تطورات المسؤولية الموضوعية في التشريع المدني المغربي
تحت إشراف الأستاذ د.عبد القادر العرعاري
مقدمة:
الفعل الضار ينشئ التزاما على مرتكبه بإصلاح الضرر الواقع منه للغير سواء كان هذا الفعل متعمدا أم غير متعمد ويطلق على ذلك في قانون الالتزامات والعقود المغربي لفظ الجرم أو شبه الجرم.
ويترتب على وقوع الفعل الضار أن مسؤولية صاحبه تشغل هذا المصدر المسؤولية التقصيرية، هذه الاخيرة تلزم المرتكب للفعل بالتعويض عن فعله الشخصي وهذه هي النظرية الشخصية كما تلزم الشخص بالتعويض عن الضرر التي يرتكبونها لأشخاص الذين يوجدون تحت عهدته ورقابته أو يعملون لديهم هذه هي النظرية الموضوعية
يؤخذ على النظرية الأولى التي تقيم المسؤولية على الخطأ أنها لا تعاقب فاقد التمييز بالتعويض ولا يمكن نسبة الخطأ إليه وبالتالي لا يمكن الطرف المضرور الحصول على تعويض لعدم وجود المسؤول أو أثبت انه لم يستطع منع الضرر رغم عدم تقصيره في الرقابة وهذا يتنافى مع العدالة خصوصا إذا كان عديم التمييز ثريا والمضرور فقيرا.
لذلك سرى تيار جديد في التشريع الحديث يقيم المسؤولية على أسس موضوعية مدارها فكرة تحمل التبعة يلزم الشخص بالتعويض سواء صدر منه الضرر ام لم يصدر وهذه النظرية ترتكز على الضرر.
ومن التشريعات التي أخذت بالنظرة الموضوعية القانون المدني الألماني في الفصل 829 وقانون الالتزامات والعقود السويسري في الفصل 54 ثم قانون الالتزامات والعقود الإيطالي في الفصل 2047 أم في المغربي لم تظهر هذه المسؤولية إلا في أواخر القرن 19 وذلك راجع لعدة أسباب
ظهور بعض المخاطر الجديدة نتيجة لاستعمال الالات الميكانيكية لأنها تتسبب في كثير من المآسي داخل الأوراش دون أن ننسى ما تقدمه من إسعاد البشرية.
- انتشار ظاهرة التأمين بمختلف أنواعه
نظرا لكثرة المخاطر وعدم بكيفية فردية فإنه تم التفكير في إنشاء شركات التامين والتعاضديات الجماعية.
- انتشار وذيوع الأفكار الاجتماعية التي تهدف إلى حماية الطرف المضرور
أما عن نطاق المسؤولية الموضوعية في التشريع المدني المغربي فإن المشرع تناول بعضها في ق ل ع المغربي كالمسؤولية عن فعل الغير الفصل 85 والمسؤولية عن حراسة الأشياء الفصل 88 والمسؤولية من الأضرار التي يتسبب فيها الحيوان 86 ومسؤولية مالك البناء الفصلين 89و90 وبعضها خارج ق ل ع المغربي كقانون 24.09 والقانون المنظم لحوادث السير والقانون المنظم لحوادث الشغل والأمراض المهنية.
نظرا لأهمية المسؤولية المدنية والموضوعية بالضبط باعتبارها المحور الأساسي لهذا البحث سنقوم بدراستها على المستوى العملي وعلى المستوى النظري
على المستوى النظري يجب معاقبة الشخص المتسبب في الضرر بالنظر لما يستحقه لشخصه لا بالنظر لما تقتضيه حماية المجتمع
على المستوى العملي راجع لكثر مخاطر العمل وزيادة الآلات الجديدة تجعل عسير على العامل في الكثير من الأحوال أن يثبت خطأ في جانب الطرف المتسبب في الضرر أو المرتكب للفعل الضار.
فكل هذه العوامل أدت بالفقه والقضاء إلى البحث عن مجال لتوسيع نطاق المسؤولية التقصيرية والاستقرار على أساس مناسب لتعويض المضرور دون التضحية بمصالح المدعي.
من خلال توضيح هذه الأهمية يمكن طرح الإشكالية إلى أي حد تطورت المسؤولية الموضعية في التشريع المدني المغربي؟
هذه الإشكالية انبثقت عنها عدة أسئلة فرعية ما المقصود بالمسئولية الموضوعية؟ وما الذي يميزها عن المسؤولية الشخصية ؟ وما هو أساس قيامها وما هي أسباب ظهورها؟ وما هي تطوراتها؟
لمقاربة هذه التساؤلات وغيرها سنعتمد التصميم التالي:
المبحث الأول: تطور أحكام المسؤولية الموضوعية
المبحث الثاني: مظاهر تطور المسؤولية الموضوعية
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك