القائمة الرئيسية

الصفحات

المبادئ العامة للتحكيم




مقدمة 

يعتبر التحكيم أهم الوسائل البديلة لفض المنازعات، وقبل أن تبلوره التشريعات الوطنية والدولية فقد عرف الإنسان هذا النوع من التقاضي منذ الأزل، وعلى امتداد القرن الماضي عرفت بلادنا صدور عدة قوانين، كان أبرزها ظهير 12 غشت 1913 الذي عالج التحكيم في قسمه السابع، ثم صدور قانون المسطرة المدنية لسنة 1974، وأمام ما ينتظره المغرب من ضرورة الاندماج في النسيج الاقتصادي العالمي الذي يشهد تحولات اقتصادية واجتماعية متنوعة، وفي ظل غلبة اقتصاد السوق، كان على المشرع أن يتدخل لتنظيم التحكيم الدولي، ومراجعة مجموعة من المقتضيات الأخرى، وهو ما تم تنفيذه في قانون 05.08 الذي يعتبر منعطف جديد في تعامل المشرع المغربي مع التحكيم باعتباره آلية ناجعة لفض المنازعات، خاصة التجارية منها، خاصة وأن المشرع انخرط في مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تهم تنظيم مادة التحكيم كاتفاقية واشنطن لسنة 1965 واتفاقية نيويورك لسنة 1948، وذلك انسجاما مع الاقتصاد الحر الذي أصبح يكتسح الدول من دون قيود.
ولا يختلف اثنان حول الأهمية التي يمثلها التحكيم اليوم في تسوية المنازعات بين الدول والأفراد، هذه الأهمية تتجلى في كونه يسمح للأطراف في اختيار المحكم أو المحكمين الذين يثقون بهم، كما يحافظ على أسرارهم المهنية، ويسمع باستمرار علاقتهم العملية حتى أثناء قيام النزاعات المعروضة على التحكيم، وحتى بعد صدور قرار  التحكيم، كل هذه المميزات تغيب في ساحة القضاء الذي يعتبر حلبة للصراع تنتهي بطرف رابح والآخر منهزم، إضافة إلى الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه في عدد القضايا، حيث يكفي أن نشير إلى أن عدد القضايا التي كانت معروضة على المحاكم المغربية لسنة 1950 تضاعفت حوالي 40 مرة سنة  2003 مما يكون معه اللجوء إلى الوسائل البديلة ضرورة ملحة يفرضها الواقع الوطني والدولي.
فما هو التحكيم؟ وما مجالاته؟ وهل كان مشرعنا موفقا في تنظيمه للقانون الوطني وانسجامه مع روح الاتفاقيات الدولية عند تنظيمه للتحكيم الدولي؟

المبحث الأول :الإطار المفاهيمي للتحكيم


سنحاول في هذا المبحث تناول بعض المسائل العامة التي تتيح للقارئ التعرف من قريب على نظام التحكيم وماهيته ثم نتطرق بالبحث والدراسة للأساليب والأنواع المختلفة لنظام التحكيم ثم نتناول بعد ذلك إجراءات التحكيم والمجالات التي يجوز التحكيم فيها وتلك التي لا يجوز أن تكون محلا للتحكيم.

المطلب الاول: ماهية التحكيم و أنواعه 
الفقرة الاولى: ماهية التحكيم 

لقد عمل الفقه والتشريع على تحديد المقصود "بنظام التحكيم" كأسلوب بديل لحل النزاعات، وبناء عليه سوف نحاول تحديد ما المقصود بنظام التحكيم من خلال ما ورد في التشريع المغربي والفقه المنشغل بالتحكيم ثم نحاول تمييز التحكيم عن المؤسسات المشابهة.


أولا: تعريف التحكيم

أ-التعريف القانوني:
لقد تعرض المشرع المغربي في القانون رقم 05-08 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 6 دجنبر 2007 في الجريدة الرسمية عدد 5584، الصفحة 3895 ولا سيما في الفصلين 306 و 307 منه لتعريف التحكيم، وهكذا جاء في الفصل 306 على أنه "يراد بالحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم".
أما الفصل 307 فجاء فيه "اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشـأ أو قد ينشـأ عن علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية".
من خلال هذين الفصلين يتضح أن اتفاق التحكيم يتخذ شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم.
ب- التعريف الفقهي:
يعرف الفقهاء التحكيم بأنه "لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض النزاع القائم بينهم"( )، إنه "قضاء خاص يستند على شرط تعاقدي"( )، أو هو "نظام تعاقدي يلجأ إليه فريقان لأجل حل الخلاف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاة"( ).
ففي التحكيم، يسند المتنازعين مهمة حسم نزاعهم إلى واحد أو اكثر يرتضونه أو يرتضونهم، وبهذا المعنى تظهر في التحكيم طبيعته الرضائية من ناحية، لكون المحكم أو المحكمين الذين يكلفون بالفصل في النزاع، معينين أصلا من قبل الأطراف وتظهر فيه من ناحية أخرى صفة العدالة الخاصة، "لأن المحتكمين ينشئون لأنفسهم محكمة خاصة بهم تختلف عن المحاكم التي تنظمها الدولة"، ولكن العدالة الخاصة هنا تتخذ صورة مهذبة حضارية فهي ليست كتلك العدالة التي عرفها الإنسان في فجر التاريخ حينما كان يقضي حقه من خصمه بيده وباستعمال القوة ضده(vengeance privée) دون الالتجاء للسلطة العامة( ). هذا مع العلم بأن هناك بعض المنازعات التي منع المشرع عرضها على التحكيم، وقصر حق النظر فيها على المحاكم وحدها (الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية).
ويعرف جانب من الفقه السويسري التحكيم بأنه "آلية خاصة لفض المنازعات تجد مصدرها في اتفاق الأطراف، وتتميز بإخضاع المنازعة لأشخاص عادية، تختار بشكل مباشر أو غير مباشر بواسطة أشخاص آخرين" ويفضل هذا التعريف المستخدم في إطار التحكيم الدولي عن ذلك المعتمد في إطار التحكيم الداخلي والذي يغلب عليه الطابع السلبي بتركيزه على أن الخاصية الأساسية للتحكيم تتعلق بعدم خضوع المنازعة لاختصاص القضاء العام" .
أما الأستاذة حفيظة السيد الحداد فتعرف التحكيم "بأنه نظام خاص للتقاضي ينشأ من الاتفاق بين الأطراف المعنية على العهدة إلى شخص أو أشخاص من الغير بمهمة الفصل في المنازعات القائمة بينهم بحكم يتمتع بحجية الأمر المقضي به".6 

ثانيا :تمييز التحكيم عن المؤسسات المشابهة

أ- تمييز التحكيم عن أليات التسوية الرسمية : 
يعد التحكيم أسلوبا بديلا عن القضاء بحيث أن اشتراطه يحول دون اللجوء إلى القضاء في موضوع النزاع ، ويختلف التحكيم عن القضاء في نقط مختلفة وذلك من حيث أساس ونطاق كل منهما ، وإلى الصلاحيات التي تملكها هيئة التحكيم والمحكمة بالإضافة إلى الآثار المترتبة عن كل منهما . وذلك كالأتي :                                             
     الاختلاف من حيث الأساس : فأساس اللجوء إلى التحكيم هو إرادة طرفي النزاع سواء وردت في عقد التحكيم أو شرط التحكيم. وعلى العكس من ذلك، فإن اللجوء إلى القضاء لا يحتاج إلى اتفاق أطراف النزاع . إذ يجوز لكل من له حق لدى الأخر اللجوء إلى القضاء طالبا الحماية القضائية لحقه الذي ينازعه فيه أخر. فاللجوء إلى القضاء هو بمثابة حق للخصم يجوز استعماله تلقائيا ، كما وأن اتفاق الأطراف على التحكيم يؤدي إلى عدم جواز رفع دعوى بشأنه أمام القضاء ، وإلا قضى هذا الأخير بعدم قبولها ، لوجود اتفاق على حل النزاع بواسطة التحكيم .            
     الاختلاف من حيث نطاق الاختصاص: يقتصر نطاق التحكيم على المنازعات المتعلقة بالحقوق المالية والتي يكون من الجائز الصلح والتنازل فيها ، على خلاف اختصاص القضاء الذي هو أوسع اختصاصا لولايته العامة التي تمكنه من الفصل في جميع المنازعات .        
     الاختلاف من حيث الأثر : إن الحكم التحكيمي له حجية نسبية حيث يقتصر أثره على طرفي النزاع وحدهما. وهذا هو الأصل في الأحكام القضائية باستثناء الأحكام الصادرة في الدعوى ذات الطبيعة العينية كدعوى الإلغاء التي تكون لها حجية مطلقة بحيث تسري في مواجهة الكافة .                                                                                            
     الاختلاف من حيث قابلية الحكم بالتنفيذ : فالتحكيم يحتاج إلى استصدار أمر من السلطة القضائية التي تصبغ الصيغة التنفيذية على الحكم التحكيمي . وفي حين أن الأحكام القضائية لا تحتاج إلى هذا الأمر لأنها واجبة التنفيذ بمجرد صدورها وانقضاء مواعيد الطعن فيها ما لم يكن قد قضي بوقف تنفيذها .                        
 وأهم ما يتميز به التحكيم عن القضاء هو كونه يتسم بالبساطة و عدم تعقيد  إجراءات اللجوء إليه وكذا السرعة البث في النزاع  و السرية التامة تجعل الأطراف يطمئنون إليه لكونه يحافظ على أسرارهم.
ب- تمييز التحكيم عن غيره من أليات التسوية غير الرسمية :
إن الاختلاف و التعدد الذي تعرفه الوسائل البديلة لفض النزاعات يعطي لكل مهنا ميزة خاصة تجعلها تفضل عن غيرها من حيث الاسس و الخصائص مما يجعلها تنجح في في مجال دون الاخر.
1 –الوساطة :
إن المتفحص لنظامي التحكيم و الوساطة ، يجد صلة بينهما فالهدف من أي منهما هو حل النزعات بعيدا عن المحاكم و منصات القضاء و عليه يتشابه التحكيم و القضاء في نقاط كثيرة من بينها :
•         يعد من الوسائل السلمية في حل المنازعات المطروحة بين الأطراف.
•         يجد أصله في اتفاق يعبر عن رغبة أطرافه في حل النزاع بعيدا عن قضاء الدولة.
•         يؤدي دوره بمناسبة وجود منازعة نشأت أو قد تنشأ ما بين الأطراف المعنية .
•         يحتاج إلى طرف ثالث المحكم أو الوسيط للفصل في النزاع.
•         تجنب الوسائل التي لا يجوز الصلح فيها، كالمسائل المتعلقة بالنظام العام أو الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها.
•         يحتاج إلى تذييل الحكم أو وثيقة الصلح بالصيغة التنفيذية من طرف السلطة القضائية المختصة. ويكتسي عملها قوة الشيء المقضي به.
إلا أن الاختلاف يبقى واضحا بينهما في نقط متعددة منها8 :
•         أن إرادة الأطراف في التحكيم تنصرف إلى تخويل المحكم دور القاضي في حسم النزاع. فالمحكم يصدر أحكاما تحكيمية والتي تنزل منزلة الأحكام القضائية في الآثار القانونية المترتبة عنها ، لأجل ذلك فإن الشروط والضوابط الواجب توفرها في المحكم أكثر دقة ، على خلاف الوضع بالنسبة للوساطة الاتفاقية إذ يقتصر دور الوسيط على إصدار وثيقة صلح بمسطرة وإجراءات مبسطة ، كما وأن سلطة الشخص الذي يملك سلطة الوساطة تكون محدودة بحيث لا تخوله الحق في امتلاك سلطة التحكيم ، غير أن العكس صحيح بالنسبة للمحكم إذ يجوز له استعمال الصلاحيتين معا كل في مجالها .                              
•         يقتضي التحكيم الحكم بكل الحق لأحد الأطراف أي حل النزاع بشكل موضوعي ومباشر  أما عن التنازل الذي شمله اتفاق التحكيم فيتعلق بالتنازل عن الحق في حسم هذا النزاع أمام قضاء الدولة ليتولاه القطاع الخاص ، على خلاف الوضع بالنسبة للوساطة الاتفاقية إذ تقتضي بطبيعتها التنازل المتبادل من الخصوم عن جزء من الحق الموضوعي محل النزاع للتقارب مابين وجهات نظرهم والتوفيق في مواقفهم بتنسيق من الوسيط المسئول عن هذه المهمة .                                                                                   •         ويختلف التحكيم عن الوساطة في كون هذه الأخيرة تعد نوعا من أنواع الصلح الاتفاقي ، فهي عبارة عن عقد يتفق الأطراف بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح قصد إنهاء نزاع نشأ أو قد ينشأ فيما بعد .
التمييز بين التحكيم والصلح  :
عرف المشرع المغربي الصلح في المادة 1098 من القانون الالتزامات والعقود بأنه " عقد ، عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان قياًمه، وذلك بتنازل كل منهما  للأخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو إعطائه مالا معينا أو حقا". 
ويتشابه الصلح مع التحكيم في بعض الوجوه الآتـيـــة: 
 يعتبر كل من الصلح والتحكيم وسيلتان لحسم المنازعات بدلاً من طريق القضاء العام في الدولة، محققان بذلك غاية يحرص عليها المشرعون جميعاً وهي عودة الوئام والود بين الأطراف المتنازعة والبعد عن اللدد في الخصومة.
 إن كل من الصلح والتحكيم يرتكزان على توافق إرادة الأطراف، فإذا انعدمت هذه الإرادة فلا تحكيم ولا صلح، فضلاً عن أن اتفاق التحكيم كاتفاق الصلح قد يكون سابقاً على نشوب النزاع أو لاحقاً عليه، علاوة على أن كل من اتفاق الصلح واتفاق التحكيم لا يثبت إلا بالكتابة .
تطابق النطاق الموضوعي لكل من التحكيم والصلح، حيث لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح، كالمسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو الناشئة عن ارتكاب إحدى الجرائم مع أجازتهما في الحقوق المالية المترتبة عليهما9 .
4- إن وجود كل من التحكيم والصلح يعني عدم جواز عرض النزاع على القضاء والدفع بحجية الشيء المقضي به، فما فصل فيه بالتحكيم أو اتفق عليه صلحاً يصلح لإثارة الدفع بحجية الشيء المحكوم به عند إثارة ذات النزاع أمام القضاء.
- أوجه الاختلاف بين الصلح والتحكيم :
 إذا كان كل من التحكيم والصلح يعبران عن رغبة الأفراد في حل النزاع بعيداً عن ساحات القضاء، إلا أن كل منهما يتميز عن الأخر من عدة نواحي نوجزها على النحو التالي :
- نظام التحكيم أشد خطورة من الصلح، لأن المتصالح يكون على علم مسبق بما يتنازل عنه، على عكس المحتكم الذي لا يكون لديه أي علم بما سيحكم به المحكم، كما أن عقد الصلح لا يكون قابلاً للتنفيذ في ذاته ما لم يتم في صورة عقد رسمي، أو يتم أمام المحكمة، أما قرار التحكيم فيكون قابلاً للتنفيذ بمجرد صدوره من المحكمة المختصة والأمر بتنفيذه.
- إن تسوية النزاع عن طريق الصلح يتم بتنازل كل طرف من الأطراف المتنازعة عن كل أو بعض ما يتمسكون به، وقد يقتضي التنازل عن جزء من الحق الموضوعي محل النزاع مقابل الجزء الذي يتنازل عنه الطرف الأخر، أما التحكيم فهو وسيلة فحسب لحل النزاع دون أن يتضمن تنازل الخصوم عن جزء من الحق الموضوعي محل النزاع، حيث يقتصر دور الأطراف على اختيار محكم يتولى حسم النزاع بحكم ملزم وقد يقضي بكل الحق لخصم واحد دون الآخر .
- إن محل العقد في التحكيم هو الالتزام بعدم طرح النزاع الذي يوجد بشأنه اتفاق تحكيم على القضاء، حيث يترك أمر الفصل فيه للمحكم المختار، أما محل العقد في الصلح هو تسوية مباشرة للنزاع عن طريق تنازل كل من المتنازعين عن بعض ما يدعيه مقابل الإبقاء على البعض الأخر .
- ما دام الصلح يقتضي التنازل عن كل أو بعض ما يتمسك به طرفا عقد الصلح فهذا يستتبع معرفة كل خصم مقدماً ما سوف يتنازل عنه، بينما في التحكيم فإن كل خصم يجهل الحل الذي سينتهي إليه النزاع؛ لأن ذلك يرجع إلى تقدير المحكم .
- يقبل حكم التحكيم الطعن فيه بطرق الطعن المقررة قانوناً، ويكون قابلاً للتنفيذ مباشرة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه، بينما عقد الصلح لا يقبل الطعن فيه بطرق الطعن المقررة بالنسبة للأحكام، وإنما يكون قابلاً للبطلان أو الفسخ بحسب قواعد القانون المدني، ويكون غير قابل للتنفيذ في ذاته إلا إذا ورد في عقد رسمي أقر به الخصوم أمام المحكمة واثبت ذلك الإقرار في محضر الجلسة.
الفقرةالثانية : أنواع التحكيم :
نظرا للأهمية المتزايدة لنظام التحكيم على الصعيدين الدولي والداخلي، وتأكيدا لرغبة الأفراد في انتشار هذا النظام باعتباره الوسيلة المثلى لحل المنازعات بالطرق السلمية، وكذا رغبة الدول في تشجيع الاستثمار، لذلك ظهرت الحاجة لوجود عدة أنواع للتحكيم لتغطي كافة المنازعات وخيارات الأفراد، فمن ناحية قد يكون التحكيم حرا وقد يكون مؤسسيا، وقد يكون اختياريا وقد يكون إجباريا وأخيرا قد يكون التحكيم وطنيا وقد يكون دوليا، وسوف نبين  هذه الفقرة  أنواع التحكيم المختلفة في عجالة سريعة تمكننا من معرفة أهمية كل نوع ووظيفته لحل المنازعات المختلفة بالطرق السلمية.

أ- التحكيم الحر والتحكيم المؤسسي

1-  التحكيم الحر: هو ذلك التحكيم الذي يعطي الحرية الكاملة للخصوم في تحديد القواعد والإجراءات التي يتبعها المحكم الذي يختارونه لكي يفصل في النزاع المطروح عليه وفقا لهذه القواعد سواء كانت إجرائية أو موضوعية وفي المكان الذي يحددونه بما لا يتعارض مع القواعد الآمرة أو النظام العام. 
وقد ظهر التحكيم الحر قبل ظهور التحكيم المؤسسي، وفيه يعطي حرية كبيرة للأفراد في اختيار المحكمين الذين يضعون فيهم ثقتهم اعتمادا على خبرتهم في حل النزاع، وقد تكون القواعد والإجراءات المتبعة لحل النزاع أكثر مرونة وواقعية عنها في قواعد التحكيم المؤسسي، كما أن عامل السرية والسرعة في حل النزاع، قد يكون أكثر ما يميز هذا النظام، كما أن الاعتماد على مؤسسة أو هيئة لحل النزاع القائم، قد يأتي بكثير من القواعد والإجراءات التي قد تكون على عكس توقعات الأفراد والتي قد تساعد على إطالة زمن التحكيم لتأخر فهم الخصوم لها وما يتبعها من تحضير مستندات، ودفوع تستطيع الرد على هذه القواعد والإجراءات.
أما التحكيم المؤسسي: فهو ذلك التحكيم الذي تتولاه هيئات ومنظمات دولية أو وطنية، وفق قواعد وإجراءات موضوعة ومحددة سلفا، تحددها الاتفاقيات الدولية أو القرارات المنشئة لهذه الهيئات، وقد شاع انتشار مراكز التحكيم، وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، وقد عظمت أهميتها بعد انتشار الاقتصاد الحر والتجارة الدولية، ومن هذه المراكز ما هو متخصص في مجال معين كتجارة القطن أو الحبوب مثلا، ومنها ما هو عام يتولى التحكيم في مختلف أوجه النشاط التجاري، ومنها ما هو وطني مثل غرفة التحكيم بباريس، ومنها ما هو دولي كغرفة التجارة الدولية بباريس (CCI ) ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري.
وكل هذه المؤسسات السالفة الذكر توصف بالتخصص والدوام لأن التحكيم هو وظيفتها الوحيدة، وهي أيضا دائمة لأنها لا تقف عند عملية تحكيم بعينها بل هي مستمرة لتلقي ما يعهد إليها من عمليات تحكيمية.
ولقد أصبح التحكيم المؤسسي هو الأساس في مجال التجارة الدولية، فالأطراف عادة ما يفضلون الاستعانة بأنظمة التحكيم المؤسسي لما تكلفه من تنظيم مسبق ومفصل لمعظم مسائل التحكيم، مما يمكنهم من تفادي مسألة عدم الخبرة في وضع قواعد وإجراءات التحكيم واستهلاك مزيدا من الوقت في الاتفاق على هذه القواعد كما هو الحال في نظام التحكيم الحر، هذا فضلا عن الإمكانيات الإدارية والمالية والتنفيذية التي تتمتع بها تلك الهيئات وتضعها بين أيدي الأفراد، وكذا الخبرة التي تتمتع بها تلك الهيئات نظرا لوجود قواعد عملية وواقعية ثم تجربتها وثبت نجاحها في العديد من المنازعات التي فصلت فيها .

ب- التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري:

1- التحكيم الاختياري: يكون التحكيم اختياريا متى كان للأفراد حرية كاملة في طرح نزاعاتهم في مسألة معينة أمام القضاء أو الاتفاق على عرضها أمام هيئة التحكيم موضحين في اتفاقهم كيفية قيام التحكيم وإجراءاته وكيفية تعيين المحكمين، ففي مصر مثلا صدر القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ونص في المادة الرابعة في فقرتها الأولى على أنه "ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفي النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم، بمقتضى اتفاق الطرفين منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك"، ومؤدى هذه المادة أن التحكيم الذي تسري عليه أحكام هذا القانون هو التحكيم الاختياري، أي التحكيم الذي يتم اللجوء إليه بإرادة الطرفين.
وعلى صعيد التجارة الدولية فالأمر الغالب هو التحكيم الاختياري إذ تتعالى الأصوات بتحقيق مبدأ سلطان الإرادة على وجه يشمل كافة التعاملات بما فيها الاتفاق على التحكيم، وقد سعت الدول إلى توحيد قواعد التحكيم فيما بينها حتى ظهر ما يسمى بالقانون النموذجي (Mode law) والقواعد الموحدة للجنة القانون التجاري الدولي بالأمم المتحدة (Uncitral law) وقد لاقت قواعد هذا القانون قبولا عارما من المجتمع الدولي إذ أن القانون قد قدم للتجارة الدولية نظاما قانونيا موحدا يتلافى عدم ملائمة القوانين المحلية لنظم وإجراءات التحكيم في التجارة الدولية.
أما التحكيم الإجباري: ففيه تنعدم إرادة الأطراف سواء فيما يتعلق باللجوء إليه أو فيما يتعلق باختيار الجهة التي تباشره ويصبح التحكيم نظاما مفروضا عليهم، وفي معظم الأحيان يطبق التحكيم الإجباري بناء على قاعدة آمرة تتعلق بالنظام العام، والتي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.
والتحكيم الإجباري قد يأخذ صورتين، فهو إما أن يكتفي المشرع بفرض التحكيم ويترك للخصوم حرية اختيار المحكم وتعيين إجراءات التحكيم، وإما أن يتدخل المشرع فيضع تنظيما إلزاميا لإجراءات التحكيم ككل، فلا يكون لإرادة الخصوم أي دور في التحكيم.
ومثال التحكيم الإجباري القانون المصري رقم 97 لسنة 1983 بإصدار قانون هيئات القطاع العام وشركاته فقد قضى في المادة 56 منه "بأن تختص هيئات التحكيم المنصوص عليها في هذا القانون دون غيرها بنظر المنازعات التي تنشأ بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى"
وعلى الصعيد الدولي فقد نجد التحكيم الإجباري موجودا في بعض الاتفاقيات الدولية أو في صورة شروط عامة يجب إتباعها في بعض المجالات، كما هو الشأن في الشروط التي وضعها مجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة (الكوميكون) في عام 1968 وهي تلك التي تحكم بيوع البضائع بين منظمات التجارة الخارجية في بلدان الكوميكون  

ج- التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي:

1- التحكيم الداخلي: هو ذلك النوع من التحكيم الذي تتصل فيه جميع عناصره بدولة واحدة دون غيرها، وذلك من حيث موضوع النزاع، جنسية الخصوم، جنسية المحكمين، القانون الواجب التطبيق، المكان الذي يجري فيه التحكيم، وهنا يطبق القانون الوطني ولا تثار مشكلة بالنسبة لقواعد تنازع القوانين أو كيفية تنفيذ الأحكام الأجنبية كما هو الحال بالنسبة للتحكيم الأجنبي . 
2- التحكيم الدولي: يكون التحكيم دوليا إذا كان موضوعه نزاعا يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج، وهذا ما أكده المشرع المغربي في الفصل 40-327 من القانون رقم 05-08 حيث اعتبر أن التحكيم يكون دوليا في الحالات التالية:
1- إذا كان لأطراف اتفاق التحكيم وقت إبرامه مؤسسات بدول مختلفة.
2- أو كان الأطراف متفقين صراحة على أن موضوع التحكيم يهم أكثر من بلد واحد.
3- أو كان أحد الأمكنة التالية يقع خارج الدولة الموجودة بها مؤسسات الأطراف:
أ- ماكن التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا الاتفاق.
ب- كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من الالتزامات المترتبة على العلاقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة .

المطلب الثاني: شروط التحكيم و نطاقه  
   الفقرة الاولى : شروط التحكيم 
أولا:- شروط موضوعية - :الاهلية, الرضا و المحل 

الاهلية :- 
يقصد بالاهلية هنا اهلية التصرف فى الحق موضوع النزاع التى يجب ان يتمتع بها طرفي التحكيم سواء كانوا اشخاص طبيعين او معنوين . وهذا ما نص في الفصل 306 من ق.م.م :" يمكن للاشخاص الذين يتمتعون بالاهلية ان يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها " .
فالنسبة للاشخاص الطبيعين فان زوال صفة المتفاعد لا تبطل ولا تؤثر فى صحة التحكيم مالم ينص القانون على خلاف ذلك فى كل من الوصى او الولى او المقدم على التحكيم قى شئؤون ناقصى الاهلية. وعلى هذا الاساس فالاشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه الاهلية كالقصر والمحجور عليهم ليسوا اهلا لابرام اتفاقات التحكيم,فاذا ابرم احدهم اتفاقا كان الاتفاق باطلا  ,كما لايجوز للوكيل بغير اذن خاص ابرام هذا العقد .
 بالنسبة للاشخاص المعنوين فان اهليتهم تخضع للقانون الوطني الذى يحدد كيفية اكتساب الاهلية القانونية لابرام اتفاق التحكيم وذلك  اعتبارا لاهلية الاداء وفق الاجراءات  والشروط لكمال الاهلية بالنسبة للشركات القيد قى السجل التجاري .
 اما بخصوص اهلية الدولة او اشخاص القانون العام كالإدارات الرسمية والمؤسسات العمومية والجمعات المحلية فهى لها الاهلية لتكون طرفاً في التحكيم لان العبرة القانونية لاهلية كل متعاقد تتحدد بما ينتجه العقد الصحيح بين الطرفين من حقوق والنزامات .
 بالنسبة لجواز ان تكون المراه محكمة فمعظم النظم العربية لم ترد نص يمنع من اختيار المراه كحكم وفي الشريعة الاسلامية يوجد خلاف في جواز تحكيم المراة والراي عند الاحناف هو جواز تحكيمها فيما يجوز لها فيه الشهادة في غير الحدود والقصاص .

الرضا :-
 المعروف ان العقد ينعقد باقتران كل من الايجاب والقبول قمتى ماكان العقد يتم بالايجاب في المسائل التي اتجهت ارادة الطرفين للاتفاق على اتخاذ التحكيم كوسيلة لفض النزاعات الناشئة او التي ستنشأ بينهما,فإن العقد سينعقد دون ان يعتري التعبير عن الارادة اي عيب من عيوب الرضا ,حيث ان التعبير عن الرضا يمكن يكون صريحا او ضمنيا.

المحل (موضوع التحكيم):-
يقصد به الحقوق التي تصلح ان تكون محلا للتحكيم,ينص الفصل 306 من ق.م.م على ان الحق لا يكون محلا للتحكيم اذا كان مما لايجوز التصرف فيه وتولى المشرع في الفقرة الثانية بيان الاحوال التي لا يجوز الاتفاق على التحكيم بشأنها وهي تلك الحالة الشخصية او التي تمس النظام العام....وعلة اخراج المنازعات التي لا يجوز الصلح فيها هو رغبة المشرع بمنع الصلح وبسط ولاية القضاء العام على هذه المنازعات وهو ما يقتضي ايضا منع التحكيم بشأنها , وغني عن البيان ان الاتفاق على التحكيم جائز سواء قبل نشوب النزاع او بعده الفصل 309 ق.م.م. 
وينص الفصل 308 "يجوز لجميع الاشخاص من ذوي الاهلية الكاملة سواء كانوا طبيعين او معنوين ان يبرموا اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق الاجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقييد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في رمضان 1331 (12 اغسطس 1913 بمثابة ق الالتزامات والعقود كما وقع تغيير وتتميمه ولاسيما الفصل 62 منه ,يمكن بوجه خاص ان تكون محل اتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عملا بالمادة 5 من ق رقم 53.95 القاضي باحداث محاكم تجارية. 
حسب الفصل 327.40 فانه لايجوز اللجؤ الى التحكيم التجاري الدولي بشأن المنازعات ذات الصيغة السياسية والمنازعات المدنية والمنازعات التي محلها مخالف للنظام العام التجاري الدولي.


ثانيا:- الشروط الشكلية 

أ-شرط الكتابة: 
يستوجب المشرع صياغة الاتفاق على التحكيم في محرر مكتوب الفصل 307 ق.م.م وهكذا لايجوز اثبات عقد التحكيم  بالقرائن او بشهادة الشهود ويبقى التساول مطروح حول امكانية اثبات عقد التحكيم بالاقرار واداء اليمين القانونية من جهة وحول ما ان كانت الكتابة شرط اثبات ام شرط وجود وصحة    ؟
  على ان عقد التحكيم يمكن ان يرد في محرر عرفي بمقتضى محضر يقام امام المحكم او المحكمين المختارين, او في محرر رسمي بمقتضى وثيقة امام موثق او عدلين او باي سند كالرسائل المتبادلة او البرقيات شريطة ان تكون ارادة الطرفين ظاهرة 
نجد المشرع المغربي اعطى للكتابة مفهوم واسع من خلال الوسائل التي نص عليها الفصل 313 من القانون 08.05 (يحب يبرم اتفاق التحكيم كتابة إمابعقد رسمي او عرفي وإما بمحضر يحرر امام الهئية التحكيمية المختارة......) ,فيستشف من النص ان المشرع ابتعد عن المبالغة في الشكلية المعتمدة في صحة اتفاق التحكيم,حيث انه نص على وجوب الكتابة لصياغة شرط التحكيم تحت طائلة البطلان في الفصل 317 التي نصت على ضرورة تضمين عقد التحكيم مجموع من الامور تحت طائلة البطلان وهي:
1- تحديد موضوع النزاع              
 2- تعين الهئية التحكيمية او التنصيص على طريقة تعيينها
فهنا يتضح لنا ان المشرع جعل من الكتابة شكلية انعقاد عكس ما نصت عليه اتفاقية نيويورك التي صادق عليها المغرب 1965 والتي اعتبرت شكلية اثبات في المادة 2.
وحيث ان المادة 327.39 من ق 08.05 نصت على عدم الاخلال بما ورد في الاتفاقيات الدولية والمصادق عليها من لدن المملكة المغربية والمنشورة في الجريدة الرسمية.

الفقرة الثانية: نطاق التحكيم 

لما كان الاهتمام أكثر ينصب على المادة التجاري، فقد ساد الاعتقاد بأن هذه الآلية تسري فقط على المنازعات التجارية، في حين أنه يشمل كذلك مجموعة من المجالات الأخرى أيضا.


أولا: التحكيم في المادة التجارية

تعتبر النزاعات التجارية الأكثر استحواذا على التحكيم، لما له من إيجابيات ومميزات تنسجم مع أهداف التاجر وميدان التجارة بشكل عام، لذلك كانت السرية والتفاوض الحبي والاقتصاد في التكاليف وغيرها، ديدن كل تاجر، لأن رأسماله لا يقتصر فقط على ما لديه من إمكانيات مادية، بل يشمل الثقة كذلك، التي بدونها لن يتمكن من القيام بعمليات الائتمان للحصول على السيولة المالية التي قد يحتاج لها في أي وقت وحين.

ثانيا: التحكيم في المادة الإدارية

شكل التحكيم في المنازعات الإدارية ثورة غير مسبوقة، في ميدان لم يكن يتصور أن يخضع لهذه الآلية، ما دام أن الدولة والمؤسسات العمومية ذات هبة وكبرياء لا يمكنها معه أن تخضع للتفاوض مع مواطنيها أو غيرهم، ويقصد بالمنازعات الإدارية تلك التي تكون الإدارة طرفا فيها، ويقصد بالمنازعات الإدارية، اختيار محكم أو محكمين للبت بحكم تحكيمي في نزاع يكون أحد أشخاص القانون العام طرفا فيه .
قبل صدور قانون 05.08 كان قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 يمنع أشخاص القانون العام من اللجوء إلى التحكيم، لكن بعد سنة 2007 زال المنع وأصبح بإمكان الدولة ومؤسساتها أن تلجأ لهذه الآلية، وتقلصت بذلك رقابة القضاء، إلا أن المشرع في الفصل 310 من قانون 05.08 منع التحكيم في النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.
وإذا كان الحكم التحكيمي عموما يحوز حجية الشيء المقضي به، وينفذ من دون تذييله بالصيغة التنفيذية، والاختصاص هنا للمحكمة الإدارية وليس لرئيس المحكمة .

ثالثا: التحكيم في المادة الاجتماعية

نزاعات الشغل الجماعية هي كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل والتي يكون أحد أطرافها منظمة نقابية للأجراء أو جماعة من الأجراء، ويكون الهدف منها الدفاع عن مصالح جماعية مهنية لهؤلاء الأجراء .
وقد ألزم المشرع عرض نزاعات الشغل الجماعية على لجان البحث والمصالحة، لكن هناك من يعتقد خطأ أن هذه اللجان هي التي تقوم بعملية التحكيم، وهذا يجانب الصواب.
ذلك أن المادة 557 من مدونة الشغل، نصت على إمكانية اللجوء إلى التحكيم بعد فشل لجنة البحث والمصالحة الإقليمية والوطنية وذلك بعد موافقة الأطراف وليس جبرا لهم، لأن إجبارية التحكيم في المادة الاجتماعية كانت في ظهير 1946 وليس في مدونة الشغل الجديدة  هذا بالنسبة لمنازعات الشغل الجماعية فماذا عن منازعات الشغل الفردية ؟
انقسم الفقه إلى جانب مناهض على أساس أنه لا يجوز التحكيم لحل منازعات الشغل الفردية، لأن من شأن ذلك المس بالضمانات التي منحت للطرف الضعيف  وأن تشريع الشغل من النظام العام، مما يكون معه المشرع قد استبعد نزاع الشغل من نطاق التحكيم.
أما الاتجاه المناصر لأعمال التحكيم في نزاعات الشغل الفردية على أساس أن نزاعات الشغل الفردية لا تتعارض مع التحكيم على اعتبار أن نزاع الشغل واختصاص النظر فيه لا يتعلقان بالنظام العام ثم إن التوجه القائل بعدم إمكانية اللجوء في منازعات الشغل الفردية إلى التحكيم، بناء على كون ذلك يشكل مساسا بالضمانات التي منحت للأجير باعتباره طرفا ضعيفا، فإن المادة 11 من مدونة الشغل تصدت لذلك حين نصت على أنه لا يمكن إعمال أي اتفاق إلا إذا كان يحمل أحكاما أكثر فائدة للأجراء .

المبحث الثاني: التحكيم الدولي

إن اهتمام المشرع المغربي بالتحكيم الدولي، كان محدودا مقارنة مع بعض التشريعات الأخرى كالتشريع الفرنسي أو المصري، فقد اقتصر قانون المسطرة المدنية على التطرق إلى التحكيم الداخلي دون التحكيم لدولي، الأمر الذي كان يخلق عدة إشكالات للراغبين في اللجوء إلى التحكيم لفض نزاعاتهم.
وهكذا، وإلى غاية صدور قانون 05.08 وخروجه إلى حيز التنفيذ بتاريخ 6 ديسمبر 2007، فقد كان المغرب يقتصر في إطار التحكيم الدولي على تطبيق بنود الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وهو ما سنتطرق إليه في المطلب الأول، على أن نقوم في مطلب ثان بدراسة القواعد القانونية التي جاء بها قانون 08.05 والخاصة بالتحكيم الدولي والذي أفرد لها المشرع الفرع الثاني من الباب الثاني الخاص بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والذي يسد الفراغ القانوني الكبير والذي كان يتميز به القانون المغربي بهذا الخصوص.

المطلب الأول: التحكيم الدولي في إطار الاتفاقيات الدولية

لقد ارتأينا أن نقوم بدراسة التحكيم الدولي في إطار الاتفاقيات، نظرا لكون الاتفاقيات الدولية كانت أول تشريع إن صح التعبير للتحكيم التجاري الدولي في المغرب.
وعليه سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في الأولى الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب والخاصة بالتحكيم التجاري الدولي، على أن نقوم في الفقرة الثانية بدراسة أهم الاتفاقيات العربية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال.

الفقرة الأولى: الاتفاقيات الدولية

سنركز في هذه الفقرة على أهم الاتفاقيات الدولية التي تطرقت إلى التحكيم التجاري الدولي والتي صادق عليها المغرب، وهكذا سنتناول أولا اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ثم ثانيا اتفاقية واشنطن لسنة 1965.

أولا: اتفاقية نيويورك لسنة 1958

مع كثرة وازدياد التعامل التجاري الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة إلى إيجاد نظام للتحكيم أكثر ملاءمة لمتطلبات العصر، ولإيجاد حل أهم مشكلة في التحكيم وهي كيفية تنفيذ الحكم التحكيمي، ورغم أن كلا من بروتوكول جنيف لسنة 1923 واتفاقية جنيف لسنة 1927، فقد تناولا هذه الأسئلة، إلا أن أحكامهما لم تكن تتميز بسهولة التطبيق، بحيث كانت تتطلب لكي يكون التحكيم قابلا للاعتراف به وتنفيذه، أن يكون نهائيا وغير قابل للطعن.. 
ومن أجل إيجاد قواعد دولية جديدة للاعتراف ولتسهيل تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية فقد تبنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، طرح مشروع للمناقشة كما أعدت لجنة مكونة من ثماني دول ، مشروعا آخر مقابلا لمشروع الغرفة التجارية الدولية  الذي انعقد في فيينا عام 1953.
وتميز المشروع المضاد بكونه حلا وسطا بين اتفاقية جنيف لسنة 1927 ومشروع غرفة التجارة الدولية، وأحيل الموضوع إلى الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة التي دعت إلى مؤتمر دولي لبحث الموضوع .
وفي عام 1956، قرر المجلس المذكور عقد مؤتمر دولي، للنظر في إقرار الاتفاقية الجديدة حول الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم، وانعقد المؤتمر في 20 ماي 1958 في مدينة نيويورك، ولهذا نجد أن هذه الاتفاقية تسمى باتفاقية نيويورك لعام 1958 التي أصبحت نافذة المفعول منذ 7 يونيو 1959 وقد صادقت عليها العديد من الدول العربية كمصر والأردن وسوريا وتونس.
أما المغرب فقد صادق على هذه الاتفاقية بمقتضى ظهير رقم 266-1-59 بتاريخ 19 يناير 1960 .

أ – نطاق تطبيق الاتفاقية
تفرق اتفاقية نيويورك بين الأحكام الوطنية والأحكام الأجنبية، ومعيار التفرقة هو مكان صدور حكم التحكيم، وهذا ما يستفاد من الفقرة الأولى من المادة الأولى، كما أن الاتفاقية تعالج مسألة الاعتراف بصحة حكم التحكيم وآثاره الملزمة بالنسبة لأطراف النزاع، استعمال كافة طرق الإجبار المنصوص عليها في تلك القوانين لتنفيذ حكم التحكيم على الشخص الذي صدر الحكم ضده.
وتأخذ الاتفاقية بمعيار مكان إصدار الحكم لمعرفة الحكم الأجنبي بالنسبة للدولة المراد الاعتراف وتنفيذ الحكم فيها، كما لا تشترط الاتفاقية لتطبيقها أن يكون حكم التحكيم قد صدر في دولة منضمة إليها، فيجوز أن يكون الحكم قد صدر في دولة أخرى صادقت على الاتفاقية، ولكن يراد الاعتراف وتنفيذ الحكم المذكور في دولة أخرى صادقت على الاتفاقية، إلا أن الفقرة الثالثة من المادة الأولى، أجازت للدول عند توقيعها أو تصديقها على الاتفاقية، أو انضمامها إليها، أن تضع تحفظا تحصر بموجبه تطبيق الاتفاقية على أحكام التحكيم التي صدرت في دولة منضمة إلى الاتفاقية وبشرط المعاملة بالمثل، والمغرب كان من بين الدول التي وضعت مثل هذا التحفظ . 
كما أن المادة الأولى من الاتفاقية نصت في فقرتها الأولى على أنها تطبق على الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم التي صدرت بشأن الخلافات الناشئة عن علاقات بين أشخاص طبيعية أو أشخاص معنوية وهذا يعني أنها تسري أيضا على أحكام التحكيم التي يكون فيها أطراف النزاع كلا أو بعضا من أشخاص القانون العام عند ممارستها للنشاط التجاري أو عند تعاقده بموجب عقود تتعلق بمعاملات تجارية.

ب – الاعتراف باتفاق التحكيم
يستفاد من محتوى نص المادة الثانية من الاتفاقية أمرين أساسيين:
الأول: أنه استلزم كتابة اتفاق التحكيم سواء كان في شكل شرط التحكيم أو عقد التحكيم، وهو أمر بديهي حيث أن العقد الوارد في ذلك البند أو الشرط يكون عادة لاسيما في المعاملات الدولية مكتوبا بالضرورة، أو كان في شكل عقد تحكيم حرر خصيصا بين الأطراف لتسوية منازعات معاملاتهم عن طريق التحكيم، فإذا توفر الشكل الكتابي في اتفاق التحكيم، التزمت كل الدول المنظمة للاتفاقية باعتراف به، كما هو صريح في نص المادة ½ .
الثاني أنه لم يحدد هل الكتابة المتطلبة بالنص هي شرط انعقاد أو شرط إثبات، بحيث إن تخلفت أمكن إثبات الاتفاق بأية وسيلة اتفاق مقبولة ؟

ج – إجراءات طلب الاعتراف والتنفيذ
يسرت اتفاقية نيويورك الإجراءات الخاصة بطلب الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم في الدول المتقدمة إليها، حيث أشارت المادة الرابعة منها إلى الوثائق التي يجب أن تقدم مع الطلب إلى الدولة المراد منها الاعتراف وتنفيذ الحكم وهذه الوثائق هي:
1 – أصل مصادق للحكم الخاص بالتحكيم، أو صورة للحكم مستوفية لشروط التصديق.
2 – أصل الاتفاق المشار إليه في المادة الثانية أو صورة منه مستوفية لشروط التصديق.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة المذكورة، على أنه إذا لم يكن الحل أو الاتفاق المذكور مكتوبا باللغة الرسمية للبلد المراد التنفيذ فيه، فعلى طالب الاعتراف وتنفيذ الحكم أن يقدم ترجمة رسمية للوثائق المذكورة في تلك اللغة.
كما قررت الاتفاقية أن يكون تنفيذ الأحكام وفقا لقواعد الإجراءات المطبقة في البلد المراد تنفيذ الحكم فيه، وهذا ما نصت عليه المادة الثانية .

د – إيقاف رفض التنفيذ
للدولة التي يطلب منها الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم فيها أن تقرر إيقاف تنفيذ الحكم أو رفض تنفيذه، ويتم وقف التنفيذ بناء على طلب من أحد أطراف النزاع، ووقف التنفيذ يكون عادة لإعطاء مهلة لمن صدر الحكم ضده لكي يتمكن من الإثبات بأن الحكم غير قابل للتنفيذ لسبب من الأسباب التي تدعو إلى رفض تنفيذه، وفي هذه الحالة يجوز للقاضي في الدولة المراد تنفيذ الحكم فيها، أن يقرر إيقاف تنفيذه إن رأى ذلك ملائما، وله أن يقرر تقديم ضمانات مناسبة، من الشخص الذي أراد إيقاف التنفيذ وذلك بناء على طلب من الطرف الذي يريد تنفيذ الحكم.
هذا ما نصت عليه المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك وأوردت على سبيل الحصر الأسباب التي يمكن الاستناد إليها في رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب أحد أطراف النزاع ضد الطرف الآخر، إلا إن قدم إلى السلطة المختصة في البلد الذي يطلب الاعتراف والتنفيذ ما يثبت:
1 – عدم أهلية أطراف اتفاق التحكيم، وفقا للقانون الواجب التطبيق، أو عدم صحة اتفاق التحكيم طبقا للقانون الذي اختاره أطراف النزاع، وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك طبقا للقانون مكان صدور الحكم.
2 – إن الطرف الذي صدر الحكم ضده لم يبلغ بشكل صحيح بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم، أو أنه لم يكن بمقدوره أن يبدي دفاعه.
3 – أن الحكم قد انصب على خلاف لم ترد الإشارة إليه في مشارطة التحكيم أو في شرط التحكيم.
4 – أن تشكيل هيئة التحكيم أو أن إجراءات التحكيم لا تتطابق مع ما اتفقت عليه الأطراف أو مع قانون الدولة التي جرى فيها التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف على ذلك.
5 – أن الحكم لم يصبح بعد ملزما للأطراف، أو أنه قد يظل أو أوقف العمل به من السلطة المختصة في البلد طبقا لقانون ذلك البلد .

ثانيا: اتفاقية واشنطن لسنة 1965

أعدت هذه الاتفاقية عام 1965 من قبل البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتشجيع الاستثمارات في الدول النامية، ولتضمين أصحاب رؤوس الأموال في الدول المتقدمة حيث أن هؤلاء يخشون من تأميم أموالهم المستثمرة في تلك الدول، لذا فإنهم يحاولون الحصول  على ضمانات لحماية استثماراتهم من الإجراءات التي قد تتخذها حكومات الدول النامية، وفي حالة الخلاف والنزاع يخشى أصحاب رؤوس الأموال من عرض النزاع أمام محكمة دولة المستثمر وهي محاكم دول أجنبية، لهذه الأسباب وجد من الملائم أن يلجأ إلى حسم النزاع عن طريق التحكيم حيث تتقبل الدول بصورة أسهل عرض خلافاتها مع المستثمر الأجنبي على التحكيم يمكن أن يتم بسهولة أكثر من تنفيذ حكم المحاكم الأجنبية.
وقد وجد من الأفضل إنشاء مراكز للتحكيم تبت في مسائل المنازعات الناشئة عن الاستثمارات، وعلى هذا الأساس عقدت في 18 مارس 1965 وبإشراف البنك الدولي للإنشاء والتعمير اتفاقية واشنطن، وبموجبها تم إنشا المركز المذكور في واشنطن، ويطلق عليه اسم المركز الدولي لحسم المنازعات المتعلقة بالاستثمارات .  
وقد أحدث المركز المذكور وضعا جديدا في مجال التحكيم الدولي، حيث أنه لأول مرة يعطي أشخاص القانون الخاص الحق في اللجوء مباشرة إلى جهاز دولي للتقاضي دون حاجة للجوء إلى حماية الدبلوماسية لدولهم .
وعلى هذا الأساس فإن المستثمر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا يقف على قدم المساواة مع الدول التي يتم فيها الاستثمار، وذلك عند الاتفاق على حل المنازعات التي تنشأ بمناسبة الاستثمار عن طريق التحكيم أمام المركز.
أما عن اختصاصات المركز، فقد ورد في باب الخاص، وهو الباب الثاني من الاتفاقية والذي تضمن المواد 25-27 وعن الهدف من إنشاء المركز فقد جاء في الفقرة الثانية من المادة الأولى: "إن هدف المركز تقديم سبل التوفيق والتحكيم لحل الخلافات المتعلقة بالاستثمارات التي تحصل بين دول متعاقدة ومواطني دول أخرى متعاقدة طبقا لهذه الاتفاقية .
لقد أصبحت اتفاقية واشمطن نافذة المفعول بعد أن صادقت عليها خمس دول من الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأوروبا سنة 1966، وقد لقيت هذه الاتفاقية نجاحا كبيرا وإقبالا واسعا من مختلف الدول للانضمام إليها، من بينها المغرب .
ولعل الهدف من وراء الإقبال الذي لقيته هذه الاتفاقية من لدن الدول هو جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار فيها، خاصة الدول النامية.
أما بالنسبة للدول الصناعية، فإن فائدة الانضمام إلى الاتفاقية المذكورة هو حماية الاستثمارات وإخراج المنازعات المثارة بشأنها من نطاق تطبيق القانون الداخلي للدول التي يتم فيها الاستثمار وأغلبيتها من الدول النامية.
إن أهم الأحكام التي جاءت بها اتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات يمكن تلخيصها بما يأتي :
1 – إن أحكام الاتفاقية تطبق على المنازعات المتعلقة بالاستثمارات والتي تنشأ بين الدول المتعاقدة ومواطني الدول المتعاقدة الأخرى (المادة 25 من الاتفاقية).
2 – إن أحكام الاتفاقية لا تطبق على أطراف النزاع إلا إذا قبلت تلك الأطراف باللجوء إلى حسم النزاع وفقا للاتفاقية وإن كانت منضمة إليها ويكون التصريح كتابة.
3 – أخذت الاتفاقية بمبدأ حرية الطرفين في تحديد القانون الواجب التطبيق على موقف النزاع وفي حالة عدم الاتفاق على ذلك، تطبق هيئة التحكيم قانون الدولة المتعاقدة التي هي طرف في النزاع (المادة 42).
4 – تنص الاتفاقية على أن حكم التحكيم يعتبر ملزما بالنسبة للأطراف وغير قابل للطعن فيه عدا الحالات المنصوص عليها في الاتفاقية.
5 – نصت المادة 54 من الاتفاقية على أنه تعترف كل دولة بأن جميع الأحكام الصادرة وفق الاتفاقية ملزمة، وتضمن تنفيذ الالتزامات المالية على إقليمها، كما لو كان الأمر يتعلق بحكم نهائي صدر من محاكم تلك الدول.


الفقرة الثانية: الاتفاقيات العربية

توجد العديد من الاتفاقيات التي وقعتها الدول العربية والمعنية بمسائل التحكيم الخاص الدولي، ولعل أهم الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب هي اتفاقية عمان للتحكيم التجاري لسنة 1987 (أولا) وكذا اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لسنة 1983 (ثانيا).
أولا: اتفاقية عمان لسنة 1987
سنة 1985 قرر مجلس وزراء العدل في دورته الثالثة المنعقدة في الرباط خلال شهر أبريل  الطلب من الدول العربية الأعضاء موافاة أمانة مجلس وزراء العدل العرب بملاحظات ومقترحات حول مشروع الاتفاقية المذكورة، وإدخال التعديلات اللازمة عليه على ضوء الآراء والمقترحات التي ترد من الدول العربية الأعضاء. حيث قام أستاذنا الفاضل أحمد شكري السباعي بتمثيل المملكة المغربية في هذه اللجنة، والتي تولت إعادة صياغة مشروع الاتفاقية آخذة بعين الاعتبار كل الملاحظات والآراء التي أعطتها الدول العربية على المشروع الذي وضعته أمانة مجل وزراء الدول العرب، والرابع عشر من شهر أبريل سنة 1987، وقعت في عمان الاتفاقية العربية للتحكيم الدولي بصيغتها النهائية، من أربعة عشر دولة عربية.
وقد أنشأن الاتفاقية مؤسسة دائمة تسمى المركز العربي للتحكيم التجاري مقرها بالرباط ، وتعتبر هذه الاتفاقية أول اتفاقية عربية تعنى بشؤون التحكيم التجاري وتنص على إنشاء مركز للتحكيم على صعيد الوطن العربي.
ويمكننا تلخيص أهم ما جاءت به الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري فيما يلي :
- جاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية من الاتفاقية، أن نطاق تطبيقها يقع على المنازعات التجارية الدولية.
- حسب نص المادة الثالثة من الاتفاقية، فإنه يتم الخضوع للتحكيم بإحدى الطريقين الأولى بإدراج شرط التحكيم في العقود المبرمة بين ذوي العلاقات، والثانية باتفاق لاحق على نشوء النزاع.
- قررت الاتفاقية إنشاء مركز للتحكيم يسمى المركز العربي للتحكيم، له شخصية معنوية مستقلة، ويرتبط إداريا وماليا بالأمانة العامة لمجلس وزراء العدل العرب، ويكون مقر المركز بمقر الأمانة العامة للمجلس بالرباط عاصمة المملكة المغربية، وقد جاءت المواد من 5 إلى 13 من الاتفاقية بنصوص تتعلق بمجلس إدارة المركز وكيفية تنظيمه وسيره واختصاصاته.
- بالنسبة للمحكمين نصت الاتفاقية في الفصل الثالث منها على أن مجلس إدارة المركز يعد سنويا قائمة المحكمين، من كبار رجال القانون والقضاء ومن ذوي الخبرة العالية والاطلاع الواسع في ميدان التجارة ومن المتمتعين بالأخلاق العالية والسمعة الحسنة.
ثانيا: اتفاقية الرياض لسنة 1983
بتاريخ 6/4/1983 وقع عدد كبير من الدول الأعضاء في الجامعة العربية في الرياض، اتفاقية للتعاون القضائي التي ألغت اتفاقية الجامعة العربية لعام 1952 حول تنفيذ الأحكام القضائية والتحكيمية.
وتعتبر هذه الاتفاقية أحدث اتفاقية في نطاق جامعة الدول العربية، حيث اشتملت على 72 مادة وهي تعالج بشكل رئيسي الأمور المتعلقة بالأحكام والإنابة القضائية والمساعدة وإعلان الوثائق القضائية وغير القضائية وتبليغها وتسليم المهتمين والمحكومين ومنها أمور أخرى تتعلق بالقضايا المدنية والتجارية والأحوال الشخصية والجزائية.
كما أن هذه الأحكام تطبق بين الدول العربية المنضمة للاتفاقية، ولا تطبق بين دولتين عربيتين، إحداهما طرف في الاتفاقية وإنما يتم في هذه الحالة تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في إحدى هاتين الدولتين في الدولة الأخرى، طبقا لقواعد القانون الوطني لهذه الدولة أو لقواعد اتفاقية قضائية إن وجدت بينهما .
 ويمكن تلخيص أهم الأحكام التي جاءت بها هذه الاتفاقية فيما يخص تنفيذ أحكام التحكيم بما يأتي :
1 – إن ما جاء في اتفاقية الرياض يخص تنفيذ أحكام التحكيم، ولم تتطرق الاتفاقية إلى أي شيء آخر يخص التحكيم ولكنها عالجت كيفية الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه ولا تتمن أية نصوص تتعلق باتفاق التحكيم أو إجراءاتها أو القانون الواجب التطبيق... إلخ.
2 – عندما يراد الاعتراف وتنفيذ حكم من أحكام التحكيم، فعلى طالب التنفيذ أن يقدم صورة معتمدة من الحكم مصحوبة بشهادة صادرة من الجهة القضائية تفيد حيازته للقوة التنفيذية والجهة المقصودة هي الجهة القضائية الموجودة في المكان الذي صدر فيه الحكم.
3 – عددت الاتفاقية الحالات التي يمكن فيها رفض تنفيذ الحكم وهي:
أ – إذا كان قانون دولة الطرف المتعاقد المطلوب إليها الاعتراف أو تنفيذ الحكم لا يجيز حل موضوع النزاع عن طريق التحكيم.
ب – إذا كان حكم المحكمين قد صدر تنفيذا لشرط أو لعقد تحكيم باطل، أو لم يصبح نهائيا.
ج – إذا كان المحكمين غير مختصين طبقا للعقد أو لشرط التحكيم أو طبقا للقانون الذي صدر حكم المحكمين بمقتضاه.
د – إذا كان الخصوم لم يعلنوا بالحضور على الوجه الصحيح.
ه – إذا كان في حكم المحكمين ما يخالف الشريعة الإسلامية أو النظام العام لدى الطرف المطلوب إليه تنفيذه.


المطلب الثاني: التحكيم التجاري الدولي في إطار التشريع الداخلي

تناول قانون 05.08 في الفصول 39-327 إلى 54-327، التحكيم الدولي متفاديا بذلك الفراغ التشريعي الذي كان في ظل القانون القديم، ولسبر أغوار هذا الموضوع فإننا سنعالج النصوص القانونية المتعلقة بالتحكيم الدولي (فقرة أولى) ثم مدى ملاءمته للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم الدولي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: أحكام التحكيم التجاري الدولي في إطار قانون 08.05

بالرجوع إلى الفصل 40-327 يستفاد أن التحكيم يعتبر دوليا عندما يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج. يبقى التحكيم كأسلوب لفض المنازعات الدولية دون جدوى إن لم يتم الاعتراف به بتذييله . 
ولقد حدد الفصل السابق مجموعة من الشروط لاعتبار التحكيم دوليا، كأن يكون لأطراف اتفاق التحكيم وقت إبرام التحكيم مؤسسات بدول مختلفة، أو كأن يكون مكان التحكيم أو مكان تنفيذ جزء مهم من الالتزامات المترتبة على العلاقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة موجودا خارج الدولة الموجود بها مؤسسات الأطراف .
كما أنه بات من المسلم في جميع التشريعات الوطنية والدولية وعند غالبية الفقه في القانون الدولي الخاص أن الإرادة المشتركة لأطراف العقود في التجارة الدولية الحق في اختيار القانون الذي يرونه مناسبا لحكم عقودهم  وهو نفس التوجه الذي سلكه المشرع المغربي في قانون 05.08 الذي منح الأطراف الحرية الكاملة في اختيار القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم إما مباشرة أو استنادا غلى نظام التحكيم، وفي حالة غياب أي اتفاق للأطراف على ذلك، فإن الهيئة التحكيمية هي التي تحدد القواعد المسطرية الواجب اتباعها، هذا ما تضمنه الفصل 42-327 من قانون 05.08 وهكذا فإنه في حالة غياب الإرادة الصريحة فإنه تبقى للمحكم الدولي حرية اختيار القانون الأكثر ملاءمة لموضوع النزاع آخذا بعين الاعتبار القواعد المتعارف عليها في التعامل التجاري الدولي، هذا ما لم تكن هناك إرادة ضمنية تحدد ذلك، هذه الأخيرة تستفاد من بعض الظروف الموضوعية الملابسة للعقد كاختيار الطرفين لمكان إبرام العقد أو لمكان تنفيذه، غير أنه يؤخذ على مشرعنا أنه أغفل ذكر القواعد الموضوعية في مجال التجارة الدولية ولم يواكب بتاتا التطور الحاصل في ميدان التجارة الدولية .   
ويعتبر كذلك الاهتمام بتنفيذ الحكم التحكيمي من أولى الموضوعات التي تستحق الدراسة، وذلك راجع لكونه هو المحدد الأساسي لمدى نجاح نظام التحكيم في النزاعات ذات الطابع الدولي من عدم تحقيق ذلك، ومن أهم الاتفاقيات التي أثرت في التشريعات الوطنية ووحدت إجراءات الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية نجد اتفاقية نيويورك كما أشرنا سابقا، والتي تعتبر أحسن ما توصل إليه المجتمع الدولي في ميدان التحكيم  وكذا اتفاقية تسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات لسنة 1965.
وبالنسبة للمشرع المغربي فقد خول الاعتراف ومنح الصيغة التنفيذية الدولية إلى رئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج.
وجدير بالذكر أن المشرع المغربي جعل أسباب رفض الاعتراف وتخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي أسبابا للطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويل الاعتراف أو الصيغة التنفيذية في مجموعة من الحالات  كما أن المشرع جعل الأمر الذي يرفض الاعتراف أو يرفض تخويل الصيغة التنفيذية قابلا للطعن بالاستئناف، والذي يرفع أمام محكمة الاستئناف ذات الاختصاص المكاني وذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ.
وفيما يخص بطلان الحكم التحكيمي الدولي فإنه يكون قابلا للطعن بالبطلان، وذلك في الحالات المنصوص عليها في الفصل 49-327 ويكون الأمر الصادر بتخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي غير قابل لأي طعن.

الفقرة الثانية: مدى ملاءمة قانون 05.08 للاتفاقيات الدولية

نبادر إلى القول منذ بداية هذه الفقرة إلى أن المشرع المغربي قد توفق كثيرا في ملاءمة ترسانته التشريعية مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم، غير أن مجموعة من المقتضيات لا زال المشرع لم يساير بموجبها هذه الاتفاقيات.

أولا: مظاهر توافق قانون 05.08 مع اتفاقية نيويورك

إذا كانت اتفاقية نيويورك لسنة 1958 قد اهتمت أساسا بمسألة الاعتراف بأحكام االتحكيم الأجنبية وتنفيذها، فإنها تضمنت مجموعة من القواعد العامة أيضا، والتي كان المشرع المغربي موفقا في اعتمادها، ومن بينها ما يلي:
1 – الحكم المؤسساتي
لقد نظم المشرع المغربي التحكيم المؤسساتي في الفصل 319 بتنصيصه على وجود تحكيم خاص وآخر مؤسساتي، وهذا نصت عليه كذلك المادة الأولى من اتفاقية نيويورك.
وهناك مجموعة من المؤسسات الدائمة الموزعة عبر العالم التي تجسد لنا التحكيم المؤسساتي الدولي مثل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار والمكتب الدولي للملكية الفكرية، وغرفة التجارة الدولية التي تتولى فض المنازعات التجارية الدولية بناء على محكمين يتولى اختيارهم الخصوم بعد تقديم طلب إلى هيئة التحكيم التابعة للغرفة . 
2 – شرط الكتابة في اتفاق التحكيم
إذا كانت المادة الثانية من اتفاقية نيويورك قد نصت على شرط الكتابة في اتفاقية التحكيم، فإننا نجد قانون 05.08 هو الآخر تبنى نفس التوجه في الفصل 313 الذي اشترط في إبرام اتفاق التحكيم أن يبرم كتابة بعقد رسمي أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة، وتعتبر هذه الكتابة في التشريع شرط إثبات فقط، عكس الاتفاقية الدولية التي لم توضح طبيعتها.
3 – منع اللجوء إلى القضاء في حالة وجود اتفاقية التحكيم
لقد كانت اتفاقية نيويورك سباقة في المادة الثانية في النص على أنه يتوجب على محكمة أي دولة متعاقدة عندما يعرض عليها نزاع في مسألة هي محل شرط تحكيم أن تحيل الأطراف إلى التحكيم، وهذه المادة هي التي تتماشى مع قانون 05.08 الذي تضمن أيضا نفس المقتضيات بنصه على أنه عندما يعرض نزاع على المحكمة سواء عرض على هيئة تحكيمية أو لم يعرض بعد عمله باتفاق التحكيم، وجب على المحكمة إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في النزاع أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان التحكيم واضحا.
وإضافة إلى هذه المقتضيات نجد مجموعة من النصوص القانونية التي ساير فيها المشرع اتفاقية نيويورك كتلك المتعلقة برفض الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم والوثائق الواجب إرفاقها مع طلب الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وغيرها...

ثانيا: مظاهر الاختلاف بين قانون 05.08 واتفاقية واشنطن

تعتبر اتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى والمعروفة باتفاقية واشنطن لسنة 1965، من أهم الاتفاقيات المبرمة في التحكيم الدولي ، وإذا ما أردنا مقارنتها مع التحكيم المنصوص عليه في قانون 05.08 فإننا نجدها تختلف معه في مجموعة من المقتضيات أهمها:
1 – إن قانون 05.08 يتطرق لمفهوم التحكيم الدولي في الفصل 40-327، أما اتفاقية واشنطن فلم تقم بتحديد مفهومه، بل وضحت المقصود بمنازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى، وهذا أمر طبيعي ما دامت هاته الاتفاقية تتعلق بتنظيم مجال من مجالات التحكيم وهو الذي يتعلق بمنازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى.
2 – لقد اعتبرت هذه الاتفاقية أن الحكم التحكيمي لا يكون قابلا للاستئناف أو لأي طعن آخر ما عدا إعادة النظر، بينما قانون 05.08 نص على أن الأمر الذي يرفض الاعتراف أو تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي يكون قابلا للطعن بالاستئناف، أما الطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويل الصيغة التنفيذية فلا يجوز إلا في حالات استثنائية .  
3 – نلاحظ أن قانون 05.08 في الفصل 42-327 قد نص على حرية تحديد القواعد القانونية التي يتعين على الهيئة التحكيمية تطبيقها على جوهر النزاع، وفي حالة عدم حصول ذلك، فإن الهيئة تفصل في النزاع طبقا للقواعد التي تراها مناسبة، في حين أن الفصل 42 من اتفاقية واشنطن ينص على أنه في حالة عدم وجود اتفاق، فإن المحكمة تطبق قانون الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع بما في ذلك قواعد تنازع القوانين الخاصة بها.

خاتمة:

 لقد عملت القوانين الوطنية وكذا الاتفاقيات الدولية على تعزيز دور التحكيم من خلال ضبط قواعده وتنظيم إجراءاته بما يؤمن توفير المناخ الملائم للحريات التعاقدية الكاملة للأشخاص المعنوية، أو الأشخاص الطبيعية سواء كان على المستوى الوطني أو الدولي بغية تشجيع الاستثمار. واذا كان التحكيم الدولي يفرض نفسه بقوة الواقع الاقتصادي, نظرا لانعدام ثقة المستثمرين الاجانب في قضاء المتعاملين معهم, بحيث لا يتراجعون في صفقاتهم عن طرح التحكيم كقضاء بديل, فان التحكيم الداخلي مع الاسف لا يتجاوز رفوف النصوص الخاصة به , لذلك فان المطلوب اليوم هو تكريس ثقافة الوسائل البديلة لفض المنازعات خاصة التحكيم ،وخلق مراكز التكوين والتاهيل القادرة على استقبال المترشحين لمزاولة هذه المهنة.

المراجع المعتمدة:

كتب :
مختار أحمد بريري: "التحكيم التجاري الدولي"، دراسة خاصة للقانون المصري الجديد بشأن 
  أمينة النمر "أصول المحاكمات المدنية" الدار الجامعية، طبعة 1988
حفيظة السيد الحداد، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2004
مليكة الصروخ : الصفقات العمومية في المغرب (الأشغال , التوريدات , الخدمات) طبعة ثانية  2012
التحكيم في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية – القاهرة – 1993
. أحمد محمد عبد البديع شتا، شرح قانون التحكيم، دراسة مقارنة وفقا لآراء الفقه وأحكام القضاء، وهيئات التحكيم العربية والدولية دار النهضة العربية ، الطبعة الثالثة 2005
فتحي والي "الوسيط في قانون القضاء المدني",الطبعة الثانية 1981
علي بركات "خصومة التحكيم في القانون المصري والقانون المقارن"دار النهضة العربية,القاهرة 1984
عبد الحميد الأحدب: "موسوعة التحكيم، التحكيم الدولي"، الجزء الثاني، دار المعارف، طبعة 1998
أشرف عبد العليم الرفاعي: "التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية"، دار الكتب القانونية، طبعة 2006
أحمد عبد الكريم سلامة: "قانون التحكيم التجاري الدولي والداخلي"، تنظير وتطبيق مقارن، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2004
صلاح الدين جمال الدين ومحمود مصيلحي: "الفعالية الدولية لقبول التحكيم في منازعات التجارة الدولية"، دار الفكر الجامعي، طبعة 2002، الإسكندرية، مصر
عبد الحميد الأحدب: "التحكيم في البلاد العربية"، موسوعة التحكيم، الجزء الأول، دار المعارف طبعة 1988، مصر
- أحمد مخلوف: "اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية"، دار النهضة العربية 2001
محمد شفيق: "التحكيم التجاري الدولي"، دراسة في قانون التجارة الدولية، دار النهضة العربية، الطبعة والسنة غير متوفرة
PH. Grandjean, « l’évolution du référé commerciale »: Rev. jurisp. Com.1993
Abdllah BOUDAHRAIN, « L’arbitrage commercial interne et international au regard du Maroc 

ندوات :

إدريس الضحاك: "التحكيم التجاري الدولي والداخلي"، ندوة نظمت من طرف وزارة العدل والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بإشراف وإعداد من المجلس الأعلى، 3-4 مارس 2004
إدريس فجر، الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،ندوة علمية
مليكة بنزاهير: "الصلح والتحكيم الاختياري لحل نزاعات الشغل الفردية"، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، مارس 2004
Yves Guyon, « droit des affaires. Tome 1 droit commercial général et société ». 10ème édition. Ecomica paris1998

مقالات :

محي الدين إسماعيـل علم الدين: "أفكار حول التحكيـم التجاري الدولـي" مقال منشور بمجلة الميادين، العدد الأول، 1986
زكرياء سريدي : قدرة أشخاص القانون العام في اللجوء إلى التحكيم . مجلة الحقوق المغربية . فقه المنازعات الإدارية . العدد الثاني
عبد الكبير الصوصي علوي: "التحكيم في المنازعات الإدارية"، موقع العلوم القانونية.
نبيل بوحمدي: "إمكانية اللجوء إلى التحكيم في نزاعات الشغل الفردية"، موقع العلوم القانونية
- فوزي محمد أسامة: "اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لعام 1983"، مجلة التحكيم العربية، مجلة متخصصة يصدرها الاتحاد العربي للتحكيم، عدد أبريل 2001

الرسائل والاطروحات :

أسامة عبيد: "التحكيم في التشريع المغربي"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، سلا، سنة 2008/2009
أسماء عبيد: رسال لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق سلا
- pommier (JCH) principe d’autonomie et loi du control en droit international privé conventionnelle, thèse paris 1992
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات