القائمة الرئيسية

الصفحات

المسؤولية المدنية للمعماريين عن تهدم المباني والمنشآت

المسؤولية المدنية للمعماريين عن تهدم المباني والمنشآت

المسؤولية المدنية للمعماريين عن تهدم المباني والمنشآت
المسؤولية المدنية للمعماريين عن تهدم المباني والمنشآت



مقدمة

عرف المجال العمراني تطورا كبيرا في الوقت الحاضر بسبب ظاهرة التمدن، وارتفاع النمو الديمغرافي، وتزايد حاجة الإنسان إلى مسكن لائق ومع دخول التكنولوجيا والآلات الضخمة في صناعة البناء، ظهرت شركات احترفت مهنة صناعة المباني والمنشآت وخاصة الجاهزة منها بقصد بيعها فورا، الشيء الذي أغرى مجموعة من المتدخلين في مجال البناء من مهندسين معماريين ومقاولين فأصبحوا يسرعون في إنجاز المشروعات الموكولة إليهم من أجل التعاقد على غيرها، الأمر الذي استتبعه بالضرورة الإسراع في إتمام البناء على حساب الجودة والمتانة، وذلك اقتصار للتكاليف ولتحقيق الكسب المالي السريع، مما أدى إلى تزايد أعداد ضحايا الإهمال والغش المهني بسبب الأخطار التي تنجم عن تهدم البناء لعدم توافر الدقة في تنفيذ الأعمال من جانب المقاول، والإهمال في الملاحظة والإشراف على هذه الأخيرة من جانب المهندس[1].
ويعتبر المهندس المعماري[2] العقل المدبر لمشروع البناء خصوصا في الحالات التي تولى فيها مهمتي التخطيط والإشراف معا، أما من الناحية القانونية، فإنه يعد مهندسا معماريا كل من اتخذ لنفسه هذه الصفة وأنجز مهام المهندس المعماري سواء كان حائزا لدبلوم العمارة والهندسة أولا[3]، وبالتالي فالمقاول أو الغير إذا قاما بهذه المهام، فإنهما يتحملان بنفس الالتزامات  التي يتحمل بها المهندس المعماري في ميدان الضمان والمسؤولية، وهذا لا ينفي بطبيعة الحال صفة الجريمة التي تتمثل في انتحال صفة مهندس، حيث خصها المشرع بعقوبات خاصة.[4]
وتتميز مهنة المهندس  المعماري بكونها من قبيل المهن الحرة التي تطبعها الأخلاق السامية والشيم الحميدة، حيث لا تهدف  إلى تحقيق الربح المادي  فقط بل تراعي الجانب الإنساني بالدرجة الأولى.
وبخصوص الطبيعة القانونية لعقد الهندسة المعمارية فقد اختلفت الاتجاهات الفقهية والقضائية حولها وكان مصدر هذا التباين هو تكييف هذا العقد، هل هو عقد وكالة أم عقد مقاولة؟

كان التكييف السائد لدى محكمة النقض الفرنسية في بداية القرن الماضي، هو أن عقد الهندسة المعمارية عقد وكالة، والمغرب أقر نفس الشيء. لكن عندما أحست المحاكم في كل من المغرب وفرنسا بضعف موقفها بصدد هذا التكييف، فإنها بادرت إلى البحث عن الوصف القانون الأكثر ملائمة لطبيعة هذا النوع من العقود، فلم تجد أحسن من المقاولة كبديل للتكييف القديم[5].
أما المقاول فهو الشخص الذي يتولى جانب التنفيذ لأشغال البناء قصد إخراجها إلى حيز الوجود وفقا للشكل المتفق عليه. وبالرجوع إلى الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود المغربي نجده يقصد بهذا الأخير المسؤول القانوني الأول عن الورش الذي تنجز فيه أشغال البناء.[6]
وطبيعة العقد الذي يبرمه المقاول فقد عرفت بدورها عدة تفسيرات، بحسب ما إذا كان هذا الأخير قد اكتفى بتقديم خدماته وصناعته للزبون الذي يلتزم بدوره بتقديم مواد البناء وتوفير الأرض. أم أن المقاول سيقدم العمل ومواد البناء معا.[7]
إن مسؤولية المقاول والمهندس المعماري مسؤولية ذات جوانب متعددة، فقد تكون مسؤولية جنائية عندما يشكل فعل المقاول والمهندس المعماري جريمة عمدية أو يكون من قبيل الخطأ، كما قد تكون مسؤولية تأديبية توقعها عليه الجهات الإدارية المختصة هذا من جهة. ومن جهة أخرى، قد يسأل المقاول والمهندس المعماري مسؤولية مدنية تتمثل في جانبين اثنين أحدهما تعاقدي والآخر تقصيري، يختلفان باختلاف نوعية ومصدر الضرر الذي لحق رب العمل أو الغير من جراء الأخطاء التي يرتكبها المقاول أو المهندس المعماري أو هما معا.[8]
فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي تحقيق التوازن بين أطراف هذه العلاقة، علما أن أحدهما متمكن، قوي ومحترف، والآخر ضعيف، قليل الخبرة والدراية؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية المركزية تساؤلات أخرى تكمن في:
-ما هي صور المسؤولية المدنية للمقاول والمهندس المعماري؟ وما هي آثارها القانونية؟
على هدي ما سبق فقد ارتأينا أن نتناول هذا الموضوع في مبحثين:
المبحث الأول: تجليات المسؤولية المدنية للمعماريين
المبحث الثاني: آثار المسؤولية المدنية للمعماريين.

المبحث الأول: تجليات المسؤولية المدنية للمعماريين


إن المسؤولية المدنية للمعماريين تتجلى في جانبين اثنين فهي إما مسؤولية عقدية كلما تعلق الأمر بعلاقة تعاقدية بين رب العمل وبين المعماريين وتم الإخلال بذلك (مطلب أول)، وإما مسؤولية تقصيرية كلما تعلق الأمر بأطراف  بعيدة عن العقد أصابها ضرر بسببهم (مطلب ثاني).

المطلب الأول: المسؤولية العقدية للمعماريين

إن المسؤولية العقدية للمعماريين تختلف بحسب ما إذا أثيرت قبل التسليم (فقرة أولى)، أو أثيرت بعده (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: قبل التسليم

سنتناول في هذه الفقرة المسؤولية العقدية للمهندس المعماري قبل التسليم في نقطة أولى على أن نتناول المسؤولية العقدية للمقاول قبل التسليم في نقطة ثانية.

أولا: بالنسبة للمهندس

يقوم المهندس المعماري بوضع التصميم المناسب والمقاسات اللازمة التي يحدد على ضوئها نوعية  البناء، وحجم ومواصفات المواد الواجب استعمالها من أجل إعداد التربة، كما أنه قد يتولى مهام الإشراف والرقابة على الأعمال التي خطط لها، وبهذا يكون قد تولى المهمة الشاملة. كما يتعين عليه أن ينبه رب العمل إلى مخاطر المقاولة وتقديم المشورة إليه، كلما دعت الضرورة إلى ذلك.[9]
ومنه يتبين أن للمهندس المعماري مهام ذات طابع تقني وفني، وأخرى ذات طابع استشاري وإداري فأين يتجلى الإخلال بهما؟

أ- إخلال المهندس المعماري بالالتزامات ذات الطابع التقني والفني
إن مسؤولية المهندس المعماري تقوم كلما ثبت هناك عيب في التصميم أو في الأرض. فهو ملزم بالتحري عن طبيعة الأرض المنوي إقامة البناء عليها، وكذا وضع التصميم المناسب لنوعية البناء المراد تشييده، حيث يتعين على المهندس المعماري في الحالة الأولى قبل وضع تصميمه التأكد من خصائصه وطبيعة الأرض التي سيقام عليها البناء، ودراسة نوع التربة لمعرفة ما إذا كانت صالحة للبناء، أو غير صالحة له.[10]
وإذا كانت مسؤولية المهندس المعماري لا تثير إشكالات عندما يتولى المهمة الشاملة، فإن الخلاف قد حصل بخصوص مسؤوليته عندما يقتصر على وضع التصميم دون الإشراف عليه؟
ذهب جانب من الفقه إلى حصر مسؤولية المهندس في وضع التصميم دون تمديد ذلك إلى عيوب الأرض، إلا إذا ثبت علمه بذلك ولم يخطر رب العمل أو المقاول به. أما الجانب الثاني فإنه اعتبر المهندس المعماري مسؤولا عن عيوب الأرض حتى لو لم يشرف على التصميم[11]. وهذا الاتجاه الأخير في نظرنا هو الجدير بالتأييد، لأن دراسة الأرض بصورة مسبقة يعتبر شرطا أساسيا لوضع التصميم المناسب.[12]
أما فيما يتعلق بعيوب التصميم، فإن المهندس المعماري هو المسؤول عنها، وذلك باعتبار  أنه هو من يقوم بإنجازه أساسا، وذلك بناء على نتائج الدراسات والفحوصات  التي قام بها، وكل خطأ في وضع التصميم يعتبر موجبا لتقرير مسؤوليته العقدية طبقا للنظرية العامة أو طبقا لدعوى الضمان العشري بعد عملية التسليم.[13]

ب- إخلال المهندس بالالتزامات ذات الطابع الاستشاري والإداري
فضلا عن الالتزامات ذات الطابع التقني والفني فإن المهندس المعماري ملزم بإخطار رب العمل وإعلامه بمخاطر المشروع المتوقعة، وكذلك السهر على حسن تنفيذ التصميم.
فالمهندس المعماري ملزم بتقديم المشورة والنصيحة لرب العمل، وذلك لكي يتمكن من تجنب الأضرار التي قد تلحق به نتيجة لعيوب البناء العائدة إلى التصميم أو المواد المستعملة في البناء وغيرها...[14] وهذا الالتزام الذي يتحمل به المهندس المعماري تجاه رب العمل لا يقتصر على مرحلة معينة من مراحل تنفيذ المشروع، وإنما يشمل فترات العملية كلها منذ الإعداد إلى الانتهاء فالتسليم.[15]
وهكذا فإن المهندس المعماري ملزم قبل عملية البناء بتنبيه زبونه إلى ضرورة التقيد بالآجال القانونية حتى يتمكن من الحصول على رخصة البناء، وأن ينبهه كذلك إلى أن مساحة الأرض المنوي إقامة البناء فوقها لن تتحمل درجات معينة من الاهتزازات الأرضية... وعند البدء في البناء فيتعين فيه أن يطلع رب العمل على التكاليف الإضافية التي يتطلبها المشروع وذلك تحت طائلة المسؤولية، إضافة إلى إعلامه بكل ما من شأنه أن يحول دون إتمام البناء... وفي المرحلة النهائية أي التسليم فإنه ينبغي على المهندس أن ينبه الزبون إلى عيوب البناء الظاهرة، وكذا احترام شكليات التسليم، وذلك كله تحت طائلة المسؤولية العقدية وفقا للنظرية العامة.
أما بالنسبة لمهمة الإشراف والرقابة فإنها تتقرر عندما يتولى المهندس المعماري المهمة الشاملة من خلال التتبع المستمر لأشغال البناء.

ثانيا: بالنسبة للمقاول

يترتب عن عقد المقاولة نشوء التزامات في جانب المقاول، والتزامات مقابلة في جانب رب العمل. ويعتبر الالتزام بإنجاز العمل، هو الالتزام الرئيسي في ذمة المقاول، وينطوي على واجبات يتعين على المقاول أن يقوم بها. فإذا أخل بهذه الواجبات تحمل الجزاء الذي يرتبه القانون.[16]
وسنتطرق في هذه النقطة إلى التأخر في التنفيذ (أ)، والخطأ في تنفيذ التصميم (ب).

أ- التأخر في تنفيذ أشغال البناء
يتعين على المقاول أن يقوم بإنجاز العمل المتفق عليه وفقا لشروط العقد، وفي الأجل المحدد، ويتحمل تبعا لذلك مسؤولية تنفيذ ما تعهد به من أعمال ونقلها من الرسومات والنماذج إلى الواقع الملموس[17]، وتسليمها لصاحبها دون أن تشوبها عيوب أو نقائص.
وأسباب تأخر المقاول في التنفيذ كثيرة منها ما يرجع إلى تقصيره الشخصي، ومنها ما يعود إلى تأخر الإدارة في تسليم رخص البناء لرب العمل وفي هذه الحالة يتحلل المقاول من المسؤولية، وهناك حالات أخرى ينجم فيها التأخير عند اضطرار المقاول إلى إنجاز أعمال إضافية لتكملة المشروع وفي هذه الحالة إذا كان حصل على إذن من رب العمل فالتأخير مبرر، أما إذا تولى تنفيذ هذه الأشغال من تلقاء نفسه فسيضطر إلى تعويض رب العمل عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذا التأخير.

ب- الخطأ في تنفيذ التصميم
إن المقاول ملزم بتطبيق التصميم الصحيح دون التدخل في تعديله أو تغييره، حيث إن كل تدخل خاطئ من شأنه أن يؤدي إلى حدوث عيوب واختلالات في أشغال البناء، قد يترتب عنها إلحاق الضرر بالغير.[18] وفي هذا الإطار صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بالرباط[19] أكد على مسؤولية المقاول نتيجة خطئه في تنفيذ التصميم والذي نتج عنه انهيار عمارة بحي المحيط، وبنت المحكمة مسؤولية المقاول استنادا على تقرير الخبرة في الموضوع، على أساس تهاونه وتقصيره في احترام بنود التصميم الذي كان يتولى تنفيذه.
إذا كان هذا ما يتعلق بالمسؤولية العقدية للمعماريين قبل التسليم، فإننا في النقطة الموالية سنتحدث عن مسؤوليتهم بعد التسليم.

الفقرة الثانية: بعد التسليم

يعتبر الضمان العشري من نتائج التسليم النهائي لأشغال البناء، حيث لا يمكن تصوره قبل ذلك، فما هي الطبيعة القانونية للضمان العشري؟ (أولا) وما هي أسباب قيامه؟ (ثانيا) وما هي شروطه (ثالثا).

أولا: الطبيعة القانونية للضمان العشري

قبل الحديث عن الطبيعة القانونية  للضمان العشري (ب)، سنتطرق لتعريفه (أ).

أ- مفهوم الضمان العشري
يعتبر الضمان العشري ظاهرة حديثة أفرزتها حضارة القرن العشرين، نتيجة عوامل المضاربة والأساليب  المستعجلة والحديثة التي يتم بها تشييد المباني[20]، ونظرا لخطورة تهدم المباني أو تصدعها بالنسبة إلى رب العمل وبالنسبة إلى الغير، شدد المشرع من هذا الضمان حتى يدفع المهندس والمقاول إلى بذل كل عناية ممكنة فيما يشيدانه من المنشآت.[21]
والضمان هو الالتزام بتعويض الغير عما لحقه من تلف المال أو ضياع المنافع، أو عن الضرر الجزئي أو الكلي الحادث بالنفس الإنسانية.[22] والعشري، نسبة إلى عشرة، ويفيد بقاء المهندس والمقاول المكلفان من رب العمل، متحملين المسؤولية، خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء، تبدأ من يوم تسلم الشيء المصنوع.

ب- الطبيعة القانونية للضمان العشري
عرفت الطبيعة القانونية للضمان العشري جدلا فقهيا، فهناك جانب يرى بأنه ذو طبيعة تقصيرية وهناك من اعتبره ذو طبيعة عقدية.
فأصحاب الاتجاه التقصيري يرون بأنه لا يجوز الجمع بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تكرار التعويض، كما أن المتضرر لا يمكن له أن يجمع بين قواعد المسؤولين في دعوى واحدة لأن لكل منهما تنظيم خاص.
أما أنصار الاتجاه الثاني فإنهم يستندون إلى إخلال بالتزام تعاقدي، بحيث أن كل من المقاول والمهندس المعماري يضمنان المخاطر الناتجة عن تهدم البناء كليا أو جزئيا.
لكن بالرجوع إلى الفصل 769 من ق ل ع نستنتج بأن الضمان العشري مرتبط بالمسؤولية العقدية فهو نظام مستقل، كما أن دعواه تختلف كليا عن دعوى البطلان والإبطال والفسخ.

ثانيا: أسباب الضمان العشري

إن الأسباب التي يقوم عليها الضمان العشري متعددة، لكننا سنقتصر فقط على أهمها: الخطأ في التنفيذ (أ) والإخلال بشروط الصفقة (ب).

أ- خطأ في التنفيذ
إن العديد من عيوب التنفيذ تعود إلى الأخطاء المرتكبة في التصاميم، حيث أن معظم الأخطاء الناجمة على ذلك تكون نتيجة أخطاء. لذلك، فإن الاطلاع الجيد على مخططات وتصاميم المشروع تجنب المقاول الوقوع في الخطأ وتخلصه من الضمان.
فالمقاول يتحمل المسؤولية عن العيوب التي تظهر في المبنى بعد تسليمه، ويتعين عليه أن يلتزم بتعليمات المهندس المشرف.

ب- الإخلال بشروط الصفقة
يكون المقاول مسؤولا وملتزما اتجاه رب العمل بالضمان العشري إذا تأخر في تسليم الأعمال في الأجل المتفق عليه، أو نفذها بشكل مخالف للمواصفات المحددة، أو غير التصاميم التي أنجزها المهندس المعماري...
هذا فضلا على أنه إذا كان المقاول قد تعهد بتقديم المواد التي قد تستخدم في البناء فإنه يكون ضامنا لجودتها في مواجهة رب العمل.[23]

ج- شروط الضمان العشري
لقيام الضمان العشري يتوجب توفر مجموعة من الشروط نجملها فيما يلي:

د- تهدم البناء بفعل أحد الأسباب المنصوص عليها في الفصل 769 من ق ل ع
حدد المشرع المغربي في الفصل 769 من ق ل ع الأسباب المؤدية إلى تهدم البناء والتي تمكن من الاستفادة من قواعد الضمان العشري وتتمثل في تهدم البناء نتيجة لعيب في طريقة البناء، أو عيب في الأرض أو نقص في المواد. وهذا يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا تهدم البناء بفعل سبب غير وارد في هذا الفصل لا يستفيد من الضمان العشريـ فمثلا إذا كان السبب يتعلق بنقص في المواد فإننا نميز بين ما إذا كانت مقدمة من طرف رب العمل، حيث يتوجب على المقاول أن يستعملها وفق ما تقتضيه أصول الصنعة، ومن غير إهمال، فإن لاحظ أي تهديد للبناء نتيجة استعمالها فإن عليه أن يخطر رب العمل فورا[24]. أما إذا كانت تلك المواد مقدمة من طرف المقاول فإن عيوبها الظاهرة لا تستوجب الضمان، أما إذا كان العيب خفيا بمعنى أنه يكتشف بعد عملية التسليم فقد أثار جدلا بين الفقه والقضاء حول مدى إمكانية تطبيق قواعد الضمان العشري على هذا الحالة نتيجة لوجود فراغ تشريعي بهذا الخصوص، حيث أن القضاء المغربي يوجب الضمان العشري إذا كانت العيوب خطيرة، أما إذا كانت غير ذلك فإنه يتم الاحتكام إلى القواعد العامة المتعلقة بضمان العيوب الخفية طبقا لعقد البيع.[25]

ه- إذا تعلق الأمر بتشييد بناء أو غيره من الأعمال المعمارية
يعرف الأستاذ عبد الرزاق السنهوري البناء بأنه: "كل ما شيدته يد الإنسان ليتصل بالأرض اتصال قرارا"[26]، ويدخل في ذلك المنازل والعمارات والمؤسسات العمومية...
وقد يقتصر عمل المقاول أو المهندس المعماري على تعلية البناء أو توسيعه أو إصلاحه، أو هدم جزء منه، وفي هذه الحالة فإنه لا يتم تطبيق مقتضيات الضمان العشري إلا إذا كانت هذه الأشغال على جانب من الأهمية كإضافة طابق أو طابقين...
أما الأعمال الأخرى غير المنصوص عليها في الفصل 769 من ق ل ع فإنها تشمل كل الأعمال التي يقوم بها المقاول بمفرده أو بمعية المهندس المعماري كالآبار، والمصاعد الكهربائية، والعقارات بالتخصيص...
وهكذا يمكن القول بأن صيغة الفصل 769 ق ل ع تسمح باستيعاب كل من المباني والمنشآت المعمارية الأخرى المماثلة لها، بحيث يتمتع القاضي بسلطة تقديرية في تمديد الضمان العشري ليشمل الملحقات والتجهيزات المخصصة لخدمة البناء.

و- وقوع التهدم داخل مدة الضمان
حدد المشرع المغربي مدة الضمان في عشر سنوات، وهو ما يستفاد من الفقرة الثالثة من الفصل 769 من ق ل ع، وهي نفس المدة التي استقر عليها التشريع الفرنسي، وكذلك قررتها المادة 651 من التقنين المدني المصري، في حين أن المشرع اللبناني حددها في خمس سنوات بنص المادة 668 من قانون موجبات العقود.
وتبدأ مدة الضمان العشري من يوم تسلم رب العمل العمل كما جاء في الفصل 769 من ق.ل.ع، لأن رب العمل لا يتمكن من الناحية الفعلية من فحص المبنى والاطلاع على عيوبه إلا من الوقت الذي تثبت له الحيازة المادية للعقار.[27]
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن مدة العشر سنوات هي مدة اختبار لصلابة المنشآت، وليست مدة للتقادم، كما أنها ليست مدة للإسقاط وإنما مهلة اختبار متانة المبنى والتأكد من صلاحية العقار.[28]
هذا كل ما يتعلق بالمسؤولية العقدية للمعماريين، فماذا عن مسؤوليتهم التقصيرية؟

المطلب الثاني: أحكام المسؤولية التقصيرية للمعماريين

تترتب المسؤولية التقصيرية عن الإخلال بالتزام قانوني سواء كان منصوصا عليه في القانون، أو كان نابعا من نظام التعايش، فالقاعدة العامة تقضي بعدم الإضرار بالغير، وكل من تسبب في وقوع هذا الضرر يلتزم بأداء التعويض للطرف المضرور[29]، وتعد المسؤولية عن الأضرار التي يتسبب فيها سقوط البناء من أبرز حالات المسؤولية الموضوعية التي تشمل المقاول والمهندس المعماري.
ونحن في هذا المطلب سنتطرق للأساس القانوني للمسؤولية التقصيرية في (الفقرة الأولى)، على أن نتطرق لشروطها في (الفقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الأساس القانوني للمسؤولية التقصيرية عن حراسة البناء

ينص الفصل 89 من ق ل ع على أن "يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي، إذا وقع هذا أو ذاك بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء..." وإذا التزم شخص غير المالك البناء برعاية البناء بمقتضى عقد، أو بمقتضى حق انتفاع، أو أي حق عيني آخر تحمل هذا الشخص المسؤولية...".
من خلال القراءة المتأنية للفصل أعلاه فإنه يتبين أن الأصل في المسؤولية أنها مرتبطة بمالك البناء، لكونه هو الذي يملك السيطرة الفعلية على بناءه، غير أن المشرع عاد في الفقرة الموالية وجعل كل من يتولى رعاية البناء مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه هذا التهدم[30].
وعليه فإن المقاول أو المهندس المعماري (في حالة الإشراف العام) يعتبر مسؤولا عن تهدم البناء وعن الأضرار اللاحقة بالغير الذي تربطه به علاقة تعاقدية، لأن رعاية البناء تكون حينئذ قد أنيطت بهما، على أن تحقق الشروط الواردة في الفصل نفسه وهي حصول الضرر بفعل تهدم البناء وكون التهدم ناتجا على عيب في البناء أو قدم فيه، أو قصور في أعمال الصيانة.

أولا: حصول الضرر بفعل تهدم البناء

إن تهدم البناء يوجب مسؤولية المقاول أو المهندس المعماري أو هما معا إذا أحدث ذلك ضررا بالغير، وتهدم البناء يعني تفككه أو انفصاله عن الأرض التي كان متصلا بها اتصال قرار، ومن هنا فإن الأضرار التي تلحق الغير داخل البناء  في غير حالات الانهيار لا تخضع للقرينة المنصوص عليها في الفصل 89.[31]

ثانيا: وقوع التهدم بأحد الأسباب الواردة في الفصل 89 من ق ل ع

يتبين لنا من خلال الفصل 89 من ق ل ع أن الأسباب  التي يعتد بها، للقول يتحمل المسؤولية عن حراسة البناء، هي القدم، والعيب في الصيانة أو البناء، وكل سبب من غير هذه الأسباب الثلاثة لا يمكن الاعتداد بها لقيام مسؤولية حارس البناء، وإذا ما أسقطنا هذه الشروط على المعماريين، فإن الشرط الأول المتعلق بالقدم لا يمكن تصوره إلا في المواد التي  يستعملها المقاول في البناء، أو في حالة ما إذا كان البناء قديما أولا وعند ترميمه تهدم، أي أن المهندس المعماري قد خطط في تصميم إلى إضافة  طابق أو طابقين، لكن عند الشروع في الأعمال، تهدم البناء في المراحل الأولى نظرا لقدمه.
أما العيب في الصيانة والعيب في البناء، فهما السببين الأكثر شيوعا، خاصة العيب في البناء الذي يعتبر السبب المباشر في تهدم العديد من البناءات، لذلك فإن المقاول من أوجب واجباته صيانة البناء بشكل مستمر تبعا لتقدم أشغال البناء، حيث أن المقاول ملتزم عند تشييد البناء بمراعاة قواعد الصيانة حتى لا يتعرض البناء في لحظة من غفلته إلى ركام فيذهب ضحيته العمال والغير وبالتالي تتحقق مسؤوليته.
أما المهندس فإذا كان واجب الصيانة مستبعدا من جانبه إلا أن عليه أن ينبه المقاول ورب العمل كلما لاحظ أن هناك عيوب في الصيانة قد تكون سببا في تهدم البناء.
إضافة إلى ذلك فإن المعماريين ملزمون بالتعويض عن الأضرار التي تصيب الغير إذا ما تهدم البناء نتيجة لعيب فيه، فالعيب في البناء يمكن أن يكون نتيجة لخطأ المقاول، وذلك عندما لا يعتمد القواعد المهنية والفنية اللازمة لتشييد البناء، وهذا ما يحصل غالبا في ورشات البناء التي لا تتوفر على عمال لهم من المهارة الفنية ما يؤهلهم للقيام بتلك الأشغال على الوجه المطلوب، أو بسبب عدم احترام التصميم الذي أعده المهندس المعماري، أو أعده بشكل خاطئ، وتم تشييد البناء وفقا لهذا التصميم الخاطئ دون تنبيه المهندس المعماري.
وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن المقاول قد لا يحترم المعايير المحددة من طرف مهندس الاسمنت المسلح، وذلك عبر الغش لتوفير التكاليف، ففي كل الحالات يمكن أن تثبت مسؤولية كل من المهندس المعماري والمهندس والمقاول، إن وقع تهدم للبناء بسبب عيب فيه ألحق ذلك ضررا بالغير.

الفقرة الثانية: المسؤولية المترتبة عن الإخلال بواجب حراسة الشيء

طبقا للفصل 88 من ق ل ع فإن كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر، ما لم يثبت أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر. وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو لخطإ المضرور، وإن كان تصور هذه المسؤولية لدى المهندس المعماري، غير وارد، فإن المقاول بحكم طبيعة عمله يحتاج إلى مجموعة من الوسائل للقيام بعملية البناء، حيث تعتبر بمنطوق المادة أعلاه أشياء يلزم حراستها، وكل ضرر نتج بسببها إلا ويثير مسؤولية المقاول، فهذا الأخير  يتحمل التعويض عن أي ضرر قد تحدثه الآليات التي يستعملها في تشييد البناء، وقد أفرز لنا الواقع مجموعة من الحالات التي يحصل فيها الضرر خاصة في ميدان البناء نظرا لخطورة الآليات وكل الوسائل التي يعتمدها أساسا، ولنا في واقعة سقوط الرافعة بالديار المقدسة أبرز نموذج على خطورة وسائل البناء، والتي ذهب ضحيتها عشرات الأفراد.
المطلوب إذن من المقاول اتخاذ الحيطة والحذر على وضع هذه الوسائل وإبعادها ما أمكن عن المناطق التي تعرف حركية أكثر وذلك عبر الفحص التقني المستمر لها والتأكد من ربط كل أجزائها بشكل جيد، وكل ضرر نتج بفعل القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو بسبب خطأ الغير لا تقوم معه مسؤولية المقاول.

الفقرة الثالثة: المسؤولية  المترتبة عن الإخلال بمقتضيات الصحة والسلامة

يتحمل المقاول ببعض الواجبات المهنية التي تستوجب المساءلة التقصيرية أمام رب العمل أو الغير أو هما معا.[32]
كما أن المقاول يكون غالبا مرتبطا بمجموعة من العمال الذين يقومون بإنجاز الأشغال تحت إمرته فيكون من الواجب عليه أن يضمن لهم عنصر السلامة داخل الورش تحت طائلة مساءلته. حيث يتضمن الفصل 749 أن المعلم والمخدوم وعلى العموم كل رب عمل يلزم بأن تكون كل الأماكن التي يقدمها لخدمته وعماله مستوفية لكل الشروط اللازمة التي تؤمن لهم صحتهم من كل خطر وذلك من خلال صيانتها طيلة مدة العقد.
كما ألزم نفس الفصل المخدوم، المقاول في مقامنا هذا، بأن يعمل على أن تكون الأجهزة والآلات والأدوات في حالة من شأنها أن تقي المستخدمين من كل خطر يهدد حياة أو صحة العمال.
ثم أخيرا اتخاذ كل ما يلتزم من الإجراءات الوقائية لتأمين حياة وصحة الخدم عند أدائهم لمهامهم تحت توجيهه أو لحسابه.
صفوة القول أن المقاول ملزم بتحقيق عنصر السلامة داخل الورش من خلال تجنب كل أسباب الضرر كالحرائق مثلا، وتوفير أدوات الوقاية أثناء تأدية الأشغال، وكل ضرر نتج عن إهمال من المقاول إلا ويحمله كامل المسؤولية، أما المهندس المعماري فإنه أثناء المهمة الشاملة يلتزم فقط بتنبيه رب العمل أو المقاول إذا لاحظ أن هناك ما يهدد سلامة العمال أو الغير داخل الورش.

المبحث الثاني: آثار المسؤولية المدنية للمقاول والمهندس المعماري


كان لزاما وحتى تتحقق مسؤولية المهندس المعماري والمقاول عن الأخطاء المرتكبة من قبلهما، والحكم عليهما بالتعويض المناسب لجبر الضرر اللاحق بالمتضرر (مطلب ثالث)، تقديم دعوى قضائية ضدهما (مطلب أول)، لكن هناك أسباب إذا تحققت قد تنفي المسؤولية عنهما (مطلب ثاني).

المطلب الأول: الدعاوى القضائية ضد المقاول والمهندس المعماري

بعد أن تطرقنا لأنواع المسؤولية التي يتحملها كل من المهندس المعماري والمقاول سواء اتجاه رب العمل المتضرر في إطار العقد المبرم بينهما أو اتجاه الغير الذي لحقه ضرر نتيجة التهدم الكلي أو الجزئي للبناء في ظل نطاق المسؤولية التقصيرية كان لابد من التمييز بين نوعين من الدعاوى التي يتمتع بهما المتضرر إزاء المعماريين هما دعوى المسؤولية العقدية (فقرة أولى) نتيجة الإخلال بالتزام عقدي اتجاه رب العمل، ودعوى المسؤولية التقصيرية نتيجة لخطأ المقاول أو المهندس المعماري اتجاه الغير (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: دعوى المسؤولية العقدية

إذا كانت القاعدة كما يقول فقهاء المسطرة المدنية بأن لكل حق دعوى تحميه، فإن حق رب العمل في الحصول على سكن لائق وسليم وآمن يقابله الحق في رفع الدعاوى القضائية التي تصون وتحمي هذا الحق، وتختلف الدعاوى  التي يملكها رب العمل في مواجهة المهندس المعماري بحسب نوع الضرر الحاصل، وزمن حصول الضرر، ولا تخلو أن تصنف الدعاوى القضائية  التي يملكها رب العمل اتجاه المهندس المعماري ضمن صنفين اثنين دعوى التعويض قبل التسليم (أ) ودعوى التعويض بعد التسليم (ب)[33].

أولا: دعوى المسؤولية العقدية وفقا للنظرية العامة (قبل التسليم)

تكريسا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين[34]، ونظرا لكون القوة الإلزامية التي يتمتع بها العقد بمثابة قوة القانون، فإنه يتعين على المقاول والمهندس المعماري الالتزام بمقتضيات العقد وأي إخلال بهذه الالتزامات إلا ويعرض صاحبه لتحمل المسؤولية العقدية متى توافرت في ذلك الشروط الآتية:

1- الإخلال بالتزام عقدي: والعقد المقصود به هنا هو عقد الهندسة أو عقد المقاولة من أجل البناء سواء كان الالتزام الذي حصل الإخلال به صريحا أو مما تقتضيه العلاقة العقدية الرابطة بين رب العمل والمعماريين[35] كالالتزام بإسداء النصح والمشورة.
ومن بين مظاهر الإخلال بالالتزامات العقدية للمقاول والمهندس المعماري نجد عدم الوفاء أو التأخر في الوفاء، وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين. وكذلك حالة التنفيذ المعيب لمحل الالتزام كأن تظهر عليه عيوب مخالفة لفن المعمار والبناء وهو لا زال في طور البناء.

أ- حصول الإخلال قبل تسليم البناء لرب العمل
وهو شرط أساسي حيث يعتبر محطة مفصلية بين إعمال دعوى المسؤولية وفقا للنظرية لعامة وإعمال دعوى الضمان العشري إذا توفرت شروطه، كما هو منصوص عليها في الفصل 769 من ق ل ع.
وتبدأ فترة قبل التسليم من تاريخ وضع التصميم والشروع في الحصول على رخصة البناء القانونية مرورا بطور الإنجاز إلى غاية تسليم المفاتيح لرب العمل والتنازل له على الحيازة القانونية والمادية[36].

ب- احترام أجل دعوى المسؤولية والتقادم
بالرجوع إلى الفصل 387 من ق ل ع فإنه يتعين على رب العمل أو نائبه القانوني أن يرفع الدعوى داخل أجل خمسة عشرة سنة تبدأ من تاريخ علم رب العمل بالفصل الموجب للمسؤولية، وفي مقابل هذه المهلة الطويلة التي خولها المشرع لرب العمل فإن الفصل 388 الفقرة الرابعة من ق ل ع ينص في فقرته الرابعة على أن مدة تقادم الخدمات التي يقدمها المهندسين المعماريين لزبناءهم هي سنتين من تاريخ المواصفة أو إتمام العملية التي أنجزوها أو أشرفوا عليها.

ج- إثبات رب العمل لخطأ المقاول أو المهندس المعماري
لقبول دعوى المسؤولية العقدية وفقا للنظرية العامة فإنه يتعين  على رب العمل أن يقدم الدليل على خطأ المعماريين أثناء مزاولتهم لمهامهم والتزاماتهم التي تعهدوا بها في صلب العقد وكذا التي تعد من مقتضياته إذا جرى التعامل على إجازتها ويرجع كذلك إلى أن أساس هذه المسؤولية يكمن في فكرة الخطأ الواجب الإثبات، وبالرغم من الصعوبات التي تعوق رب العمل وهو بصدد تقديم الدليل على خطأ شخص محترف كالمقاول أو المهندس المعماري، إلا أن القضاء المغربي لازال متمسكا بضرورة تقديم هذا الدليل، رغم أن الفقه والقضاء الفرنسي لجآ إلى التخفيف من عبء هذا الإثبات خصوصا بالنسبة للأخطاء الصادرة عن المقاول لكون التزاماته من قبيل الالتزامات بتحقيق نتيجة التي يترتب على الإخلال بها تحميله للمسؤولية من غير التزام رب العمل بإثباته خطاه[37].

ثانيا: دعوى الضمان العشري (بعد التسليم)

إضافة إلى دعوى المسؤولية العقدية وفقا للنظرية العامة فإن هناك طريق آخر للرجوع على المقاول والمهندس المعماري  في الفترة الموالية للتسليم، ويتمثل  ذلك في دعوى الضمان العشري[38] حيث يحق لرب العمل أو من ينوب عنه قانون رفع دعوى تحمي حقه في مواجهة كل من المقاول والمهندس يطالبهما بالتعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة للتهدم الجزئي أو الكلي للبناء وينبغي على رب العمل أن يرفع دعواه داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ ظهور الواقعة طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 769 من ق ل ع يطلب فيها التنفيذ العيني بحيث إذا تهدم البناء كله أو بعضه فله أن يطلب إعادة بناء ما تهدم، أو أن يطلب من المحكمة أن يعيد بناء ما تهدم على نفقة المدين بالضمان، المهندس أو المقاول أو كليهما بالتضامن.[39]
وبالرجوع إلى أحكام الفصل 769 من ق ل ع فإن القاضي في دعوى الضمان العشري يراعي نسبة خطأ كل من المهندس والمقاول عند تقسيمه المسؤولية فيما بينهما، فإذا كان هناك خطأ في التنفيذ أو في المواد المستعملة، وكان المهندس مشرفا على التنفيذ، فلا شك في تحمل المهندس نسبة من الخطأ، غير أن خطأ المقاول، عادة ما يكون أكثر جسامة.
كما قد يرجع السبب في العيوب التي تصيب البناء في المواد المستعملة في عملية البناء المقدمة من قبل رب العمل، وفي هذه الحالة فإنها قد تتحقق من مسؤولية المهندس أو المقاول وتأخذ في الحسبان عند تقدير قيمة التعويض إلا أن ذلك لا يعفي المقاول من المسؤولية لكون هذا الأخير ملزم بالتأكد من سلامة  المواد المقدمة له من قبل رب العمل قبل  استعمالها، والكشف عن عيوبها طبقا للمستوى الفني المطلوب من رجل مثله، وهذا ما يؤكده الفصل 765 من ق ل ع  عندما نص على أنه إذا حدثت خلال تنفيذ الصنع، في المواد المقدمة من رب العمل أو في الأرض المخصصة للبناء أو في غير ذلك، عيوب أو نقائص من شأنها أن تهدد بالخطر حسن الصنع، وجب على أجير الصنع أن يخبر بها رب العمل فورا، وفي حالة الإهمال يسأل عن كل الضرر الناجم عن تلك العيوب والنقائص، ما لم يكن من طبيعتها أن تخفى على عامل مثله.
أما الفصل 770 فينص على أنه "إذا كان العيب أو التهدم ناتج عن التعليمات الصريحة المعطاة من رب العمل على الرغم من معارضة المقاول، فإن رب العمل يتحمل كافة المسؤولية في هذه الحالة[40].
في حين يؤكد الفصل 766 من ق ل ع، أنه إذا قدم المقاول والمهندس المادة  كلها أو بعضها كان مسؤولا عن جودتها وعليه ضمانها.
ويفترض أن يستعين رب العمل بخبير لكشف العيب وبيان ماهيته وما يلزم لإصلاحه، وبعد أن يقدم الخبير تقريره الذي يضمنه ماهية الأضرار الحاصلة من البناء من جراء تهدمه أو ظهور العيب فيه، وأسبابها، ووقت وقوعها، وتقدير قيمتها، فإن لرب العمل الخيار بين أمرين أولهما يتمثل فيما إذا كان التهدم أو العيب مما يمكن إصلاحه، بحيث يكون لرب العمل في هذه الحالة الحق في أن يطلب من المحكمة المختصة إلزام كل من المقاول أو المهندس بالتنفيذ العيني، المتمثل في إصلاح العيوب التي ظهرت في البناء.[41]
وله أن يطلب الإذن من القضاء المستعجل في أن يعيد بناء ما تهدم على نفقة المدين بالضمان، المقاول أو المهندس أو كليهما بالتضامن،[42] على أن المحكمة لا تقوم بإعطاء الإذن إلا بعد قيامها بجمع الطرفين والاستماع إلى أقوالهما، وبعد الحصول على الإذن...
هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يجوز لرب العمل رفع دعواه مباشرة ضد المقاولين الفرعين، أو مقدمي المواد الأولية اللذين استخدمهم المقاول الأصلي، كما يستفاد ذلك من مفهوم المخالفة للفقرة الثانية من الفصل 780 ق ل ع التي نصت على أنه "...والمقاولون الفرعيون الذين يستخدمهم المقاول الأصلي، ومقدموا المواد الأولية ليست لهم أي دعوى مباشرة ضد رب العمل، وليس لهم أن يباشروا دعاوى مدينهم" بمعنى أن المقاول الأصلي هو من له الحق في رفع دعوى ضدهم إذا ثبت أن العيب أو التهدم الذي أصاب  البناء كان ناتجا عن خطأ  المقاول الفرعي، أو عن فساد المواد الأولية.

الفقرة الثانية: دعوى المسؤولية التقصيرية

لدراسة دعوى المسؤولية التقصيرية فينبغي التطرق لأطراف دعوى المسؤولية.

أولا: المدعي

المدعي: في دعوى المسؤولية هو المضرور الذي يطالب المسؤول عن الضرر بالتعويض أمام الجهة القضائية المختصة[43] سواء كان ضررا ماديا أو معنويا، والمضرور الذي له حق رفع دعوى المسؤولية بمناسبة عملية البناء قد يكون مرتبطا بعملية البناء كالعامل والسائق... كما قد يكون من الغير الأجنبي عن عملية البناء كالمارة والجيران.[44]
والمدعي – المضرور – له الحق في التعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، فالضرر المادي هو الذي يمس إما حقا ماليا وإما مجرد مصلحة مالية مشروعة[45] أما حسب الفصل 264 من ق ل ع "فالضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب...."
أما التعويض عن الضرر المعنوي فيتمثل في الأذى الذي يلحق الشخص  في كرامته وشرفه أو قيمته الأخلاقية.[46]
وعموما فإن المدعي في دعوى المسؤولية قد يكون المتضرر بشخصه، أو قد يكون نائبا عنه كالوصي والقيم والوكيل، كما قد يكون خلفا له خاصا أو عاما.
أما إذا كان المتضرر شخصا معنويا كالمدير فالممثل القانوني هو الذي يكون له الحق في رفع دعوى التعويض عن الضرر الذي أصابه، ومن جهة أخرى قد يكون المتضرر شخصا اعتباريا كالدولة التي يكون لها الحق في المطالبة بالتعويض عن كل ضرر أصابها في مالها. أما الضرر المعنوي فهناك خلاف في الرأي حيث ذهب اتجاه إلى أن الدولة لا تستحق تعويضا لأن شرف الدولة هو بعض من المصلحة العامة التي تحميها الدعوى العمومية، فلا محل لحمايته عن طريق الدعوى المدنية بالتعويض، ويذهب اتجاه آخر إلى أن الضرر الأدبي والمادي سواء من حيث المطالبة بالتعويض[47].

ثانيا: المدعى عليه

ترفع دعوى المسؤولية على الشخص الذي تسبب في إحداث الضرر وكان مسؤولا وملتزما بتعويض المضرور[48] في مجال المسؤولية عن البناء الذي قد يكون المالك بوصفه مالكا للبناء، بناء على الفصل 89 من ق ل ع[49]، كما قد يكون المقاول أو أحد تابعيه باعتباره حارسا للبناء أو حارسا للأشياء أثناء تنفيذ عملية البناء، وذلك بناء على نفس الفصل أعلاه الذي يؤكد ضمن مقتضياته على أنه:
"إذا التزم شخص غير المالك برعاية البناء إما بمقتضى عقد، أو بمقتضى حق انتفاع أو أي حق عيني آخر، تحمل هذا الشخص المسؤولية...".
من تم فإن كل من المقاول والمهندس المعماري يلتزمان بمقتضى عقد المقاولة المبرم بينهما وبين المالك بالتعويض عن مختلف الأضرار التي تصيب الغير أثناء تنفيذ عملية البناء.
وتجدر الإشارة أن دعوى التعويض ترفع على من ارتكب الفعل الضار متى كان بالغا، وعلى الوصي إذا كان قاصرا، كما يعفى مرتكب الفعل الضار من المسؤولية التقصيرية عند انعدام التمييز[50]، لكن يحل محله أبوه أو أمه باعتبارهم المسؤولون عنه[51].
أما إذا كان المسؤولون عن الضرر أشخاص متعددون فإنهم يسألون بالتضامن عن الضرر الذي أصاب الغير[52]، دون اعتبار لنوعية الخطأ  (إيجابي أو سلبي) أو لدرجة خطورة خطأ كل  واحد منهم (جسيما أو يسيرا).
وكما يحق  للمضرور أن يرجع على المسؤولين جميعهم على سبيل التضامن، يحق الرجوع على أحدهم فقط، وهو الذي سيكون عليه الرجوع على باقي المسؤولين بحسب نصيب كل واحد في توافر المسؤولية.[53]
وعموما، فإنه برفع رب العمل أو الغير للدعوى ضد المقاول أو المهندس المعماري أو هما معا، يحق لهذين الأخيرين رفع هذه الدعوى بإثبات السبب الأجنبي المؤدي إلى واقعة التعيب أو التهدم في البناء موضوع عقد المقاولة، كما يحق للقضاء في إطار الدعوى، الحكم بتعويض لرب العمل يختلف باختلاف حالات التعيب أو التهدم، كما يختلف أيضا باختلاف الأسباب المؤدية به إلى ذلك التهدم.
فما هي أسباب إعفاء المقاول، أو المهندس من المسؤولية؟

المطلب الثاني: أسباب إعفاء المقاول أو المهندس المعماري من المسؤولية

بالرغم من توافر العناصر الضرورية لقيام المسؤولية المدنية للمعماريين فإن هؤلاء قد يعفون من تحمل تبعاتها، وذلك لانفصام العلاقة بين الفعل الموجب للمسؤولية وبين الضرر الناتج عنه، ويتحقق مثل هذا الإعفاء في حالة وجود الأسباب الموجبة لانتفاء هذه المسؤولية كالقوة القاهرة والحادث الفجائي (الفقرة الأولى) أو الخطأ المنسوب لرب العمل (الفقرة الثانية) أو الغير (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: القوة القاهرة والحدث الفجائي

عرف المشرع المغربي القوة القاهرة من خلال الفصل 269  من ق ل ع، عندما أكد على أنه: "القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف، والعواصف...)وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.
ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.
وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين.
وتعد القوة القاهرة والحدث الفجائي من أهم حالات السبب الأجنبي الذي تؤدي إلى انقطاع الرابطة السببية بين الخطأ والمضرور، وبالتالي إعفاء المعماريين من تحمل تبعات الفصل الموجب للمسؤولية، إذ لا تكليف بمستحيل كما يقول الفقهاء المسمون.[54]
وخلافا لما كان يراه أنصار الفقه التقليدي من أن القوة القاهرة تختلف عن الحدث الفجائي، إلا أن الاتجاه السائد في الفقه المعاصر[55] يذهب إلى التسوية بين القوة القاهرة والحدث الفجائي سواء من حيث الحكم أو الشروط المتطلبة لقيامهما إذ لا داعي للفصل بينهما مادامت النتيجة واحدة وهي إعفاء المدين من التحمل بالمسؤولية.[56]
وقد ورد النص على القوة القاهرة والحدث الفجائي كسبب يبرر إعفاء المقاول والمهندس المعماري من المسؤولية في الفصل 773 الذي يقضي بأن أجير الصنع لا يضمن هلاك المصنوع كلا أو بعضا نتيجة حدث فجائي أو قوة قاهرة إذا قدم المادة من عنده ولا يحق له أن يطالب بثمنها وكذا الفصل 776 من ق ل ع الذي ينص على ما يلي. "إذا انقطع إنجاز العمل بسبب خارج عن إرادة المتعاقدين لم يكن لأجير الصنع الحق في قبض الثمن إلا بنسبة ما أداه من عمل.[57]
ويرجع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعي بها تعتبر قوة قاهرة إلى القضاء الموضوعي، الذي له الحق في تكييف الوقائع المعروضة أمامه إلى قوة قاهرة أم لا[58].

الفقرة الثانية: خطأ المضرور كسبب للإعفاء من المسؤولية

هناك بعض الحالات التي يساهم فيها المضرور في تحقيق النتيجة الضارة، وغالبا ما يجد المقاول أو المهندس في ذلك مناسبة لدفع المسؤولية في الميدانين التعاقدي والتقصيري على حد سواء.
ويمكن القول بصورة عامة على أن خطأ المضرور، قد يكون سبيل للإعفاء الكلي من المسؤولية عندما تتوافر فيه شروط القوة القاهرة بأن يكون غير متوقع ومستحيل الدفع كما أنه قد يكون سببا للإعفاء الجزئي من هذه المسؤولية عندما يكون مجرد سبب من الأسباب التي ساهمت في إحداث الضرر[59] وبالتالي فإنه كان يحتكم في غالبية الأصول إلى تشطير المسؤولية بين رب العمل والمقاول أو المهندس.
أما عن موقف القضاء المغربي من الدفع السابق فإننا نلاحظ أنه يختلف من مرحلة لأخرى، فبالنسبة  للأحكام الصادرة عن هذا القضاء قبل تأسيس المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا، فإنها كانت لا تتردد في قبول طلبات الإعفاء الكلي خصوصا في الأحوال التي يكون فيها خطأ المضرور هو السبب الوحيد الذي نشأ عنه الضرر.[60] إلا أن الأمر قد تغير بعد إنشاء المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا سنة 1957، إذ أن قضاه المجلس أصبحوا يشددون كثيرا في قبول طلبات الإعفاء الكلي بالاستناد إلى خطأ المضرور، وبالتالي فإنه كان يحتكم في غالبية الأحوال إلى تشطير المسؤولية بين رب العمل والمقاول أو المهندس، حتى ولو كان هذا الخطأ على جانب كبير من الخطورة خاصة أن التعامل في الميدان المعماري غالبا ما يفتقر إلى عنصر التوازن بين المراكز الاقتصادية، حيث يكون رب العمل جاهل بأصول وقواعد الفن المعماري وبذلك يكون أكثر استحقاق للحماية من المعماريين الآخرين الذين يحترفون مهنة التشييد والبناء.[61]
وإذا كان المبدأ يقضي بأن خطأ المضرور لا يعتبر سببا عاما لإعفاء المعماريين من المسؤولية، إلا أنه قد ترد استثناءات لإعفائهما من المسؤولية بتوافر شرطين اثنين[62]:
-         أن يحصل التدخل الخاطئ من رب العمل في أشغال المقاولة.
-         أن يكون رب العمل المتدخل على جانب من الخبرة والدراية في شؤون البناء.
كما أضاف الأستاذ عبد القادر العرعاري[63] على أنه في حالة ما إذا كان التعامل حاصلا داخل إطار القانون العام فإن الأصل أن الإدارة غالبا ما تكون في مستوى خبرة المعماريين، وذلك لما لها من وسائل المراقبة التقنية التي تكفي للاطلاع على جوانب المشروع وبالتالي فإنه يفترض فيها الخبرة بتفاصيل المشروع، وهذا يعني أن التدخلات الخاطئة، للأشخاص التابعين لها قد تعفي المقاول أو المهندس من تحمل المسؤولية كليا أو جزئيا حسب جسامة الخطأ الصادر عن هؤلاء.

الفقرة الثالثة: الخطأ المنسوب إلى الغير

بالإضافة إلى الحالتين السابقتين فإن الخطأ المنسب للغير قد يؤدي بدوره إلى إعفاء المعماريين من تحمل كل من المسؤولية أو جزء منها متى توافرت شروط هذا الإعفاء.
والمقصود بالغير هنا لا يقتصر فقط على الأشخاص الأجانب عن عقد المقاولة، وإنما يشمل أيضا أجراء الصنعة الذين لا يرتبطون فيما بينهم بمقتضى هذا العقد وذلك – كعلاقة – المقاول والمهندس المعماري بحيث يعتبر الأول غير بالنسبة للثاني حتى ولو كانا يهدفان إلى إنجاز عمل مشترك.
أما بالنسبة لنوعية الأخطاء التي يعفى المعماريون بسببها في ظل هذه الحالة فإن الرأي الراجح يذهب إلى اشتراط أن تكون الأخطاء المنسوبة للغير على جانب من الخطورة، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت تكتسي طابع القوة القاهرة واستحال على المقاول والمهندس المعماري توقعها أو دفعها.
وإذا كانت مسألة الإعفاء من المسؤولية بسبب الخطأ المنسوب للغير لا تثير مشاكل عندما يتعلق الأمر بالغير بالمعنى الواسع للمصطلح (أي الذي لا علاقة له إطلاقا بالمقاولة) فإن الوضع يختلف بالمعنى الضيق لمصطلح الغير (الحالة التي يكون فيها لهذا الغير ارتباطا بالمقاولة).
ففي الوضع الأول يتحلل المعماريون من المسؤولية بمجرد ثبوت الخطأ المنسوب للغير وكان هذا الخطأ يرتقي إلى مرتبة القوة القاهرة بأن استحال دفعه أو توقعه.
أما بخصوص الوضع الثاني فإن الحكم يختلف باختلاف الفترة الذي حصل فيها الفعل الموجب للمسؤولية، فإذا وقع هذا الفصل قبل حصول عملية التسليم فإنه يكون هناك مجال لإعفاء المقاول أو المهندس بسبب الخطأ الصادر عن أحدهما باعتبار أن مسؤوليتهما في هذه الفترة تكون وفقا للنظرية العامة للمسؤولية العقدية المبنية على الخطأ الواجب الإثبات.[64]
أما إذا حصل الخطأ في الفترة الموالية لعملية التسليم، فإن الأمر على خلاف ذلك مادامت المسؤولية مبنية على الخطأ المفترض في جانب المقاول والمهندس المعماري، فإن ذلك من شأنه أن يحول دون التمسك بهذا الدفع اتجاه رب العمل، حتى ولو كان الخطأ منسوبا إلى المقاول أو المهندس المعماري إلا أن ذلك لا يمنع هؤلاء المعماريين من استعمال دعاوى الرجوع فيما بينهم.[65]

المطلب الثالث: التعويض في دعوى المسؤولية المعمارية

لما كانت الغاية من إقرار نظام المسؤولية المدنية هو محاولة جبر الضرر وإعادة التوازن إلى المراكز الاقتصادية المختلة بين الطرفين نتيجة الأخطاء المنسوبة للمعماريين فإن المنطق يقضي أن تقدم المحكمة المعروض عليها النزاع بإلزام الطرف المتسبب في وقوع الضرر بأداء التعويض المناسب لرب العمل أو الغير المتضرر، ويستوي في ذلك أن يكون التعويض إصلاحا للعيب أو الخلل الموجبين للمسؤولية أو الضمان العشري، أو عبارة عن تمتيع الطرف المضرور بمبالغ نقدية إذا كان العيب أو الضرر مستعصيا على الإصلاح العيني.
ويعتبر التعويض بمثابة المقابل المحكوم به لفائدة المتضرر جبرا للضرر اللاحق به.[66]
والطريقة المثالية لتعويض الضرر  هي إزالته ومحوه متى كان ذلك ممكنا ليعود المتضرر في نفس الحالة التي كانت عليها قبل وقوع الضرر، وهذا هو التعويض العيني (الفقرة الأولى)، ولكن إذا استحال تعويض الضرر عينيا، فلا سبيل أمام المحكمة إلا أن تلجأ إلى طريقة التعويض بمقابل[67]، هذا في ظل المسؤولية العقدية، أما التعويض في المسؤولية التقصيرية فيكون بمقابل (الفقرة الثانية) ولا يكون عينيا إلا في حالات استثنائية نادرة[68].

الفقرة الأولى: التعويض العيني

يقصد بالتعويض العيني إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، فيطلب من المقاول أو المهندس إعادة بناء ما تهدم من المباني، ويعد التعويض العيني أفضل من التعويض بمقابل ذلك أنه يؤدي إلى محو الضرر وإزالته.
والتعويض العيني هو الأصل، فإذا لم يقم كل من المقاول والمهندس اختياريا بإصلاح الضرر، فإن لصاحب العمل اللجوء إلى القضاء للحصول على حقه بطلبه من المحكمة الحكم له بالتعويض العيني، ومن الطبيعي أن صاحب العمل يفضل التعويض العيني، أي قيام المقاول والمهندس بإعادة ما تهدم وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، إلا أنه مع صعوبة تنفيذ الالتزام العيني فإنه غالبا ما ينحصر الطلب في التعويض النقدي.[69]
وإذا كانت القاعدة العامة أن الإصلاح العيني للأضرار لا يتصور من الناحية العملية، إلا بالنسبة للمقاول على أساس أن هناك صعوبة فعلية تحول دون هذا الإصلاح بالنسبة للمهندس المعماري الذي تنحصر مهامه في الجانب الفني للمشروع كإعداد التصاميم والإشراف عليها.
وعليه فقد ذهب غالبية الفقه إلى إلزام المهندس المعماري بأداء التعويض النقدي لرب العمل، وهذا ما قضت به المحاكم الفرنسية في أكثر من مرة.

الفقرة الثانية: التعويض بمقابل

خلافا للتعويض العيني الذي يهدف إلى إزالة الضرر عن طريق إرجاع الطرفين إلى وضعية ما قبل الضرر.
فإن التعويض بمقابل طريق من طرق جبر الضرر الذي يصيب المضرور جراء تهدم المباني والمنشآت الثابتة[70].
فهو ترجمة فعلية للضرر إلى نقود من شأنها محو الآثار السيئة التي خلفتها الأضرار التي ظهرت بالبناء.
ويختلف حجم التعويض باختلاف حجم الأضرار وطبيعتها، ولذلك فهو خاضع للسلطة التقديرية للمحكمة التي تستأنس بظروف كل نازلة على حدة[71]، وهذا ما ينص عليه الفصل 264 من ق ل ع، و"الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام. وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه.
ونظرا للطابع التقني للموضوع فإن المحكمة تستعين بالخبرة لتحديد الَأضرار الحقيقية والمبالغ المستحقة في التعويض، ومادام أن رب العمل والمهندس تربطهما التزامات تبادلية فيمكن إجراء المقاصة بين أتعاب المهندس ومبلغ التعويض المحكوم به لفائدة رب العمل.
وتجدر الإشارة أن التعويض يجب أن يكون شاملا لما لحق صاحب العمل من خسارة وما فاته من كسب بسبب تهدم البناء فيكون بذلك معادلا للضرر الحاصل لصاحب العمل في مبناه أو للغير.
كما يدخل ضمن التعويضات المستحقة لرب العمل قبل المهندس أو المقاول أيضا، ما يدفعه للغير من تعويضات جراء قصوره من تهدم البناء ومطالبته لصاحب العمل بناء على مسؤوليته بصفته حارسا للبناء أو مالكا له.
غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه، هو هل يمكن للعامل المتضرر من جراء تهدم البناء، الذي تربطه علاقة شعل بالمقاول، الاستفادة  من أحكام المسؤولية التقصيرية أم الاكتفاء  بالتعويض على أساس ظهير 1963 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية المعدل بموجب القانون 18.12؟
باستقرائنا لمقتضيات هذا القانون المتعلق بحوادث الشغل فيتبين لنا أن التعويض في إطار حوادث الشغل والأمراض المهنية وعلى خلاف القواعد العامة التي يكون التعويض فيها كاملا والتي تستلزم من المتضرر إثبات الخطأ أو الضرر الذي حصل له والعلاقة السببية بينهما، فإنه يكون  كاملا ولا يحتاج إلى توفر تلك الأركان لقيام مسؤولية المقاول، بمعنى لا يحتاج الوضع هنا إلى إثبات وجود خطأ من قبل هذا الأخير لكي يسأل عن الضرر، بل يمكن أن يقع الضرر بفعل الأجير  نفسه إذا لم يمتثل لأوامر المشغل أو لم ينفذ تعليماته كما طلب منه، أو قد لا يراعي القواعد المتعلقة بالصحة والسلامة داخل ورش العمل.
والحكمة من وراء تقرير التعويض الجزئي للأجير، يعود حسب أحد الفقهاء إلى الصبغة المعيشية للتعويض، حيث إن نسبة 95% من الأجراء لا يملكون قوت يومهم، وإن توقف العامل عن العمل نتيجة إصابته بحادثة الشغل يجعله في حاجة إلى قوت يومه بصفة مستمرة، أما ما تبقى من التعويض فيمنح للأجير على ضوء القواعد العامة للمسؤولية.

خاتمة

خلاصة القول، إن إخلال المعماريين بواجباتهم المهنية له نتائج في غاية الخطورة، فهي لا تضر فقط برب العمل أو الزبون، بل تؤثر أيضا على الصالح العام بكل مفاهيمه. لذلك نحذو حذو أستاذنا الدكتور عبد القادر العرعاري الذي ناشد المشرع بالقيام بإصلاحات تشريعية تهدف إلى توفير حماية أكبر لأرباب العمل ومالكي البناء من جهة، ولعموم المتضررين من تهدم البناء من جهة ثانية.[72]
كما نتمنى أن يقوم المشرع بتحديد مهام كل من المقاول والمهندس المعماري بدقة ووضوح، وأن ينظم العقد الرابط بين رب العمل وبين المهندس والمقاول حتى يكون الزبون على بينة من العقد المقبل على إبرامه، وعلى دراية بالآثار الناتجة عنه، حتى يتم تجاوز الفراغ التشريعي الذي يلقي على عاتق القضاء مهمة صعبة، وحتى يتم تجاوز التضارب الحاصل في الاجتهادات القضائية بخصوص هذا الموضوع.
هذه بعض النقط الأساسية في الموضوع، ولا يخفى عليكم أن موضوعا كهذا، لا يمكن تغطيته في هذه العجالة، ولكن نرجو أن نكون قد ساهمنا في وضع الأساس، ونفتح لكم الباب لتكملوا البناء.

لائحة المراجع

-      محمد شكري سرور: "مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الأخرى" مطبعة دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 1985
-      عبد القادر العرعاري :"المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب، الطبعة 1/ 2009، مطبعة الكرامة، الرباط
-      عبد القادر العرعاري: "وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء"، الطبعة 1، 2010، دار الأمان،  الرباط
-      عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني العقود الواردة على العمل الجزء السابق، مطبعة دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان سنة 1964
-      هشام العماري: "مسؤولية المهندس المعماري بين الضوابط القانونية والأخلاقية"، سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 36/ 2010، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية ، مراكش
-      عبد الرزاق أحمد السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، المجلد الأول، العقود الواردة على العمل،  المقاولة الوكالة والوديعة والحراسة، الطبعة 3، 2009
-      محمد زلايجي: "الحق في الضمان المعماري ومدى انتقاله إلى الخلف الخاص"، دراسة مقارنة، الطبعة 1، 2011، مطبعة  الجسور، وجدة
-      أوبحيد لحسن: "المسؤولية العقدية للمقاول في مجال البناء"، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد 8 ، السنة 4
-      محمد الشرقاني: المسؤولية المدنية، طبعة 2012 – 2011 مطبعة وراقة سجلماسة الزيتون مكناس
-      عادل عبد العزيز عبد الحميد سمارة: مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمان متانة البناء في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنة أطروحة في القانون الخاص بكلية الدراسات العليا في جامعة  النجاح الوطنية في نابلس – فلسطين 2007.
-      فدوى زايدي: "مسؤولية المقاول والمهندس المعماري في القانون الجزائري"، رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون المسؤولية المهنية.
-      عبد الرحمان حموش: "المسؤولية العقدية للمهندس المعماري في القانون المصري والمقارن" 2012، أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه الوطنية في القانون الخاص.
------------------------------------------------------------------------------
[1] - محمد شكري سرور، "مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء والمنشآت الأخرى" مطبعة دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 1985، ص 9.
[2] - تم تنظيم مهنة المهندسين المعماريين بالمغرب لأول مرة بمقتضى ظهير فاتح يوليوز 1941، أي مباشرة بعد صدور القانون الفرنسي لـ 31 دجنبر 1940، وتتوزع اختصاصات المهندس المعماري بين  مجموعة  من النصوص القانونية نذكر منها المرسوم رقم 2.11.471 صادر في 15 من شوال 1432 موافق 14 شتنبر 2011 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين، ج ر عدد 5982، فاتح ذو القعدة 1432 موافق 29 شتنبر 2012، ص 4847 – الظهير الشريف رقم 1.92.7 الصادر في 07 ذي الحجة 1412 موافق 17 يونيو 1992، بتنفيذ القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات... وتختلف مهنة المهندس المعماري عن بعض المهن الأخرى كمهنة  الهندسة المساحية الطبوغرافية ومهندس الإسمنت المسلح.
[3] - انظر في هذا المعنى محمد شكري سرور، م س، ص 25
[4] - انظر هامش ص 32 من أطروحة د/ عبد القادر العرعاري "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب، الطبعة 1/ 2009، مطبعة الكرامة، الرباط
[5] - د / عبد القادر العرعاري، "وجهة نظر خاصة في مادة القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء"، الطبعة 1، 2010، دار الأمان، الرباط، ص  172
[6] - د / عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص 48.
[7] - د /عبدالقادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص 55.
[8] - د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م.س، ص 21
[9] - د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص  62-63
[10] - هشام العماري "مسؤولية المهندس المعماري بين الضوابط القانونية والأخلاقية"، سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 36/ 2010، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية ، مراكش، ص  297
[11] - لأخذ فكرة عن موقف القضاء المغربي عن هذه المسؤولية، انظر، د/ عبد القادر العرعاري، "وجهة نظر خاصة في القانون المدني المعمق بين الفقه والقضاء" م س، ص 187 وما يليها.
[12] - د/ عبد الرزاق حسين يس، "المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء – شروطها – نطاقها – الضمانات المستحدثة فيها"، دراسة مقارنة في القانون المدني، طبعة أولى، 1987، ص 712. نقلا عن د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، هامش ص 65.
[13] - راجع الفصل 769 من ق ل ع م.
[14] - هشام العماري، م س، ص: 299.
[15] - د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص 83.
[16] - عبد الرزاق أحمد السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، المجلد الأول، العقود الواردة على العمل،  المقاولة الوكالة والوديعة والحراسة، الطبعة 3، 2009، ص 64
[17] - محمد زلايجي، "الحق في الضمان المعماري ومدى انتقاله إلى الخلف الخاص"، دراسة مقارنة، الطبعة 1، 2011، مطبعة  الجسور، وجدة ص 70.
[18] - أوبحيد لحسن، "المسؤولية العقدية للمقاول في مجال البناء"، مقال منشور بمجلة القضاء المدني، العدد 8 ، السنة 4، ص 86
[19] - أشارت إليه فاطمة متمير، "المسؤولية المعمارية للمقاول بين أزمة النص ومتطلبات الإصلاح"، الطبعة 1، 2010، مطبعة الأمنية، ص 79.
[20] - فاطمة متمير، م س، ص 99
[21] - عبد الرزاق أحمد السنهوري، م س، ص 106
[22] - فاطمة متمير، م س، ص 99
[23] - محمد زلايجي: م س، ص 92-93.
[24] - انظر الفصل 766 من ق ل ع الذي ينص على. "عندما يقدم رب العمل المادة يجب على أجير الصنع أن يستعملها وفق ما تقتضيه أصول الصنعة ومن غير إهمال". ففي هذه الحالة لا يتحمل المقاول سوى بذل عناية الرجل العادي.
[25] - د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص 209
[26] - عبد الرزاق السنهوري، م س، ص 1213.
[27] - فاطمة متمير، م س، ص 165
[28] - ج/ عبد القادر العرعاري، م س، ص 213
[29] - فاطمة متمير، م س، ص 202
[30] - راجع الفصل 89 من ق ل ع
[31] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م س، ص 192.
[32] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، م.س، ص 116
[33] - هشام العماري، "مسؤولية المهندس المعماري بين الضوابط القانونية وأخلاق المهنة"، ص 11.
[34] - الفصل 230 من ق ل ع.
[35] - الفصل 463 من ق ل ع، الذي ينص: "تعتبر مضافة لشروط العقد، الشروط الجاري بها العمل في مكان إبرامه والشروط التي تقتضيها طبيعته".
[36] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 24
[37] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 251
[38] - الفصل 769 من ق ل ع.
[39] - السنهوري عبد الرزاق، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد"، الجزء السابع، الصفحة 125.
[40] - ينص الفصل 770 من ق ل ع: "لا محل للضمان المذكور في الفصول 766 إلى 768 إذا كانت عيوب المصنوع قد تسببت عن التعليمات الصريحة المعطاة لرب العمل برغم معارضة المقاول أو أجير الصنع.
[41] - فاطمة متمير، مرجع سابق، ص 174
[42] - عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص 127
[43] - محمد الشرقاني، المسؤولية المدنية، طبعة 2012 – 2011 مطبعة وراقة سجلماسة الزيتون مكناس.
[44] - فاطمة متمير، مرجع سابق ص 263.
[45] - محمد الزرقاني، مرجع سابق.
[46] - عبد القادر العرعاري، المسؤولية المدنية، طبعة 3، ص 118
[47] - الشواربي عبد الحميد، المسؤولية المدنية في نوع الفقه والقانون ص 471،أشارت إليه فاطمة متمير، مرجع سابق، ص 264.
[48] - محمد الشرقاني، مرجع سابق ص 337
[49] - ينص الفصل 89 من ق ل ع على أن "يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره، أو تهدمه الجزئي...."
[50] - ينص الفصل 96 من ق ل ع، القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله، ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل بالنسبة إلى الأفعال الحاصلة في حالة جنونه.
[51] - راجع الفصل 85 من ق.ل.ع.
[52] - راجع الفصلين 99 و100 ق ل ع.
[53] - محمد الشرقاني، مرجع سابق، ص: 338
[54] - العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص: 294.
[55] - يمكن الاطلاع على: عبدالرزاق السنهوري، الجزء الأول ص 995 وشكري سرور – مرجع ساب، ص 330، أشار إليهما عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص  294.
[56] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق ص  294.
[57] - بالإضافة لهذين الفصلين هناك الفصل 268، الذي أعفى المقاول (المدين) من أي تعويض إذا ثبت أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة أو الحدث الفجائي أو مطل الدائن.
[58] - حسين منصور، المسؤولية المعمارية في حوادث وانهيار المباني، أشارت إليه  فاطمة متمير، مرجع سابق، ص 160
[59] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق ص 232.
[60] - انظر القرار محكمة الاستئناف  الرباط (29 / 04/1930 مجلة المحاكم المغربية عدد 404 ص 197 أشار إليه عبدالقادر العرعاري، المسؤولية المدنية، المرجع سابق ص 232.
[61] - عبدالقادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 301
[62] - عبدالقادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 303
[63] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 305.
[64] - ماليفو وجوستان، ص  169، بند 138، أشار إليها عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق، ص 303.
[65] - عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مرجع سابق ص  303
[66] - هشام العماري، مسؤولية المهندس المعماري بين الضوابط القانونية وأخلاق المهنة، مرجع سابق، ص  15
[67] - عادل عبد العزيز، مسؤولية المقاول والمهندس عن ضمانة متانة البناء في القانون المدني الأردني، دراسة مقارنة، ص 88
[68] - محمد الشرقاني، المسؤولية المدنية، طبعة 2012، ص  345.
[69] - هشام العماري، مرجع سابق، ص 17
[70] - شكري سرور، مرجع سابق، ص 125 أشار إليه عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب" ، ص  319
[71] - عادل عبد العزيز، مسؤولية المقاول، والمهندس عن ضمانة متانة البناء، مرجع سابق، ص  83.
[72] - د/ عبد القادر العرعاري، "المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب"، مطبعة الكرامة، الرباط، الطبعة الثانية 2010، ص 7.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات