القائمة الرئيسية

الصفحات

العمل القضائي في العقود الدولية

العمل القضائي في العقود الدولية

العمل القضائي في العقود الدولية
العمل القضائي في العقود الدولية

مقدمة

يتزايد الاهتمام بالقانون الدولي شيئا فشيئا  ، بفعل تسارع حركية تنقل الاشخاص والاشياء عبر الحدود ، و تضخم المرجعية القانونية الدولية للدولة ، و نمو الوعي لدى الفرد ، الذي جعله يتمسك باتفاقيات دولية تضمن له حقوقا في مختلف المجالات ، وفي مواجهة أطراف عديدة ، الدولة – الافراد – المؤسسات[1] .
و يعتبر العقد بمثابة الاداة الاساسية لتامين تداول الثروة و الخدمات بين الافراد[2] ، على المستويين الداخلي و الدولي ، والعقد بصفة عامة  ، هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل في إعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل [3] ، ويكون العقد داخليا إذا لم يتضمن عنصرا اجنبيا يؤثر في خضوعه للقانون و القضاء الوطني[4] ، ويكون العقد دوليا إذا اشتمل على عنصر أجنبي ، سواء تعلق هدا العنصر بإبرامه أو بتنفيذه أو بجنسية المتعاقدين أو بموطنهم[5] ، وقد جاء في اتفاقية فيينا لعقود البيع الدولية للبضائع ان لا  جنسية الاطراف و لا التكييف الذي اعطوه للعقد  يؤثر في دولية العقد من عدمه[6] ، وكما جاء في أحد قرارات محكمة النقض "إن الطبيعة القانونية للعقود رهينة ، ليس بالتحديد الصادر عن الأطراف ، وإنما بالطبيعة المستخلصة من بنودها ، لذلك فإن على قاضي الموضوع أن يحدد هذه الطبيعة وأن يستخلص من هذا التحديد الاثار القانونية أو الاتفاقية التي تولدها العقود ."[7] ، بل إن الصفة الدولية تلتصق بالعقد متى تداخلت مجموعة من القوانين في العقد أو حينما يكون موضوعا لاتفاقية دولية أو ان يكون له علاقة بالتجارة الدولية و كذلك عندما يكون عابرا للحدود [8].


وإن العقود الداخلية تخضع لأحكام القانون الوطني ، ولا يجوز اللجوء للإعمال اي قانون أجنبي عليها ، أما العقود الدولية فتخضع لأحكام القانون الدولي الخاص التي تسمح للمتعاقدين باختيار القانون الواجب التطبيق عليها ، و هذه العقود فقط هي التي تعطي لأصحابها الحق في اختيار القانون الذي يسري عليها ، و القاضي هو المخول له تحديد الطابع الدولي للعقد من عدمه تحت الرقابة محكمة النقض ، وذلك انطلاقا من عناصره و خصائصه الذاتية[9] .
والاصل في العقود انها تبرم من اجل تنفيذها و هذا هو الغالب ، إلا ان مجموعة منها تثور بخصوصها منازعات لعدم إلتزام احد اطرافها بما تعاقد حوله او حدوث امور طارئة تمنع من تنفيذ العقد ، هذه المنازعات تتطلب سلوك وسائل ناجعة لفضها، من شأنها تحقيق التوازن بين أطرافها . وهذه الوسائل قد تكون داخلية كالوساطة والتحكيم ، أو اللجوء للقضاء الوطني للدولة ، غير أن الاجنبي غالبا ما يساوره الشك في حيدية هذا القضاء، إضافة لجهله بقوانينه والمساطر المطبقة والجاري بها العمل ،  و لكي يٌسَيْطَرَ على هذا التخوف اتجهت الارادة الدولية لابرام اتفاقيات دولية، تشمل ضمانات وأساليب حل نزاعات العقود الدولية  بشكل عادل ومنصف.
وتحقيق العدالة يعد وظيفة أساسية للدولة ،و القضاء الوطني هو الجهاز المخول له هذا الاختصاص ، باعتباره مظهرا من مظاهر سيادتها، و كذلك مرفق مستقل ، يطبق القانون وفق قواعد العدل والإنصاف ولا سلطان عليه لغير القانون، وهو يعد أكثر تفهما وموضوعية لنظر منازعات العقود الدولية  من أي قضاء آخر، وفي جميع الأحوال يفضل تنصيب قضاء مختص بفض النزاعات الاستثمارية الداخلية والخارجية يتمتع أعضاؤه بخبرة فنية وقانونية متخصصة تؤهلهم لإعطاء أحكام تتسم بالجودة ، وحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد 1803 بتاريخ 14/12/1962 أ، الأصل حين حدوث نزاع إستثماري، فإنه لا يُلجأ لقضاء التحكيم او القضاء الدولي، إلا بعد إستنفاذ الطرق القضائية للدولة ،
وهذا التوجه كانت تنص عليه أغلب قوانين الاستثمار العربية، بيد أن التشريعات الحالية أصبحت تعطي الخيار للمستثمر للجوء لطرق أخرى كالتحكيم أو القضاء الدولي، أما تشريعات دول أوروبا فهي خصصت هيئة مستقلة للتحكيم في المنازعات التجارية التي تقوم مع المستثمرين الخواص أو الشركات الأجنبية ، وفي الولايات المتحدة أنشأت لجنة تسوية المطالبات الأجنبية[10] .
وقد عرف العمل القضائي المغربي في مجال العقود الدولية ، مرحلتين مهمتين الاولى قبل صدور المرسوم الملكي المؤرخ في 1965/12/31 المتعلق بتطبيق المدونات الصادرة سنة 1913 لدى المحاكم الموحدة – ومنها ظهير 12 غشت 1913 حول الوضعية المدنية للفرنسيين و الاجانب بالمغرب – إذ لم تكن مطبقة لدى المحاكم العادية ، و لم تكن تطبق إلا أمام المحاكم العصرية[11] ، و المرحلة الثانية بعد صدور المرسوم الملكي السلف الذكر ، إذ اصبح العمل تطبيق القانون موحد أمام المحاكم الوطنية وبذلك فإن تكييف العقد الدولي لم يعد كما في السابق فقط  بوجود جنسية اجنبية بل اصبح يؤخذ بعين الاعتبار مجموعة من المعايير من اجل اعطاء الصفة الدولية .
تكمن اهمية الموضوع في تِـبْيَان الكيفية التي يتعامل معها القاضي المغربي مع الخصوصية المميزة للعقود الدولية ، ونبحث عن الاليات و المعايير التي يتعامل بواسطتها لفض النزاعات التي تنشأ عنها و ذلك من خلال بعض القرارات القضائية الوطنية التي عالجت هذا الموضوع .
 من كل ما سبق يمكن طرح الاشكالية الاتية :                                         
ما مدى قدرة القاضي المغربي على ضبط معايير دولية العقود من خلال النص الوطني و الدولي عند الفصل في النزاع ، وكذا قدرته على خلق اجتهاد تابث في هذا التخصص من خلال القرارت القليلة الصادرة عنه ؟
سنحاول الاجابة على هذه الاشكالية من خلال التقسيم الاتي :
المبحث الاول : المبحث الأول: كيفية تكييف العقد الدولي من طرق القاضي المغربي
المبحث الثاني: المبحث الثاني :حدود سلطة القاضي المغربي عند الفصل في النزاع

المبحث الأول: كيفية تكييف العقد الدولي من طرق القاضي المغربي


سنتطرق في هذا المبحث الى مرحلة التكييف وتحديد اختصاص القاضي المغربي في النزاعات المتعلقة بالعقد الدولي ( المطلب أول)، على أن نتطرف لتعامل القاضي مع العقد من جانبه الشكليي و الموضوعيي ( المطلب الثاني).

المطلب الأول :مرحلة التكييف وتحديد الاختصاص
الفقرة الاولى : التكييف

يقتضي تطبيق القاعدة القانونية، القيام بعملية ذهنية لتحديد طبيعة الواقعة القانونية أو المركز القانوني،وبيان ما إدا كانت ظروف وملابسات الواقعة أو المركز تتطابق مع المقتضيات الواردة في القاعدة القانونية [12] .
تلك هي عملية التكييف التي يتعين على القاضي أن يعمل على معالجتها كي يتأتى له تحديد طبيعة الواقعة أو المركز القانوني قصد الوصول الى القاعدة القانونية الواجب تطبيقها [13]
ويرتبط  التكييف في مسألة العقود الدولية بالمعايير المتبناة لتحديد هده الدولية  لدولية ، وتجدر الإشارة الى أن  هناك عدة معايير مأطرة ومحددة لهده الدولية.
1 – المعيار القانوني :إد يكتسب العقد الصفة الدولية متى كانت عناصره متصلة بأكثر من نظام قانوني،سواء تعلق الأمر بجنسية الأطراف أو محل الإقامة أو مكان تنفيد العقد أو مكان إبرامه [14] .
ورغم وضوح المعيار القانوني و سهولته،الا أنه لا يكفي وحده لتقرير الصفة الدولية للعقد،فقد يكون وجود العنصر الأجنبي مجرد أمر عرضي ولا يمت بأي صلة للتجارة الدولية أو لمصالحها[15].
 لدي ظهر اتجاه مكمل له يضيق من هذا المعيار ودلك بالتفرقة بين العناصر المؤثرة و الفاعلة لتحديد دولية العقد.
2-  معيار اقتصادي يقول بدولية العقد كلما إتصل بمصالح التجارة الدولية ، أي العقد الذي ينطوي على رابطة تتجاوز الاقتصاد الداخلي لدولة معينة.[16]
وفي هدا الصدد دهبت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 8 يوليوز 1931 الى الإعتراف بدولية العقد بتوافر المعيار الإقتصادي لوحده و في غياب العنصر القانوني على أساس أن العنصر الاقتصادي قائم على المساس بمصالح التجارة الدولية [17].
وقد رأى فقهاء عهد الحماية بأن المحاكم ملزمة بتطبيق واحترام المفهوم الواسع للعقود الدولية متى كان أحد أطراف هدا العقد أجنبيا [18].ومرد دلك الى تبني مشرع الحماية لوسائل تضمن حقوق الأجانب و حريتهم الكاملة في القانون الدي يحكم تصرفاتهم العقدية بغية تفادي تطبيق مقتضيات القانون المحلي.وقد سار القضاء في نفس المنوال، وندكر على سبيل المثال  الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 28 مارس 1928 .والحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 31 أكتوبر 1930 . بحيث يتضح أن قضاء الحماية قد أعطى مفهوما واسعا للعقد الدولي ولم يكيفه بمفهومه الصحيح،بل إعتبر العقد دوليا بمجرد أن يكون جميع الأطراف أو أحدهم متمتعا بجنسية أجنبية .[19]
وبعد الإستقلال أخذ القاضي المغربي منحى مغاير لما كان عليه قضاء الحماية،حيث أصبح يضيق من إضفاء الصفة الدولية على العقود،بل وظهر جليا عدم تحكم بعض رجال القضاء في معايير دولية العقد من خلال بعض الأحكام الصادرة عنه،وكمثال على ذلك قضية بتاريخ 8 أبريل عرضت على المحكمة الابتدائية بفاس،  تتعلق بعقد نقل جوي بين فاس و مراكش، حيث كيفت المحكمة الإبتدائية بفاس هذا العقد على أساس أنه عقد دولي. وبذلك طبقت عليه مقتضيات اتفاقية فارسوفيا المتعلقة بتوحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي.
وفي قرار مخالف للقرار السابق أصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 11 نونبر 1980 ،  قرارا طبقت فيه القانون الداخلي المتمثل في  مرسوم 10 يوليوز 1962 على قضية تتعلق برحلة جوية دولية تربط بين الداربيضاء و بلجيكا ، حيث كيفت هذه الأخيرة العقد بأنه داخلي و أن الأطراف المتنازعة هم مغاربة 1962 .[20]

الفقرة الثانية : تحديد الإختصاص

بمجرد تكييف القاضي المغربي للعقد الدولي ،يبث بعد ذلك في مسألة إختصاصه في النازلة المعروضة عليه،وبالرجوع للمادة 5 من قانون احداث المحاكم التجارية [21]التي قام المشرع بتعداد أهم إختصاصات المحاكم التجارية فيها وقد جاء بصلبها :
-         الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية
وحيث أن المشرع المغربي أخد بمبدأ تمديد قواعد الإختصاص القضائي الداخلي على قواعد الإختصاص الدولي فإن المحاكم التجارية هي المختصة نوعيا في النزاعات موضوع العقود التجارية الدولية.
وبالرجوع للاختصاص المكاني للمحاكم فإن قانون المسطرة المدنية، وقانون إحداث المحاكم التجارية  قررت مبدأ واحد وهو أن الاختصاص المكاني يعهد للمحاكم التي يوجد بدائرة نفوذها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار، أو محل إقامته في حالة انعدام موطن لديه، فالفصل 27 من قانون المسطرة المدنية[22]، بأنه:" يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه. إذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل.
إذا لم يكن للمدعى عليه موطن ولا محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى هذه أمام محكمة موطن أو إقامة المدعى أو واحد منهم عند تعددهم، إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعى أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم".
وبنفس الصياغة تقريبا[23] تنص المادة 10 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على ذات المبدأ إذ يكون الاختصاص للمحكمة التجارية التي يوجد بها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار، وفي حالة انعدامه يؤول الاختصاص إلى محكمة محل إقامته.
وفي حالة انعدام الموطن والمحل عاد الاختصاص لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعي.......
وكما هو الملاحظ، فالموطن الحقيقي هو الضابط الأول في منح الاختصاص للمحكمة مكانيا.
وبالرجوع الى المسطرة الواجبة التطبيق، فهي لامحالة  مسطرة دولة القاضي،فبالنسبة للمحاكم المغربية تطبق في النزاعات التي يكون فيها عنصر أجنبي ويعود إليها الاختصاص للنظر فيها،مقتضيات قانون المسطرة المدنية المغربي وجميع القواعد الإضافية التي تتعلق بالمسطرة لكن ما هو نطاق تطبيق هذه القاعدة؟
المقصود بنطاق قانون القاضي كل القواعد القانونية المتعلقة بتنظيم الدعوى وسيرها تدخل في نطاق قانون القاضي [24]
كتحددي الأطراف في الدعوى ودور القاضي في سير الدعوى، وشكل المحررات والمستندات الخاصة بالدعوى، والبيانات التي يجب أن تشتمل عليها، والآجال التي يجب احترامها بشأنها وطرق تبليغها وإجراءات التحقيق فيها وكذا الشروط المتعلقة بتحرير الأحكام القضائية وصدورها وتبليغها وتنفيذها، ووسائل الطعن فيها.
القيود الواردة بشان تطبيق المسطرة كل القواعد المتعلقة بشروط قبول الدعوى كالأهلية والصفة والمصلحة ولا يضع التقادم المسقط كذلك لقانون  الدولة، حسب ما ذهب إليه المجلس الأعلى سابق- محكمة النقض حاليا في قرار صادر عنه بتاريخ 18 ماي ،1973 وأخيرا فان من المتفق عليه أن قانون القاضي يطبق على عبئ الإثبات ومحله وطرقه، نظرا لاتصالها بجوهر الحق [25]
وكذلك ما جاء في المادة 28  من قانون المسطرة المدنية :
تقام الدعاوى خلافا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية:
- في دعاوى العقود التي توجد الدولة أو جماعة عمومية أخرى طرفا فيها، أمام محكمة المحل الذي وقع العقد فيه؛

المطلب الثاني : البحث في شكلية وموضوعية العقد الدولي

سنتطرق في هذا المبحث الى التوجه الغالب الذي تبناه القضاء المغربي  في ما يتعلق بالعد الدولي ،قبل و بعد الاستقلال  إرتباطا بشكليته و موضوعيته.

الفقرة الاولى : من حيث شكلية العقد

ينص الفصل 10 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب و الفرنسيين على القاعدة التالية:
"إن التصرفات القانونية التي ينجزها الفرنسيون أو الأجانب في منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب تكون صحيحة من حيث الشكل إذا ما أبرمت بمقتضى القواعد التي يعينها إما القانون الوطني للطرفين وإما القانون الفرنسي و إما التشريع الموضوع لمنطقة الحماية الفرنسية و إما القوانين والأعراف المحلية ".
إن أغلب الانظمة القانونية تتبنى قاعدة خضوع شكلية العقود بصفة عامة لمكان ابرامها،وذلك لعدة أسباب أهمها سهولة علم المتعاقدين بالشكلية الواجب اتباعها[26] .
وبالرجوع إلى توجه قضاء الحماية فيما يخص شكلية العقود ، فقد اتجهت محكمة الاستئناف بالرباط في عدة أحكام صادرة عنها ، إلى تكريس ما جاء في الفصل 10 من ظهير الوضعية المدنية للاجانب على العقود المبرمة خارج المغرب،وذلك بتطبيق القاعدة القائلة بإخضاع شكل العقود لقانون مكان الابرام،
في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 8 يونيو 1920 ، صرحت هذه الأخيرة من خلاله بما يلي :
"إن المبدأ القائل بأن العقد يكون صحيحا إذا ابرم طبقا للشكل المعمول به في القانون المحلي ، هو المبدأ الذي كرسه الفصل 10 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للاجانب ، كان مطبقا من ذي قبل في هذه البلاد طبقا للقاعدة المسلم بها على العموم من قواعد القانون الدولي الخاص".
وفي حكم أخر صادر عن نفس المحكمة بتاريخ 6 مارس 1948، عززت نفس التوجه و أكدت على القاعدة السابقة، حيث جاء فيه " أن شكليات التي يشترطها فصل 938 من القانون الفرنسي ليست سوى مجرد شرط شكلي، و آن صحة الهبة يجب أن يبث فيها بالنظر إلى القاعدة القائلة، بأن العقود تخضع لقانون المكان الذي أبرمت فيه".[27]
أما بعد الاستقلال و فيما يخص الشكلية فقد احترم القضاء المغربي القانون الوطني،خصوصا بما يتعلق بالنظام العام،أو قواعد الأمن و البوليس، وقد نص قرار بتاريخ 19 يونيو 2003   صادرعن محكمة النقض ، يتعلق بعقد صدقة على ما يلي :
"وحيث إن النقاش يدور حول شكلية عقد الصدقة بين أجانب بخصوص عقار بالمغرب ،وحيث ان المحكمة عللت قرارها بأن العقد قد أبرم وفق الشكل المنصوص عليه في القانون الفرنسي فيكون صحيحا حسب مقتضيات المادة 10 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للأجانب و الفرنسيين بالمغرب ، لكن مادام موضوع الصدقة يتعلق بعقار ، فان المنقولات خاضعة للتشريع المغربي ، والمحكمة لما اعتبرت العقد المطعون فيه صحيحا وفقا للشكل الذي يأمر به القانون المغربي تكون قد عرضت قرارها للنقض".[28]

الفقرة الثانية : من حيث موضوع العقد

ينص الفصل 13 من من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للأجانب بالمغرب على ما يلي :
"تعين الشروط الجوهرية للعقود وأثارها بمقتضى القانون الذي قصد الأطراف صراحة أو ضمنيا الخضوع له .
وفي حالة سكوت الطرفين إذا لم يتبين القانون الواجب تطبيقه لا من طبيعة العقد ولا من الوضعية النسبية للمتعاقدين ولا من موقع الأموال تمسك القاضي بقانون موطنهما المشترك، فإذا لم يكن لهما موطن مشترك فبقانونهما الوطني المشترك، و إن لم يكن لهما موطن مشترك ولا قانون وطني مشترك فبقانون مكان إبرام العقد".
وهذه القاعدة الواردة في الفصل 13 مقتبسة من نص وافق عليه معهد القانون الدولي الخاص في دورته المنعقدة بفلورانس سنة 1908 [29].
وبناءا على هذه القاعدة يتضح لنا جليا أن المشرع أكد على مبدأ سلطان الارادة في اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع العقد الدولي ،وقد ميز بين حالتين أساسيتين،الأولى هي عندما يصرح المتعاقدون باختيار القانون الواجب التطبيق على العقد،و الحالة الثانية هي حالة عدم تعيين المتعاقدون للقانون الذي سيخضع له العقد بشكل صريح.
وفي هذه الحالة الاخيرة فقد أشار المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 13 الى القرائن التي يجب الاعتماد عليها للكشف عن ارادة الاطراف الضمنية و هي :
- طبيعة العقد : فقد صرحت محكمة الاستئناف بالرباط في عدة أحكام صادرة عنها منها الحكم الصادر  بتاريخ 25 يونيو 1943 والذا أكد على ضرورة  تطبيق مقتضيات القانون الفرنسي على عقد الكراء الفلاحي ، إذا تبين من مضمون العقد أنه شبيه بالعقد الذي ينظمه القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 18 يوليوز 1989 المتعلق بعقد الفلاحي بالحصة.
-  الوضعية النسبية للمتعاقديين : ذلك أنه في بعض الحالات قد تتوفر في المتعاقديين ظروف خاصة عائدة الى رابطة دينية أو قرابة أو شراكة ، تجبر القاضي على أخدها بعين الاعتبار عند بحثه عن ارادة المتعاقدين، ففي قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 5 يناير 1926 ، صرحت هذه الأخيرة بأن القانون المختار ضمنيا في العقد المبرم بين طرف اسباني و طرف مغربي كلاهما منتسب لديانة اليهودية هو القانون العبري ، وقد استنتجت المحكمة هذا الاختيار من الرابطة الدينية و من ابرام العقد لدى الموثق العبري.
- موقع المال : فإذا كان موضوع العقد أموالا معينة ، و لم يستشف القاضي الإرادة الضمنية من العنصرين السابقين ، كان القانون الواجب التطبيق على العقد هو قانون المكان الذي توجد فيه تلك الأموال.
ففي إطار ذلك ، طبقت محكمة الاستئناف بالرباط هذه القرينة في حكم أصدرته بتاريخ 19 مايو1929 ، حيث صرحت بما يلي :
"عند سكوت الأطراف ،إذا لم يتبين القانون الواجب تطبيقه لا من طبيعة العقد ولا من وضعيتهما النسبية، كان من الضروري أن يبحث عنه أولا و قبل النظر إلى أي طرف أخر في موقع الأموال ، أي في هذه النازلة في القانون المغربي لوقوع أموال المتعاقد بشأنها في المغرب".
- الموطن المشترك للمتعاقدين : فإذا لم تتوفر القرائن السابقة يخضع القاضي العقد للموطن المشترك للأطراف .
ففي أحد القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 9 أكتوبر 1917 ، اتجهت هذه الأخيرة إلى إخضاع عقد مبرم بين ثلاثة الأشخاص موطنهم جميعا في الجزائر للقانون الفرنسي وذلك نظرا لكون الجزائر في ذلك الوقت خاضعة للاستعمار الفرنسي .
- القانون الوطني المشترك للمتعاقدين : بالنسبة لهذه القرينة فمحكمة الاستئناف بالرباط طبقتها في العديد من أحكامها ، ففي حكم صادر  عنها بتاريخ 27 يونيو 1923 يتعلق بعقد شغل أبرمه مدير جريدة تصدر في المغرب باللغة الفرنسية مع رئيس تحرير لهذه الجريدة وكلا الطرفين فرنسي الجنسية، فقد صرحت في حيثياتها بأنه ينتج عن حمل الطرفين للجنسية الفرنسية بالإضافة إلى صدور الجريدة باللغة الفرنسية خضوع العقد للقانون الفرنسي (و هو القانون الذي قصده الأطراف) [30]
أيضا في حكم صادر عنها بتاريخ 21 مارس 1940 ، ذهبت المحكمة إلى تطبيق القانون الفرنسي لكون الطرفين يحملان الجنسية الفرنسية وذلك في قضية تتعلق بعقد بيع مقابل أداء إيراد عمري ، وهو عقد لم ينص عليه قانون الالتزامات و العقود المغربي.
- مكان إبرام العقد : حيث كرست المحكمة هذه القرينة في حكم صادر بتاريخ 24 أبريل 1923 ، الذي أيدته محكمة النقض الفرنسية في حكم مؤرخ في 14 نونبر 1926 ، حيث صرحت المحكمة بأن قبول كمبيالة و تظهيرها هما تصرفان قانونيان متميزان يمكن أن يخضع كل منهما لقانون مختلف عن القانون الذي يخضع له الأخر ، و أضافت أنه وقت قبول الكمبيالة في المغرب و تظهيرها في بريطانيا فان هذا التظهير يخضع للقانون البريطاني .
أما تعيين مكان إبرام العقد ، حين لا يقع الإيجاب و القبول في مكان واحد،فيجب أن يقع طبقا لقانون القاضي أي القانون المغربي.[31]

المبحث الثاني :حدود سلطة القاضي المغربي عند الفصل في النزاع


إن حدود سلطة القاضي عند الفصل في النزاع المتعلق بالعقود الدولية ، يمكن تقسيمه الى جزئين ، في البداية يبحث القاضي عن القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي (المطلب الأول ) ، وبعد ذلك يبث في النزاع مع إمكانية الخوض في تفسير و تعديل و فسخ العقد الدولي (المطلب الثاني )

المطلب الأول : القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي

تعتبر عملية تكييف العقد من صميم عملية القاضي ، إذ يقوم بها من أجل معرفة  حقيقة ما قصده المتعاقدان ، من واقع شروط العقد المعروض عليه ، وما اتجهت إليه الارادة المشتركة لطرفيه ، إذ يحل تنازع القوانين في العقود الدولية عن طريق قاعدة الاسناد التي تحدد القانون الواجب التطبيق وفقا لضابط إسناد يقوم أساسا على ارادة المتعاقدين[32] ، ويتم إسناد العقد لنظام قانوني وطني عن طريق الاتفاق الصريح (الفقرة الاولى) ، أو الضمني للأفراد(الفقرة الثانية) ، أو عن طريق القاضي عند غياب مثل هذا الاتفاق (الفقرة الثالثة).

الفقرة الاولى:اعمال قانون ارادة المتعاقدين

التعين الصريح للقانون الوطني

عادة ما يتفق أطراف العقد الدولي عل خضوعه للقانون الوطني لدولة ما ، اي اسناد العقد لنظام قانوني وطني وفقا لضوابط الاسناد المقررة في قانون القاضي[33] ، والتي تتفق غالبيتها على تكريس مبدأ سلطان الارادة في العقود الدولية ،فالعقد يخلق القانون الذاتي له ، ويخضعه لأحكامه .
يعرب الافراد بوضوح و بإرادة صريحة عن اختيار القانون الواجب التطبيق على عقودهم ، وهو ما يطلق عليه شرط الاختصاص التشريعي . و يحرص الاطراف على ذلك دائما لان الامر يمثل بالنسبة لهم أهمية قصوى ، بالإضافة الى شرط الاختصاص القضائي ، ويلتزم القاضي باحترام هذا الاختيار طالما لا يخالف النظام العام ، وهذا ما كرسه القضاء الفرنسي من خلال القرار المسمى   AMERICAN TRADING الذي يعتبر بالمناسبة اول قرار قضائي فرنسي يعترف للمتعاقدين بالحرية الكاملة في اختيار قانون العقد ،و الصادر في 05/12/1910 ، و الذي جاء فيه " إن القانون الواجب التطبيق على العقود سواء فيما يتعلق بتكوينها او أثارها أو بشروطها هو القانون الذي يتبناه الاطراف"[34]،و هذا ما أكده القانون الدولي الخاص الألماني لسنة 1986 ، و كذلك القانون المدني الاسباني الصادر سنة 1974،نفس الأمر كرسته التشريعات العربية كالقانون المدني المصري في مادته 16 ، و القانون المدني السوري في المادة 20 ، و هذا الامر لم يقتصر على القوانين الوطنية فقط بل امرت به الاتفاقيات الدولية ، مثل اتفاقية لاهاي  المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على البيوع الدولية للاشياء المنقولة المادية لسنة 1955 و اتفاقية لاهاي لسنة 1978 الخاصة بالقانون المطبق على على النيابة و عقود الوساطة ،و العديد من الاتفاقيات الاخرى[35]،و هذا ما أكدته المادة ا13 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين و الاجانب في المغرب لسنة 1913 ،  وهذا ما اكدته محكمة النقض في قرارها رقم 180 المعنون بعوار البضاعة و مسؤولية الشاحن و الصادر في 20 فبرير2008  في الملف رقم 978/3/1/2005[36].
إن اختيار القانون عادة ، عند إبرام العقد حيث يتم تضمينه بندا يحدد فيه القانون واجب التطبيق ، ولكن ليس هناك ما يمنع من بيان ذلك بعد إبرام العقد في إتفاق مستقبل ، بل و يمكن تغيير الاختيار السابق بالاتفاق على على قانون اخر يتماشى مع ظروف العقد و مقتضياته المستجدة[37]، و العمل بتجزئة العقد الدولي و اخضاعه لاكثر من قانون ، ونحن نعلم ان الاطراف يمكنها تعيين قانون ينطبق على كل جزء من العقد، حيث يخضع الشكل لقانون بلد الابرام ، و تخضع الالتزامات لعقد محل التنفيذ او الوفاء او موطن العقد .

 التعيين الضمني للقانون

عند تخلف التحديد الصريح لقانون العقد، فإنه يتعين البحث عن الارادة الضمنية للاطراف المتعاقدة بشرط وجود قرائن قوية تدل على وجود هذه الارادة التتي تنبئ عن وجود نية أو إختيارضمني لقانون العقد .
القاعدة العامة هي أن يتم اختيار القانون الذي يحكم العقد بإرادة المتعاقدين الصريحة ، بحيث إذا تضمن العقد تحديدا لقانون ما ليحكمه بعبارات واضحة وجلية وجب على القاضي إعمال هذا الاختيار، لكن الصعوبة تظهر عند عدم تواجد هذا الاختيار الصريح[38] ،  وإذا حصل وخلا العقد الدولي من نص صريح يحدد الأطراف من خلاله القانون الواجب التطبيق على عقدهم ، ولم يتداركوا ذلك بإبرام اتفاق لاحق على العقد يحدد هذا القانون صراحة ، وجب على القاضي الكشف عن الإرادة الضمنية للمتعاقدين من خلال البحث في بنود وظروف الحال وملابسات العملية التعاقدية[39]،  فإن ثمة مؤشرات وقرائن قد تكون مأخوذة من داخل العقد، أو من خارجه، يعتمدها القاضي كضوابط إسناد في الكشف عن الإرادة القرائن التي تكون من داخل العقد منها ما هي خاصة بالعقد نفسه كمضمون العقد، أو عملة الدفع، أو محل العقد، أو الاختصاص القضائي، ومنها ما هي عامة في كل العقود كمكان إبرام العقد، أو مكان تنفيذه، ومنها ما تكون مؤشرات مكملة كالجنسية المشتركة للمتعاقدين أو الموطن المشترك أو موطن الأعمال المشترك لهما. [40]
يرى الاتجاه المعارض لهذه المسألة أن البحث عن الإرادة الضمنية هو إخلال بتوقعات الأطراف المتعاقدة وأنه مجرد وهم أو خيال باستناده إلى أن غياب الاختيار الصريح يرجع لسببين :
-        عدم انتباه الأطراف أو إغفال الاختيار، وإن كان الأمر نادر الحدوث في ظل العقود الحديثة.
-        تعمد أطراف العقد عدم إثارة مسألة القانون الواجب التطبيق وذلك خوفا من الخلاف الذي قد يؤدي إلى عدم التعاقد.
وفي كلتا الحالتين لا يمكن الادعاء بوجود إرادة ضمنية في اختيار القانون والبحث عنها قد يؤدي إلى تطبيق قانون لم يتوقعه الأطراف وقد لا يعبر عن إرادتهم الحقيقية.
على أنه في المقابل يجد أنصار هذا الاتجاه أن مسألة الإرادة الضمنية للمتعاقدين هي حقيقة، فبين الاختيار الصريح لقانون العقد وانعدام هذا الاختيار توجد منطقة وسطى وهي الإرادة الضمنية، وينبغي التسوية بين الإرادة الضمنية والإرادة الصريحة في اختيار قانون العقد شريطة أن وجود إرادة ضمنية عن طريق قرائن يطمئن لها القاضي للكشف عن إرادة حقيقية للمتعاقدين. [41]
إن التعبير عن هذه الإرادة يكون ضمنيا متى كان المظهر الذي اتخذه هذا التعبير لا يكشف بذاته عن هذه الإرادة، ولكنه مع ذلك يدل عليها ويسهل استخلاصها، ونظرا إلى أن الإرادة الضمنية ينبغي اعتبارها وعدم تجاهلها، نصت الفقرة الثانية من الفصل 13 من ظ م ف أ على ‘’أنه في حالة سكوت الطرفين وإذا لم يتبين القانون الواجب التطبيق لا من طبيعة العقد ولا من الوضعية النسبية للمتعاقدين ولا من موقع الأموال تمسك القاضي بقانون موطنهما المشترك، فإذا لم يكن لهما موطن مشترك، فبقانونهما الوطني المشترك وإن لم يكن لهما لا موطن مشترك، ولا قانون وطني مشترك، فبقانون مكان إبرام العقد ‘’.
كما أكدت غالبية التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية في مجال العقود التجارية الدولية على ضرورة استجلاء الإرادة الضمنية للمتعاقدين في حالة عدم تعبيرهم صراحة عليها، معتبرة أنه من واجب المحكمة أن تستنبط إرادة الأطراف من العوامل المحيطة بالعقد ومن القرائن والمؤشرات التي تدل على وجود هذه الإرادة وذلك بوصفها إرادة حقيقية تنبئ عن ميل واضح وإن كان مستترا إلى اختيار نظام قانوني معين. [42]
كما هو معلوم فالإرادة الضمنية تشكل قاعدة إسناد أساسية، رغم طرحها لإشكالية الحدود الفاصلة بين الإرادة الصريحة والإرادة الضمنية، لكن على الأقل يفترض في الإرادة الضمنية أن تعطي حلا للتنازع الحاصل بين القوانين، والتي تكون مرنة من جهة بحيث تمكن القاضي من الأخذ بعين الاعتبار غياب الاختيار الصريح بالرجوع لأحكام العقد وكافة الظروف المحيطة بالتعاقد، ومن جهة أخرى صارمة كفاية لكي لا تجعل القاضي مجيزا لقانون ما باعتباره هو المراد ضمنيا، إلا بعد التأكد من أن هذا الاختيار يعبر صراحة عن الاختيار المشترك للطرفين معا، ذلك أن الإرادة وإن كانت ضمنية فلا يجب أن تكون غير حقيقية.
ولعل اهم القرائن و الظروف و الملابسات التي يمكن للقاضي الاستناد إليها لاستخلاص النية الضمنية للاطراف بخصوص قانون العقد ، الاتفاق على الاختصاص القضائي لدولة معينة يعني ضمنا إختيار قانونها ، ومكان الوفاء أو محل التنفيذ ، وتبنى صيغة عقد معمول به طبقا لقانون دولة معينة[43]

الفقرة الثانية : استبعاد القاضي لقانون الارادة
اولا: حالة عدم وجود الصلة بين القانون الارادة والعقد

تطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة فإنه يترك للأطراف حرية اختيار قانون يحكم العلاقة العقدية، ، وفي الوقت نفسه، فإن أطراف التعاقد ليس لديهم حرية كاملة في اختيار القانون الواجب التطبيق، ويعتمد تقدير ذلك على القضاء، فقد تكون هناك قيود محددة لتطبيق القانون الأجنبي من ضمن ذلك الاختصاص. [44]
إلا أن المنطق واعتبارات العدالة يفرضان علينا الحد من الحرية المطلقة في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي، وذلك باشتراط توفر صلة حقيقية بين القانون المختار والمتعاقدين أو العقد من خلال معيار  جنسية أحد طرفيه  أو الموطن أو محل إبرام العقد أو تنفيذه أو موقع المال.
القيد السابق قد كرسه القضاء والتشريع الحديث الذي اعترف بحق الأطراف في اختيار قانون ينظم علاقتهم التعاقدية، لكن هذه الحرية مقتضبة إلى ابعد الحدود(النظرية الموضوعية)، لان الأطراف لما يختارون القانون الواجب التطبيق على العقد المبرم بينهم بكل حرية يجب عليهم أن يبحثوا عن القانون الذي يمثل صلة حقيقية بينهم وبين  العقد المبرم، فإذا انعدمت هذه الصلة أو الرابطة حق للقاضي استبعاد هذا القانون المختار. ويقوم بنفسه بالبحث عن القانون الذي تتوفر فيه الصلة أو الرابطة المذكورة[45]، وفي هذا الاتجاه نصت المادة 18/1 من التقنين المدني الجزائري لسنة 1975 المعدل في سنة 2005 على ما يلي : " يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد..."[46]،  في حين أن المشرع الإسباني هو الأخر قد تبنى هذا الموقف السابق في المادة 10 من القانون المدني الاسباني الذي نص فيه على ضرورة وجود رابطة بين القانون المختار وموضوع العقد[47]، نفس التوجه كرسه القضاء المقارن من خلال القرار الصادر عن المحكمة الفدرالية السويسرية التي قضت" بان اختيار الأطراف للقانون المختص لحكم العلاقة التعاقدية الدولية ليس متروكا لتقديرهم، وإنما هو مقيد بشرط وجود على الأقل ،روابط طبيعية ذات صلة مع البلد الذي اختاروا قانونه ليحكم روابطهم[48].
إن تأكيد القضاء والتشريعات الوطنية السابقة على ضرورة وجود صلة حقيقية بين القانون المختار والمتعاقدين أو العقد، قد تعرض لعدة انتقادات من قبل الفقه والقضاء خاصة الفقه المؤيد لحرية الإرادة المطلقة (النظرية الشخصية) الذي برر أو علل توجهه هذا بالاستناد على فكرة جوهرية مفادها انه إذا كان من حق الأطراف اختيار قانون على صلة وطيدة بالعقد دون قانون أخر له نفس الصلة أيضا بالعقد، فان ذلك يعني بالضرورة عدم الاختصاص التشريعي المطلق لأي من هذين القانونين في حكم العقد ،وبالتالي ليس هناك أي مانع من اختيار المتعاقدين لقانون أخر لا يرتبط بالعقد بأي صلة [49]. هذا الموقف الفقهي تم تكريسه في القضاء والتشريع المصري والأردني والمغربي... ، فبالاطلاع على المادة 20/1[50] من القانون المدني الأردني لسنة 1976 ،المادة 19/1[51] من القانون المدني المصري لسنة 1948 والفصل 13 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب ل 12 غشت 1913 الذي نص على ما يلي : " تعين الشروط الجوهرية للعقود وأثارها بمقتضى القانون الذي قصد الأطراف صراحة أو ضمنيا الخضوع له..."، نجدها تنص أي القوانين السابقة كما هو الحال في معظم التشريعات الوطنية لدول أخرى على حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي دون شرط توفر صلة جادة بين القانون المختار والعقد ، هذا الأمر تبناه الاجتهاد القضائي المغربي كذلك منذ عهد الحماية من خلال القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 28 مارس 1928 التي نصت على أن المشرع المغربي أراد من خلال الفقرة 1 من المادة 13 السالفة الذكر أن يمنح الأطراف الحرية التامة للتعاقد بناء على القانون الذي يختارونه[52]، كما أن القرار الصادر على المحكمة السابقة بتاريخ 17ماي1930 ذهب في نفس التوجه[53]. 
نستخلص مما سبق أن الاجتهاد القضائي المغربي قد ساير المقتضيات الواردة في الفقرة 1 من الفصل 13 التي تعترف بالسلطة الكاملة للمتعاقدين في اختيار قانون يحكم عقدهم دون أي قيد أو مانع، هذا الأمر قد يخلف أو يرتب أثارا سلبيا يتمثل في اختيار قانون يتعارض مع النظام العام وقواعد ذات التطبيق الضروري لدولة القاضي أو عن طريق التحايل باختيار قانون لا علاقة له بالعقد ، ولأجل تجاوز هذه المعضلة يقوم القاضي المغربي بالإعمال الطبيعي لمسلسل التنازع وذلك من خلال استبعاد القانون المختار من قبل الأطراف متى ظهر أي تعارض له مع النظام العام[54].         

ثانيا: حالة  التحايل و الغش نحو القانون و المخالفة للنظام العام و قواعد الامن و البوليس
1-التحايل على القانون و الغش نحو القانون :

لقد عرف بعض الفقهاء الغش نحو القانون أو الاحتيال على القانون بأنه عبارة عن الاستعمال الإرادي لوسائل مشروعة في حد ذاتها، بغية الوصول إلى أغراض تخالف أوامر القانون ونواهيه ،أو أن الغش نحو القانون يتحقق كلما اتخذت أعمال إرادية حقيقية ، عمدية أو غير عمدية ، لإيجاد مركز يتفق وحرفية القانون ولكن يخالف غرضه ، لكن ما يعاب على هذا التعريف أنه لا يعطي لنية التحايل أهمية كبيرة بذكره لفظ غير عمدية، ومن المعروف أنه من شروط إقامة الدفع بالغش وجود قصد التحايل على القانون لذلك حاول آخرون إعطاء تعريف آخر بمعنى أن الغش نحو القانون ينحصر في وسائل يتخذها شخص ليتهرب من حكم القواعد القانونية الآمرة و الناهية التي يخضع لها، بواسطة استخدام قواعد قانونية أخرى يتوقف تطبيقها على إرادته مع الانحراف بها من معناه الحقيقي، وبذلك يكون تغيير ضابط الإسناد هدفه التحايل[55].
أن الغش نحو القانون يتحقق في الأحوال التي يعمد فيها أطراف الرابطة القانونية إلى إدخال تغيير ما على ضابط الإسناد بغية الانحراف بقاعدة الإسناد عن غاياتها ، وبالتالي انتقال الاختصاص إلى القانون الذي يحقق لهم المصلحة المرغوبة من عملهم ، فقد يعمد أطراف العقد إلى رصد عنصر إسناد لا وجود له أصلا في العقد الداخلي ، وذلك بخلق عنصر أجنبي في العلاقة التعاقدية بغرض تدويلها تدويلا مصطنعا يسمح بإسنادها لقانون الإرادة الذي يمنح الأطراف حق اختيار قانون يحكم عقدهم ، مما يعتبر بحد ذاته غشا نحو القانون يدفع القاضي إلى عدم الاعتداد بالقانون المختار وإعادة الاختصاص للقانون الوطني[56].
وبالنظر إلى فكرة الغش نحو القانون نجدها أكثر حدوثا في العقود الدولية، لأن هذا الدفع لا يتصور إلا إذا كانت قاعدة الإسناد تتوقف على إرادة الأشخاص ،والعقود الدولية هي بطبيعتها عقود إرادية يترك فيها اختيار القانون الواجب التطبيق لإرادة المتعاقدين احتراما لمبدأ سلطان الإرادة، بالإضافة إلى ذلك فالدفع بالغش نحو القانون لا يقتصر نطاقه في اصطناع عنصر أجنبي للهروب من أحكام القانون الوطني الآمرة، وإنما يدخل ضمنه مجموعة من المبادئ الأخلاقية سواء تعلق الأمر بمرحلة ما قبل التعاقد أو خلال سريان العقد وهو ما يطلق عليه بمبدأ حسن النية الذي نص عليه المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود[57].  

2-استبعاد القانون الإرادة لمخالفته للنظام العام  

يعتبر من أهم القيود التي ترد على حرية أطراف العقد في اختيار القانون الواجب التطبيق ، ويعتبر مفهوم النظام العام من المفاهيم المرنة والغامضة السائدة في  كل المجتمع ، اذ يصعب تحديد تعريف لها على الوجه الدقيق ، لأن لها مفهوما متغيرا باختلاف الزمان و المكان وينقسم  النظام العام  إلى قسمين هما : النظام العام الداخلي الذي هو عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية الداخلية التي تتصف بوجه عام، بأنها ذات صبغة أمرة بحيث يمنع على الأفراد خرقها أو الاتفاق على مخالفتها،و النظام العام الدولي بمفهوم القانون الدولي الخاص الذي يتسم بصبغة وطنية محضة، حيث يتم تحديده بواسطة القاضي الوطني انطلاقا من المفاهيم والمبادئ السائدة في مجتمعه، بهدف استبعاد القانون الأجنبي المختص وتطبيق قانون القاضي بدلا منه ...[58]، من هذا المنطلق يمكن اعتبار النظام العام بأنه مجموع الأسس الجوهرية التي يقوم عليها نظام مجتمع معين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وقانونيا ودينيا، ويمنع على الإرادة أن تتجه إلى ما يخالفه .
وهذا ما أكدته الاتفاقيات الدولية بحيث انها ضيقت من مبدأ حرية المتعاقدين في اختيار قانون يحكم العلاقة التعاقدية، إذ  لا يتم إعماله في حالة مخالفته للنظام العام في دولة القاضي، وهو ما أكدته اتفاقية روما الموقعة بين دول الاتحاد الأوربي عام 1980، والتي نصت في مادتها 5 على انه "يقيد مبدأ حرية الاختيار بتطبيق قانون مقر المستهلك إذا كان يوفر له حماية أوسع من تلك الممنوحة بموجب القانون الذي اختير"[59].
وهذا ما سار عليه  الفقه المقارن حيث انه اشترط أن يكون القانون الذي اختاره المتعاقدان ليحكم العقد الدولي غير مخالف للنظام العام لدولة قاضي النزاع .مما يتضح ان لنظام العام دور في استبعاد قانون الإرادة ، وأن القاضي يتمتع بسلطة مراقبة عدم مخالفة القانون المختار لنظام العام السائد في دولته، ومتى تبت له ذلك قام باستبعاد هذا القانون الأجنبي ليحل محله قانون بلده[60].

3-استبعاد القانون الارادة عند مخالفته لقواعد الأمن والبوليس

يتم إستخدام ورقة  القواعد ذات التطبيق الضروري بشكل جلي في مجال العلاقات الدولية الخاصة، لأن منح الأطراف الحرية الكاملة في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد قد يفتح الباب أمامهم للهروب من أحكام القوانين الوطنية الآمرة، لهذه الغاية ظهرت قواعد الأمن والبوليس التي تهدف إلى توفير الحماية الضرورية لمصالح الدولة الاقتصادية والاجتماعية[61]، فهي القواعد التي تلازم تدخل الدولة ، والتي ترمي إلى تحقيق المصالح الحيوية والضرورية والاقتصادية والاجتماعية للجماعة ، والتي يترتب على عدم احترامها إهدار ما تبتغيه السياسة  التشريعية، وتكون واجبة التطبيق على كافة الروابط التي تدخل في مجال سريانها أيا كانت طبيعتها وطنية أم ذات طابع دولي[62] .
وهذا  التوجه نصت عليه كل من المادة 4[63] من مجموعة مبادئ  unidroit بخصوص العقود الدولية ، وغرفة التجارة الدولية في قرار لها صادر بتاريخ 1985 الذي جاء فيه ما يلي : " كل عقد يتضمن مجموعة من المواضيع المخالفة للقواعد الآمرة أو النظام العام أو الأخلاق وحسن السلوك ، فإنه يعد باطلا وهذا المبدأ يعد قاعدة دولية وعنصرا لقانون مشترك للعقود الدولية "[64].
و هذا ما سار عليه القانون الداخلي المغربي بحيث عمل على  استبعاد القانون الأجنبي المختار متى كانت مضامينه تتعارض مع القواعد الآمرة في القانون الدولي الخاص المغربي، ولا سيما تلك المقتضيات الواردة في قانون الالتزامات والعقود ،مع ذلك فان قضاء الحماية ذهب في عدة أحكام صادرة عنه عكس ذلك، ففي قرار مثلا صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 31 أكتوبر 1930 قضت هذه الأخيرة بأنه إذا وضع الطرفان العقد تحت حكم القانون البرتغالي وجب تطبيق هذا القانون حتى على التقادم، ومدته في القانون المذكور 20 سنة ، في حين تنص المادة 375 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على انه لا يسوغ للمتعاقدين بمقتضى اتفاقيات خاصة تمديد اجل التقادم إلى أكثر من 15 سنة التي يحددها القانون"[65].   
وبناء على ما تقدم، تعتبر القواعد الآمرة من القواعد المعترف بها في مجال القانون الدولي الخاص ويؤدي تفعيلها إلى منحها أولوية في التطبيق على القانون المختار من طرف المتعاقدين دون مراعاة لمبدأ سلطان الإرادة

المطلب الثاني : سلطة القاضي المغربي على العقد الدولي

جاء في أحد قرارات محكمة النقض:
" إن الطبيعة القانونية للعقود رهينة، ليس بالتحديد الصادر عن الأطراف، وإنما بالطبيعة المستخلصة من بنودها، لذلك فإن على قاضي الموضوع أن يحدد هذه الطبيعة وأن يستخلص من هذا التحديد الآثار القانونية أو الاتفاقية التي تولدها العقود "[66]
إن إمكانية تدخل القاضي لتعديل بنود العقد في حالة وقوع حوادث طارئة من شأنها جعل تنفيذ التزام أحد أطراف العقد مرهقا و شاقا شئ وارد ،و يجب الإشارة إلى أن الظروف الطارئة لا تؤثر على مبدأ استمرار تنفيذ العقد، بالرغم من التغيير الجذري الذي يطرأ على توازن الأداء العقدي، كما لا يسمح للمدين بالتوقف عن تنفيذ التزامه طبقا لما نصت عليه شروط العقد.[67]
وإن التشريعات المختلفة لم تتفق  في منح القاضي سلطة تعديل العقد، حيث أن الفريق الاول  من الأنظمة القانونية الرافضة لمنح القاضي سلطة تعديل العقد هناك   القانون المدني الفرنسي و القانون البلجيكي، فكلا النظامين يعارض منح القاضي سلطة تعديل العقد إذا اختل توازنه بسبب أحداث غير متوقعة و خارجة عن إرادة الأطراف.
ودليلها في ذلك هو الحكم الشهير لمحكمة النقض عام 1876 في قضية canal de Craponne   فإن المحكمة تعطي الأولوية لتطبيق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، فاحترام القوة الإلزامية للعقد هو الأساس الذي تستند إليه هذه القوانين.
أما الفريق الثاني من الانظمة القانونية فهي  تعترف بنظرية الظروف الطارئة على أساس قضائي ، فرغم عدم وجود نص عام في هذه القوانين يسمح بمراجعة العقد يمنح للقاضي سلطة تعديل التزامات المتعاقدين، فإن القضاء في هذه الدول قد سمح لنفسه، على أساس مبدأ حسن النية و العدالة، مثل النظام القانوني السويسري حيث يمكن للقاضي التدخل لمراجعة شروط العقد إذا تغيرت ظروف تنفيذه وفقا لأحداث غير متوقعة، وقد أسس القضاء السويسري و خاصة المحكمة الفيدرالية هذا التدخل على أساس المادة الأولى من القانون المدني ، التي تتحدث عن سلطة القاضي في تكملة النقص في القانون. ونفس الأمر نجده في القانون الألماني رغم عدم احتوائه على نص عام يقضي بمراجعة العقد، لكن الفقه و القضاء الألمانيان و ضعا طريقا يسمح لتدخل القاضي لتعديل العقد و قد يحدث هذا الاختلال من انخفاض قيمة العملة أو بسبب تغيرات في النظام القانوني أو السياسي السائد .أما بالنسبة للقضاء الانجليزي فهو يقضي بفسخ العقد إذا تغير أساسه بسبب الظروف الجديدة أو لم تتحقق الشروط الضمنية التي تعاقد الأطراف على أساس تحققها .
كما هناك مجموعة من القوانين التي اعترفت تشريعيا بنص عام و صريح يجيز للقاضي أن يتدخل لإعادة توازن العقد الذي اختل بسبب تقلبات الظروف، و ينتمي إلى هذه المجموعة العديد من القوانين كالقانون المدني المصري و القانون المدني الايطالي و الجزائري حيث منح المشرع للقاضي سلطة التدخل لتعديل التزامات المتعاقدين.[68]
أما  بالنسبة للقانون المغربي فقد سار في الاتجاه الأول الذي يرفض منح القاضي سلطة تعديل العقد على أساس أنه لا يتماشى مع مبدأ سلطان الإرادة كما قد يمس بالاقتصاد و التجارة في صبغة دولية.

الخاتمة :

وفي الختام و كخلاصة لهدا البحث فإننا لاحظنا قلت العمل القضائي المغربي في مجال العقود الدولية من جهة ، وتذبذب واضح للتوجه القضائي في هذا المجال ،خصوصا في ما يتعلق بمعايير تحديد دولية العقد.وذلك راجع أساسا لضعف التكوين الذي يتلقاه القضاة في مجال العقود الدولية مما يؤدي الى قلت الالمام بآليات و معايير تحديد دولية العقد.
واذا كان توجه قاضي الحماية الى التوسع في تحديد دولية العقد تكريسا لنظام الامتيازات الذي كان سائدا في تلك المرحلة.لكن بعد الاستقلال فلم يعد ما يبرر تذبذب العمل القضائي  من ناحية توحيد و ضيط معايير دولية العقد،وما يعمق من الهوة   العديد من الاحكام التي لم تكن صائبة في تكييفها للعقد الدولي، إضافة إلى أنه ما زال العمل قائما بظهير 12 غشت 1913 المتعلق بظهير الوضعية المدنية للاجانب والذي أصبح متجاوزا و غير مواكب لسرعة التطورات التي يعرفها مجال العقود الدولية.
لدا ندعو المشرع الى  الاسراع في سن قواعد تتماشي مع خصوصية هذا النوع من العقود.

لائحة المراجع :
الكتب :
-   جميلة أوحيدة" تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الأولى 2007،
-  زياد محمد فالح بشابشه-أحمد الحراكي-عماد قطان : دور إرادة أطراف التعاقد في اختيار القانون واجب التطبيق في الالتزامات التعاقدية الدولية وفقا للقانون الأردني-دراسة مقارنة،
-  سفيان عبدلي ، دور القاضي الوطني في تطبيق و تفسير الاتفاقيات الدولية ، مطبعة نور لنشر ، 2017 ،
-  شريف غنام: أثر تغيير الظروف في عقود التجارة الدولية، مطبعة الفجيرة الوطنية، الطبعة الأولى 2010
- عبد الرحمان الشرقاوي ، القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي ،الطبعة الثانية ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ،2014.
- عبد الرحمان المصباحي (رئيس غرفة بمحكمة النقض) ، دور القضاء في تطبيق وإنفاذ الاتفاقيات الدولية في منازعات الاستثمار، عرض تم إلقاؤه بمناسبة أشغال المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية ، الدوحة ، 2013.
- علاء محي الدين مصطفى أبو أحمد : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية في ضوء القوانين الوضعية والمعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم-دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة الاسكندرية
- محمد الكشبور ، رقابة المجلس الاعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية  ، محاولة للتمييز بين الواقع و القانون ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، الطبعة الاولى 2001.
- موسى عبود،  "الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي" الطبعة الأولى-أكتوبر 1994.
- محمد الوكيلي، دروس في القانون الدولي الخاص المغربي ، جامعة محمد الخامس اكدال، سنة 2007/ 2008.
- عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية.الطبعة الأولى ،  مطبعة النجاح الجديدة، مراكش ، سنة 2015 ،
- محمد حسين منصور النظرية العامة للالتزام ، الجزء الاول ، الطبعة الاولى ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، 2005
- محمد حسين منصور ، العقود الدولية ، الطبعة الاولى ، دار الجامعة الجديدة للنشر ،الاسكندرية ، 2009
- عكاشة عبد العال ، قانون العمليات المصرفية الدولية ، دار المطبوعات الجامعية ، اسكندرية ، 1994
الاطروحات و الرسائل:
- أمينة الخياط:" القانون المطبق على العقد الدولي-دراسة في القانون الدولي الخاص المغربي-"، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،جامعة محمد الخامس- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -الرباط-أكدال،السنة الجامعية:  2008-2009.
- كوتار شوقي ، مفهوم العقد الدولي،رسالة ماستر ،ماستر المقاولة و القانون بكلية الحقوق ابن الزهر أكادير.
- محمد البلاق "قواعد التنازع و القواعد المادية في منازعات عقود التجارة الدولية"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي الخاص ،كلية الحقوق و السياسة –جامعة ابوبكربلقايد-تلمسان، السنة الجامعية 2010/2011.
- علاء محي الدين مصطفى أبو أحمد : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية في ضوء القوانين الوضعية والمعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم-دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة الاسكندرية
القوانين و الاتفاقيات :
- ظهير شريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال ،12 فبراير ،1997 بتنفيذ القانون رقم 53.95  القاضي بإحداث محاكم تجارية ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4482 في 15/05/1997.
- قانون المسطرة المدنية ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447   بتاريخ 11 رمضان 1394 ،28 شتنبر 1974، بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تعديله.
- اتفاقية روما 1980المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ذات الطابع الدولي و اتفاقية فيينا 1980 بخصوص البيع الدولي للبضائع
المجلات القانونية :
- مجلة الاجتهاد القضائي المغربي،المجموعة الكاملة لمجلة قضاء المجلس الاعلى ، العدد الخامس ، 2009.
المواقع الإلكترونية :
راجع بلمهوب عبد الناصر : مقال " دور الاطراف المتعاقدة في إختيار القانون الذي يحكم العقد الدولي  الموقع  :                            - http://www.tribunaldz.com/forum/t1632  تاريخ الاطلاع : 5\11\2017 ، ساعة الإطلاع  13:09        
قد يهمك أيضا:



----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - سفيان عبدلي ، دور القاضي الوطني في تطبيق و تفسير الاتفاقيات الدولية ، مطبعة نور لنشر ، 2017 ، ص 10.
[2] - عبد الرحمان الشرقاوي ، القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي ،الطبعة الثانية ، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط ،2014 ، ص20 .
[3] - محمد حسين منصور النظرية العامة للالتزام ، الجزء الاول ، الطبعة الاولى ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، 2005 ، ص 205.
[4] - محمد حسين منصور ، العقود الدولية ، الطبعة الاولى ، دار الجامعة الجديدة للنشر ،الاسكندرية ، 2009 ، ص 10 .
[5] - المرجع السابق ، ص 11 .
[6] - l’article 1 alinéa 3 Convention des Nations Unies sur les contrats de vente internationale de marchandises (Vienne,1980)
[7] - قرار محكمة النقض بتاريخ 1976/1/07 ، أورده محمد الكشبور ، رقابة المجلس الاعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية  ، محاولة للتمييز بين الواقع و القانون ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، الطبعة الاولى 2001 ،،ص 322 .
[8] - Stéphane Chatillon ; Le contrat international ; Vuibert ; 2001 ; p 8 .
[9] - عكاشة عبد العال ، قانون العمليات المصرفية الدولية ، دار المطبوعات الجامعية ، اسكندرية ، 1994 ، ص 76 .
[10] - عبد الرحمان المصباحي (رئيس غرفة بمحكمة النقض) ، دور القضاء في تطبيق وإنفاذ الاتفاقيات الدولية في منازعات الاستثمار، عرض تم إلقاؤه بمناسبة أشغال المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية ، الدوحة ، 2013.
[11] -  أمينة الخياط ، القانون المطبق على العقد الدولي ،أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق ،جامعة محمد الخامس الرباط ، 2008/2009 ،ص 102.
[12]  -  أحكام التنازع بين القاوانين في التشريع المغربي 1 النظرية العامة،دار السلام للطباعة و النشرو التوزيع الرباط،س 2013،ص 35
- أحكام التنازع بين القاوانين في التشريع المغربي 1 النظرية العامة،المرجع السابق ،ص 35[13]
[14]  - مفهوم العقد الدولي،رسالة ماستر ،ماستر المقاولة و القانون بكلية الحقوق ابن الزهر أكادير،ص 11 ،سنة 2016.
[15]  -  مفهوم العقد الدولي، رسالة ماستر ،ماستر المقاولة و القانون ،مرجع سابق،ص 12 .
[16] محمد البلاق "قواعد التنازع و القواعد المادية في منازعات عقود التجارة الدولية"، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي الخاص ،كلية الحقوق و السياسة –جامعة ابوبكربلقايد-تلمسان، السنة الجامعية 2010/2011 ، ص 11. 12
[17]  - مفهوم العقد الدولي، رسالة ماستر ،ماستر المقاولة و القانون ،مرجع سابق،ص 14 .

[18]  -  جميلة أوحيدة" تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الأولى 2007، ص: 58 و59
[19] جميلة أوحيدة" تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مرجع سابق، ص: 59 و 60
[20] أمينة الخياط " القانون المطبق على العقد الدولي " .أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق-السنة الجامعية 2008-2009 56-57-58 
[21]  -  ظهير شريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال ،12 فبراير ،1997 بتنفيذ القانون رقم 53.95  القاضي بإحداث محاكم تجارية ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4482 في 15/05/1997.
[22]  -  قانون المسطرة المدنية ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447   بتاريخ 11 رمضان 1394 ،28 شتنبر 1974، بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، كما تم تعديله.
[23]  - عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية.الطبعة الأولى ،  مطبعة النجاح الجديدة، مراكش ، سنة 2015 ،ص 56.
[24]  - محمد الوكيلي، دروس في القانون الدولي الخاص المغربي ، جامعة محمد الخامس اكدال، سنة 2007/ 2008، ص91.
[25]  - محمد الوكيلي، دروس في القانون الدولي الخاص المغربي ، مرجع سابق، ص 92 .
-موسى عبود،  "الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي" الطبعة الأولى-أكتوبر 1994 .ص290[26]
- موسى عبود، (مرجع سابق) .294 -295 [27]
- أمينة الخياط ، "القانون المطبق على العقد الدولي " (مرجع سابق) ، ص 58[28]
[29]  - موسى عبود،الوجيز في القانون الدولي الخاص،مرجع سابق،ص 298.
[30]  - - موسى عبود ،(مرجع سابق) ،  .ص 301-302-303
- موسى عبود ،(مرجع سابق) ،  .ص 301-302-303 [31]
[32] - أمينة الخياط ، مرجع سابق ، ص69.
[33] - محمد حسين منصور ، العقود الدولية ، مزجع سابق ، ص433.
[34] - أمينة الخياط ، مزجع سابق، ص74.
[35] -اتفاقية روما 1980المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ذات الطابع الدولي و اتفاقية فيينا 1980 بخصوص البيع الدولي للبضائع ...
[36]-مجلة الاجتهاد القضائي المغربي،المجموعة الكاملة لمجلة قضاء المجلس الاعلى ، العدد الخامس ، 2009.
[37] - مجمد جسين منصور ، العقود الدولية ، مرجع سابق ، ص 434.
[38] -علاء محي الدين مصطفى أبو أحمد : التحكيم في منازعات العقود الإدارية الدولية في ضوء القوانين الوضعية والمعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم-دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة الاسكندرية، ص :339-340.
[39] -أمينة الخياط، مرجع سابق، ص :134
[40] -- زياد محمد فالح بشابشه-أحمد الحراكي-عماد قطان : دور إرادة أطراف التعاقد في اختيار القانون واجب التطبيق في الالتزامات التعاقدية الدولية وفقا للقانون الأردني-دراسة مقارنة، سنة 2012، ص :368.
[41] -علاء محي الدين مصطفى أبو أحمد : مرجع سابق، ص :340-341.
[42] -  - أمينة الخياط، مرجع سابق، ص :134-135.
[43] -Dicey, Morris & Collins ;the Conflict of Laws ; Published by:  Sweet & Maxwell ;2000 ;p 85.(من مرجع العقود الدولية لمحمد حسين الصفحة 435)
[44]    نقلا عن  زياد محمد فالح بشابشه –احمد حراكي –عماد قطان :" دور إرادة أطراف التعاقد في اختيار القانون واجب التطبيق في الالتزامات التعاقدية الدولية وفقا للقانون الأردني-دراسة مقارنة" ، مرجع سابق ، ص 364.
[45]    أكدت المادة 25 من القانون المدني الايطالي لعام  1942 على أن حرية أطراف التعاقد في اختيار القانون الذي يحكم العقد ليست مطلقة ،وإنما هي مقيدة بشرط وجود صلة أو علاقة منطقية بين القانون الذي اختاره الأطراف ليحكم العقد وبين موضوع العلاقة القانونية في العقد نفسه.     راجع  زياد محمد فالح بشابشه احمد حراكي –عماد قطان :" ، مرجع سابق، ص  370.
[46]   راجع بلمهوب عبد الناصر : مقال " دور الاطراف المتعاقدة في إختيار القانون الذي يحكم العقد الدولي  الموقع  :                 http://www.tribunaldz.com/forum/t1632  تاريخ الاطلاع : 5\11\2017 ، ساعة الإطلاع  13:09                       
[47]   موسى عبود: الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي ، مرجع سابق، ص  300 .
[48]  أمينة الخياط:" القانون المطبق على العقد الدولي-دراسة في القانون الدولي الخاص المغربي-"، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،جامعة محمد الخامس- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -الرباط-أكدال،السنة الجامعية:  2008-2009، ص: 109.
[49]   أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص  105
[50]   تنص المادة 20/1 على ما يلي:" يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا، فان اختلفا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد. هذا ما لم يتفق المتعاقدين على غير ذلك...".
[51]  تنص المادة 19/1 على ما يلي:" يسري على الالتزامات التعاقدية، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا ، فان اختلفا موطنا سري قانون الدولة التي تم فيها العقد . هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه...".
[52]   موسى عبود: الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي، مرجع سابق ،ص   301 .
[53]   أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص106
[54]   أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص 107
[55]   احمد زوكاغي :"أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي 1-النظرية العامة"، مرجع سابق، ص  112و 113
[56] أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص: 123
[57] أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص: 124
[58]  احمد زوكاغي :"أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي 1-النظرية العامة"، مرجع سابق، ص: 97 .
[59] زياد محمد فالح بشابشه : مرجع سابق، ص: 365.
[60]  خالد شويرب:" القانون الواجب التطبيق على العقد التجاري الدولي مرجع سابق ، ص 78.
[61] أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص: 126
[62] جميلة أوحيدة: "آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مرجع سابق، ص: 21
[63]  تنص المادة الرابعة من مبادئ  unidroitعلى ما يلي : " ليس في المبادئ ما يقيد تطبيق قواعد أمرة سواء أكانت وطنية أم دولية أم فوق قومية، ما دامت تطبق إعمالا للقواعد الواجبة في القانون الدولي الخاص".
[64] أمينة الخياط: مرجع سابق ، ص128
[65] جميلة أوحيدة: "آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مرجع سابق، ص302
[66] -قرار محكمة النقض بتاريخ 7 يناير 1976، أورده محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، محاولة للتمييز بين الواقع والقانون، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2001، ص: 322.
 [67] عبد الرحيم السلماني: شرط إعادة التفاوض في عقود التجارة الدولية، مجلة القانون المغربي، عدد 16 غشت 2010، ص: 207و 208
[68] شريف غنام: أثر تغيير الظروف في عقود التجارة الدولية، مطبعة الفجيرة الوطنية، الطبعة الأولى 2010، ص: 45 و ما يليها 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات