القائمة الرئيسية

الصفحات

عقوبة الإعدام في القانون الجنائي المغربي

عقوبة الإعدام في القانون الجنائي المغربي


مقدمة

 تعتبر العقوبة من أهم الأثار الجنائية التي تترتب عن إرتكاب جريمة ما  وهي تعبر عن مدى الإرتباط بين الجريمة والجزاء الجنائي وتتصف بأنها جزاء تقويمي تمس إعتبار الشخص وشرفه ، ولذلك فهي تندرج من حيث الجسامة حسب خطورة المجرم وتبعا لدرجة خطورة جريمته ، والقتل أول جريمة عرفها التاريخ البشري منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض ، وبذلك إرتبطت الجريمة بوجود البشر حيثما وجدوا ، وأعتبرت ظاهرة طبيعية لأنها تتلازم مع الحياة ، وعقوبة الإعدام عرفتها جميع القوانين المعاصرة وكذلك قوانين العهود القديمة وذلك من أجل تخليص المجتمع من العنصر المخل بالنظام ،وقد طبقت هذه العقوبة على الجرائم التي كانت خطورتها لا تغتفر ولم يكن هناك بد من فرض عقوبة عديمة الشفقة من أجل حماية النظام العام . كما يتم اللجوء إلى تطبيق هذه العقوبة عندما تستنفذ الجهود المبذولة من أجل إعادة تأهيل المجرم ويتم التأكيد من أنه غير قابل للإصلاح
 وقد شرعت النظم الإجتماعية والإنسانية منذ أقدم العصور حق العقاب على هذا الجرم وتفاوتت أساليب العقاب ، شدة ولينا بتطور المجتمعات والقوانين ، وأعتبرت عقوبة الإعدام أقسى العقوبات التي يقررها القانون لأنها تقضي بإستئصال المحكوم عليه كليا من عداد أفراد المجتمع على نحو لا رجعة فيه جراء الجرم الذي إقترفه .
 بدأت عقوبة الإعدام بصفة عامة في التشريعات القديمة متضمنة قدرا كبيرا من الإيلام ثم تطورت تطورا من شأنه الإقلال من هذا الإيلام وأتجهت العقوبة بذلك إتجاها إنسانيا يجردها من معاني الإنتقام والإرهاب ويميل بها إلى أن تكون وسيلة لإصلاح المحكوم عليه أو إستبعاده من المجتمع وكان للمواثيق الدولية والمعاهدات دور كبير في ذلك وإتجاه التشريعات الحديثة نحو التخفيف من هذه العقوبة أو إلغاءها بشكل تدريجي فالحق في الحياة من الحقوق الكونية التي كرستها جل المواثيق الدولية ودساتير الأمم الشيء الذي جعل من تطبيق عقوبة الإعدام خرقا لهذا الحق فكيف لسلطة تقر بالحق في الحياة وتعاقب على الإعتداء عليه وتشرع لنفسها سلب هذا الحق عبر تنفيذ الإعدام وهو ما كان أساسا لقيام الجدل حول عقوبة الإعدام والذي إتخد شكل حوار بين فريقين فريق مؤيد للإلغاء بصورة قاطعة إنطلاقا من أن الروح هي ملك لخالقها وحده وأنه ليس من العدل أن يعاقب المجتمع على جريمة غير قانونية بجريمة قانونية وفريق أخر مؤيد للإبقاء يرى في الإعدام عقوبة تنطوي على قوة ردع فريدة من نوعها والتشريعات الحديثة التي تقر هذه العقوبة لا تقرها إلا في نطاق ضيق جدا يكون لأخطر الجرائم وتجعل تنفيذها قاصرا على إزهاق الروح دون أن يقترن بتعذيب لا مبرر له .
  والتشريع الجنائي المغربي كغيره من التشريعات التي نصت على عقوبة الإعدام في تشريعها الجنائي ومسطرة تنفيذها وهو ما طرح جدلا واسعا لا سيما في ما يتعلق بكونها تمس الحق في الحياة كحق دستوري جاء به الدستور الجديد وحول قيمتها العقابية وشرعيتها كصورة لرد الفعل الإجتماعي إزاء الجاني فالإعدام هو إزهاق روح المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر بذلك من المحكمة الجزائية المختصة في مواجهته فهي عقوبة جزائية تؤدي إلى إستئصال المحكوم عليه من الحياة فضلا عما يتبع ذلك من أثار وحرمانه من الحقوق التي كان يتمتع بها  وهو ما يجعل عقوبة الإعدام تطرح الإشكالية التالية :
هل تتعارض عقوبة الإعدام مع الحق في الحياة كحق إنساني ؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات :
ما موقف الديانات السماوية والتشريعات الوضعية من عقوبة الإعدام ؟
ما دور المواثيق والمعاهدات الدولية في توجيه التشريعات الحديثة بخصوص عقوبة الإعدام ؟
هل أخذ المشرع الجنائي المغربي بعقوبة الإعدام ؟ وما خصوصيات مسطرة تنفيذها ؟
أين وصل الجدال القائم حول عقوبة الإعدام ؟
وهل حاول المشرع من خلال مسودة مشروع القانون الجنائي مسايرة هذا الجدال القائم حول عقوبة الإعدام ؟
وسوف نحاول الإجابة على هذه الإشكالية وما تفرع عنها من تساؤلات بالإعتماد على التقسيم الأتي :
المبحث الأول : الإطار المرجعي والتشريعي لعقوبة الإعدام

المبحث الثاني : عقوبة الإعدام في القانون المغربي والرأي الفقهي 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات