القائمة الرئيسية

الصفحات

القواعد الامرة في القانون الدولي

القواعد الامرة  في القانون الدولي

القواعد الامرة  في القانون الدولي
القواعد الامرة  في القانون الدولي
مقدمة

بالرغم من افتقار المجتمع الدولي إلى سلطة مشرعة، تعلو إرادة الدول وتفرض قواعده جبراً عند الاقتضاء، فقد وجدت مجموعة من المبادئ والقواعد التي تحكم سلوك وتصرفات الدول والمنظمات الدولية كونت في مجموعها قواعد القانون الدولي العام. ومع ذلك يرى البعض أن مبدأ السيادة لا زال يضفي على قواعد القانون الدولي صفة الرضائية، فلا يتصور استمرار القاعدة الدولية إلاَّ إذا استمر الرضا بحكمها. وعليه لا يوجد قواعد فوق إرادة الدول وإن استمرار وجود القاعدة الدولية ذاتها مرهون برضا الدول.

وينشأ في المجتمع عدد كبير من المبادئ العليا والأسس الجوهرية التي يحرص المجتمع على ضمان احترامها باعتبارها من ضرورات وجوده واستمرار سلامته وكأساس ترتكز عليها مقوماته الأساسية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها, وهو ما يعرف بالنظام العام JUS CONGENS. والمجتمع الدولي كمجتمع منظم يعرف هذا النوع من القواعد والأحكام .
 ولما كانت فكرة النظام العام فكرة غير ثابتة وتتغير حسب نظرة المجتمع إلى تلك الأسس أو الدعامات فهي بالتالي قابلة للتعديل ولكنها لا تنعدم في حياة أي مجتمع منظم.
والقواعد الآمرة شديدة الارتباط بفكرة النظام العام بل إن القواعد الآمرة كلها من النظام العام. ومصدر هذا النوع من القواعد هي مصادر القاعدة الدولية ذاتها أي العرف والمعاهدات ومبادئ القانون.
وهناك معيارين أساسيين لتحديد القواعد الآمرة في القانون الدولي.
المعيار اللفظي: وهو يعني وجود لفظ أو صياغة تدل على القاعدة القانونية في المعاهدات الدولية كاستخدام الكلمات التالية ( يحرم، يحظر، يمنع ). إلا أن هذا المعيار لا يتسم دائماً بالدقة بسبب وجود الأعراف الدولية الغير مكتوبة وهي مصدر هام لقواعد القانون الدولي.
المعيار الموضوعي: ويمكن تحديد القواعد الآمرة من خلاله على أساس أنها تلك القواعد التي تهدف إلى حماية مصالح المجتمع الدولي والنظام العام الدولي.
ونشير إلى أن المرجع في تحديد طبيعة القاعدة عند الاختلاف هو القاضي الدولي.
كما يؤكد قسم من الفقه، و بعض الأحكام القضائية مند وقت طويل على وجود قواعد إلزامية لا يمكن نقضها تأتي في مرتبة أعلى من القواعد البسيطة الإجبارية للقانون الدولي، هده الفكرة التي تتلاءم مع النظام العام، هي التي كرستها اتفاقيتي فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 و 1986 .
فما هو ادن مفهوم وخصائص القواعد الآمرة ؟ و ما هي تطبيقاتها على المستوى الدولي؟
و ما هي الجزاءات المترتبة على مخالفتها؟

المبحث الأول: مفهوم وخصائص القواعد الآمرة في القانون الدولي


إن القواعد الآمرة في القانون الدولي أعطيت لها أهمية نظرا لكونها مرتبطة بالنظام العام الدولي، ولدلك سنتطرق إلى ماهية القواعد الآمرة ( المطلب الأول )، تم الخصائص التي تميزها ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول: ماهية القواعد الآمرة الدولية

يقصد بالقواعد الآمرة القواعد العليا التي لا يجوز انتهاكها و الإخلال بها، ولو على سبيل الرد على فعل غير مشروع دوليا، كما أنها تعبر مجموعة من القواعد و الضوابط التي تحمي المصالح العامة أو المشتركة بين أعضاء الجماعة الدولية، ولا تخص دولة معينة بذاتها، وهي ترتبط بمفهوم النظام العام الدولي الذي أصبح يحضى باعتراف واسع النطاق في الفقه الدولي، مند الحرب العالمية الثانية، وقد تكرس هدا الاتجاه في أعمال لجنة القانون الدولي المتعلقة بقانون المعاهدات، مند 1966، وهو ما أدى إلى إدماج مفهوم القواعد الآمرة صراحة في نصوص اتفاقية فيينا لعام 1969 حول قانون المعاهدات[1].
فقد نصت المادة "53" من هده الاتفاقية على انه تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا ادا كانت وقت ابرماها تتعارض مع قاعدة أمرة من قواعد القانون الدولي، ولأغراض هده الاتفاقية تعتبر من قواعد القانون الدولي الآمرة، القاعدة المقبولة والمعترف بها من الجماعة الدولية في مجموعها، كقاعدة لا يجوز الإخلال بها و لا يمكن تعديلها إلا بقاعدة لاحقة لها ذات الصفة.
ونصت المادة "64" من نفس الاتفاقية على انه ادا ظهرت قاعدة أمرة جديدة من قواعد القانون الدولي العام، فان أية معاهدة قائمة تتعارض مع هده القاعدة تصبح باطلة و ينتهي العمل بها.
وهكذا فاتفاقية  1969 ومن بعدها اتفاقية 1986 أدخلتا فكرة النظام العام إلى دائرة قانون المعاهدات، وهدا النظام مكون من عدد من القواعد التي لا يجوز للدول ولا للمنضمات الدولية أن تخلفها باتفاق خاص لأن هده القواعد تحمي مصالح عامة تهم الجماعة الدولية بأسرها ولا تتعلق بحماية المصالح الخاصة لدولة أو منضمة دولية، ومن هنا فان أي معاهدة دولية تبرم خلافا لهذه القواعد تعد باطلة بطلانا مطلقا من لحضة إبرامها، و ادا كانت هده المعاهدة صحيحة وقت إبرامها وظهرت قاعدة أمرة بعد دلك متعارضة مع هده المعاهدة، فان هده الآخرة تصبح باطلة و ينتهي العمل بها[2].
والواقع أن هناك خلط بين تكوين القاعدة القانونية وطبيعة القاعدة القانونية أو درجة إلزامها. صحيح أن القاعدة الدولية لا زالت مصادرها رضائية, ولكنها بعد أن تتكون يمكن أن تتنوع من حيث خطابها وموضوعها ودرجة إلزامها. فالرضائية إذن لها علاقة بتكوين القاعدة أيا كانت طبيعتها، ثم إذا تكونت هذه القاعدة تحدد نفس الإرادة (الرضا) درجة إلزامها وذلك بالنظر إلى علاقتها بأسس المجتمع الذي تسود فيه.
والحقيقة أن هذه القواعد شديدة الصلة بالنظام العام حيث لا يمكن تحديدها أو وضع معيار لها إلاَّ على ضوء هذا المفهوم الغامض. ومع ذلك يمكن القول أن القواعد الآمرة هي القواعد التي تعكس الأسس العامة الأساسية في مجتمع منظم ولا يتصور بقائه بدون مراعاة هذه الأسس، ومع كونها قواعد اجتماعية فهي قابلة للتعديل حسب تطور المجتمع ونظرته إلى ما هو جوهري من القواعد مثل تحريم الرق وحرية أعالي البحار ومبدأ المساواة بين الدول، و الالتزام بعدم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية على نحو غير مشروع، و كذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، بالإضافة إلى تحريم الميز العنصري سواء من حيت الجنس أو الدين أو العرق أو اللون...
وتجدر الإشارة في الأخير إلى إن القواعد الآمرة في القانون الدولي غير مذكورة على سبيل الحصر لأنه من الصعب جدا محاولة حصرها أو تعدادها، وهدا ما ذهبت إليه لجنة القانون الدولي أتناء مناقشة اتفاقية فبينا لقانون المعاهدات، لكن بالمقابل يمكن حصر خصائص القاعدة الآمرة.

المطلب الثاني: خصائص القواعد الآمرة الدولية.

تتميز القواعد الآمرة الدولية بمجموعة من الخصائص نذكر من بينها:
 أنها قاعدة أمرة غير مرخصة، لدلك فخرقها يرتب إلغاء العمل المخالف لها  جملة وتفصيلا على خلاف القاعدة المرخصة التي يترتب عن خرقها فقط المسؤولية الدولية للطرف الخارق،حيت انه لا يجوز للدول ذات الالتزامات الدولية الاتفاق بينها على خلاف القواعد الدولية الآمرة[3].
أنها قاعدة تبقى محاطة بالغموض بحيث لا يمكن حصرها ولا وضع تعريف موحد لها، ولا معرفة نشأتها[4].
كما أنها قواعد تحمي مصالح عامة تهم الجماعة الدولية بأسرها ولا تتعلق بحماية المصالح الخاصة لدولة آو منضمة دولية ما[5].
أنها كذلك قواعد عامة عالمية وكونية، وليست إقليمية أو جهوية فهي تلزم جميع الدول على المستوى الدولي.
إنها كذلك قاعدة مقبولة ومعترف بها، من قبل المجتمع الدولي في مجموعه ليس إجماعا دائما، ولكن يجب أن يكون الاعتراف بطابعها الأمر متقاسما من طرف مجموعة الدول و المنظمات الدولية الأساسية و الفاعلة في المجتمع الدولي.

المبحث الثاني: تطبيقات القواعد الآمرة على المستوى الدولي.


من شروط صحة المعاهدات أن يكون موضوعها مشروعا وجائزا ،بمعنى أن لا يكون مخالفا لقاعدة قانونية دولية معترف بها.بتعبير أخر يجب على الدول الموقعة على معاهدة ما أن تراعي في اختيار موضوع المعاهدة احترام الشرعية الدولية المتمثلة في وجود قاعدة دولية أمرة .ومن هنا سنتطرق في المطلب الأول تطبيقات القواعد الإمرة وفي مطلب ثاني إلى الجزاءات المترتبة عن مخالفتها.

المطلب الأول: موقف محكمة العدل الدولية.

لقد أبدت الدول الغربية تحفظها من خلال مناقشة القاعدة الآمرة jus cogens   في مؤتمر فيينا ويمكن إرجاع تحفظ هذه الدول إلى خوفها من أن تستغل بعض الدول هذه القاعدة وتتخلى عن الالتزامات الدولية التي تراها غير مناسبة لها وتصبح هكذا في وضعية إخلال بالشرف.أما دول العالم الثالث فقد رأت في قاعدة jus cogens   ضمان لها ضد التعسف الذي يمكن ان تقوم به الدول القوية وذلك بفرض عليها معاهدات غير متكافئة .هكذا ،ظهرت القاعدة الآمرة jus cogens   كسلاح في يد الدول الضعيفة.وندرج في هذا الإطار موقف محكمة العدل الدولية من قاعدة jus cogens  ،بحيث نجد أن بعض أحكامها قد أشارت إليها وألزمت الدول المعنية بإحكامها بوجوب احترامها.
فعلى سبيل المثال: جاء في حكم محكمة العدل الدولية في حكمها الشهير في قضية " مضيق كورفو" الصادر في 9/نيسان سنة 1949 " أن الاعتبارات الإنسانية تعدّ قواعد آمرة يجب تطبيقها في حالات النزاعات المسلحة" ولذا فسّر البعض هذا بأنه يجب فهم الاعتبارات الإنسانية وتطبيقها في أوسع إطار بحيث يتجاوز الالتزامات الواردة في المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف لسنة 1949  .ويكون ذلك ملزماً لجميع الدول بوصفها ذات طابع عرفي ويشكل جزءاً من القواعد الآمرة .
وقائع قضية مضيق كورفو :يقع مضيق كورفوCORFU، بين جزيرة كورفو اليونانية وسواحل اليونان من الغرب، وبين ألبانيا من جهة الشرق، ويتراوح عرضه ما بين ميل وتسعة أميال ونصف. ويدخل الجانب الغربي من المضيق في البحر الإقليمي لليونان، في الوقت الذي يعتبر القسم الشرقي منه جزءا من البحر الإقليمي لألبانيا.
وتتلخص وقائع قضية مضيق كورفو في أن المدفعية الساحلية لألبانيا قامت بإطلاق قذائف مدفعيتها على سفينتين حربيتين تابعتين لبريطانيا ، أثناء مرورهما في المياه الإقليمية لألبانيا في مضيق كورفو بتاريخ 15 ماي 1946. 
ونتيجة لذلك، بعثت الحكومة البريطانية بمذكرة احتجاج إلى ألبانيا في 2 غشت 1946، موضحة فيها رأيها بشأن المرور البريء في المضايق، داحضة بذلك وجهة نظر ألبانيا التي تشترط الحصول على إذن مسبق، ومؤكدة عدم اعتراف بريطانيا بأي حق لألبانيا في وضع أي شروط على حركة المرور في المضيق المذكور، متمسكة بحقها في المرور البريء في المضايق الدولية التي تكون طرقا للتجارة البحرية الدولية بين جزئين من أعالي البحار. ووجهت بريطانيا في نهاية المذكرة إنذارا إلى حكومة ألبانيا بأنه، في حالة فتح بطارياتها النار على أية سفينة من السفن البريطانية عند عبورها لمضيق كورفو، فإنها – أي بريطانيا – ستعامل بالمثل . 
وفي 22 أكتوبر 1946 أرسلت بريطانيا سفينتين حربيتين بغرض التأكد من الإجراء الذي ستتخذه ألبانيا، وعند دخولهما البحر الإقليمي لمضيق كورفو تعرضت المدمرتان "سوما رينر" و"نولاق" لأضرار شديدة بسبب ارتطامهما بألغام بحرية، وخلف الحادث 44 ضحية بريطانية.
وفي 12 و13 نونبر 1946 قامت بريطانيا بالكشف عن الألغام بواسطة كاسحات ألغام بريطانية في المضيق، حيث قامت برفع اثنين وعشرين لغما، أخذت اثنين منهما إلى جزيرة مالطا لفحصهما هناك، ليتبين أن الألغام من صنع ألماني، كما أثبت التحقيق عبر شهادة الشهود والذين شاهدوا عملية زرع الألغام أن وضعها قد تم قبل عبور السفن الحربية البريطانية بوقت قصير.
وقد أحيل النزاع على مجلس الأمن الدولي الذي أوصى بعرضه على محكمة العدل الدولية باعتباره نزاعا قانونيا، التي نظرت في الموضوع بناء على اتفاق الطرفين وذلك في 25 مارس 1948، وقررت المحكمة في 9 أبريل 1949 مسؤولية ألبانيا عن الأضرار التي نتجت عن انفجارات الألغام البحرية في المضيق، وما سببته من خسائر وأضرار في الأرواح والأموال لأنها لم تعلن عن وجود الألغام، وهي ملزمة بذلك لصالح الملاحة الدولية.
وأشارت المحكمة في حكمها إلى مبدأ قانوني عام ، مفاده "أن الدول طبقا للعرف الدولي والمعترف به بصورة عامة لها الحق في وقت السلم في عبور سفنها العسكرية في المضايق الدولية التي تصل بين جزئين من أعالي البحار، بدون الحصول على إذن مسبق من الدولة الشاطئية، شريطة أن يكون المرور بريئا، وما لم توجد معاهدة دولية تقضي بخلاف ذلك، فليس من حق الدولة الشاطئية، أن تمنع المرور في المضايق الدولية، في وقت السلم". 
وهكذا نجد أن المحكمة قد أكدت على ضرورة احترام الدول ل"بعض المبادئ العامة المعترف بها"      و الاعتبارات الأولية للإنسانية" و"مبدأ حرية الاتصالات البحرية"و"التزام كل دولة بعدم استعمال أراضيها لأغراض مضادة لحقوق الدول الأخرى" أيضا في قضية "التحفظات في اتفاقية منع وقمع الإبادة"التي طرحت أمام محكمة العدل الدولية سنة 1951،وصفت الإبادة بأنها جريمة ضد الإنسانية.
يصف القانون الدولي الإبادة الجماعية بأنها جريمة خطيرة. وقد ورد تعريف لها حالياً في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر/كانون الأول من عام 1948. وفي ما يلي بعض الإيضاحات من السيد "آلان آشليمان" رجل القانون والمسؤول عن أنشطة الحماية باللجنة الدولية للصليب الأحمر.
توصف الإبادة الجماعية بأنها فعل محدد (القتل، إلحاق أذى جسدي أو روحي ...) " يرتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه " . وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية، وعددها حالياً 120 دولة تقريباً، واجب اتخاذ التدابير التشريعية الوطنية اللازمة لضمان تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية تنزل بمرتكبي هذه الجريمة.
وتكون المحاكم المختصة في محاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية هي محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها، مع مراعاة تشكيل سلطة قضائية دولية. ولا تعتبر الإبادة الجماعية جريمة سياسية أبداً في ما يتعلق بتسليم المجرمين.
أخيراً تنص الاتفاقية على أنه يجوز للدول الأطراف أن تطلب من أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقا لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية  [6] ونلاحظ أن هناك إضعاف القيمة القانونية من خلال دراسة بعد المفاوضات  دامت فترة طويلة عدِلت الدول عام 1948 عن إدخال الإبادة الجماعة السياسية والثقافية في الاتفاقية. ضعفت قيمة الاتفاقية جداً بسبب تحفظات الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه على الأحكام المتعلقة بتنفيذ الالتزامات الدولية.
وقد استخدم تعبير الإبادة الجماعية بكثرة على نحو خاطئ ومفرط. وينطوي هذا التعبير في الرأي العام على مدلول يحمل مفهوم الإدانة.
فمصطلح الإبادة الجماعية لم يستخدم لا في اتفاقيات جنيف ولا في البروتوكولين الإضافيين إليها. ولكن من الواضح أن كل الأفعال المكونة للإبادة الجماعية هي انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف وجرائم حرب إذا ما ارتكبت في نزاع مسلح دولي  [7] وبالمثل فإن كل فعل مكون للإبادة الجماعية هو خرق للمادة الثالثة المشتركة بي ن الاتفاقيات وحتى للبروتوكول الثاني، إذا ما ارتكب في نزاع مسلح غير دولي
وفي حكم آخر عادت محكمة العدل الدولية وأكدت على ما سبق في حكمها الصادر بشأن قضية " نيكاراغوا" ضد الولايات المتحدة في 27 حزيران 1986 بصورة أكثر وضوحاً ، إذ توصلت إلى استنتاج أن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقات جنيف في شكلها العرفي تشكل مقياساً للحد الأدنى الذي ينطبق على جميع المنازعات ، ولا تستطيع الحكومات التحلل منها حتى في حالات الطوارئ وهذه الأحكام ملزمة في المنازعات المسلحة غير الدولية ،وهي أيضاً ملزمة في حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية .
ولذا فإن البعض قال أنه يستنتج من ذلك أن القانون الدولي يلزم الدول في جميع الظروف دون استثناء بأن تحترم الفرد عن طريق مراعاة أحكام أساسية معينة حتى في حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الآمة[8].   
كذلك قررت محكمة العدل الدولية في قضية الرهائن الأمريكيين على اعتبار حصانة الدبلوماسيين قاعدة أمرة وفق لما جاء في اتفاقيتي فيينا حول قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية لسنتي 1964و1963.وقد اعتبرت المحكمة أن عدم قيام إيران بحماية مقر وموظفي وأرشيف البعثة الأمريكية يشكل مخالفة خطيرة وسافرة في حق الالتزامات الناتجة عن اتفاقيات فيينا .
فقضية الرهائن الأمريكيين في أزمة سميت أزمت رهائن إيران تتجلى وقائعها في أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية بها دعما للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 مواطنا أمريكيا لمدة 444 يوم من 4 نوفمبر 1979 حتي 20 يناير 1981[9].
بعد فشل محاولات الولايات المتحدة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن قامت الولايات المتحدة بعملية عسكرية لإنقاذهم في 24 إبريل 1980 ولكنها فشلت وأدت إلى تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أمريكيين وإيراني مدني واحد. وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاقات الجزائر في الجزائر يوم 19 يناير 1981. وأفرج عن الرهائن رسميا في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريجان اليمين.
وُصفت الأزمة بأنها حادثة محورية في تاريخ العلاقات بين إيران والولايات المتحدة[10] ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن الأزمة كانت سببا في هزيمة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية[11]، وفي إيران، عززت الأزمة من وضع آية الله الخميني[12] وكانت الأزمة أيضا بداية فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران[13].
ونشير أخيرا إلى أن قاعدة jus cogens   طرحت ولو لم تذكر صراحة أمام القضاء الانجليزي في قضية بينوشي pinochet  سنة 1998 ،بحيث استندت المحكمة في إيقافها للدكتاتور التشيلي بغية تسليمه للسلطات الاسبانية لمحاكمته ،على أن هذا الأخير كان قد ارتكب خلال ممارسته لمهامه كرئيس للدولة بعض الأعمال الإجرامية كالإبادة و الاغتيالات والتعذيب وخطف الرهائن وهي أعمال تدخل في إطار الجرائم ضد الإنسانية المتعارضة مع قاعدة jus cogens  .وبالرغم من كون الرئيس لا يحاسب على الإعمال التي يقوم بها في فترة رئاسته نظرا لتمتعه بالحصانة،فان مجلس اللوردات في قراره بتاريخ 25 نوفمبر 1998 قد قرر ان الجرائم المعنية تمنع منح اية حصانة لرئيس دولة سابق.وقد تعرض هذا الحكم لنقض من طرف لجنة الاستئناف لمجلس اللوردات البريطاني التي انعقدت بتاريخ 17 ديسمبر 1998.ويرجع هذا النقض إلى عدم رجعية القانون الداخلي اي ان رفع حصانة بينوتشي لا يتم إلا عن الأعمال التي ارتكبها بعد تصديق بريطانيا سنة 1984 على الاتفاقية الدولية ضد الاضطهاد و المعاملات الغير إنسانية وهي الاتهامات الوحيدة التي احتفظ بها في هذه القضية[14]

المطلب الثاني : الجزاءات المترتبة عن مخالفة القواعد الآمرة الدولية.

يفرض النظام القانوني الجزاء لمن يخالف قواعده، وقد لا تتمتع هذه القواعد كلها بقوة قانونية ملزمة. فقد تلاقي بعض التصرفات استنكار المجتمع لها كونها تتناقض مع القيم السائدة. هذه الجزاءات تكون ناجمة عن مخالفة الأفراد لقواعد السلوك الجماعي المتبعة. إن اقتران التصرف بالجزاء، لا يجعل منه قاعدة قانونية، إلا إذا كان صادرا عن سلطة مختصة، تملك في الوقت معا حق إنشاء القاعدة للمواطنين، وإنزال العقوبات بهم من جراء مخالفتهم لأحكامها. إن الجزاء الذي تتضمنه القاعدة القانونية تفرضه سلطة قضائية مختصة، فإلى جانب النظام السياسي، يقوم في نطاق الدولة، نظام قضائي مستقل.
لا يوجد نظام للجزاءات الدولية على غرار ما هو معمول به في النظام القانوني الداخلي.
إن فكرة الجزاء التي كانت تنطوي عليها العلاقات الدولية، تتعارض مع مبادئ القانون الدولي التي ترتكز عليها العدالة والمساواة، فالجزاء هو تعبير عن القوة التي تلجأ إليها الدولة، من أجل تأمين مصالحها ومن هنا كانت فكرة الحرب مشروعة. هذا الجزاء يتعارض قطعا مع الحق والقانون الذين يستند إليهما النظام الدولي. والجزاء الذي يتوافق مع القانون الدولي هو الجزاء الذي يصدر عن سلطة دولية قضائية. أخذت الدول تتقبل فكرة الجزاء منذ إنشاء عصبة لأمم. وهذا الجزاء، إما أن يصدر عن سلطة قضائية تعلو المحاكم الوطنية للدول الأعضاء، أو عن هيئة سياسية دولية، كهيئة الأمم المتحدة، أو عن الدول نفسها، إذا كان الجزاء سياسيا كقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة المخالفة.
وقد أصبحت الدول تقبل بتسوية منازعاتها باللجوء إلى الوسائل القضائية والتسويات السياسية. وهكذا يتجه المجتمع الدولي بشدة نحو التسوية بدل اللجوء إلى النزاع. وعند فشل هذه الوسيلة يتم اللجوء إلى إطار الشرعية الدولية، أو يتم فرض العقوبات على الدول المخالفة. هذا الجزاء هو شكل من أشكال الإكراه الجماعي وهو ذو طابع سياسي يختلف بطبيعته عن الجزاء الصادر عن القضاء الدولي. الوسيلة القضائية الدولية هي أكثر الوسائل ملائمة لفض المنازعات الدولية، وإن محاولة تسويتها في إطار القانون هي الطريق إلى احتواء هذه المنازعات، والسيطرة عليها، والحول دون انفجارها.
ومن هنا تعطى أهمية بالغة للجزاءات المتنوعة التي تفرض على الدول المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، وترمي هذه الجزاءات إلى إزالة الإكراه من العلاقات الدولية، شرط ألا تتحول قرارات هذه الشرعية إلى شكل من أشكال السيطرة الدولية، وذالك عندما تملي هذه القرارات إحدى الدول التي تسعى إلى الهيمنة وتجر سائر الدول إلى الاعتراف الصريح بذالك.
لابد من التساؤل أولا عن طبيعة القاعدة القانونية الدولية إذ توجد صلة بين الصفة الملزمة للقاعدة القانونية والجزاء الذي تتضمنه.
إن القانون الداخلي لا يصدر إلا عن سلطة مختصة، ولا وجود للقانون خارج اختصاصات هذه السلطة. والقاعدة الدولية تصدر هي الأخرى عن سلطة، والاختلاف لا يتعلق هنا بطبيعة القاعدة القانونية التي تصدر في النظامين الداخلي والدولي، بل بالسلطة الصادر عنها.
إن الدولة هي السلطة العليا في المجتمع الوطني التي تحتكر اختصاص سن القوانين واللجوء إلى الإكراه، أي إلى الجزاء، لضمان حسن تطبيقها. لا توجد في المجتمع الدولي سلطة مماثلة، لأن هذا المجتمع يتألف من دول متعددة، وإن القاعدة الدولية لا تتمتع بالإلزام عينه الذي تتصف به القاعدة الداخلية.
والقاعدة القانونية تتطلب وجود سلطة قضائية تتولى تطبيقها، ويكاد عمل النظام القانوني يتوقف على وجود القضاء. أما القضاء الدولي (كالتحكيم ومحكمة العدل الدولية ) فتتدنى أهميته  ومكانته بالنسبة إلى السلطة القضائية الداخلية. وهو لا يلعب في حياة المجتمع الدولي الدور الذي يمارسه القضاء الوطني ولا يفصل في المسائل الدولية إلا بطلب من أطراف النزاع.
إن القانون الوطني يقوم على وجود الجزاء، والجزاء يثبت القاعدة ويحميها. وانعدام الجزاء يفقد القاعدة القانونية قوتها فتتلاشى قيمتها. إن النظام الداخلي يتحول الى فوضى من جراء عدم احترام القوانين، فالجزاء هو شرط لوجود القاعدة القانونية.
إن القانون هو استجابة للضرورات الاجتماعية، ولا يكون له هذا التأثير بمعزل عن السلطة التي تضعه وتكره المواطنين على تطبيقه.
وبالرغم من أننا لا ننكر أثر الجزاء في نشوء القاعدة القانونية وإكسابها صفة الإلزام، إلا أنه يتوجب علينا القول إن الجزاء ليس واحدا بالنسبة الى القوانين كافة، فهو أقل في القانون الدستوري بالرغم من اعتباره قانون الأعلى في الدولة. والجزاء يكثر في القانون المدني. وعلينا أن ننظر بواقعية الى الجزاء الذي تتضمنه القاعدة الدولية. فمن المعروف أن المبدأ العام الذي يسود العلاقات التي تنعقد بين الدول هو الالتزام بالاتفاق.
إن الإلزام القانوني لا يقع خارج موضوع الاتفاق. وأي معاهدة تبرمها الدول تشترط أولا الموافقة عليها، ثم تتحمل المسؤولية بسبب الإخلال بها. كل اتفاق دولي يقوم على أساس أن العقد شريعة المتعاقدين وهي قاعدة تقوم على احترام التعهدات وتطبيقها بحسن نية.
والجزاء لا يبدو هنا صريحا او ماديا، إلا أن الاتفاقات الدولية تنطوي على مبدأ المسؤولية عندما يتعرض الاتفاق للنقض من قبل الموقعين عليه.
إن الاتفاقات الدولية المبرمة تتضمن ما يعرف بالجزاء الأدبي ويتمثل هنا بأهلية الدولة لتنفيذ ما تتعهد به.
توجد انواع مختلفة من الجزاءات التي تتلاءم مع المجتمع الدولي فهناك الجزاء المالي الذي يترتب على الدولة من جراء الضرر الذي تلحقه بالغير. وهناك الجزاء القانوني القاضي بإبطال الاتفاق الذي يخالف الشروط الشكلية والموضوعية بصحة انعقاده. ويوجد جزاء القوة، إن صحة التعبير، وهو اللجوء مباشرة الى استخدام القوة لردع دولة تخالف التزاماتها إزاء الغير. وهذه الطريقة كانت شائعة في الماضي ولها الكثير من الوقائع المعاصرة.
أما بعد إنشاء المنظمات، فقد تعددت الجزاءات وأصبحت اكثر فعالية بعد أن نص عليها ميثاق المنظمة، وهي عقوبات تتضمنها القرارات الصادرة عن الهيئات الدولية، وهي نوع من الجزاءات الجماعية تتمثل في تدابير تتراوح بين قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والحصار و العمليات العسكرية.
وقد نص ميثاق الأمم المتحدة على وقف عضو عن ممارسة حقوق العضوية ومزاياها عندما يخالف القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية. وفي بعض الحالات يمكن فصل العضو المخالف.  

خاتمة:

و خلاصة القول فان القواعد الآمرة في القانون الدولي، تتميز بالإلزامية، بحيث لا يجوز الاتفاق على مناقشتها أو الاتفاق على الإخلال بها، كما أنها تبقى قواعد محاطة بالغموض، بحيث لا يمكن حصرها و لا وضع تعريف محدد و موحد لها، ولا معرفة نشأتها، حيت أن المراد من القواعد الآمرة هو إيجاد و إبراز القواعد التي تحد من حرية المتعاقدين على المستوى الدولي، حيت أن الدول أثناء عقدها الاتفاقيات و المعاهدات، يجب أن تاخد بعين الاعتبار عدم التعارض أو الاختلاف بين موضوع المعاهدة و القواعد الآمرة المتعارف عليها دوليا، و التي تشكل مبادئ عليا و سامية لا يمكن تجاهلها، الشيء الذي يظهر جليا من خلال موقف موقف محكمة العدل الدولية بهدا الخصوص، بحيث اعتبرت أن كل انتهاك للقواعد الآمرة يضر بمصلحة المجتمع الدولي، و الإخلال بالنظام العام الدولي، مما يترتب عنه قيام المسؤولية الدولية، غير انه على مستوى واقع النظام الدولي، يبقى رضا الدول بهده القواعد و الشعور بالزاميتها، و احترامها، هو العامل الرئيسي لدعم وجودها الفعلي وتطبيقها على المستوى الدولي. 

لائحة المراجع المعتمدة :

·الدكتور عبد الواحد الناصر : التطبيقات المغربية لقانون العلاقات الدولية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء المغرب يوليوز 2004
·عبد الواحد ناصر، الحياة القانونية الدولية، مدخل لفهم اتجاهات التطور وإشكاليات التطبيق في القانون الدولي العام، طبعة يناير2011.
·علي صادق أبو هيف : القانون الدولي العام، الجزء الأول، دار النشر المعارف الإسكندرية، الطبعة 12.
· عائشة واسمين : القانون الدولي العام، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2005.
· د. جمشيد ممتاز ـ القواعد الإنسانية الدنيا المطبقة في فترة الاضطرابات والتوترات الداخلية ـ المجلة الدولية للصليب الأحمر ، ملف خاص 1948-1998، عن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ، س11، ع61، أيلول 1998.
· وليد بيطارالقانون : الدولي العام مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر بيروت الطبعة الأولى، 2008.
· منتصر سعيدة حمودة : القانون الدولي المعاصر دار الفكر الجامعي الإسكندرية الطبعة الأولى، 2009.
. المواد 53 و 64 من معاهدتي فيينا لسنتي 1969 و 1986.
· المواد 50/51/130/147 من اتفاقيات جنيف والمادة 85 من البروتوكول الأول .
 Reagan's Lucky Day: Iranian Hostage Crisis Helped The Great Communicator To Victory, CBS News, January 21, 2001.
· Inside Iran's Fury, Stephen Kinzer, Smithsonian magazine, October 2008.
· Inside iran’s fury,stephen kinzer,smithsonianmagazine,october2008.
· Mackey, Sandra, The Iranians: Persia, Islam and the Soul of a Nation, New York: Dutton, c1996.
· History Of US Sanctions Against Iran Middle East Economic Survey, 26-August-2002.
· dominique carreau,op,cit,pp.
· Iran-U.S. Hostage Crisis(1979-1981).

[1] عبد الواحد ناصر، الحياة القانونية الدولية، مدخل لفهم اتجاهات التطور وإشكاليات التطبيق في القانون الدولي العام، طبعة يناير 2011.
[2] اتفاقيتي فيينا للمعاهدات لسنتي 1969 .1986
[3]  عائشة واسمين، القانون الدولي العام، مصادره-أشخاصه-مجالات تطبيقه، الطبعة الأولى 2005.ص 61
[4]  عائشة واسمين، القانون الدولي العام، مصادره-أشخاصه-مجالات تطبيقه، الطبعة الأولى 2005.ص 60-61
[5]  د عبد الواحد ناصر، الحياة القانونية الدولية، مدخل لفهم اتجاهات التطور وإشكاليات التطبيق في القانون الدولي العام، طبعة يناير 2011 ص 42
[6]  (إقرأ نص الاتفاقية في كتاب " شيندلر/تومان " بعنوان " قانون النزاعات المسلحة " ، 1988، الصفحات 231-249.
[7]  (المواد 50/51/130/147 من اتفاقيات جنيف والمادة 85 من البروتوكول الأول).
[8] انظر: د. جمشيد ممتاز ـ القواعد الانسانية الدنيا المطبقة في فترة الاضطرابات والتوترات الداخلية ـ المجلة الدولية للصليب الاحمر ، ملف خاص 1948-1998، عن حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، س11، ع61، أيلول 1998، ص 444.
[9] Iran-U.S. Hostage Crisis(1979-1981)
[10] Inside Iran's Fury, Stephen Kinzer, Smithsonian magazine, October 2008
[11] Reagan's Lucky Day: Iranian Hostage Crisis Helped The Great Communicator To Victory, CBS News, January 21, 2001
[12] Mackey, Sandra, The Iranians: Persia, Islam and the Soul of a Nation, New York: Dutton, c1996 (p.298)
[13] History Of US Sanctions Against Iran Middle East Economic Survey, 26-August-2002
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات