى بينة مما يجب عليه القيام به وخاصة إذا كان ممن توكل إليهم مهمة إنجاز المعاملات المتعلقة بالعقارات والحقوق العينية المترتبة عليها، مما يضفي على التعامل معه الثقة والإئتمان وبث الطمأنينة في نفوس المتعاملين معه

لائحة المراجع:

الكتب                                                                

ü    إ دريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08 طبعة 2013.

ü     سفيان ادريوش، تسند الديون الرهنية الجزء 23 طبعة أكتوبر 2009.

ü    محمد بونبات، في الحقوق العينية، دراسة مقاربة للحقوق العينية وجدواها الاقتصادية والاجتماعية، الطبعة الأولى، مراكش 2002 المطبعةوالوراقة الوطنية مراكش، سنة 2002-2003.

ü    مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقو العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الثاني، طبعة 1978.

ü    محمادي معكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية، طبعةن 2013.

ü    محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي

المجلات:

ü    المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، مقال حقوق الامتياز في القانون المغربي للأستاذ نور الدين الأعرج، العدد 8 طبعة يوليوز 2007.

ü    المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد 8 يوليوز 2000.

ü    مباحث في مادة الحقوق العينية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية الحقوق بطنجة طبعة 2006.

ü    مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد العدد 7 مقال للأستاذ نور الدين الأعرج، طبعة 2007.

قوانين:

ü    ظهير شريف رقم 178-11-1 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (202 نونبر 2011) بتنفيذ القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011.

أحكام و قرارت:

ü    قرار محكمة الاستئناف بطنحة رقم 26-1-1950 أورده مأمون الكبزري، المرجع السابق، ص: 342. بمجلة سلسة ندوات محكمة الرماني، العدد 2-2003، دار السلام، الرباط.

ü     قرار محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 13 يوليوز 1987 منشور بمجلة المحامي عدد 11-1988.

ü    -حكم المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء، رقم 1003 بتاريخ 11/5/1971 في الملف التجاري عدد 8762- منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 43، ماي –يونيو 1986.

ü     محكمة الاستئناف في الرباط الحكم الصادر في 5 يوليوز 1935 مجموعة محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1935

----------------------------

[1]  محمد بونبات، في الحقوق العينية، ص 151

[2]  محمد محجوبي، أساسيات في الحقوق العينية العقارية، طبعة 2012، ص 123

[3]  - نور الدين الأعرج، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، طبعة يوليوز 2007، ص 107-108

[4] - إدريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08 طبعة 2013، ص: 195.

[5] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 195.

[6] - محمد بونبات، في الحقوق العينية، سلسلة آفاق، عدد 7 الطبعة الأولى 2002، ص: 151.

[7] - مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد العدد 7 مقال للأستاذ نور الدين الأعرج، طبعة 2007، ص: 69.

[8] - محمادي معكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية، طبعةن 2013، ص: 276 و277..

[9] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 195- 196.

[10] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 277-278.

[11] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 274.

[12] - مباحث في مادة الحقوق العينية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية الحقوق بطنجة، ص: 205.

[13] - محكمة الاستئناف في الرباط الحكم الصادر في 5 يوليوز 1935 مجموعة محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1935.

[14] - مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقو العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الثاني، طبعة 1978، ص: 342.

[15] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 196.

[16] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 274.

[17] - ابن معحجوز، ص: 493.

[18] - الفقرة الثانية من الفصل 1120 من القانون المدني السوري.

[19] - مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص: 343.

[20] - الأستاذ نور الدين الأعرج، مرجع سابق، ص: 71.

[21] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 196.

[22] - محمد بونبات، مرجع سابق، ص: 154.

[23] - الفصل 248 من قانون الالتزامات والعقود الفقرة الثانية.

[24] - المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، مقال حقوق الامتياز في القانون المغربي للأستاذ نور الدين الأعرج، العدد 8 طبعة يوليوز 2007، ص: 112.

[25] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 275.

[26] - ابن معجوز، مرجع سابق، ص: 493.

[27] - مجلة طنجيس، مقال الأستاذ نور الدين الأعرج، ص: 72، مرجع سابق.

[28] - مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص: 343.

[29] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 275.

[30] - محمد بونبات، مرجع سابق، ص: 153.

[31] محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 275.

[32] - مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص: 344.

[33] - محمادي معكشاوي، مرجع سابق، ص: 276.

[34] - الأستاذ نور الدين الأعرج، مجلة طنجيس، ص: 73.

[35] - الدكتور سفيان ادريوش، تسند الديون الرهنية الجزء 23 طبعة أكتوبر 2009، ص: 187.

[36] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 197.

[37] - مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص: 50.

[38] - محمد بونبات، مرجع سابق، ص: 157.

[39] - سفيان أدريوش، مرجع سابق، ص: 188.

[40] - الكزبري، ص: 355.

[41] - الفاخوري، ص: 198.

[42] - ابن معجوز، ص: 500.

[43] - بونبات، ص: 62.

[44] - الفاخوري، 98.

[45] - الفاخوري، ص: 198.

[46] - ابن معجوز، ص: 503.

[47] - الكزبري، ص: 360.

[48] - محمد ابن معجوز، ص: 503.

[49] - طنجيس، ص: 74.

[50] - سفيان أدريوش، مرجع سابق، ص: 194-195.

[51] - محمد ابن معجوز، ص: 505.

[52] - قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 5 يوليوز 1935 مشار إليه عند

-Paul Decreaux, op. cit, p : 410.

-Français –Paul Blanc, op. cit, p : 712

وأنظر في نفس هذا الاتجاه الأحكام والقرارات التالية:

-حكم المحكمة الإقليمية بالدار البيضاء، رقم 1003 بتاريخ 11/5/1971 في الملف التجاري عدد 8762- منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 43، ماي –يونيو 1986، ص: 113.

-قرار محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 13 يوليوز 1987 منشور بمجلة المحامي عدد 11-1988، ص: 45.

[53] - - قرار محكمة الاستئناف بطنحة رقم 26-1-1950 أورده مأمون الكبزري، المرجع السابق، ص: 342. بمجلة سلسة ندوات محكمة الرماني، العدد 2-2003، دار السلام، الرباط، ص: 295.

[54] - قرار محكمة الاستئناف بالناظر عدد 888 في الملف المدني عدد 354/02 بتاريخ 8-10-2002 منشور بمجلة رسالة الدفاع، العدد 4-2003، ص: 115.

[55] - القرار الملس الأعلى عدد 123 الصادر بتاريخ 14-1-2004 في الملف المدني عدد 4400-1-1-2002 منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 150، السنة 32 مطبعة الأمنية، ص: 204.

[56] - إدريس الفاخوري، مرجع سابق، ص: 198.

[57] - ظهيرشريف رقم 178-11-1 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (202 نونبر 2011) بتنفيذ القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011.

[58] - مقال للأستاذ نورد الأعرج، منشور بالمجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد 8 يوليوز 2000.

[59] - محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، م س، ص: 506.

[60] - محمد بونبات، في الحقوق العينية، دراسة مقاربة للحقوق العينية وجدواها الاقتصادية والاجتماعية، الطبعة الأولى، مراكش 2002 المطبعةوالوراقة الوطنية مراكش، سنة 2002-2003.

[61] - محمد ابن معجوز، م س، ص: 507.

[62] - مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد، العدد 6/2007، ص: 80.

[63] - مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينة الأصلية والتبيعة، ج 2، ص: 350.

[64] - للإشارة إلى أن الامتياز الخاص المتعلق بالمنقولات المنصوص عليه في المادة 276 من مدونة التأمينات الجديدة يأتي بعد الامتيازات التي نص عليها المشرع في الفصل 1250 من ق ل ع).

[65] - مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد، العدد 6/2007، ص: 79.

[66]  الحقوق العامة الممتازة

[67] - للإشارة أنه قد حدث تغيير في ترتب الامتياز العام المذكور في العصل 1248 ق ل ع حيث أن امتياز الإجراء قصد استيفاء مالهم من أجور وتعويضات في ذمة الشغل من جميع منقولاته أصبح يحتل المرتبة الأولى بمقتضى المادة 382 من مدونة الشغل بعدما كان يحتل المرتبة الرابعة بمقتضى فصل 1248 ق ل ع.

وتجدر الإشارة كذلك أن الامتياز العام المنصوص عليه في مدونة التأمينات يأتي بعد الامتيازات الواردة في الفصل 1248 ق ل عè بمقتضى المادة 276 من مدونة التأمينات الجديدة.

[68] - المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، م س، ص: 122.

[69] -إدريس الفاخوري، الحقوق العينية، م س، ص: 187.

[70] - وهذا ما كان ينص عليه الفصل 154 من ظهير 2 يونيو 1915 المطبق على العقارات المحفظة.

لهذا فمتى تزاحم الدين الممتاز مع الدين المضمون برهن رسمي فإن الدين الممتاز يقدم على هذا الدين، كتاب منشور بجامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق بطنجة، مباحث في مادة الحقوق العينية الأصلية والتبعية، السنة الدراسة 2004-2005، ص:" 207.

[71] - مقال نور الدين الأعرج، مجلة طنجيس، م س، ص: 81.

يراجع في هذا الصدد قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش الغرفة المدنية رقم 2064 بتاريخ 13 يوليوز 1987 قرار منشور بالمجلة المغربية للقانون العدد6، ملف مدني 86/2303 السنة 1986، ص: 66.

[72] - نفس الاتجاه سلكه المشرع المصري حيث أن المادة 1133 القانون المدني مصري نصت "لا يعتبر بحق الامتياز على من حاز منقولا بحسن نية".

[73] - مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية والاصلية والتبعية، ج 2، ص: 362.

[74] - محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، م س، ص: 508.

[75] - مجلة طنجيس، م س، ص: 82.

[76] - محمد ابن معجوز، م س، نفس الصفحة.

[77] - المادة 142 من قانون رقم 39.08.

[78] - محمد ابن معجوز، م س، ص: 509.

مواضيع ذات صلة

المستجدات التشريعية المتعلقة بعقد بيع العقار في طور الانجاز

البيوع الواردة على الأشياء المستقبلية -بيع العقار في طور الانجاز-

ورقة علمية حول التثمين العقاري 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات