القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث حول موضوع العقوبات المالية في التشريع الجنائي

العقوبات المالية في التشريع الجنائي  


مقدمة:
إذا كان القانون الجنائي هو مجموعة من الوسائل والأدوات المرصودة لردع وزجر جميع مظاهر الاختلال داخل المجتمع عبر عرض مجموعة من العقوبات أهمها العقوبات التي تحد من حرية الأشخاص في التنقل، فإنا لاتجاهات الحديثة أصبحت تتجه إلى الإقلال من هذه العقوبات التقليدية وخاصة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة لما لها من عواقب سلبية على المحكوم عليه. وهذاما أيدته مدرسة الدفاع الاجتماعي، وأقرت بضرورة تعويضها بعقوبات بديلة تحقق الفعالية والغاية المرجوة من القاعدة الجنائية، خاصة منها تلك التي تمس الذمة المالية للخارجين عن القانون كما هو الشأن للعقوبات المالية، والتي تمس الذمة المالية للمحكوم عليه، وتعد مصدر دخل للخزينة العامة للدولة.
وهذه العقوبات هي قديمة قدم التشريع الجنائي حيث عرفها القانون الروماني والقانون الجرماني والقانون الفرنسي خصوصا قبل القرن 19، حيث كان الصلح ممكنا في كل الجرائم مقابل المال الذي يذهب للحاكم وللقاضي.
كما عرفتها أيضا الديانات السماوية على اختلافها وتعددها بما في ذلك الشريعة الإسلامية حيث نجدها قد نصت على عقوبة الدية كعقوبة أصلية في جرائم القتل والجرح في شبه العمد والخطأ ومصدر ذلك قوله تعالى: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ". وتعرف الدية بأنها المال الذي يؤديه الجارح أو القاتل إلى الجريح أو ورثة القتيل كعوض عن الدم المهدور.
أما بالمغرب فقد كان يطبق عليها القانون الجنائي الفرنسي في عهد الحماية، حيث كانت تعتبر من العقوبات الأصلية. وبعد سن القانون الجنائي المغربي اكتفى بإقرار الغرامة كعقوبة جنحية أو ضبطية وذلك بموجب الفصلين 17 و 18 من القانون الجنائي.
والمصادرة وهي الشق الثاني للعقوبات المالية في القانون الجنائي نجدها تختلف عن الغرامة في كون موضوعها هو الأشياء أو النقود أو هما معا، أما موضوع الغرامة فدائما يكون هو النقود.
ويمكن القول أن العقوبات المالية تعتبر من أوسع العقوبات من حيث التطبيق ضمن التشريعات الحديثة باعتبارها أهم صور الجزاء الجنائي الذي ينال من الذمة المالية للمحكوم عليه، والعقوبات المالية تعد خيارا استراتيجيا في التشريعات الحديثة لمكافحة الجرائم الاقتصادية، حيث عملت جل التشريعات الحديثة على تكريسها كعقوبة أصلية لمواجهة جرائم المخالفات والجرائم الاقتصادية، بل أصبح نطاقها يتسع ليشمل جرائم الجنح كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا.
ومن خلال ما تقدم ارتأينا أن نضع الإشكالية التالية:
إلى أي حد استطاعت العقوبات المالية في القانون الجنائي المغربي تحقيق وظائفها الزجرية؟
ومن خلال هذه الإشكالية طرحنا عدة أسئلة مرتبطة بها وذلك من قبيل:
-ما هو الأساس القانوني للعقوبات المالية في القانون الجنائي؟
-وما حدود سلطة القاضي في تحديد وتقدير العقوبة المالية؟
-وما هي وسائل تنفيذ الأحكام المتعلقة بالعقوبات المالية؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية وهاته التساؤلات ارتأينا وضع التصميم التالي:
المبحث الأول: الإطار القانوني للعقوبات المالية في القانون الجنائي المغربي
المطلب الأول: العقوبات المالية في القانون الجنائي المغربي
المطلب الثاني: العقوبات المالية في بعض القوانين الخاصة
المبحث الثاني: سلطة القضاء في الحكم بالعقوبات المالية وتنفيذها
المطلب الأول: سلطة القاضي التقديرية في الحكم بالعقوبة المالية
المطلب الثاني: تنفيذ الحكم بالعقوبة المالية وآثاره


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات