منهجية التعليق على حكم أو قرار قضائي
منهجية التعليق على حكم أو قرار قضائي |
مقدمة
لا يختلف إثنان على أهمية التكوين المنهجي الذي أضحى يتبوأ الريادة في الأنظمة التعليمية خاصة القانونية منها، وذلك لما له من أدوار في خلق صفات التحليل والتركيب وكذا البرهنة لدى طالب الدراسات القانونية[1].
ويعد في هذا المضمار التعليق على القرارات القضائية واحدا من المداخل لتملك هذه الصفات إذ يسهم في تقويم هذه المهارات وتنميتها، فهو يتطلب قدرة على الواقع وتكييفه من الناحية القانونية، مثلما يقتضي مهارة في التحليل القانوني وتمكن من أساليب الإستدلال والمنطق.
وهو بهذا المعنى – أي التعليق على القرار القضائي – مناقشة وتحليل تطبيقي لمسائل قانونية تلقاها الطالب نظريا، ذلك أن المعرفة القانونية ا تكتمل إلا إذا لازمتها معرفة تطبيقية، ومن ثم يمكن القول أن التعليق على المقررات القضائية عملية نظرية وتطبيقية في آن واحد تهدف إلى تطبيق المعلومات النظرية التي تلقاها الطالب من أجل ترسيخها في ذهنه.
ولما كان التعليق على القرار القضائي هو معالجة له من حيث إبراز المشكل المطروح به، وكذا الطريقة التي عولج بها، والحلول التي توصل إليها القاضي من وجهة القانون الوضعي، ثم تقييمها وفق منهجية محددة مسبقا. فإنه يختلف بهذا المضمون عن الملاحظات والتعليقات التي يبديها الحقوقيون من القضاة أو المحامين أو حتى الأساتذة. فهؤلاء يعتبرون أحرارا في اختيار الفكرة أو الأفكار التي يريدون التعليق عليها أو مناقشتها دون تقيد بضوابط ومعايير كتابة التعليق على قرار.[2]
وعليه يصبح السؤال مشروعا ومسوغا عن المنهجية التي يتم بها التعليق على القرار القضائي، هذا السؤال الذي تتفرع عنه أسئلة فرعية أخرى لا تقل أهمية عنه وهي ما هي الإجراءات القبلية التي يتعين على المعلق انتهاجها قبل الخوض في هذه العملية؟ ثم ما هي الإجراءات والخطوات البعدية كي يصل إلى تعليق محترم للقواعد المتعارف عليها في هذا الباب؟
لهذه الأسباب وسعيا للإجابة عن السؤال الأساسي وكذا الأسئلة المتفرعة عنه، ابتعنا التصميم الآتي:
المبحث الأول: مرحلة قراءة موضوع القرار القضائي واستخراج عناصره: ثم مرحلة المسودة
المطلب الأول: فهم مضمون القرار
المطلب الثاني: استخراج العناصر الجوهرية للقرار
المطلب الثالث: توجيهات بخصوص التعليق على القرار
المبحث الثاني: مراحل التحليل والتعليق
المطلب الأول: وضع مخطط وتصميم التعليق
المطلب الثاني: تحرير مضمون التعليق
الفقرة الأولى: مقدمة
الفقرة الثانية: عرض
الفقرة الثالثة: خاتمة
خاتمة
المبحث الأول: مرحلة قراءة موضوع القرار القضائي واستخراج عناصره (مرحلة المسودة)
تعد مرحلة المسودة أو المرحلة التحضيرية أول واهم مرحلة في التعليق على قرار قضائي.
فهي عبارة عن عمل وصفي من قبل المعلق الذي عليه في هذه المرحلة أن يتوخى الدقة على اعتبار أن تحليلاته ومناقشاته اللاحقة تبنى على ما تم تحصيله في هذه المرحلة.
المطلب الأول: فهم وإستيعاب مضمون القرار
إن أول ما تقتضي عملية التعليق على القرار القضائي، هو القراءة المتأنية بل ويستحسن قراءة القرار أكثر من مرة واحدة دون تدوين أي شيء.[3]
يجب دراسة كل كلمة وردت في القرار لأنه من الصعب التعليق على قرار غير مفهوم، فهذه النقطة تحتاج من الطالب المرور بمراحل إجرائية متعددة وعملية ذهنية طويلة تتجلى هذه الصعوبة في المفردات القانونية التي تبدو أحيانا غامضة، إضافة إلى غموض القرار ذاته الذي يخضع لقواعد تقنية في بنيته وصياغته. من أجل تجاوز تلك الصعوبات لابد من فهم القرار موضوع التعليق لأنه على ضوء ذلك يمكن وضع التعليق.[4]
قبل التعمق في قراءة موضوع القرار يكفي إلقاء نظرة سريعة عليه لاستخلاص بعض المؤشرات المفيدة والقيمة؟ كمعرفة إسم المحكمة المصدرة للحكم، وبالتالي التعرف على ما إذا كان التعليق يتناول حكما لمحكمة درجة أولى، أو قرار صادر عن محكمة الاستئناف أو النقض كذلك بالنسبة لتاريخ صدور الحكم أو القرار يوضح لنا ما إذا كان التعليق يتناول قرارا حديثا أو قديما.
بعد هذه النظرة السريعة يتنقل المعلق إلى القراءة المركزة لهذا القرار أو الحكم، بالإضافة إلى المعرفة الصحيحة لأجزاء الحكم.
فالطالب لكي يعطي تعليقا سليما على القرار، يجب أن يكون ملما أساسا بالنصوص القانونية أو القواعد القانونية التي تحكم ذلك النزاع، ومن تم بالفقه قديمه وحديثه الذي تعرض للمسألة المطروحة. كذلك الاجتهاد الذي تناول هذه المسألة ومن تم بيان انعكاسات ذلك الحل من الوجهة القانونية، الإجتماعية؛ الإقتصاية؛ ومدى وأبعاد الحل القانوني وهو ما يفرض على الطالب ثقافة قانونية وغير قانونية ضرورية وشاملة.
بعد الإحاطة بأجزاء الحكم؛ يمكن تكرار القراءة المركزةللإحاطة بالنقط القانونية التي طرحت على المحكمة ثم الحلول التي اعتمدتها لتلك النقط. والسياق الفكري والمنطقي الذي اعتمدته المحكمة ومن تم البراهين والحجج المؤيدة.[5]
المطلب الثاني: استخراج العناصر الجوهرية للقرار
بعد التعرف على القرار، وفهم مضمونه تأتي مرحلة استخراج عناصره الجوهرية التي يمكن سردها وفق التراتبية التالية:
1- مقدمة الحكم أو القرار: ذلك أن أول شيء يسترعي الإنتباه في كل حكم أو قرار، هو أن يديل في رأسه باسم المملكة المغربية، وبصدوره باسم جلالة الملك وطبقا للقانون مع ذكر اسم المحكمة التي أصدرته وإسم القاضي أو القضاة الذين اشتركوا في إصداره، وتاريخ صدوره الذي يفيد في معرفة مدى تحقق قواعد التقادم أم لا، كما أن لذكر تاريخ صدور القرار أهمية بالغة لمعرفة هل وقع تحول للإجتهادات السابقة أم أنه وقع تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة أو تم اللجوء إلى قاعدة قانونية أخرى.
ولابد كذلك من معرفة الأطراف وذكر من هو الطالب ومن هو المطلوب في النقص إذا كان الأمر يتعلق بقرار للمجلس الأعلى، ومن هو المستأنف ومن هو المستأنف عليه إذا كان الأمر يتعلق بقرار صادر عن محكمة الإستئناف، ومن هو المدعي ومن هو المدعى عليه، إلا إذا كان يتعلق بحكم صادر عن محكمة إدارية تجارية أو ابتدائية إضافة إلى إدراج مزاعم الأطراف ومطالبهم وبيان الأسباب الواقعية والقانونية والحجج التي استندت عليها المحكمة للفصل في موضوع النزاع.[6]
2- الوقائع: هي الأحداث التي أدت إلى نشوب النزاع والذهاب إلى القضاء، لابد من سرد الوقائع التي حصلت من يوم نشوء النزاع إلى يوم رفع الدعوى، وعرضها بصفة مختصرة وفق الترتيب الزمني حسب وقوعها، بحيث تتضمن المراحل التي مرت منها القضية، وما قدمه الأطراف من طلبات وأدلة، مع ربطها بالنصوص القانونية التي استندوا عليها في مزاعمهم، والغاية من ذلك هو ضبط التكييف القانوني الذي أعطاه القاضي للنازلة.[7]
3- التعليل: يقصد به تحليل المحكمة للوقائع اعتمادا على النصوص ومذكرات الأطراف[8]، والتعليل الذي يرتكز عليه قاضي الموضوع يتم صياغته في شكل حيثيات تستخلص من عبارة: " حيث أن " أو " بها أن"، أو " بناء على "، يتم من خلالها الإجابة على طلبات الخصوم أو دحضها في بعض الأحيان، لذلك كان لزاما على المعلق أن يظهر عند التعليق على الحكم أو القرار التعليل الذي ارتكز عليه القاضي عند إصدار حكمه لأن من خلاله سينتقل المعلق إلى طرح إشكال للنزاع.
4- منطوق الحكم: هو ما قضت به المحكمة وما توصلت إليه من موقف بخصوص النزاع المعروض أمامها على ضوء النصوص القانونية المعتمدة[9]، بحيث يتم صياغته بطريقة مختصرة، ويستخلص من عبارة " من أجله" أو " لهذه الأسباب" ...
هذا ويعد المنطوق من أهم عناصر القرار، ذلك أن الطعن يرد على هذا الجزء بالذات، على اعتبار انه يشكل ما خلصت إليه المحكمة من قرار تجاه القضية المعروضة عليها.
وجدير بالذكر أن العناصر السابقة هي قواسم مشتركة بين الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الموضوع، إلا أن هناك اختلافات في بعض الجوانب نظرا للمحكمة المصدرة للحكم أو القرار.[10]
وفي هذا الإطار فإن المحكمة الإبتدائية تقوم بعرض إدعاءاته الخصوم سواء من الناحية القانونية أو الواقعية والإثباتات التي يعرضها كل طرف لتأكيد ما يدعيه.
أما بخصوص محكمة الإستئناف فهي تصدر قرارها مسبقا بملخص للحكم الإبتدائي، مع عرض الأسباب التي يعتمد عليها المستأنف في طلب الإستئناف، وذلك قصد معرفة مدى صواب الحكم الإبتدائي أم لا.
أما محكمة النقض فهي محكمة قانون، تراقب مدى تطبيق محاكم الموضوع للقانون، لذلك فقرار النقض يتضمن الحل الذي اعتمدته محاكم الموضوع وأسباب الطعن الموجه ضده، ومناقشة هذه الأسباب في ضوء النصوص القانونية المتعلقة به، وتعتمد محكمة النقض في سبيل ذلك العبارات التالية:
· بشأن الوسيلة، وبناء على مقتضيات الحكم أو القرار...
· فيما يخص الوسيلة الثانية أو بشأن الوسيلة الفريدة و المثارة.
· ومن أجله قررت محكمة النقض ( قبول الطلب أو رفضه).
المطلب الثالث: توجيهات بخصوص التعليق على القرار
حتى يتمكن الطالب من التعليق على القرار القضائي يستحسن في البداية إلقاء نظرة على القرار بحثا عن بعض التأشيرات التي قد تعطي فكرة مسبقة عن توجه القرار، ثم قراءة القرار قراءة متأنية مرتين أو ثلاث مرات. الهدف من القراءة الأولى هو فقط الإستئناس بالقرار، وأخذ فكرة عامة عنه، والهدف من القراءة الثانية الوقوف على البنيات اللغوية للقرار ( تسطيرا وتأطير بواسطة قلم)[11]. أما الهدف من القراءة الثالثة هو إبراز البنيات المنطقية أي استخراج مختلف الحيثيات المضمنة في القرار.[12] وذلك بهدف القيام بأمرين أساسيين، يتعلق أحدهما باستخراج أدوات التعليق على القرار القضائي ( الفقرة الأولى) ويتعلق الثاني بالتمكن من تقنيات التعليق على القرار القضائي( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أدوات التعليق على القرار القضائي
يقتضي هذا الأمر، أن يقوم المعلق بتدوين في مسودة، الأدوات التي ستساعده في التعليق على القرار والمتمثلة فيما يلي:
· اسم المحكمة مصدرة الحكم أو القرار القضائي. ما إذا كانت ابتدائية أو استئنافية أو محكمة النقض، وهذا ما يمكن التعرف عليه من خلال منطوق الحكم.
· تسجيل العيوب أو الثغرات التي يراها الباحث، وبالتالي الوقوف على النصوص القانونية المطبقة ( الموضوعية – الإجرائية) مع الإشارة إلى إحالتها وقت التعليق، ما إذا كانت لا تزال سارية أم تم نسخها.
· ترتيب أحداث القضية بحسب تاريخ انطلاقها أي قبل وصول الملف إلى المحكمة والمراحل التي مر منها إلى غاية صدور الحكم من آخر جهة قضائية عرض عليها، وهنا يتوقف الأمر على مجهود خاص للطالب لاستخراج الأشياء التي قد تكون متناثرة بين المراحل الإجرائية أو ما قدم من حجج وأسانيد لمختلف درجات المحاكم.
· بيان أطراف النزاع بتحديد المدعي والمدعى عليه إذا كان التعليق ينصب على حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية، أو المستأنف والمستأنف عليه إذا كان التعليق ينصب على قرار صادر عن محكمة النقض، إضافة إلى بيان المواقف والطلبات والوسائل القانونية التي استند عليها الأطراف لتدعيم موقفهم في الدعوى.
· تحديد الإطار القانوني موضوع النزاع، واستخراج المشاكل القانونية الرئيسية في القرار، مع الإشارة إلى التعليل الذي اعتمدته المحكمة مصدرة القرار.
الفقرة الثانية: تقنيات التعليق على القرار القضائي
عند الإنتهاء من المرحلة السابقة ( استخراج أدوات التعليق) يجب عل المعلق ما يلي:
· استخراج المعلومات الواردة في القرار والتي ارتكزت عليها المحكمة في إصدار حكمها أو قرارها.
· استخراج ادعاءات أطراف النزاع ، الواقعية، والقانونية.
· تسجيل المبدأ القانوني الذي ركزت عليه المحكمة وإخضاعه للملاحظة من حيث وضوحه أو غموضه.
· التعليق على مرتكزات المحكمة النظرية والفقهية والعمل على توضيحات عبر تبيان من مكامن القوة والضعف بالنسبة لهذه المرتكزات.
· ثم التوصل إلى مناقشة الوسائل المثارة والبعد القانوني للحلول المقدمة قضائيا للواقع.
· على المعلق تجميع جميع الأفكار التي ناقشها من قبل، بخصوص القرار وذلك من أجل الخروج برأي شخصي مدعم بالبراهين. وكذلك يجب على المعلق التزام الحياد واستعمال جميع المعلومات والمكتسبات القانونية التي استجمعها أثناء الدراسة.[13]
هذا فبعد تمكن المعلق من استيعاب القرار أو الحكم القضائي واستخراجه لوقائعه والمشكل القانوني الذي يتضمنه، إضافة إلى أدواته وتقنياته، يتوجب عليه أن يتوصل لمعرفة عناصر التصميم حتى يحرر تعليقه وفق ما يقتضيه قواعد المنهجية، حيث على المعلق تنظيم أفكاره وجمع المعلومات التي وضعها في المسودة حتى يتمكن من وضع التصميم الملائم للقرار محل التعليق وهذا ما سنراه في المبحث الثاني.
المبحث الثاني: مرحلة التحرير والتعليق
بعد تعرف المعلق على بيانات الحكم أو القرار القضائي، وتمكنه من معرفة أدواتهما وتقنياتهما، فإن ذلك يقتضي منه وضع خطة لدراسة المسألة القانونية[14]، والإجابة على الإشكال القانوني الذي يطرحه القرار ثم مناقشتهما، وفقا لتصميم معين حتى يقوم بتحري مضمون التعليق وفقا لما تقتضيه المنهجية.[15]
المطلب الأول: وضع مخطط وتصميم التعليق
يجب على الطالب تنظيم أفكاره وجمع المعلومات التي وضعها خلال المرحلة التحضيرية حتى يتمكن من وضع التصميم المناسب للقرار محل التعليق، لكن أمام تعدد المنهجيات والتصاميم فإننا نتساءل أي منها نتتبع، والواقع أنه ليست هناك منهجية أو تصميم مثالي وثابث يلزم تطبيقه، ويرجع الأمر إلى أن هناك اختلاف وتعدد للقرارات والأحكام مع اختلاف النقط القانونية المطروحة كما وكيفا.
لذلك فإننا نصادف تعاليق تعبر عن توجهات شخصية لأساتذة وباحثين ومع ذلك فلابد من احترام الأساسيات في التعاليق خاصة بالنسبة للمبتدئين حيث يحتاج الطالب إلى مبادئ أولية وإرشادات توجيهية تسهل له العملية، فالتصميم يختلف حسب ما إذا كان القرار أو احكم يطرح مشكلة قانونية واحدة، أو متعددة. لكن القاسم المشترك هو خضوع تصميم القرار أو الحكم القضائي للقواعد العامة لأي منهجية وهي ضرورة وجود مقدمة، عرض وخاتمة ( ليست إجبارية) مع ضرورة التنسيق المحكم للنقاط القانونية أو المبادئ الأساسية المثارة في الحكم أو القرار. فالأمر لا يتوقف عند سرد الدروس النظرية أو التطبيقية والتي درسها الطالب، بل الأهم في التعليق هو الوصول إلى فهم التفكير القانوني وكذا تقديمه لتحليل جدي مع استبعاد تكرار المسائل المشابهة ومن خلال ذلك فإن الخطة أو التصميم المتبع للتعليق على الحكم أو القرار القضائي، يجب أن يكون مشتملا على عناصر بحيث تجعله تصميما منطقيا.
· يجب أن تكون خطة مصممة في شكل مقدمة وصلب موضوع يحتوي على مباحث ومطالب وخاتمة ( ليست ضرورية).
· التعليق يختلف عن تحليل الموضوع القانوني فهو يعتمد على إبداع الطالب وقدرته على البحث الجاد.
· لابد أن تكون الخطة المعلق عنها تطبيقية، أي تتعلق بالقضية وأطراف النزاع من خلال العناوين. فعلى المعلق تجنب التصميم النظري وكذا عليه تجنب الخطة المكونة من مبحث نظري وآخر تطبيقي، لأن هذا التصميم سيؤدي حتما إلى تكرار المعلومات.
· أن يكون التصميم دقيقا، فمن الفضل تفادي العناوين العامة.
· أن تكون الخطة متوازنة ومتسلسلة تسلسلا منطقيا، بحيث تكون العناوين من حيث مضمونها متتابعة وفقا لتتابع وقائع القضية، فتتضح بذلك بداية القضية في بداية الخطة، كما تنتهي القضية بنهاية الخطة.
· أن تكون الخطة تجيب على المشكل القانوني المطروح، فإذا كان ممكنا يتم استخراج إشكاليتين قانونيتين، بحيث تعالج واحدة منهما في مبحث، وهذه الخطة المثالية في معالجة أغلب المسائل القانونية المطروحة من خلال الأحكام والقرارات القضائية.
· بعدما يضع المعلق التصميم فإنه يبدأ في مناقشة المسألة القانونية المتعلقة بالحكم أو القرار القضائي محل التعليق بدءا بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع وصولا إلى الخاتمة.[16]
المقدمة: وفيها يقوم المعلق بعرض ووضع المسألة القانونية محل التعليق في جملة وجيزة، بعدها يلخص قضية الحكم أو القرار في فقرة متماسكة يسرد فيها بإيجاز كلا من الوقائع والإجراءات والادعاءات منتهيا بطرح المشكل القانوني بصفة مختصرة تعتبر كمدخل إلى صلب الموضوع.
العرض: خلاله يقوم المعلق في كل نقطة من نقاط الخطة بوضع" عنوان" لمناقشة جزء من المسألة القانونية المطلوب دراستها، مناقشة نظرية وتطبيقية مع إعطاء رأيه في الحل القانوني. فالدراسة تكون موضوعية وشخصية.[17]
أ- الدراسة الموضوعية: يشير فيها المعلق إلى موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية ثم موقف الحل بالنسبة للفقه وموقفه من الاجتهاد القضائي وبالتالي فعلى المعلق الاستعانة بالمعلومات النظرية المتعلقة بالمسألة القانونية محل التعليق ثم الرجوع في كل مرة إلى حيثيات الحكم أو القرار محل التعليق لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة.
ب- الدراسة الشخصية: وتتم من خلال إضفاءهم حكم تقييمي على الحل الذي جاء به القرار، وهل يرى المعلق.
الخاتمة: يخرج الباحث بنتيجة مفادها أن المشكل القانوني لذي يطرحه الحكم أو القرار محل التعليق يتعلق بمسالة قانونية معينة لها حل قانوني معين يذكره المعلق معالجا بذلك الحل الذي توصل ليه القضاة إما بالإيجاب أي بموافقته مع عرض البديل وبهذا يختم المعلق تعليقه على القرار.
المطلب الثاني: تحرير مضمون التعليق
إن تحرير مضمون التعليق على قرار يتم عبر ثلاث مراحل:
المقدمة ثم العرض ثم الخاتمة.
وفيما يلي مشتملات المقدمة.
الفقرة الأولى: المقدمة
يتم خلالها تحديد طبيعة الحكم أو القرار القضائي، هل هو مدني أو جنائي أو تجاري أو اجتماعي.
ثم تحديد الجهة القضائية المصدرة للحكم أو القرار، مع الانتباه إلى أعلى جهة قضائية عرض عليها النزاع، مثلا لو عرض القرار على قضاء محكمة النقض، بعد أن عرض الملف على المحكمة الابتدائية ثم محكمة الاستئناف يتعين القول يتعرض الحكم أو القرار المدني أو التجاري الصادر عن المجلس الأعلى بشان واقعة عرضت على محاكم الموضوع، أما إذا كانت هناك جهة قضائية وحيدة كالمحكمة الإبتدائية، فيجب أن نقول تناقش الحكم المدني أو التجاري، الصادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة....
إثارة المسألة أو المسائل التي تعرض لها الحكم أو القرار[18]، كان يقول الطالب يتعرض الحكم أو القرار الصادر في..لمدة اعتبار المقاولة في حالة صعوبات، أو لبيع ملك الغير، أو الاختصاص القضائي.
عرض لأهم الوقائع والمراحل التي عرفتها الدعوى في حالة وجود هذه المراحل، والدفوعات المقدمة والحجج المعتمدة، على أن يتم ذلك بأسلوب الطالب الشخصي بصدق وأمانة، مراعيا التسلسل الزمني للأحداث.[19]
إضافة لذلك طرح المشكل باختصار من الوجهة الواقعية، ثم الوجهة القانونية، أي: ماذا أثار الأطراف كدفوعات أو مطالب؟ وكيف أجابت محاكم الموضوع؟ ثم ما هو موقف قضاء القانون؟ أما إذا كان النزاع قد أثير فقط أمام محاكم الموضوع فيتعين القول لقد أجابت المحكمة الإبتدائية بكذا، في حين أجابت محكمة الإستئناف بكذا، أو سايرت هذه الأخيرة الحكم الإبتدائي، في قرارها القاضي بكذا وكذا...، أيضا إثارة أهمية المشكل من الناحية النظرية والعملية.
ثم طرح سؤال هام[20]، وهو أي من الجهات القضائية صادفت الصواب في تطبيقها السليم لمقتضيات القانون، حيث يعد من الخطأ الجسيم الحسم في الجهة القضائية الصائبة، وإلا لم يعد الأمر تعليقا، فالنتيجة لا تعرف إلا عند النهاية، وإتمام التحليل والتعليق على كل نقطة قانونية على غرار طرق التحليلات الخاصة بمسالة في الرياضيات.
عرض خطة التعليق على الحكم أو القرار القضائي، حيث أنه في الحقيقة يصعب إعطاء خطة واحدة شاملة للتعليق على حكم أو قرار قضائي لكون التعليق لا يبرز على أساس أفكار، بل على أساس تحليل مشكل أو مشاكل قانونية لحالة واقعية تختلف في الزمان والمكان، هذا يفيد أن الطالب عند التعليق على قرار يوجد أمام عدة مشاكل تقتضي خطط متعددة.
وعليه فإذا كان هذا الحكم أو القرار يتناول نقطة أو إشكالية قانونية وحيدة، فيمكن تقسيم القرار أو الحكم إلى شقين:
يتم التعرض في الشق الأول إلى تحليله من الناحية الواقعية والقانونية ليكون الوضع مجرد توظيف المعلومات التي توصل إليها الطالب وفي الشق الثاني، يتعرض لبيان البعد القانوني للحل الذي اعتمده الحكم أو القرار ومدى مسايرته للقرارات والأحكام السابقة عليه، أو أنه حديث العهد، وفي ذلك تحديد تام للموقف الشخصي للطالب. أما إذا كان الحكم أو القرار يتضمن عدة نقاط ومشاكل قانونية، في هذه الحالة عليه أن يتوصل إلى معالجة كافة تلك النقاط المثارة، وفي خطة محكمة لا تتجاوز ثلاث تقسيمات، حتى ولو كانت تتضمن ستة أو أكثر من المشاكل، بإيجاد عناوين ملمة بكافة النقط المثارة.
وخلاصة القوة بخصوص المقدمة، أن الوضع يتوقف على فطنة ودهاء الطالب والباحث على حد سواء باعتبار أنه لا يوجد شكل وحيد وشامل للتعليق يمكن الإهتداء إليه وهذا راجع كما سلف الإشارة إلى اختلاف قرارات وأحكام القضاء.
الفقرة الثانية: العرض
يهدف العرض إلى تحليل ومناقشة ما قدم أمام المحاكم ومدى سلامة الحكم أو القرار من الناحية القانونية، ومعناه استحضار الطالب للمعلومات التي اطلع عليها في مختلف المراجع والمقالات وغيرها، لإمكانية قياس مدى تطابق القرار مع النصوص القانونية، وبذلك يتوصل لمعرفة مدى مراعاة الحكم أو القرار للمقتضيات القانونية أم أنه خرقها وهل يتضمن تفسيرا غير صحيح أو ضيق لهذه النصوص؟ وهل يؤثر على الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية للأطراف المتنازعة.
وكذلك على الطالب أو الباحث أن يستخدم تعابير قانونية واضحة ، تجسيد الحل القانوني المطروح على بساط البحث، وان تكون صياغة الرد بارزة بحيث لا تستعمل إلا الكلمة اللازمة الضرورية لمعالجة الحكم أو القرار حيث يجب على المعلق في هذا الإطار إبراز الإشكاليات القانونية التي يتناولها القرار، ويجب تناولها بشكل متسلسل، كما طرحتها المحكمة، وتحليليها ومناقشتها وذلك باعتماد تقسيم يراعي فيه عدد المشاكل القانونية التي طرحت في القرار.
وبعد مرحلة التحليل والمناقشة، يجب البحث عن الحل الذي أعطاه القرار للمشكل، وذلك في إطار مجموعة من القواعد وجب على المعلق احترامها، كإبراز الحل بشكل واضح، ومختصر، يسهل معه بيان موضوعه.
ولإبراز الحل القانوني المعتمد من طرف المحكمة، على المعلق بداية أن يقوم بمناقشة مدى سلامة الحل من الناحية القانونية، وذلك بمقارنة الحل مع ما يتوفر عليه المعلق من معلومات في المراجع والمقالات المتوفر عليها، وذلك لتمكن من قياس مدى مراعاة الحكم أو القرار للمقتضيات القانونية أم أنه تم خرقها، إضافة إلى أنه لابد من إبراز موقف الفقه والقضاء من هذا الحل المعتمد.
ونهاية يبدي المعلق موقفه الشخصي من الحكم المقرر من قبل المحكمة، أي هل هو مع هذا الموقف أم هذه على أن يكون موقفه الشخصي مبنيا على تعليل مستند فيه على النصوص القانونية، والآراء الفقهية والاجتهادات القضائية، مع إبراز ما للقرار من إيجابيات وما عليه من سلبيات. من الوجهة القانونية خصوصا ثم الاقتصادية والإجتماعية
الفقرة الثالثة: الخاتمة
الخاتمة تظل اختيارية، لكن ومتى تم اللجوء إليها إلا ويجب أن تتضمن نظرة شمولية للنازلة، والحل المقترح، هل هو حل حديث أم يكرس مواقف سابقة، كما يمكننا الحديث عن التصور المستقبلي لهذا القرار أو الحكم، ومدى تماشيه مع القاعدة القانونية الجاري بها العمل، علاوة على مدى لمقتضيات واقعية أو لأوضاع قانونية لكل طرف من أطراف القضية.
كما يجب أن يدرج في الخاتمة، استنتاج للنتائج، والخلاصات التي يرجى تحقيقها من وراء هذا التعليق، إضافة لإعطاء اقتراحات من طرف المعلق، أو تساؤلات تفتح آفاق قانونية جديدة للبحث.
خاتمة
إذن كانت هذه المراحل المتعارف عليها للتعليق على قرار قضائي مع التذكير بان الفيصل في هذه العملية ليسد بمعرفة مراحلها فحسب وإنها بالقدرة على استثمار المعارف المكتسبة سواء من خلال النصوص القانونية أو الكتابات الفقهية وإفراغها وفق تصور منطقي ومؤسس يتم عن تملك للأسس العلمية الأكاديمية.
لائحة المراجع المعتمدة
Ø الكتب
· أحمد الدريوش، مناهج القانون المدني المعمق، الطبعة الأولى، منشورات المعرفة القانونية 2012
· عبد الحميد أخريف، أحمد كويسي، سلسلة التكوين المنهجي القرار القضائي والاستشارة القانونية، دليل عملي في الأشغال التوجيهية لطلبة القانون الخاص طبعة 1997 .
· عمر اليعقوبي، محاضرات في المنهجية القانونية ألقيت على طلبة السداسية الخامسة، بفاس، طبعة 2013.
· عكاشة محمد عبد العال وسامي بديع منصور، المنهجية القانونية، طبعة 2014.
· الدكتور محمد العروصي، الختصر في المنهجية القانونية ط 2014.
· عبد القادر العرعاري، عقد البيع طبعة 2012.
Ø مقالات:
· محمد العربي المجبود كيف تحرر الأحكام. مجلة فضاء المجلس الأعلى عدد 31.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1]- عبد الحميد أخريف، أحمد كويسي، سلسلة التكوين المنهجي القرار القضائي والاستشارة القانونية، دليل عملي في الأشغال التوجيهية لطلبة القانون الخاص طبعة 1997 ص1.
[2] - أحمد الدريوش، مناهج القانون المدني المعمق ، الطبعة الأولى، منشورات المعرفة القانونية 2012 ص 290.
[3] - عبد القادر العرعاري، عقد البيع طبعة 2012/2013 ص374.
[4] - عمر اليعقوبي، محاضرات في المنهجية القانونية ألقيت على طلبة السداسية الخامسة، بفاس، طبعة 2013.
[5]- محمد العروصي، المختصر في المنهجية القانونية، منشورات مختبر الأبحاث والدراسات حول قانون الأعمال والمقاولات ، طبعة 2001 ص 219.
[6] - راجع المادة 365 من قانون المسطرة المدنية والمادة 50 من ق.م.م.
[7] - الأنترنيت www.Prf droit.com
[8] - الدكتور محمد العروصي، المرشد في المنهجية القانونية ط الأولى 2014 ص222.
[9] - نفس المرجع السابق. ص222.
[10] - نفس المرجع السابق ص224.
[11] -راجع بخصوص هذا الموضوع مقال الأستاذ محمد العربي المجبود، كيف نحرر الأحكام من مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص 5.
[12] - عبد الحميد أخريف، أحمد كويسي، مرجع سابق ص12.
[13] - عكاشة محمد عبد العال وسامي منصور، المنهجية القانونية، طبعة 2011، ص 48 و49.
[14] - عقد البيع للدكتور عبد القادر العرعاري.
[15]- الدكتور محمد العروصي، المرشد في المنهجية القانونية ص 227.
[16] - كتاب الدكتور بوحميد عطاء الله: كتاب المنهجية.
[17] - المرشد في المنهجية القانونية، الدكتور محمد العروصي طبعة 2014 ص 227-228.
[18] - محمد العروصي: المختصر في المنهجية القانونية، طبعة 2011 ص49.
[19] - حلمي محمد الحجار، المنهجية القانونية، ص 401.
[20] - محمد العروصي، مرجع سابق ص 51.
-------> قد يهمك أيضا --موضوع اللغة القانونية وخصوصيتها--
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف