القائمة الرئيسية

الصفحات

نظام التعرض على تسجيل العلامة

نظام التعرض على تسجيل العلامة

نظام التعرض على تسجيل العلامة
نظام التعرض على تسجيل العلامة


المـقدمـــــــــــــة 

تشكل العلامة أحد أهم حقوق الملكية الصناعية التي تستخدم لتمييز المنتجات و السلع و الخدمات عن تلك المشابهة لها في السوق ، فتصبح مع مرور الوقت دالة على ذلك المنتج أو السلعة أو الخدمة و على مستوى جودتها فتمكن من تم من حفظ الزبائن و الحفاظ عليهم و بالنظر للوظائف الهامة  التي تضطلع بها العلامة بالإظافة إلى وظيفتها  الحمائية للمنتجات و السلع و الخدمات هو كونها أداة للتسويق و المنافسة و حماية المستهلك فإن المشرع أنشأ عليها حقا استئثاريا و استغلاليا يخول لمالكها ، هذا الحق الذي لا يثبت إلا بعد استفاذ الإجراءات الإدارية لإيداع و تسجيل العلامة لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية المنصوص عيها قانونا . 
ويعد نظام التعرض آلية هامة لحماية ملكية الحقوق المكتسبة على العلامة ، أقره المشرع بمقتضى القانون رقم 31.05 الصادر ستة 2006 و الذي بمقتضاه أصبح بإلإمكان التعرض على تسجيل العلامة  أمام الهيئة المختصة بتسجيل حقوق الملكية الصناعية.
و قد جاء الإقرار بهذا النظام بعد سلسلة من التعديلات للقانون المؤطر لحماية العلامة حيث صدر قانون سنة 2000 تم تعديله بقانون 2006 الذي وقع تعديله و تتميمه بالقانون الصادر سنة  2014 و ذلك  في سياق الملائمة و الموائمة للقوانين الوطنية مع التشريعات الدولية و المقارنة التي كرست حماية العلامة و كذا الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب بهذا الخصوص كاتفاقية باريس . 

هذه الآلية التي جعلها المشرع مسطرة اختيارية جاءت في ظل نظام الفحص  الشكلي التسجيلي للعلامة حيث تكتفي الهيئة  المكلفة بالتسجيل بالتحقق من توفر الشروط الشكلية لقبول التسجيل الذي كان يعتمد كليا على نظام التعرض لتصحيح أي أخطاء قد  يغفلها نظام  الفحص الشكلي وهو ما عكس أهميته الكبرى في حماية العلامة . إلا أن صدور التعديل الجديد الذي أرسى  نظام الفحص الموضوعي للعلامات بدل الفحص الشكلي قلص من أهمية التعرض حيث أصبحت الهيئة المكلفة بالتسجيل تقوم بفحص طلبات التسجيل الخاصة بالعلامة من حيث توفرها  على المواصفات التقنية و الشروط القانونية و التأكد من مطابقتها للمعايير اللازمة بما تتوفر عليه من قاعدة بيانات هامة للعلامات المستعملة وطنيا و دوليا . 
ومن هنا تبرز الأهمية النظرية لموضوع التعرض على تسجيل العلامة من حيث المستجدات القانونية  المؤطرة له ، كما تبرز أهميته العملية من خلال الكشف و البحث عن مدى التطور الذي عرفته حماية العلامة في ظل التنظيم القانوني  لنظام التعرض  .
وبذلك فقد ارتأينا أن تكون إشكالية هذه الورقة هي :
مدى فعالية نظام التعرض على العلامة في إطار تقاطعه مع نظام الفحص الموضوعي؟ 

المبحث الأول: نظام التعرض على تسجيل العلامة


لقد أحدث المشرع مسطرة التعرض على تسجيل العلامة لدواعي عدة من بينها حماية العلامة التجارية و الصناعية و تخفيف الملفات التي ترد على القضاء و التي تخص المنازعات المتعلقة بالعلامة التجارية و تمر هذه المسطرة بعدة مراحل بدءا بتقديم طلب التعرض و البت فيه ( المطلب الأول ) و انتهاءا بصدور القرار البات في التعرض و امكانية الطعن فيه ( المطلب الثاني)

المطلب الأول: تقديم طلب التعرض و البت فيه
الفقرة الأولى : تقديم طلب التعرض

إن المشرع أوجب على مكتب الملكية الصناعية و التجارية أن تنشر طلب تسجيل العلامة في مجلة العلامات داخل أجل شهر من تقديم طلب تسجيل العلامة و هذا يشكل إعلاما هاما للجمهور بأن هناك شخص قد تقدم بطلب لتسجيل علامة و بالتالي فهو ضمانة لكل من له مصلحة و يرى أن تسجيل هذه العلامة يشكل مسا بحقوقه أن يتقدم بتعرض داخل أجل شهرين من تاريخ نشر طلب تسجيل العلامة
و تجدر الإشارة إلى أن تقديم التعرض على تسجيل العلامة ليس مسطرة إجبارية لابد من سلوكها قبل اللجوء إلى المرحلة القضائية بل يمكن رفع دعوى قضائية مباشرة للمطالبة إما ببطلان العلامة أو إسقاط الحق عليها أو دعوى الإستحقاق [1]
و من أجل قبول البت في التعرض لابد أن يكون متضمنا الشروط الشكلية التي نص عليها المشرع في المرسوم التطبيقي[2] بحيث يجب أن يتضمن الطلب:
هوية المتعرض
مراجع طلب التسجيل المتعرض عليه و تبيان المنتجات أو الخدمات المستهدفة من التعرض
الأسباب و المبررات التي يؤسس عليها التعرض
إثبات أداء الرسوم المستحقة
تفويض الوكيل عن تقديم التعرض بواسطة الوكيل
وقد اشترط المشرع لقبول البت في التعرض على تسجيل العلامة أن يستوفي طلب التعرض كل الشروط السالفة الذكر و إلا تم رفضه و الملاحظ أن المشرع لم يشر إلى ضرورة تنبيه المكتب المتعرض لإختلال أحد الشروط الشكلية من أجل تصويبها بل رتب على اختلالها رفض الطلب مباشرة .
أما في حالة قبول طلب التعرض فإن المشرع أوجب تضمينه في السجل الوطني للعلامات [3] كما يجب نشره في الفهرس الرسمي للعلامات .
وقد حصر المشرع حالات تقديم التعرض أو بالأحرى الأشخاص الذين يمكن لهم تقديم تعرض بشأن تسجيل علامة في المادة 148 -2 من ق م ص , و الأمر يهم هنا الأشخاص التالية:
مالك علامة محمية
مالك علامة مودعة في تاريخ سابق للطلب المذكور
مالك علامة تتمتع بتاريخ أولوية سابقة
مالك علامة سابقة مشهورة حسب مدلول المادة 6 المكررة من إتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية
مالك بيان جغرافي محمي أو سبق إيداعه
مالك تسمية منشأة محمية أو سبق إيداعها
المستفيد من حق استغلال ما لم ينص على خلاف ذلك
تقديم التعرض لحساب الغيرمن طرف مستشار الملكة الصناعية
و يثير تقديم طلب التعرض عدة إشكالات من أهمها أن يتقدم  شخصين أو أكثر لطلب تسجيل العلامة في نفس الوقت و التي لم ترد إجابة عنها من قبل المشرع المغربي على عكس المشرع المصري الذي أجاب عن هذه الإشكالية بحيث اعتبر أن طلب تسجيل نفس العلامة من طرف شخصين أو أكثر بشكل متزامن يترتب عليه رفض الطلب من طرف مكتب الملكية الصناعية إلى أن يحصل أحد الأطراف على تنازل من قبل منازعيه حينئذ ممكن أن يقبل طلب تسجيله للعلامة.
كما أنه من الإشكاليات التي ترد في هذا الشأن  نجد تطابق الأسماء العائلية لمتنافسين في نفس مجال المنتوجات أو الخدمات أحدهم استعمل إسمه العائلي كعلامة تجارية فهل يحق للشخص الاخر الذي له نفس الإسم العائلي أن يستعمله كعلامة تجارية أم أن هذا سيكون سببا في التعرض على طلب تسجيله للعلامة .
إن التشريع و كذلك القضاء ذهبا مع الرأي الأخير إذ رغم أن الطرفين يشتركان في إسم عائلي واحد فإنه إذا سبق أحدهما لإستعماله كعلامة فلا يحق للمنافس أن يقلده في ذلك و إلا عرض طلب تسجيله للتعرض

الفقرة الثانية: البت في طلب التعرض

لقد أوكل المشرع لمكتب الملكية الصناعية مهام شبه قضائية خارجة عن مهامه الإدارية من بينها البت في التعرض على تسجيل العلامة, و قد ألزمه باحترام مجموعة من المساطر[4] و ذلك داخل أجل ستة أشهر قابلة للتمديد بناء على طلب الطرفين أو أحدهما بعد قبول مكتب الملكية الصناعية لمدة ثلاثة أشهر.
إن البت في طلب التعرض يبتدئ بتبليغ التعرض إلى طالب تسجيل العلامة , و بعدها يبدأ تبادل الملاحظات و الجوابات التي أوجب المشرع تبليغها لكلا الطرفين برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل[5] , و بعد الملاحظات و الجوابات التي بإمكان الطرفين تقديمها يعد المكتب مشروع قرار بناء على مبررات التعرض و ملاحظات و جوابات الأطراف[6] و لهؤلاء أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ مشروع القرار من أجل إبداء ملاحظاتهم عليه و المنازعة في أسسه و بعد ذلك يعد المكتب قرارا نهائيا في التعرض بناء على كل المبررات و الملاحظات و الجوابات التي قدمها الأطراف[7], و كل هذا يجب أن يتم داخل الأجل القانوني الذي هو ستة أشهر قابلة للتمديد لمدة ثلاثة أشهر بناء على طلب الأطراف[8] و الملاحظ أنه لم يعد بإمكان المكتب أن يمدد الأجل من تلقاء نفسه كما كان عليه الأمر قبل التعديل الأخير لقانون الملكية الصناعية لسنة 2014 .
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن قفل مسطرة التعرض[9] إذا اتفق الأطراف على حل رضائي بينهم أو إذا سحب المتعرض طلب تعرضه أو إذا سحب طالب التسجيل طلبه و مبدئيا تقفل مسطرة التعرض إذا بلغت هدفها و هو صدور القرار البات في التعرض .
كما أن المشرع نص على إمكانية وقف مسطرة التعرض[10] في الحالات التالية:
إذا كان طلب التعرض مبني على تقديم طلب تسجيل علامة سابقة , بحيث سبق البت في تسجيل العلامة على التعرض إذ ينتظر البت في طلب تسجيل العلامة و إذا تم رفض تسجيلها فلا داعي حينئذ للتعرض أما إذا تم قبولها فتستمر مسطرة التعرض.
إذا تم رفع دعوى قضائية
إذا اتفق الأطراف على وقف المسطرة بغية التوصل إلى حل ودي بينهما.

المطلب الثاني: صدور القرار البات في التعرض و إمكانية الطعن فيه
الفقرة الأولى : صدور القرار البات في التعرض

إن القرار البات في التعرض له وجهين أساسيين, إذ يمكن أن يصدر القرار برفض التعرض و بالتالي قبول تسجيل العلامة إذا لم يكن التعرض مبررا بالشكل الكافي و لم تقتنع هيئات الملكية الصناعية به و و ذلك مثل القرار الذي خلص فيه المكتب إلى أن الشارتين تختلفان اختلافا جذريا مما يعطي لكل منهما شكلا منفصلا عن الاخر حيث إنه نظرا للإختلافات المرئية بين الشارتين في شكلهما العام فإن الرمز موضوع النزاع لا يمثل تقليدا للعلامة السابقة إذ أن الشارتين يمكن أن تتعايش بدون إمكانية خلق أي نوع من اللبس و بالتالي فإنه يمكن اعتماد رمز يسركعلامة لوصف منتجات مطابقة دون المساس بحقوق الشركة المعترضة[11]
كما يمكن أن يصدر قرار المكتب المغربي للملكية الصناعية بقبول التعرض و بالتالي رفض تسجيل العلامة, إذا كان التعرض مبررا و مؤسسا بالشكل الكافي كما أنه هناك إمكانية ثالثة و تتمثل في القبول الجزئي للتعرض[12] و بالتالي القبول الجزئي لتسجيل العلامة و ذلك إذا كانت العلامة المتعرض بشأنها تشمل منتجات مشابهة أو متماثلة مع منتجات المتعرض و منتجات أو خدمات ليست مثل التي يضع عليها المتعرض علامته و بالتالي يتم القبول الجزئي للتعرض في هذه الأخيرة فقط.
و تجدر الإشارة إلى أن هيئات الملكية الصناعية تعتمد على معايير في إصدارها لقرارها و من أهمها : مقارنة المنتوجات و الخدمات موضوع التعرض مع منتجات و خدمات المتعرض و كذا مقارنة العلامة أو الشارة المميزة للمتعرض و لطالب تسجيل العلامة .

الفقرة الثانية:الطعن في القرار البات في التعرض

إنه يمكن لكل طرف تضرر من قرار مكتب الملكية الصناعية أن يطعن فيه أمام محكمة الإستئناف بالدار البيضاء, و يتضح أن  حصر المشرع إختصاص الإستئناف في هذه المحكمة قد يكون أمرا شاقا على المتقاضين و لكن سبب إسناد الإختصاص لمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء لإستئناف قرارالتعرض الذي يصدره مكتب الملكية الصناعية يكمن في أن هذا الأخير مقره في الدار البيضاء.
و يقتصر دور المحكمة في إعادة فحص التعرض و التحقق من مدى مطابقته للمقتضيات القانونية و كذا مدى المبررات  التي يستند إليها  و كذلك فحص الأسس التي أسس عليها مكتب الملكية الصناعية قراره و يستند في ذلك إلى طلب التعرض و إلى قرار المكتب ليبت في المنازعة بشكل ينصف طرفي النزاع و يحمي به العلامة التجارية و بالتالي يحمي التنافسية داخل السوق المغربية .
و تصدر المحكمة بناء على كل ذلك إما بتأييد قرار المحكمة أو استئنافه .

المبحث الثاني : تقييم نظام التعرض على تسجيل العلامة


إن البحث في مدى فعالية نظام التعرض على تسجيل العلامة يقوم بالأساس على رصد مظاهر فعاليته في ( مطلب أول) و مظاهر محدوديته في ( مطلب ثاني )

المطلب الأول : مظاهر  فعالية نظام التعرض على تسجيل العلامة 

تشكل مسطرة التعرض على تسجيل العلامة آلية قانونية هامة أوجدها المشرع بموجب التعديل الذي عرفه قانون الملكية الصناعية لسنة 2006 بغرض تعزيز الحماية سواء لأصحاب الحق عليها أو حمايتها في ذاتها و هو ما يعكس مدى فعالية هذا النظام التي تبرز على مستويين ؛ باعتبارها آلية قانونية لحماية مصالح أصحاب الحق على العلامة ( فقرة أولى ) و كونها آلية استباقية لتخفيض عدد النزاعات بشأن العلامات المرفوعة أمام القضاء ( فقرة ثانية )

الفقرة الأولى :  نظام التعرض آلية قانونية فعالة لحماية مصالح أصحاب الحق على العلامة

يضطلع نظام التعرض على تسجيل العلامة بدور هام في حماية مصالح أصحاب الحقوق على العلامة محل التسجيل حيث يمكن لكل من له مصلحة التقدم بطلب التعرض إلى المكتب وفقا للشكليات التي يحددها القانون  و هو بذلك يسمح  بتتبع أصحاب الحقوق للعلامات المودعة للتعرف على الشارات التي يتم إيداعها و التي تشكل مسا بحقوقهم بعد أن يتم  الإعلان عنها و نشرها [13]، كما أن التقنيات القانونية  التي يقوم عليها نظام التعرض من النشر للعلامات و شكلية تقديم التعرض و احترام حق طالب التسجيل في تقديم ردوده عن طريق تبليغه بالمنازعة وتمديد الحق في التعرض لصاحب الحق في الاستغلال ، و وضع آجال محددة  لإيداع التعرض و البث فيه تفاديا لتطويل المسطرة فضلا عن إمكانية وقف آجال البث في الحالات المنصوص عليها قانونا بمقتضى الفقرة الثامنة من المادة 148.3 .
ثم إن القرار الصادر في إطار هذه المسطرة يمكن الطعن فيه أمام الجهة القضائية المختصة وهي محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء  تكرس لحماية حقوق الأطراف أصحاب المصلحة بما تتوفر عليه من ضمانات لحقوق الدفاع شأنها شأن المسطرة التي تتم أمام القضاء .[14]

الفقرة الثانية : نظام التعرض آلية استباقية للحد من النزاعات على العلامة أمام القضاء.

تتجلى فعالية مسطرة التعرض فيما توفره لأصحاب الحق في العلامة من الحماية الاستباقية دون تطور النزاع و وصوله للقضاء ، فلا يخفى  الكم الهائل من النزاعات المعروضة أمام القضاء بشأن العلامة الأمر الذي يسمح بتخفيف الضغط على المحاكم و إيجاد حلول قانونية لأصحاب الحق على العلامة في المرحلة الأولية للتسجيل . خاصة و أن انتظار المطالبة أمام القضاء  إلى ما بعد أن تكون مسطرة التسجيل للعلامة  قد تمت بشكل تام و صحيح و دخلت السوق من شأنه أن يكبد المالك خسائر فادحة و مصاريف و تعويضات إذا ما تبين عدم صحة التسجيل الواقع على العلامة.
و تظهر فعالية التعرض أكثر في ارتباطه بنظام الفحص الموضوعي[15] للعلامة الذي يقوم على التحقق من مدى توفر الشروط القانونية  في العلامة قبل تسجيلها ، و هو بذلك يجعل نظام التعرض مصفاة أخرى لتصفية الشوائب القانونية التي يمكن أن يغفلها نظام الفحص الموضوعي للعلامة مما يعزز من الحماية القانونية . و بهذا الشكل يتم حل النزاعات الناشئة بشأن تسجيل العلامة في مرحلة أولية و بشكل مسبق قبل عرضها أمام القضاء . 
غير أنه و إن كان نظام التعرض آلية فعالة لحماية العلامة بما يتوفر عليه من ضمانات و ما يقوم عليه من تقنيات إلا أنه لا يخلوا من جوانب أخرى سلبية تفرزها المعيقات التي تحد من فعاليته .

المطلب الثاني : محدودية نظام التعرض على تسجيل العلامة

يمكن الوقوف عند مظاهر محدودية نظام التعرض على تسجيل العلامة من حيث الجهة المختصة بالإشراف على مسطرة التعرض ( فقرة أولى )  و كذا من حيث سوء استعماله و التعسف في سلوك مسطرة التعرض للإضرار بالمالك الحقيقي للعلامة ( فقرة ثانية)   .

الفقرة الأولى : تخويل الإختصاص لجهة إدارية للبت في التعرض 


   يعد إسناد الاختصاص للهيئة المكلفة بالملكية الصناعية [16]صلاحية تلقي طلبات التعرض و البث فيها من أكثر ما يعاب على نظام التعرض و يحد من فعاليته ، ذلك أن هذه الهيئة هي مؤسسة إدارية بامتياز تابعة من حيث الإشراف لوزارة التجارة و الصناعة  يشغلها موظفون إداريون  و تتولى  مهام السهر على تسجيل العلامات و غيرها من حقوق الملكية الصناعية و تقييد الحقوق المنصبة عليها كما يقوم باطلاع الجمهور على كل المعلومات التقنية الواردة في سندات الملكية الصناعية بما يتوفر عليه من قاعدة بيانات معلوماتية واسعة . و بالنظر إلى هذا الاختصاص الإداري بالمقارنة مع طبيعة مسطرة التعرض التي تعد مسطرة شبه  قضائية فيما يتعلق بدراسة التعرضات المقدمة بشأن العلامات المودعة لديه  يبدوا التعارض واضحا و الذي من شأنه أن يؤثر على حسن سير مسطرة التعرض و السهر على حماية حقوق الأطراف نظرا لقلة الخبرة القانونية و القضائية للموظفين الذين يتم تكوينهم تكوينا تقنيا محضا .

الفقرة الثانية : التعرضات التعسفية  على الحق في العلامة 

   إذا كان المشرع قد أوجد مسطرة التعرض و سمح بسلوكها لكل ذي حق على العلامة فإنه لا يغيب احتمال استغلالها تعسفيا لتعطيل اكتساب سند تسجيل ملكية الحق على العلامة ، و هو ما أغفله المشرع في تنظيمه للمسطرة حيث لم يرتب أي جزاء خاص للتعرض الكيدي مما يستدعي تطبيق القواعد العامة و التعويض للمتضرر منه ، هذا مع التذكير أن المشرع المشرع قد سمح للمستفيد من حق استغلال العلامة أن يتقدم بالتعرض إذ أن سوء سلوك المسطرة من طرفه أو نقصيره في تقديم الحجج و الدفوع المعززة لتعرضه من شأنه أن يلحق ضررا بصاحب الحق في الاستئثار بالعلامة الذي يفقد إمكانية التعرض في حالة رفض التعرض الأول المقدم من المخول له استغلال العلامة إظافة إلى ذلك المصاريف و الخسائر التي يمكن أن يتكبدها مالك العلامة . 

خاتمـــــــــــــــــــــــة

إن الدور الذي يضطلع به  نظام التعرض على تسجيل العلامة لم يعد بنفس الأهمية التي كان يكتسيها في ظل نظام الفحص الشكلي ،  ذلك أن الفحص الموضوعي للعلامة أصبح يضبط عملية   التسجيل بشكل أكثر دقة بما يتوفر عليه هذا النظام من آليات وتقنيات متطورة و متقدمة ، كما أن إعتبار مسطرة التعرض مسطرة اختيارية و فتح الباب لسلوك طريق القضاء في  جميع الحالات التي يتم فيها الاعتداء على الحقوق المكتسبة على العلامة يجعل من هذه المسطرة مجرد إمتياز  إظافي لصاحب العلامة لحماية حقه عليها .
فضلاً عن ذلك فإن التنظيم القانوني للتعرض الذي يطغى عليه  طابع الشكلية من حيث البيانات اللازم إدراجها في طلب التعرض وآجال التعرض و الإجراءت  المتبعة للبث في المسطرة تجعل أصحاب الحقوق يفضلون اللجوء للمسطرة القضائية مباشرةً توفيراً  للمصاريف  و الوقت خصوصاً وأن قرار الهيئة المختصة بالبث يكون قابلاً للطعن أمام القضاء مما يعني أن الانتهاء بالنزاع أمام القضاء أمر محتم في  جميع الحالات  .
هذا، و إن أكبر سلبيات هذا النظام أن الجهة المختصة بالبث في مسطرته لا توفر لديها – بالنظر لإختصاصها الإداري -المعرفة القانونية الصحيحة  بالضوابط  القانونية التي تحمي حقوق أطراف النزاع بالرغم من تأكيد المشرع على ضرورة احترامها قانونا في الفصول المنظمة للتعرض مما يستوجب إعادة النظر في هذا المقتضى ، كما أن المشرع لم يفترض إمكانية الاستعمال التعسفي للتعرض وهو ما يستنتج من عدم تحديد جزاء خاص لهده الحالة و بالتالي يجب إقرار تعويضات تتناسب مع القيمة الإقتصادية للعلامة وبما يلحقه  التعرض التعسفي من أضرار بمالكها الحقيقي  .
وأخيراً ننبه إلى أن ما تقوم عليه مسطرة التعرض من وجوب إشعار للعموم بالعلامات التي يتم تسجيلها للسماح لهم بتقديم تعرضاتهم  لا يمكن أن يصل لعلم الجميع ، إذ من العبث  أن نلزم  صاحب علامات موجودة في السوق بتتبع نشرات هيئة الملكية الصناعية بشكل مستمر بشأن طلبات تسجيل العلامات المقدمة إليها ليمارس تعرضه في كل مرة يعتدى على علامات مملوكة له وإلا فقد هذا الحق بفوات الأجل القانوني للتعرض  .
لذا نرى أنه قد حان الوقت لإعادة النظر مرة أخرى في المقتضيات المنضمة للتعرض على تسجيل العلامة بما يسمح بتحقيق الأهداف التالية :
ü    تطوير نظام التعرض ليصبح ذا فاعلية أكبر بالمقارنة مع التطور الذي عرفه  نظام الفحص الموضوعي للعلامات
ü    تعزيز وتقوية الحماية القانونية لمصالح الأطراف المتنازعة على العلامة في مسطرة التعرض
ü    إقرار آليات أكثر بساطة و يسر تمكن مالكي العلاماتفي السوق من مراقبة أي اعتداء عليها من طرف الغير  .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] فؤاد معلال , الملكية الصناعية و التجارية , الطبعة الاولى , دار الافاق المغربية للنشر و التوزيع , الدار البيضاء , السنة 2009 ص 449
[2]  المادة 66 من المرسوم رقم 368 . 00 . 2
[3] انظر المادة 148 /2 من قانون الملكية الصناعية 17 /97 
[4]  انظر المادة 148 / 3 من القانون رقم 17 / 97
[5]  المادة 148 .3 /4 من ق م ص
[6]  المادة 148 .3 / 5 من ق م ص
[7]  المادة 148 .3 / 6 من ق م ص
[8]  المادة 148 .3 / 5 من ق م ص 17 /97
[9]  المادة 148 .3 /7 من ق م ص
[10]  المادة 148 .3 / 8 من ق م ص
[11]  القرار رقم 35 البات في التعرض رقم45 بتاريخ 22 /05/2006
[12]  القرار رقم 24 البات في التعرض رقم 62 بتاريخ 12 /06 /2006
[13]  فؤاد معلال الملكية الصناعية و التجارية ،  دراسة في القانون المغربي و الاتفاقيات الدولية ،  دار الآفاق المغربية للنشر و التوزيع ،  الطبعة الأولى ، 2009 ، ص 500 .
[14] بمقتضى المادة 148 .5 التي تنص على أنه تختص محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بالبث في الطعون المشار إليها في الفقرة الخامسة من المادة 148. 3 ضد القرار الصادر عن الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية.
[15] نضام الفحص الموضوعي تم أقروه بموجب تعديل الذي جاء به قانون 31 05 للملكية الصناعية و الذي ألغى النظام  التسجيلي الذي يعتمد مجرد  الفحص الشكلي    للتأكد من توفر للشروط القانونية لمنح الموافقة على إتمام التسجيل .
[16] تم تغير إسم المكتب بالهيئة المكلفة بالملكية الصناعية بالقانون 31  . 05 الذي يحدد اختصاصاتها .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات