القائمة الرئيسية

الصفحات

إبرام عقد الائتمان الإيجاري

إبرام عقد الائتمان الإيجاري

إبرام عقد الائتمان الإيجاري
إبرام عقد الائتمان الإيجاري



مقدمة

    يعد عقد الإئتمان الإيجاري من المواضيع الهامة و الحديثة ، فهو من العقود الجديدة التي جاءت بها مدونة التجارة ، و قد جاء في إطار الإصلاحات التي عرفتها قوانين المال و الأعمال ببلادنا لما يمثله هذا العقد من وسيلة ناجعة لتمويل الإستثمارات و المشاريع الإنتاجية و بالتالي تطوير الإقتصاد الوطني الذي يعتبر عمادا لعملية التنمية الشاملة .
    و تظهر أهمية هذا العقد في كونه أداة لتشجيع الإستثمار و تيسيره و مد المقاولة بالدعم المالي اللازم لمواجهة التطورات التكنلوجية السريعة و المتنامية ، إذ أن هذا العقد يساعد المقاولات و المشاريع على تطوير معداتها أو إحلال معدات جديدة لمواكبة التطور التكنلوجي متجنبة وسائل التمويل التقليدية و ما تتطلبه من ضمانات كثيرة قد تعيق عمل المشروع ،كما أنها تضمن حقوق المؤسسة الممولة باحتفاظها بملكية المعدات.
    إن الإئتمان الإيجاري أتى بعد توقيع المغرب على معاهدة روما ،التي تلزم الدول الموقعة عليها بتوحيد تشريعاتها التجارية من جهة ، و بحكم انتقال بلادنا من جهة أخرى ، من منطق طلب المساعدة إلى منطق الشراكة ، بعد مؤتمر الأورومتوسطي و ما يلزمه الفصل 39 من هذه المعاهدة من ضمان حماية فعالة و حقيقية للحقوق المتعلقة بالملكية الفكرية و الصناعية و التجارية ، و كذا باعتماد المعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن ، و اعتمادا أيضا على الدراسات التي أعدتها اللجنة الإقتصادية لشؤون أوربا و التابعة لمنظمة الأمم المتحدة  و الإقتراحات التي تدعو الدول النامية إلى اللجوء إلى الإئتمان الإيجاري  لتمويل إستثمارات المشروعات بها ، و ذلك كحل بديل لإنخراطها في علاقات التبعية الإقتصادية الدولية من خلال عقود نقل التكنلوجية حتى تتمكن المقاولات و المشروعات من الحصول على ما تحتاج إليه من معدات ، و يؤدي بالتالي إلى الحفاظ على تنافسيتها و عدم اضمحلالها إقتصاديا.


    و تجدر الإشارة إلى أن المغرب كان من طليعة الدول الموقعة على إتفاقية أوطاوا المتعلقة بالإئتمان الإيجاري الدولي قبل صدور مدونة التجارة.
     إن عقد الإئتمان الإيجاري أو ما يصطلح عليه بالإيجار التمويلي و غيرها من التسميات التي تطلق على عملية يتلخص مضمونها في لجوء الراغب في الحصول على اصل إنتاجي معين إلى المؤسسة المتخصصة في عمليات التأجير التمويلي أي المؤسسة التمويلية و يعرض عليها الصفقة و في حالة موافقتها تقوم بإبرام عقد بيع تشتري بموجبه المعدات من البائع الأصلي ثم بعد ذلك تبرم مع المقاولة المستفيدة عقد إيجار يسمح لها بالإنتفاع بهذه المعدات و يلتزم المستفيد مقابل ذلك بأداء الأقساط للمؤسسة الممولة و عند انتهاء مدة العقد يكون المستفيد أمام ثلاث خيارات إما شراء المعدات بدفع قيمتها مع احتساب الأقساط المؤداة و خصمها و دفع القيمة المتبقية ، أما الخيار الثاني فهو إعادة استئجارها أي تجديد العقد و إلا فيتم اعتماد الخيار الثالث و هو إرجاع المعدات للمؤسسة التمويلية و بالتالي لإنهاء العقد.
    و قد أنتج هذا التعدد في أطراف عقد الإئتمان الإيجاري تعدد و تشابك العلاقات القانونية مما أثار الجدل و الخلاف الفقهي حول الطبيعة القانونية لهذا العقد .
    كما أن إبرام هذا العقد تصاحبه العديد من الشروط منها الأركان العامة الموضوعية و الشكلية إضافة إلى الشروط الخاصة التي يتم تضمينها في العقد النموذجي للإئتمان الإيجاري و التي تثير عدة إشكاليات على المستوى العملي . 
    كل هذا ساقنا إلى طرح إشكالية مفادها إلى أي حد توفق المشرع المغربي في توضيح طبيعة عقد الإئتمان الإيجاري من خلال النصوص القانونية و ما هي الشروط و الأركان التي تحكم إبرام هذا العقد؟
    هذا ما سيتم الإجابة عنه من خلال التطرق للطبيعة القانونية لعقد الإئتمان الإيجاري في المبحث الأول على أن نتناول أهم مراحل إبرام عقد الإئتمان الإيجاري في المبحث الثاني.

المبحث الأول: الطبيعة القانونية لعقد الائتمان الإيجابي


من أبرز العقود التي جاءت بها مدونة التجارة عقد الائتمان الإيجاري محل هذه الدراسة، وهو عقد مركب يتكون من  مزيج قانوني من الالتزامات التعاقدية التي اندمجت فيما بينها لتنتج هذا العقد، جعلت من الصعب إدراجه تحت أي  من العقود المسماة التي نظمها المشرع. وهو ما أكده شامبون في كتابه  initiation technique contractuelles récentes « dans sa structure ; la convention se présente comme un somme un montage juridique de technique classique tirées du droit des obligation »[1]
وقد ذهب البعض إلى تكييف عقد الائتمان الإيجاري على أنه مزيج من الأحكام القانونية لعقدي الإيجار والبيع، وذهب رأي آخر إلى أن عقد الائتمان الإيجاري عبارة عن مزيج قانوني يتكون من عدد من الالتزامات التعاقدية وهي الوعد بالبيع،  الوكالة، والوعد بالبيع من جانب واحد، لكن يظل عقد الإيجار التمويلي أو الائتمان الإيجاري محتفظا باستقلاله عن هذه العقود الداخلة في تكوينه.
 ولبيان الطبيعة القانونية الخاصة بهذا العقد سنحاول إبراز أوجه التشابه والاختلاف بين هذا العقد وما يشتبه به من عقود (المطلب الاول) لتتنقل بعد ذلك لبيان خصائص هذا العقد (المطلب الثاني)

المطلب الأول: تمييز عقد الائتمان الإيجاري عن بعض العقود المشابهة له.

 يطرح مشكل تكييف عقد الائتمان الإيجاري العديد من الصعوبات وإن كان البعض يكيفه بأنه عملية إكراء أو إيجار، ومنهم من اعترف له بطبيعته الخاصة نظرا لتعدد التقنيات التعاقدية التي تدخل في تكوينه.

1-   تمييز عقد الائتمان الإيجاري عن الكراء العادي
Le contrat de crédit-bail et contrat de location

يعتبر عقد الإيجار من العناصر الأساسية المكونة لعقد الائتمان الإيجاري وحيث إن هذا العقد يقتصر  على الانتفاع بالمال المؤجر فقط فإن عقد الائتمان الإيجاري لا يقتصر على مجرد الانتفاع بالمال محل العقد وإنما قد ينتهي بملكية هذا المال إذا اختار  المستأجر ذلك في نهاية مدة الإيجار بوصفه أحد الخيارات المتاحة له، لذلك لا تمثل أقساط الأجرة في عقد الإيجار التمويلي مقابل الانتفاع فقط وإنما تغطي ثمن شراء الأصل المؤجر وهامش الربح ومصاريف إتمام الصفقة، لذا تكون القيمة الإيجارية أعلى من مثيلتها في عقد الإيجار العادي.
  كما أن المؤجر العادي يحرص على استرداد العين المكتراة في نهاية مدة الإيجار حتى يقوم بتأجيرها مرة أخرى، عكس عقد الائتمان الإيجاري [2].
   ولما كان دور شركة  Leasing دورا تمويليا بحثا فهي تقتصر على التمويل، أي دفع ثمن شراء الأصول محل العقد التي يقوم المشروع باختيارها وتحديد مواصفاتها الفنية دون تدخل من جانبها، لذلك تحرص على التخلص من الإلتزامات التي يلتزم بها المكري العادي كالالتزام بالصيانة وتحمل المستأجر تبعة هلاك الشيء  بقوة قاهرة إذ يلتزم بدفع أقساط الأجرة عن المدة الباقية.
ويمثل احتفاظ الشركة بملكية الأصل محل عقد التأجير التمويلي ضمانا  ضد مخاطر إعسار المشروع المستفيد، إذ يمكن للشركة في حالة التسوية أو التصفية القضائية أو إعسار المستأجر استراد الأصل ولا تدخل في التفليسة ولا تخضع لقسمة الغرماء.
 وبالرغم من هذا الاختلاف الواضح هناك بعض أوجه أهمية عقد الإيجار بالنسبة لشركة الائتمان الإيجاري، حين يعد عقد الإيجار  بمثابة السند القانوني لاحتفاظ الشركة بملكية الأصل محل عقد الإيجار طوال مدة العقد، وبالتالي إمكانية احتجاج الشركة المؤجرة بملكيها  للأصل محل العقد في مواجهة الغير[3].
يساهم عقد الإيجار في وقاية شركة التأجير التمويلي من أي تصرف للمشروع المستفيد في الأصل المؤجر كالسرقة أو التبديد باعتبار أن عقد الإيجار من عقود الأمانة المنصوص عليها في القانون الجنائي.
 ويتضح مما سبق أن عقد الإيجار هو عنصر من ضمن مجموعة عناصر قانونية اندمجت فيما بينها لتكون هذا النمط الجديد هو الائتمان الإيجاري وبالتالي يبقى مستقلا عن عقد الإيجار.

2-   تمييز عقد الائتمان الإيجاري عن عقد البيع
Le contrat de crédit-bail et le contrat de vent

   يعتبر عقد البيع من العقود الناقلة للملكية، وقد عرفه المشرع المغربي في  م 478 من ق ل ع الذي ورد فيها ما يلي: " البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد  المتعاقدين للأخر ملكية شيء، أو  حق في مقابل ثمن يلتزم الأخر بدفعه له" غير أن هذا التعريف يختلف عن تعريف عقد الائتمان الإيجاري وخصوصيته فإذا كان العقدان معا يشتركان في وجود التسليم والدفع، إلا أن  نقل الملكية لا يعد من العناصر الجوهرية في عقد الائتمان الإيجاري وهذا يبرز الاختلاف بين العقدين، حيث أنه في عقد البيع  يقوم  البائع بنقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري[4]، أما في عقد الائتمان فإن ملكية العقار أو المنقول لا تنتقل إلى المكتري إلا إذا مارس حقه بشرائها عند نهاية العقد.
يتضح مما سبق أن عقد البيع يعتبر واحدا من العناصر الداخلة في تكوين عقد الائتمان الإيجاري والتي تندمج مع بقية العناصر الأخرى لتعطي هذا النمط العقدي بحيث لا يصلح منفردا لتكييف عقد الائتمان الإيجاري.
عقد الائتمان الإيجاري وعقد البيع الإيجاري
 Contrat de location de vente et le contrat de crédit –bail
إن  البيع الإيجاري عقد أخر يشبه عقد الائتمان الإيجاري بالنظر إلى أن كليهما يتطلب تسليم الشيء على سبيل الكراء أو الإيجار إلى المستفيد أو المشتري في مقابل أداء وجيبة أو أقساط معينة  خلال مدة محددة تنتهي بالبيع، غير أنه في الائتمان الإيجاري لا يتحقق ذلك إلا إذا استعمل هذا الخيار، أما في البيع الإيجاري فإن البيع يعتبر الطبيعة النهائية للعقد [5].
ثم إن عقد الائتمان الإيجاري تكون فيه مؤسسة الائتمان الإيجاري المكرية للشيء غير مالكة لهذا الشيء المكترى، وإنما تقوم بشرائه خصيصا لهذا الغرض، اما العقد الثاني (البيع الإيجاري) فيكون مالكا أصليا للشيء محل العقد ، ومن هنا يمكن أن تكون الأشياء المكتراة محل عقد الائتمان الإيجاري مملوكة لنفس المكري[6]. ويتحقق هذا في العقد المسمى بـ Leasing Adossée   أوcrédit-bail fournisseur   
Crédit bail adossé et une opération par laquelle une entreprise vend le matériel qu’elle fabrique à une société de crédit bail qui le laisse à sa disposition dans le cadre d’un contrat de crédit bail, l’entreprise productrice devenue locataire de ses propres productions sous loue le matériel  à ses client utilisateurs dans des conditions qui sont souvent identique à celles [7].
  وبالرغم من هذه الاختلافات هناك بعض أوجه التشابه بين البيع الإيجاري والائتمان الإيجاري.

1-    يتمثل وجه التشابه بين العقدين في أن حيازة الطرف الثاني (المشروع المستفيد) في كلا العقدين للأشياء محل العقد تكون بوصفه مستأجر للانتفاع بها لمدة معينة مقابل إلتزامه بأداء القيمة الإيجارية المتفق عليها. وكلا من العقدين يتضمن وعدا بالبيع  من المؤجر للمستأجر. إلا أن الوعد بالبيع في عقد البيع الإيجاري وعد ملزم  لجانبي في نهاية المدة المتفق عليها للإيجار إذ تنتقل ملكية الأشياء محل عقد الإيجار للمستأجر بمجرد انتهاء المدة المتفق  عليها للعقد في حالة وفائه للمؤجر بجميع الأجرة المتفق عليها في حين  أن الوعد بالبيع في عقد الائتمان الإيجاري هو وعد ملزم بجانب واحد هو شركة الائتمان الإيجاري حيث لا يلتزم المشروع المستفيد بشراء الأصل المؤجر إليه فور انتهاء العقد، وغنما يترك له الخيار في شراء  هذا المار لاسيما أن خيار الشراء هو أحد الخيارات الثلاثة إما شراء المال المكتري، أو تجديد عقد الإيجار لمدة أخرى بقيمة إيجارية أقل من سابقتها، أورد المال إلى المؤجر[8].
وبالتالي نخلص إلى أن عقد الائتمان الإيجاري عقد مركب يتكون من مزيج من العقود حيث يصعب إدخاله ضمن طائفة العقود المسماة فهو عقد ذو طبيعة خاصة. أما البيع الإيجاري فيعتبر من عقود البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية.

عقد الائتمان الإيجاري والقرض     

 نظرا لأن القرض صورة من صور التمويل، فقد يذهب البعض إلى تكييف عقد الائتمان الإيجاري على انه قرض  تمنحه شركة الائتمان  الإيجار إلى المشروع في صورة تمويل عيني متمثل في الآلات و المعدات التي يحتاجها هذا المشروع  وبالمواصفات التي تتفق  مع طبيعة نشاطه. ويتقرر لهذا الأخير الانتفاع بتلك الآلات والمعدات بموجب عقد إيجار وفي المقابل يمثل احتفاظ شركة الليزنغ بملكية الأصل المؤجر طوال مدة العقد للضمان الحقيقي لاسترداد التمويل الممنوح للمشروع في صورة القرض[9].

 أوجه التشابه بين العقدين:

 يتمثل من الناحية الاقتصادية في كون المقترض في عقد الغرض بدلا من أن يقترض من مؤسسة الائتمان مبلغا لشراء الأصول (عقارات أو منقولات) التي يحتاجها ثم يرد هذا  المبلغ على شكل أقساط دورية مع الفوائد المستحقة فهو في عقد الائتمان الإيجاري يطلب من المؤسسة شراء الأصول التي يحتاجها حيث تقوم بكرائها مقابل أقساط دورية مع سعر الفائدة وهامش الربح.
أما من الناحية القانونية فالاختلاف بين العقدين واضح خاصة فيما يخص آثار كلا العقدين حيث تعرف القوانين المدنية عقد القرض بأنه" ذلك العقد الذي يلتزم بموجبه المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي أخر، على أن يرد إليه المقترض شيئا مثله في مقداره أو نوعه أو صفته. وتعرف القوانين التي نظمت الائتمان الإيجاري بأنه: ذلك العقد  الذي يقوم فيه المؤجر بتأجير معدات وآلات تجهيزية حصل على ملكيتها للمستأجر الذي يستطيع في نهاية العقد أن يصبح مالكا لها بدون لقاء دفع الثمن المتفق عليه منذ  البداية[10].
ونقط الاختلاف بين  العقدين تكمن في الآثار المترتبة عن كل واحد منهما، فالقرض من العقود الواردة على الملكية فبموجب عقد القرض تنتقل ملكية  الشيء من المقرض إلى المقترض، والمقترض لا يلتزم برد نفس  الأشياء التي اقترضها بل يرد أشياء مماثلة لها في المقدار، النوع والصفة.
أما ملكية الأصول المكتراة في عقد الائتمان، لا تنتقل إلى المكتري طول مدة العقد، وإنما تظل شركة الائتمان  محتفظة بملكيتها للأشياء محل العقد إلا عند انتهاء العقد حيث يمكن للمكتري تملك الأصول، أما إذا لم يرغب المكتري في تملك الصول المكتراه ولم يجدد العقد فعليه أن يرد الأصول إلى شركة الائتمان وإلا اعتبر مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة[11].
وبذلك فنظرية القرض لا تصلح كأساس لتكييف عقد الائتمان الإيجاري لعجزها عن تفسير الخيار الثلاثي المتاح للمشروع المستفيد في نهاية مدة العقد، فإذا كانت تفسر تملك المشروع المستفيد الأصل فإنها لا تفسر اختياره رده إلى شركة الائتمان الإيجاري أو تجديد العقد.
مما سبق يظهر أن عقد الائتمان الإيجاري هو عقد ذو طبيعة قانونية خاصة اكتسبها من الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه" وهو تمويل المشروعات التجارية والصناعية، فهو عقد ذو طابع مالي، وعقد مركب يتكون من عناصر تعاقدية متعددة كالوعد بالإيجار والوكالة والإيجار وقد اندمجت هذه العناصر فيما بينها لتكون هذا المزيج القانوني، وقد ترتب على ذلك أنها فقدت بعض خصائصها ولم تعد محتفظة باستقلالها، حيث تم تطويعها لهدف محدد وهو تمكين هذا العقد المركب من أن يصبح أداة لتمويل الاستثمارات الإنتاجية للمشروع.

المطلب الثاني: خصائص عقد الائتمان الإيجاري

 يتميز الائتمان الإيجاري كآلية من آليات التعاقد وكتقنية ائتمانية تمويلية، بمجموعة من الخصائص لعل أبرزها يتمثل في ثلاثية أطرافه وقيام هذه العقد على الطابع المالي بالإضافة إلى خاصية الخيار الثلاثي الذي يتمتع بها المستأجر عند نهاية العقد.

1-    الطابع الثلاثي لعقد الائتمان الإيجاري

 إن إجراء عملية أو إبرام عقد الائتمان الإيجاري يتطلب تدخل 3 أطراف وهم:

-         المشروع المستفيد (المستأجر):

بالرجوع إلى م ت التجارة المغربية لسنة 1996 أو لقانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها رقم  103.12 نجد  بأن المشرع لم يعرف المستفيد أو المستأجر في عقد الائتمان الإيجاري مما يدفعها إلى الإستعانة بنص المادة 95 من القانون المنظم لعقد التأجير التمويلي المصري لسنة 1995 من أجل تعريف المستفيد حيث جاء في هذه المادة أن المستفيد هو من يحوز مالا استنادا إلى عقد تأجير تمويلي" وهو شخص أو شركة تملك خبرة فنية ولكن لا تملك الأموال الكافية لشراء ما تحتاج إليه من معدات وآلات لإستغلال تلك الخبرة، لذا تحدد مواصفات تلك المعدات و الآلات، وموردها أو منتجها ثم تتقدم بطلب إلى شركة الائتمان  الإيجاري لشراء تلك المعدات أو الأصول المحددة من قبلها، وتأجيرها له ليقوم بتشغيلها في مجال عمله وخبرته، فالمستفيد هو المحور المحرك لعملية التأجير التمويلي، لأنه هو الذي يبدأ بتحريك تلك العملية نظرا لحاجيته إلى الانتفاع بأصل إنتاجي يتفق مع طبيعة نشاطه[12]  
 كما أن المستفيد هو الذي يحدد مواصفات الأصل اللازم لمشروعه ويتفاوض مع المورد أو المقاول بشأن تلك المواصفات، مع الوضع في الاعتبار أن نتائج  تلك المفاوضات لا تلزم شركة الليزنغ إلا في الحدود والتي توافق عليها، ويخطر بها صاحب المشروع والمورد أو المقاول، وهذا ما أكدته المادة 7 من القانون المصري  السالف الذكر "يجوز لصاحب أي مشروع قبل إبرام عقد تأجير تمويلي أن يتفاوض مباشرة مع المورد أو المقاول بشأن مواصفات المال اللازم لمشروعه أو طريقة صنعه أو إنشائه، وذلك بناء على موافقة كتابية مسبقة ممن يستولى التأجير، ويجب  أن تتضمن هذه الموافقة المسائل التي يجري التفاوض بشأنها بين صاحب المشروع والمورد أو المقاول وهو الأمر الذي لم يتطرق له المشرع المغربي سواء تعلق الأمر بمدونة التجارة أو قانون 103.12،  ومما سبق يمكن القول أنه لا توجد علاقة قانونية مباشرة بين المشروع المستفيد والمورد أو المقاول، ولكن تكون العلاقة بين المؤجر من ناحية والمورد من ناحية أخرى، والمستأجر هو الذي ينتفع بالأصل المؤجر ويتمتع بالحق في شرائه في نهاية مدة الإيجار في مقابل الثمن المتفق عليه والذي يراعي في تقديره القيمة الإيجارية التي دفعها المستأجر طوال مدة الإيجار وشراء المستأجر للأصل يبقى خيار من ضمن ثلاثة خيارات يتمتع بها في نهاية الإيجار[13].  

-         المورد أو المقاول:  

  يقصد بالمورد منتج الأصول موضوع عملية الائتمان الإيجاري، يقوم بتصنيعها طبقا لمواصفات المستأجر وتوريدها له بناء على طلب المؤجر بعد سداده لثمنها. ولما كان المورد ليس طرفا  في عقد الائتمان الإيجاري بل طرفا في عقد البيع الذي  يتم بينه وبين المؤجر أي (الشركة الليزنغ) الذي يأخذ مركز المشتري ويحصل منه على الأصول ، فلا علاقة تعاقد مباشرة بين المورد والمستأجر، وهنا تتار إشكالية مفادها، هل يمكن للمستفيد الرجوع على البائع بالضمان الذي تعتبر شركة الليزنغ دائنة به للبائع ؟.
يمكن القول بأنه يحق للمستأجر الرجوع المباشر على المورد بموجب عقد الوكالة الذي يربط بين شركة الليزنغ باعتبارها موكل والمشروع المستفيد باعتباره وكيلا الذي يقوم باختيار الأصول  المؤجرة بتفويض من المؤجر، وبالتالي يمكن لشركة الليزنغ باعتبارها دائنة بضمان البائع توكيل المشتري المستفيد في الرجوع على البائع بالضمان أو على أساس الاشتراط لمصلحة الغير  في حالة وجود عيب بالمبيع[14].
أما المقاول فهو الطرف الذي يرتبط بشركة  الليزنغ بعقد مقاولة يلتزم بموجبه بتشييد العقارات والمنشآت محل عقد الليزيغ العقاري طبقا للمواصفات التي يحددها المستأجر، ويرتبط المقاول بعلاقة مباشرة مع المؤجر أما علاقة المقاول بالمشروع المستفيد فهي علاقة غير مباشرة نظرا للتفاوض بينهما على العقار المطلوب إنشاؤه[15].

المؤجر:                         

وهو الطرف الثاني في عقد الائتمان الإيجاري مع المستأجر والذي يتولى شراء الأصل المؤجر، والملاحظ أن المشرع المغربي قد جعل ممارسة هذا النشاط حكرا على مؤسسات الائتمان  الإيجاري وهي بنوك تخضع أثناء ممارستها لمهمتها لأحكام  وقواعد القانون البنكي وكذا الرقابة بنك المغربي، وبالإضافة إلى أن المشرع قد نظم عملية الائتمان الإيجار بالإضافة إلى مدونة التجارة  في ق 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة  في حكمها[16]. مما يدل على أن المشرع قد استبعد الأشخاص الطبيعيين من نطاق المؤجرين، وقصرها على شركات الأموال وقد أجاز للبنوك ممارسة هذا النشاط لكن شريطة الحصول على ترخيص بذلك من بنك المغرب، على خلاف المشرع الفرنسي الذي كان يجيز للأشخاص الطبيعية ممارسة هذا النشاط قبل صدور قانون 1922.
وترجع الحكمة من اشترط عدم مزاولة البنوك نشاط الائتمان الايجاري إلا بعد الحصول على ترخيص من بنك المغرب إلى  أن عمليات الائتمان الإيجاري تدخل في نطاق عمل البنوك باعتبارها تتضمن منح تمويل متوسط أو طويل الأجل لشراء أصول لتأجيرها.

المبحث الثاني: إبرام عقد الائتمان الإيجاري


نظمت مدونة التجارة الجديدة عقد الائتمان الإيجاري ضمن العقود التجارية وخصته باثني عشر مادة ( من المادة 431 إلى 442) لكن بالاطلاع على هذه المواد نجد المشرع لم يتطرق للشروط الموضوعية واكتفى بالنسبة  للشروط الشكلية على شرط الإشهار دون أن يتطرق للكتابة، كما أن عملية التعاقد في هذا النوع عن  العقود تمر بثلاث مراحل، وهذا ما نعالجه في مطلبين نخصص الأول  لشروط إبرام عقد الائتمان الإيجاري على أن نخصص الثاني لمراحل إبرام عقد الائتمان الإيجاري.

المطلب الأول: شروط إبرام عقد الائتمان الإيجاري

إن الائتمان الإيجاري تصرف قانوني يجب أن تتوفر فيه الشروط والأركان التي تجعل منه  تصرفا معتبرا يمكن الاحتجاج به إزاء الأغيار يحتم علينا تناول هذا المطلب في فقرتين التاليتين:
 الشروط الموضوعية في (الفقرة الأولى) ثم الشروط الشكلية في (الفقرة الثانية).

 الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية

إن الائتمان الإيجاري هو تصرف قانوني مما يقتضي توفره على الأركان اللازمة لصحة الالتزامات وهذه الشروط منها ما هو عام ومنها ما هو خاص.

 أولا: الشروط الموضوعية العامة:

 نظرا لعدم تنظيم المشرع المغربي لأحكام الموضوعية لعقد الائتمان الإيجاري في مدونة التجارة فإنه  يجب الرجوع إلى الأركان العامة المنصوص عليها في الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود.

1-    الرضى:
 يجب أن يكون موجودا وألا يكون معينا بعيب من عيوب الرضى: كالإكراه والتدليس أو الغبن.

2-   الأهلية:
حيث استلزم المشرع لاكتساب صفة المؤجر أن يكون مرخصا له من طرف وزير المالية بممارسة عمليات الائتمان الإيجاري[17] نظرا لما يتطلب هذا النوع من العمليات من أموال ضخمة.
أما فيما يخص المستأجر فإن المهم هو صلاحية  الالتزام بأداء المقابل الإيجار فيمكن لأي شخص طبيعي أن يبرم عقد الائتمان الإيجاري بشرط  أن  يكون متمتعا بالأهلية القانونية اللازمة  لمباشرة التصرفات القانونية. أما إذا كان شخصا معنويا فيجب أن يمثله شخصا طبيعيا يتمتع بالصلاحيات اللازمة لإبرام العقود وفقا للنظام القانوني الذي  يخضع له الشخص المعنوي المستأجر  فيكفي أن يتمتع بأهلية الأداء لأن الالتزامات الناتجة عن عقد الائتمان  الإيجاري تنسحب إلى ذمة الشخص المعنوي المستأجر الأصلي.

3-   المحل:
يقع عقد الائتمان الإيجار على الأموال المنقولة والعقارية ويجب أن تكون هذه الأموال المشتراة بغرض تأجيرها.

4-   السبب:
فيما يخص السبب فهو الذي من أجله يقوم المستأجر بالتزام الائتمان الإيجاري بحيث يجب أن يكون مشروعا وغير مخالف للنظام العام.

ثانيا: الشروط الموضوعية الخاصة

1-   أطراف عملية الائتمان الإيجاري
ينشئ الائتمان الإيجاري باعتباره عملية مركبة علاقة ثلاثية بين أطراف ثلاثة هما:
المورد والمؤسسة المالية (المكري ) والمكتري، فطرف عقد البيع هما المورد والمؤسسة المالية والتي يجب أن يكون مرخصا لها بممارسة عمليات الائتمان  الإيجاري وفق الشروط المنصوص عليها في قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، ويتدخل مستعمل الشيء (المكتري) في عملية الشراء بصفته  وكيلا عن مؤسسة الائتمان فهو الذي يختار الشيء موضوع الائتمان الإيجاري، وهو الذي يتسلمه من المورد، وهذا ما يبرر إعفاء المكري من أية مسؤولية تتعلق  بعيوب الشيء التي تنقص من قيمته أو تجعله غير صالح للاستعمال، لأن المكتري يكون هو الذي اختار هذا الشيء.

أما طرفا عقد الكراء فهما المكري (مؤسسة الائتمان) والمكتري فقد يتدخل هذا الأخير في العملية لتحقيق أغراض مهنية، حيث تخضع العملية لمقتضيات القانونية المنظمة للائتمان الإيجاري، كما يمكن أيضا أن يكون الهدف من عقد الكراء هو تلبية حاجيات شخصية أو عائلية في هذه الحالة يخضع لمقتضيات قانون رقم 08-31.

2-   موضوع الائتمان الإيجاري
   إن موضوع الائتمان الإيجاري يمكن أن يكون  كل عملية كراء السلع تجهيزية أو معدات  أو آلالات والتي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات أن يمتلك في تاريخ يحدده  مع المالك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعي فيه جزء على الأقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء هذا بالنسبة لموضوع عملية الائتمان الإيجاري على المنقولات.
        أما بالنسبة لموضوع عملية الائتمان الإيجاري المنصب على العقارات فهو: كل عملية  إكراء  للعقارات المعدة لغرض مهني، ثم شراؤها من طرف المالك أو بناها لحسابه، إذا كان من شأن هذه  العملية كيف ما كان تكييفها أن تكمن المكتري من أن يصير مالكا لكل أو بعض الأموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء.
إلا أنه ما يمكن ملاحظة على المادة 431 م.ت التي موضوع عمليات الائتمان الإيجاري الخاص بالعقارات أن هناك تعارض بينها وبين المادة  4 من قانون رقم 103.12 التي لم تشترط أن تكون  عمليات الائتمان الإيجاري المنصب على العقارات بغرض، مهني على عكس المادة 413م.ت اشترطت ذلك.
كذلك أضافت المادة 4 من قانون البنك الجديد قانون رقم 103.12 إمكانية أن تكون موضوعا  لعمليات الائتمان الإيجاري المنقولات المعنوي (كالأصول التجاري)[18].

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية

يعتبر عقد الائتمان الإيجارية من العقود الرضائية بخلاف ما يستفاد من المادة 442 من مدونة التجارة التي تلزم شهر عقد الائتمان الإيجاري وبالتالي لا يمكن تصور شهر بدون كتابة، ولذا سنتطرق فيما يخص الشروط الشكلية إلى شرطي الكتابة والشهر.

أولا: الكتابة

بما أن الكتابة تعتبر من المقومات الضرورية لإتمام عملية الشهر من أجل تدوين حقوق والتزامات الأطراف، إذن لا بد من تضمينها رغم أن المشرع لا ينص عليها صرامة، ويستفاد شرط الكتابة من المادة 433م.ت التي نصت على  تضمين عقود الائتمان الإيجاري تحت طائلة البطلان  الشروط التي يمكن فيها فسخ هذه العقود أو تجديدها، وبالتالي فلا بد من وجود عقد مكتوب لكي يتم تضمينه الشروط التي يمكن فيها فسخ عقد الائتمان الإيجاري أو تجديده.
كما أن المشرع المغربي تطرق من خلال الفصل 489 من ق.ل.ع كلما تعلق الأمر بعقار شكلية الكتابة لإتمام عملية البيع، وهو ما ينطبق على عقد الائتمان الإيجاري.
وكذلك فرض المشرع إشهار عقد الائتمان الإيجاري تحت طائلة عدة إمكانية الاحتجاج تجاه الغير في حالة عدم شهره وهو ما يبين أهمية الكتابة لإثباته وهذه الشكلية يهدف المشرع من خلالها حماية الغير المتعاملين مع أطراف عقد الائتمان الإيجاري[19].

ثانيا: الإشهار

إذا كان المشرع المغربي قد نظم عقد الائتمان الإيجاري من خلال 12 مادة م.ت فقد خصص سبعة منها لعملية الشهر وحدها.
ويتم شهر الائتمان الإيجاري على منقول بناء على طلب من مؤسسة الائتمان في سجل مفتوح لهذه  الغاية، بكتابة الضبط التي تمسك السجل التجاري مع العلم أنه يجب أن يشهر أي تعديل يمس المعلومات المقيدة، وتكون كتابة الضبط المختصة هي تلك  التي يكون فيها المكتري مسجل بصفة رئيسية  بالسجل الممسوك من طرفها[20]. ويرمي الشهر في جوهره إلى حماية الدائنين والغير، لذلك فإن  هؤلاء لا يمكن أبدا أن يواجهوا بعقد ائتمان إيجاري لم يشهر وما لم يثبت صاحب المصلحة أن هؤلاء على علم بالعقد وبمضمونه طبقا لما جاء في المادة  440 م .ت [21] وتتقادم التقييدات سواء الأصلية أو المعدلة بمرور 5 سنوات من تاريخ إجراءها لذلك فإنه يقع على عاتق مؤسسة الائتمان  أن تقوم بتجديد تلك التقييدات كل 5 سنوات لضمان حقوقها وهذا ما نصت عليه المادة 438 م.ت[22] ويتم التشطيب على التقييدات من السجل الخاص إما بناءا على اتفاق الأطراف وإدلائهم بهذا الاتفاق الى كاتب الضبط الماسك لسجل التجاري أو بناء على حكم حائز لقوة الشيء المقتضي به، بالإضافة  ذلك تفرض عقود الائتمان الإيجاري على المستأجر أن يقوم بوضع لوحة ظاهرة بشكل بارز على المعدات تشير أنها في ملكية المؤجر وذلك طيلة مدة الكراء[23].
أما فيما يتعلق بشهر عقد الائتمان الإيجاري العقاري، فالمشرع نص في المادة 441 م.ت على  شهر  عقد الكراء وكل تعديل ارتبط به في المحافظة  العقارية وفق لأحكام الظهير الشريف الصادر في 12  غشت  1913 بشأن التحفيظ العقاري كما تم تعدله وتتميمه بالقانون رقم 14.07.
ما يعاب على المشرع المغربي فيما يخص عملية شهر عقد الائتمان الإيجاري العقاري، أنه لم يحدد الجهة المكلفة بهذه العملية بخلاف ما هو عليه بالنسبة للمنقول. باستثناء الإشارة في المادة 442 من مدونة التجارة على عدم مواجهة الأغيار بالعقد الذي لم يتم نشره، لذلك فالشهر يشكل حماية لمصلحة شركة  على اعتبار أن عدم شهره يجعلها غير قادرة على مواجهة الأغيار والدائنين، خاصة في الحالة التي تفتح في حق المكتري مساطر المعالجة وكان على المشرع المغربي مسايرة المشرع الفرنسي الذي ألزم شركة الائتمان الإيجاري بتقديم جميع العناصر الضرورية للشهر العقاري لمكتب الرهون الرسمية، وألزم بمقتضى  الفقرة العاشرة من المادة 313 م.ت.ف شهر جميع عمليات الائتمان الإيجاري تحت طائلة عدم الاحتجاج بضمان مواجهة الغير حسن النية[24].

المطلب الثاني: مراحل إبرام عقد الائتمان الإيجاري

 يمر عقد الائتمان الايجاري  بثلاث مراحل أساسية لابد منها حتى يكون العقد متكاملا وصحيحا، وهذه المراحل هي كالتالي:
-         المرحلة الأولى: وهي التي يتصل فيها طالب الائتمان بالمورد أو الممول أو المنتج سواء كان من داخل البلاد أو خارجها والذي يمكنه أن يزوده بالسلع التجهيزية أو المعدات أو الآلات التي يرغب في اقتنائها لفائدة مقاولته ويحدد معه المواصفات التقنية التي يرغب في توفرها في ما سيقوم باقتنائه، ويتفق معه على أجل التسليم، والثمن بحيث يتحرك  وكأنه يشتري ما ذكر من ماله الضامن ولفائدته مع أن الذي سيتملك ما ذكر هي مؤسسة الائتمان الإيجاري.
فالمورد هنا يكون في مركز البائع، لأنه يقوم بنقل ملكية الشيء الذي اتفق عليه مع المستفيد طالب الائتمان على مؤسسة الائتمان الإيجاري،  التي تعتبر بمثابة، ويبقى المستفيد لغاية هذه المرحلة متمتعا بقسط وافر من حرية الاختيار ولا تتدخل مؤسسة الائتمان الإيجاري في اختياره هذا وتنظر نتائج هذه المفاوضة لتقرر قبول أو رفض التمويل[25].
-         المرحلة الثانية: بعد الاتفاق الذي نتج عن المرحلة الأولى السابقة الذكر، الذي ينتقل أطراف العلاقة إلى مرحلة ثانية وتنحصر هذه المرحلة بين المستفيد يتصل بها ويعرض عليها  ما يرغب في شرائه، وبعد المناقشة يتم تهيئ ملف يتضمن في أغلب الأحيان نوعين من المعلومات:
الأولى تكون منصبة على ما يراد اقتناؤه من طرف طالب الائتمان وكذا المزايا التي يمكنه أن يحمل عليها من هذه العملية.
أما النوع الثاني من هذه المعلومات نتجت على شخص طالب الائتمان ومؤهلات المالية، بالإضافة إلى مراجعة بنكية، وتصميم التمويل، والحسابات الواجب عليه تقديمها عن السنوات الثلاث الأخيرة لميزانية، وقد تقوم مؤسسة الائتمان الإيجاري مبحث خاص للتأكيد من جدري العملية المطلوبة[26].
 يتضح من خلال الشروط السابقة، التي تتم في عقد الائتمان الإيجاري هي في غالبها شروط يمكن أن تصل إلى حد التعسف، وذلك بغية حماية مصالح المؤسسة وعدم تدخل المشرع لوضع لائحة الشروط على سبيل الحصر يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه  أمام مؤسسات الائتمان لاستغلال الحاجة الملحقة لطالب الائتمان وبالتالي غياب مبدأ التوازن العقدي في إطار هذا العقد الشيء الذي يجعله يدخل في حانة عقود الإذعان.
-         المرحلة الثالثة: هذه المرحلة تنصب حول تنفيذ العقد، حيث تقوم مؤسسة الائتمان في هذه المرحلة رغبتها بشراء ما تم الاتفاق بشأنه بين طالب الائتمان والمورد، وعلى إثر ذلك يقوم  هذا الخير بتسليم ما تم الاتفاق عليه إلى المستفيد  باعتباره وكيلا عن مؤسسة الائتمان، وعلى المستعمل أي المكتري الذي توصل بطلباته أن يوقع   محضر التسليم، كما يجب على المستعمل أن يتأكد من جودتها ومطابقتها للمواصفات المطلوبة  وإخباره لمؤسسة الائتمان الإيجاري بذلك، وبمجرد ما يتم التسليم بمقتضى محضر موقع عليه توجه الفاتورة من طرف الممول إلى مؤسسة  الائتمان الإيجاري التي تقوم بتحويل الثمن  للحساب الممول مرة واحدة أو عدة دفعات  تبعا لبنود العقد، وإذا تعلق الأمير ببضائع أجنبية تقتضي إجراءات جمركية أو  نقلها، فإن المستعمل هو الذي يؤذي هذه الصوائر، وترجع إليه  من طرف مؤسسة الائتمان، التي تم الشراء في اسمها، بعد أن يدلي لها بالوثائق المثبتة لذلك[27].
لكن الإشكال الذي يثار في هذا الصدد هو ما هو الوضع في الحالة التي ترفض فيها مؤسسة الائتمان الإيجاري التمويل، ويؤدي الأمر إلى فشل العملية؟.
هنا يجب أن نفرق بين الحالة التي يتم فيه توقيع عقد الائتمان الإيجاري من الطرفين، وبين الحالة التي لم توقع فيها مؤسسة الائتمان حيث أنه في هذه الحالة الخيرة لا يطرح أي إشكال، ولا تسأل هذه المؤسسة عن أي ضرر سواء في مواجهة طالب الائتمان أو المورد لأنها تكون في مرحلة البحث عن الوضعية المالية للمقاولة،  أما في الحالة الأولى فتسأل مؤسسة الائتمان في مواجهة الطالب والمورد عن الأضرار التي لحقتها من تراجع المؤسسة عن تقديم التمويل وعن شراء الشيء.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - نجوى إبراهيم البادلي، عقد الإيجار التمويلي، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية، 2005، ص 105
[2] - الخضاونة علاء الدين، التكييف القانوني لعقد الإيجار التمويلي، دار الثقافة عمان، الطبعة الأولى 2002، ص 240
[3] - الخضاونة علاء الدين، التكييف القانوني لعقد الإيجار التمويلي، م س، ص، 241
[4] - برادة غزيول، عقد الائتمان الإيجاري على المنقولات، دار النشر والمعرفة الطبعة الأولى، 1998، ص 193
[5] - سميرة الطويل، عقد  الائتمان الإيجار في القانون المغربي والمقارب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قانون العقود والعقار، كلية الحقوق وجدة، السنة الجامعية ، 2009-2008، ص، 33
[6] - برادة عزيول، عقد الائتمان الايجاري على المنقولات، م ش، ص 49
[7] - www.banque.info.com/ lexique- bancaire/c/crédit-bail-adosse
[8] - نجوى إبراهيم البادلي، عقد الإيجار التمويلي، م، س، ص 153
[9] - نجوى إبراهيم البادلي، عقد الإيجار التمويلي، م.س، 171
[10] - سميرة الطويل، عقد الائتمان الإيجار في القانون المغربي و المقارن، م، س، ص 21
[11] - سميرة الطويل، عقد الائتمان الإيجار في القانون المغربي و المقارن، م، س، ص 30
[12] - هاني محمد دويدار، النظام القانوني للتأجير التمويلي، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية"، الطبعة الثانية، 1998، ص 150
[13] - نجوى إبراهيم البادلي، الإيجار التمويلي، م.س، ص 189
[14] - هاني محمد دويدار، نظام القانون التأجير التمويلي، م.س، ص 338
[15] -
[16] - المادة 4 من قانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[17] ميمون قدوري، عقد الائتمان الإيجاري بين النص القانوني والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم ماستر، تخصص قوانين التجارة والأعمال ، وجدة، ص 18.
[18] - أحمد كويسي: محاضرات في القانون التجاري السنة الجامعية، 2008-2009 .
[19] - ميمون قدوري، عقد الائتمان الإيجاري بين النص القانوني والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم ماستر، تخصص قوانين التجارة والأعمال ، وجدة، ص 23.
[20] - انظر المادتين 436 و 437 م.ت.
[21] - انظر مضمون المادة  440  م.ت.
[22] - انظر مضمون المادة 438، م.ت.
[23] - عبد السلام الوهابي، عقد الائتمان الإيجاري المنقول في القانون المغربي، الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنك، سلسلة الندوات والأيام والدراسية، الطبعة الأولى 2004، ص 370.
[24] - ميمون قدوري، م.س، ص 21.
[25] - امحمد برادة غزيول، عقد الائتمان الإيجاري على المنقولات  بين الفقه والقضاء، مطبعة المعاريف الجديدة- الرباط- الطبعة الأولى 1998، ص 42.
[26] - امحمد برادة عزيول، م.س، ص 43.
[27] - امحمد برادة غريول، م، س، ص: 46.
مواضيع ذات الصلة:


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات