القائمة الرئيسية

الصفحات

المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات

المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات

المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات
المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات


تقديم

 تلعب الشركات التجارية دوار مهما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية خصوصا في المجتمعات المعاصرة، وقد عرفها المشرع المغربي في  الفصل 982 ق ل ع" الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان   أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون  مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنهما غير أنه لكي تقوم هذه الأخيرة بالأدوار المنوطة بها، كان من اللازم إقرار نظام مراقبة صارمة على أعمال الإدارة والتسيير.
وهذا ما حاولت مختلف التشريعات إقراره من خلال إحداث جهاز مراقب الحسابات، وهو الشخص الطبيعي أو المعنوي المؤهل مهنيا وقانونيا للقيام بمراقبة حسابات الشركة المعنية بغرض تحديد ما إذا كانت تعطي صورة حقيقية وصادقة لواقعها[1].
بيد أنه لا يحق لأي كان مزاولة مهنة مراقب الحسابات ما لم يكن مقيدا في جدول هيئة الخبراء المحاسبين ( المادة 160 من القانون رقم 17.95 المنظم لشركة المساهمة والمواد 13 و21 و31 و34 و83 من القانون رقم 5.96 المطبق على باقي الشركات، والمادة 3 من القانون رقم 15.89 المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين[2] ونظرا لأهمية المراقبة في الشركات التجارية فقد عمل المشرع على تعيين وتحديد اختصاصات مراقب الحسابات (المبحث الأول) ، وضمانا لحسن أداءه لهذا الدور، فقد وضع مجموعة من المقتضيات المتعلقة بمراقب الحسابات وعرقلة مهامه (المبحث الثاني)، وأخيرا نص على العقوبات المتعلقة بمخالفة مراقب الحسابات لمهامه الرقابية (المبحث الثالث).

المبحث الأول: مراقب الحسابات


هدف المشرع من جعل مؤسسة مراقبة الحسابات خارج الشركة، توقي الممارسات الاحتيالية والغير القانونية في التسيير، لذا نجده عمل على تعيين مراقب الحسابات (المطلب الأول)، غير أنه لم يترك لهذا الأخير المجال رحبا وإنما قام بتحديد اختصاصاته ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: تعيين مراقب الحسابات

إن طريقة تعيين مراقب الحسابات تختلف بحسب الشكل الذي تتخذه الشركة، ففي شركة المساهمة يتم التعيين من طرف الجمعية العامة للمساهمين، أما بالنسبة لشركة التضامن والتوصية البسيطة فيكون التعيين بالأغلبية، وفي شركة التوصية بالأسهم فيكون عن طريق الجمعية العامة العادية للمساهمين أما الشركة ذات المسؤولية المحدودة فيكون من طرف الشركاء.
كما يعتبر  تعيين مراقب أو مراقبين للحسابات  في الشركة أمرا إلزاميا أو اختياريا حسب نوع الشركة  ومبلغ رقم معاملاتها وإرادة الشركاء[3] فتعيينه في  الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وشركة  التضامن يكون إلزاميا في الشركات التي يتجاوز رقم أعمالها السنوي  50 مليون درهم، عند اختتام السنة المحاسبية دون اعتبار الضرائب، أما إذا كان رقم أعمالها السنوي لا يصل إلى 50 مليون درهم فإن تعيين المراقب يكون اختياريا، حيث يمكن للشركاء  أن يضمنوا النظام الأساسي  شرطا بذلك التعيين، أو أن يقرروا ذلك باتفاق لاحق  يتخذ بأغلبية الشركاء الذين يمثلون على الأقل ربع رأس المال  بالنسبة لشركة ذات المسؤولية المحدودة ، أو إذا طلب ذلك شريك  أو عدة شركاء بالنسبة لشركة التضامن.
أما فيما يخص شركة المساهمة فقد ألزم القانون بان يكون لها مراقب الحسابات أو أكثر مما تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في  قانون مزاولة مهنة المحاسبة.
بيد أنه يجب على الشركات  التي تدعو الجمهور للاكتتاب أن تعين مراقبين إثنين للحسابات على الأقل، وكذلك  الشأن بالنسبة للشركات البنكية وشركات القرض والاستثمار والتأمين والرسملة والادخار[4].
ويتم تعيين مراقبو الحسابات الأوائل بمقتضى النظام الأساسي، أو بعقد منفصل  يشكل جزءا من النظام الأساسي، يعهد إليهم بمراقبة وتتبع حسابات الشركات وفق الشروط والأهداف المنصوص عليها في هذا  القانون[5]، ولا يمكن في هذه الحالة أن تتعدى مدة مهامهم سنة مالية، ويمارسون عملهم  ابتداء من قيد الشركة في السجل التجاري.
أما فيما يخص مراقبي الحسابات اللاحقين فيتم تعيينهم لمدة ثلاث سنوات مالية من قبل الجمعية العامة العادية للمساهمين ( المادة 163 ف1).
فإذا  لم تعين الجمعية العامة مراقبي الحسابات جاز لأي مساهم أن يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته  قاضي الأمور المستعجلة ليتولى تعيينهم  بأمر منه[6]،  على أن تتم دعوة المتصرفين بصفة قانونية لمعرفة موقفهم، على أن التعيين القضائي يكون مؤقتا بحيث ينتهي بمجرد قيام الجمعية العامة بهذا التعيين.

المطلب الثاني: اختصاصات مراقب الحسابات

يمثل مراقب الحسابات عين الجمعية العامة فيما يخص الحسابات التي يقوم بها، فالجمعية تعتمد على تقاريره للتأكد من سلامة الميزانية والحسابات المقدمة من قبل مجلس الإدارة.
وقد حددت المادة 166 من ق 17.95 مهامه" يقوم مراقب أو مراقبوا الحسابات بصفة دائمة، باستثناء التدخل في تسيير الشركة ، بمهمة التحقق من القيم  والدفاتر والوثائق المحاسبية للشركة ومن مراقبة مطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها، كما يتحققون من صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية  وفي الوثائق الموجهة للمساهمين والمتعلقة بذمة ووضعية الشركة المالية بنتائجها ومن تطابقها مع القوائم التركيبية  يتحقق مراقب أو مراقبو الحسابات من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين.
وقد ألزم المشرع طبقا للمادة 169 من ق 17.95 إعداد تقرير عام، يتعلق بجوانب الشركة من طرف مراقب الحسابات، وأوجب كذلك حسب المادة 157 من  قانون شركات المساهمة، أن يشهد بصحة وصدق القوائم التركيبية والوضعية المالية للشركة، ودمتها المالية في  تلك السنة، وله أن  يشفع الشهادة على التقرير بتحفظات  مع ضرورة تبيانها بوضوح.
وبعبارات صحيحة كما  لو كانت المعلومات المقدمة له غير كافية، وبالطبع فله أن يرفض الإشهاد عليها[7].

المبحث الثاني: الجرائم المتعلقة بمراقب الحسابات وعرقلة مهامه


 يقوم مراقب الحسابات بدور طلائعي في مراقبة حسابات الشركة، ذلك أن تقوية مركزة  داخل الشركة يشكل  ضمانا  للمساواة والشفافية وحماية للادخار، ولصغار المستثمرين ، لذا فقد عاقب التشريع المغربي أجهزة الإدارة في حالة عدم تعيين مراقب الحسابات ( المطلب الأول) أو في حالة عدم توجيه الدعوة له  لحظور جمعيات المساهمين ( المطلب الثاني) وكذا في حالة عرقلة مهامه ( المطلب الثالث).

المطلب الأول: عدم تعيين مراقب الحسابات

حسب المادة 163 تعتبر الجمعية العامة للمساهمين هي المختصة بتعيين مراقب أو مراقبي الحسابات، لذلك فالمشرع عاقب أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير (المادة 403)، غير أنه لم يعاقبهم بوصفهم سلطة التعيين، وإنما بوصفهم من يملك تحريك مسطرة تعيين مراقب الحسابات  ، فإذا كان مجلس الإدارة أو الرقابة هو من يتولى من حيث المبدأ دعوة الجمعية العامة للانعقاد  (المادة 116) فإن موجه الدعوة هو من يحضر جدول أعمال الجمعيات (المادة 117) من حيث المبدأ كذلك[8].
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجريمة تتحقق بمجرد الامتناع عن تعيين مراقب الحسابات، فركنها المادي يتحقق بنشاط سلبي، كما أن المشرع لم يشترط توافر القصد الجنائي بل يكفي إثبات عدم العمل على تعيين مراقب الحسابات لتقوم الجريمة.
فالمشرع عاقب أجهزة الإدارة على مخالفتهم لقواعد التعيين بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 10.000 إلى 50.000 أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

 المطلب الثاني: عدم توجيه الدعوة لمراقب الحسابات لحضور جمعيات المساهمين

تنص الفقرة الأولى من المادة 170 قانون 17.95 أنه " يدعى مراقب  أو مراقبوا الحسابات إلى حضور اجتماع مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية الذي يحضر حسابات  السنة المالية المنصرمة، كما يدعون إلى حضور كل جمعيات المساهمين".
ويبدو أن المادة 403 ق17.95 هي التي حددت المسؤولين عن دعوة مراقبي الحسابات وهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير.
وينبغي الإشارة إلى أن قانون 20.05 حافظ على صياغة المادة 170، بما يفيد أن الإلتزام بدعوة مراقب الحسابات من أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير  يبقى قائما بالنسبة لكل جمعيات المساهمين، لكن هذا الخرق للالتزام لا يقرن بالجزاء الزجري الوارد في المادة 403 طبقا للتعديل المدخل بالقانون 20.05 سوى عندما يتعلق الأمر بجمعيات المساهمين التي تتطلب تقديم تقرير من طرف مراقبي الحسابات[9] .
علاوة على ذلك فالمشرع لم يتطلب القصد في هذه الجريمة، فهي تحقق بمجرد تخلف دعوة مراقب الحسابات لحضور جمعية المساهمين التي تتطلب تقديم تقرير.

المطلب الثالث: عرقلة مهام مراقب الحسابات

 لقد منح المشرع المغربي لمراقب الحسابات إمكانية الإطلاع على جميع الوثائق اللازمة لأداء مهامه، واعتبر عرقلة هذه المهام جريمة معاقب عنها.
 فأي عرقلة من طرف أجهزة الإدارة يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 6000 إلى 30.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط إذا عرقلوا قصد القيام بالمراجعات أو المراقبات التي يجريها الخبراء أو مراقبوا الحسابات المعينون  ( المادتين 157 و159 المتعلقة بخبرة التسيير) وفي نفس السياق، قضت محكمة رين في 30 شتنبر 1974 بمعاقبة أجهزة التسيير لعرقلتهم ورفضهم  إطلاع مراقب الحسابات على الوثائق المحاسبية اللازمة.
وهكذا فإن الركن المادي لهذه الجريمة يقوم إما بالعرقلة أو رفض الإطلاع على أن الأولى  تتحقق بأي سلوك يمنع أو يحد من المراجعات أو المراقبات التي يجريها المراقب، في حين أن الثانية  تتمثل في رفض إطلاع المراقب في عين المكان على جميع الوثائق اللازمة لأداء مهمته.
 وهذه الجريمة تعد من جرائم السلوك وليس من جرائم النتيجة.

المبحث الثالث: الجرائم المرتكبة من طرف مراقب الحسابات

 سبق الإشارة إلى أن الدور  الرئيسي لمراقب الحسابات يتمثل في إقرار رقابة على حسابات وأنشطة الشركة، غير أنه لكي تكون هذه الأخيرة بالفعلية المطلوبة كان من اللازم تمتيع مباشرها بالاستقلال اتجاه من تباشر عليه ( المطلب الأول) وإلحاق عقوبات  على مراقب الحسابات في حالة مخالفته لمهامه ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: جريمة المساس باستقلالية مهنة مراقب الحسابات

إن ما يميز مراقب الحسابات هو أنه يعمل باستقلال عن أجهزة التسيير بالرغم من تعيينه من طرف جمعية المساهمين، وتدعيما لهذه الاستقلالية فقد جعل المشرع مهنة مراقب الحسابات تتنافى مع بعض المهام التي تتصل بالشركة، وهي ما يعرف بحالات التنافي، ونجد المشرع المغربي عهد إلى تجريم تعيين الأشخاص كمراقبين للحسابات لأن الوظائف الأخرى التي يزاولونها أو الروابط العائلية القائمة تتنافى مع مهنة مراقب الحسابات في إحدى الشركات، وهذا ما يعرف بحالات التنافي وهي محددة على سبيل الحصر[10].
وبالعودة إلى المادتين 161 و162 ق 17.95 نجد مجموعة حالات تمثل دواع للتنافي ومزاولة مهمة مراقب الحسابات.
وقد جاء في المادة 161 " لا يمكن تعيين الأشخاص الآتي ذكرهم كمراقبي حسابات:
1-   المؤسسون وأصحاب الحصص العينية والمستفيدون من امتيازات خاصة وكذا  المتصرفون وأعضاء مجلس الرقابة أو مجلس  الإدارة الجماعية بالشركة أو الشركات التابعة لها.
2-   أزواج الأشخاص المشار إليهم في البند السابق وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية.
3-   الذين يزاولون لفائدة الأشخاص المشار إليهم في البند الأول أعلاه، أو لفائدة الشركة أو الشركات التابعة لها وظائف قد تمس باستقلاليتهم أو يتقاضون أجر من إحداها عن وظائف غير تلك المنصوص عليها في هذا القانون.
4-   شركات الخبرة في المحاسبة التي يكون أحد الشركاء فيها في وضع من الأوضاع المشار إليها في البنود السابقة، وكذا الخبير المحاسب الشريك في شركة الخبراء المحاسبين حين تكون هذه الأخيرة في وضع من هذه الأوضاع.
لا يمكن أن يعين كمراقب حسابات لنفس الشركة خبيران أو عدة خبراء محاسبين ينتمون بأي صفة كانت إلى نفس شركة الخبراء المحاسبين أو نفس المكتب.
وإذا طرأ أحد دواعي التنافي المشار إليها أعلاه خلال مدة مزاولة المراقب مهامه، تعين على المعني بالأمر الكف فورا عن مزاولة مهامه وإخبار مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة بذلك داخل أجل أقصاه 15 يوما بعد حدوث حالة التنافي.
وهذا ما يتبين من خلال المادة 404 من قانون شركة المساهمة «يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 8000 إلى 40.000 درهم كل من قبل أو مارس لو احتفظ عن قصد بمهام مراقب لحسابات على الرغم من حالات التنافي القانونية سواء  جاء القبول باسمه الخاص أو بصفته شريكا في شركة لمراقبة الحسابات" يتحقق الركن المادي في ظل المادة 404 بمجرد قبول – من حيث المبدأ- الخبير المحاسب مزاولة مهام مراقب الحسابات على الرغم من  حالات التنافي القانونية، سواء جاء القبول باسمه الخاص، أو بصفته شريكا في شركة لمراقبة الحسابات[11].
والملاحظ في المادة 404 هو تطلب المشرع  للقصد الجنائي أي أن هذه الجرائم عمدية، وهو ما يتبين من خلال استعمال المشرع لفظ " عن قصد".

المطلب الثاني: جريمة مخالفة مراقب الحسابات لمهامه الرقابية.

لقد جرم كل من القانون المغربي  ونظيره الفرنسي مجموعة من التصرفات التي يرتكبها مراقب الحسابات إخلالا بواجباته الرقابية، وتتمثل هذه الجرائم في الإدلاء أو التأكيد على معلومات كاذبة عن وضع الشركة وعدم إعلامه لأجهزة الإدارة بالأفعال الجرمية  فضلا عن المخالفة المتعلقة بإفشاء السر المهني.

أولا: جريمة الإدلاء أو التأكيد على معلومات كاذبة:

انطلاقا من المادة 405 من قانون شركات المساهمة، يتضح أنه لقيام هذه الجريمة لابد من توفر عنصرين العنصر المادي  والعنصر  المعنوي، فالعنصر المادي يقوم بمجرد تأكيد أو تقديم معلومات كاذبة، فالمادة 405 أوردت كلمة قدم أو أكد فكل مراقب للحسابات قام بهاذين الفعلين يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين أو غرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم  سواء باسمه الخاص أو شريكا في شركة لمراقب الحسابات أما بالنسبة لتأكيد المعلومات فتقع هذه الواقعة  عندما يشهد مراقب الحسابات في تقريره على صدق الحسابات ولكنها في الحقيقة ليست صادقة، وبالتالي يكون قد أكد معلومات كاذبة  صادرة عن أجهزة الإدارة[12].
أما العنصر المعنوي فلابد أن يتوفر فيه القصد الجنائي العام العلم والإدارة، وإن ظهر على أن الغلط أو الجهل من المفترض ألا يحقق الجريمة، لذا فإنه يقترب من القصد.

ثانيا: جريمة إفشاء السر المهني:

 الإلتزام بعدم إفشاء السر المهني هو التزام في غاية الأهمية يقع على عاتق مراقب الحسابات، إذ تنص الفقرة الأخيرة من المادة 405 ق 17.95 على أنه "يطبق الفصل 446 من القانون الجنائي على مراقبي الحسابات" وحيث أن الفصل 446 إنما يهم السر المهني ، فإن الإلتزام الذي جرى تجريم خرقه إنما يقع في المادة 177 ق 17.95 التي تصرح بأنه " يتقيد مراقبوا الحسابات وكذلك مساعد وهم بالسر المهني فيما يتعلق بالوقائع والأعمال والمعلومات التي يكونون قد اطلعوا عليها  بحكم ممارستهم مهامهم"[13].
فالركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في إفشاء السر، أما بالنسبة للركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي لدى مراقب الحسابات قوامه هو إفشاء السر عمدا وإخلاله بالثقة التي وضعت فيه وبالمعلومات التي عرفها أثناء قيامه بمهامه.

ثالثا: جريمة عدم الإعلام عن المخالفات

 عمل المشرع على معاقبة مراقب الحسابات في حالة إخلاله بإعلام أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير بكل الأفعال التي بلغت إلى علمه أثناء مزاولة مهامه، وبدا له أنها تكتسي صبغة جرمية بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 10.000 إلى 100.000 أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط (لمادة 405 من ق 17.95).
كما عاقبت المادة 313 من قانون الشركات الأردني بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف دينار  ولا تزيد على عشرة ألاف دينار مدقق الحسابات في حالة كتمانه معلومات وإيضاحات  يوجب القانون ذكرها وذلك بقصد إخفاء حالة الشركة  الحقيقية عن المساهمين أو ذوي العلاقة[14].
إن جريمة عدم الإعلام لا تقع كاملة إلا إذا توفرت عناصر معنوية ومادية.
فالركن المادي لا يتحقق إلا في حالة عدم إعلام مراقب الحسابات لأجهزة الإدارة بكل الأفعال الجرمية التي علم بها حتى ولو لم يترتب عن عدم الإعلام آثارا ضارة.
ولهذا يكون مراقب الحسابات ملزم بتبليغ أجهزة الإدارة بجميع الأفعال الجرمية التي يتعرف عليها ويصادفها أثناء ممارسة مهامه الرقابية سواء كانت منصوص عليها بقانون الشركات أو قوانين أخرى[15].
أما الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة.

 خاتمة

يقوم مراقب الحسابات داخل الشركة بمهام جسام في التحقق من سلامة الحسابات وانتظامها ومراقبة صحة المعلومات والبيانات، لذلك عمل المشرع المغربي على وضع مجموعة من المقتضيات القانونية المتعلقة بمراقبة الشركات، وذلك حماية لمصالح الشركة وحماية كذلك لمصالح الجمهور الدائنين والمستثمرين والمنتفعين من نشاط المشروع الاقتصادي.

المراجع المعتمدة

  •  رضوان عز الدين،  مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة بالمغرب"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات  العليا المعمقة  وحدة قانون التجارة والأعمال ـ جامعة محمد الخامس- السويسي- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، سنة 2003/2004.
  •  ابن خدة رضى، محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية – تأصيل وتفصيل، الطبعة الأولى، يوليوز 2010.
  •  محمد المحبوبي، أساسيات في قانون الشركات  التجارية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة 2005.
  •  فؤاد معلال،  شرح القانون التجاري المغربي الجديد.
  • ذ لحسين بيهي، الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربي، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام – الرباط،2005.
  • احمد شكري السباعي :" الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي" الجزء الرابع، شركة المساهمة ، الطبعة الأولى، مطبعة المعاريف الجديدة 2004.
  • د فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري، جزء الرابع، دار مكتبة التربية بيروت، سنة 1997.
  • محمد الإدريسي العلمي المشيشي: خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد، مجلة المحاكم المغربية، العدد 80 سنة 2000، الطبعة 2.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - رضوان عز الدين:" مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة بالمغرب"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات  العليا المعمقة وحدة قانون التجارة والأعمال ـ جامعة محمد الخامس- السويسي- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، سنة 2003/2004، ص 7.
[2] -  ابن خدة رضى:" محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية – تأصيل وتفصيل، الطبعة الأولى، يوليوز 2010، ص154.
[3] - ابن خدة  رضى، مرجع سابق، ص 155.
[4] -  ذ. محمد المحبوبي، أساسيات في قانون الشركات  التجارية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة 2005، ص212.
[5] - رضوان عز الدين ، مرجع سابق ص8.
[6] -  فؤاد معلال،  شرح القانون التجاري المغربي الجديد،  ص409.
[7]  ذ لحسين بيهي/ الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربي، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام – الرباط،2005، ص161.
[8] - ابن خدة رضى: مرجع سابق، ص 498.
[9] - رضوان عز الدين، مرجع سابق، ص 22.
[10] - احمد شكري السباعي :" الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادية" الجزء الرابع، شركة المساهمة ، الطبعة الأولى، مطبعة المعاريف الجديدة 2004ـ ص 172-173.
[11] - ابن  خدة رضى، مرجع سابق، ص508.
[12] - تنص المادة :315 من قانون الشركات الأردني: يعتبر مدقق الحسابات الذي يخالف أحكام وهذا القانون بتقديم تقرير أو بيانات لا تتفق وواقع حسابات الشركة التي قام بتدقيقها أنه ارتكب جرما ويعاقب عليه بالحساب، لا تقل عن ألف دينار وبكلتا العقوبتين ولا يحول ذلك دون تعرفة للعقوبات المسلكية الخاصة بالمهنة المعمول به".
[13] -  ابن خدة رضي، مرجع سابق، ص 515.
[14] - د فوزي محمد سامي، شرح القانون التجاري، جزء الرابع ، دار  مكتبة التربية  بيروت، سنة 1997، ص 355.
[15] - محمد الإدريسي العلمي المشيشي: خصائص الشركات التجارية في التشريع الجديد، مجلة المحاكم المغربية، العدد 20 سنة 2002، الطبعة 2، ص218.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات