القائمة الرئيسية

الصفحات

الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 

تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمكونة من شريك واحد وخصائصها

مقدمة

لا شك أن نظام الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد الذي تضمنه قانون رقم 5/96 الصادر في 1997 يشكل نظاما مناسبا ومتميزا بالنظر لما تحققه هذه الشركة من فوائد كثيرة أهمها تخفيض عدد الشركات الوهمية والصورية.

وشركة الشخص الوحيد هي شركة مكونة من شخص واحد وهذا انقلاب على مبدأ الأصل الذي يعتبر أن الشركة هي عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهما في مشروع مالي يستهدف الربح، بمعنى أن الشركة لا تقوم إلا بتعدد الشركاء أي توفر شخصين أو إرادتين لإبرام عقد الشركة وتأسيسها، تلك هي القاعدة الأساسية والرئيسية بيد أنه من خلال الواقع العملي تم الخروج عن هذا المبدأ وسمحت بعض التشريعات خاصة التشريع الألماني لتأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شخص واحد، كما أن أغلب التشريعات استدركت الأمر ولجأت إلى اعتماد شركات الشخص الوحيد من خلال التعديلات التي طرأت على تشريعاتها وذلك مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الحاصل والذي فرض مسايرته ومن تم إيجاد صيغة قانونية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص وحيد.

والمشرع المغربي لم يكن بمنأى عن هذا التغيير إذ تبنى هو الآخر هذا النظام وعمل على تكريسه تشريعيا .

فما هو الأساس القانوني الذي قامت عليه هذه الشركة ؟وما هي آليات تكوينها ؟ وما هي خصائصها ومميزاتها ؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هذا العرض الذي سنتناوله في مبحثين :

المبحث الأول: تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمكونة من شريك واحد وخصائصها

سنتناول في هذا المبحث التكوين وسنتطرق إلى مميزات ومساوئ القانونية والواقعية للشركة.

المطلب الأول: إجراءات التأسيس 

نظم المشرع المغربي الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون رقم 96-5 الذي تمم وغير بقانون 21.05 الصادر في 14 فبراير 2006 ونصت الفقرة الأولى من المادة 44 على أنه: ''تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون  الخسائر سوى في حدود حصصهم''.

ويستشف من هذه الفقرة أن المشرع المغربي تبنى الشركة المؤسسة من شخص واحد من خلال الحديث عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

والملاحظ في هذا الإطار أن الشركة ذات الشخص الواحد يتم  إنشاءها من خلال حالتين إما بتصرف إرادي من شخص واحد، أو بانتقال جميع حصص الشركة ذات المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء إلى شريك واحد أو إلى شخص من الغير سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن تأسيس الشركة ذات الشخص الواحد يخضع للأحكام العامة لتأسيس الشركات إضافة إلى الأحكام الخاصة.

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية المتعلقة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة والمكونة من شخص واحد

نشير في بداية هذه النقطة أن الشروط المتطلبة لتأسيس الشركة المكونة من شخص واحد لا تختلف كثيرا عن تلك المتطلبة لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة وتتمثل هذه الشروط عموما فيما يلي:

تجدر الإشارة هنا أنه يمكن أن يكون الشريك الوحيد شخصا طبيعيا أو معنويا، ولا يكتسب هذا الشريك الوحيد صفة تاجر إن كان شخصا طبيعيا.

وإذا كان الشريك الوحيد لا يكتسب صفة تاجر وهذه الشركة تتأسس بإرادة منفرد لشخص طبيعي واحد فإننا نتساءل: هل يصح تأسيس هذه الشركة من طرف شخص قاصر أو ناقص الأهلية؟ يرى أغلب الفقه الفرنسي أنه مادام الشخص الطبيعي لا يكتسب صفة التاجر فلا مانع يمنع القاصر أو ناقص الأهلية من أن يكون شريك وحديا في هذه النوعية من الشركات.[1]

كذلك يرى أستاذنا أحمد شكري السباعي أنه يجوز للراشد أو المرشد والمأذون له بإدارة أمواله على سبيل الاختيار أن يكون شريكا وحديا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، أما الصغير غير المميز فلا يمكن له إحداث هذه الشركة لأنه عديم الأهلية ولأن الشركة تبطل لانعدام أهلية جميع المؤسسين، والشريك الوحيد في هذه الحالة عديم الأهلية.[2]

أما القانون المصري فيمنع على القاصر تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة حتى ولو كان مأذونا بالاتجار.

الشروط الموضوعية لتأسيس الشركة

الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة مكونة من شخص واحد لا تكتسب صفة تاجر إذا كان شخصا طبيعيا.

I. هل يصح للقاصر أو ناقص الأهلية أن يكون شريك وحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة. 

1. يشترط أن يكون الشخص الشريك في شركة ذات المسؤولية المحدودة  غير محكوم عليه بسقوط الأهلية التجارية التي يحرمه من الإدارة والتسيير أو المراقبة.

2. ألا يكون محكوم عليه بجريمة اختلاس الأموال أو النهب أو غيرهما.

II. يجب تحديد غرض الشركة أو نشاط في النظام الأساسي ويجب أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة، حضر المشرع المغربي شركة ذات المسؤولية المحدودة القيام بأعمال التالية:

1)   القرض 2) الاستثمار 3) التأمين 4) الادخار.

III. أما بخصوص الرأسمال الشركة فإن المشرع المغربي أعطاه الحرية للشريك في الرأسمال  الشركة، ونص على ضرورة تحديده في البيانات والوثائق التي يتم تقديمها لغير المتعاملين مع الشركة تحت طائلة غرامة قدرها 1000 إلى  5000 درهم.

أعطى المشرع المغربي الحرية لشريك في تحديد رأسمال وإلغاء أصل الأدنى للرأسمال شركة ذات المسؤولية المحدودة بصفة عامة، ويجب تحديد مبلغ رأسمال في الوثائق الموجهة للشريك تحت طائلة غرامة مالية قدرها 1000 إلى 5000 درهم.

إذا كانت القاعدة العامة تلزم كل شريك من الشركاء بتقديم رأس مال على شكل حصص نقدية أو عينية، فإن حصة رأسمال شركة الشخص الواحد تتكون على خلاف ذلك من حصة شخص واحد هو الشخص المؤسس.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد أنه لا يمكن تقديم الحصة الصناعية في الشركة ذات المسؤولية المحدودة لأنها لا تدخل في تشكيل رأس المال ولا يمكن التنفيذ عليها، كما يمنع على الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شريك واحد والشركة ذات المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء بأن تقوم بإصدار نوعية من الأصلية على شكل سندات قابلة للتداول ولا حتى قيم منقولة.[3]

ويتم إيداع مبلغ رأس المال في حساب مصرفي يفتح لهذا الغرض في أحد المصارف[4] لأن رأس المال هو الضمان العام لدائني شركة الشخص الواحد، حيث لا يسأل إلا في حدود ما قدمه من أموال كرأس مال.

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية

الكتابة: يجب أن يوضع النظام الأساسي كتابة وأن يتم توقيعه من لدن الشريك الوحيد كما يجب تأريخه وكذلك تضمينه البيانات الإلزامية التالية:

الاسم الشخصي والعائلي للشريك الوحيد وموطن إقامته وإمضائه.

تسمية الشركة يجب أن تكون مسبوقة أو متبوعة مباشرة بعبارة شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شريك واحد.

تحديد غرض الشركة ومقرها ومبلغ رأس المال.

تحديد مدة الشركة وكتابة ضبط المحكمة التي سيودع بها النظام الأساسي (يجب ألا تتجاوز 99 سنة).

حصة الشريك وبيان قيمتها إذا كانت حصة عينية.

القيد في السجل التجاري: يجب إيداع طلب التسجيل لدى كتابة ضبط المحكمة الموجود في دائرة اختصاصها المقر الاجتماعي للشركة مع إيداع نسختين من أصل النظام الأساسي بكتابة ضبط المحكمة داخل أجل 30 يوما من تاريخ تأسيس الشركة بالإضافة إلى إيداع نظيرين من القوائم التركيبية مرفقين بنسخة من تقرير مراقب الحصص إن وجد.

إيداع تصريحا بالمطابقة لدى كتابة ضبط المحكمة يعرض فيه كل العمليات التي يتم القيام بها من أجل التأسيس القانوني للشركة، يشهد فيه أن التأسيس تم تطبيقا للأحكام القانونية والتنظيمية.

وتجدر الإشارة أنه يترتب على التقيد في السجل التجاري لاكتساب هذه الشركة الشخصية المعنوية ومدتها تبتدئ من تاريخ هذا التقييد.

نشر النظام الأساسي لشركة ذات الشخص الواحد في الجريدة الرسمية وفي جريدة نشر الإعلانات القانونية.

المطلب الثاني: خصوصيات الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد

جاء تبني شركة الشخص الواحد استجابة لمجموعة من المعطيات العملية والعلمية التي سعى المشرع إلي تحقيقها (الفقرة الأولي ) ولم تسلم من بعض النواقص والعيوب (فقرة ثانية(

الفقرة الأولي: مزايا اختيار شركة الشخص الواحد

إن أي تنظيم قانوني إنما يتوخى تحقيق مجموعة من الاعتبارات المباشرة وغير المباشرة التي يسعي المشرع إلى تكريسها وشركة الرجل الواحد ذات المسؤولية المحدودة كبناء قانوني أملته الاعتبارات التالية:

1 - تحديد مسؤولية الشريك الفرد

لعل من أهم الفوارق الملموسة بين شركة الرجل الواحد والمقاولة الفردية أن مسؤولية الشخص المالك للمقاولة الفردية تكون كاملة ومطلقة ،أي أنه يتحمل مخاطر فشل مقاولته في جميع ذمته المالية.

أما لو تم هذا الاستثمار في شكل شركة فإن المسؤولية تكون في حدود الأموال التي خصصت دون غيرها لذلك الاستثمار ،أي في حدود رأس مال الشركة وفصل ذمة الشريك على هذا النحو يترتب عنه تحول رأس المال إلى ضمان عام وحيد لدائني الشركة لا يمكن للدائنين الشخصيين لصاحب المشروع منافستهم فيه ، كما لا يمكن لدائني المشروع ملاحقة صاحبه في أمواله الخاصة .

وقد كرس المشرع من خلال هذا التحديد حاجة المقاول أو مالك المشروع إلى توقي مخاطر الاستثمار .وهذا التحديد في إطار الشركة يبقى مرهونا بمجموعة ضوابط بهدف حماية حقوق الأغيار، بحيث يتعين إتباع مجموعة من الإجراءات القانونية عند التأسيس من جهة واحترام مبدأ استقلال ذمة الشركة عن ذمة الشريك المالك على اعتبار أن هذه الشركة تتمتع بالشخصية المعنوية ويترتب على الاختلاط بين ذمة الشركة وذمة الشريك صيرورة الشريك مسئولا بشكل مطلق عن ديون الشركة .

2 - القضاء على الشركات الوهمية :

إن من أهم المزايا التي يبتغي المشرع تحقيقها من خلال هذه الشركة الحد من ظاهرة الشركات الصورية ،فلا أحد يمكنه إنكار أن أغلبية الشركات التجارية القائمة هي في حقيقتها شركات فردية تتكون من شخص واحد ،وأن الشركاء معه إنما تمت إضافة أسمائهم لاستكمال التعداد الذي يتطلبه القانون ، ونفس الشيء بالنسبة لفروع الشركات. 

3- الإبقاء على الشركات التجارية :

لا مراء في أن بقاء الشركة والمحافظة عليها يعد غاية تشريعية سامية ، لما توفره من مزايا اقتصادية بالإضافة إلى المكاسب الاجتماعية التي تكفلها الشركة وشركة الرجل الواحد دخلت التشريع بداية في حال اجتماع الحصص في يد شخص واحد وهذا ما كرسه الفصل .... بنصه "إذا كانت الشركة بين اثنين أو أكثر حق لمن لم يصدر سبب الحل من جانبه أن يستأذن قي تعويض الشريك الآخر عن ما يستحقه والاستمرار وحده في مباشرة ما كانت تقوم به الشركة من نشاط مع تحمله بما للشركة من أصول وخصوم" 

والفصل 1062 عند موت الشريك يتحمل ورثته بنفس الالتزامات التي يتحمل بها ورثة الوكيل ". 

ولاشك أن المحافظة على الشركات وتصحيح البطلان وتداركه تعد وجيهة لما يسببه الحل والإبطال من آثار وخيمة ليس بالشركاء فحسب، بل بالوسط الاجتماعي والدولة عموما

4- سهولة انتقال الحصص وتحويل الشركة :

تتيح شركة الرجل الواحد انتقال الشركة ذات المسؤولية المحدودة متعددة الشركاء إلى شركة ذات مسؤولية محدودة بشريك وحيد والعكس بتفويت كل الأنصبة إلى شريك واحد أو أكثر(المادة 48 ) وذلك بتعديل النظام ، وليس بتطبيق قواعد التحويل المنصوص عليها في المادة 87 .

5-  تتميز هذه الشركة بكونها تسمح للشريك أن يمارس نشاطا تجاريا دون أن يكتسب صفة تاجر ولو كان مسيرا لأن هذه الشركة تعتبر تجارية بشكلها (المادة 2 من القانون 5/96 (

وتتميز هذه الشركة أيضا بالشفافية والمصداقية ،أكثر من المقاولة الفردية أو الجماعية التي لا تتخذ شكل شركة ، حيث تخضع لقانون الشركات إضافة إلى نظامها الأساسي – تحت طائلة البطلان – وللشهر ولا يمكن أن يقل رأس مالها بمقتضى القانون رقم 21.05  عن 10.000 درهم تقسم إلى أنصبة متساوية لا تقل قيمتها الاسمية عن 10 دراهم

الفقرة الثانية : عيوب شركة الشخص الواحد 

لم يخل البناء القانوني لشركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة من بعض النواقص والثغرات التي حدت ببعض الفقه إلى التخوف من أن يؤدي تبني المشرع المغربي لها إلى إساءة استعمالها واتخاذها وسيلة للتحايل على القانون ، ونشر البلبلة في الأوساط التجارية خصوصا مع حداثة هذه الأوساط ، والتدابير الزجرية التي تضمنتها النصوص التجارية الأخيرة .

ولعل من أبرز هذه النواقص والملاحظات ،التي تشترك في أغلبها مع الشركة ذات المسؤولية المحدودة  المتعددة الشركاء .

1 - خطر الاختلاط بين الذمم المالية 

يتخوف الكثيرون من أن يؤدي اختيار الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى اختلاط ذمة الشريك الشخصية مع الذمة التي رصدها لمشروعه الفردي 'الشركة ' ويمكن أن يكون هذا الاختلاط في الالتزامات بين الديون المدنية الشخصية لصاحب المشروع والديون التجارية المتعلقة بأعمال المشروع ذاته ،ويتضح هذا الاختلاط بصورة أوسع إذا تملك شخص واحد عدة مشروعات فردية ذات مسؤولية محدودة ، حيث لا يمكن على وجه الدقة تحديد لحساب أي المشاريع تم الالتزام وسعيا لتفادي هذا النقص فإن المشرع بنى نظاما صارما فيما يتعلق بالشهر والنشر، بما يحقق للدائنين الاطلاع ومتابعة حقوقهم سواء أكانت تلك الديون مدنية أو تجارية.

2-  مشكلة الائتمان والتمويل 

عادة ما تطالب هيئات التمويل(بنوك،صناديق استثمار) عند منحها الاعتماد المالي بتقديم كفالة شخصية أو تضامنية للممول ، وهو ما يجعل من إنشاء شركة بشخص واحد، ويكون محدود المسؤولية فيها يصطدم بمشكلة الضمان هذه . 

وقد حاول المشرع بفرض حد أدنى لرأس المال، أن يجعل منه الضمان العام لدائني المشروع. 

ويري البعض أن مشكلة الكفالة البنكية وإن كان من شأنها الحد من النجاح المضطرد للمشروعات الفردية ، فإنها لا تعيق الاعتراف بها ككيان قانوني ،إذ تثار بالنسبة لمديري شركات المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة.

3 - خضوع الشركة للتسيير من طرف شخص واحد 

نص المشرع على أن'« الشريك الوحيد يمارس الصلاحيات المخولة لجمعية الشركاء «.....

وهو ما من شانه أن يمنح الشريك الوحيد امتيازا قد يستغله للتعسف أو التحايل على القانون ، فالتاجر سيئ النية أو المتهور يستطيع توزيع أمواله لمباشرة جميع أنواع التجارة وهو يعلم انه لا يتحمل مخاطر الخسارة إلا في حدود الأموال التي خصصها للاستثمار في هذا النشاط فقط ، كما أن تقسيم التاجر أمواله إلى أنشطة متعددة يحتاج إلى مجهود قد يفوق قدرته الإنسانية .

ولكن المشرع بتنظيمه المحكم لهذه الشركة يجعل حرية الشريك الوحيد وتحديد مسؤوليته غير نافذين في حالة الإهمال أو الخطأ في إدارته والتعسف في استعمال أموال الشركة .

كما يجيز القانون الاعتراض في حال قرر الشريك إنهاء الشركة رعاية من المشرع للمصلحة الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى إلزامية تعيين مراقب للحسابات إذا زاد رقم الأعمال على حد معين (50 مليون درهم (

العيوب القانونية والواقعية

*الأساس القانوني للشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد يتعارض مع المبادئ العامة للعقد.

ينص الفصل 982 من قانون الإلتزامات والعقود بان"الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر, أموالهم أو عملهم أو هما معا, لتكون مشتركة بينهم, بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها"

يتبين من هذا النص أن الشركة -باعتبارها عقدا- تتطلب وجود شخصين على الأقل, بينما تنص المادة 44 من القانون 96-05 بأنه" تتكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لا يتحملون الخسائر إلا في حدود حصتهم.

ثم تضيف المادة في الفقرة الّأخيرة، إذا كانت الشركة تتكون, حيادا عن مقتضيات الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود, من شخص واحد سمي هذا الشخص بالشريك الوحيد..."

مما يمكن معه القول وإن على المستوى النظري أن هناك تعارض تشريعي بين قانون الشركات وقانون الالتزامات والعقود. 

*وضع قانوني وواقعي غير جدير بثقة الممونين:

يعتبر الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود المتعلق بالضمان العام للدائنين بمثابة جانب نقص يثني الممونين عن تقديم القروض والإئتمانات وان كان مبلغ 10.000 درهم كحد أدنى لرأس مال الشركة، يشكل إلى حد بعيد ضمانا كافيا, فإنه ومع ذلك لا يحظى بثقة الممونين والأغيار.

*عدم تمتيعها بحق دعوة الجمهور إلى الاكتتاب:

ويعد ذلك من قبيل الوقوف دون تنمية قدراتها التنافسية والزيادة في رأس مالها وبالتالي دون النمو المالي والاقتصادي.

*تعيين مراقب الحسابات:

من جوانب النقص كذلك أن هذا النوع من الشركات غير ملزم بتعيين مراقب الحسابات ما لم يتجاوز معدل السنة المحاسبية خمسة ملايين درهم دون احتساب الضرائب.   

المبحث الثاني: تسيير الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمكونة من شريك واحد ومراقبتها

سنحاول الحديث أولا عن تسيير شركة الشخص الواحد (الفقرة الأولى)، ثم الحديث بعدها عن آليات مراقبتها (الفقرة الثانية).

المطلب الأول: تسيير الشركة المكونة من الشخص الواحد

الفقرة الأولى : الشخص المسير

يشترط في الشخص المسير أن يكون شخصا طبيعيا، ونميز في الشركة ذات الشخص الواحد من أن يكون المسير هو نفسه الشريك الوحيد (أولا)، وبين المسير واحدا من الغير (ثانيا).

أولا: الشريك نفسه مديرا مسيرا

من الطبيعي أن نجد الشريك الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة هو نفسه المدير المسير، وهو لا يكتسب هذه الصفة باعتباره صاحب الشركة بل لابد من أن يضمن هذا التعيين في النظام الأساسي للشركة أو في عقد لاحق.

وبهذا فهو يستحوذ على جميع سلطات أجهزة الشركة، ويباشر بصفة شخصية صلاحيات الجمعية العامة من المصادقة على الحسابات وتقرير حول التسيير.

ثانيا: تعيين الشريك الوحيد للغير كمسير

إن الأصل في شركة الشخص الواحد أن الشريك الوحيد هو من يقوم بأعمال التسيير، غير أنه استثناء من ذلك الأصل يمكن تعيين مسير من الأغيار.

وحيث أقر المشرع أنه يمكن اختيار مسير من غير الشركاء ويتم تعيينه وتحديد مدة مزاولة مهامه في النظام الأساسي أو بمقتضى لاحق.

وتنتهي مهام المسير بالعزل إن كان واحدا من الأغيار بقرار من الشريك الوحيد وبحكم من القضاء متى وجد سبب قانوني لذلك.

الفقرة الثانية :جزاءات الإخلال بمهام التسيير

يقوم  مسير الشركة ذات الشخص الواحد بمهام خطيرة لذلك حمله المشرع مسؤولية مدنية وأخرى جنائية 

أولا :المسؤولية المدنية لمسير الشركة ذات الشخص الواحد

يسال مسير الشركة ذات الشخص الواحد مسؤولية شخصية كمسير إذا قام بالتعاقد باسم الشركة قبل تسجيلها في السجل التجاري أو إذا مارست الشركة التي هي في طور التأسيس أنشطة تجارية. وعن الفرق بين الرأسمال الإسمي المنصوص عليه في النظام الأساسي وبين الأعمال الموجودة فعلا[5]

وحسب المادة 67 من القانون رقم 96-5 المغير و المتمم بموجب القانون رقم 05/21 يسال أيضا عن مخالفة الأحكام القانونية المطبقة على الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو خرق النظام الأساسي .وكذا عن كل الأخطاء المرتكبة في التسيير.

واعتبارا لكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شريك واحد شخصا معنويا فإنها تسال مدنيا عن الأضرار التي  يحدثها الأشخاص الذين هم في عهدتها [6] و مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع

وإذا أدى سوء التسيير والتدبير أو تلاعب المسير إلى إفلاس الشركة [7] فالمحكمة تكون ملزمة بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد المسير شخصيا و لو كان غير تاجر, وذالك في حالة ارتكابه لبعض المخالفات التي حددتها المادة 706 من مدونة التجارة والمتعلقة في التصرف في أموال الشركة للمصلحة الخاصة, إبرام عقود تجارية لحساب المسير تحت ستار الشركة أو ائتمانها فيما يتنافى و مصالحها للأغراض الشخصية أو لتفضيل مقاولة أخرى للمسير مصالح مباشرة أو غير مباشرة فيها. مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحة خاصة من شانه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن مسك كل محاسبة, اختلاس أو إخفاء الأصول. أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسية أو المسك بكيفية واضحة لمحاسبة غير كاملة أو غير صحيحة .

وإذا كان الشريك الوحيد هو الذي يقيم دعوى المسؤولية المدنية على المدير المسير طالما أن هذا الأخير واحد من الغير .فمن له الحق في إقامة هذه الدعوى في حالة ما إذا كان الشريك  الوحيد نفسه المدير المسير؟

ثانيا :المسؤولية الجنائية.

بالإضافة إلى قيام المسؤولية المدنية ضد المسير سواء أكان من الغير أو الشريك المسير فان المشرع قرر مساءلته جنائيا

ذالك أن الشريك الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يمنع عليه مادام شخصا طبيعيا أن يكون مدينا للشركة في الحساب الجاري أو بأي طريقة أخرى .إن يضمن أو يكفل احتياطيا التزاماته اتجاه الأغيار. وفي حالة خرقه لهذه القواعد يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم [8]

ويسال أيضا في حالة قيامه عمدا حينما تقل الوضعية الصافية للشركة عن ربع رأس المال بسبب الخسارة المبنية في القواعد التركيبية إذا لم يتخذ مسير الشركة قرار حل الشركة داخل اجل الثلاثة أشهر الموالية للمصادقة على الحسابات أو يقوم باداع ذالك القرار بكتابة ضبط المحكمة وتقييده في السجل التجاري ونشره في الجريدة للإعلانات القانونية حسب المادة 115 من قانون 96-5 المعدل و المتمم بالقانون .كما يسال مسير الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شريك واحد جنائيا حسب مدلول المواد من 55 و 114 من قانون 96-5 إذا قام بإصدار قيم منقولة لصالح الشركة سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو بوسيط لان ذلك يشكل خرقا من إن تمثل الأنصبة في شركة الشخص الواحد بسندات قابلة للتداول يعاقب بعقوبة حبسية تتراوح بين شهر وستة أشهر أو غرامة ما بين 2000 و 30.000 درهم.

ويسأل المسير أيضا في الشركة ذات المسؤولية المحدودة إذا لم يقم بتعيين مراقب للحسابات إذا ما تجاوز مبلغ رقم المعالات دون اعتبار الضرائب 50 مليون درهم عن اختتام السنة المحاسبية.

غير انه إذا كان المسير ليس هو نفسه الشريك الوحيد فيكون محل متابعة جنائية إذا لم يضع في أي فترة من السنة رهن إشارة الشريك الوحيد القائمة التركيبة السنوية وتقرير مراقب الحسابات إن وجد.

المطلب الثاني: المراقبة على الشركة

تتخذ الرقابة بهذه الشركة صورتين إما رقابة مباشرة تخص نشاطات الشريك الوحيد والاتفاقات المبرمة بينه وبين الشركة من جهة، وكذا اتفاقات المسير غير الشريك مع الشركة من جهة أخرى ورقابة غير مباشرة يباشرها الشريك الواحد بواسطة مراقب الحسابات.

الفقرة الأولى: الرقابة المباشرة

كما أن المشرع خول مهام التسيير للشريك الواحد بنفسه وترك له إمكانية أن يعهد بها للغير، فإنه وضع آليات للرقابة في كلتا الحالتين :

أولا : الشريك المسير

كرس المشرع الرقابة في هذه الحالة ونظمها من خلال منع الشريك المسير القيام ببعض التصرفات أو إبرام بعض الاتفاقيات مع الشركة. فقد نصت المادة 66 من قانون 96-5 على انه "يمنع على المسيرين أو الشركاء الطبيعيين تحت طائلة بطلان العقد الاقتراض بأي شكل من الأشكال من الشركة، كما يمنع أن تمنح لهم الشركة دائنية في الحساب الجاري أو بأية طريقة أخرى وكذا أن تكفل أو تضمن احتياطيا التزاماتهم تجاه الأغيار".

ولتفعيل هذه الرقابة أيد المشرع هذا المنع بمجموعة من الجزاءات والعقوبات حددها في غرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم (المادة 116 من نفس القانون)

ثانيا : الشريك غير المسير

سبقت الإشارة إلى أن المشرع قد سمح للشريك الوحيد إسناد مهام التسيير إلى شخص من الأغيار ولقد مكنه في هذه الحالة من مجموعة من الوسائل والآليات الكفيلة بفرض مراقبة فعالة، بحيث ألزم المشرع المسير غير الشريك أن يعرض على أنظار الشريك الواحد مختلف التقارير المتعلقة بالتسيير، وذلك قصد إبداء رأيه بشأنها إما بالموافقة أو الرفض.

الفقرة الثانية: الرقابة الغير مباشرة

يقصد بالرقابة غير المباشرة تلك الرقابة التي يباشرها الشريك الواحد بواسطة مراقبي الحسابات.

وإذا كان الأصل أن الشريك غير ملزم بتعين مراقب للحسابات أو أكثر إلا إذا اختار ذلك بمحض إرادته، فإنه استثناء يصبح تعيين مراقب الحسابات إلزامي وضروري وهي الحالة التي يتجاوز فيها مبلغ رقم معاملات الشركة عند اختتام السنة المحاسبتية خمسين مليون درهم دون اعتبار الضرائب.

-------------------------------------------------------------------------------------------

[1]  - محمد النجار: مرجع سابق، ص: 142.

[2]  - أحمد شكري السباعي: ''الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي الجزء الثاني، الطبعة الأولى 2003، ص: 449.

[3]  - المادة 54 من قانون الشركات.

[4]  - المادة 51 من قانون الشركات.

[5] -محمد النجار ص 262/263

[6]  انظر الفصل 85 من ظهير الالتزامات والعقود

[7] فؤاد معلال كشرح القانون التجاري المغربي الجديد الجزء الثاني الشركات التجارية الطبعة الثالثة 2009ص 131

[8] انظر المادة 116 من القانون 96-5 المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 05/21

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات