القائمة الرئيسية

الصفحات

البيوع الواردة على ألأشياء المستقبلية -بيع العقار في طور الانجاز-

البيوع الواردة على ألأشياء المستقبلية -بيع العقار في طور الانجاز-


مقدمة

بتطور الحياة وتضارب المصالح ازدادت أهمية العقار سواء أكان أرضا عارية أو بناء متكاملا أو في طور البناء ˓ وأصبح إلى جانب العنصر البشري محوراي مشروع تنموي مما استلزم تدخل التشريعات بفلسفاتها المختلفة لتنظيم مجال التعامل فيه حتى يحقق الأهداف المرسومة له .
والمغرب عرف حركة تشريعية سعت إلى بناء منظومة قانونية ذات أبعاد وتجليات واسعة˓ تشمل كافة القطاعات المؤثرة وكافة المتدخلين في مجال العقار والبناء قصد تحقيق هدفين أساسين:
أولهما:  تخليق مجال المعاملات العقارية وتطهيره.
ثانيهما: خلق ديناميكية اقتصادية تستند على حفظ التكاليف والنفقات وانعاش السوق العقارية.[1]
وكان إذن قانون 44.00 المتعلق بالبيع العقار في طور الإنجاز إحدى هذه الآليات التي استند عليها المشرع لسد الفراغ القانوني الذي كان يعرفه واقع الممارسة المتميز بشيوع البيوع على التصميم "Vente sur Plan" أو على الحالة المستقبلية لاستكمال البناء En l’état future d’achèvement وما نتج عنها من مآسي اجتماعية ومشاكل اقتصادية ونزاعات قضائية يصعب تكييفها وإثباتها وتنفيذ أحكامها[2] .
وبالرغم من تعدد المصطلحات القانونية التي تم التعبير بها عن هذا العقد ˓نجد على أن المشرع المغربي أورد في الفصل 1-618 من ق.ل.ع: "يعتبر بيعا لعقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل آجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال".
أما فيما يتعلق بمسألة المقارنة الفقه الإسلامي فلا مجال لوجودها لأن بيع السلم ينصب على المنقول ولا علاقة له بالعقار إذ قد نظم المشرع المغربي بيع السلم في الفصول 613 إلى 618 من (ق.ل.ع)، وقد عرفه في الفصل 613 بأنه "عقد بمقتضاه يجعل أحد المتعاقدين مبلغا محددا للمتعاقد الآخر الذي يلتزم من جانبه بتسليم مقدار معين من الأطعمة أو غيرها من الأشياء المنقولة في أجل متفق عليه".
والظاهر أن أحكام بيع السلم قد استقاها واضعو ق.ل.ع من الفقه الإسلامي، وبالدرجة الأولى من المذهب المالكي دون إغفال المذهب الحنفي.
وبالرجوع إلى منطوق المادة 613 من ق.ل.ع نجد المشرع ينص في الفقرة الثانية منه:" لا يجوز إثبات بيع السلم إلا بالكتابة " ˓بحيث نجده ينص في المادة 443 هذه الأخيرة تم تعديلها بمقتضى المادة الخامسة من قانون 53.05  المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية خاصة المتجاوز مبلغها عشرة آلاف درهم لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود.
·       اما فيما يخص استثناءات بيع السلم نجدها تنقسم إلى شقين:
 التعامل في تركة إنسان حي: هذا الأساس نص عليه المشرع في الفقرة II من الفصل 61 من ق.ل.ع يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا أو غير محقق فيما عدا الاستثناءات المقررة بمقتضى القانون.

ومع ذلك لا يجوز التنازل عن تركة إنسان على قيد الحياة˓  ولا إجراء أي تعامل فيها أو في شئ  مما تشتمل عليه ولو حصل برضاه، وكل تصرف مما سبق يقع باطلا بطلانا مطلقا ˓ ومن تم جاء المنع قطيعا حتى ولو كان برضاه. ويرجع مصدره كما يقول الفقيه السنهوري إلى القانون الروماني الذي كان يعتبر التعامل في تركة إنسان حي إنما يضارب على موته كما أنه يغري ذا المصلحة أن يعجل بموت المورث.
بيع الثمار قبل نضجها: الأصل هو أنه لا يمكن بيع الثمار إلا بعد نضجها والتي تقوم أساسا على التعيين من خلال تعيين ثمار شجر مخصوص أو ثمار ضيعة فلاحية محددة ˓ وهذا عكس بيع السلم الذي لا تعيين فيه كما سبق وأشرنا وإنما يلتزم فيه البائع بعد قبض الثمن كاملا بتحضير أطعمة أو غيرها من المنقولات في موسم فلاحي معين أو أجل محدد فهنا لا يكون التعيين بالذات وإنما بالمقدار والصنف والوزن أو الكيل فقط ˓ وأثر إصابتها بالهلاك فالمشتري له الخيار في فسخ البيع أو انتظار الموسم الموالي [3]
إذ استمرت هذه المرحلة مدة طويلة فذلك إلى حين إصدار الحماية الفرنسية ق.ل.ع بتاريخ 12 غشت 1913 إذ نميز بين شقين.
1-   مميزات الصعيد الواقعي:
 الثابت أنه لا مجال للحديث عن أزمة السكن قبل دخول الحماية الفرنسية للمغرب سنة 1912˓ إذ كان أغلب سكان البلد يسكنون في البوادي حيث كان تصميم المدن يخضع لقواعد عرفية إسلامية إذ ان الأفراد لم يكن لديهم هاجس امتلاك مسكن لأنه كان هناك وفرة في المساكن مقارنة مع الطلب˓ حتى أصحاب رؤوس الأموال لم يكونوا يقبلون على مجال العقار وهذا لكون المردودية هزيلة.
وقد تناول المشرع المغربي العناصر المميزة لعقد بيع العقار في طور الإنجاز في الفصل 1-618 من قانون 44.00 :
ü    اولها: بناء العقار: يعد التزام البائع ببناء العقار أهم خاصية ينفرد بها هذا البيع لكونه ينصب على شيء غير موجود وقت إبرام العقد.
ü    وثانيها: تحديد أجل انتهاء البناء إضافة إلى التزام البائع بالبناء فإنه يلتزم ببناء العقار داخل آجل محدد.
وعلى الرغم من خصوصيات بيع العقار في طور الإنجاز إلا أنه يبقى قريبا من بعض المؤسسات القانونية وهو ما يقتضي ضرورة الوقوف عندها.
*   بيع العقار في طور الإنجاز عن البيع العادي: هذا الأخير عرفه الفصل 478 من ق.ل.ع "بيع بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الآخر بدفعه له".
ولذلك يتجلى وجه الاختلاف في عنصر أساسي وجوهري هو التزام البائع بتشييد البناء خلال أجل محدد وبموصفات خاصة ˓ فإذا وجد هذا الالتزام كنا أمام بيع عقار في طور الإنجاز يخضع الأحكام الخاصة الواردة في قانون 44.00 وإذا انعدم كنا أمام بيع عادي الأصل فيه انتقال الملكية إلى المشترى كأثر فوري ومباشر لعقد البيع.
أيضا إذا كان الأصل في الثمن أن تسدد على دفعات تبعا لتقدم الأشغال طبقا للفصل 6-618 من قانون 44.00، فإن الأصل فيه أن يسدد دفعة واحدة عند التعاقد في البيع النهائي ˓ جاء في الفصل 127 فقرة أولى من نفس القانون: " إذ لم يحدد الوفاء بالالتزام أجل معين، وجب تنفيذه حالا..."
هذا يسموا بنا إلى طرح الإشكالية:
·       ما هي الطبيعة القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز؟ وما هي الآثار والإخلالات المترتبة عنها؟

المبحث الأول: ازدواجية النمط التعاقدي لبيع العقار في طور الإنجاز:


      تعتبر علمية بيع العقار في طور الإنجاز من التصرفات القانونية المركبة التي تستلزم إبرام عقد تمهيدي أولي على أن يتمم في وقت لاحق بالموافقة على العقد النهائي الذي يؤكد هذه العملية.[4]

المطلب الأول: العقد الابتدائي:

قبل إصدار القانون رقم 00-44 كانت الفوضى تسود أغلب المعاملات المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز، بحيث كان القائم بتحرير العقد ينتمي في الغالب لطائفة الكتاب العموميين الذين يتميز أغلبهم بتدني مستواهم الثقافي وعدم إلمامهم بقواعد اللغتين العربية والفرنسية التي تحرر بها العقود وكذا بالقواعد القانونية، وكثيرا ما يتم ارتكاب أخطاء فادحة، تلحق الضرر بمصالح العاقدين سيما المقبل على الشراء[5].
وتجنبا لهذه الحالة الشاذة قرر المشرع التدخل بالقانون أعلاه والتنصيص من خلال المادة -3-618على وجوب تحرير عقد البيع الابتدائي لعقار في طور الإنجاز بموجب محرر رسمي أو عقد تابت التاريخ، يكتبه مهني ينتسب لمهنة قانونية منظمة يخولها المشرع صلاحية تحرير العقد.
وباعتبار عقد البيع الابتدائي وعد بالبيع والشراء من الجانبين المتعاقدين، فإنه كذلك كباقي العقود العادية يشمل الشروط الموضوعية العامة المتطلبة لإنشاء كل العقود، كما أشار إليها الفصل 2 من ق.ل.ع.م وهي الأهلية والرضا، المحل و السبب.
تضاف إلى هذه الشروط الموضوعية شروط أخرى تقتضيها خصوصيات قطاع الإنعاش العقاري وموجبات حماية المشرع لشراء عقار قيد الإنجاز، وتتمحور هذه الشروط الشكلية في وجوب كتابة هذا العقد من قبل أشخاص مؤهلين بصورة قانونية.[6]
أي يخول لهم قانونهم الأساسي تحرير هذه العقود تحت طائلة البطلان المنصوص عليه في الفصلين 3/618 و16/618 من القانون المنظم لهذا البيع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أضاف المشرع، فقرتين لمضمون الفصل 3/618 خول بمقتضاهما لوزير العدل صلاحية تحديد لائحة سنوية بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود مع إمكانية إدراج أسماء المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض ضمن هذه اللائحة وذلك طبقا للفصل 30 من الظهير المنظم لهنة المحاماة الصادر بتاريخ20 أكتوبر 2008.
إلا أنه ليس هناك تبريرا كافيا لإضافة هذه الشريحة من المحامين لقائمة الأشخاص المرخص لهم بتحرير هذه العقود لكثرة المشاغل والأعباء الكثيرة التي تنقل كاهل رجل الدفاع ثم إن مهام التوثيق عموما ليست من صلاحيات المحامي كيفما كانت درجته في هيئة الدفاع. أما عن باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود فإن المشرع ربط هذه المسؤولية بضرورة استصدار نص تنظيمي يحدد شروط تقييد هؤلاء المهنيين ضمن اللائحة المشار إليها سابقا والتي تدخل ضمن صلاحيات وزير العدل.[7]
فطبقا لفصل 3- 618 الذي أتى منسجما مع القواعد العامة سيما الفصل 489 من ق.ل.ع.م.، إذ نية المشرع اتجهت نحو تطلب شرط الكتابة في أي بيع لحق على عقار، سواء أكان ابتدائيا أو نهائيا حيث لو شذ هذا العقد إلى غير ما ذكره الفصل 3-618 فإنه يعتبر باطلا، ومن تم فشرط الكتابة مطلوب هنا لصحة عقد بيع العقار قيد الإنجاز لا لإثباته فحسب، فإذا ما تقرر بطلانه لتخلف الكتابة فلا يمكن تصحيحه لا بالإجازة ولا بالتقادم لأن البطلان يتعلق بالنظام العام.[8]
سمي هذا العقد ابتدائياContrat préliminaire  لأنه بمثابة أول خطوة إيجابية لتأكيد العلاقة التعاقدية بين البائع والمشتري وهو من العقود المؤقتة التي تبرم لغاية محددة ينتهي بانتهائها، والملاحظ أن الفقه قد انقسم بخصوص مسألة تكييف هذا العقد، فقد اعتبره البعض صورة من صور الوعد الملزم للجانبين، وقد أطلق عليه البعض الآخر هذه التسمية تميزا له عن عقد البيع المقيد في السجل العقاري في حين هناك من اعتبر العقد الابتدائي مجرد وسيلة قانونية للاحتفاظ بالحق في إبرام البيع النهائي، غير أننا نعتقد أن مشكل تكييف هذا العقد لا يمكن حله على المستوى العام، بل بالنظر إلى كل عقد على حدى وهي مقاربة تقترب من الاتجاه الذي سلكه المشرع المغربي عند وضع القانون المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز من خلال تأكيده على خصوصيات العقد الابتدائي لهذا البيع.[9]
وأمام تعدد هذه التأويلات الفقهية فإن محكمة النقض الفرنسة فضلت كعادتها في مثل هذه الاختلافات تسمية هذا الاتفاق الابتدائي بأنه عقد ذو طبيعة خاصة (un contrat suigeneris) إذ لا تخفى خطورة هذا النوع من التكييفات لما يكتنفها من غموض وإبهام يعقد مسألة التكييف أكثر من تبسيطها.
أما عن أهمية البيع الابتدائي فإنها تكمن في الامتيازات التي يخولها هذا النمط التعاقدي للأطراف المعنية بهذه العملية التي لا تقتصر آثارها على كل من البائع والمشتري فقط بل تمتد لتشمل باقي المتدخلين المعماريين الذين يساهمون في إنجاز علمية البناء، فبالنسبة للمشتري فإنه بإبرامه للعقد الابتدائي لكون قد ضمن مرتبته في الحصول على الشقة أو البناء المتفق عليه مقابل أداءه لأقساط من الثمن مجزأة حسب مراحل إنجاز مشروع البناء، والبائع بدوره يجد في هذا النمط التعاقدي متنفسا اقتصاديا يمكنه من الحصول على السيولة المالية لإتمام مشروعه دون الاضطرار للقروض البنكية المرهقة لأوضاعه المادية والمقاول أيضا يجد في هذا الأسلوب التعاقدي وسيلة مشجعة على الوفاء بالتزاماته التي تعهد بها مع رب العمل (البائع) داخل الأجل المتفق عليه.[10]
ونظرا لأهمية هذا العقد الأولي فإن المشرع في إطار الفصل 3-618 من ق.ل.ع.م. تطلب ما يلي: "يجب أن يتضمن العقد على الخصوص العناصر التالية:
-         هوية الأطراف المتعاقدة؛
-         الرسم الأصلي للعقار المحفظ موضوع البناء أو مراجع ملكية العقار الغير المحفظ، مع تحديد الحقوق العينية والتحملات العقارية الواردة على العقار وأي ارتفاق آخر عند الاقتضاء؛
-         تاريخ ورقم رخصة البناء؛
-         وصف العقار محل البيع؛
-         ثمن البيع النهائي وكيفية الأداء؛
-         أجل التسليم؛
-         مراجعة الضمانة البنكية وأي ضمانة أخرى أو التامين عند الاقتضاء.
ويجب أن يرفق هذا العقد بالوثائق التالية:
-         بنسخ مطابقة لأصل التصاميم المعمارية بدون تغيير وتصاميم الاسمنت ونسخة من دفتر التحملات؛
-         بشهادة مسلمة من لدن المهندس المختص تثبت الانتهاء من أشغال الأساسات الأرضية للعقار"[11]. الذي يجب أن يكون مطابقا لأصل التصاميم المعمارية وتصاميم الاسمنت المسلم.[12]
إضافة إلى ذلك يجب أنيتم التوقيع على العقد الابتدائي والتأشير على جميع صفحاته من قبل الأطراف والجهة التي حررته.
ومما يعاب على المشرع المغربي هو إغفاله منع بعض الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام في جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة وإصدار شيك بدون مؤونة والأشخاص الممنوعين من ممارسة نشاط تجاري من إبرام هذا النوع من العقود من أجل توخي ضمانات وحماية أكثر خصوصا للمشتري.
وعلى العكس من ذلك فالمشرع الفرنسي نص على هذا المنع في المادة 15 من قانون 1967، وكذا يعاب على المشرع المغربي عدم النص على إجبارية التامين.
ولقد أوجب المشرع من خلال الفصل 4-618 على البائع إنشاء دفتر للتحملات وتضمينه بعض البيانات المتعلقة بمكونات المشروع وما أعد له ونوع الخدمات والتجهيزات التي يلتزم بإنجازها إضافة إلى أجل الإنجاز وتاريخ التسليم، ويوقع عليه البائع والمشتري وتسلم نسخة منه   للمشتري مشهود بمطابقتها للأصل وبصحة إمضائه عليها.
ويجب هنا التمييز بين ما إذا كان العقار محفظ، حيث تودع نسخة من هذا الدفتر ومن التصاميم المعمارية وتصاميم الاسمنت المسلح بالوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية.
أما إذا كان العقار غير محفظ فإنه يتم تسجيل نفس الوثائق المذكورة أعلاه بسجل خاص وتودع بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يوجد ها العقار.
والملاحظ في الفقرة الثالثة من الفصل 4-618 أن المشرع أضاف عبارة (عند الاقتضاء) ما يوحي بعدم إلزامية وضع دفتر التحملات في الوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية عندما يكون البيع وردا على عقار محفظ في طور الإنجاز.
كما نجد الفصل 10-618 ينص على ضرورة موافقة البائع على طلب المشتري إذا كان محل البيع عقارا محفظا، بإجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع الابتدائي، وذلك من أجل المحافظة المؤقتة على حقوق المشتري ويبقى هذا التقييد ساري المفعول إلى حين إجراء تقييد البيع النهائي بالرسم العقاري.
أما العقارات غير المحفظة فإنها بعيدة كل البعد عن هذه المقتضيات حيث يتعذر اللجوء إلى نظام التقييد الاحتياطي القائم لفائدة العقارات المحفظة فقط.[13]
إن الأحكام والقرارات التي تمكننا من الاطلاع عليها، فإنها وإن لم تتطرق مباشرة إلى تكييف العقد الابتدائي لبيع العقار في طور الإنجاز، فإنها استقرت على اعتباره عقدا تبادليا يلقي التزامات متقابلة بين البائع والمشتري، ومن هذه الأحكام والقرارات نعرض ما يلي:
ففي حكم صدر عن المحكمة الابتدائية بتمارة، بتاريخ 21/12/2006 جاء في حيثياته: "وحيث إن المدعي قد أوفى بالتزاماته وسدد المبالغ المتفق عليها المتعلقة بالشقة المذكورة ويكون بذلك محقا في مطالبة الطرف الآخر بإتمام إجراءات التفويت كالتزام واقع عليه..."
وفي نفس الاتجاه عبرت عنه المحكمة الابتدائية بالرباط فيما يلي: "وحيث إنه بالرجوع إلى وثيقة الوعد بالبيع، يتبين أن المدعى عليه التزم ببيع الشقة"
وقد تبنت محكمة النقض هذا الموقف في قرار لها بتاريخ 30-05-2007 جاء فيه:
"... يتجلى من مستندات الملف أنه ليس هناك ما يستفاد منه الاستحالة القانونية لإبرام عقد البيع النهائي مع المطلوب، ولذلك فإن المحكمة لما هلا من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها حيث عللت قرارها بان الشهادة الإدارية المستدل بها من طرف الطاعن وما تتضمنه لا تمنع هذا الأخير من إتمام إجراءات البيع النهائي حول العقار موضوع الوعد بالبيع فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا ومرتكزا على أساس قانوني".
ومن خلال ما سبق يتضح أن الاتجاه الذي سار عليه القضاء المغربي هو اعتبار العقد التمهيدي في بيع العقار في طور الإنجاز عقد ابتدائي ملزم للجانبين، وليس وعد بالبيع الانفرادي.[14]
هذا بخصوص العقد الابتدائي أما العقد النهائي لبيع لعقار في طور الإنجاز فهو ما سنراه من خلال المطلب الثاني.

المطلب الثاني: العقد النهائي لبيع العقار في طور الإنجاز:

اعتبارا لكون عقد البيع الابتدائي يمثل أول خطوة إيجابية لتأكيد العلاقة التعاقدية بني البائع والمشتري، بمعنى آخر أنه مجرد خطوة ممهدة في الطريق لإبرام العقد، فهو بذلك ليس غاية في حد ذاته وإنما هو مجرد أداة قانونية مؤقتة تنتهي بانتهاء الغرض المقصود منها، وهو هنا إبرام عقد البيع النهائي للعقار في طور الإنجاز.
بالرجوع إلى الفصل 16-618 من قانون 00 -44 نلاحظ أن المشرع قد أحال فيما يخص تحرير العقد النهائي لبيع العقار في طور الإنجاز على أحكام الفصل 3-618 حيث يقضي بأنه : "يبرم العقد النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618 المشار إليه أعلاه وذلك بعد أداء المبلغ الإجمالي للعقار أو الجزء المفرز من العقار محل عقد البيع الابتدائي".
وبالعودة إلى مضمون الفصل 3-618 نجده ينص على أنه :"يجب أن يحرر البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثبت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونيا تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان"[15].
وتفاديا لأي تكرار مضر، نحيل على ما أسردناه في المطلب الأول المتعلق بالعقد الابتدائي وخاصة ما يتعلق بتحرير العقد النهائي والجهات المسموح لها بذلك وكذا جراء تخلف أحد الشروط المتطلبة في هذا العقد.
بعد أن يتم تحرير العقد النهائي متوفرا على شروط انعقاده، فإنه يصبح واجب التسجيل في السجل العقاري، إذا كان العقار محفظا، ليصير المبيع خالصا للمشتري، وذلك انسجاما مع الفصل 65 من ظهير 9 رمضان 1331، وعليه لتزم البائع بنقل الملكية عن طريق هذا التسجيل باسم المشتري مضمنا بالسجل العقاري، هذا ما يجعل المتعاملين في العقارات المحفظة يلتزمون بالتزامات إضافية، ولا يكفي فقط لنقل الملكية إبرام عقد البيع.
أما إذا كان محل البيع عقارا في طور الإنجاز غير محفظ فإن العقد النهائي يصير كافيا لنقل الملكية طبقا للفصل 20/618 الذي ينص : "لا تنقل ملكية الأجزاء المبيعة إلى المشتري إلا من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى إن كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ، وتنتقل الملكية بعد تقييد العقد النهائي،أو الحكم بالسجل العقاري إن كان العقار محفظا".
وتجدر الإشارة أخيرا أن إبرام العقد النهائي إن كان العقار غير محفظ أو تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار محفظا من شانه أن يضع حدا للضمانة البنكية أو لأي ضمانة أخرى، طبق للفصل 9-618. [16]

المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز:

أحاط المشرع عقد البيع طور الإنجاز بشروط وأحكام خاصة إضافة إلى أثار محددة، تتعلق في جوهرها بترتيب التزامات على طرفي العقد، وهو ما سنتعرض له في المطلب الثاني فيما نخصص (المطلب الثاني) للآثار المترتبة عن إخلال الطرفين بالتزاماتهما وموقف القضاء من ذلك.

المطلب الأول: التزامات طرفي العقد

لقد رجح المشرع المغربي والمقارن مصلحة المشتري لبيع العقار في طور الانجاز على مصلحة البائع على اعتبار انه أولى بالحماية، ولأن التزاماته تنصب على شيء مستقبلي وإن كان محقق الوقوع، ولهذا فإن المشرع كان متشددا مع البائع ووضع على كاهله جملة من الالتزامات وأهمها:

الفقرة الأولى: التزامات البائع

v   الالتزام بوضع دفتر التحملات واحترام شروطه

ألزم القانون البائع بوضع دفتر التحملات يتعلق بالبناء والغرض الذي أعد له ونوع الخدمات والتجهيزات التي يتعين إنجازها وأجل الإنجاز والتسليم ويفهم من هذا الالتزام الوارد في الفقرة الأولى من الفصل 4-618 على أن مدة الإنجاز والتسليم تحدد باتفاق الطرفين كتابة في العقد، يوقع البائع والمشتري على هذا الدفتر وتسلم نسخة طبق الأصل للمشتري مشهود بمطابقتهما لأصلها وبصحة إمضائه عليها.
والملاحظ أن عبارة صحة إمضائه[17] عليها كما جاءت في الفقرة الثانية من الفصل 4-618 يطرح بعض الغموض في دلالتها فهل يعود الضمير هنا على البائع أم على المشتري؟
والأقرب للصواب في اعتقادنا هو أن المشرع يقصد في هذه الحالة البائع بالنظر لكونه هو الملتزم وعلى عاتقه تقع المسؤولية، تحقيق الشروط الواردة في الدفتر التحملات وبالتالي حماية المشتري من أن يقدم البائع على الإخلال بالالتزامات المضمنة في الدفتر.
أما إذا كان العقار غير محفظ فإن هذا النسخ تسجل بسجل خاص وتودع بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها العقار.
ويتعين على البائع احترام الشروط الواردة في دفتر التحملات وعلى هذا الأساس يكون البائع ملزما بإنجاز البناء داخل الأجل القانوني أو الاتفاقي وفق الشروط المتفق عليها وكذا مواصفات التقنية المطلوبة حسب القوانين وقانون التعمير والنصوص القانونية المعمول بها وهذا ما نص عليه صراحة الفصل 7-618 "يتعهد البائع باحترام التصاميم الهندسية وأجل إنجاز البناء وبصفة عامة احترام شروط دفتر التحملات الواردة في الفصل 4-618 غير أنه وبعد الموافقة المسبقة للمشتري يمكن منح أجل إضافي للبائع لإنجاز العقار".

v   الالتزام بتقديم الضمانات أو التأمين:

لقد التزم المشرع البائع بأن يقيم لفائدة المشتري ضمانة بنكية أو أية ضمانة أخرى مماثلة عند الاقتضاء تأمينا[18] وذلك لتمكينه من استرجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد والواقع أن حماية المشتري في ظل هذه الضمانات يبقى محدودا، فالمشرع لم يلزم البائع قصد ضمان استكمال البناء والالتزام بالمواصفات المضمنة بالعقد أو دفتر التحملات، أو ضمان نقل ملكية الشيء المبيع وإنما فقط استرجاع أقساط الثمن المدفوعة من طرفه.
بالإضافة إلى ما سبق بخصوص الضمانات يلاحظ أن المشرع المغربي بالرغم من تنصيصه على إلزام البائع بوضع ضمانات أو تأمين لصالح المشتري، إلا أنه لم يشر أبدا إلى مقدار هذه الضمانة وذلك خلافا للتشريع الفرنسي الذي يلتزم البائع بأن يغطي التأمين مسؤولية البائع أيا كان مقدارها[19].

الفقرة الثانية: التزامات المشتري:

حدد المشرع بمقتضى القانون 00-44 التزامات المشتري بأدائه الثمن تبعا لتقدم الأشغال (الفقرة الأولى) وكما الزمة بإبرام البيع النهائي وهذا ما سندرسه في الفقرة الثانية.

v   أداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال:

إن أهم التزام يقع على عاتق المشتري في عقود بيع العقار في طور الإنجاز أداء قسط من الثمن للبائع تبعا لتقدم الأشغال ويعد دفع الثمن هو الالتزام الرئيسي للمشتري وهو في ذلك لا يختلف عن القواعد العامة المنظمة للثمن كمحل الالتزام المشتري غير أن طريقة أو أنه في ظل القانون 00-44 يخضع لبعض القواعد الخاصة والتي تميزه عن القواعد العامة.
وقد نص الفصل 6-618 على أنه يؤدي المشتري فقسطا من الثمن تبعا لتقدم الأشغال ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك حيث المراحل التالية:
§  إنهاء الأشغال المتعلقة بالأساسات على مستوى الطابق الأرضي (السفلي).
§  انتهاء الأشغال الكبرى لمجموع العقار.
§  الانتهاء من الأشغال النهائية.
يبدو من قراءة الأولى للفصل أعلاه أن نظام الدفع المنصوص عليه عبر مراحل ليس من النظام العام، وبالتالي يمكن للأطراف الاتفاق على شكل آخر لأداء الثمن[20] وهو أمر من شأنه أن يهدد ضياع حقوق المشتري بالنظر إلى أن البائع هو الطرف الأقوى في هذه العلاقة وبالتالي يمكنه فرض نظام الدفع في مرحلة ما بعد إبرام العقد الابتدائي التي تعد من النظام العام[21].
خلافا للمشرع المغربي، أقر المشرع الفرنسي عقوبات زجرية لمخالفة نظام التقسيط المحدد قانونا وذلك حماية المشتري من أي ابتزاز قد يتعرض له من طرف البائع.

v    الالتزام بإبرام البيع النهائي:

أي إبرامه للعقد النهائي وهذا يتداخل مع الالتزام بأداء آخر أقساط الثمن من حيث اتمام البيع يصير حينئذ حقا له والتزاما ملقى على عاتق البائع.
وفي حالة التخلي عن حقوقه المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز لفائدة شخص آخر فإنه يلتزم بتوجيه إعلان للبائع برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل والتخلي يجب أن يكون وفق الكيفية وضمن الشروط التي تم بها إبرام العقد الابتدائي حسب الفصل 3-618 والمشرع قد أحسن صنعا حينما سمح للمشتري بالتخلي عن حقوقه في بيع العقار في طور الإنجاز فيحل للمشتري الجديد محل الأول في حقوقه والتزاماته إزاء البائع صاحب المشروع، لتنتقل إليه بعد ذلك ملكية ويحق له التصرف بكل حرية.
والملاحظ أن هناك فراغ على مستوى الاجتهاد القضائي وذلك نظرا لحداثة وقلة ثقافة الإقبال على هذا النوع من البيوعات[22]

المطلب الثاني: آثار إخلال طرفي العقد بالتزاماتهم

لقد سبقنا وقلنا فيما عرضنا له في المطلب الأول من المبحث الثاني أن القانون ألزم البائع بمجموعة من الالتزامات الخاصة ˓ وقلنا أن هذه الالتزامات تتمثل في وضع دفتر التحملات للعقار المزمع بناؤه˓ إضافة إلى الالتزام بتقديم الضمانات أو التأمين المناسب للمشترى لضمان حقه في استرجاع ما دفعه ˓كما قلنا بأن المشترى من جانبه ملزم بأداء ثمن العقار تبعا لتقدم الأشغال وبإخبار البائع بالتخلي عن حقه للغير.
وتبعا لذلك سنحاول من خلال هذا المطلب الوقوف على بعض مظاهر إخلال البائع والمشتري بالتزاماتهم.

الفقرة الأولى: بعض صور إخلال البائع بالتزماته وموقف القضاء من ذلك:

v   شرط الالتزام بالبناء داخل الأجل المحددة:

بعد التزام البائع باحترام مدة الإنجاز البناء  و هدا باعتبارها وسيلة فعالة لحثه على الإسراع في إنجازه وفقا للمدة المحددة المتفق عليها˓ بالإضافة إلى كونها ضمان هاما للمشترى إذ من خلاله يكون على بينة من تاريخ استلامه للعقار.
وقد ذهب الفقه والقضاء الفرنسي إلى اعتبار شرط المدة عنصرا أساسيا في العقد˓ وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه "لا يعتبر بيعا للعقار في طول الإنجاز البيع الذي لا يلتزم فيه البائع ببناء العقار داخل آجل محدد بحيث يترتب عن تأخره في تسليم العقار تعويض المشترى ما دام لحقوق الضرر ثابتا".
غير أن البعض ذهب على أن تحديد المدة ليس بالشرط الأساسي استنادا على أن القواعد العامة لا تلزم البائع بالتحديد الوقت محدد˓ بل أقرت على أنه يتوجب على البائع أن يقوم بتسليم العقار وفقا للمدة التي يقتضيها العرف أو طبيعة المبيع˓ وهو الاتجاه الذي سار عليه القضاء المغربي وطبقه على العقار في طور الإنجاز الذي لم يحدد العقد مدة لتسليمه ففي حكم صدر عن المحكمة الابتدائية بتمارة جاء فيه : وحيث إنه ترتيبا على ما ذكر يكون المدعى قد أوفى بالتزاماته وسدد المبالغ المتفق عليها المتعلقة بالبناء المذكور، ويكون بذلك محقا في مطالبة البائع بتنفيذ التزامه.
وبالرجوع إلى القانون 44.00 يتضح أنه ساير موقف القضاء المغربي حيث ترك أمر تحديد المدة لإدارة الأطراف وهذا طبقا للمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 1-618 إذ اعتبرت بيع العقار في طور الإنجاز بمثابة اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد وهو أيضا ما أكدته الفقرة الأخيرة من الفصل 7-618 التي جاء فيها "بعد الموافقة المسبقة للمشترى يمكن منح الآجل إضافي للبائع لإنجاز العقار.

v   الإخلال بشرط مطابقة العقار للموصفات المتفق عليها:

سوى المشرع المغربي في بيع العقار الموجود بين أحكام ضمان عيب الخفي وعدم مطابقة الأوصاف الموعود بها˓ وهو أمر أيده القضاء المغربي إلا أن الآمر يختلف في ما يخص العقار في طور الإنجاز حيث يتعاقد المشترى مع البائع على عقار سيوجد في المستقبل بناء على مواصفات يلتزم هذا الأخير بتحقيقها في البناء ˓ وعليه فيتوجب على البائع أن يقوم ببناء العقار وتسليمه إلى المشترى مطابقا للمواصفات المحددة في العقد وهو ما نص عليه القانون 44.00 صراحة في الفصل 3-618 حيث جاء فيه:
يجب أن يتضمن العقد على الخصوص العناصر التالية:
·       نسخة مطابقة لأصل التصاميم المعمارية بدون تغيير وتصاميم الإسمنت ونسخة من دفتر التحملات
 وفي هذا الصدد صدر حكم ابتدائي بالرباط جاء في حيثياته: "وحيث أنه من المقرر في دفتر التحملات هو وثيقة ملحقة بالعقد الذي يبرمه الطرفان يهدف تحديد شروط تكميلية لهذا العقد وهذه الشروط من طبيعتها نوعان شروط تهم المتعاقدين وتغلب عليها الصفة التعاقدية وشروط تهم المسائل التنظيمية أو نظامية والتي على أساسها كان هناك تعاقد وبالتالي تكون ملزمة للطرفين معا ولو لم يطلب تنفيذ الأطراف وتهدف بالأساس إلى حماية المصلحة العامة التي تم بموجبها التعاقد".
وفي نفس الاتجاه حرص القضاء الفرنسي على إلزام البائع بتعويض المشتري عن جميع الأضرار الناجمة عن إخلاله بالتزاماته القانونية أو العقدية مع إقرار حق المشترى في حبس 5% من ثمن البيع التي تبقى في ذمته في حالة حدوث ما يوجب ذلك إذ نجد على أن القضاء الفرنسي توسع في تفسير مفهوم مطابقة البناء للمواصفات الموعود بها في بيع العقار في طور الإنجاز إذ تضمن بالإضافة إلى المواصفات المتفق عليها في العقد للمواصفات التي تقتضيها طبيعة العقار والعرف والقواعد العدالة والإنصاف (المادة 2185) ونفس الطريق سلكه المشرع المغربي ففي قرار رقم 7251 محكمة الاستئناف بالرباط" اعتبرت بأن تجهيز التجزئة السكنية بالماء والكهرباء وإن كان غير منصوص عليها في العقد فإن الشركة البائعة تبقى ملزمة به ما دام ليس هناك جهة أخرى ملتزمة بذلك".
← واستنتاجا لما سبق يمكن القول، أنه إذا أخل البائع بشرط التسليم العقار وفقا للمتفق عليه في العقد كان للمشتري الخيار بين اجبار البائع على تنفيذ التزامه ما دام تنفيذه ممكنا، فإن لم يكن جاز له أن يطلب فسخ العقد، وله الحق في التعويض في كلا الحالتين.

 الفقرة الثانية: بعض صور إخلال المشتري بالتزاماته:

v   الإخلال بنظام الأداء المضمن بالعقد

إن التزام المشتري بأداء ثمن العقار في طور الإنجاز عبر أقساط واحترامه لمواعيد الأداء ما هو إلا رغبة من المشرع قصد حماية هذا الأخير والتخفيف عنه من التزام مرهق بأداء الثمن دفعة واحدة. إلا أنه إثر إخلال المشتري بهذا الالتزام يجعله تحت طائلة الجزاء وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية "بأنه يحق للبائع الاحتفاظ بالمفاتيح وعدم تسليمها ما لم يدفع المشتري 5% التي تبقت من الثمن طالما لم يثبت هذا الأخير وجود عيوب مطابقة التي تبرر طبقا للقانون احتفاظه بالنسبة المذكورة".
وبالرجوع للقانون المغربي المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز أنه قد نص في المادة 1-618 على التزام المشتري باحترام مواعيد أداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال.
وهنا نتساءل : على أنه مادام المشرع المغربي قد خول للبائع آجال إضافي للإنجاز في حالة تأخره في تنفيذ التزاماته وذلك بعد موافقة المشترى هل يمكن إعمال القواعد العامة لتمكين المشتري من آجال إضافي للوفاء؟
الواقع أن المشرع الفرنسي أيد هذا الطرح فقد قضت محكمة النقض الفرنسي بأنه يحق للمشتري طلب آجال للوفاء بناء على مقتضيات المادة 1-1244 من القانون المدني إلا أن طلب المشتري  أجل إضافي للوفاء مقيد بالتعبير عنه داخل أجال شهر المقرر المادة 13 261 من قانون البناء و السكن الفرنسي و معناه ان خارج هده المدة لا يمكن للمشتري طلب الحصول على اجل إضافي للوفاء.
وأمام سكوت مقتضيات القانون 44.00 عن إمكانية منح المشتري آجال إضافيا للوفاء فإننا نرى على أنه ليس هناك من مانع عن إعمال الفصل 243 ق.ل.ع الذي يعطي للقاضي سلطة منح الآجال إضافية للمدين للوفاء بالتزاماته.

v   رفض إتمام البيع

أعطى قانون 00.44 للبائع في حالة رفض المشتري إتمام البيع حق اللجوء إلى المحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد وهذا ما نص عليه صراحة الفصل 19-618 من ق.ل.ع: والملاحظ أن مضمون هذا الفصل لا يختلف عما جاء في إطار المبادئ العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع حيث ينص الفصل 259 منه على أن المدين إذا كان في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ الالتزام مادام تنفيذه ممكنا، فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين.
وعليه ففي حالة مطالبة البائع المشتري بإتمام البيع، عليه أن يكون قد أوفى بالتزاماته وأثر استجابة المحكمة لطلبه فإن الحكم النهائي الصادر عنها في هذه الحالة يعتبر بمثابة عقد نهائي بالنسبة للعقار الغير المحفظ وواجب التسجيل بالسجل العقاري الفصل 20-618 ق.ل.ع غير أن البائع في وجهة نظرنا  يفضل فسخ العقار نظرا لما يشهده العقار من طلب متزايد على الأماكن المبينة. بالإضافة إلى أن سلوكه مسطرة الفسخ تمكنه من الحصول على تعويض إذ قضت المحكمة بفسخ العقد[23].

لائحة المراجع:

vعبد الحق الصافي ˓ بيع العقار في طور الانجاز >>شرح و تحليل لنصوص القانون رقم 00. 44>> الطبعة الأولى 2011 ˓مطبعة النجاح الجديدة.
vالدكتور عبد القادر العرعاري ˓ وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني  المعمق بين الفقه و القضاء˓ الطبعة الأولى 2010 دار الأمان الرباط.
vعمر اليوسفي العلوي ˓ بيع العقار في طور الانجاز –بين النظرية و التطبيق- رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في القانون الخاص ˓تحت إشراف الدكتور خالد برجاوي ˓السنة الجامعية 2008 -2009.
vعرض حول بيع العقار في طور الانجاز ˓تحت إشراف الدكتورة فتيحة الشافعي ˓السنة الجامعية  2010-2011.
vعرض تحت عنوان :بيع العقار في طور الانجاز قانون 00-44 ˓ تحت إشراف الدكتور عبد القادر العرعاري ˓ السداسية الأولى: 2007-2008.
vعرض حول موضوع :بيع العقار في طور الانجاز˓ تحت إشراف الدكتور عبد القادر العرعاري ˓السنة الجامعية 2011-2012 .
vعرض تحت عنوان :البيوع الواردة على الأشياء المستقبلة 00-44 ˓تحت إشراف الدكتور عبد القادر العرعاري ˓السنة الجامعية  2010 -2011 .
------------------------------------------------------------------------------
[1]- عرض من انجاز الطلبة امحمد امقران خالد الدك تحت عنوان" بيع العقار في طور الانجاز" السنة 2010 2011 الصفحة 3 . 
[2] نفس العرض المشار اليه سابقا  الصفحة 4 .
[3]عرض من انجاز احمد الادريسي... "البيوع الواردة على الاشياء المستقبلية  "تحت إشراف الدكتور عبد القادرالعرعاري السنة الجامعية 2011  
[4] -وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء الدكتور عبد القادر العرعاري الطبعة الأولى، 2010 دار الأمان الرباط،    ص120-121.                                                                                                                          
[5] -عبد الحق الصافي، بيع العقار في طور الإنجاز، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2011، ص103.        
[6]-عرض حول موضوع العقار في طور الإنجاز السنة الجامعية 2012-2011 كلية العلوم القانونية والاقتصادية  والاجتماعية أكدال.
[7] -وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء، الدكتور عبد القادر العرعاري، الطبعة الأولى، 2010ن دار الأمان الرباط، ص125-126.                                                                                                                        
[8] -العرض السابق، ص6.                                                                                                                                
[9] -عرض حول بيع العقار في طور الإنجاز جامعة محمد الخامس السويسي السنة 2010-2011، ص6.                                [10] -وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء، الدكتور عبد القادر العرعاري، الطبعة الأولى، 2010ن دار الأمان الرباط، ص122.
[11] -قانون الالتزامات والعقود المغربي الفصل 3-618.
[12] -وجهة نظر، ص123.
[13] -عرض تحت عنوان بيع العقار فيطور الانجاز قانون 00 -44 من إعداد  الطلبة السداسية الأولى 2007-2008 جامعة محمد الخامس العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، أكدال، ص8-9.
[14] -رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في القانون الخاص تحت عنوان :بيع العقار في طور الانجاز­بين النظر و التطبيق­من إعداد الطالب  عمر اليوسفي العلوي ˓تحت إشراف الدكتور :خالد برجاوي˓جامعة محمد الخامس السويسي ˓كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ­السويسي­ص: 23.
[15] - عرض تحت عنوان بيع العقار فيطور الانجاز قانون 00-44 من إعداد  الطلبة السداسية الأولى 2007-2008 جامعة محمد الخامس العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، أكدال، ص:9.
[16] -عرض حول بيع العقار في طور الإنجاز من إعداد الطلبة بجامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2011-2012، ص14.                                                                              
[17] - محمد بونباث، مرجع سابق، ص: 37 و38.
[18] - انظر الفقرة الأولى، من الفصل 9-618 من ق.ل.ع.
[19]- M.Dagot : op.cit, p : 722.
[20] - الفصل 8-618 انظر
[21] - الفصل 5-618 انظر الفصل مكرر أعلاه.
[22] - الأستاذ جيلالي بوحبص، قراءة في ق. العقاري وقانون البناء الطبعة 2005، ص: 65.
[23]- رسالة لنيل دبلوم الماستر من اعداد الطالب عمر اليوسفي العلوي بيع العقار في طور الانجاز بين الظرية و التطبيق 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات