القائمة الرئيسية

الصفحات

الشرطة الادارية الجماعية

الشرطة الادارية الجماعية
الشرطة الادارية الجماعية

مقدمة
تعتبر الشرطة الإدارية الجماعية من أهم القطاعات الأساسية في تدبير شؤون الجماعة, وقد أنط المشرع لرئيس المجلس الجماعي للقيام بهذا الاختصاص الحيوي. لكن في إطار الميادين المخصصة للمجلس الجماعي.
والشرطة الإدارية عبارة عن مجموعة من الميادين والمجالات التي تهم تراب الجماعة, ونظرا للعديد من النقاشات التي صاحبت الحديث عن مجال الشرطة الإدارية قامت المديرية العامة للجماعات الترابية بإعداد دليل خاص بهذا النوع من الاختصاص الممنوح لرئيس الجماعة وذلك لتمكينه من الإلمام بالإطار العام للشرطة الإدارية الجماعية أولا ثم الاطلاع على أهم المجالات التي تدخل ضمن هذا القطاع.
لكن الى حدود الان لم نقوم بإعطاء تعريف دقيق لمفهوم الشرطة الادارية وما المقصود به.
فالشرطة الادارية هي تلك الوسيلة القانونية التي تتيح للإدارة التدخل للحفاظ على النظام العام بكافة مدلولاته (الصحة, الامن, السكينة).
وتنقسم الشرطة الادارية الى شرطة ادارية عامة وشرطة ادارية خاصة , يقصد بالأولى مجموع الإجراءات والتدابير المتخذة للحفاظ على النظام العام, بغض النظر عن المخاطبين المعنيين بهذه الإجراءات, وتطبق على جميع الانشطة دون تحديد او تمييز. فيما يقصد بالثانية مجموع الاختصاصات التي خولها القانون لجهة معينة في ميدان محدد يتميز بطابع الخصوصية, كشرطة الصيد مثلا او شرطة التعمير فهذا النوع من الشرطة الادارية يطبق على فئة من الموطنين فقط.


كما انه يجب ان نميز بين الشرطة الادارية الوطنية و الشرطة الادارية المحلية وذلك من خلال ثلاثة مبادئ :
-  مبدأ عدم التناقض: ومفاده ان السلطات التي تمارس الشرطة الادارية على الصعيد المحلي يجب ان تحترم المقتضيات التنظيمية والتدابير لفردية التي اتخذتها سلطات الشرطة الادارية على المستوى الوطني.
-  مبدأ عدم التطاول: والذي بموجبه يمنع على السلطات التي تمارس الشرطة الادارية على المستوى المحلي ممارسة الاختصاصات المسندة الى السلطات التي تمارس الشرطة الادارية على الصعيد الوطني.
-  مبدأ عدم الحلول: هذا المبدأ يقضي انه يمنع على سلطات الشرطة الادارية على الصعيد الوطني الحلول محل السلطات المسندة اليها ممارسة الشرطة الادارية على الصعيد المحلي إلا اذا كان هناك نص مخالف كما هو منصوص عليه في الفصل 77 من الميثاق الجماعي 78.00 .

المطلب الاول: الشرطة الادارية الجماعية العامة.


تعد الشرطة الادارية من المؤسسات الرئيسية التي ترتبط بمفهوم الدولة وأحد أهم ركائزها. ذلك أنها ترتبط بمجموع نشاطات الادارة التي تكمن في اتخاد مختلف الإجراءات التنظيمية والفردية من اجل الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة .
وفي ذلك فالإدارة هي تمارس اختصاصاتها في مجال الشرطة الادارية فإنها تعتمد على نصوص قانونية وتنظيمية متعددة ابتدأ من ظهير 30 شتنبر 1976 الى حدود الميثاق الجماعي 78.00 المعدل والمتمم بقانون 17.08 .

الفقرة الثانية: صلاحيات رؤساء المجالس الجماعية في ميدان الشرطة الادارية الجماعية العامة.

حيت نجد ان الميثاق الجماعي رقم 78.00 قد حافظ تقريبا على صلاحيات رؤساء المجالس الجماعية في ميدان الشرطة الادارية العامة استنادا الى احكام المادة 49,وهذه المادة جاءت لتكريس مقتضيات الفصل 44 من ظهير 76 التي اشارت الى ان سلطات المخولة للباشوات والقواد في ميدان الشرطة الادارية تنتقل الى رؤساء المجالس الجماعية.
كما نجد  ايضا ما نصت عليه احكام المادة 50 من الميثاق الجماعي على ممارسة رئيس المجلس الجماعي لاختصاصات الشرطة الادارية في ميادين الوقاية الصحية و السكينة العمومية وسلامة المرور. وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية بواسطة تدابير شرطة فردية هي الإذن والامر او المنع معددة صلاحياته في هذا الميدان.
اما المادة 52 من الميثاق الجماعي فقد نصت على تولي رئيس المجلس الجماعي تلقائيا وعلى نفقة المعنيين بالأمر العمل على تنفيد التدابير الرامية الى ضمان سلامة المرور والسكينة و المحافظة على الصحة العمومية . حيت انه وبقراءة متأنية لهذه المادة على انها ترسيخ لأحكام الفصل 46 من ظهير 1976 .
وبخصوص المادة 53 من الميثاق فنجدها قد اجازت لرئيس المجلس صلاحية توجيه ملتمس يطلب من خلاله عند الاقتضاء من السلطة الادارية المحلية المختصة العمل على استخدام القوة العمومية قصد ضمان احترام قرارته ومقرراته, وهذه المادة مشابهة لما جاء به الفصل 47 من ظهير 1976 .

الفقرة الثانية: الشرطة الادارية الجماعية العامة ومشكل تداخل الاختصاص

ان المتمعن في الميثاق الجماعي الجديد يجد على انه يضع حدودا فاصلة ما بين الممارسون للشرطة الادارية الجماعية حيت كرس تداخل ممارسة الشرطة الادارية الجماعية ما بين رؤساء المجالس الجماعية والسلطات الادارية المحلية وذلك من خلال المادة 49 التي أكدت على ممارسة رؤساء المجالس الجماعية لاختصاصات الشرطة الادارية الجماعية العامة و الخاصة باستثناء تلك الخاصة بالباشوات والقياد المندرجة في سياق المحافظة على الامن العمومي بتراب الجماعة حيث ان المشرع لم يتفادى الفصل بين عبارات الامن والنظام المنوطة بالسلطة المحلية وذلك من خلال جعله لركن الامن اختصاصا خاصا بالسلطة المحلية في حين ان الصحة العمومية والسكينة العمومية اقتصرت على رؤساء المجالس الجماعية وهذا الامر يستشف من المادتين 50 و52 من الميثاق الجماعي, لكن تبقى صلاحية رؤساء المجالس الجماعية خاضعة لوصاية السلطة المحلية طبقا المادة 69 من الميثاق 78.00 "  ان مقررات المجلس الجم الجماعي الخاصة بالمسائل الاتية لا تكون قابلة للتنفيذ إلا اذا صادقت عليها سلطة الوصاية طبق الشروط المحددة بالمادة 73 بعده..". كما ان السلطة المحلية يمكن ان تحل محل رئيس الجماعة الذي امتنع عن ممارسة المهام المنوطة به وضمنها طبعا مجال الشرطة الادارية الجماعية بشقيها العام والخاص وهذا ما نصت عليه المادة 77 "اذا رفض رئيس المجلس الجماعي او امتنع عن القيام بالأعمال الواجبة عليه بمقتضى القانون, وكان هذا الرفض او الامتناع سيترتب عليه التملص من مقتضى تشريعي او تنظيمي او المس بالمصلحة العامة او الإضرار بحقوق الافراد, جاز للسلطة الادارية المحلية المختصة, بعد التماسها منه الوفاء بواجبه, القيام بذلك بصفة تلقائية بقرار معلل يحدد بدقة موضوع هذا الحلول..".

المطلب الثاني: اختصاصات رئيس المجلس الجماعي في ميدان الشرطة الادارية الخاصة.


يمكن اخضاع هذا النوع من الشرطة الادارية الى معياريين, معيار عضوي ومادي .فالأول يتمثل في اعتبار الشرطة الادارية الخاصة هي تلك التي تسند الى اشخاص خاصين غير السلطات الأصلية بصرف النظر عن طبيعة النشاط(عام او خاص), بينما يخضع المعيار المادي لنظام قانوني خاص بالشرطة الادارية يحدد اختصاصاتها وينظر لموضوعاتها مثل التعمير والمقابر, وبالتالي سنحاول التطرق في هذا المطلب الى بعض صور و اشكال الشرطة الادارية الخاصة المنوطة بالرؤساء الجماعيين ثم الى الحدود التي تعترض ممارسة هذا النشاط .

الفقرة أولى: بعض ميادين الشرطة الادارية الخاصة

يمارس رؤساء المجالس الجماعية الاشكال المتعلقة بالشرطة الادارية الخاصة في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور باتخاذ قرارات تنظيمية وفردية من خلال الاذن او الامر او المنع تبعا للأحكام المادة 50 من الميثاق الجماعي.
وفيما يلي بعض صور الشرطة الادارية الخاصة.

شرطة التعمير: حيث نجد ان التعمير حضي باهتمام كبير من طرف الدولة لارتباطه الوثيق بالمجالات الاجتماعية و الامنية والصحة, ويمارس الرؤساء اختصاصاتهم في هذا المجال إما عن طريق قرارات تنظيمية كإحداث مسالك او طرق او ساحات عمومية او توسيعها, وتوحيد لون الصباغة او شكل تدابير فردية مثل, رخص البناء و التجزئات, والسكنى, وشهادة المطابقة..

شرطة الصحة: فقد عمل الميثاق الجماعي الجديد على ادراج بعض التدابير الخاصة بالشرطة الادارية الجماعية الخاصة في الشق المتعلق بجانب المحافظة على الوقاية الصحية, وتدبير شأن حفظ الصحة المواطنين وضمان الامن البيئي للسكان والتي جاءت على سبيل المثال لا الحصر.

شرطة السير و الجولان: ان التطور السريع في الوسائل وتضاعف اخطار الطريق-خاصة المدن- اصبح يحتم على رؤساء المجالس المنتخبة اتخاذ التدابير لممارسة شرطة المرور, وذلك بحماية الطريق من التلف بمنع العربات ذات الحمولة الكبيرة, حماية السكان من الضجيج و الازعاج الذي تسببه الشاحنات, تنظيم مرور الراجلين وركبي الدراجات, وذلك بتحديد السرعة واحداث طرق خاصة بالراجلين وانشاء ممرات خاصة بالدراجات واحداث محطات لوقوف السيارات وتنظيمها.

شرطة المقابر: تعتبر شرطة المقابرمجالا اخر من مجالات الشرطة الادارية الجماعية, ولقد خص المشرع المغربي هذا المجال باهتمام خاص حيث تعتبر النصوص المنظمة لهذا الميدان من اقدم النصوص التشريعية في مجال الشرطة الادارية, وتهدف هذه النصوص الى استخراج الجثث ونقلها, والجهة التي لها الصلاحية للإذن والترخيص في ذلك وتهدف تدخلات الرؤساء الى: حماية وصيانة وحراسة مقابر المسلمين, تنظيم مرفق سيارات الاسعاف وسيارات نقل الاموات وتنظيم دفن الاموات المسلمين بالمقابر واستخراج الجثث.

الشرطة القروية: تعد الشرطة القروية المتعلقة بقطع الاشجار واستعمال النار من ضمن المجالات المناطة مهمتها لرؤساء المجالس الجماعية كالترخيص بقطع الاشجار وفق ضوابط محددة, اصدار قرارات تنظيمية تتعلق بتحديد مكان وزمان ايقاد النار والعقوبات المطبقة ضد المخالفين وتعيين الاشخاص المكلفين بمراقبة استعمال النار.

الفقرة ثانية: التدابير الرئيسية لممارسة الشرطة الادارية

تتم ممارسة الشرطة الادارية الجماعية من خلال ثلاثة تدابير رئيسية وهي القرارات التنظيمية والتدابير الفردية ثم التنفيذ التلقائي.

1-    القرارات التنظيمية: تعتبر التدبير التنظيمية قرارات ذات صبغة عامة ومجردة, تفرض أمرا او منعا على سكان الجماعة او على بعض العناصر منهم, دون تعيينهم بذاتهم, وتتميز هذه القرارات بكونها قابلة للتطبيق في كل وقت وحين كلما توفرت الشروط الداعية الى ذلك.
ومن بين المجالات التي قد تكون موضوعا للقرارات التنظيمية نجد
-     الصحة العامة والمؤسسات المرتبة
-     النظام العام للمحافظة على الصحة العامة والنظافة
-     السير و الجولان وسلامة المرور بالطرق العمومية
-  تنظيم مرافق الشرطة الادارية (سيارات نقل الاموات, سيارات الاسعاف, محطات الطرق والوقوف..)
-     تنظيم الانشطة التجارية والحرفية الغير المنظمة.

2 – التدابير الفردية: وهي عبارة عن قرارات فردية تتضمن امرا او منعا او إذنا يصدر عن رئيس المجلس الجماعي في اطار ممارسته لسلطات الشرطة الادارية, والتي غالبا ما تهم حالات خاصة. ولا تطبق إلا مرة واحدة كأن يتخذ رئيس المجلس على سبيل المثال قرارا يأمر احد الافراد بإزالة بقايا البناء عن الطريق العمومية او ان يأمر بإغلاق محل يهدد الصحة والنظافة, فهذان القراران هما بمثابة قرار فردي لا يشمل الاحالة بذاتها ولا يطبق بتالي الا مرة واحدة.

3 – تدابير التنفيذ التلقائي: يقصد به ان يقوم رئيس المجلس الجماعي, ومن تلقاء نفسه بتنفيذ قراراته عندما يمتنع الاشخاص المعنيون بها عن تنفيذ الإجراءات المتضمنة فيها.
وقد منح الميثاق الجماعي في المادة 52 منه هذه الامكانية لرئيس المجلس صراحة حيث نص على انه " يمكن ان يتولى رئيس المجلس تلقائيا وعلى نفقة المعنيين بالأمر العمل طبقا للشروط المحددة بالمرسوم الجاري به العمل على تنفيذ جميع التدابير الرامية الى ضمان سلامة المرور والسكينة والمحافظة على الصحة العمومية".
وفي هذا الاطار ومن اجل ضمان تنفيذ قراراته, فقد أجاز الميثاق الجماعي  لرئيس المجلس امكانية طلب استعمال القوة العمومية , وهكذا نص الفصل 53 على انه " يجوز للرئيس ان يطلب عند الاقتضاء من السلطة الادارية المحلية المختصة العمل على استخدام القوة العمومية طبقا للتشريع المعمول به قصد ضمان احترام قراراته ومقرراته"  

المراجع المعتمدة:

-  د. كريم الحرش " الميثاق الجماعي الجديد بالمغرب"(دراسة قانونية) الطبعة الثانية2010
-  دة. مليكة الصروخ "اصلاح الميثاق الجماعي لأجل التأهيل والحكامة الجيدة للمجالس الجماعية", منشورات  REMALD  عدد 86
-  د. عبد الله حارسي "إشكالية تكوين المنتخب الجماعي والناخب بالمغرب" سلسلة (مواضيع الساعة), عدد 32
-  د. احمد أجعون "تكوين المنتخب الجماعي والميثاق الجماعي الجديد", سلسلة (مواضيع الساعة )عدد 34
-  قانون رقم 78.00 كما تم تعديله و تتميمه بقانون رقم 17.08 سنة 2009.
-  دليل الشرطة الإدارية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات