القائمة الرئيسية

الصفحات

 عرض حول تصنيف السجناء

عرض حول تصنيف السجناء
عرض حول تصنيف السجناء


1.   مقدمة:

جدير بالذكر أن التطور الذي عرفته النظم العقابية واكبه أيضا تطور في المؤسسات السجنية، فقد عرفت هي الأخرى تطورات مهمة بتطور الفكر العقابي و الجنائي فكان أول نظام سجني عرفه البشر هو الجمع بين السجناء، فكان هذا الاختلاط سببا في تنامي الاجرام و فساد الأخلاق ووجهت لها انتقادات عديدة ، ثم بعد ذلك ظهر نظام السجن الانفرادي سنة 1821 " وهو ما يسمى بالنظام البلجيكي و بالرغم من نجاح هذا النظام في ردع الجناة إلا انه كان اله تأثير سلبي على نفسية المحكوم عليهم.

و بعد السجن الانفرادي ظهر السجن المختلط الذي كان يسمح للسجناء بالاجتماع في أماكن العمل و الطعام و تأدية الشعائر الدينية، ثم بعدها ظهرت أنظمة جد حديثة تولي أهمية لسجين كالنظام الايرلندي أو النظام التدرجي.

- أما بالمملكة المغربية: فقد عرف المغرب السجن قبل الحماية حيث كانت منظمة على أساس مبادئ الشريعة و قد عرف في هذه الفترة كذلك نوعين من السجون( نوع خاص بالرجال و آخر بالنساء).

لكن أثناء الحماية تم إلحاق إدارة السجون بإدارة الأمن في البداية مع إصدار مرسوم 1911 تم توالت بعد هذا التاريخ صدور ظهيرين شريفين 1915 و ظهير 1930 بشأن تنظيم و إحلال مؤسسة السجون و كذا تنظيم السجون المخصصة للاعتقال الجماعي.

 - و يمكن القول أن فترة الحماية كانت السجون بالمغرب تعرف نوعا من التنظيم و طورا ضئيلا في الإدارة و التدبير غير أنها لم تكن مؤسسات عقابية إصلاحية اجتماعية بقدر ما كانت مراكز للاعتقال الجماعي و خلال هذه الفترة لم يكن المغرب يعرف التصنيف بمفهومه الحديث الذي يعتبر آلية من آليات إدماج و التأهيل.

- إلا انه إبان الاستقلال بدأنا نلمس تطور كبير سواء في ميدان  التشريعي أو الحقوقي حيث انعكس التطور الذي عرفه المغرب تشريعيا في إرساء قواعد الحكامة الجيدة وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان على وضع السجون و السجناء بالمغرب.



- و أن أهمية الموضوع تتجلى في أن مسألة تصنيف السجناء بصفة عامة و المحكومين بصفة خاصة يعتبر من الركائز الأساسية في علم الإجرام و علم العقاب و يعود سبب ذلك إلى أن المجرمين فئات من الأشخاص تختلف باختلاف كبير سواء من الناحية العضوية أو النفسية أو الاجتماعية، وهو وسيلة فعالة لتوزيع السجناء على المؤسسات العقابية و تفريد المعاملة المناسبة لكل واحد منهم و لكل حالة على حدى حتى لا يبقى السجن مؤسسة لتفريخ الجرمين.    

و الإشكالية التي وقفنا عليها من خلال هذا البحث تتمحور حول ما مدى نجاعة نظام تصنيف السجناء في الملائمة بين الجانب القانوني و الحقوقي و الأمني و في تطبيق برامج التأهيل و إعادة الإدماج، و للإجابة عن هذه الإشكالية ارتأينا أن نتبع التصميم التالي:

المبحث الأول: تصنيف السجناء في المواثيق الدولية و القانون المغربي

المطلب الأول: تصنيف السجناء في المواثيق الدولية

المطلب الثاني: تصنيف السجناء في القانون المغربي

المبحث الثاني: معيقات تصنيف السجناء بين القصور التشريعي و إكراهات الواقع

المطلب الأول: القصور التشريعي

المطلب الثاني: إكراهات الواقع 

المبحث الأول: تصنيف السجناء في المواثيق الدولية و القانون المغربي

المطلب الأول: تصنيف السجناء في المواثيق الدولية

سأتناول في هذا المطلب تصنيف السجناء بشكل عام من خلال المواثيق والاتفاقيات الدولية المؤطرة و المرجعية في نقطة أولى وفي نقطة ثانية إلى تلك التي تهم الأحداث بشكل خاص، لكن قبل ذلك لابد من تعريف التصنيف:   

عرف المؤتمر الجنائي الدولي بلاهاي لسنة 1955 التصنيف بكونه عبارة عن عملية تقسيم المحكوم عليهم إلى فئات معينة طبقا للسن والجنس والعود والحالة العقلية والاجتماعية وتوزيعهم على مختلف المؤسسات العقابية كي تقوم بإجراء بحوث أخرى يتحدد على أساسها أسلوب المعاملة العقابية الملائم للتأهيل الاجتماعي .

1-  العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية[1]:

v   من البند 2 الذي ينص في المادة 10:

أ- يفصل الأشخاص المتهمون عن الأشخاص المدانين اﻻ في ظروف استثنائية ويكونون محل معاملة على حدة تتفق نع كونهم أشخاصا غير مدانين .

ب - يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين منهم ويحالون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم.

v البند 3 : يحب أن يراعي نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي ويفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملون معاملة تتفق مع سنهم و مركزهم القانوني.

2- القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء[2]  :

فقد جاء في جزئها اﻻول المتعلق بقواعد عامة للتطبيق:

-القاعدة 8: توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء من المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم و سجل سوابقهم و أسباب احتجازهم و متطلبات معاملتهم و على دلك :

أ- يسجن الرجال والنساء بقدر اﻻمكان في مؤسسات مختلفة .

ب-يفصل المحبوسون احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم.

ج-يفصل المحبوسون ﻻسباب مدنية بنا في دلك الديون عن المسجونين ﻻسباب جزائية .

د-يفصل الأحداث عن البالغين .

القاعدة 23: في سجون النساء يجب أن تتوفر المنشآت الخاصة الضرورية لتوفير الرعاية والعلاج قبل الوﻻدة وبعدها ويجب حيثما كان دلك في اﻻمكان و اتخاذ ترتيبات لجعل الأطفال يولدون في مستشفى مدني .

القاعدة 23: يقوم الطبيب بفحص كل شخص في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن وعزل السجناء الدين يشك في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية واستبانت جوانب قصور جسدية أو عقلية والبث في الطاقة البدنية على العمل لدى كل سجين.

القاعدة 25/1: يكلف الطبيب بمراقبة الصحة البدنية والعقلية للمرضى وعليه أن يقابل يوميا جميع السجناء المرضى وجميع الدين يشكون من اعتلال.

القاعدة 38/:1 يمنح السجين اﻻجنبي قدرا معقوﻻ من التسهيلات للاتصال بالممثلين الدبلوماسيين والقنصليين للدولة التي ينتمي إليها .

القاعدة 53: في السجون المختلطة المستخدمة للذكور والإناث معا يوضع القسم المخصص للنساء تحت رئاسة موظفة مسؤولة تكون في عهدتها مفاتيح جميع أبواب هدا القسم وتكون مهمة رعاية السجينات والإشراف عليهن من اختصاص موظفات السجن النساء حصرا.

أما جزئها الثاني فينص على قواعد تنطبق على فئات خاصة :

أ -السجناء المدانون

القاعدة 63/2: وليس من الضروري أن يتوفر في كل مؤسسة نفس القدر من متطلبات اﻻمن بالنسبة لكل فئة بل من المستصوب أن تتفاوت درجات اﻻمن تبعا لاحتياجات مختلف الفئات والسجون المفتوحة اﻻبواب بسبب كونها ﻻ تقيم حواجز امن مادية تحول دون الهرب بل تعتمد على انضباط السجين نفسه توفر في حالة انتقاء السجناء المرشحين لهده التجربة بعناية أفضل الظروف مواتاة ﻻعادة تأهيلهم.

القاعدة 63/3 : يستصوب في حالة السجون المغلقة اﻻبواب اﻻ يكون عدد المسجونين في كل منها من الكثرة بحيث يعرقل افرادية المعالجة.

أما في قسم التصنيف الفئوي و افرادية العلاج فتنص:

القاعدة 67: تكون مقاصد التصنيف الفئوي :

أ - أن يفصل عن الآخرين أولئك المسجونون الدين يرجح بسبب ماضيهم الجنائي أو شراسة طباعهم أن يكونوا دوي تأثير سيء عليهم .

ب- أن يصنف المسجونون في فئات بغية تيسير علاجهم على هدف تأهيلهم الإجتماعي .

القاعدة 68: تستخدم لعلاج مختلف فئات المسجونين بقدر اﻻمكان سجون مختلفة وأقسام مختلفة في السجن الواحد.

القاعدة 69: يوضع من أجل كل سجين محكوم عليه بعقوبة طويلة بعض الطول في أقرب وقت ممكن بعد وصوله وبعد دراسة شخصيته برنامج علاج يتم إعداده في ضوء المعلومات المكتسبة حول احتياجاته الفردية وقدرته ومزاجه النفسي.

القاعدة 70: تنشأ في كل سجن أنظمة امتياز توائم مختلف فئات المسجونين ومختلف مناهج العلاج بغية تشجيع السجناء على حسن السلوك وتنمية حس المسؤولية وحفزهم على اﻻهتمام بعلاجهم والمؤازرة فيه

ت-المصابون بالحنون و الشذوذ العقلي تنص:

القاعدة 82/1: ﻻ يحوز احتجاز شخص في السجن إذا ظهر أنه مختل العقل بل يجب اتخاذ ترتيبات لنقله إلى مستشفى الأمراض العقلية بأسرع ما يمكن .

القاعدة 82/2: يوضع المصابون بأمراض أو ظواهر شذوذ عقلية أخرى تحت المراقبة و العلاج في مصحات متخصصة تحت إدارة طبية .

القاعدة 3/82: يوضع هؤﻻء الأشخاص طوال بقائهم في السجن تحت إشراف طبي خاص.

القاعدة 3/82: على اﻻدارة الطبية أو النفسانية أن تكفل علاج جميع السجناء اﻻخرين الذين يحتاجون مثل هذا العلاج .

ج-الموقوفون و المحتجزون رهن المحاكمة  تنص:

القاعدة 85: يفصل المتهمون عن السجناء المحكوم عليهم، يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين و يجب من حيث المبدأ أن يحتجزوا في مؤسسات منفصلة

د-السجناء المدنيون تنص:

القاعدة 93: في البلدان التي يجيز فيها القانون السجن من أجل الديون أو بقرار من المحكمة في أية دعوى أخرى غير جزائية ﻻ يجوز إخضاع المسجونين على هذا النحو لأية قيود أو لأية صرامة تتجاوز ما هو ضروري لضمان عدم هربهم وللحفاظ على الأمن.

3-الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990[3]:

التي تنص في:

v  المادة 17 البند 2: يعزل المتهمون من العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عن الأشخاص المدانين اﻻ في ظروف استثنائية و يلقون معاملة مختلفة تتناسب مع وضعهم كأشخاص غير مدانين أما الأحداث المتهمون فيعزلون عن الراشدين ويحالون إلى القضاء بأسرع ما يمكن .

v البند3: يوضع أي عامل مهاجر أو أي فرد من أسرته يحتجز في دولة العبور أو في دولة العمل لخرقه اﻻحكام المتعلقة بالهجرة بمعزل عن الأشخاص المدانين أو الأشخاص المحتجزين رهن المحاكمة كلما كان ذلك ممكنا.

سأتطرق في هذه النقطة إلى تصنيف السجناء الأحداث من خلال :

1-قواعد اﻻمم المتحدة النموذجية الدنيا ﻻدارة شؤون الأحداث (قواعد بكين):[4]

حيث تنص المبادئ الأساسية على مجموعة من البنود مثل:

v   البند6: فصل الأحداث عن البالغين.

v   البند 10: ﻻ يجوز إنزال عقوبة اﻻعدام أو عقوبات بدنية بالأحداث .

v البند 11: في حالة وضع حدث في مؤسسة ما يجب تأمين كافة الخدمات التربوية لتسهيل عملية إعادة الدمج في المجتمع  .

v   البند 13: مما يعني الاخد بعين اﻻعتبار ليس فقط التهمة بل أيضًا :

الوضع الشخصي؛العائلي ؛اﻻحتماعي  .

الضرر الحقيقي الناتج عن التهمة  .

كما أن هناك العديد من القواعد كالقاعدة:

§  13/3 :يفصل الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة عن البالغين و يحتجزون في مؤسسة منفصلة أو في قسم منفصل من مؤسسة تضم أيضاً بالغين تفادياً لخطر العدوى الإجرامية التي يتعرض لها اﻻحداث أثناء احتجازهم .

القاعدة 19: يجب أن يكون إيداع الحدث في مؤسسة إصلاحية تصرف يلجأ إليه كملاذ أخير و ﻻقصر فترة تقضي بها الضرورة .

القاعدة 26/3 يفصل الأحداث الموضوعون في المؤسسات عن البالغين و يحتجزون في مؤسسة منفصلة أو أي جزء منفصل من مؤسسة تحتجز بالغين أيضاً.



2-اتفاقية حقوق الطفل لسنة1989 [5]:

 التي بعد أن عرفت الطفل في المادة 1 بالقول لأغراض هذه اﻻتفاقية يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه ؛ أكدت في الديباجة تضع الدول الأطراف في اعتبارها أن الحاجة إلى توفير رعاية خاصة للطفل قد ذكرت في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1923 وفي إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 29 نونبر 1959 والمعترف به في اﻻعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و ﻻسيما المادتين 10 و 23 وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وﻻسيما المادة 10 .عادت الاتفاقية  لتؤكد في المادة 37 البند  ج - تكفل الدول الأطراف على أن يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه وبوجه خاص يفصل أي طفل محروم من حريته عن البالغين ما لم تعتبر أن مصلحة الطفل تقتضي خلاف ذلك.

المطلب الثاني: تصنيف السجناء في القانون المغربي

يعد التصنيف أول أساليب إعادة الإدماج بالمؤسسات السجنية فهو يساعد على وضع البرامج التأهيلية المناسبة  وسهولة تنفيذها و تطبيقها داخل المؤسسة ’وذلك من خلال وضع النزيل في المكان المناسب لحالته بالمؤسسة السجنية حتى يمكن تطبيق البرنامج الإصلاحي المناسب عليه وصولا إلى إصلاحه و إعادة إدماجه،وفي نفس الوقت يجنب المؤسسة قلاقل يمكن ان يسببها هذا النزيل لو تم إيداعه في مكان غير مناسب لحالته.

وقد نص المشرع المغربي علة أهم الحقوق التي يقوم عليها مبدأ التصنيف وذلك في المادة 29 من قانون 23.98’وقد تأثر بذلك بطبيعة المنهجية الإصلاحية المتبعة من طرف الأنظمة الحديثة للاعتقال ومنها القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

ومن من هذه القواعد يمكن استنتاج أهم المعايير التي يعتمد عليها في التصنيف وهي كما يلي:

الجنس,السن,الحالة الصحية ,نوع الجريمة ,مدة العقوبة, سوابق الجاني,وهناك التصنيف المعتمد من خلال دليل مساطر التدبير الأمني بالمؤسسات السجنية والذي بدأ العمل به حاليا في المغرب.

التصنيف الجديد المرتقب:

إن التطورات التي شهدها المغرب من تنزيل للدستور الجديد 2011 و رغبة منه في إرساء قواعد الحكامة الجيدة، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بخصوص وضع السجون والسجناء انعكس على التوجه العام فلم تعد المؤسسات السجنية مقتصرة فقط على الجانب الردعي العقابي في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، بل أصبحت ترتكز على البعد الاجتماعي والإصلاحي والتأهيلي وفق مشروع تصالحي بين السجين والمجتمع غايته إعادة الإدماج من خلال تبني مقاربات وآليات تهدف أساسا إلى الاهتمام بالوضعية المادية لإيواء المعتقلين وتحسين ظروف إقامتهم والعناية بتغذيتهم ونظافتهم وتطوير برامج التكوين والتعليم وفق الشروط الأساسية المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الدول  .

في هذا السياق  أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج دورية رقم 93 (تحت عدد 27300 بتاريخ 28 غشت 2015) حول موضوع توحيد مساطر العمل بالمؤسسات السجنية والتي تروم إلى أنسنة ظروف اعتقال السجناء وتأهيلهم لإعادة الإدماج وتعزيز الأمن والانضباط داخل المؤسسات السجنية، حيث تتعلق هذه المساطر بالتدبير الأمني و تدبير الضبط القضائي و تدبير برامج إعادة الإدماج.

كما تحث المندوبية العامة من خلال هذه الدورية على تنزيل وتفعيل هذه الدلائل (ومن بينها مساطر التدبير الأمني) بالمؤسسات السجنية.

Ø   التصنيف الأولي وإعادة التصنيف:

يعتمد في تصنيف وإعادة تصنيف المعتقلين الذين يفوق سنهم عشرون سنة على ثلاث أنظمة سجنية:

ü    النظام السجني صنف (أ): يخضعون خلاله إلى حراسة مشددة ولصيقة (نظام حراسة عالي)؛

ü    النظام السجني صنف (ب):يخضعون خلاله للمراقبة والتتبع المستمر( نظام حراسة متوسط)؛

ü النظام السجني صنف (ج): يخضعون خلاله لحراسة خفيفة دون إغفال الجانب الأمني.(نظام حراسة خفيف)؛

يجب داخل كل صنف اعتماد قاعدة فصل المعتقلين: احتياطي، مدان، مكره لأسباب مدنية؛

اعتماد الأنظمة السجنية لتصنيف المعتقلين لا يحول دون العمل على توزيع المعتقلين إلى فئات داخل كل صنف: المسنون، الجنايات، الجنح، المرضى، المتمدرسون ...؛

تتولى مصحة الشؤون الاجتماعية ومصلحة الرعاية الطبية بتنسيق مع الإدارة المركزية والمدرية الجهوية تحديد البرامج التأهيلية للسلوك لكل صنف على حدة والعمل على تنفيذها.

الأحداث و صغار المعتقلين يخضعون لنظام سجني خاص بهم يروم تكتيف برامج التعليم والتكوين والأنشطة الثقافية والرياضية؛

يفصل الأحداث والمعتقلون الذين لا تتعدى أعمارهم عشرون سنة عن المعتقلين الرشداء ويخصص لكل فئة محلات منفصلة كليا عن الفئات الأخرى؛

يفصل المعتقلون الأحداث ما دون 18 سنة عن أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 20 سنة؛

يتم تصنيف المعتقلين من طرف لجنة يترأسها مدير المؤسسة ، وتضم الأعضاء الآتية صفاتهم: رئيس مصلحة الأمن والانضباط، رئيس مكتب الضبط القضائي، المشرف الاجتماعي، (طبيب المؤسسة أوالممرض في حالة عدم تواجد الطبيب) والأخصائي النفسي؛

يتعين إعداد مكتب خاص بهذه اللجنة، يسهر على تدبير وتسيير شؤونه موظف إداري يعين لهذه الغاية، ويكون بمثابة مقرر لها؛

Ø    التصنيـــــف الأولي:

تعمل اللجنة المذكورة على التصنيف الأولي للمعتقلين؛

و يعهد لمقرر اللجنة بملئ وتهيئ استمارات التصنيف الأولي (المرفقة طيه) المتعلقة بالمعتقلين الوافدين الجدد من حالة سراح؛

و يعرض المعتقلون الوافدون الجدد على لجنة التصنيف خلال أربعة وعشرين ساعة من إيداعهم بالمؤسسة، إلا إذا صادف ذلك أيام العطل( نهاية الأسبوع، الأعياد الدينية والوطنية،...) فيتم تمديد هذه المدة إلى ما بعد العطلة؛

و تعقد لجنة التصنيف اجتماعاتها بشكل يومي للتداول واقتراح النظام السجني الذي سيخضع له المعتقل خلال فترة أربعة أشهر،بناء على التنقيط التي ستفرزه استمارة التصنيف الأولي؛

يقسم سلم التصنيف الأولي على الشكل التالي:

u  إذا حصل المعتقل على(06) نقط فما فوق يصنف بالنظام السجني (أ)؛

u  إذا حصل المعتقل على  أقل من (06 )نقط يصنف بالنظام السجني (ب)؛

و يتعين على اللجنة المذكورة التقيد باستمارة التصنيف الأولي لتحديد النظام السجني؛

تم تعرض اقتراحات التصنيف على مدير المؤسسة للتأشير عليها؛

و يمكن لمدير المؤسسة أن يقرر تصنيف معتقل بنظام معين خلافا لما أفرزته استمارة التصنيف بقرار معلل؛

لا يمكن، تحت أي ظرف، أن يخضع المعتقلون الوافدون الجدد من حالة سراح من النظام السجني صنف (ج)؛

و ينبغي أن يدرج ملف التصنيف ضمن الملف الشخصي للمعتقل لكي يصاحبه إلى جميع المؤسسات التي سيرحل إليها؛

و عند ترحيل أي معتقل إلى مؤسسة أخرى يجب الاحتفاظ بنسخة من ملف التصنيف؛

و يقوم الموظف المكلف بمكتب التصنيف بــــــ :

-  مسك سجل خاص بقرارات التصنيف يتم توقيعه من طرف جميع أعضاء اللجنة ويؤشر عليه مدير المؤسسة،للرجوع إليه عند الاقتضاء؛

-       إعداد لوائح بحصيلة قرارات لجنة التصنيف، تسلم لرئيس مصلحة الأمن والانضباط قصد التنفيذ؛

-       حفظ ملفات التصنيف تحت مسؤوليته واحترام السر المهني؛

-  تدبير الشؤون الإدارية للمكتب والتنسيق مع مختلف المتدخلين وأعضاء اللجنة بهدف حسن سير العمل بالمكتب؛

-       إنجاز إحصاء دوري لتقييم عملية التصنيف الأولي وإعادة التصنيف؛

بعد تسلم لائحة قرارات لجنة التصنيف وتنفيذها، يتعين على رئيس مصلحة الأمن والانضباط إدراج مكان إيواء كل معتقل بها ، وإحالتها على مكتب الضبط القضائي ، مقابل إبراء؛

يتعين على رئيس مكتب الضبط القضائي السهر على إدراج أماكن إيواء المعتقلين ببرنامج تسيير تنفيذ العقوبة ( GEP)

على رئيس مصلحة الأمن والانضباط إشعار رئيس مكتب الضبط القضائي بكل تغيير في أماكن إيواء المعتقلين في حينه مع توقيع هذا الأخير بالسجل المعد لهذه الغاية ( سجل تغيير أماكن الإيواء).

Ø   إعادة التصنيـــــف:

تتم عملية إعادة تصنيف جميع المعتقلين بعد مرور أربعة أشهر على آخر تصنيف، بحضور رؤساء الأحياء كأعضاء استشاريين، بالاعتماد على المعايير المحددة باستمارة إعادة التصنيف (المرفقة طيه)؛

يقوم مقرر اللجنة بإعداد لوائح المعتقلين المراد إعادة تصنيفهم وإمداد أعضاء اللجنة بها قبل موعد انعقاد اللجنة بأسبوع؛

يجب البت في إعادة التصنيف في أجل أقصاه سبعة أيام ابتداء من يوم حلول الأجل؛

على أعضاء اللجنة تجميع المعطيات حول المعتقلين الواردة أسماؤهم باللائحة بناء على بطاقات التتبع ( المرفقة طيه)؛

تعقد اللجنة اجتماعاتها للتداول واقتراح النظام السجني الذي سيخضع له المعتقل بناء على التنقيط الذي ستفرزه استمارة إعادة التصنيف؛

يجب على أعضاء لجنة إعادة التصنيف أن تجتمع على الأقل مرة واحدة في الأسبوع؛

يقسم سلم التصنيف على الشكل التالي:

u  إذا حصل المعتقل على أكثر من (12) نقطة يصنف بالنظام السجني (أ)؛

u  إذا حصل المعتقل على نقطة ما بين (05) و (12) نقطة يصنف بالنظام ألسجني (ب)؛

u  إذا حصل المعتقل على أقل من (05) نقط يصنف بالنظام السجني (ج)؛

يمكن أن يترتب عن قرار لجنة إعادة التصنيف انتقال المعتقل من النظام السجني الذي يخضع له إلى نظام آخر، أو الاحتفاظ به في نفس النظام؛

ينبغي أن يدرج ملف التصنيف ضمن الملف الشخصي للمعتقل، لكي يصاحبه إلى جميع المؤسسات السجنية عند الترحيل في ظرف مختوم يسلم لمدير المؤسسة مع الاحتفاظ بنسخة منه بالمؤسسة الأصلية؛

للجنة التصنيف أن تعقد جلسة استثنائية لإعادة التصنيف عند ارتكاب أي معتقل لمخالفة تأديبية دون انتظار أجل إعادة التصنيف؛

يمكن لمدير المؤسسة أن يقرر تصنيف معتقل بنظام معين خلافا لما أفرزته استمارة التصنيف بقرار معلل؛

يحتفظ المعتقل المرحل بنفس التصنيف الذي كان يخضع له بالمؤسسة التي رحل منها إلا إذا ارتأى مدير المؤسسة المستقبلة غير ذلك، إذ ذاك يمكن للجنة التصنيف أن تعقد جلسة استثنائية لإعادة تصنيفه؛

Ø   سجــل التصنيف وإعادة التصنيف:

يمسك من طرف مقرر لجنة التصنيف يدون فيه قرارات التصنيف،للرجوع إليه عند الاقتضاء؛

تقسم صفحات السجل حسب الخانات التالية بشكل أفقي :

الرقم الترتيبي؛التاريخ؛اسم المعتقل ورقم اعتقاله؛

نتيجة استمارة التصنيف الأولي؛نتيجة استمارة إعادة التصنيف؛قرار لجنة التصنيف( نظام التصنيف السجني)؛

توقيع رئيس مصلحة الأمن والانضباط؛توقيع رئيس مكتب الضبط القضائي؛توقيع المشرف الاجتماعي؛

توقيع طبيب المؤسسة توقيع الأخصائي النفسي؛ملاحظات؛

يعرض هذا السجل يوميا على مدير المؤسسة للاطلاع والتأشير عليه.

الإنتقادات الموجهة للدليل الأمني في التصنيف :

نقاش مشترك بين الحقوقيين و موظفي إدارة السجون و النقابات و بعض أطر هيئة الحراسة و الأمن حول مضامين هذا الدليل، تبين أن هذا الأخير تشوبه مجموعة من الخروقات والتجاوزات من الناحية القانونية والحقوقية، لعل أبرزها ما جاءت به المندوبية العامة في مسألة التصنيف الأولي وإعادة التصنيف، حيث اعتمدت في هذه العملية على معيار نوع الجريمة (جرائم خطيرة جدا ، جرائم خطيرة، جرائم خفيفة أنظر ص 9 من الدليل) متناسية بذلك أن 60 في المائة من الساكنة السجنية هم معتقلون احتياطيون، وأن المادة الأولى من القانون الجنائي تنص على أن كل متهم هو بريء حتى تثبت إدانته بمقرر قطعي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، وأن المادة 6 من قانون 23/98 المنظم للسجون تؤسس لمبدأ الفصل ما بين الاحتياطين والمكرهين بدنيا والمدانين طبقا للمواثيق الدولية.

ان الخلط، ما بين الفصل(الذي يرتبط بـ : الجنس، والسن، والوضعية الجنائية، والمرض)، وبين التصنيف الذي تنص عليه المادة 21 و المادة 22 من المرسوم التطبيقي للقانون 23/98 المنظم للسجون، و التوزيع الذي تحكمه معايير السلوك والشخصية والإدمان وغيرها، يؤدي إلى تغيير جدري لمفهوم ومبتغى المشرع من تنفيذ العقوبة السالبة للحرية. حيث أن هذا الدليل منح أدارة المؤسسات السجنية صلاحية تصنيف و إعادة تصنيف السجناء في خرق سافر لمقتضيات المادة 21 و 22 من المرسوم التطبيقي لقانون 23/98 و التي تنص على أن التصنيف هو من اختصاص لجنة مركزية يعينها المندوب العام.

كما أن توزيع الوافدين الجدد طبقا لهذا الدليل على أساس نوع الجريمة، يضرب مبدأ قرينة البراءة للسجين الاحتياطي ويزيد السجين المدان عقوبة إضافية عن العقوبة السالبة للحرية ويفرض تدابير تأديبية غير منصوص عليها في المادة 55 من القانون 23/98 المنظم للسجون . (انظر الصفحة رقم 6 من دليل مساطر التدبير الأمني بالمؤسسات السجنيةـ

الى وجود تناقض واضح بين دليل التدبير الأمني و الاستمارة الخاصة بالتصنيف الأولي للمعتقلين.حيث أن الدليل اعتمد على معدل سبعة نقط (7) فما فوق من أجل تصنيف المعتقل بالنظام السجني(أ) و أقل من (7) نقط من أجل تصنيفه بالنظام السجني(ب) في حين أن الاستمارة اعتمدت نقطة (6) كما هو مبين بالصور المرفقة .

إن غياب مقاربة تشاركية حقيقية بين المندوبية العامة و نقابة و أطر القطاع حول اعداد مثل هذه الدلائل يفتح الباب نحو مزيد من التراجع عن المكتسبات القانونية والحقوقية التي يضمنها دستور المملكة والمواثيق الدولية الجاري بها العمل.

و نظرا لما قد أثارهه هذا  الدليل من جدل داخل المجتمع المدني و الحقوقي و حتى النقابة الوطنية للأطر المشتركة بالمندوبية العامة لإدارة السجون ، بوصفه تنزيلا للتجربة الأمريكية على واقع السجون المغربية، نفت المندوبية العامة لإدارة السجون أن تكون الخطوة مستوردة من أي نموذج أجنبي، مشددة على أن الدليل "جاء استجابة لضرورة تنظيمية ملحة أملتها اعتبارات موضوعية وأنه من إنتاج مغربي ذاتي خالص"، مبرزة أن التصنيف يرمي إلى "تحفيز المعتقلين لتحسين سلوكهم وتربيتهم على الضبط الذاتي واحترام الآخرين كما أنه جاء لمعالجة المشاكل المطروحة مراعاة لاحتياجات السجون المغربية وخصوصيات المغرب الثقافية والاجتماعية"، و"ينسجم مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في قاعدتها الثامنة » التي تنص على ما يلي : « توضع فئات السجناء المختلفة في مؤسسات مختلفة أو أجزاء مختلفة من المؤسسات مع مراعاة جنسهم وعمرهم وسجل سوابقهم وأسباب احتجازهم ومتطلبات معاملتهم  »

مع الإعتماد على الهاجس الأمني في النظام الجديد لتصنيف السجناء، إلى جانب الأبعاد الإنسانية والاجتماعية، موردة أنه تم التشديد على ضرورة "حماية السجناء أنفسهم من اعتداءاتهم على بعضهم البعض وحماية حقوقهم الأساسية"، مع "التخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن الاكتظاظ، خاصة اختلاط جميع فئات السجناء بعضهم مع بعض رغم اختلاف وضعياتهم الجنائية".

Ø   الجانب التطبيقي:

من مساوئ سوء التصنيف هو فشل نظام و برنامج التأهيل و الإصلاح و الإدماج و تنزيل السياسة العقابية بشكل عام .. الأمر الذي يجعل من المؤسسة السجنية في حالات متشابهة و متكررة مجرد وعاء عقاري لتخزين المنحرفين و الخارجين عن القانون و حبسهم دون جدوى بل قد تتعدى هذه المساوئ ليس فقط الحرمان و سلب الحرية بل قد تسلب منهم أرواحهم  بسبب سوء التصنيف و هشاشة الأساليب  التقليدية للتدبير الأمني ، و في هذا السياق نورد حالة وفاة تعرض لها سجين حدث بقسم الأحداث بالسجن المحلي بسلا من طرف نزيل اخر راشد يقيم معه بنفس الغرفة التي تضم أزيد من 35 حدث .. حيث كان المسمى خالد .. المحكوم عليه من أجل جناية الضرب و الجرح المفضي إلى الموت و البالغ من العمر 31 سنة  قد تم حشره ضمن غرفة الأحداث  و بفعل قوته الجسدية و سوابقه العدلية أوكلت له إدارة السجن مهام الإشراف على الغرفة و تدبير شؤون النزلاء بما في ذلك إستتباب الأمن داخلها .. حيث كان دائم الإعتداء على النزيل الحدث بالضرب و الجرح و الإهانة .. و بتاريخ 20-09-2002 حاول هذه المرة هتك عرضه بالعنف و لما رفض انهال عليه بالضرب المبرح و توجيه له سلسلة من اللكمات على مستوى رأسه و بطنه و أضلعه أردته قتيلا على الفور، و بعد إحالة القضية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بالرباط قضت عليه بعقوبة سجنية حددت في 15 سنة .

بعد ذلك قرر دفاعه توجيه اللوم الإداري على مؤسسة السجن بسبب تقصيرها في تدبير الأمن داخل مؤسسة السجن و لكونها أخلت بنظام التصنيف و التوزيع الداخلي للسجناء و لذلك قرر تقديم دعوى أمام القضاء الإداري لإقرار المسؤولية الإدارية لإدارة السجن في وفاة النزيل الحدث و المطالبة بالتعويض المدني .. و هذا ما جاء في الحكم الإداري الإبتدائي و الذي تم تأييده إستئنافيا .

Ø   الحكم الإبتدائي:

المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 06-03-2007 في الملف الإداري رقم 723/2006  حكما   قضى بتحميل الدولة المغربية مسؤولية وفاة سجين حدث بسبب سوء التصنيف و جاء في تعليل الحكم )) - حيث نصت المادة 29 من الظهير الشريف رقم 1.99.200 المتعلق بتنفيذ رقم 23.98 المتعلق بتوجيه المدانين أن هؤلاء يوزعون على المؤسسات المخصصة لتنفيذ العقوبات على ان يراعى بصفة خاصة عند التوزيع جنس المعتقل و سكنى عائلته و سنه و حالته الجنائية و سوابقه و حالته الصحية و البدنية و العقلية و مؤهلاته و بصفة أعم شخصيته و كذا النظام السجني الذي يخضع له قصد إعادة إدماجه الاجتماعي كما نصت المادة 30 من نفس القانون على أن إدارة السجون تتولى توجيه و توزيع المدانين على المؤسسات السجنية.

حيث إنه بالرجوع إلى وثائق الملف و مستنداته فإنه يستفاد من محضر الضابطة القضائية عدد 2323 المؤرخ في 29-09-2002 أن مكان وقوع جناية القتل هو قسم الأحداث بالسجن المحلي بسلا و ذلك بتاريخ 20-09-2002 وأن المسمى خالد .. كان يبلغ من العمر 32 سنة ذلك أن تاريخ ازدياده هو 1971 حسب ما ورد بديباجة الحكم الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بالرباط.

و حيث أن سن الرشد كما نصت عليه المادة 513 من قانون المسطرة الجنائية القديم الذي كان ساري المفعول بالنظر إلى تاريخ ارتكاب جريمة القتل يدرك ببلوغ 16 سنة كاملة .

و حيث أن المسمى خالد .. كان يقضي عقوبة سجنية من أجل الضرب و الجرح المفضي الى الموت و ان الهالك كان محكوم عليه من أجل جنحة ضبطية تتعلق بسرقة بسيطة مما يتضح أن إدارة السجون لم تراع سن مرتكب الجريمة الذي قامت بحشره مع الأحداث رغم أنه راشد و بالإضافة الى عدم مراعاتها أيضا لحالته الجنائية                 و سوابقه بل إن إدارة السجون أوكلت مهام الإشراف على الغرفة التي كان يتواجد بها الهالك و باقي الأشخاص المدانين من الأحداث و الحال أن على الإدارة و ضع الأحداث في مكان خاص بمعزل عن الرشداء لحمايتهم من  جهة و لعدم إقتدائهم بذوي السوابق من الرشداء و وضع برنامج تهذيبي لإعادة إدماجهم .

و حيث أنه فضلا عن ذلك فإنه بالرجوع إلى تصريحات بعض النزلاء لدى الضابطة القضائية و أمام غرفة الجنايات الذين كانوا يتواجدون بنفس غرفة الهالك ابن المدعية أكدوا أن المسمى خالد .. كان يتحكم فيه و كان يعتدي عليه باستمرار بالضرب و الجرح و بالمقابل لم تقم الإدارة بأي إجراء للحفاظ على سلامته و تأمينه مما كان يتعرض له من اعتداء جسدي الشيء الذي تكون معه مقتضيات المادة 63 من قانون 98.23 غير واردة التطبيق إذ أنها تنص على أنه يجب على مدير كل مؤسسة سجنية أن يسهر على التطبيق الدقيق للضوابط المتعلقة بالحفظ على النظام و الأمن بداخلها .

و حيث أنه نظرا لتعدد الأخطاء المنسوبة الى إدارة السجن و تقصيرها في اتخاذ التدابير اللازمة و عجزها في التدخل في الوقت المناسب لتفادي إلحاق الضرر بالغير يشكل إخلالا واضحا من جانبها باعتبارها الجهاز الفعلي المشرف على تنفيذ العقوبة الحبسية السالبة للحرية.

و بعد إستئناف الحكم الإداري المشار إليه أعلاه من طرف الوكيل القضائي للملكة بصفته هذه و نائبا عن الدولة المغربية و عن وزير العدل و  مدير  السجن المحلي بسلا

و جاء في قرار  محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط الصادر بتاريخ 6 يناير 2015 في الملف رقم 1030/2013 القاضي بتأييد الحكم الإبتدائي ما يلي :

الثابت من خلال عناصر المنازعة و معطياتها أن ابن المستأنف عليها كان نزيلا بالسجن المدني بسلا قسم الأحداث حيث تعرض لعملية القتل من طرف المسمى خالد .. الذي أدين من أجل هذه الجريمة من طرف محكمة الإستئناف بالرباط بالسجن لمدة 18 سنة نافذة و الذي كان يشرف على الغرفة التي كانت يتواجد بها الهالك الذي كان سيغادر السجن بعد9 أيام فقط عن العقوبة الحبسية التي كان محلا لها مما يؤكد حسب معطيات الملف ان الإدارة السجنية لم توفر الحماية اللازمة للحدث من خلال نهج سياسة جنائية وقائية و حمائية خاصة بالأحداث عبر الحفاظ على سلامتهم البدنية و الذهنية و النفسية و الأخلاقية التي تكون معرضة للخطر من جراء إختلاطهم بأشخاص منحرفين أو معرضين للإنحراف أو معروفين بسوء سيرتهم أو من ذوي السوابق في الإجرام .


و حيث أن خطأ المؤسسة السجنية ثابت من خلال ما أسفر عنه البحث القضائي من أن مكان وقوع جناية القتل هو السجن المحلي بسلا و بالضبط بالمعتقلين الأحداث الذي هو عبارة عن مركز للإصلاح و التهذيب إذ ينص الفصل 12 من الظهير 1.99.200 الصادر بتاريخ 25 غشت 1999 بتنفيذ القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم و تسيير  المؤسسات السجنية الذي ورد فيه أنه (( تعد مراكز الإصلاح و التهذيب وحدات متخصصة في التكفل بالأحداث و الأشخاص المدانين الذي لا تتعدى أعمارهم 20 سنة قصد إعادة لإدماجهم في الوسط الإجتماعي))

و أنه بالنظر إلى تاريخ ارتكاب  جناية القتل فإن المتهم كان يبلغ من العمر 31 سنة و بحسب الفصل 29 من نفس القانون المذكور فإنه يوزع المدانون على المؤسسات المخصصة لتنفيذ العقوبات على أن يراعى بصفة خاصة عند التوزيع جنس المعتقل و سكنى عائلته و سنه و حالته الجنائية و سوابقه و حالته الصحية و البدنية و العقلية           و مؤهلاته و بصفة أعم شخصيته و كذا النظام السجني الذي يخضع له قصد إعادة إدماجه الاجتماعي  مما يوضح عدم توفير  الأمن و الانضباط داخل المؤسسة السجنية بالفعالية المطلوبة مما أدى الى إزهاق روح ابن المستأنف عليه بعدما كان سيعتنق الحرية خلال 9 أيام من تعرضه لجريمة القتل كما أن إيداعه بالجناح المخصص للأحداث و وجود شخص بالغ مدان من أجل جريمة القتل معه في نفس الغرفة يثبت أن خللا بالمرفق الم>كور نتج عنه قتل تسبب في ضرر للمستأنف عليها التي تبقى مستحقة للتعويض المحكوم به ابتدائيا و الي لا يتسم بأي غلو

المبحث الثاني : معيقات تصنيف السجناء بين القصور التشريعي وإكراهات الواقع

المطلب الأول : القصور التشريعي

المقصود بالقصور التشريعي هو أن النص القانوني قاصر عن تحقيق الغاية من وضعه ، كما أن الأمر قد يعني أن الحالة موضوع الدراسة أو البحث أو العرض القانوني غير مؤطرة بنص قانوني  إطلاقا أو أن النص غامض  أو متناقض.

كما قد يعني أن تعلق بمجموعة من النصوص القانونية الغير موجودة في مدونة واحدة  تعرف تضارب  أو إنها  غير منسجمة  مما جعلها توصف بالتناقض .

والموضوع الحالي يتعلق بتصنيف السجناء  ونعتقد أن كل الأوصاف  أو بعضها على الأقل  تنطبق على المنظومة القانونية  الخاصة بالسجناء بصفة عامة  وبصفة خاصة المتعلقة بالتصنيف .

وعليه نسجل أول المعيقات بشكل عام من خلال الملاحظات التالية :

القانون المنظم  لمؤسسة  السجن و المرسوم التطبيقي  لكونهما تجاوز16 سنة وهو ما لا ينسجم مع منظومة حقوق الإنسان  وتطور الجريمة وما تفرضه  أساليب للحد منها  ودراسة شخصية المجرم وأسباب ارتكابه للجريمة  وأساليب إيقاع الجزاء  وتنفيذ العقوبة السالبة للحرية  بواسطة إيداع المرتكب للفعل  الجرمي  بمؤسسة  سجنية  وما يتطلبه الأمر من تعامل احتراما  لمبادئ ومعايير المحاكمة العادلة والتي يمكن تمديدها للحديث  عن الحق للسجين في محاكمة عادلة تستمر إلى حين نهاية تنفيذ العقوبة السالبة الحرية .

الحديث  عن حق الشخص في   تنفيذ عادل للعقوبة وفق محاكمة  عادلة ، كل هذه المعطيات  التي تتطور تقريبا  بدون مبالغة  سنويا  أو على الأقل  كل أربع سنوات  هذا يجعل المنظومة السجنية  من خلال قدمها يبقى مطمح تغيرها كليا  وفق هذه المعطيات أمر ملح .

النصوص الواردة للتصنيف وفق قانون السجون 23/98 والمرسوم  التطبيقي تبقى غير  كافية لتصنيف عادل للسجناء كما أنها تتصف بعدم  الدقة  فالمادة 29 بها  استعمال مصطلحات غير قانونية (يـــــــــــــــــــــــــــــوزع ) إلى حد  استخدام مصطلح قدحي  حيث يستعمل  للإشارة للإنسان  بحيث يمكن القول  ( توزيع الأشغال – توزيع الأغطية) وهذا غير جائز بالنسبة  للعنصر البشري .

المادة 3 تتحدث  عن" المحلات "فقد  كان الأجدر قول  الأماكن:

ما يعرقل عملية التصنيف  بالشكل القانوني  الذي من خلاله يمكن تحقيق الغاية منه ومن العقوبة  هو إعادة  الإدماج  والتأهيل هو سيطرة مدير  المؤسسة السجنية  عن كل الأنشطة  السجنية ويعتبر دوره محوري ويتجلى ذلك في المادة  30من ق 23-98 .و المادة -1- من المرسوم التطبيقي  .

وبالرجوع كذلك  إلى الدليل الأمني (31/12/2015)

يمكن للمدير المؤسسة ان يقرر بقرار معلل تصنيف معتقلين بنظام  معين خلافا لما أفرزته  استمارة التصنيف .

Ø   بالنسبة للتقارير التي تنجزها اللجان المكلفة:

المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ( الفصول 620-621)

يلاحظ خلال المهام المنوطة بها لا تتصف بالالتزام  للقيام بمهامها ، وبالتالي  يبقى دورها  في المؤسسات السجنية  دور شكلي فقط  وكان على المشرع، ونظرا لكون الأعضاء المكونين مختلفين من حيث مهامهم كان على المشرع أن يمنحها مهام حاسمة وإلزامية في التقرير  للمؤسسات السجنية  خاصة فيما يتعلق  بالتصنيف للسجناء .

Ø    بالنسبة للقاضي تطبيق العقوبة: الفصول" 596 "من قانون المسطرة الجنائية

من ضمن مهام قاضي تطبيق العقوبة :

-         زيارة المؤسسات السجنية

-         تتبع مدى تطبيق  القانون بالمؤسسات السجينة

-         تتبع وضعية  تنفيد العقوبات  المحكومة بها .

إضافة إلى مهام أخرى  لكن ما يلاحظ أن هذه المهام  تجعل مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة  دعم معنوي فقط للسجين أكثر مما هي  دعم قانوني  بحيث نلاحظ أن المشرع أولى لهذه المؤسسة  مهام إدارية  أكثر من اختصاصات قضائية ،بحيث لا يتضمن  أي مقتضى قانوني  يستطيع من خلاله ضمان الحقوق  الفعلية للسجين  اثناء تنفيد العقوبة السالبة للحرية بالمؤسسة السجنية ولا يوجد من ضمنها  أحقيته في مراقبة مدى احترام  المؤسسة السجنية لتصنيف  السجناء  والمعايير المعتمدة  في ذلك  ومعاينتها واقعا بالمؤسسة السجنية  ودون تقيده بزمن معين  من اجل ذلك  وهذا يشكل فراغ أو قصور تشريعي على المشرع  تدارك  خصوصا  أن كل التشريعات العالمية طورت هذه المؤسسة .(1)

وبذلك فإنه من الضروري التفكير في اضافة مهام جديدة واختصاصات أخرى  لقاضي تطبيق العقوبة  تنسجم مع مبدأ تفريد الجزاء – كتولية مهمة الإشراف على  تطبيق قانون تخفيض العقوبة  وتنفيذ بعض التدابير  البديلة للعقوبة السالبة للحرية  في حق السجناء  المرضى  وكذلك إسناد مهام ضمن قانون المسطرة الجنائية  وقانون السجون وجعل مدير المؤسسة السجنية حين إقدامه على  أي إجراء  تجاه أي سجين ضرورة الحصول على موافقة قاضي تطبيق العقوبة  ومن ضمن ذلك الموافقة على  لائحة تصنيف السجناء  ومراقبة المعايير  المعتمدة  تحت طائلة اعتبار  التصنيف غير قانوني  يترتب عنه إنقاص العقوبة عن كل يوم إلى حين  اعتماد تصنيف عادل .

Ø   قضاء الحكم:

يعتبر القضاء هو حامي حقوق الأفراد في المجتمع سواء كانت الحقوق اقتصادية أو سياسية ، وبالتالي فسلطة القضاء هي الضامن للتطور النمو للمجتمع والاطمئنان  إلى أحكام القضاء يساعد على الاستقرار والأمن وبالتالي فأحكام القضاء والعادلة هي عنوان التطور  وحتى تكسب هذه الأحكام مصداقيتها  يتعين حسن تنفيذها على مستوى الواقع  وارتباطا بالموضوع المتعلق  بالمؤسسة السجنية  فيما يتعلق بالتصنيف السجناء  ، فإن الأحكام القضائية تقتصر فقط على إدانة  للمتهم  يودع بالسجن لتنفيذ العقوبة  السالبة للحرية  ومن هنا  تنتهي مهمة  قضاء الحكم لتبدأ مرحلة  الإيداع بالمؤسسة السجنية  وتبدأ معه الإدارة في تطبيق قانون السجون في الوقت الذي يتوجه فيه على قضاء الحكم تفعيل السياسة  العقابية في شقها التنفيذي مع الأحكام بظروف تنفيذها ومراقبة  مدى احترام  المؤسسات السجنية  لقانونية تنفيذ العقوبة  لتحقيق الغاية من تنفيذ  العقوبة السالبة للحرية  بالمؤسسة  السجنية  وهو إصلاح المتهم وإعادة  إدماجه في المجتمع  ومكامن القصور  التشريعي  في هذا الصدد  يتجلى في كون قضاء الحكم لا يواكب  مدى تطبيق تنفيذ العقوبة  على المتهم واحترام إنسانيته  أثناء التنفيذ  ولا يوجد نص قانوني  يربط بين قضاء الحكم  وقانون السجون  وبالتالي فكل أنواع  التعسف  والشطط والايداء يمكن أن يتعرض  لها السجين المدان أثناء التنفيذ للعقوبة بعد النطق بها .

بحيث لا يوجد في القانون ما يسمح لامتداد دور القاضي إلى مابعد صدور الحكم  وإصدار العقوبة  لتكامل الأدوار بين  المؤسسة السجنية  ومؤسسة قضاء الحكم وبالتالي  فلا داعي للحديث عن دور قضاء الحكم في  نظام تصنيف عادل للسجين مادام النص القاضي بالإدانة  لا ينص على ذلك .

وترتبا عليه ألا يمكن  أمام هذا الفراغ  التشريعي  المناداة بجعل الأحكام الصادرة  عن قضاء الحكم  تنص في منطوقها وانسجاما مع حسن تطبيق  أو إلزامية تطبيق قانون السجون  أن يتضمن  ذلك مكان إيداع المتهم  ( المدان ) نوع السجن  وكيفية أداء العقوبة  بتحديد نوع التأهيل  للسجين أو الدراسة ومدتها ونوعها  أو تحديد نوع التكوين (المهني) وتحديد نوع التصنيف  أي أن القضاء يصبح هو المختص بالتصنيف  وفق معطيات و دراسة  الملف اجتماعيا  ونفسيا ...

وبذلك ستكون المؤسسة السجنية  تنفذ الأحكام القضاء بشكل ملزم  كما انه سيكون  لزاما على الدولة  المواكبة تنفيذ  السليم للحكم خلق سجون مصنفة  لنوع الجرائم  والأشخاص والتقليل من مدد الاعتقال الاحتياطي  وتفعيل دور العدالة  التصالحية  في الميدان  الجنائي  وتفادي الحكم النافذ في القوبة  القصيرة المدة ، والاقتصار على الغرامات في البعض الاخر   وبذلك سيتم  تفادي كل المشاكل  المطروحة على المستوى  تنفيذ العقوبات السالبة للحرية  بالمؤسسات السجنية لتجاوز أي قصور تشريعي .

Ø   عوائق قانونية للتصنيف:

-         الاعتقال الاحتياطي:

كثرة الاعتقالات الاحتياطية وعدم تفعيل قاعدة الاستثناء  ولم  يتم اقرانه بالكفالة كضمانة للحضور وتفادي الاعتقال فالاعتقال الاحتياطي يخلق مشاكل الاكتضاض  مما يعوق بعملية تصنيف للسجناء بصعوبة تصنيف المعتقل  الاحتياطي لعدم  إدانته بمقتضى  حكم يتعين  معه تجاوز الإشكال تقنين بشرط الاعتقال الاحتياطي بمقتضى خصوصا قانونية واضحة، واقتصار الاعتقال الاحتياطي على بعض المتابعات فقط .

-         عدم تفعيل مسطرة الصلح:

عدم تفعيل مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 31 من قانون المسطرة الجنائية  وهذا المشكل بدوره  يؤدي إلى كثرة القضايا التافهة التي يتابع فيها الأشخاص في حالة اعتقال  وهذا بدوره يؤدي إلى تكديس السجون بسجناء يمكن للصلح أن يؤدي إلى  عدم  العودة  إلى ارتكاب  أي فعل عكس إيداعه  بالسجن الذي ربما سيؤزمه وربما سيجعله مستعدا للإجرام، وبالتالي فهذا الأمر يجعل عملية التصنيف مستحيلة لكون حتى العقوبة التي سيحكم بها  قصيرة المدة .

-         غياب مسطرة تتعلق بالعقوبات البديلة :

عدم التنصيص على العقوبات البديلة  يؤدي إلى إدمان القضاء على إصدار العقوبات النافذة السالبة للحرية .

في الأخير يمكن القول أن إدارة السجون باعتبار السجن كمحطة أخيرة في محاكمة المدانين وتنفيذ العقوبات السالبة للحرية لا يمكن  أن تقوم بدورها  التربوي ولا الإصلاحي لإعادة تقويم السجين وتمتعيه بكافة حقوقه  كمدان لابد من مراجعة المنظومة القانونية قبل صدور الحكم خصوصا المتعلقة بالتصنيف حتى يمكن تفعيل  هذا الحق للسجين كما انه من الضروري  الأخذ بعين الاعتبار التصنيفات والتقسيمات التي يضعها  المشرع القانون  الجنائي  للجرائم لتقريب تطبيق مفهوم التصنيف للإدارة السجنية[6].

المطلب الثاني : إكـراهــات الــواقـــع

مما لا شك فيه أن إنجاح مهمة التصنيف رهين بمدى توفر عدة عوامل تشكل في جوهرها الأساس كل إصلاح منشود و هي:  العنصر البشري – البنية التحتية – المعدات اللوجستيكية.

فللقيام بعملية التصنيف يستلزم الوضع بذل جهود جبارة و عددا كبيرا من الموظفين للقيام بكل المهام المطلوبة و هو ما لا يتوفر في ظل النقص الذي يعرفه العنصر البشري     في المؤسسات السجنية، و ضعف التكوين المستمر, و عدم ملائمة ظروف العمل و ضعف الأجور و التعويضات المادية، فنسبة التأطير هي موظف لكل 11 سجين مقابل ما يتحمله نظراءه عبر العالم حيث نسبة التأطير موظف لكل 3 سجناء.

و على مستوى ظروف الإيواء: ضعف البنية التحتية المتهالكة و المتجسد في عدد المؤسسات السجنية الذي أصبح غير كاف و طبيعة بناياتها التي لا تساعد على تفعيل           و إنجاح التصنيف’ إضافة إلى ضعف مستوى الخدمات الصحية و النظافة و نقص            في مستوى التغذية [7]

فالتصنيف الداخلي للمعتقلين ضروريا’ فهو يساعد في الانضباط و تسهيل عملية الأمن و المراقبة و العناية و الرعاية’ لكن الذي يعوق و يحول دون اتخاذ هذه الإجراءات في شكلها الأوسع آت من عنصر أو إشكالية الاكتظاظ بالدرجة الأولى[8] .

و كما قالت الأستاذة الفاضلة لطيفة المهداتي: فمعضلة التضخم في ساكنة السجون،هي ظاهرة اكتسحت جل دول العالم التي أصبحت تسعى إلى الحد منها بالبحث عن أنجع السبل و بالطبع تختلف الوسائل من دولة إلى أخرى’ و هكذا تسعى السياسات الجنائية المعاصرة إلى الحد من هذه الآفة التي تعوق تطبيق أي برنامج للإصلاح نتيجة ضعف الإمكانيات[9] .

ففي فرنسا مثلا تشير بعض الإحصائيات لسنة 1993 إلى وجود 53900 سجين لطاقة استيعابية لا تتعدى 39300 سرير.

و في اسبانيا بلغ عدد المساجين سنة 1992 نسبة (133.5) سجين لكل 100 سرير فقط، كما يلاحظ ارتفاع عدد السجناء في ايطاليا إلى نسبة ( 139.3)  لنفس العدد من الأسرة.

أما في السجون المغربية عرف عدد المعتقلين تطورا ملحوظا حيث انتقل               من 59.212 سنة 2008 إلى 71.087 متم مارس 2013’ مما شكل زيادة ناهزت 11.875 سجين أي بنسبة % 20.05 [10] ’من بينهم 27.610 معتقلا احتياطيا أي ما يشكل نسبة 38.83%  من مجموع الساكنة السجنية بدلا من 36% المسجلة سنة 2012 .

فضعف الطاقة الاستيعابية للمؤسسات يصل الاكتظاظ فيها أحيانا إلى نسبة 300% ’        و كذا لقلة المعدات و التجهيزات اللوجستيكية [11] فلا بد من الإشارة أولا إلى الأسباب الكامنة

وراء تضخم الساكنة بالمؤسسات السجنية’ و تزايد نسبة الاكتظاظ في ارتفاع ملحوظ مقارنة بطاقاتها الاستيعابية’ و يمكن ذكر بعض الأسباب فيما يلي:

1- الحكم بعقوبات حبسية قصيرة و غير مجدية: لأنها لا تستوعب تطبيق برنامج إصلاحي كأصل عام و تسمح بالاختلاط،

بالتالي الاعتياد على جو السجون[12] .

2- اللجوء إلى منهجية الاعتقال الاحتياطي :  تقريبا في كل القضايا مع العلم أنه تدبير استثنائي ينبغي اللجوء إليه بحذر شديد’ لذا لن يكون التخلي عنه في القضايا البسيطة سوى التزام بالقانون و تطبيق سليم لمقتضياته[13] .

3- تحول الغرامة في العديد من الحالات إلى عقوبة حبسية : و تحول عدم الوفاء بالالتزام التعاقدي إلى عقوبة حبسية  كذلك و هو ما يعرف بالإكراه البدني في مجال الديون الخصوصية رغم مصادقة المغرب بتاريخ 3 مايو 1979 على الاتفاقية المتعلقة بالحقوق المدنية و السياسية التي تحظر الالتجاء إلى الإكراه البدني في مجال التعاقد المدني نظرا لإضراره البليغة [14] .

4- عدم تفعيل مقتضيات الفصل 80 من القانون الجنائي المغربي : الذي يقضي بإيداع المدمنين على المخدرات و الكحول في مؤسسة للعلاج.

5- عدم تفعيل التدابير المنصوص عليها في الفصل 83 من القانون الجنائي : الذي يقضي بالوضع القضائي في مؤسسة فلاحية’ و ذلك بغض النظر عن وجود سجون فلاحية ذات طابع اجتماعي ( السجون الفلاحية) – الرماني- زايو – الفقيه بن صالح- تارودانت) إلا أنها ليست متفرقة في أنحاء المملكة بطريقة متكافئة و لا تفي بالدور الذي ينبغي أن تلعبه مثل هذه المؤسسات [15]  .

مما لا جدال فيه أن الاكتظاظ هو أزمة السجون الحالية و لا مفر منها سوى اللجوء إلى إيجاد حلول آنية مستعجلة و رسم أهداف اجتماعية إنسانية مستقبلية على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل و للتخفيف من وطأة اكتظاظ السجون و إنجاح التصنيف لا بد:

1- سرعة الفصل في الدعاوي:  ففي السجون أعداد كبيرة من المعتقلين الاحتياطيين و لا يوجد دواء شاف لهؤلاء إلا سرعة الفصل في قضاياهم’ خاصة أنه من بينهم من سيحكم بالبراءة أو بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ.

2- تغيير طبيعة العقوبة الجزائية إلى عقوبة إدارية :  يوجد اتجاه واسع في ألمانيا     و فرنسا و ايطاليا و غيرها من الدول يدعو إلى خلق عقوبات إدارية بدلا           من العقوبات الجزائية في بعض المجالات كحل أسرع للتخفيف عن المحاكم الجزائية.

3- تفعيل بعض النصوص القانونية :  فالمشرع وضع قوانين لم تعرف طريقها إلى التطبيق العملي كالتدابير الوقائية المتمثلة في الإقصاء المشار إليه في الفصل       63 من القانون الجنائي و هو إيداع العائدين داخل مؤسسة للشغل ذات نظام       ملائم لتقويم انحرافهم و تهيئتهم للحياة داخل المجتمع.

4- اللجوء إلى بدائل العقوبة الحبسية :  و هكذا يمكن اعتماد اليوم- الغرامة و نعني بذلك أن يدفع المحكوم عليه مبلغا محددا من المال بدلا عن كل يوم حبس         Jour Amende ’ كما يمكن اعتماد العمل للصالح العام Intérêt Général  أياما معينة .

5- تجزئة العقوبة الحبسية الواحدة : (حيث يتم ذلك بإعطاء الصلاحية للمحكمة بإمكانية تجزئة العقوبة الحبسية الواحدة ) و ذلك يجعل جزء منها نافذا و جزء آخر موقوف التنفيذ خاصة و أن بعض المحاكم تطبق ذلك حاليا في أحكامها.

6- السماح بأداء كفالة الحضور مجزاة أو على أقساط : حيث يبدو من تصفح مواد المسطرة الجنائية أن الكفالة المالية التي تدفع ككفالة للحضور يجب تقديمها دفعة واحدة’ مما يؤدي في بعض الأحيان إلى اعتقال بعض المتهمين احتياطيا لعجزهم عن دفعها بتلك الكيفية’ و لو سمح لهم بأدائها مجزأة أو على أقساط ( كما يسمح بذلك القانون الفرنسي في المادة 2-138 بندة 11 المعدلة بقانون 17 يوليوز 1970 م ) ليتم التخلص من الزج بهم في السجن)[16].

7- تفعيل نظام الإفراج المقيد بشروط : إن نظام الإفراج المقيد بشروط هذا النظام يسعى إلى إتاحة فرص إصلاح المحكوم عليه و تقويمه عن طريق حثه على       أن يسلك في السجن سلوكا مستقيما أملا في الإفلات من جانب من العقوبة و حثه كذلك على الاستقامة بعد الإفراج عنه حتى لا يحرم من هذه الميزة .

8- الأخذ بنظام السجون المفتوحة : فهي سجون بلا قضبان و لا أقفال و قد نبعث فكرتها من هدف يرمي إلى ترسيخ ثقة السجين بنفسه و إبقائه مندمجا في الحياة الاجتماعية’ لأنه يستطيع الخروج من السجن حيث يمارس بعض الإعمال ثم يعود إليه في المساء دون حاجة إلى قرارات إدارية.

9- إحداث سجون على عدة درجات تختلف فيها المعاملة : فيكون حق السجين الذي يتم استصلاحه أن يرتقي من سجن إلى سجن آخر حتى يصل إلى الحرية التامة.[17]

و هذا ما اقترحه وزير العدل السابق السيد عبد الكريم بن جلون وورد ذكر ذلك في مجلة القضاء و القانون العدد السادس فبراير 1958م

خاتمة:

رغم الأهمية الأساسية التي يلعبها التصنيف في تنظيم السجناء داخل السجن من خلال العمل على تصنيف السجناء و تفريد المعاملة لكل سجين إلا أن العمل به على نطاق واسع و دقيق مازال يعرف بعض الاكراهات المرتبطة بالموارد البشرية و اللوجيستيكية.

زالت السجون المغربية تعاني من بعض الاختلالات و التراكمات و التجاوزات ذات الطابع التنظيمي و الإداري و التشريعي و الاقتصادي.

من العوامل الرئيسة التي قد لا تساعد في كثير من الأحيان على تطبيق مفهوم التصنيف بكل مبادئه و محتوياته نجد الاكتظاظ بكل مساوئه و انعكاساته السلبية على السجن.

و نذكر بعض الاقتراحات من اجل تجاوز أزمة الاكتظاظ و هي على الشكل التالي:

ü    يتعين ترشد الاعتقال الاحتياطي.

ü    و تسريع  وثيرة البث في المساطر القضائية.

ü     إنشاء البنيات التحتية.

ü    توفير الموارد البشرية الكافية.

المراجع

§       لطيفة المهداتي: الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية طبعة 2003 الصفحة 66.

§       محمد ازيوني: واقع السجون المغربية و أصنافها الإصلاحية بحث ميداني دراسي.

§       نبيل بوعتل: الكاتب الجهوي لنقابة السجون بجهة مكناس مقال له من خلال الندوة الصحفية تحت عنوان تدبير السجون المغربية وفق النموذج الأمريكي بين الحقيقة و النفي.

§    العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 صادق عليه المغرب سنة 1979و المغرب قام بإيداع أدوات التصديق في 3 ماي 1979.

§    القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة المنعقدة في جنيف سنة 1933.

§       الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال و المهاجرين اعتمدت بقرار من الجمعية العامة سنة 1999.

§       قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للإدارة و شؤون الأحداث (قواعد بكين).

§    اتفاقية حقوق الطفل اعتمدت و عرضت للتوقيع و التصديق من طرف الامم المتحدة سنة 1989 و صادق عليها المغرب سنة 1993.

§    كلمة المندوب العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج بمناسبة استقبال الطلبة الباحثين بكلية علوم التربية الرباط           

03 يونيو 2013

§       محمد ازيزبي : واقع السجون المغربية و أهدافها الإصلاحية بحث ميداني دراسي .

§    كلمة المندوب العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج بمناسبة استقبال الطلبة الباحثين بكلية علوم التربية الرباط 03   يونيو 2013

§    منذار كمال عبد اللطيف السياسة الجنائية في قانون العقوبات العراقي . دار الرسالة للطباعة بغداد 1978 ص 73 و ما يليها. 

§    محمد الصديقي الابتعاد عن تطبيق الاعتقال الاحتياطي في القضايا العادية تطبيق سليم لمقتضيات القانون جريدة العلم – العدد 16653 السبت 2 دجنبر 1995 نقلا عن الاستاذة لطيفة المهداتي.

§    عمر الدركولي :  الإكراه البدني ضرر بليغ للدائن و المدين ’ جريدة العلم ة العدد 16653 السبت 2 دجنبر 1995 ص 8  

§    احمد بن عجيبة – باحث- أضواء حول مؤسسة السجون بالمغرب مجلة القصر مجلة فصلية للدراسات و الوثائق القانونية العدد 19 – يناير 2008 .

[1] - العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 صادق عليه المغرب سنة 1979و المغرب قام بإيداع أدوات التصديق في 3 ماي 1979.

[2] - القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة المنعقدة في جنيف سنة 1933.

[3] - الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال و المهاجرين اعتمدت بقرار من الجمعية العامة سنة 1999.

[4] - قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للإدارة و شؤون الأحداث (قواعد بكين).

[5]- اتفاقية حقوق الطفل اعتمدت و عرضت للتوقيع و التصديق من طرف الأمم المتحدة سنة 1989 و صادق عليها المغرب سنة 1993.

[6]- للمزيد من الاطلاع حول الموضوع كتاب لطيفة المهداتي

[7]  - كلمة المندوب العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج بمناسبة استقبال الطلبة الباحثين بكلية علوم التربية الرباط           

03 يونيو 2013

[8]  - محمد ازيزبي : واقع السجون المغربية و أهدافها الإصلاحية بحث ميداني دراسي .

[9]  - لطيفة المهداتي : الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية طبعة 2005 ص66 .

[10] - كلمة المندوب العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج بمناسبة استقبال الطلبة الباحثين بكلية علوم التربية الرباط 03 

   يونيو 2013

[11] -  نبيل بوعتل : الكاتب الجهوي لنقابة السجون بجهة مكناس في مقال له من خلال الندوة الصحفية تحت عنوان تدبير السجون المغربية وفق النموذج الأمريكي بين الحقيقة و النفي.

[12]  - منذار كمال عبد اللطيف السياسة الجنائية في قانون العقوبات العراقي . دار الرسالة للطباعة بغداد 1978 ص 73       

ما يليها. 

[13]  - محمد الصديقي الابتعاد عن تطبيق الاعتقال الاحتياطي في القضايا العادية تطبيق سليم لمقتضيات القانون جريدة العلم – العدد 16653 السبت 2 دجنبر 1995 نقلا عن الاستاذة لطيفة المهداتي.

[14]  - عمر الدركولي :  الإكراه البدني ضرر بليغ للدائن و المدين ’ جريدة العلم ة العدد 16653 السبت 2 دجنبر 1995 ص 8  

[15]  - لطيفة المهداتي : مرجع سابق

[16]  - احمد بن عجيبة – باحث- أضواء حول مؤسسة السجون بالمغرب مجلة القصر مجلة فصلية للدراسات و الوثائق القانونية العدد 19 – يناير 2008 .

[17]  -  احمد بن عجيبة : مرجع سابق

قد يهمك أيضا

تأهيل السجناء لتسهيل إعادة إدماجهم 

عمل السجناء

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات