الشخصية المعنوية للشركة
الشخصية المعنوية للشركة |
مقدمة:
فرضت الحاجات الاقتصادية للأفراد والدول واتساع دائرة المعاملات ضرورة تشكيل تجمعات مالية تتخذ شكل شركات تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضاء المكونين لها.
وكما هو معلوم، فان الشخصية القانونية[1] تبت لأي إنسان كيفما كانت طبيعته وشكله باعتباره مدركا قابلا لاكتساب الحقوق وتحصيل المزايا ، وتحمل التبعات ، والتزام الواجبات والمقتضيات التي يفرضها القانون .
ولقد احتدم الجدل في السابق حول الطبيعة القانونية للشخصية المعنوية ،حيث تنازعتها نظريتان متعارضتان الأولى ترى أن الشخصية المعنوية مجرد افتراض[2]، أما الثانية تعتبر الشخصية المعنوية حقيقة ثابتة[3].
لكن طبيعة الموضوع لا تستدعي الرجوع إلى المناقشة الفقهية للطبيعة القانونية أو الوهمية للشخصية المعنوية للشركة ، لأننا نلاحظ أن المقتضيات القانونية الحالية قد تجاوزتها ، بل لأكثر من ذلك فالشركات التجارية ينظر إليها اليوم الأول و الأخير من خلال مبادئ القانون التجاري المواكب لتطور الحياة الاقتصادية و التجارية ،ولا ينضم إليها من خلال المبادئ الكلاسيكية للقانون المدني ) قانون العقد و التعاقد ( .
ونتيجة لذلك فانه منذ دخول قانون الشركات التجارية [4]، لم يعد مجرد اتفاق الشركاء على إنشاء وتوقيعهم على عقدها كافيا لقيامها ، بل لابد من تقييدها في السجل التجاري حتى يعترف لها بالشخصية المعنوية ، مما يعني أن هذه الأخيرة منحة من المشرع وليس نتيجة طبيعة لإبرام عقد الشركة .
ولم يكتفي المشرع المغربي بجعل ميلاد الشخصية المعنوية للشركات التجاري يبدأ من تاريخ تقييدها في السجل التجاري ، باعتباره الحلقة الأخيرة في عملية تأسيس الشركة بل جعل هذا التقييد إجراء إلزاميا وإجباريا وليس اختياريا، بل يجب أن يقع داخل ثلاثة أشهر الموالية للتأسيس .
ورغم ربط المشرع المغربي في المادة 7 من قانون 1795 المتعلق بشركة المساهمة اكتساب الشركة الشخصية المعنوية بالقيد في السجل التجاري إلا أنها لم تسلم من المعارضة والنقد على اعتبار أنه سيحد من انطلاق الشركة في تفعيلها في الواقع ولكن رغم هذا الاتجاه المعارض[5] هناك اتجاه مؤيد يرى بأن المشرع أحسن صنعا عندما ربط اكتساب الشركة الشخصية المعنوية وذلك لعدة اعتبارات سنراها لاحقا[6] وفضلا عن ذلك فان أهمية تقييد الشركة في السجل التجاري لها مجموعة من المنافع والآثار التي تنشأ عن اكتساب الشركة في طور التأسيس للشخصية المعنوية .
ومن خلال هذا التقديم العام نرى بأن موضوع الشخصية المعنوية لشركة في طور التأسيس يطرح إشكالية أساسية وهي علاقة الإجراء الشكلي ( القيد في السجل التجاري ( بميلاد الشخصية المعنوية للشركة ؟
للإجابة على هذه الإشكالية حاولنا اعتماد التصميم التالي :
المبحث الأول : التوجهات الفقهية المؤطرة للشخصية المعنوية للشركة في طور التأسيس
المبحث الثاني: آثار الاعتراف أو عدم الاعتراف باكتساب الشركة للشخصية المعنوية
المبحث الأول : التوجهات الفقهية المؤطرة للشخصية المعنوية
من المعلوم أنه من المتعارف عليه فقها وقانونا هو أن اكتساب الشركة التجارية للشخصية المعنوية رهين بتقييدها بالسجل التجاري لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي تقع بدائرتها المقر الاجتماعي ،ولهذا طرح التساؤل عن الشركة التجارية في طور التأسيس ومدى تمتعها بالشخصية المعنوية .وفي هذه النقطة نجد اختلافا كبير بين مؤيد ( المطلب الأول ) ومعارض ( المطلب الثاني ) الشخصية المعنوية لشركة في طور التأسيس .
المطلب الأول: الاتجاه المعارض
ربط المشرع المغربي كما جاء سابقا اكتساب الشركة للشخصية المعنوية بالقيد في السجل التجاري، هذا ما نلاحظه من خلال المادة 7 من قانون 1795 والمادة 2 من قانون 95.5 إلا أن هذه العلاقة تعرضت لنقذ، من طرف العديد من الباحثين والأساتذة المغاربة ، والتي اعتبرها البعض انتقادات قاسية وكان على رأس هؤلاء الأستاذ محمد المرنيسي والأستاذ محمد العلمي المشيشي.
وقد علل هذا الاتجاه المعارض رأيه لكون اعتماد المشرع السحل التجاري كأداة على ضوئها بكسب شركة المساهمة الشخصية الشخصية المعنوية ، يؤدي إلى تأخير سير الشركة دون جدوى ضد أي رغبة المساهمين والاغيار علاوة على ذلك يرى بعضهم أن التقييد يستغرق شهور وأسابيع عدة ، إذ يكفي تخلف أحد البيانات ليرفض كاتب الضبط تسجيل الشركة والبعض الأخر منهم كفؤاد معلال اعتبر أن المادة 21 في فقرتها الأخيرة تتعارض مع المادة 7 من قانون شركة المساهمة وذلك أن الاكتساب الكامل في الحصص العينية لفائدة الشركة يعني نقل ملكيتها للشركة، وهو ما يعني إفراغ المادة 7 من محتواها على اعتبار تقييد مثلا العقارات في السجل التجاري يتطلب الإدلاء بالرسم العقاري الذي يمنح من طرف المحافظة العقارية ،وكذلك نفس الأمر بالنسبة لبراءة الاختراع الإدلاء بالشهادة المسلمة من طرف المكتب الوطني للملكية الصناعية والفكرية وهذه الوثائق تتطلب مدة معينة لتسليمها وهو ما جعل أستاذنا يتقدم بطرح حل وسط وهو إعداد مكتب خاص لتسجيل الشركات في طور التأسيس في السجل التجاري وذلك لتفادي هذه انتقادات الموجهة .
المطلب الثاني: الاتجاه المؤيد
إذا كان الاتجاه الأول يرفض ربط اكتساب الشركة في طور التأسيس للتعليلات المقدمة أعلاه فان هناك اتجاه آخر يخالفهم ومن ضمنهم أستاذنا الفاضل أحمد شكري السباعي الذي منح تأييده للنهج الذي اعتمده المشرع المغري وذلك لعدة أسباب وهي كما يلي :
- اعتبار اكتساب شركة المساهمة وباقي الشركة للشخصية المعنوية من تاريخ تقييدها في السجل التجاري، ليس ابتكارا مغربيا بل مجرد تقليد للقانون الفرنسي يتغنى به كثير من الباحثين الذي أخد بمعيار القيد في السجل التجاري
- أن القيد في السجل التجاري واقع لا محالة وجوبا وإجباريا لا خيرة للفاعلين الاقتصاديين اتجاهه مهما كانت إجراءاته معقدة ومرهقة
- أن هذه القاعدة جاء نتيجة حتمية لإلغاء وفسخ الجمعية التأسيسية
- أن الباحثين المشتركين في هذه القاعدة ينتمون إلى المدرسة الكلاسيكية التي كان العمل جاريا بها في فرنسا ابتدءا من قانون 1867
والأكثر من ذلك أكد أستاذنا الفاضل أحمد شكري السباعي أن هذه القاعدة تجننا من تشبيه الشركة في طور التأسيس بالجنين في بطن أمه الذي قد يولد ميتا والذي في خضمها يتم التصرف في شؤونه كما يريد أو يرغب المؤسسون لمصالحهم .
- أن حذف التقييد في السجل التجاري يطلق يد المؤسسون في تحديد تاريخ ميلاد الشخصية المعنوية للشركة كما يحل لهم ولو كان هذا التاريخ سابقا عن العقد.
- أن الاعتراف للشركة بالشخصية المعنوية قبل تقييدها في السجل التجاري يجعل منها شركة سرية لاعلنية أو ظاهرة تعمل في السر يعلم بها البعض دون البعض الآخر .
المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن الاعتراف أو عدم الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركة في طور التأسيس
ينتج عن الاعتراف أو عدم الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركة في طور التأسيس أثار قانونية مهمة.
المطلب الأول: الآثار الناتجة عن الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركة في طور التأسيس
يترتب عن الاعتراف للشركة في طور التأسيس بالشخصية المعنوية، الاعتراف لها كما للكائن الفرد الطبيعي، بإمكانيات وقدرات للتعامل مع الآخرين، كالاعتراف لها بالاسم، الموطن، الجنسية والذمة المالي وأهليتها القانونية.
أ - بالنسبة لاسم الشركة :
- يكون للشركة اسم تجاري يميزها عن غيرها من الشركات والأشخاص المعنوية الأخرى، والاسم التجاري أهمية بالغة تتمثل في مزاولة الشركة لنشاطها، حيث يتم التوقيع باسم الشركة، ويعتبر أحد عناصر ملكيتها المعنوية.
- والاسم التجاري غالبا ما يشتق من غرضها، أو من تسمية مبتكرة أو من اسم أحد الشركاء أو بعضهم أو جميعهم.
- وإذا كانت الشركة حرة في اختيار اسمها، فان ثمة ضوابط قانونية يجب احترامها، بحسب نوع أو شكل الشركة
حيث أعطى المشرع لشركة التضامن، حرية اختيار التسمية التي يراها الشركاء مناسبة لهم، ويمكن أن يضاف لها اسم شريك أو أكثر على أن يكون اسم الشركة متبوعا مباشرة بعبارة " شركة التضامن" [7]
اما بالنسبة لشركة التوصية البسيطة، فلها حرية اختيار أية تسمية[8]، ويمكن أن يضاف اليها اسم شريك أو أكثر، بشرط أن تكون مسبوقة باسم الشركاء المتضامنين بعبارة شركة توصية بسيطة، بالنسبة لاسم الشريك فمن الشركاء المتضامنين فقط، حيث أن المشرع لم يسمح بظهور اسم أحد الشركاء الموصين [9].
ويسري نفس الأمر على شركة التوصية بالأسهم[10]
وفيما يخص شركة المسؤولية المحدودة ، فان المشرع أعطاها حسب المادة 5 من القانون 5.96 حرية اختيار التسمية التي تناسبها ، وأجاز إمكانية إضافة اسم واحد أو أكثر من الشركاء، لكن أوجب إضافة اسم عبارة " ذات مسؤولية محدودة" أو بالأحرف الأولى " ش.ذ.م.م."أو" شركة ذات مسؤولية محدودة من شريك وحيد".
وأخيرا بالنسبة لشركة المساهمة [11]، نجد المادة 4 من القانون 17.95 أعطت للشركاء اختيار التسمية التي يرونها مناسبة ، بشرط أن تكون مسبوقة ب " شركة مساهمة " أو بالاحرف الأولى " " ش .م" ، ونلاحظ أن المشرع لم يتحدث عن إمكانية إضافة اسم واحد أو أكثر من الشركاء، مع العلم أنه يلاحظ أن الكثير من شركات المساهمة تجد اسمها التجاري يتكون من اسم مؤسسها، وبالتالي يمكن القول أنه بالرغم من عدم ذكر المشرع لهذه الإمكانية فلا يوجد مانع من تضمين الاسم التجاري لشرك المساهمة اسم واحد أو أكثر من الشركاء، على أن تكون عبارة شركة المساهمة واضحة ومقررة .
ب- بالنسبة للشركة أو المقر الاجتماعي :
تتخذ الشركات مقر اجتماعيا لهها أو موطن ، وحظي هذا الرأي بأهمية بالغة،إذ يعتبر مبدئيا محلا لمغايرة الشركة، وهو المكان الذي يلزم كلا من الشركة والمتعاملين معها ، حيث قد نصت المادة 5 من القانون 17.95 من فقتها الثانية " يمكن للغير الاحتجاج بالمقر الاجتماعي المذكور في النظام الأساسي للشركة ..."
كما تعطى لهذا المقر الاجتماعي أهمية قصوى ، لأن المقر الاجتماعي يحدد المحكمة المختصة مكانيا في حالة وجود نزاع بين الشكة وشخص أخر وعلى المستوى الدولي فان القانون المطبق على الشركة هو قانون البلد الذي يوجد فيه المقر الاجتماعي[12] .وهذه القاعدة لا تسري قط على شركة المساهمة وإنما طبقا للمادة 1 من القانون 5.9 على كافة الشركات التجارية .
ويتم تحديد المقر الاجتماعي للشركة من النظام الأساسي لها ، وأي تعديل يهم هذا المقتضى يقتضي تعليل النظام الأساسي وشهر ذلك .ويمكن للأغيار الاعتداد إما بالمقر اجتماعي المحدد في النظام الأساسي للشركة،أو بالمقر الاجتماعي الحقيقي،وهو غير المقر المنصوص عليه في النظام الأساسي، غير أن الشركة لا يمكنها حسب المادة 5 من القانون 17.95 " أن تواجد الغير بمقرها الحقيقي، اذا كان موجودا بمكان أخر"
بالنسبة لجنسية الشركة كعنصر الجنسية يكتسي أهمية بالغة ، إذ على أساسه تحدد شروط إنشاء وسير ادارة وانتهاء الشركة ، تظهر أهمية جنسية الشركة كذلك من حيث ما تستفيد منه هذه الأخيرة يما يتعلق بالتمثيل الدبلوماسي[13].
وبالتالي نظرا لأهمية جنسية الشركة ، فما هو معيار تحديد جنسية الشركة ؟
- هنا معيارين اثنين يثار حولهما النقاش
معيار المقر الاجتماعي ومعيار المراقبة
ü بالنسبة لمعيار المقر الاجتماعي،يقوم على منح الشركة جنسية الدولة التي يوجد فوق ترابها المقر الاجتماعي للشركة، لكن هذا امعيار ليس واضحا للغاية ، حيث أنه يعتد بالمقر الاجتماعي النظامي أم الفعلي؟
ü أما معيار المراقبة، فيقوم على تحديد جنسية الشركة بناء على جنسية رأسمالها وعلى جنسية مسيرها،لكن هذا المعيار يطرح مشاكل،لعل أبرزها،حينما تكون الشركة تتضمن رأسمالا لأشخاص ليسوا من دولة واحدة، أو تسير ن قبل من لا يملكون نفس الجنسية[14].
ü وفيما يخص المشرع المغربي، فقد كانت الفقرة 1 من المادة الخامسة من القانون 17.95، صريحة من حيث القول بمغربية الشركات التي يوجد مقرها الاجتماعي بالمغرب، حي نصت على مايلي : " تخضع شركات المساهمة الكائن مقرها الاجتماعي في المغرب إلى التشريع المغري"
د- بالنسبة للذمة المالية للشركة:
تملك الشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا ذمة مالي مستقلة عن الشركاء، الذين يكونوها، وكان الاستقلال المادي للشركة نقطة انطق الاعتراف لها بالشخصية المعنوية . ويعتبر الاستقلال المالي للشركة أحد نتائج الاعتراف لها الشخصية المعنوية .
وتتكون الذمة المالية لشركة،من الحصص التي قدمت لها سواء عند تأسيسها ، أو عند الزيادة في أسمالها، وكذلك القول بأن الذمة المالية للشركة تشمل رأسمالها وموجوداتها. فرأس مالها هو مجموع الحصص التي قدم الشركاء. أما موجودات الشركة فهي مجموع ما ملكه الشركة من أموال ومالها من حقوق قبل الغير التي اكتسبها نتيجة لمباشرة نشاطها، وتتميز موجودات الشركة بالزيادة والنقصان حسب ما تحققه الشركة من أرباح أو ما يلحقها من خسائر .
والذمة المالية للشركة، تعتبر مستقلة تماما عن ذمة الشركاء الذين يكونون هذه الشركة، ويترتب على هذه الخاصية عدة نتائج.
ü الشركاء لا يعتبرون مالكين على الشياع لرأس مال الشركة أو موجوداتها، فالشركة هي المالكة الوحيد لهذه الأموال .
ü يعتبر الشركاء دائنين للشركة بنسبة حصصهم ،وتتمثل هذه الديون في شكل أنصبة أو أسهم ، وتتميز ديون الشركاء اتجاه الشركة بطابعها المنقول ولو كان الشريك قد قدم حصة عبارة عن عقار، وتتمثل الحقوق المالية للشريك من نسبة من الأرباح ، ومن حق استرجاع قيمة حصته التي قدمها أو الحصة المقدمة ذاتها إن بقيت كذا عند القسمة، إذا كان قد تم التنصيص على ذل في النظام الأساسي .
ü يملك دائنوا الشركة ضمان على أموال الشركة وليس على أموال الشركاء
ü لا يمكن إجراء أية مقاصة بين دين الشركة قبل الغير وين دين لهذا الغير قبل أحد الشركاء.
ü في حالة وفاة أحد الشركاء، لا يمكن للورثة الادعاء بحقهم المباشر عل الأموال التي تكون موجودات الشركة.
ه- بخصوص أهلية الشركة :
تتمتع الشركة بأهلية قانونية كاملة في الحدود التي يرسمها نظامها الأساسي أو التي يقررها القانون .
إن الشركة تستطيع في الحدود المرسومة نظاميا أو قانونيا إتيان ما تشاء من التصرفات القانونية، من ربع وشراء وقرض وإيجار. ولها أن تتغاضى أمام المحاكم عن طريق ممثلها القانوني .
ونلاحظ أن الشركات التجارية، لا يمكنها القيام بكل أنواع التصرفات القانونية، حيث نجد في بعض الأحيان، أن القانون يوجب للقيان بنشا معين أن يتوفر على شكل معين للشركة[15]، هكذا نجد القانون المغربي رقم 5.96 المتعلق بالشركات التجارية يحرم على شركة المسؤولية المحدودة أن تعمل في القطاع البنكي والقرض والاستثمار....،[16] حتى يوجب القانون أن تشتغل هذه الأنشطة في شكل شركة مساهمة . ولا يمكن للشركة التجارية أن تتصرف بنفسها، وإنما يمثلها في ذلك ممثلها القانوني، الذي يختلف حسب كل نوع من أنواع الشركات القانونية، إذ تتمتع الشركة بالأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية، يجعلها مسؤولة عن تصرفاتها العقدية، وغير العقدية، فهي تسأل عن الاخلالات التعاقدية التي تقوم بها اتجاه الآخرين، كما تكون محل المسؤولية في إطار المسؤولية التقصيرية .
أما بالنسبة للمسؤولية الجنائية، فتقتصر العقوبة عليها في شكل غرامة أو الحل القانوني.
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن عدم الاعتراف بالشخصية المعنوية للشركة في طور التأسيس
يخضع تأسيس الشركة التجارية لمدة معينة في إطار ما يصطلح عليه بالشركة في طور التأسيس، حيث أن مسطرة التأسيس قد تنتهي بتقييد الشركة في السجل التجاري بكتابة الضبط، وتكتسب بالتالي الشخصية المعنوية، وقد لا تفلح في ذلك مما ينتج بعض الإشكاليات على رأسها مال التصرفات القانونية أقدم عليها المؤسسون في مرحلة التأسيس؟
للإجابة عن هذه الإشكالية يجب التميز بين حالتين : الأولى تتعلق بآثار التصرفات اتجاه الغير والثانية بآثارها فيما بين المؤسسين ونخصص لكل حالة فقرة خاصة بها.
الفقرة الأولى: آثار التصرفات التي تبرمها الشركة قبل اكتساب الشخصية المعنوية فيما بن المؤسسين
بالرجوع إلى القانون 17.95 المنظم لشركة المساهم نجد أنه أجاب عن السؤال المطروح خصوص مال التصرفات التي تأتيها الشركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها للشخصية المعنوية وذلك في المادة 8 منه حيث نصت على أنه " إلى غاية تقييد الشركة بالسجل التجاري تبقى العلاقات بين المساهمين خاضعة لعقد الشركة والمبادئ العام للقانون المطبقة على الالتزامات والعقود".
وبناء على هذا الفصل يظهر لنا أن المشرع قد أخضع التصرفات التي تبرمها الشركة قبل اكتساب الشخصية المعنوية للقواعد العامة للقانون المدني أي القواعد العامة المتعلقة بالشركات المهنية والتجارية في الفصول 982 وما يليه من قانون الالتزامات و العقود المغربي.
وقد أحسن المشرع المغرب صنعا عندما أخضع تلك التصرفات للقواعد العامة تفاديا لأي أشكال قد يطرح خصوصا عند عدم نجاح الشركة في التأسيس أي عدم تمتعها بالشخصية المعنوية،حيث يمكن للقاضي تطبق القواعد العامة للعقود والالتزامات على النزاع قد ينشأ بسبب التصرفات القانونية التي يأتيها المؤسسون قبل تسجيل الشركة بسجل كتابة الضبط[17]
الفقرة الثانية : آثار التصرفات التي تأتيها الشركة اكتساب الشخصية المعنوية بالنسبة للأغيار
كما سبق بالنسبة للحالة السابقة فالمشرع نص في المادة 27 من القانون 17.95 المتعلق بشركات المساهمة على أنه : " يسأل الأشخاص الذين قاموا بعمل اسم الشركة في طور التأسيس وقبل اكتسابها للشخصية المعنوية، على وجه التضامن وبصفة مطلقة، عن الأعمال التي تمت باسمها إلا إذا تحملت الجمعية العامة الأولى العادية أو غير العادية للشركة الالتزامات الناشئة عن هذه الأعمال بعد تأسيسها وتقييدها بشكل قانوني تعتب حينئذ هذه الالتزامات ما لو قامت بها الشركة منذ البداية "
وهكذا نلاحظ أن القانون تولى تنظيم التصرفات التي يقوم بها المؤسسون بشكل تضامني، حيث تتحملها الشركات كما لو كانت لها الشخصية المعنوية وذلك في علاقة الشركة بالأغيار[18] .
وعلى العموم فحرمان الشركة في طور التأسيس من الشخصية المعنوية، يرتب أثار سلبية سواء تعلق بمال التصرفات التي تبرمها، أو بوصفها القانوني،حيث قد تختلط مع الإشكال القانونية الأخرى كشركة المقاصة والشركة الفعلية والشركة المنشأة بفعل الواقع [19].
خاتمة:
تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن كل شركة تمر حتما وجوا بفترة التأسيس تنتهي عند قيدها بالسحل التجاري الذي قرنه المشرع باكتساب الشركة الشخصية المعنوية، إلا أن المشرع وفي مقابل إرجاء اكتساب الشركة للشخصية المعنوية، إلا أن الشرع وفي مقابل إرجاء اكتساب الشركة للشخصية المعنوية.
إلى حين حصول القيد بالسجل التجاري لم ينظم فترة التأسيس ولم يعرف حتى الشركة في طور التأسيس فيبقى الغموض والتعتيم سيد الموقف بالنظر للتعقيد الناجم عن مضمون النصوص القانونية المطبقة،والذي ولد لنا تضاربات فقهية، وهذا ما يجعل المشرع ملزما بالتدخل بمقتضى نص تشريعي لتلافي الخلاف الفقهي الذي طرح حول إمكانية منح الشركة في طور التأسيس شخصية معنوي محدودة بأغراض التأسيس على غرار الشخصية المعنوية للشركة في طور التصفية علما أن بعض التشريعات أعطت تلك المكنة وهذا ما سلكه قانون الشركات والتجاري و الإماراتي رقم 8 لسنة 1984 وذلك في المادة 720 منه .
لائحة المراجع :
1. أحمد شكري السباعي :" الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي" شركات المساهمة الجزء الثالث طبعة 2012
2. عبد الرحيم شميعة : " الشركات التجارية طبع وتوزيع وراقة سجلماسة، الزيتون مكناس الطبعة 2016
3. جمال ادبهي : الشخصية المعنوية للشركات التجارية في القانون المغربي،رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون الخاص جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات السنة 2012-2013
4. نور الدين الفقيهي : " الشركات في طور التأسيس- الوضع القانوني والتدابير الحمائية – أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق وحدة التكوين والبحث قانون التجارة والأعمال جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي 2011-2012
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - عرف جانب من الفقه الشخصية المعنوية بأنها كل وحدة اجتماعية تنشأ من أجل فرض اجتماعي معين ويكون لها وجود قانوني خاص بها مستقل عن الأعضاء المكونين لها ، وقادرة بالتالي على أن تكون طرفا في العلاقة القانونية أي أن القانون يعترف لها بالقدرة على أن تكون ثابتة حق أو متعلقة بالتزام .
- فيروز سامي عمرو الريماوي " شركة الشخص الواحد دراسة قانونية مقارنة دار النشر الأردن 1997 ص 341 .
[2] - يتزعم هذا الاتجاه المنكر للشخصية المعنوية الاستاذ جيز كاستون gaston geze الذي يلخص هذا الاتجاه في قولته الشهيرة : "لم سبق لي أن تناولت وجبة غداء مع شخص معنوي فكيف يدعونني لكي أعترف به "
[3]- يترأس هذا الاتجاه المؤيد لاعتبار الشخصية المعنوية حقيقة واقعي الفقيه الألماني سافيني saviny فهذا الاتجاه يرى لأن الشخصية المعنوية حقيقة واقعية لا مجرد افتراض – بل ان الشخصية المعنوية تفرض وجودها على المشرع نفسه فهي توجد من تلقاء ذاتها ... للمزيد من التوسع راجع أبو زيد رضوان " مفهوم الشخصية المعنوية بين الحقيقة والخيال مجلة العلوم القانونية و الاقتصادية العدد الأول سنة 1970 ص 2 .
[4] - القانون رقم 1795 المتعلق بشركات المساهمة الصادر تنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 في 14 من ربيع الاخر 1417 ﴿ 30 غشت 1996 ﴾ المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ جمادى الاخرة 1417 ﴿ 17 أكتوبر 1996 ﴾ الصفحة 320 كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم 20.06 بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.09.18 الصادر في 17 من جمادى الأولى 1429 ﴿ 23 ماي 2008 ﴾ ج .ر عدد 5639 بتاريخ 16 يونيو 16 يونيو 2008 الصفحة 1359 .
[5]- فؤاد معلال - محمد المرنيسي و الادريسي العلمي المشيشي راجع كتاب الوسيط في الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي شركات المساهمة االجزء الثالث طبعة 2012.
[6] -أحمد شكري السباعي ص 176 و 177
أحمد شكري السباعي نفس المرجع السابق ص 177 -178
[7] - المادة 4 من القانون 5.96
[8] - المادة 22 من القانون 5.96
[9] -ذلك لأن المسؤولية ستكون شخصية كاملة عن ديون الشركة
[10] - المادة 331 من القانون 5.96
[11] - عبد الرحيم شميعة الشركات التجارية، طبعة 2013، الصفحة 42
[12] - الفقرة 1 من المادة الخامسة من القانون 17.95
[13] - قد تستفيد من وضع متميز في حالة حرب لو كانت تنتمي لدولة معينة وليس إلى دولة أخرى
[14] - عبد الرحيم شميعة ، رجع سابق، الصفحة 45.
[15]- عبد الرحيم شميعة ، مرجع سابق ، الصفحة 47 .
[16]- والتأمين والرسملة والادخار
[17] - للتوسع في هذه النقطة يرجى مراجعة :
- نور الدين الفقيهي : الشرك في طور التأسيس – الوضع القانوني والتدابير الحمائية – أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة التكوين والبحث قانون التجارة والأعمال جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واقتصادية والاجتماعية السويسي السنة الجامعية 2011-2012
[18] - عبد الرحيم شميعة ، الشركات التجارية : طبع وتوزيع مطبعة وراقة سجلماسة، الزيتون مكناس ، الطبعة 2013 ص 37-38 [19] - جمال اد بهى : الشخصية المعنوية للشركات التجارة في القانون المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة الحسن كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات السنة الجامعية 2012-2013 ص 50.
------> قد يهمك أيضا
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك