ضوابط التوثيق في عقود الأسرة
ضوابط التوثيق في عقود الأسرة |
مقدمـــــــة
حظيت مؤسسة الأسرة قديما وحديثا باهتمام كبير من طرف الشرائع السماوية والقوانين الوضعية باعتبارها النواة الأولى والخلية الأساسية للمجتمع، بحيث إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت اختل كيان المجتمع ككل.
ولهذا عملت مختلف التشريعات على تنظيمها وتقنينها بنصوص خاصة وقد خطت تشريعات الأسرة في أكثر البلاد الإسلامية خطوات كبيرة حيث انتقل معظمها من طور الأخذ بالفقه المذهبي غير المقنن وفقا للمذهب السائد في كل بلد على حدة إلى طور التقنين ضمن أحكام متجددة لا يترك فيها المجال للقاضي للاختيار من أقوال المذهب إلا في حدود ضيقة ودون الاقتصار على المذهب الواحد.
ولا شك أن الدولة التي تحسن اختيار التشريع المناسب في هذا المجال تضمن لمجتمعها الترابط بين أفراده والتوازن المطلوب في العلاقات، مما يسمح بتكوين مجتمع أفضل خال من الاضطرابات والمشاكل التي تهدد استقراره.
وفي هذا الإطار فقد شكل صدور مدونة الأسرة حدثا بارزا في السنوات الأخيرة وذلك بالنظر للأبعاد العميقة لهذا التشريع على مستوى تحقيق تماسك الأسرة المغربية وتضامن أفرادها وتتبن تقاليدها وقيمها الأصلية القائمة على التساكن والتراحم والمودة.
وبالنظر كذلك للمستجدات الكثيرة التي حملها هذا التشريع والتي تهدف بالأساس إلى تلافي جوانب النقص والقصور التي كانت تعتري مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في مجال تنظيم العلاقات الأسرية وخلق التوازن المطلوب بين أفرادها.
ولا يخفى ما للتوثيق من علاقة مباشرة في تحقيق هذا التنظيم وخلق هذا التوازن، ولهذا نجد المشرع في إطار المدونة الجديدة ينص على ضرورة اللجوء إلى التوثيق والاعتماد على الإشهاد العدلي في كثير من المواد وفي أغلب قضايا الأسرة والحقوق المرتبطة بها([1]).
ففي مجال الأسرة نلاحظ أن التوثيق يسهم في استقرار الأسرة وضبطها، خصوصا في هذا العصر الذي تفشى فيه الفساد الأخلاقي بشتى ضروبه وأصنافه، فإن لم يوثق عقد الزواج أو الطلاق لنشأت عن ذلك مشاكل متعددة من قبيل إنكار العلاقة الزوجية وإنكار نسب الأبناء مما يعرضهم للتشرد أو ادعاء استمرار العلاقة الزوجية بعد الفرقة وما يترتب على ذلك من تلاعبات على مستوى إلحاق النسب والإرث وغيرهما.
فلا عجب أن يعتبره ابن فرحون صناعة جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء المسلمين وأموالهم والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم ومجالسة الملوك والاطلاع على أمورهم وعيالهم وبغير هذه الصناعة لا ينال أحد ذلك ولا يسلك هذه المسالك.([2])
من خلال هذه التوطئة يبقى الإشكال المطروح والذي يتوجب علينا معالجته هو: ما هي ضوابط التوثيق في عقود الأسرة؟
للإجابة على هذه الإشكالية لابد من تقسيم الموضوع إلى مبحثين أساسيين:
المبحث الأول: ضوابط التوثيق في العقود التي يختص في توثيقها العدول وحدهم.
المبحث الثاني: ضوابط التوثيق في العقود التي يشترك في توثيقها العدول وغيرهم.
المبحث الأول : ضوابط التوثيق في العقود التي يختص في توثيقها العدول وحدهم.
نظرا للمكانة الكبيرة والمتميزة للأسرة داخل التجمعات البشرية سواء من الناحية الدينية والاجتماعية ، أو من الناحية الاقتصادية والتربوية والفكرية، فإنها قد حظيت باهتمام كبير إن على مستوى الشرع الإسلامي ، أو على مستوى التقنين الإنساني ،حيث نجد أن الموضوعات التي تتعلق بالأسرة قد نظمت تنظيما محكما ، خصوصا فيما يتعلق بالنواة التي تنبثق منها الأسرة ، ويتعلق الأمر بمؤسسة الزواج ، إذ حرص الدين الحنيف على تنظيم الزواج بأحكام فقهية صريحة لا تحتمل التأويل ، أو الإطلاق أو العموم ، أو الإجمال ، وعلى ضوء الشرع الحكيم سارت التقنينات الوضعية حيث أو كلت أمر توثيقه إلى العدول خصوصا ، وذلك في كل مراحله أي سواء تعلق الأمر بتوثيق الزواج{المطلب الأول} ، أو بتوثيق انحلال عقد الزواج {المطلب الثاني} ، أو بإعادة الزواج إلى أصله بعد انحلاله) الرجعة( {المطلب الثالث}.
المطلب الأول :إجراءات توثيق عقد الزواج
لما كانت مؤسسة الزواج اللبنة الأساسية في قيام الأسرة وتكوين المجتمع ، فإنها قد حظيت باهتمام كبير سواء في نصوص الفقه المالكي ، أو في مقتضيات مدونة الأسرة ، حيث نجد هذه الأخيرة قد أحاطت الزواج بمجموعة من الضمانات ونظمت أحكامه بشكل غير مسبوق، وحددت إجراءات إدارية وشكلية لإبرامه، وضبط طلبات الزواج ضبطا تاما تفاديا لأي تحايل قد يعتريه ، وذلك في فرض إجراءات إدارية وشكلية تسبق الحصول على الإذن بتوثيق عقد الزواج{الفقرة الأولى} إضافة إلى الإجراءات المتبعة بعد الحصول على الإذن بتوثيق عقد الزواج {الفقرة الثانية}.
الفقرة الأولى : الإجراءات الإدارية والشكلية التي تسبق الحصول على الإذن بتوثيق الزواج.
على عكس ما كان الأمر عليه سابقا من تلقي العدول عقد الزواج مباشرة من الأطراف فإن نصوص مدونة الأسرة قد فرضت بداية فتح ملف عقد الزواج {أولا} حيث لا يمكن للعدول أن يوثقوا العقد إلا بعد تأشير قاضي الأسرة المكلف بالزواج على المستندات المضمنة فيه وإعطاء الإذن بتوثيقه {ثانيا}.
أولا : مضمون ملف عقد الزواج : إن المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج متعددة غير أنه يمكن تقسيمها إلى وثائق عامة تتوقف كافة عقود الزواج عليها {1} في حين هناك مستندات تخص بعض العقود دون غيرها مراعاة لظروف خاصة تهم أطرافها {2}.
1- المستندات العامة التي تخص عقد الزواج : يستخلص من مقتضيات المادة 65 من مدونة الأسرة أن إبرام عقود الزواج أصبح في ظل هذه المدونة يتم تحت المراقبة القبلية للقضاء ممثلا في شخص قاضي الأسرة المكلف بالزواج ، وهذه المراقبة تفرض على المعنيين بالأمر تقديم طلبهم بهذا الشأن مرفقا بالوثائق المتطلبة قانونا إلى كتابة الضبط بقسم قضاء الأسرة ليفتح له ملف عقد الزواج ، وقد حددت المادة 65 من م س الوثائق الرئيسية التي يجب أن يتضمنها ملف طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج والتي تتجلى في :
ü مطبوع خاص بطلب الإذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل .[3]
{الفقرة الثانية من المادة 65 من م س} ،وهذا المطبوع متوفر بمكتب الزواج بكتابة ضبط قسم قضاء الأسرة ويمكن للمعنيين بالأمر سحب نسخة منه ، وهو محدد قانونا فلا يجوز الاستعاضة عنه بنموذج آخر ، كما يجب أن يقدم بكيفية مشتركة من الخاطب والمخطوبة، إذ يتعين على كل منهما أن يعبئ المطبوع في الشق من المعلومات الخاص به، ومن ثم لا يجوز أن يقدم كل منهما طلبه بشكل مستقل، كما يجب أن يديل بتوقيع كل منهما، وإلا اعتبر ناقصا وغير مقبول[4].
ü نسخة من رسم الولادة ويشير ضابط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة المدنية إلى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج ، ويشترط فيها أن تكون نسخة موجزة أو كاملة فلا تقبل البطاقة الشخصية للحالة المدنية، وأن تكون مذيلة بخاتم وتوقيع ضابط الحالة المدنية المختص وخاتم الجماعة أو المقاطعة المصدرة لها، وأن تتضمن جميع بيانات الحالة المدنية بسجل الولادات الذي استخرجت منه دون إغفال أي بيان وأن يكتب فيها بوضوح تاريخ إصدارها ، وأن لا تمضي عليها مدة صلاحيتها المحددة في ثلاثة أشهر من تاريخ إصدارها وذلك طبقا للمادة 34 من قانون الحالة المدنية[5] .
ü شهادة إدارية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل والداخلية .{الفقرة الرابعة من م 65 من م س الأسرة }. ، وقد ورد في المادة الثانية من القرار المشترك المذكور ما يلي: "تسلم الشهادة الإدارية للزواج من طرف رئيس المجلس الجماعي لمحل سكنى طالبيها بناء على بحث يتم من طرف عون السلطة ونسخة كاملة من رسم الولادة وعند الاقتضاء التزام كتابي يشهد فيه الخاطب والمخطوبة بوضعيتهما العائلية" [6] وهذه الشهادة لا تمنح للشخص إلا مرة واحدة لأجل الزواج ما دام لم تتغير حالته العائلية ، لذلك لا بد وأن تسلم الشهادة الأصلية وليس نسخة منها فقط ، وأن تكون مذيلة بخاتم الرئيس أو الموظف المفوض له ، وخاتم الجماعة أو المقاطعة المصدرة لها ، وأن تتضمن جميع البيانات مع ذكر تاريخ إصدارها .
ü شهادة طبية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل والصحة {الفقرة الخامسة من المادة 65 من م س} ، وقد صدر هذا القرار الذي حمل في طياته نموذجا لهذه الشهادة حيث أوجب أن تحرر انطلاقا من النموذج المنصوص عليه في القرار المذكور[7]،غير أن قيمة هذه الشهادة تبقى مرتبطة بإيمان الطبيب أو على الأقل بالضمير المهني للطبيب الذي يجري الفحوصات ،ولم يحدد القرار المشترك نوعية الفحوصات والتحاليل التي يركز عليها الطبيب . وإذا كانت هذه هي المستندات العامة المتطلبة في كل عقود الزواج فإن هناك بعض المستندات الخاصة التي تتطلب إجراءات إضافية.
2- : الخصوصيات الشكلية لبعض أنواع عقد الزواج : يلزم الخاطب أو المخطوبة أو هما معا في بعض الحالات التي يحددها القانون بالإدلاء بالإضافة إلى الوثائق المشار إليها أعلاه بوثائق إضافية أخرى وذلك طبقا للفقرة السادسة من م 65 من م س غير أن هذه الوثائق منها ما يتوقف على إذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج{أ} ومنها ما يتطلب صدور إذن من المحكمة كحالة التعدد{ب} ومنها ما يسلم من الجهة التي ينتمي إليها المقبل على الزواج {ج}
أ- الأذونات التي يصدرها قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
يصدر قاضي الأسرة المكلف بالزواج الإذن بزواج من هو دون سن الأهلية والمصاب بإعاقة ذهنية فضلا عن زواج معتنقي الإسلام والأجانب.
ü الاذن بزواج القاصر:
الأصل في عقد الزواج أنه من العقود الرضائية التي لا تنعقد إلا بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر, وهو ما يفرض توفرهما معا على أهلية الزواج هذه الأهلية لا تكتمل إلا بإتمام الفتى والفتاة ثمان عشرة سنة شمسية غير أن المشرع أجاز لمن لم يبلغ هذه السن أن يتقدم بطلب إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج من أجل الحصول على إذن بذلك ويجب أن يكون الطلب مكتوبا وموقعا من طرف القاصر ونائبه الشرعي.، وهكذا نصت المادة 20 من المدونة على أنه لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليها في المادة 19 أعلاه بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي . [8]
ويستشف من هذه المادة أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج ملزم بتعليل المقرر الرامي إلى الاستجابة لطلب الإذن بزواج من لم يبلغ سن الأهلية وذلك ببيان المبررات الموضوعية والقانونية التي اعتمدها في تكوين قناعته. وله في ذلك أن يعتمد على الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي حيث إن هذا الاستماع يفيد في تكوين فكرة حول الزواج وأطرافه وفرص تحقق نجاحه كما لو كانت طالبة الإذن فتاة فقيرة ويتيمة الأب وتقدم لخطبتها رجل غني كفء لها من حيث السن والأخلاق فزواجها في هذه الحالة فيه إنقاذ لها من ظروفها البئيسة وتحصين لها من الوقوع في الخطأ تحت ضغط الحاجة والفقر.
وللتأكد من النضج العقلي والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج للقاضي أن يستعين بخبرة طبية لأن مصلحة القاصر في الزواج لا تتحقق إلا بعد البلوغ .وهذه مسألة تقنية يرجع أمر الحسم فيها إلى معرفة ذوي الاختصاص من الأطباء .
ولما كانت الزواج مؤسسة تنقل الشخص من حالة إلى أخرى وتفرض عليه بالتالي أن يندمج في إطار أسرة تحتم عليه أن يقوم داخلها بأدوار جديدة لم يتعود عليها من قبل كدور الزوج والزوجة ودور الأب والأم...الخ.
فإن إجراء بحث اجتماعي يعتبر بمثابة اختبار يساعد في معرفة سلوك القاصر وطبعه والنزعة الاجتماعية لديه وميولاته الشخصية وقدرته على التجانس مع الآخرين والاندماج معهم. وهذه العوامل تؤثر سلبا وإيجابا على احتمال نجاح الزواج أو فشله ومما لا شك فيه أن نجاح البحث الاجتماعي في بلوغ الأهداف المرجوة منه يتوقف على خبرة القاضي وذكائه وثقافته العامة وإلمامه ببعض جوانب علم النفس وعلم الاجتماع وعادات وتقاليد وأعراف الأسر المغربية فإذا ثبت للقاضي تحقق البلوغ الشرعي للقاصر من خلال المعاينة أو الخبرة الطبية وخلص من خلال الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي أو من خلال البحث الاجتماعي بأن المعني بالأمر واع بمقاصد الزواج وبأهدافه وله القدرة على تحمل مسؤولياته أذن له بمقتضى مقرر معلل بعد الاستماع إلى النيابة العامة أو إدلائها بمستنتجاتها في الموضوع أما إذا لم تثبت له المبررات فله أن يرفض الطلب .
وتجدر الإشارة إلى أن مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن وهو ما يعني بمفهوم المخالفة أن مقرر الرفض قابل لجميع طرق الطعن وفق المادة 20 من المدونة [9].
كما أن حضور النائب الشرعي إبرام العقد واجب ، أما إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة فإن قاضي الأسرة يبت في الموضوع وذلك طبقا للمادة 21 من م س.
ü الاذن بزواج المصاب بإعاقة ذهنية
الزواج ميثاق تراض وترابط بين رجل وامرأة على وجه الدوام والرضى يتوقف على توفر الأهلية الكاملة لدى الزوجين حتى يكون كل منهما فاهما لمقاصد الزواج وغاياته وعارفا لأحكامه وآثاره، ملما بحقوقه وواجباته وقادرا على الاختيار الحر وهذا يقتضي توفرهما على العقل والإدراك اللازمين.
ومعلوم أن ناقص الأهلية بسبب إعاقة ذهنية لا يستطيع التحكم في تفكيره وتصرفاته وبالتالي يكون عاجزا عن معرفة ما له وما عليه و لهذه الاعتبارات أخضع المشرع زواج المصاب بإعاقة ذهنية لإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج. وهكذا نصت المادة 23 من المدونة على أنه يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج بزواج المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا كان أم أنثى بعد تقديم تقرير حول الإعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر" وقد سوت المدونة بين المصاب بإعاقة ذهنية والمعتوه وهذا ماعبرت عنه المادة 216 بقولها" المعتوه هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكير وتصرفاته".
وخلافا للقانون القديم الذي كان يعطي للقاضي الإذن في زواج المجنون أو المعتوه إذا ثبت بتقرير هيأة من أطباء الأمراض العقلية أن زواجه يفيد في علاجه واطلع الطرف الآخر على ذلك ورضي به ( فصل 7 من مدونة الاحوال الشخصية ) فإن مقتضيات مدونة الأسرة ميزت بين أسباب نقص الأهلية وحددتها في الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد والسفيه والمعتوه ( المادة 213 ) وبين أسباب انعدام الأهلية وحددتها في الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز والمجنون وفاقد العقل ( المادة 217(
ومن هذا المنطلق يكون المشرع قد سوى بين تصرفات المعتوه والسفيه والصغير المميز وأعطى للقاضي إمكانية الإذن بزواجهما. وبين المجنون فاقد العقل والصغير غير المميز والذي يظهر من مفهوم المخالفة أنه لا يجوز زواجهما سواء بإذن أو بدونه .
وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 23 أعلاه نجد أن المشرع ألزم القاضي المكلف بالزواج بالاعتماد في زواج الشخص المعاق ذهنيا على خبرة طبية ينجزها طبيب خبير أو أكثر قصد التأكد من نوع الخلل المصاب به وبيان درجته ونسبة تأثيره على تصرفات وإدراك الشخص المصاب به .[10]
فإذا خلص التقرير إلى أن المعني بالأمر مصاب بإعاقة ذهنية من شأنها أن تنقص من إدراكه وتمييزه دون أن تعدمه فإنه في هذه الحالة يكون في حكم الصبي المميز ويمكن للقاضي إذا توافرت باقي الشروط الأخرى المحددة في الفقرة الأخيرة من المادة 23من م س ، الإذن له بالزواج ، وذلك بعد أن يطلع الطرف الآخر على تقرير الخبرة وينص على ذلك في محضر الجلسة ويستحسن أن يتم هذا الاطلاع عن طريق تسليم الراغب في الزواج بالمصاب بإعاقة ذهنية نسخة من التقرير وإعطائه مهلة للاطلاع وتتجلى أهمية هذا الإطلاع في وضع الطرف الآخر أمام الحالة العقلية الحقيقية للمصاب ذهنيا حتى يستطيع على ضوئها اتخاذ قراره بإبرام عقد الزواج أو رفض ذلك بعد رؤية واقتناع .
ونظرا لخطورة هذا النوع من الزواج ولتبعياته التي قد تكون سلبية فإن المشرع اشترط فيمن يرغب في الارتباط مع شخص مصاب بإعاقة ذهنية أن يكون راشدا حتى تكون له القدرة على إدراك ما هو مقدم عليه ولا يكفي أن يقبل الشخص الزواج بالمصاب بإعاقة ذهنية أمام القاضي المكلف بالزواج وان يتم تدوين ذلك بمحضر الجلسة بل لابد أن يرضى صراحة في تعهد رسمي بعقد الزواج مع المصاب بإعاقة ذهنية والتعهد الرسمي يتم كتابة إما بواسطة إشهاد عدلي أو في تصريح عرفي مصحح الإمضاء لدى جهة إدارية مختصة . [11]
وما يلاحظ بهذا الخصوص هو أن المادة 23 من م س لم تنص على مدى قابلية هذا الإذن للطعن على خلاف المادة 20 التي نصت صراحة على أن مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن ، لكن يمكن اعتماد القياس على القاصر إذ أن العلة متوفرة في كل منهما ، وبالتالي عدم قابليته لأي طعن[12] .
ü الإذن بزواج معتنقي الإسلام و الأجانب:
نظرا لطبيعة الزواج المختلط ولارتباطه بالجوانب الدينية والعقائدية للراغبين فيه وكذا بالنظام العام للبلدان التي ينتمون إليها فإن المشرع لم ينظمه بنص قانوني باستثناء ما اشترطته المادة 65 من المدونة على الطرف الأجنبي من ضرورة الإدلاء بالإذن بزواج معتنقي الإسلام والأجانب وشهادة الكفاءة في الزواج أو ما يقوم مقامها. ولسد هذا الفراغ التشريعي أصدرت وزارة العدل مجموعة من المناشير[13] التي حددت الوثائق والإجراءات المطلوبة لإنجاز مسطرة الزواج زواج الأجانب ومعتنقي الإسلام والتي تتجلى في
· طلب موجه إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يوجد بدائرته القضائية الطرف المغربي. يتضمن هذا الطلب اسم الخطيبين وعنوانهما وأسباب ودواعي وغاية هذا الزواج . ويرفق الطلب بالوثائق الآتية :حسب حالات ثلاث :
· حالة الزواج المختلط :
فيما يخص الطرف الأجنبي :
– نسخة من رسم الولادة .
ــ رسم اعتناق الإسلام بالنسبة للرجل أو شهادة تثبت أن الزوجة الأجنبية كتابية الديانة .
– شهادة الكفاءة في الزواج أو شهادة الموافقة على ثبوت الزوجية عند الاقتضاء تسلم للطرف الأجنبي من سفارة أو قنصلية بلده بالمغرب ولا يعمل بها إلا بعد التصديق عليها من طرف وزارة الشؤون الخارجية .
– شهادة عدم السوابق العدلية مسلمة له من السلطات الوطنية لبلده أو بلد إقامته .
– شهادة من السجل العدلي المركزي الخاص بالأجانب تسلم له من المصلحة المختصة بوزارة العدل .
– نسخة من الحكم بالطلاق في حالة وجود زواج سابق على أن يكون نهائيا.
– شهادة تثبت مهنة الأجنبي ودخله .
– أربع صور شخصية حديثة .
– صورة من بطاقة تعريفه الوطنية وكذا شهادة الإقامة إن كان مقيما بالمغرب أو ببلد غير بلده الأصلي مع مراعاة مدة صلاحيتها وذلك بهدف التأكد من إقامته الشرعية .
– صورة من جواز سفره وكذا من الصفحة التي تثبت تاريخ دخوله للمغرب .
– شهادة طبية تفيد خلو المعني بالأمر من الأمراض المعدية .
ـــ الإدلاء بإذن أو رخصة الزواج من وزارة الداخلية العمانية أو القطرية بالنسبة للشخص العماني أو القطري الراغب في الزواج من مغربية .
ـــ شهادة طبية للزواج . ــ وثيقة الطلاق بالنسبة للمطلق أو المطلقة .
ــــ مقرر الإذن بالزواج . ــ وثيقة وفاة الزوج أو الزوجة.
أما فيما يخص شهادة الجنسية فقد تم التراجع عنها بمقتضى المنشور الصادر في: 7 يوليوز 2003 وذلك بعلة أن بعض البعثات يتعذر عليها موافاة رعاياها بشهادة الجنسية على اعتبار أن تشريعاتها تتطلب إجراءات معقدة لانجازها واعتبارا لذلك حث المنشور المذكور على الاكتفاء في الحالات الصعبة بشهادة الأهلية مع صورة من بطاقة التعريف الوطنية التي تشهد بجنسيته شريطة أن تكون مصادقا على مطابقتها للأصل من لدن السلطات القنصلية والديبلوماسية .
فيما يخص الطرف المغربي: فهو ملزم بالإدلاء ب: - شهادة إدارية - بنسخة من رسم الولادة – شهادة طبية – شهادة السكنى تحمل صورة صاحبها – صورة من البطاقة الوطنية - نسخة من رسم الطلاق أو الحكم بالتطليق على أن يكون نهائيا - وفاة الزوج أو الزوجة – شهادة من السجل العدلي – نسخة من الحكم القاضي بالإذن بالتعدد إن كان – نسخة من الإذن بالزواج بالنسبة للعسكريين ومن يضاهيهم – وثيقة اعتناق الإسلام إذا كان الزوج مغربي الجنسية واعتنق الإسلام .
· حالة زواج الأجانب مع بعضهم : في حالة زواج الأجانب مع بعضهم البعض فإن الوثائق المطلوبة لإبرام عقد الزواج هي نفسها المطلوبة في الزواج المختلط بالنسبة للطرف الأجنبي ما عدا شهادة اعتناق الإسلام .
· حالة زواج المغربي معتنق الإسلام : في هذه الحالة تكون الوثائق المطلوبة بالنسبة للمغاربة مع بعضهم البعض هي نفس الوثائق المطلوبة هنا مع إضافة شهادة اعتناق الإسلام [14].
ويسجل الطلب بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة بسجل خاص حسب تاريخ وروده ويفتح له ملف يحمل رقما جديدا حسب التسلسل الوارد بالسجل وبعد الاستماع للطرفين في محضر قانوني يوقع عليه الأطراف إلى جانب القاضي وكاتب الضبط والتأكد من الإدلاء بجميع الوثائق يتم جردها وتوجيهها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف الموجود بدائرتها قاضي الأسرة المكلف بالزواج وذلك بإرسالية وبعدها يفتح ملف خاص بالطلب لدى الوكيل العام للملك ويشرع هذا الأخير في دراسة الملف بكل عناية واهتمام ويقوم بإجراء بحث حول المرشحين للزواج المختلط مستعينا في ذلك بالجهات المختصة من سلطة محلية أو شرطة أو رجال الدرك حسب الأحوال ويتناول هذا البحث سيرة وسلوك الخطيبين ووضعهما الاجتماعي وكذا التأكد من وجود اتصال جنسي بينهما أم لا والغاية من هذا البحث هو التحقق من انتفاء موانع الزواج ليكون العقد مطابقا للقانون المغربي وغير مناف للنظام العام المقرر في بلد الطرف الأجنبي والتأكد من كون هذا الأخير له سلوك حسن وفي منأى عن كل الشبهات وكذا التأكد من نشاطه المهني ومصدر دخله .
وبعد انتهاء الوكيل العام للملك من البحث يوجه كتابا إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج يفيد فيه عدم وجود أي مانع من إبرام عقد الزواج بين الطرفين ثم يصدر قاضي الأسرة الإذن بالزواج .
ب - : الإذن الذي تمنحه المحكمة بالتعدد .
يعتبر الإذن بالتعدد إذنا خاصا من المحكمة حيث أسندت مدونة الأسرة صلاحية إصدار الإذن بالتعدد إلى هيئة جماعية وذلك بعد استدعاء الزوجة المراد التزوج عليها للحضور لمناقشة التعدد المقدم من طرف زوجها أثناء النظر فيه بغرفة المشورة ويتم هذا الاستدعاء حسب الفصول 40 , 41 , 42 ،43، 44،45 ،46 من م س مع مراعاة مقتضيات المسطرة المدنية .
وقد حددت المادة 44 من المدونة المسطرة الواجب اتباعها لمناقشة طلب الإذن بالتعدد بغرفة المشورة وذلك بحضور الطرفين والاستماع إليهما واستقصاء الوقائع وتقديم البيانات المطلوبة فإذا ثبت لمحكمة وجود المبرر الموضوعي الاستثنائي وتوفر الطالب على الموارد الكافية لإعالة أسرتين وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة وعدم وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها. ولم تظهر لها أية قرائن يخشى معها عدم العدل بين الزوجين يأذن بالتعدد بمقرر معلل غير قابل لأي طعن وفي حالة الإذن بالتعدد لا يتم العقد مع المراد التزوج بها إلا بعد إشعارها من طرف القاضي المكلف بالزواج بأن الراغب في الاقتران بها متزوج بغيرها. مع تضمين هذا الإشعار ورضاها في محضر رسمي .[15]
ج - : الإذن بزواج العسكريين ومن في حكمهم .
ألزم المشرع الطرف العسكري الذي يرغب في الزواج أن يرفق طلبه بشهادة من قيادته تسمح له بإبرام هذا العقد. وهذه الرخصة ضرورية سواء تعلق الأمر بالخاطب أو المخطوبة وخلافا لمدونة الأحوال الشخصية التي نصت في الفصل 41 منها على الوثائق اللازمة لإبرام عقد الزواج على سبيل الحصر مما جعل وزارة العدل تتدارك الفراغ التشريعي بخصوص زواج الجنود ومن في حكمهم وذلك بإصدارها لعدة دوريات ومناشير فإن مدونة الأسرة وبعدما حددت المستندات اللازمة لإبرام عقد الزواج في المادة 65 نصت في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه يمكن لوزير العدل تغيير وتتميم لائحة المستندات التي يتكون منها عقد الزواج وكذا محتوياته .
وتفعيلا لهذا المقتضى أصدر وزير العدل القرار عدد:270/04 بتاريخ:03/02/2004 حيث أضاف بمقتضاه إلى لائحة المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج الإذن بالزواج المسلم من المصالح المختصة بالنسبة للعسكريين وأفراد القوات المساعدة وأفراد الدرك الملكي وموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني ، ولعل الغاية من اشتراط هذه الرخصة هو تفادي ما قد ينجم من مشاكل في صف أسر شهداء الواجب حيث تدعي بعض النساء أنهن أرملات هؤلاء الشهداء ويطالبن بإيرادات مالية في حين أن هؤلاء الشهداء لم يكونوا طرفا في تلك الزيجات ولم يعلموا بوجودها .
ثانيا : التأشير على ملف عقد الزواج وإصدار الإذن بتوثيقه :
لقد كان العدلان سابقا يتوليان الإشهاد على الزواج وتوثيقه مباشرة مما أدى إلى حصول مشاكل كثيرة ، الأمر الذي جعل المقنن يعمل على تجاوز هذه المشاكل وذلك بإحداث منصب قاضي الأسرة المكلف بالزواج حيث نصت الفقرتان 12 و13 من المادة 65 من م س على أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج يؤشر قبل الإذن على ملف المستندات المشار إليه أعلاه ويحفظ في رقمه الترتيبي في كتابة الضبط ".، ثم يأذن للعدلين بتوثيق عقد الزواج ." ونظرا للطبيعة الاستعجالية والاجتماعية لهذه الطلبات من جهة ،ولكثرتها من جهة أخرى فإنه يتعين النظر فيها طيلة أيام العمل وعدم تخصيص جلسات محددة لها في أوقات أو أيام معينة حتى يمكن تصفيتها جميعا فإنه قد صدر منشور يوجب الإسراع والتعامل بكل مرونة مع هذه الطلبات [16]، والأكيد أن هذا التأشير لا يتم إلا بعد الاطلاع على هوية الخطيبين وبعد مراقبة كافة المستندات من حيث تاريخ صلاحيتها والجهة المصدرة لها ومدى احترامها للشكليات والبيانات المطلوبة, والإشارة إلى ذلك في مطبوع خاص معد لهذا الغرض، فإذا تبين للقاضي أن الملف مستجمع لكافة الشروط ويتضمن جميع الوثائق المطلوبة فإنه يؤشر بأسفل هذا المطبوع على الملف ، وبعد التأشير يصدر القاضي إذنا للعدلين بتوثيق عقد الزواج ، ومعلوم أن القاضي ينظر في هذه الطلبات في إطار وظيفته الولائية وليس في إطار الوظيفة القضائية لأنه من المعلوم أن الأوامر المبنية على الطلب هي قرارات ولائية وقتية لا تمس بجوهر حقوق الأطراف ، وهي بذلك لا تكتسب أي حجة، لأن العلاقة الزوجية لا تقوم بمجرد صدور هذا الإذن الذي لا يعدو أن يكون مجرد رخصة تسلم لصاحبها تسمح له بتوثيق زواجه لدى عدلين ،وبالتالي يجوز مراجعة القاضي الذي أصدرها، كما يجوز العدول عن الإذن بتوثيق الزواج عن طريق تقديم طلب بذلك إلى القاضي الذي أصدره من طرف الخطيب أو المخطوبة أو من يقوم مقامهما حيث يصدر القاضي قرارا بالعدول عن الإذن بعد استرجاعه إن أمكن .
ومما تجدر الإشارة إليه أن مدة صلاحية هذا الإذن هي غير محددة لكن جرى العمل على تحديدها في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قياسا على أهم وثيقة في طلب الإذن بالزواج وهي نسخة رسم ولادة الخطيب والمخطوبة والتي تحدد صلاحيتها في 3 أشهر[17]
الفقرة الثانية : الإجراءات المتبعة بعد الحصول على الإذن بتوثيق عقد الزواج
بعد اطلاع قاضي الأسرة المكلف بالزواج على كل الوثائق يؤشر على الملف ويصدر إذنا للعدلين بتوثيقه {أولا} ثم تسجيل نص العقد في السجل المعد لذلك {ثانيا} وتوجيه ملخصه لضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين أو إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط إذا لم يكن للزوجين أو أحدهما محل ولادة بالمغرب {ثالثا}.
* أولا : تلقي العقد من طرف عدلين منتصبين
أن وثيقة عقد الزواج كوسيلة مقبولة لإثبات العلاقة الزوجية لا تنشأ لمجرد صدور إذن بتوثيقها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج وإنما تتوقف على تلقيها من طرف عدلين منتصبين للإشهاد بدائرة نفوذ المحكمة المعينين فيها ، ووثيقة الزواج تخضع لضوابط وشروط معينة فقها وقانونا ، حيث إن منها ما يتعلق بالعدول أنفسهم ، ومنها ما يتعلق بالوثيقة بصفة عامة نفسها ، ومنها ما يتعلق بالوثيقة الخاصة بالزواج .
أما الضوابط المتعلقة بالعدول فإنها تتلخص في قول الإمام مالك : لا يكتب الوثائق بين الناس إلا عارف بها عدل في نفسه مأمون " ونظم بعضهم ما ينبغي في الموثق بقوله:
عليك بكاتب لبق رشيق ذكي في شمائله حرارة
تناجيه بطرفك من بعيد فيفهم رجع لحظك بالإشارة
وقال سيدي أبو الحسن الصنهاجي الجزيري صاحب كتاب : المقصد المحمود في تلخيص العقود : ومدار التوثيق على معرفة الفقه والأحكام والفهم لمعاني الكلام.وفي وثائق سيدي إسحاق بن إبراهيم الغرناطي :أنه يعتبر في الموثق عشر خصال متى عري عن واحدة منها لم يجزأن يكتبها [18].
وإضافة إلى هذه الشروط الفقهية فلا بد من توفر شروط قانونية تتلخص ضرورة أن يكون كل واحد منهما معينا بصفة قانونية بقرار لوزير العدل وأن يكون مزاولا لمهامه ولم يصدر في حقه أي عزل أو إقصاء مؤقت أو وقف أو إعفاء .
أما الضوابط التي تتعلق بالوثيقة عموما فإنها سلفت في عرض : الضوابط الفقهية والقانونية للوثيقة العدلية .
وأما ما تنفرد به وثيقة الزواج فإنه يتجلى في مقتضيات المادة 67 من م س والفقرة الأخيرة من المادة 65 من م س حيث نصت الفقرة الأخيرة من م 65 على أنه : يضمن العدلان في عقد الزواج:
§ تصريح كل واحد من الخطيبين هل سبق أن تزوج أم لا وفي حالة وجود زواج سابق يرفق التصريح بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه .
ونصت المادة 67 من م س على أن عقد الزواج يتضمن ما يلي :
§ الإشارة إلى إذن القاضي ورقمه وتاريخ صدوره ورقم ملف مستندات الزواج والمحكمة المودع بها .
§ إسم الزوجين ونسبهما وموطن أو محل إقامة كل واحد منهما ومكان ميلاده وسنه ورقم بطاقته الوطنية أو ما يقوم مقامها وجنسيته .
§ إسم الولي عند الاقتضاء .
§ صدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين وهما متمتعان بالأهلية والتمييز والاختيار .
§ في حالة التوكيل على العقد اسم الوكيل ورقم بطاقته الوطنية ، وتاريخ ومكان صدور الوكالة في الزواج .
§ الإشارة إلى الوضعية القانونية لمن سبق زواجه من الزوجين .
§ مقدار الصداق في حال تسميته مع بيان المعجل منه والمؤجل وهل قبض عيانا أو اعترافا .
§ الشروط المتفق عليها بين الطرفين .
§ توقيع الزوجين والولي عند الاقتضاء .
§ اسم العدلين وتوقيع كل واحد منهما بعلامته وتاريخ الإشهاد على العقد .
§ خطاب القاضي على رسم الزواج مع طابعه .
ويعتبر خطاب القاضي على الوثيقة الإجراء الأهم لاكتسابها الصفة الرسمية ، وهذا أمر ليس ببدعي أو حديث بل هو قديم إذ جاء في تحفة العلامة ابن عاصم الغرناطي :
ثم الخطاب للرسم إن طلب حتم على القاضي وإلا لم يجب .....
والعمل اليوم على قبول ما خاطبه قاض بمثل أعلما
وإنما الخطاب مثل أعلما إذ معلما به اقتضى ومعلما
وقد نصت المادة 35 من القانون المتعلق بخطة العدالة على أنه يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة بعد إتمام الإجراءات اللازمة والتأكد من خلوها من النقص ، وسلامتها من الخلل وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها .
لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب وتعتبر حينه وثيقة رسمية "
وقد نصت المادة 27 من مرسوم 28 أكتوبر 2008 بشأن تطبيق القانون رقم 16 – 03 على أنه "يحرر العدل الشهادة ويقدمها للقاضي المكلف بالتوثيق في أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ تلقيها ما لم ينص على خلاف ذلك "[19]
* ثانيا : تضمين نصوص عقود الزواج بالسجل المعد لذلك .
بعد اكتساب عقد الزواج صفة الرسمية بالخطاب عليه من طرف قاضي التوثيق يسلم أصله للزوجة ويحوز الزوج نظيرا منه فيما يوجه النظير الثاني لقسم قضاء الأسرة حيث يسهر كاتب الضبط على تسجيل نصه في السجل المعد لذلك.وقد أوضحت المادة 68 من مدونة الأسرة في فقرتها الأخيرة بأن شكل ومضمون هذا السجل سيحدد بقرار لوزير العدل وهو ماتم بالفعل بمقتضى القرار 1272.04 الذي أوجب أن يكون طول السجل ستة وثلاثون سنتمترا وعرضه ثلاثون سنتمترا وأن يبلغ عدد صفحاته خمسمائة تحمل أرقاما متتابعة يؤشر عليها رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بعد ترقيمها ووضع طابعه على كل صفحة منها وتشتمل كل صفحة على ثمانية أضلاع هي كالتالي :
1)- الرقم المتتابع المخصص للعقد
2)- نوع العقــــــــد
3)- تاريخ التلقـــــــي
4)- تاريخ التحريــــــر
5)- تاريخ التضميـــــن
6 - نــص العقــــــد
7)- مراجع توجيه ملخص العقد إلى ضابط الحالة المدنية أو إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط .
8- ملاحظـــــــــات.
ويمسك هذا السجل من طرف كتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة ويسجل فيه مضمون العقد كله ولا يكتفى بملخصه تطبيقا لمقتضيات المادة 68 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه " يسجل نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة .
وتظهر أهمية هذا السجل في حالة الإشهاد بالطلاق لدى عدلين منتصبين للإشهاد بعد إذن المحكمة والإدلاء بمستند الزوجية حيث يلزم العدلان بالإشارة إلى مراجع الزواج بالسجل المذكور عملا بالفقرة الثالثة من المادة 139 من م س .
ثالثا : توجيه ملخص العقد إلى ضابط الحالة المدنية .
نظرا لنواقص وسلبيات الفصل 43 من مدونة الأحوال الشخصية والتي لم تساهم في تمديد نظام الحالة المدنية إلى الزواج فإن المقنن تدارك هذه النواقص حيث أقر مسطرة جديدة في مدونة الأسرة تتسم بالدقة والوضوح .
وهكذا نصت المادة 68 من المدونة على أنه " يسجل نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة ويوجه ملخصه إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين مرفقا بشهادة التسليم داخل أجل خمسة عشرة يوما من تاريخ الخطاب عليه. غير أنه إذا لم يمكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب يوجه الملخص إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط .
على ضابط الحالة المدنية تضمين بيانات الملخص بهامش رسم ولادة الزوجين ."
يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع قد حدد الجهة المكلفة بتوجيه ملخص عقد الزواج والمتمثلة في قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية التي تم فيها توثيق هذا الزواج كما حدد الجهة التي يتعين إرسال الملخص المذكور إليها وهي إما ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين أو وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط إذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب وحدد أجل خمسة عشرة يوما للقيام بهذا الإجراء تبدأ من تاريخ الخطاب على الرسم وبين مهام ضابط الحالة المدنية والمتمثلة في تضمين ملخص العقد بهامش رسم ولادة الزوجين ولضبط هذه العملية أعدت وزارة الداخلية دفتر بيانات الزواج تسجل فيه ملخصات عقود الزواج بالتسلسل حسب تاريخ ورودها ثم تنقل بعد ذلك بسجل ولادة الطرفين .
يتضح أن المشرع في ظل مدونة الأسرة أبقى الاختصاص للعدول لتوثيق عقود الزواج لكنه أوقف ذلك على إذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج بعد تأشيره على ملف المستندات والغاية من سن هذا النظام هو تحقيق الرقابة السابقة لوثائق عقد الزواج من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج والتأكد من سلامتها وقانونيتها . فالرقابة السابقة أنجع بكثير من الرقابة اللاحقة التي كانت تتم في ظل مدونة الأحوال الشخصية من طرف قاضي التوثيق بمناسبة الخطاب على رسم الزواج الذي يأتي أحيانا بعد الدخول بالزوجة فضلا على أن اكتشاف الخطأ في الوثائق لا يكون له أي تأثير على العقد ولا يترتب عنه بطلان وإنما يشكل فقط خطأ مهنيا قد يوجب المساءلة في حالة ثبوت التهاون أو التساهل أو التواطؤ. في حين أن المراقبة السابقة تغنينا عن كتابة عقود الزواج الغير المستجمعة الشروط القانونية .
المطلب الثاني: إجراءات توثيق عقد الطلاق
تأكيدا لمكانة الوثيقة العدلية في المجال الأسري، فقد فرضت مدونة الأسرة الحالية وعلى غيار مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، وجوب الإشهاد على الطلاق لدى العدلين وتوثيقه، وإجراءات توثيق عقد الطلاق نعني بها الإجراءات الإدارية والشكلية لتوثيقه وهذه الأخيرة تنقسم إلى إجراءات يجب اتباعها قبل الحصول على الإذن بالطلاق (الفقرة الأولى) وإجراءات لاحقة على الحصول على هذا الإذن (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات المتبعة للحصول على الإذن بالطلاق
أولا: تقديم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق
يقدم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق إلى المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها وإلا فإلى محكمة إبرام عقد الزواج حسب الترتيب: كما هو منصوص عليه في المادة 79 من مدونة الأسرة.([20])
ويقدم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق مكتوبا وموقعا عليه من طرف طالبه أو بتصريح شفوي لدى كتابة الضبط، ويجب أن يتضمن معلومات كافية عن هوية الزوجين ومهنتهما وعنوانهما وعدد الأطفال إن وجدوا مع بيان سنهم ووضعهم الدراسي وحالتهم الصحية، كما يجب أن يتناول أسباب طلب الإذن بالطلاق ومبرراته.
ويتعين إرفاق الطلب بالمستندات والوثائق حسب نوع الطلاق المرغوب فيه، كمستند الزوجية الذي يكون إما عقد زواج أو مقرر قضائي مثبت للعلاقة الزوجية، وكالحجج التي تثبت الوضعية المادية للمستخدمين والعمال فيما يتعلق بإثبات الأجور والتصريح الضريبي بالدخل كما نصت على ذلك المادة 80 من مدونة الأسرة.
ويجب أن يرفق الطلب أيضا بنسخة ميلاد لكل من الزوجين وهي وثيقة أساسية وإن لم يذكرها النص القانوني وذلك لمعرفة ضابط الحالة المدنية المختص لمحل ولادة المتفارقين حتى يتمكن من توجيه ملخصات الطلاق والتطليق إليه.
بعد تقديم طلب الإذن بالطلاق يؤشر عليه المكلف بالصندوق بقسم قضاء الأسرة وذلك بعد استخلاص الرسوم القضائية عليه وبعد التأكد من عدد الوثائق والمرفقات المدلى بها.
بعدها يحال الطلب بمرفقاته مؤشرا عليه على الشعبة المكلفة لفتح الملفات حيث يتم تقييد طلب الإذن بتوثيق الطلاق في سجل عام معد لهذا الغرض حسب الترقيم التسلسلي لتلقيها وتاريخها ويتضمن هذا السجل في جملة أضلاعه الرقم الترتيبي وتاريخ تسجيل الطلب، واسم الزوج ونائبه واسم الزوجة ونائبها ونوع الطلاق المطلوب وتاريخ أول جلسة وتاريخ أول جلسة وتاريخ تحديد المحكمة للمبلغ المطلوب ثم تاريخ الإذن بتوثيق الطلاق ومنطوقه إضافة إلى تاريخ الإشهاد بالطلاق وتاريخ إصدار القرار المتضمن للمستحقات فضلا عن خانة الملاحظات.
وتملأ الخانات المطابقة والمشار إليها أعلاه المهيأة معلوماتها ويرجأ الباقي إلى حينه.
ويفتح لكل طلب خاص به، يحمل رقما جديدا حسب التسلسل بالسجل المذكور وتاريخ ورودها يشار فيه إلى نوع الطلاق واسم الطرفين وعنوانهما، ثم يحال الملف على رئيس المحكمة قصد تعيين القاضي المقرر.
ولما أصبحت النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة([21]) فقد بات إلزاميا تسليم نظير من الملف لها،بعد ذلك تسلم ملفات الطلاق بكناش التداول إلى الموظف المكلف بالمادة ليدرجها بجلساتها المقررة بغرفة المشورة، ويقوم بعدها بمباشرة جميع الإجراءات المقررة من طرف المحكمة باستدعاء الزواج والزوجة لمحاولة الإصلاح بينهما إما مباشرة أو عن طريق النيابة العامة وفق ما نصت عليه المادة 81 من مدونة الأسرة.([22])
ثانيا: مســطرة الصلــح
بعد حضور الطرفان شخصيا، تعقد جلسة الصلح بغرفة المشورة وتجري المناقشة والاستماع إلى الشهود ولجميع من ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه ويمكن لها تعيين حكمين من بين أفراد أسرتي الزوجين للسداد بينهما([23]) أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما.
ويقدم الحكمان أو من حكمهما مقررا في ثلاث نسخ بعد أن يتم توقيعه من طرفهما ومن الزوجين، يتضمن أشغالهما وتحقيقاتهما في النزاع وأسبابه ويسلمان هذا التقرير إلى المحكمة التي تسلم لكل من الزوجين نسخة منه وتحفظ المحكمة النسخة الثالثة في الملف حيث يتم الإشهاد من طرف المحكمة على نجاح الصلح.([24])
وفي حالة تعذر الصلح بين الطرفين، تحدد المحكمة مبلغا ماليا، يتعين على الزوج إيداعه بكتابة الضبط بالمحكمة داخل أجل 30 يوما لتغطية مستحقات الزوجة والأطفال الملزم بنفقتهم.([25])
وإذا لم يودع الزوج الراغب في الطلاق بصندوق المحكمة تلك المستحقات التي تم تحديدها له في الأجل الذي عيـن لـه اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة.
أما إذا تقدم الزوج المعني بالأمر راغبا في الأداء داخل الأجل، يتم تسليم الملف إلى المكلف بالصندوق ليستخلص المبالغ المالية المأمور بها، وكذا الرسوم القضائية الواجبة، ويحتفظ بصورة من الوصل في الملف، كما يؤشر على ظهر الملف للدلالة على أداء الزوج لواجباته القانونية ثم يرجع إلى المكلف بالمادة ليدرجه بالجلسة المقررة.
وبعد تأكد المحكمة من إيداع الزوج للمبلغ المأمور به، تحجز الملف مرة أخرى للمداولة في الجلسة الموالية لتأذن له بالإشهاد على الطلاق لدى عدلين منتصبين للإشهاد في دائرة نفوذ المحكمة التي أصدرت الإذن داخل أجل 15 يوما من تاريخ تسلمه.
الفقرة الثانية: الإجراءات المتبعة بعد الحصول على الإذن بالطلاق
أولا: الإشهاد على الطلاق وتوثيقه
لا يقع الطلاق بمجرد صدور إذن بتوثيقه من طرف المحكمة وإنما يتوقف على تحرير مستند الطلاق وتضمينه والخطاب عليه ليكتسب صفة الرسمية([26]) بعد توثيق الطلاق من طرف العدلين المنتصبين للإشهاد داخل دائرة نفوذ المحكمة وتضمينه ونسخ محتواه من طرف الناسخ بسجل الأنكحة والأطلقة المخصص لتضمين رسوم الزواج والطلاق وما شابهها.
وبعد أن ينسخ ويضمن ويذيل بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق بقسم قضاء الأسرة يقوم هذا الأخير بتوجيه نسخة إلى المحكمة التي أذنت بتوثيق الطلاق، وتصدر هذه الأخيرة على ضوء ذلك قرارا معللا متضمنا مجموعة من البيانات المنصوص عليها في المادة 88، ثم توجه ملخص وثيقة الطلاق إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين مرفقة بشهادة التسليم في غضون 15 يوما من تاريخ الإشهاد به، قصد تضمينها بهامش رسم ولادتهما، فإذا لم يكن لهما ولادة بالمغرب يوجه الملخص إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط حسب المادة 141 من مدونة الأسرة.
ثانيا: مضمون وثيقـة الطــلاق
لقد أورد المشرع مشتملات وثيقة الطلاق في المادة 139 من مدونة الأسرة والتي تنص على أن رسم الطلاق يجب أن يتضمن ما يلي:
-تاريخ الإذن بالطلاق ورقمه.
-هوية كل من المتفارقين ومحل سكناهما وبطاقة تعريفهما أو ما يقوم مقامهما.
-الإشارة إلى تاريخ عقد الزواج وعدده وصحيفته بالسجل المشار إليه في المادة 68.
-نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه.
وهناك بيانات أخرى يمكن ذكرها في وثيقة الطلاق وهي الإشارة إلى ما قامت به المحكمة من محاولة الصلح بين الزوجين وفشل هذه المحاولة وكذلك هل للمتفارقين أولاد أم لا؟ وهل المطلقة حامل أم لا؟([27])
المطلب الثالث: إجراءات توثيق عقد الرجعة
إن توثيق عقد الرجعة يتطلب توافر بعض الشروط (الفقرة الأولى) وكذا لابد من اتباع بعض الإجراءات القانونية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: شــروط الرجعــة
حسب جمهور الفقه فإن الرجعة، باعتبارها تصرفا قانونيا صادرا عن الزوج، لا تصح شرعا.([28]) إلا بتوفر بعض الشروط وهي كالتالي:
أولا: يجب أن يكون الطلاق رجعيا لا بائنا، والمقصود بهذا الشرط هو أن الرجعة تصح في الطلاق الرجعي. باعتباره ذلك الطلاق الذي يملك فيه الزوج إرجاع زوجته إلى بيت الزوجية من غير عقد جديد، عكس الطلاق البائن الذي لا يملك الزوج إرجاع زوجته إلى بيت الزوجية إلا بعقد جديد.
ثانيا: يجب أن تحصل الرجعة من الزوج قبل انقضاء عدة المطلقة في الطلاق الرجعي.
يستفاد من هذا الشرط أنه إذا انقضت عدة الزوجة ولم يراجعها الزوج، أصبحت مطلقة طلاقا بائنا. لا تعود إلى بيت الزوجية إلا بعقد جديد يستجمع كافة أركانه وشروطه المنصوص عليها في المادة 10 من م.أ.([29])
ثالثا: يجب أن يكون الزوج المرتجع عاقلا: يعني هذا أن الرجعة تبطل من المجنون أو المعتوه وإن كانت تصح من السفيه. والسبب في ذلك أن الرجعة تصرف إرادي انفرادي مناطه كقاعدة التميز والإدراك الواجب توفرهما في المجتمع.
كما أنه تصح رجعة المريض ولو كان مرضه مخوفا. أي مرض موت كالسرطان القاتل، إذ ليس فيه إدخال وارث لأن المطلقة رجعيا ترث.
هذا فيما يخص شروط الرجعة، أما الإجراءات التي يتبعها الزوج لإرجاع زوجته إلى بيت الزوجية فهو ما سنتحدث عنه في الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية: إجراءات توثيق عقد الرجعة
بالرجوع إلى مدونة الأحوال الشخصية الملغاة نجد أنها لم تخصص للرجعة إجراءات قضائية معينة،([30]) لكن مدونة الأسرة قد سلكت مسلكا مغايرا حيث نصت في المادة 124 منها على أنه "للزوج أن يراجع زوجته أثناء العدة.
-إذا رغب الزوج في إرجاع زوجته المطلقة رجعيا أشهد على ذلك عدلين ويقومان بإخبار القاضي فورا.
-يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، استدعاء الزوجة لإخبارها بذلك. فإذا امتنعت ورفضت الرجوع، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في الفصل 94 م أ.
من خلال تحليلنا لهاته المادة (124 م أ) يتبين أن عقد الرجعة يجب أن يتوفر على بعض الضوابط حتى تكون مقبولة من الناحية القانونية. ومن بين هذه الضوابط أو الإجراءات:
أولا: الإشهاد علـى الرجعـــة
لقد أوجبت مدونة الأسرة الإشهاد على عقد الرجعة، مما يعني وجوب الإشهاد عليه لدى عدلين. حيث لا تصح الرجعة إذا قام الزوج بكتابة وثيقة الرجعة بخط يده على أنه أرجع زوجته.([31]) وإنما ينبغي كما سبقت الإشارة الإشهاد لدى العدلين. وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 124 م أ على أن الإشهاد على الرجعة في الطلاق الرجعي يتم أمام عدلين منتصبين للإشهاد به".([32])
والمقصود هنا بالرجلين العدلين في النص المغربي المشار إليه سابقا (124 م أ) العدلان المنتصبان للإشهاد اللذان يخضعان للقانون 03-16 المتعلق بخطة العدالة فالعدلان هنا يطلبان من الزوج أن يأتيهم بالرسم الذي كتب فيه الزواج والطلاق فإن لم يأت به فلا يكتب لـه العدلان الرجعة حتى يقيم بينه بصحة الزوجية واتصالها إلى أن أوقع عليها هذا الطلاق، ويحلف الزوج على البث والزوجة على نفي العلم أنه لم يتم له ثلاث تطليقات. وذلك مخافة أن يكون عدد التطليقات وصل إلى ثلاث وأخفى رسم الزواج المشتمل على الطلقات ليتمكن من رجعتها أو مراجعتها قبل أن تنكح غيره.([33])
ومن هنا يظهر أن المشرع المغربي قد حول الرجعة إلى تصرف قانوني شكلي، مثلها في ذلك مثل الزواج والطلاق أي لابد من الإشهاد عليها ومن توثيقها أيضا.
ثانيا: وجوب إخبار القاضي فورا بالرجعة
القاعدة أن الرجعة في القانون المغربي هي تصرف انفرادي لا يرتب أي أثر في مواجهة الزوجة إلا إذا علمت به، بحيث تكون على بينة من الأمر([34]) ومن الناحية الإجرائية، يتم إخبار القاضي حسب الفقرة الثانية من المادة 124 بواسطة العدلين اللذين شهدا على الرجعة وقاما بتوثيقها.
والمقصود هنا قاضي التوثيق الذي يتعين عليه قبل الخطاب على رسم الرجعة استدعاء الزوجة لإخبارها بنية زوجها بإرجاعها.
ثالثا: الخطاب على رسم الرجعة من جانب قاضي التوثيق وتضمين بياناتها بسجلات الحالة المدنية.
إن الخطاب على وثيقة الرجعة متوقف على موافقة الزوجة المطلقة رجعيا عليها. فإن رفضت الرجعة، امتنع القاضي أن يخاطب على الرسم العدلي المتعلق بهذا وهذا ما يظهر من محتويات المادة 124 م الأسرة كما سبقت الإشارة إليها. وحسب مقتضيات المادة 141 من مدونة الأسرة فإن المحكمة توجه ملخص وثيقة الطلاق أو الرجعة أو الحكم بالتطليق أو بفسخ عقد الزواج أو ببطلانه، إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين مرفقا بشهادة التسليم داخل خمسة عشرة يوما من تاريخ الإشهاد به.
-يجب على ضابط الحالة المدنية تضمين بيانات الملخص بهامش رسم ولادة الزوجين.
المبحث الثاني: ضوابط الوثائق التي يختص في توثيقها العدول وغيرهم
سنحاول من خلال هذا المبحث معالجة ثلاثة وثائق في مجال الأسرة وهي وثيقة إثبات النسب (المطلب الأول) وثيقة الاتفاق المالي بين الزوجين (المطلب الثاني) وثيقة الوكالة في الزواج (المطلب الثالث).
المطلب الأول: وثيقة إثبــات النســب
لقد أقر المشرع المغربي بكيفية صريحة في المادة 158 من مدونة الأسرة إثبات النسب بإقرار الأب (الفقرة الأولى) أو شهادة عدلين أو بينة السماع (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إثبات النسب بإقــرار الأب
أولا: إقرار النســب وشروطـــه
يعرف ابن عرفة المالكي الإقرار بأنه عبارة عن "خبر يوجب حكم صدقه على قائله بلفظه أو لفظ نائبه".
والإقرار بالنسبة هو ادعاء المدعى المقر أنه أب لغيره وقد نظمه المشرع المغربي بمدونة الأسرة وسماه كذلك بالاستلحاق، من خلال المواد 160، 161، 162.
غير أنه يوجد إلى جانب هذا الإقرار المباشر بالنسب إقرار من نوع آخر غير مباشر يجعل المقر له ينسب إلى الغير لا المقر مباشرة.
والذي يهمنا هنا هو الإقرار بالنسبة على نفس المقر، فلكي يرتب آثاره القانونية لابد أن يستوفي شروطا معينة حددتها المادة 160 من مدونة الأسرة.([35])
أ-يجب أن يكون المقر بالنسب أبا:
يعني أن المشرع اشترط من خلال هذه المادة أن يكون الإقرار من الذكر (الأب) وهذا ما أخذ به الفقه المالكي حيث أن استلحاق الولد من خصائص الأب وبذلك لا يصح الاستلحاق من الأم ولا من الجد.
إلا أنه رغم ذلك نجد المشرع المغربي قد خرج عن هذا الأصل عندما اعترف بإقرار الأم كذلك من خلال مقتضيات المادة 147 من مدونة الأسرة التي تحيل صراحة على مقتضيات المادة 160 من نفس المدونة حيث يكون المشرع هنا قد ابتعد عن فقه الإمام مالك.([36])
ب- يجب أن يكون المقر بالنسب عاقلا:
ويقصد بالعقل أن يكون المقر بالنسب كامل الأهلية سالم الإدراك فلا يكون معتوها أو مجنونا أو مكرها.
وكمال الأهلية في التشريع المغربي ووفقا للمادة 209 من مدونة الأسرة يتحدد في ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة وهو سن الرشد بالإضافة إلى تمتع المعني بالأمر بكامل قواه العقلية.
ويصح من الناحية الفقهية إقرار السفيه بالنسبة لأن السفه يؤثر في التصرفات المالية للشخص ولا أثر له من الناحية القانونية على إدراكه وتميزه طبقا للقواعد العامة.
وحسب الفقرة الأولى من المادة 160 يصح الإقرار بالنسب ولو تم في مرض الموت تغليبا للقاعدة العامة التي تقضي بأن الشرع متشوق للحقوق النسب.([37])
ج- يجب أن لا يكون الولد المقر به معلوم النسب:
يعني المقر يجب أن يقر بشخص مجهول النسب، ومجهول النسب حسب جانب من الفقه الإسلامي هو الشخص الذي لا يعرف له أب محدد في البلد الذي ولد فيه ولا في البلد الذي وجد فيه إن وجد بلد آخر.
وعليه فمتى عرف نسب الشخص من أب معين فلا يصح مطلقا الإقرار ببنوته من طرف الغير، ذلك أن النسب الثابت لا يقبل الفسخ كما لا يقبل التحويل من أب لآخر.
وكذلك لا يمكن الإقرار بابن الزنا لأن الزنا وبإجماع الفقهاء مانع من لحوق النسب بالزاني فيجب ألا يصرح المقر قبل أو أثناء إقراره أن الولد المراد استلحقاه قد كان ثمرة زنا، ومن هنا فقد جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى "... النسب لا تلحق بنسب المدعي عليه ولو أقر ببنوتها وكانت من مائه لأنها بنت زنا وابن الزنا لا يصح الإقرار ببنوته ولا استلحاقه لقول الشيخ خليل إنما يستلحق الابن المجهول النسب...".([38])
د-ألا يكذب المستلحق عقل أو عادة:
وذلك مثلا كأن يكون المقر والمقر به في نفس السن أو بينهما فرق بسيط جدا في السن لا يسمح لأحدهما عقلا أن يكون ابنا للآخر فلو كانوا متساويين في السن أو متقاربين فيه بحيث يستحيل عمليا أن يولد أحدهما الآخر، لم يصح الإقرار بالبنوة لأن الواقع والمنطق يكذبان مثل هذا الإقرار تكذيبا قاطعا.
ولعل ما تكذبه العادة في الواقع كذلك أن يقر رجل بنسب ولد من بلد أو من مكان بعيد جدا لم يسبق له (أي المقر) أن زاره أو أن يثبت أن الرجل المقر لم يسبق له مطلقا أن تزوج أو أنه خصي أو مجبوب أكد الطب أنه لا يستطيع الإنجاب بأي وجه من الوجوه.([39])
هـ-يجب أن يوافق المستلحق إذا كان راشد حين الاستلحاق:
إذا كان الأمر يتعلق باستلحاق راشد فلابد من موافقته فهو أدرى بمصلحته، وبالتالي فإنه أصبح في سن تحرر فيه من كل ولاية أو حراسة، أما إذا كان قد استلحق قبل بلوغه لسن الرشد فحين يصل إلى سن الرشد إن شاء بقي على نسب مستلحقه وإن شاء يرفض هذا النسب وعليه أن يرفع دعوى نفي النسب.([40])
إضافة إلى ذلك نجد أن المادة 160 أخذت بالفقه المالكي فيما يخص عدم وجوب تعيين الأم في الاستلحاق حيث أنها لم تشترط في الإقرار أن يعين المقر أم الولد المقر به ونصت على إمكانية تعيينها في الاستلحاق –الاعتراض بنفي الولد عنها، أو الإدلاء بما يثبت عدم صحة الاسلتحاق، لكنها نصت في المادة 159 على أن النسب أو الحمل لا ينتفي عن الزوج إلا بحكم قضائي طبقا للمادة 153.([41])
و-وجوب مراعاة شرط أقل مدة الحمل وأكثرها:
أثارت مدونة الأسرة في المادتين 154 و155 إلى شرط آخر يشترك في لحوق النسب بفراش الزوجية وهو وجوب أن تلد المرأة المتصل بها جنسيا عن طريق الشبهة ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها. لأن شرط الحمل الخطبة ليس على إطلاقه، بل لابد من مراعاة أحكام القاعدة العامة في لحوق النسب التي هي أقل مدة الحمل وأكثرها. لأن الوطئ أو الاتصال بشبهة مقيس على وطئ الفراش الذي يشترط في لحوق النسب بواسطته وهو أن يولد الولد ستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتصال، وأن يولد خلال سنة من تاريخ الفراق.([42])
فإذا توفرت هذه الشروط كاملة يجب على المقر توثيق نسبه وذلك لكي يعتبر هذا التوثيق وسيلة لإثبات النسب كلما طرحت أمام القضاء مسألة إثبات النسب. وكل هذا سنتحدث عنه في الفقرة الموالية.
ثانيا: توثيق الإقــرار بالنســب
قد تطرح أمام القضاء مسألة إثبات الإقرار وفي هذا الصدد جاء في المادة 162 من مدونة الأسرة ما يلي:
"يثبت الإقرار بإشهاد رسمي أو بخط يد المقر الذي لا يشك فيه".
يثبت الإقرار بالنسب حسب هذه المادة بوسيلتين: هما الإشهاد الرسمي وهي الوسيلة الأصلية وكذلك خط يد المقر الذي لا يشك فيه وهي الوسيلة الاستثنائية ورغم ذلك فقد تستنتج المحكمة الإقرار من ظروف الحال متى تبين لها ذلك.
1-الإشهــاد الرسمــي:
يجب الإشهاد على الإقرار بالنسب من طرف عدلين منتصبين للإشهاد وتوثيقه ثم بعد ذلك المخاطبة عليه من طرف قاضي التوثيق حتى يكتسب الصفة الرسمية. طبقا لما تقضي به مقتضيات المادة 35 من القانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة.
ويرى البعض أن الإشهاد يعتبر رسميا متى ورد في حيثيات أي منطوق حكم قضائي وطني أو أجنبي حسب مقتضى الفصل 418 من ق.ل.ع.
ويمكن كذلك توثيق الإقرار بالنسب عن طريق موثق عصري مادام الشرع ينص على رسمية هذا الإشهاد وذلك لإثبات الإقرار ولتحري إرادة المقر. بحيث يجب أن يقر وهو في كامل قواه العقلية ومعبرا عن إرادته من خلال هذا الإقرار وتوثيقه.
2-خط يد المقر الذي لا يشك فيه:
وقد منح المشرع هذه الإمكانية للمقر وذلك في الحالات التي قد تمنعه ظروف من التوجه إلى العدول المنتصبين للإشهاد لكي يشهدوا على إقراره بالنسب كإصابته بمرض أقعده عن الخروج من البيت أو يكون في حالة احتضار فتعتريه حالة ندم وفي هذه الحالة يصح له استثناء أن يكتب الإقرار بالنسب بخط يده.
فنحن هنا أمام وثيقة عرفية تكتب بخط يد المقر ولا تصح كتابتها مطلقا من طرف الغير.
ورغم سكوت المشرع فيجب مبدئيا –على المقر أن يضع توقيعه بأسفل الورقة([43]) التي كتبها لأن التوقيع هو المعبر عن إرادته ويجب عليه أن يؤرخ تلك الورقة دفعا للنزاعات التي قد تثار في هذا الشأن.([44])
3-استنتاج الإقرار من ظروف الحال:
رغم تنظيم المشرع لشكلية الإقرار بالنسب من خلال مقتضيات المادة 162 من مدونة الأسرة فإن هذا الإقرار قد يستنتج من ظروف الحال ومن ذلك قد يعلم الزوج بحمل زوجته ولا يبادر إلى نفيه في الحال. جاء مثلا في قرار للمجلس الأعلى: "أن الطالب كان على علم بالحمل من خلال المقال الافتتاحي الذي تقدمت به المطلوبة في دعوى ثبوت الزوجية، ومع ذلك لم يتقدم بطلب نفيه أمام المحكمة الابتدائية التي قضت بثبوت الزوجية وأيدته محكمة الاستئناف وبالتالي ثبت نسب الابن بحكم قضائي.([45])
وكذلك قد يستنتج الإقرار إما صراحة وإما ضمنا من أوراق الدعوى ومن ذلك أن يطلب الزوج من المحكمة الإذن له بالطلاق ويقر في طلب الإذن بأن له بنتا مع الزوجة التي يريد أن يطلقها أو تدعي المطلقة أمام القضاء أن لها ابن من مطلقها ولا يعترض هذا الأخير في ذلك.([46])
الفقرة الثانية : إثبات النسب بشهادة العدلين أو شهادة السماع
أولا: إثباتا النسب بشهادة عدلين
الشهادة في حقيقتها الشرعية والقانونية هي إخبار الإنسان بحق لغيره على غيره وهي بهذا المفهوم تخالف الإقرار الذي يعد في جوهره إخبار الإنسان بحق لغيره على نفسه.([47])
وعلى الرغم من أن المشرع اعتبر الشهادة حجة كافية وحدها لإثبات النسب إلا أنه لم ينظمها ومن ثم يرجع بشأنها إلى أحكام الفقه المالكي وفقا للمادة 400 من مدونة الأسرة.
وفي الفقه المالكي تعتبر شهادة الشهود حجة كافية في إثبات النسب بل وتعتبر شهادة الشهود كوسيلة للإثبات في هذا المجال أقوى من الإقرار.
ونجد كذلك القاعدة العامة في الفقه المالكي أن شهادة الشهود التي يثبت بها النسب في الفقه الإسلامي عموما والفقه المالكي خصوصا هي شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين. وذلك على أساس أن الولادة مما لا يطلع عليه إلا النساء غالبا دون الرجال.
ويشترط في الشاهد عموما عدة شروط فصل فيها الفقهاء أجملها ابن عاصم الغرناطي بالكيفية الآتية:
وشاهد صفته المرعيــة****تيقظ عدالــة حريــة
والعدل من يجتنب الكبائر****ويتقي في الغالب الصغائرا
وما أبيح وهو في العيان****يقدح في مروءة الإنسـان
ونصت المادة 158 من مدونة الأسرة:
"يثبت النسب... بشهادة عدلين..."
ويجب أن يدعى الشاهد عادة إلى مجلس القضاء بالطرق القانونية ليؤكد ما رآه أو سمعه من الوقائع المتعلقة بالدعوى بعد تأديته لليمين القانونية أو سواء من الناحية القانونية أو الشرعية، ليس هناك ما يمنع الشاهد أن يكتفي استثناء بتلاوة شهادته المكتوبة أو بضم هذه الشهادة المكتوبة إلى ملف الدعوى لكي ينظر القاضي في مضمونها فيأخذ بها متى اطمأن ضميره إليها ويستبعدها متى تأكد له غير ذلك وكل ذلك يحتاج إلى تعليل مقنع.([48])
ثانيا: إثبات النسب بشهادة السماع
يقول ابن عرفة في شهادة السماع "شهادة السماع لقب لما يصرح الشاهد فيه بإسناد شهادته لسماع من غير معين فتخرج شهادته البت والنقل أي تخرج شهادته البت من قوله بإسناد شهادته لسماع وتخرج شهادة النقل من قوله من غير معين لأن المنقول عنه في شهادة النقل معين".([49])
وفيه يقول ابن عاصم:
وأعملت شهادة السمــاع****في الحمل والنكاح والرضـاع
والحيــض والميــلاد****وحـال إســلام وارتــداد
وإذا كانت شهادة السماع وحدها كافية لإثبات النسب فقد اشترط الفقه المالكي لصحتها وبالتالي ترتب آثارها خمسة شروط أساسية:
1-الاستفاضة: أن يكون غير معين ولا محصور العدد وشرط شهادة السماع أن يقول الشهود سمعنا سماعا فاشيا من أهل العدل وغيرهم.
2-السلامة من الريبة: وتتمثل في الاحتراز من غلط الشاهد أو كذبه أو سهوه.
3-ولضعف شهادة السماع فإن الفقه المالكي قد أوجب تكملتها بيمين التزكية.
4-وكذلك يشترط فيها طول الزمن.
5-ألا يسمى الشهود المسموع منهم وإلا كان نقل شهادة فلا تقبل إذا كان المنقول عنهم غير عدول.([50])
وقد جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى: "... حيث من بين وسائل إثبات النسب بينة السماع حسب مقتضيات المادة 158 من مدونة الأسرة وحيث أكد شهود البينة المرفقة بالمقال معرفتهم لأبوي المدعية المتوفين وبإنجابهما على فراش الزوجية خمسة أبناء وأن الأبناء الأربعة الأوائل سجلوا بالحالة المدنية دون البنت الخامسة وأن مستند علمهم ذلك المجاورة والمخالطة وشدة الاتصال والاطلاع التام على الأحوال وحيث اعتبارا لوسائل الإثبات المقدمة من المدعية وما أسفر عليه البحث مع إخوانها والشهود فإن المحكمة ارتأت الاستجابة للطلب.([51])
المطلب الثاني : ضوابط وثيقة تدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين
لقد نص المشرع المغربي من خلال مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة على استقلال الذمة المالية لكل واحد من الزوجين عن الأخر, حيث خول لهما الإتفاق على تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية وكيفية استثمارها وتوزيعها وأوجب بمقتضى الفقرة الثانية من نفس المادة على إفراغ هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج [52], ومن هنا سنحاول الحديث عن الجهة المخول لها قانونا إبرام هذه الوثيقة في { الفقرة الأولى } على أن نخصص { الفقرة الثانية } للحديث عن الشروط الشكلية والموضوعية لوثيقة التدبير المالي بين الزوجين
الفقرة الأولى : الجهة المخول لها إبرام وثيقة التدبير المالي للزوجين
لم يبين المشرع الجهة المخول لها كتابة الوثيقة , وترك الحرية والاختيار للزوجين في ذلك وهكذا يمكن لهما أن يعهد بكتابة هذه الوثيقة إلى العدلين سواء الذين حرروا عقد الزواج أو غيرهما , ويمكنهما اللجوء إلى الموثق , أو إفراغ الاتفاق في وثيقة عرفية .
من خلال المادة 49 من مدونة الأسرة في فقرتها الثالثة نجد أن المشرع قد فرض على العدلين أثناء إبرامهما لعقد الزواج بإشعار الطرفين أي الزوج والزوجة على إمكانية إبرام عقد تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء الزواج [53] .
فالعدلين في هذه الحالة يكونان أمام التزام تشريعي يفرض عليهما إشعار الطرفين بالأحكام المضمنة في الفصل 49 من م أ فيما يخص وثيقة تدبير الأموال الأسرية وعدم القيام به قد يرتب مسؤولية العدلين التأديبية , أما مسؤوليتهما المدنية فتقضي إثبات ضرر من جانب من يطالب بالتعويض [54].
الفقرة الثانية : الشروط الشكلية والموضوعية لوثيقة التدبير المالي بين الزوجين
إذا كان المشرع قد سعى من خلال تنظيمه للإتفاق الإختياري لتدبير الأموال المشتركة خلال فترة الزواج تحقيق نوع من الإستقرار الأسري فإن هذه الغاية تبقى بعيدة المنال إن لم تراعي بعض العناصر , نذكر منها بالخصوص الشروط الأساسية في العقد تفاديا لكل لبس أو غموض أو سوء فهم لبعض المقتضيات القانونية الواردة في المدونة وتنقسم هذه الشروط إلى شروط شكلية { أولا } وشروط موضوعية {ثانيا} .
أولا : الشروط الشكلية
تنحصر هذه الشكلية أساسا في إفراغ الطرفين إرادتهما في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج [55] التي غالبا ما تكون محررة من قبل العدول وذلك في شكل عقد نموذجي , يضمن فيه كل الشروط ذات الطابع المالي التي يرغب الزوجان في العيش وفقا لها [56], نذكر من ذلك مثلا:
ـ إتفاق الزوجين على ما قامت الزوجة بشرائه من منقولات لبيت الزوجية سواء من مالها أو مهرها يبقى ملكا لها .
ـ إتفاق الزوجين على أن ما إشتراه الزوج خلال حياة الزوجية يكوم ملكا له وبذلك يكون المشرع المغربي قد ترك حرية إختيار الأطراف للإطار المنظم للأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج شريطة عدم مخالفة النظام العام والأداب العامة [57] .
من هنا يتبين أن المشرع كان حكيما عندما فرق عقد الزواج عن عقد التدبير المالي , لكن في حالة إصرار الزوجان على تضمين مثل هذا الإتفاق في عقد الزواج هل يعتبر مثل هذا العقد باطلا ؟
في هذه الحالة يرى جانب من الفقه أنه لا يمكن الحديث عن البطلان لأن مثل هذا الاتفاق لا يبطل العقد بصفة قطعية لذلك كان أحرى بواضعي النص ترك الحرية للمتعاقدين بتضمين الاتفاق والشروط في صلب عقد الزواج أو في اتفاق لاحق ما دامت لا تخالف النظام العام أو الأخلاق الحميدة [58] .
بينما يرى جانب من الفقه عكس الرأي الأول على اعتبار أن العلاقة الزوجية تقوم على المودة والمكارمة , فإن المشرع المغربي حرص على التأكيد على أن أي اتفاق بخصوص إدارة الأموال واستثمارها وتوزيعها يجب أن يكون محل وثيقة خاصة مستقلة عن عقد الزواج لأن اختلاف أهداف عقد الزواج تختلف عن أهداف وثيقة إدارة الأموال [59].
ثانيا : الشروط الموضوعية
إن الاتفاق المالي للزوجين يدخل في نطاق تطبيق مبدأ سلطان الإرادة الذي يخول لكل شخص تدبير شؤونه وإدارة أمواله من غير أن يخالف القواعد الأمرة ، أي أنه إتفاق تحكمه قاعدة العقد شريعة المتعاقدين { الفصل 230 من ق ل ع } ، إذن الأمر يتعلق بعقد مدني يخضع للأحكام العامة للقانون المدني من حيت أركانه وشروط صحته وبطلانه وترتيب مختلف أثاره وذلك حتى يتسنى إنشاء عقد صحيح من كل العيوب التي قد تؤثر عليه أو على أثاره .
وهكذا وحتى يعتبر العقد قائما لا بد من أن يحصل توافق بين إرادة الزوج والزوجة حول مضمون الاتفاق وشروطه وأن تكون هذه الإرادة خالية من عيوب الرضى[60] , التدليس , الغلط , الإكراه , الغبن , وأن يكون كل منهما متمتعا بالأهلية الكاملة للالتزام مع ضرورة توفر السبب والمحل .
المطلب الثالث: توثيـق الوكالــة في الــزواج
الوكالة كما عرفها فقهاء المذهب المالكي هي نيابة ذي حق غير ذي امرأة ولا عبارة لغيره فيه غير مشروطة بموته.([61])
بينما عرفها المشرع المغربي في الفصل 879 من ق.ل.ع بأنها عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه ويسوغ إعطاء الوكالة أيضا لمصلحة الموكل والوكيل، أو لمصلحة الموكل والغير، بل ولمصلحة الغير وحده.
ولقد أقرت مدونة الوكالة في الزواج وسمحت لطرفي العقد على السواء التوكيل فيه، فهو كما يصح من الرجل يصح من المرأة، لكن حصرته بأحكام خاصة تختلف عن تلك الأحكام العامة لعقد الوكالة لا من حيث الشكل ولا من حيث تحديد صلاحيات الوكيل ودوره في إبرام العقد.([62])
وهكذا فقد اشترطت المدونة في المادة 17 أن يتم التوكيل بإذن من القاضي المكلف بالزواج وفق شروط حددتها هذه المادة.
الفقرة الأولى: شكلية وثيقة الوكالة في الزواج
لقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 17 من المدونة أن تحرر الوكالة في الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيه.
إن هذا الشرط يتحدث عن تحرير عقد الوكالة إما في ورقة رسمية أو عرفية بشرط أن تكون مصادق على توقيع الموكل فيها، والملاحظ أن هذا الشرط جاء مخالفا لما هو معروف في القواعد العامة في القانون المدني والتي تنص على أن التصرفات القانونية الرضائية لا تستوجب شكلا خاصا في إنشائها. خاصة وأن الأصل في الوكالة أنها تصرف رضائي.
إن التنصيص في الشرط على أن تكون الوكالة مكتوبة يعني أنه لا يمكن أن تقبل أي وكالة شفهية، ما لم تكن مكتوبة محررة في صك رسمي يحرره العدلين المنتصبين للإشهاد أو موثق عصري، ويختم عليه القاضي بخاتمه.([63])
أما المحرر العرفي فيمكن أن يحرره أي شخص سواء بخط يده أو بواسطة آلة كاتبة، ثم يوقع عليه المعني بالأمر ويصحح إمضاءه لدى المصالح المختصة.
والملاحظ أنه كان الأجدر بالمشرع أن يحصر الوكالة المقبولة في الزواج في الورقة الرسمية فقط، نظرا لما تخلفه الأوراق العرفية من صعوبات ومشاكل لعدم تحريرها من طرف الأشخاص المؤهلين قانونا وموثوقا بهم، فتأتي في غالب الأحيان مشوبة بأخطاء، وخالية من البيانات الجوهرية اللازمة لصحتها قانونا.([64])
أما الوكالة التي تنجز خارج أرض الوطن لدى القنصليات والسفارات المغربية بالخارج، يتعين التصديق عليها لدى المصالح المختصة بذلك، والجهة المختصة هي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالتصديق على الوثائق، ولا يمكن أن يؤشر عليها القاضي المكلف بالزواج إلا إذا توفرت الشروط المطلوبة في المادة 17.
الفقرة الثانية: مضمون وثيقـة الوكالــة
يجب أن يتضمن صك الوكالة بالإضافة إلى الهوية الكاملة للموكل ورقم بطاقته الوطنية، جميع البيانات اللازمة المشترطة قانونا لصحة التوكيل في الزواج المنصوص عليها في المادة 17 من مدونة الأسرة.
-وجود ظروف خاصة تمنع الموكل من إبرام عقد الزواج بنفسه.
الأصل في عقد الزواج أن يتم إبرامه بحضور أطرافه، ولكن لظروف الحياة الصعبة واستثناء سمح المشرع لمن توفر فيه شرط الظروف الطارئة، أن يوكل من يعقد زواجه إلا أن المشرع المغربي لم يبين هذه الظروف.([65]) تاركا الأمر للسلطة التقديرية للقاضي مستهديا في ذلك بالعرف والواقع وقاعدة التيسير ورفع الحرج عن الناس.
-تحديد الهوية الكاملة للوكيل.
لقد اشترط المشرع أهلية الوكيل في الزواج، بحيث يجب أن يكون هذا الوكيل بالغا سن الرشد القانوني، ومتمتعا بكامل أهليته المدنية غير محجر عليه، وغير مصاب بأية عاهة عقلية.
والتوكيل على الزواج جائز من الزوج أو الزوجة أو من كلاهما.([66])
-تحديد الهوية الكاملة للزوج الآخر ورقم بطاقته الوطنية أو ما يقوم مقامها، وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها، ولعل المشرع أراد بهذا التحديد الدقيق للطرف الآخر منع حصول أي خطأ في شخصه، وتقييد صلاحية الوكيل بهذا الخصوص حتى لا يختار لموكله زوجا لم يقصده أو قد لا يرضاه.
-تضمين الوكالة، قدر الصداق وكيفية أدائه لأن الأمر يتعلق بشرط من شروط انعقاد الزواج، وهنا اتجهت إرادة المشرع إلى عدم إعطاء الوكيل صلاحية تقريرية، بخصوص الصداق، وترك أمر الحسم فيها للزوج الموكل، الذي يتعين عليه أن يعين قدر المهر وكيفية أدائه عند الاقتضاء.([67])
أما بخصوص الشروط الإرادية لعقد الزواج وآثارها فقد نظم المشرع إطارها العام في المادتين 47 و48 من مدونة الأسرة. حيث جعل الأصل فيها الصحة والإلزام لمن التزم بها من الزوجين، والاستثناء الفساد والبطلان (دون عقد الزواج الذي يبقى صحيحا) إذا كانت مخالفة لأحكام ومقاصده أو للقواعد القانونية الآمرة.([68])
-تأشير القاضي على الوكالة.
إن التوكيل في الزواج يستوجب الحصول على إذن من القاضي، ومعنى هذا أنه لا يجوز إعطاء الوكالة لإبرام الزواج إلا بعد استصدار إذن بذلك من القاضي. غير أن استئذان القاضي مسبقا لإنجاز عقد الوكالة هو إجراء غير عملي وبدون جدوى، لأن الرقابة المجدية للقاضي تنصب على العقد بعد إنجازه وليس قبلا، لذلك يمكن القول أن الفقرة الأخيرة من المادة 17 جاءت موضحة للفقرة الأولى منه عند ما بينت بوضوح أن الرقابة على الوكالة في الزواج تكون بعدية وليس قبلية وذلك عن طريق تأشير القاضي عليها بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة قانونا.
خاتمـــــــــة
يتضح من خلال استعراضنا لمجالات إعمال الوثيقة العدلية في المجال الأسري المكانة الكبيرة التي أعطاها المشرع لهذه الوثيقة في مجال إثبات الحقوق الأسرية وحمايتها، حيث نجده أوجب إعمال هذه الوثيقة لوحدها في إثبات أهم العقود المتعلقة بالأسرة كالزواج والطلاق والرجعة مثلا، وفضلا عن ذلك نص على إمكانية إعمال هذه الوثيقة في بعض المسائل إلى جانب باقي وسائل الإثبات الأخرى، وبناء على ذلك يمكن لأطراف التعاقد إما الاعتماد على الوثيقة العدلية التي يحررها العدول المنتصبون للإشهاد ويمكن الاعتماد على الوثيقة التي يحررها الأطراف بأنفسهم أو عن طريق توكيل من يقوم بذلك (الوثيقة العرفية). كما يمكن اللجوء إلى الموثق في الحالات التي يسمح فيها بذلك، ويمكن الاقتصار في بعض الأحيان على شهادة الشهود الذين حضروا الاتفاق أو التصرف المراد إثباته.
ومن المهم أن نشير إلى أنه حتى في هذه المسائل التي سمح فيها المشرع باعتماد أي من هذه الوسائل لإثبات العقود الأسرية والحقوق المرتبطة بها عند التنازع والجحود والإنكار، يلاحظ أن الناس في الغالب الأعم يعتمدون على الوثائق التي يحررها العدول، وناذرا ما يتم الاعتماد على باقي الوسائل الأخرى نظرا للثقة التي تحظى بها الوثيقة العدلية في هذا المجال.
لائحـــــــــــــــة المراجـــع
الكتـــب
-عبد الخالق أحمدون، "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة"، الطبعة الأولى، 2006.
-محمد الكشبور، "الوسيط في شرح مدونة الأسرة"، الطبعة الثالثة، سنة 2015.
-محمد الشافعي، "الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة"، الطبعة الثالثة سنة 2005.
-حماد العراقي، "الوثائق العدلية وفق مدونة الأحوال الشخصية"، دون ذكر الطبعة وسنة الإصدار.
-محمد الأزهر، "شرح مدونة الأسرة"، الطبعة الثالثة، 2008.
-العلمي الحراق، "التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة"، ج 2، ط 2، س 2013.
-محمد الخرشي، "الخرشي في مختصر الشيخ خليل"، ج 6، دون ذكر سنة النشر.
-محمد الكشبور، "البنوة والنسب"، الطبعة 1، 2007.
-الحسين بن دالي، "المرشد العلمي والقانوني لقاضي الأسرة المكلف بالزواج-دراسة فقهية مقارنة-".
-ابن فرحون، "تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام"، الطبعة الأولى 95.
محاضرات وندوات ومقالات
-محمد بودلاحة، "محاضرات في التوثيق العدلي"، موجهة لطلبة الفصل الخامس، مسلك الشرعية والقانون، فاس-سايس، سنة 2014-2015.
-التوثيق العدلي واقع وآفاق (أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف مسلك القانون الخاص بالكلية متعددة الاختصاصات بتازة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، يومي 24-25 أبريل 2008)، الطبعة الأولى، 2010.
ـ إدريس الفاخوري , دور الإرادة في إبرام عقد الزواج في ظل مدونة الأسرة , مقال منشور بمجلة القصر , العدد 9 شتنبر 2004
ـ خديجة البوهالي , إثبات الحق في الأموال الأسرية في ضوء القانون والعمل القضائي مقال منشور بمجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية , العدد الخامس , يوليوز 2003
رسائل وأطروحات
-خالد الوجدي، "الوكالة في الزواج والطلاق"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص.
ـ عدنان المراحي , الشروط الإرادية في عقد الزواج , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص تخصص الأسرة والتوثيق , كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بفاس , السنة الجامعية 2011/2013
ـ بومديان الفحصي , إثبات الزواج في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص , السنة الجامعية 2007/2008
نصوص قانونية
-مدونة الأسرة.
-قانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة.
[1] -مداخلة للأستاذ عبد القادر بوعصيبة، "التوثيق المغربي واقع وآفاق" أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف مسلك القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بتازة جامعة سيدي محمد بن عبد الله يومي 24-25 أبريل 2008.
[2] - ابن فرحون، "تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام"، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1995، 1 /200.
(3) قرار السيد وزير العدل رقم : 04.269 صادر بتاريخ 03/02/2004 الجريدة الرسمية عدد : 5186 بتاريخ 12/02/2004.
[4] المرشد العلمي والقانوني لقاضي الأسرة المكلف بالزواج دراسة علمية وقانونية تأليف : الأستاذ الحسن بن دالي مطابع الرباط نت يناير 2013 الصفحة : 9و10.
[5] المرشد العلمي والقانوني لقاضي الأسرة المكلف بالزواج م س ص : 11.
[6] قرار مشترك لوزيري العدل والداخلية صادر بتاريخ 02/03/2004 الجريدة الرسمية عدد 5192بتاريخ 04/03/2004.
[7] قرار مشترك لوزيري العدل والصحة رقم 04/347. الصادر بتاريخ 02/03/2004 الجريدة الرسمية عدد 5192 بتاريخ 04/03/2004.
[8] انظر نموذج هذا الإذن في آخر صفحات العرض .
[9] إثبات الزواج في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص للطالب : بومديان الفحصي السنة الجامعية 2007-2008 الصفحة : 57 و 58.
[10] أنظر نموذج طلب الإذن زواج شخص معاق ذهنيا في آخر العرض .
[11] إثبات الزواج في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة م س ص: 59.
[12] المرشد العلمي والقانوني م س ص : 18 و19.
[13] المنشور الصادر عن وزير العدل عدد 46 الصادر بتاريخ 05/12/2006.
[14] الواضح في شرح مدونة الأسرة للأستاذ محمد الكشبور مطبعة النجاح الطبعة الثالثة 2015 الجزء الأول ص : 411 مع هامشها .
[15] إثبات الزواج في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة م س ص: 60و 61.
[16] المنشور الصادر عن وزير العدل موجه إلى السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستناف ، والوكلاء العامين للملك لديها ، ورؤساء المحاكم الابتدائية ، ووكلاء الملك لديها ،والقضاة المشرفين على أقسام قضاء الأسرة ، وقضاة الأسرة المكلفين بالزواج عدد 45 صادر بتاريخ 05/12/2006.
[17] المرشد العلمي والقانوني م س ص: 35 و36.
[18] المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق تأليف أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي تحقيق عبد الرحمن بن محمود بن عبد الرحمن الأطرم دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث الطبعة الأولى 2005 الجزء الثاني الصفحة : 62 و 72 و 73.
[19] الواضح في شرح مدونة الأسرة م س ص : 423.
[20] - تنص المادة 79 من مدونة الأسرة على أنه:"يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به لدى منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بين الزوجية، أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب".
[21] - انظر المادة 3 من مدونة الأسرة.
[22] - محمد بودلاحة، "محاضرات في التوثيق العدلي" لطلبة الفصل الخاص من مسلك الشريعة والقانون كلية الشريعة، فاس سايس سنة 2014-2015، ص 69.
[23] - عبد الخالق أحمدون، "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة"، مطبعة طوب بريس، الطبعة الأولى 2006، ص 447.
[24] - محمد بودلاحة، مرجع سابق، ص 69.
[25] - انظر المادتين 84 و85 من مدونة الأسرة.
[26] - انظر المادة 35 من القانون رقم 16/03 المتعلق بخطة العدالة.
[27] - محمد بودلاحة، مرجع سابق، ص 73.
[28] - محمد كشبور، الوسيط في شرح مدونة الأسرة في باب انحلال ميثاق الزوجية، الطبعة الثالثة، سنة 2015، ص 309.
[29] - تنص المادة 10 من مدونة الأسرة: ينعقد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا.
[30] - محمد كشبور، مرجع سابق، ص 314.
[31] - د. محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة، طبعة 3 سنة 2005.
[32] - تنص الفقرة الثانية من المادة 124 على أنه "إذا رغب الزوج في إرجاع زوجته المطلقة طلاقا رجعيا أشهد على ذلك عدلين ويقومان بإخبار القاضي فورا.
[33] - الوثائق العدلية وفق مدونة الأحوال الشخصية لحماد العراقي ص38.
[34] - محمد كشبور، مرجع سابق، ص 188.
[35] - انظر المادة 160 من مدونة الأسرة المغربية.
[36] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 40.
[37] - نفس المرجع السابق، ص 402.
[38] - قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 30 مارس 1983 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39 ص 09 وما بعدها.
[39] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 404.
[40] - محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة، الطبعة الثالثة، 2008، ص 384.
[41] - العلمي الحراق، "التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، 2013، ص 319.
[42] - العلمي الحراق، م. س، ص 320.
[43] - تنص الفقرة الثانية المادة 426: "يلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يرد في أسفل الوريقة".
[44] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 408.
[45] - قرار شرعي عدد 138 في 28 فبراير 2008 م . ع . 493/2/1/2006.
[46] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 410.
[47] - محمد الخرشي، الخرشي على مختصر الشيخ خليل، الجزء السادس، دار الفكر، ص 428.
[48] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 420.
[49] - محمد الأزهر، مرجع سابق، ص 377.
[50] - محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 422.
[51] - حكم المحكمة الابتدائية بمراكش عدد 817 بتاريخ 20 فبراير 2006 في الملف الشرعي عدد 1609 أورده محمد الكشبور في كتابه البنوة والنسب، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2007، ص 133.
[52] العلمي الحراق , مرجع سابق , ص 199
[53] محمد الكشبور, شرح مدونة الأسرة , مرجع سابق , ص , 389
[54] محمد الكشبور , مرجع سابق , ص 390
[55] خديجة البوهالي ‘‘‘‘ إثبات الحق في الأموال الأسرية في ضوء النص القانوني والعمل القضائي’’’’ مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية , نظام التوثيق بالمغرب في ضوء محددات القانون 32/09 والقانون 39/08 والقوانين ذات الصلة , العدد الخامس يوليوز 2003 , ص 344
[56] عدنان المراحي : الشروط الإرادية في عقد الزواج , بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص , تخصص الأسرة والتوثيق , جامعة سيدي محمد بن عبد الله , كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بفاس السنة الجامعية 2011/2013 ص 110
[57] الحديث الشريف ‘‘‘‘ المؤمنين عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ’’’’ .
[58] إدريس الفاخوري ‘‘‘ دور الإرادة في إبرام عقد الزواج في ظل نصوص مدونة الأسرة ’’’ مقال منشور بمجلة القصر , العدد 9 , مطبعة النجاح الجديدة , شتنبر 2004 ص 19
[59] . محمد الشافعي ‘‘‘‘ قانون الأسرة المغربي بين الثبات والتطور ’’’ سلسلة البحوث القانونية رقم 8 , مطبعة الوراقة الوطنية , مراكش الطبعة الأولى 2004 ـ 83
[60] ينظر بشأن عيوب الرضى , مأمون الكزبري , نظرية الإلتزامات في ضوء قانون الإلتزامات والعقود المغربي , الجزء الأول , مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء ص 72 وما بعدها .
[61] - خالد الوجدي، الوكالة في الزواج والطلاق، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، ص: 77.
[62] - محمد بودلاحة، م. س، ص 62.
[63] - الحسين بن دالي، المرشد العلمي والقانوني لقاضي الأسرة المكلف بالزواج – دراسة فقهية مقارنة-، ص 25.
[64] - الحسين بن دالي، مرجع سابق، ص 25.
[65] - الحسين بن دالي، مرجع سابق، ص 26.
[66] - خالد الوجدي، مرجع سابق، ص 78.
[67] - خالد الوجدي، مرجع سابق، ص 77.
[68] - الحسين بن دالي، مرجع سابق، ص 28.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك