القائمة الرئيسية

الصفحات

تنزيل مبادئ الدستور من خلال القوانين التنظيمية

تنزيل مبادئ الدستور من خلال القوانين التنظيمية

تنزيل مبادئ الدستور من خلال القوانين التنظيمية
تنزيل مبادئ الدستور من خلال القوانين التنظيمية

مقدمة
تظل قضية تنزيل الدستور بالشكل الديمقراطي رهينة عدة عوامل تتمثل على مستوى عام في دينامية الممارسة والخطاب لدى مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة، وكذا في مقياس تشبع هذه المؤسسات بالرغبة في تفعيل الدستور الجديد ومدى استعدادها لتطبيق وتنزيل المضامين الدستورية التنزيل الأنسب والسليم، وتتمثل على مستوى خاص في تحريك الآلة التشريعية بالسرعة الزمنية المعقولة وتفعيلها من خلال آلية سن القوانين، ولعل مسالة إصدار القوانين التنظيمية تتحدد كحلقة هامة من حلقات تنزيل دستور 2011 وتكميليه.
قبيل إعلان الحكومة عن النسخة النهائية لمخططها التشريعي لسنوات الولاية التشريعية الحالية، أضحت قضية إقرار القوانين التنظيمية وإخراجها للوجود حديث مختلف الفرقاء السياسيين ومختلف المتدخلين في مجال التشريع، حيث ظهر جليا بعدها نقاش عمومي فرض نفسه في الآونة الأخيرة على المستوى القانوني والتشريعي خصوصا في الفترة الفاصلة بين الدورة الخريفية البرلمانية وبين دورة أبريل الربيعية من السنة التشريعية المنصرمة التي فتحت المجال لتقييم أداء الحكومة في هذا المضمار، مع الأرجح إذا ما توقفنا عند بعض المؤاخذات الموجهة صوب الحكومة كمؤسسة تنفيذية تمتلك بدورها حق المبادرة التشريعية، تمحورت تلك المؤاخذات في معاتبة الحكومة على تباطئها في طرح مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور.


ارتكز النقاش حول قضية تنزيل الدستور من زواياه المتعددة، لعل أبرزها تلك المتعلقة بإصدار القوانين التنظيمية المنصوص عليها دستوريا وصدورها بعد الموافقة النهائية عليها، هذا إذا ما شئنا أن نعتبر أن قضية إقرار القوانين التنظيمية هي مدخل أساسي في ورش تنزيل الدستور من جانبه التشريعي.
بغض النظر عن كون إقرار القوانين التنظيمية وإصدار الأمر بتنفيذها مقترن بدور واختصاص المحكمة الدستورية في إطار الرقابة الإجبارية على مطابقة الدستورية، إلا أنه من المسلم به قانونيا ودستوريا أن إصدار القوانين التنظيمية هو مسؤولية مشتركة بين السلطتين التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان) معا، مسؤولية الحكومة من وجهتين اثنين :
أولا: من خلال التعبير عن إرادة سياسية حقيقية وتمثيل واضح حول تصورها لمحتوى هذه القوانين التنظيمية، ومن تم أخذ المبادرة التشريعية والدفع بها كمشاريع لقوانين التنظيمية.
وثانيا: من خلال الالتزام بمقتضى الوثيقة الدستورية حسب منطوق الفصل 86 من الدستور 2011، حيث على الحكومة أن تعمل وجوبا على إخراج جميع القوانين التنظيمية المنصوص عليها دستوريا وعددها تسعة عشر قانون تنظيمي، وعرضها على أنظار البرلمان في غضون هذه الولاية التشريعية الحالية والمحددة حتما في خمس سنوات 2011-2016، هذا قياسا على الجدول الزمني الذي حددته الحكومة لعملية التشريع في مخططها التشريعي في الفترة ما بين سنوات 2012 و2015.
أما مسؤولية البرلمان فتتجلى بدوره كسلطة تشريعية بأغلبيته ومعارضته في جدية مناقشة القوانين وتداولها سواء المعروضة عليه أو المقترحة من طرفه قبل التصويت والمصادقة النهائية عليها، وكذا عبر آلية التقدم بمقترحات للقوانين التنظيمية مثلما رأينا ذلك عبر مبادرات بعض الفرق النيابية، ولو أن الأمر كان محدودا ولم يكن بالشكل الكاف.
كما هو معروف إن الوثيقة الدستورية لسنة 2011 نصت على مجموعة من المبادئ الدستورية التي تأطر الحياة السياسية في مجمل مناحيها، من قبيل تكريس مبادئ الحكامة الجيدة، مبدأ الديمقراطية التشاركية، مبدأ الديمقراطية المواطنة، مبدأ استقلال القضاء، مبدأ المراقبة....الخ.
كما أناطت المراجعة الدستورية الأخيرة لسنة 2011 للقوانين التنظيمية الاختصاص في تنظيم عدد من المجالات وتحديد قواعد سير بعض المؤسسات الدستورية وكيفية تركيبها وتكوينها وذلك على سبيل الحصر، وفيما يلي نعرض مجالات ومضامين القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011 مرتبة حسب الفصول:
1.  الفصل 5: قانون تنظيمي يحدد بموجبه مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كما يحدد بموجبه  صلاحيات وتركيبة وكيفية سير مجلس وطني للغات والثقافة المغربية (من شأنه حماية وتنمية اللغة العـربية)؛
2.    الفصل 7: القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية؛
3.    الفصل 10: قانون تنظيمي خاص بالمعارضة البرلمانية؛
4.  الفصل 14: قانون تنظيمي يحدد بموجبه شروط وكيفيات تقديم اقتراحات وملتمسات في مجال التشريع من طرف المواطنات والمواطنين؛
5.  الفصل 15: قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات تقديم عرائض إلى السلطات العمومية من طرف المواطنات والمواطنين؛
6.    الفصل 29: قانون تنظيمي متعلق بحق الإضراب؛
7.    الفصل 44: القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية؛
8.    الفصل 49: قانون تنظيمي متعلق بالتعيين في المناصب العليا؛
9.    الفصل 62: القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛
10.   الفصل 63: القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
11.   الفصل 67: قانون تنظيمي متعلق بلجان تقصي الحقائق؛
12.   الفصل 75: القانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية؛
13.   الفصل 87: قانون تنظيمي متعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة؛
14.   الفصل 112: قانون تنظيمي متعلق بالنظام الأساسي للقضاة؛
15.   الفصل 116: قانون تنظيمي متعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
16.   الفصل 131: القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية؛
17.   الفصل 133: قانون تنظيمي متعلق بالدفع بعدم دستورية قانون؛
18.   الفصل 146: قانون تنظيمي متعلق بالجهات والجماعات الترابية؛
19.   الفصل 153: القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
إجمالا، وكقراءة عامة وفوقية في مجالات القوانين التنظيمية المذكورة أعلاه التي نص عليها الدستور المغربي لسنة 2011، نسجل كما يلي بعض الملاحظات الخاصة :
جرت طبيعة النسق الدستوري حسب مختلف الدساتير المغربية من دستور 1962 إلى غاية المراجعة الدستورية لسنة 1996 أن تتطرق هذه الدساتير للقوانين التنظيمية بشكل حصري في فصول محددة دون غيرها، من هذا المنطلق يلاحظ أن المشرع الدستوري بالمقارنة مع دستور 13 شتنبر 1996 تبنى من خلال المراجعة الدستورية الأخيرة فكرة توسيع مجالات القوانين التنظيمية، حيث أن دستور 1996 نص على تسعة قوانين تنظيمية، في حين نجد دستور 2011 زاد في عدد المجالات التي أسند فيها الاختصاص لهذا النوع من القوانين "أي القوانين التنظيمية" ليبلغ عددها تسعة عشر قانون تنظيمي، وبالتالي يكون المشرع الدستوري قد تدارك إغفال الدستور السابق لمجموعة من الميادين التي لم يسند فيها الاختصاص للقانون التنظيمي والتي تعتبر بطبيعتها من المواضيع ذات الأولوية الهامة في النظام القانوني والدستوري الوطني بشكل عام.
من بين هذه القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011 ولم يكن دستور 96 قد أشار إليها نذكر على سبيل المثال:
1.    القانون التنظيمي للأحزاب السياسية ؛
2.    القانون التنظيمي المتعلق بسير مؤسسة الحكومة ؛
3.    القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ؛
4.    القانون التنظيمي المتعلق بالجهات والجماعات الترابية.
ونظرا لعدد القوانين التنظيمية التي سطر لها الدستور، سنقتصر على دراسة أربع قوانين تنظيمية تبعا للتصميم الآتي:

المطلب الأول : القانون التنظيمي للأحزاب السياسية و تكريس مبدأ المشاركة السياسية


يرى كثير من الباحثين السياسيين أن القانون التنظيمي رقم 11-29 والمتعلق بالأحزاب السياسية كما تم تتميمه و تغييره بمقتضى القانون التنظيمي 15-33، بأنه يتميز بكونه يستلهم مضمونه من المبادئ و القواعد الجديدة التي وضعها الدستور الجديد 2011، و على رأسها تدقيق تعريف الحزب السياسي و تحديد أدواره؛ و يظهر هذا جليا من خلال الإحالة على الفصل 7 من الدستور الذي ينص على أن الحزب السياسي يعمل على تأطير المواطنات و المواطنين وعلى تكوينهم السياسي و تعزيز إشراكهم في الحياة الوطنية و تدبير الشأن العام. كما يساهم الحزب في التعبير عن إرادة الناخبين و يشارك في ممارسة السلطة على أساس التعددية و التناوب بالوسائل الديمقراطية، في نطاق المؤسسات الدستورية، كلها عبارات نجدها في الدستور وفي القانون التنظيمي بشكل اكبر وضوحا و تفصيلا و دقة.
و يمكن إدراك أهمية القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية من خلال عدة مظاهر للتحول كما يلي:
v المظهر الأول : ويتجلى في رغبة وزارة الداخلية في تفعيل مقتضيات دستور 2011 والذي رفع من القيمة الدستورية للمقتضيات المنظمة للأحزاب السياسية من قانون عادي، كما هو حال القانون 04 - 36 المنظم للأحزاب السياسية السابق، إلى قانون تنظيمي، و الذي سيسجل كأول قانون تنظيمي مكمل لدستور2011 سيدخل حيز التطبيق. وفقا لما ينص عليه الفصل 7 من الدستور، الذي ارتقى بالأحزاب إلى مرتبة المؤسسات الدستورية، أي كأحد مكونات الدولة.
v المظهر الثاني: وهو أن القواعد القانونية للقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب عند مقارنتها بالقواعد القانونية لقانون الأحزاب السابق سيلاحظ بكل سهولة أنها نقلت كل القواعد القانونية لهذا القانون الأخير بشكل قد يكون مطابقا، بما فيه طريقة الصياغة، مع إضافة قواعد جديدة سنعود لها فيما بعد. وفي أن هذه المقاربة تكون قد حكمتها إرادة نبيلة لوزارة الداخلية ترمي إلى أن عدم رهن الحكومة المقبلة في سن قواعد قانونية أخرى بالنظر إلى الطبيعة الدستورية الجديدة للحكومة المقبلة التي ستكون ممثلة للأمة.
v المظهر الثالث: هو نقل كل السلطات التي كان لوزير الداخلية، في قانون الأحزاب السابق وإسنادها إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. ذلك، أن التجربة الحزبية بالمغرب ظلت رهينة لإرادة وزير الداخلية كشخص، وليس حتى كوزير في حكومة، إّذ كان ضبط وتنظيم الحياة والمشهد الحزبي، يكاد يكون خارجا بصفة كلية عن تدبير الحكومة، ومرتبط بصفة كلية بإرادة وزير الداخلية.
v المظهر الرابع: إن أهمية الدور الذي عهد به دستور 2011 للأحزاب هو من القدر والأثر ما سيعمل على تغيير المشهد السياسي، مما يؤكد طابع المسؤولية الوطنية والتاريخية التي يجب على الأحزاب أن تتحملها في هذه الفترة الفارقة في الحياة السياسية المغربية. وحتى تكون بالفعل الأحزاب السياسية ممثلة لكل المغاربة، وحتى لا تسقط في الطابع الجهوي أو اللغوي[1]، قد سن القانون التنظيمي تغييرا جوهريا في تأسيس الأحزاب السياسية، وذلك برفع نسبة تمثيل عدد الجهات بخصوص 300 عضو المطلوبة لوضع طلب التأسيس أو 1000 عضو المطلوبة لعقد المؤتمر التأسيسي، من النصف المنصوص عليها في القانون السابق للأحزاب إلى الثلثين، شريطة ألا يقل عددهم في كل جهة عن %5 من العدد الأدنى المطلوب[2]. فهذا التغيير، هو جد جوهري ومطلوب و يتناغم مع مفهوم الجهوية في دستور 2011 و يرمي إلى ضمان حد أدنى من الجدية في عملية تأسيس الأحزاب السياسية التي يتعين عليها على الأقل أن تكون قادرة بشريا على إنشاء هياكلها التنظيمية الوطنية و الجهوية، وهو ما لا يحد من حرية المواطنين في تأسيس الأحزاب السياسة[3].
بالإضافة إلى هذه المظاهر فقد جاء هذا القانون التنظيمي بمستجدات أخرى تتمثل فيما يلي:

الفقرة الأولى: تشجيع المشاركة السياسية للشباب ذكورا و إناثا

يضم القانون التنظيمي للأحزاب السياسية عدة مقتضيات تهدف إلى تشجيع الشباب من الجنسين على المشاركة في الحياة السياسية. فمن جهة أولى وقع تخفيض السن القانوني لتأسيس أو تسيير حزب سياسي من 23 سنة إلى 18 سنة[4] عملا بمقتضيات الفصل 30 من الدستور.
وفي نفس الاتجاه، تنص المادة 26 من القانون التنظيمي للأحزاب، على أن الحزب السياسي يعمل على توسيع و تعميم مشاركة النساء و الشباب في التنمية السياسية للبلاد، و لهذه الغاية، يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا و جهويا، في أفق التحقيق التدرجي لمبدأ المناصفة بين الرجال و النساء. و تعتبر هذه المقتضيات تجسيدا لأحكام الفصل 19 من الدستور الجديد الذي ينص على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال و النساء، و انه تحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة و مكافحة كل أشكال التمييز.
وينص القانون التنظيمي للأحزاب في نفس المادة، انه يتعين على كل حزب سياسي أن يحدد في نظامه الأساسي نسبة الشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة. ويندرج هذا الالتزام القانوني في إطار أوسع يتعلق بإقرار قواعد الديمقراطية الداخلية للأحزاب، التي تنص عليها المادة 25 من القانون التنظيمي للأحزاب كما يلي: " يجب أن ينظم كل حزب سياسي و يسير وفق مبادئ ديمقراطية تسمح لأي عضو من أعضائه بالمشاركة الفعلية في إدارة و تسيير مختلف أجهزته؛ كما يتعين مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير شؤونه، ولاسيما مبادئ الشفافية و المسؤولية و المحاسبة.
ترتبط هاته العبارات الأخيرة بجانب أخر ذي أهمية قصوى يتعلق بالتدبير الداخلي الجيد لشؤون الأحزاب السياسية، آلا وهي اختيار و تقديم المرشحين؛ وفي هذا الصدد، جاءت المادة 28 من نفس القانون التنظيمي واضحة تلزم كل حزب سياسي عند اختيار مرشحيه لمختلف العمليات الحزبية باحترام المعايير التالية:
ü     اعتماد مبادئ الديمقراطية و الشفافية في طريقة و مسطرة اختيار مرشحيه؛
ü     تقديم مرشحين نزهاء و أكفاء و أمناء، قادرين على القيام بمهامهم التمثيلية؛
ومما لا شك فيه ان حسن اختيار المرشحين و تقديمهم لشغل وظائف انتدابية من شأنه تعزيز الثقة بين المواطنين و الأحزاب و المؤسسات المنتخبة مما يقوي المشاركة السياسية و يبعث على الاطمئنان و الاستقرار.

الفقرة الثانية : تخليق الحياة السياسية و ضمان الاستقرار داخل المجالس المنتخبة

أثارت ظاهرة "الترحال السياسي" أي انتقال المنتخبين على مستوى مجلسي البرلمان من حزبهم الأصلي الذي ترشحوا باسمه إلى حزب أخر خلال فترة الانتداب، وهو الأمر الذي شكل مسا واضحا بمصداقية العمل الحزبي و عمل على احتقان المشهد السياسي لأنه يعرقل إرادة الناخبين و يحولها عن غاياتها. و هذا ما يجعل المواطن يفقد الثقة في المؤسسات التمثيلية.
إن معضلة الترحال السياسي لم يقف أثرها ودورها، فقط عند إحداث أحزاب جديدة خارج التنافس الانتخابي، كما سبق بيانه، وإنما امتد إلى أن طبعت في ذهن جميع المغاربة أن السياسة ما هي إلا لعبة ومناورات صغيرة لقاء مصالح خاصة للمتحزبين، وأن الشأن العام، والمصلحة العامة ما هي إلا خطاب ومقولات للاستهلاك في فترة الانتخاب.
غير أن رد المواطن المغربي لم يتأخر من جهته، ولم يتهرب من اتخاذ الموقف الموازي لتلك الظاهرة، و ذلك الرد الذي تجلى في عدم المشاركة أصلا في هذه الانتخابات، إذا كان الغرض منها هو خلق فئة فاسدة لا تتورى عن الدوس على كل قيم هذا المجتمع ونضالات رجالاته من أجل استقلال البلاد وبناء الدولة الديمقراطية العصرية كجهاد أكبر وفق الوصف الذي أعطاه إياه المرحوم محمد الخامس بعد رجوعه من المنفى إلى بلده.
وحقيقة أن النقاش الجدي للوصول إلى حل جذري لهذه المعضلة ليس وليد اليوم، وإنما عرفته الحياة السياسية وعرفه البرلمان قبل 2006 وهو النقاش الذي انتهى إلى صياغة القاعدة المنصوص عليها في الفصل 5 من قانون الأحزاب السابق[5].
والمفيد للتذكير بكون إرادة قانون الأحزاب السابق، في صياغته للمادة 5 اتجهت إلى منع ظاهرة الترحال في أعضاء البرلمان فقط، وليس في الجماعات، خلافا لما تم تداوله في النقاش الذي عرفته بلادنا في الفترة الأخيرة بخصوص هذه الظاهرة[6].
إن المقارنة بين القراءة اللفظية للمادة 5 من قانون الأحزاب السابق و قراءة المادة 20 من القانون التنظيمي للأحزاب تؤكد أن إرادة المشرع انصرفت إلى أن تشمل قواعد منع الترحال ليس فقط في البرلمان، كما هو الحال في المادة 5 من المذكورة، وإنما انصرفت كذلك لتشمل منعه في الجماعات الترابية و الغرف المهنية.

الفقرة الثالثة : التمويل العمومي للأحزاب السياسية

يتضمن هذا القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسي على قواعد جديدة تتعلق بالدعم السنوي الذي تقدمه الدولة للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية، وكذا الدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية من جهة، و الدعم المخصص للأحزاب السياسية برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية في إطار الانتخابات العامة الجماعية و الجهوية و التشريعية من جهة أخرى.

أولا : الدعم السنوي الممنوح للأحزاب السياسية

توفر الدولة دعما ماليا للأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التشريعية وفق قواعد متدرجة تراعي الوزن الانتخابي لكل حزب، حيث تم تحديد  ثلاث فئات من الدعم[7]:
فئة تندرج في إطارها جميع الأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات التشريعية و غطت نسبة %10 على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية، بحيث تستفيد من مبلغ جزافي يوزع بالتساوي؛
فئة حصلت على نسبة ما بين %3 و اقل من %5 من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات التشريعية برسم مجموع الدوائر الانتخابية المحلية، و تستفيد من مبلغ إضافي يعادل الحصة الجزافية السالفة الذكر؛
فئة حصلت على نسبة %5 على الأقل من الأصوات المعبر عنها و يخصص لها دعم سنوي يحتسب على أساس عدد المقاعد و عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب.

ثانيا : الدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم الأحزاب لمؤتمراتها الوطنية

بحيث تستفيد جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية و التي غطت نسبة %10 على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية، مرة واحدة كل أربع سنوات، من مبلغ مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، و ذلك بنسبة %50 من مبلغ الدعم السنوي الراجع للحزب برسم السنة السابقة لعقد مؤتمره الوطني.
بالإضافة إلى هذه الأنواع من الدعم المالي، فان القانون التنظيمي للأحزاب السياسية ينص على قواعد أخرى من شأنها توفير موارد مالية و بشرية للأحزاب حتى تتمكن من القيام بالأدوار المنوطة بها دستوريا، وتتجلى في استفادتها من نوعين جد مهمين من الدعم:

1)   دعم مالي :

ويتبين في كون القانون التنظيمي أضاف أنواعا أخرى من الدعم تتجلى في[8]:
1.  السماح للأحزاب بامتلاك المنقولات والعقارات الضرورية لنشاطها، وهو الأمر غير المسموح به في القانون السابق
2.    الاستفادة من دعم للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب.
3.   الاستفادة من دعم الحملات الانتخابات، الذي لم يكن سابقا منظما بمقتضى قانون تنظيمي.
4.  الاستفادة من دعم سنوي يعتبر فيه عدد الأصوات المحصل عليها الذي يراعي الأحزاب الصغيرة، وهو الأمر المستجد في مشروع القانون التنظيمي الحالي الذي سيسمح بالاستفادة من هذا الدعم حتى للأحزاب التي تحصل على 3 في المائة.
5.   الاستفادة من إعفاءات تتعلق بالضرائب و رسوم المطبقة على الممتلكات العقارية والمنقولة.
6.  وهذا دعم جد مهم ومستجد من شأنه تطوير الصحافة الحزبية والمتمثل في حق الأحزاب في الاستثمار في المقاولات الصحفية ومقاولات النشر والطباعة.
7.   وهذا الدعم غير المباشر إذا ما اعتبرنا فيه حق الإعفاءات الضريبية المشار إليها أعلاه، نلاحظ مدى أهمية هذا المقتضى، ليس فقط في دعم الأحزاب ماليا، وإنما في تطوير الصحافة الحزبية التي تعاني اليوم من مشاكل متعددة.

2)   دعم بشري
يمكن الأحزاب السياسية أن تستفيد من خدمات موظفين عموميين في أطار الوضع رهن الإشارة[9]؛
على العموم إذا كان هذا بخصوص القانون التنظيمي للأحزاب فماذا يمكن القول عن القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق.

المطلب الثاني : القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق و تكريس مبدأ المراقبة البرلمانية


إن لجان تقصي الحقائق هي لجان برلمانية مؤقتة بطبيعتها مهمتها البحث في قضية أو ملف معين يتعلق بوجود انحرافات و اختلالات أو فساد في تدبيرها أو تدبيره، وهي لجنة مهمتها تنحصر في الوقوف على مواطن الخلل و الانحراف و تقديم تقرير للمجلس أو الجهة الدستورية التي شكلتها، و يبقى للجهة المعنية أن تتخذ الإجراءات الواجبة فيما بعد. و الأساسي في هذه اللجنة البرلمانية لمؤقتة لتقصي الحقائق، هو اعتبارها وسيلة لمراقبة عمل الجهاز التنفيذي دون إثارة المسؤولية السياسية للحكومة، بمعنى أن النتائج التي تتوصل إليها تبقى غير ملزمة للجهة الدستورية المعنية على أساس إن نتائجها لا تؤدي مباشرة إلى تفعيل المسؤولية السياسية، ولكن فيما بعد يمكن أن تشكل أرضية مهمة إذا ما اخذ بعين الاعتبار تقريرها خصوصا إذا حمل نتائج على درجة كبيرة من الخطورة أو الانحراف في تدبير الشأن العام الوطني[10].
وبالرجوع الدساتير السابق لسنوات 1962، 1970 و 1972، يتضح أن المشرع الدستوري لم ينص على هذه اللجان البرلمانية، غير أن المشرع البرلماني و رغم عدم تبني المشرع الدستوري لها، نص على هذه اللجان لتقصي الحقائق في نظامه الداخلي لمجلس النواب لسنة 1964، 1970، 1977 و 1985. وأثير في الفقه الدستوري المغربي إشكالية دستورية تنصيص المشرع البرلماني على لجان تقصي الحقائق، وقد صرحت الغرفة الدستورية بعدم دستورية تلك اللجان البرلمانية المؤقتة لعدم تنصيص المشرع الدستوري عليها صراحة في صلب الدستور المغربي، غير أن المشرع الدستوري سيحسم هذا الخلاف في الحياة السياسية و الدستورية المغربية بتنصيصه عليها صراحة في صلب الوثيقة الدستورية لسنة 1992[11] و في دستور 1996[12] ثم في دستور المملكة لسنة 2011[13].

الفقرة الأولى : تشكيل لجان تقصي الحقائق

ويتم تشكيل لجان تقصي الحقائق إما بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين[14]، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معنية، أو تدبير المصالح أو المؤسسات أو المقاولات العمومية و إطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها، ويتم توقيف عملها على الفور بمجرد فتح تحقيق قضائي في الوقائع المراد التحري بشأنها. ويمكن القول بأن هذه اللجان تلعب دورا كبيرا في تتبع السياسة المالية العامة للحكومة، حيث خول لها المشرع الإطلاع على جميع الوثائق والمستندات التي من شأنها أن تسهل مهمتها، وقد تلعب دورا كبيرا في كشف أهم القضايا نهب المال العام[15].
ومن خلال هذا يتضح جليا بأن تكوين لجان لتقصي الحقائق من قبل احد مجلسي البرلمان، تعد مبادرة محدودة الوقع و قليلة الأثر. و يرجع السبب في ذلك أولا لرفع النسبة الواجب توفرها لتشكيل هذه اللجان رغم كونها قد انخفضت مقارنة مع دستور سنة 1996[16]. وضرورة إيقاف التحقيق في أية وقائع معينة بمجرد فتح تحقيق قضائي، مع العلم بأن استقلالية و نزاهة القضاء مازالت مطروحة بحدة كبيرة.

الفقرة الثانية: وظيفة لجان تقصي الحقائق

تتولى لجان تقصي الحقائق وطائف عديدة منها:
دور استطلاعي : من خلال البحث في أسباب الوقائع التي شكلت على أساسها، و كدا البحث عن المعلومات الكافية و الضرورية للوصول إلى الحقائق.
دور إعلامي : من خلال نقل المعلومات التي غالبا ما تكون خفية و غير معروفة من طرف عموم نواب الأمة.
دور تسويقي : حيث يعمل اغلب أعضاء هذه اللجان على استغلال فرصة انضمامه إليها، للتسويق لنفسه كمستشار أو نائب برلماني فعال، باحث عن الحقائق.

الفقرة الثالثة : تقارير لجان تقصي الحقائق

كما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي هذا، إن مهمة لجان تقصي الحقائق تنتهي بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني أو بإحالته من قبل رئيس المجلس إلى القضاء. كما أن إحالة التقرير بعد انتهاء اللجنة من عملها على أنظار الجهات القضائية المختصة لا يعد شرطا واجب الاحترام، و إنما هو مجرد إمكانية، يمكن اللجوء إليها، كما يمكن طي الملف ووضعه في رفوف المجلس الذي تشكلت في إطاره لجنة تقصي الحقائق، و يتم الاكتفاء فقط بعقد جلسة عمومية في المجلس المعني لمناقشة التقرير، دون أن تترتب عن ذلك أية نتائج سياسية قد تهدد استمرارية الحكومة في ممارسة عملها.
و يعد هذا التخوف مشروعا، إذا استحضرنا ما آلت إليه العديد من التقارير، التي أنجزت من قبل لجان نيابية لتقصي الحقائق في ظل الدساتير السابقة، وفي قضايا مختلفة، كقضية مخيم اكديم إزيك بالعيون، وقضية القرض العقاري والسياحي، وقضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وقضية مكتب التسويق والتصدير...[17].
ادا كان هذا بخصوص القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق فماذا يمكن القول عن باقي القوانين التنظيمية الأخرى.

المطلب الثالث : القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية و تكريس مبدأ المراقبة على دستورية القوانين

بموجب الدستور الجديد 2011، ثم التنصيص صراحة في الفصل 129 منه على إحداث محكمة دستورية تمارس الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور و بأحكام القوانين التنظيمية بهدف إنشاء قضاء دستوري متخصص و ذلك من خلال الرقي بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية كمحكمة عليا ستعمل على ممارسة القضاء الدستوري بالمغرب، و هذا يعد تطورا دستوريا و ديمقراطيا مهما.
في هذا الإطار صدر القانون التنظيمي رقم 13-066[18] المتعلق بالمحكمة الدستورية، يهدف إلى مطابقة القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري مع أحكام الدستور وملائمته مع المستجدات التي أتى بها هذا الأخير.
و بناءا على ما سبق سنعمل بالتطرق للمسائل التي عرفت تطورات و تجديدات خاصة من حيث اختصاص المحكمة الدستورية لكن قبل ذلك سنحاول إعطاء لمحة عن تكوين المحكمة و حالات تنافي العضوية بها.

الفقرة الأولى: تكوين المحكمة

طبقا لأحكام الفصل 130 من دستور 2011، تتألف المحكمة من اثني عشر عضوا يعينون من الشخصيات المتوفرة على تكوين عال في مجال القانون، وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق خمس عشرة سنة، والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة، وذلك لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، وفق الشكل الآتي:
ستة أعضاء يعينهم الملك بموجب ظهير شريف، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى.
وستة أعضاء ينتخب نصفهم من قبل مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر من قبل مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس، وذلك بعد التصويت بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس، علما أنه يتم كل ثلاث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المحكمة.[19]
وبعد ذلك يقوم الملك بتعيين رئيس المحكمة الدستورية بموجب ظهير شريف من بين الأعضاء الذين تتألف منهم، حيث لم يعد الملك يعين الرئيس فقط من الأعضاء الذين يعينهم، بل توسعت قاعدة اختيار الرئيس لتشمل حتى الأعضاء المنتخبين من طرف مجلسي البرلمان، عكس ما كان معمول به في ظل المجلس الدستوري.[20]
إن المشرع الدستوري المغربي أحسن حين حاول تكريس النهج الديمقراطي في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية حيث تبنى أسلوب الانتخاب بالنسبة للفئة التي تعود لاختصاص رئيسي مجلسي البرلمان، حيث بدل أسلوب التعيين الذي كان ساريا في عهد المجلس الدستوري، نلاحظ بأن المشرع الدستوري تبنى الانتخاب كآلية لتحديد أعضاء المحكمة حيث سيساهم ذلك في فتح المجال أمام كل أعضاء البرلمان من أحقية الترشح لعضوية المحكمة تكريسا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما دستوريا.[21]

الفقرة الثانية: اختصاصات المحكمة الدستورية

إلى جانب القضايا التي كان يبت فيها المجلس الدستوري والتي تختص بها المحكمة الدستورية أيضا، كالبث في دستورية القوانين التنظيمية والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين ومطابقة القوانين لمقتضيات الدستور من خلال مراقبة الاستشارات الشعبية، فإن المشرع الدستوري وسع مع اختصاصاتها من أجل تفعيل دورها من خلال:

1- مراقبة الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية:
نصت الفقرة الأخيرة من المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 066.13 على أنه: "تحال باقي الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية إلى المحكمة الدستورية للبث في مطابقتها للدستور، من لدن رئيس كل مجلس".
إذن نلاحظ بأن المشرع طبقا لهذه الفقرة، أضاف إلى جانب النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية لتخضع بدورها لرقابة المحكمة الدستورية كالأنظمة الداخلية لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومجلس الوصاية على العرش، حيث وسع المشرع من قاعدة اختصاص المحكمة بدل الاقتصار على أنظمة البرلمان فقط وهي إضافة مهمة بالمقارنة مع اختصاصات المجلس الدستوري، ستجعل من هذه المجالس تعمل تحت نظر عين المحكمة بغية التقيد بمقتضيات الدستور في عملها وفي تدبيرها وفي كيفية اشتغالها ومن خلال الأعمال الصادرة عنها.

2- مراقبة الالتزامات الدولية:
أضاف القانون التنظيمي للمحكمة شيء جديد وجد مهم وهو إخضاع المعاهدات الدولية لمراقبة المحكمة الدستورية، حيث سمح الفصل 55 من الدستور لكل من الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو سدس أعضاء مجلس النواب الذين يتألف منهم، أو ربع أعضاء مجلس المستشارين، بالحق في إحالة هذه الالتزامات إلى المحكمة الدستورية قصد البت في مطابقتها للدستور.
وتتمثل أهمية مراقبة الالتزامات الدولية من معاهدات واتفاقيات بشكل أساس وبصفة عامة في التأكد من عدم تعارضها وتناقضها مع الدستور والقوانين الداخلية،[22] خاصة عدم تعارضها مع الثوابت الوطنية المنصوص عليها دستوريا كمسها بالنظام الملكي أو بالدين الإسلامي أو بالوحدة الترابية للمملكة.

3- النظر في الدفوعات المرتبطة بالنزاعات المعروضة على المحاكم:
يعد هذا الاختصاص من أهم الاختصاصات التي جاء بها دستور 2011 والذي كان محط مطالبات الفاعلين السياسيين وجمعيات المجتمع المدني، حيث أصبح بإمكان الأفراد والجماعات إذا كانوا أطراف في نزاع ما معروض على إحدى المحاكم كيفما كان نوعها، أن يثيروا أثناء جريان النزاع بأن القانون المراد تطبيقه في القضية يخالف الدستور بسبب مسه بحقوقهم وحرياتهم، وذلك طبقا لأحكام الفصل 133 من الدستور، الذي نص على أن: "المحكمة الدستورية تختص بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون، الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور".
إن السماح للأفراد بحق الدفع بدستورية القوانين أثناء النظر في النزاعات، تعد ضمانة مهمة بالنسبة للحقوق والحريات إذ يمكن للقاضي توقيف واستبعاد القانون الذي من المحتمل أن يؤثر سلبا على حقوقهم وحرياتهم.

4- محاربة الترحال السياسي:

إلى جانب الحق في البث في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، فإن دستور 2011 منح المحكمة الدستورية اختصاص جديد يتمثل في البت في إشكالية تخلي أحد أعضاء البرلمان عن الانتماء السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات التشريعية، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. إذ يتم خلع صفة نائب بمجلس النواب أو مستشار بمجلس المستشارين عن العضو المعني، وفقا لما نصت عليه المادة 61 من الدستور.
ويعود الهدف من وراء هذا المقتضى الدستوري هو محاولة المشرع الدستوري عقلنة وتخليق المشهد السياسي عبر محاربة ظاهرة الترحال السياسي التي عرفت ارتفاعا في الفترة ما قبل 2011 وأثرت بشكل سلبي على مصداقية العمل السياسي والالتزام الحزبي.[23]

5- مراقبة صحة إجراءات المراجعة الدستورية:

إلى جانب المراقبة على الاستفتاء تم تمكين المحكمة من اختصاص جديد لم يكن ضمن صلاحيات المجلس الدستوري وهو مراقبة صحة مسطرة مراجعة الدستور التي تتم عن طريق البرلمان، حيث نص الفصل 174 في فقرته الثانية من الدستور على أن: "للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، أن يعرض بظهير، على البرلمان، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور، حيث يصادق البرلمان المنعقد، بدعوة من الملك، في اجتماع مشترك لمجلسيه، على مشروع هذه المراجعة، بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم.
ولتفعيل هذا النوع من المراقبة الجديدة نصت المادة 42 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية على أن هذه الأخيرة تتولى مراقبة صحة إجراءات المراجعة الدستورية التي تعرض بظهير على البرلمان، وتعلن نتيجتها.

الفقرة الثالثة: حالات التنافي

حسب المادة 5 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية فإنه لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وعضوية الحكومة أو مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أوكل هيئة ومؤسسة من المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من الدستور.
وترجع دوافع المشرع في التوسيع الواضح لقاعدة حالات التنافي مقارنة مع القانون التنظيمي للمجلس الدستوري، إلى ضرورة ملائمة القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية مع مقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011 حيث تمت دسترة العديد من المؤسسات التي أصبحت دستورية كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والهيئات المنصوص عليها في الباب الثاني عشر من الدستور الجديد والمهتمة بحماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، في حين أن دستور 1996 كانت المؤسسات التي يتكلم عنها جد محدود، الشيء الذي جعل المجلس الدستوري يكتفي بالنص المحدود على حالات التنافي، حيث كان التنافي يرتكز على عدم جواز الجمع بين العضوية داخل المجلس وأربع مؤسسات دستورية فقط الحكومة ومجلسي البرلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.[24]
وإلى جانب حالات التنافي السابقة، فإنه أيضا لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وبين ممارسة أي وظيفة عامة أخرى أو مهمة عامة انتخابية أو شغل منصب مهما كان مقابل أجر في شركة تجارية أو مزاولة مهام يؤدى عنها من قبل دولة أجنبية أو منظمة دولية غير حكومية.
وأخيرا، فإنه لا يجوز أيضا حسب المادة السادسة الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وممارسة أي مهنة حرة، إذ يجب على كل عضو بالمحكمة الدستورية يمارس مهنة حرة، تعليق هذه الممارسة خلال مدة عضويته كممارسة مهنة المحاماة.

المطلب الرابع : القوانين التنظيمية للجماعات الترابية و تكريس الأحكام الدستورية

تفعيلا لمقتضيات الدستور المغربي 2011، خاصة فيما يتعلق بالقوانين التنظيمية التي تعتبر آلية دستورية متعلقة باللامركزية الترابية، تم إصدار القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعملات والأقاليم، والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
فهل هذه القوانين التنظيمية، وخاصة القانون المتعلق بالجهات (الذي ضم 256 مادة، موزعة على ثمانية أقسام) جاءت مطابقة للوثيقة الدستورية ؟

الفقرة الأولى :التنزيل الدستوري للدستور 

أكدت القوانين التنظيمية للجهات والجماعات الترابية الأخرى الأحكام الدستورية، سواء ذات الطابع التأسيسي أو التي تهم التنظيم أو التي تطال التدبير.

أولا : تأكيد المقتضيات الدستورية: الشرعية السياسية والمسألة التدبيرية: 

1) الشرعية السياسية:
يتمثل في انتخاب أعضاء مجلس الجهة بطريقة ديمقراطية بالاقتراع العام المباشر (المادة 9 تأكيدا للفصل 135 من الدستور)، وهو ما ينطبق أيضا على مجلس الجماعة (المادة 7 تأكيدا للفصل 135 من الدستور). "وإذا كان هذا المقتضى محمودا، ومن حسنات الوثيقة الدستورية، بالنظر إلى الشرعية الشعبية للانتخاب المباشر، وأسهم في الرصيد الديمقراطي الذي يسبغه على ممثلي السكان، فإن من شأنه أن يساهم في تعميق الوعي بالبعد الجهوي لدى المواطن وتمتين أواصر الثقة بينه وبين مؤسسات الدولة، وفي ذلك ربط للحمة والصلة بين المواطن والوطن، والتي نحن في أمس الحاجة إليها"[25].

2) المسألة التدبيرية:
تأكيدا وتفصيلا للفصل 138 من الدستور، أضحى رئيس المجلس هو السلطة التنفيذية للجهة إذ ينفذ الرئيس مقررات المجلس وهو أيضا الآمر بالصرف (المادة 101) ومن يسير مصالح الجهة والرئيس التسلسلي للعاملين بمصالحها الإدارية (المادة 103)، و من يعد الميزانية (المادة 105). وتفصيلا للفصل 140 من الدستور، فقد أكدت القانون التنظيمي للجهة في المادة 6 ثم في قسمه الثاني بعنوان «اختصاصات الجهة»[26] على إعمال مبدأ التفريع، بما يمكن من تحقيق النجاعة والفعالية والتكامل والانسجام في ممارسة الاختصاصات الذاتية والمشتركة بين الدولة والجهة - وهي قائمة على التعاقد - والاختصاصات المنقولة مع مراعاة مبدأي التدرج والتمايز، وهاته الأخيرة تكون مقترنة بتحويل الموارد البشرية والمادية والمالية المطابقة.  وهو ما يمكن لمسه أيضا في القانون التنظيمي لكل من العمالات والجماعات، حيث "يتطابق مبدأ التعاقد مع مبدأي التضامن والتعاون اللازمين لتدبير الشأن المحلي، وأيضا مع مبدأ التفريع لممارسة الاختصاصات الذي يعني ما تستطيع الجماعة انجازه يسند لها، وما لا تستطيعه يسند للمستوى الأعلى من الوحدات الترابية وصولا إلى الدولة"[27]. كما تتبوأ الجهة مكانة الصدارة بالنسبة إلى باقي الجماعات الترابية في إعداد برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب؛ وتمثل الجهة، في هذا الصدد، الشريك المميز للسلطات العمومية (المادة 5 تأكيدا للفصل 143 من الدستور)[28].

ثانيا : إدماج مبادئ الحكامة الجيدة

أكد القانون التنظيمي للجهات على احترام قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر، كما نصت عليها أحكام الفصل 146 من الدستور، وترسيخ سيادة القانون وتكريس قيم الديمقراطية والتخليق والشفافية والنزاهة والتشارك والفعالية والنجاعة والالتزام بحماية الحق في المعلومة وحقوق المواطنات والمواطنين في اللجوء إلى المرافق العمومية وربط المسؤولية بالمحاسبة (المادة 243)، وينضاف إلى ذلك إقرارُ مبادئ الديمقراطية التشاركية من خلال تنصيص الدستور عليها في فصله 139، وتنزيله عبر إحداث مجلس الجهات لآليات تشاركية للحوار والتشاور مع المواطنات والمواطنين والجمعيات (المادة 116) الذين يحق لهم تقديم عرائض إلى مجلس الجهة، قصد إدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله (المادة 118).[29] وهو ما ينطبق أيضا على الجماعات الترابية الأخرى التي تم إدماج هذه القواعد والمبادئ بقوانينها التنظيمية على نفس المنوال.

الفقرة الثانية: التنزيل غير الدستوري للدستور 

يتعلق الأمر بالجانب الشكلي لهاته القوانين، ومدى احترامها للديمقراطية التمثيلية في التدبير. 

أولا : تكريس التجزيء التشريعي وعدم الارتقاء إلى مدونة للجماعات الترابية 

يبدو أن الهندسة التشريعية والعقل القانوني أصبح يميل إلى التشتت وتشرذم القواعد القانونية "العامة"، وليس البناء القويم والصناعة التركيبية للتقنين والتدوين، مما ينعكس سلبا على تجويد النص وحكامة التشريع، وليس هذا بعجيب مادام المنطلق غريبا ومعاكسا للوثيقة الدستورية، فمقتضيات الفصل 146 من هاته الأخيرة استهلت بالعبارة التالية "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة"، والتي تضمنت عشر مقتضيات، منها: شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية، وعدد أعضاء مجالسها، وكذا النظام الانتخابي، وتنزيل السلطة التنفيذية للرؤساء المنتخبين، واختصاصات المجالس، ووسائلها المالية، وقواعد التدبير الحكاماتية... والتي ذكرت على سبيل المثال لا الحصر. وهذا ما يستشف من عبارة "بصفة خاصة"، فالأمر يتعلق بقانون تنظيمي واحد، ووارد بالمفرد، قابل للزيادة ليشمل عناصر أخرى ذات صلة، ولكنها مجمعة ومندمجة ضمن مدونة واحدة للجماعات الترابية بمستوياتها الثلاثة (الجهات، العمالات والأقاليم، الجماعات) والتي من شأن اعتمادها أن يعكس رؤية موحدة للتدبير المحلي وتصورا منسجما للوظائف التي ستقوم بها هاته المؤسسات في التنمية الترابية، وتسهل بالتالي مأمورية المتتبع والممارس والباحث.[30]
وبالتالي كان من الأجدر أن تجمع القوانين التنظيمية الثلاثة في مدونة واحدة مع الحرص على عدم تكرار المقتضيات المشتركة بين أصناف الجماعات الترابية، وتخصيص قسم لكل صنف من الجماعات الترابية، مع الحرص أيضا على تضمين المدونة جميع الأحكام المتعلقة بالنظام الانتخابي، والنظام المالي، والنظام الجبائي، وذلك تطبيقا للفصل الدستوري المذكور، خاصة أننا نجد في القانون المقارن الفرنسي الذي نستمد منه غالبية نصوصنا القانونية خاصة المتعلقة بالإدارة، أن المشرع الفرنسي جمع المقتضيات التي تهم الجماعات الترابية في مدونة واحدة بالرغم أن التنظيم الإداري الفرنسي يشمل أيضا ثلاثة أصناف من الجماعات الترابية.[31]
لكن الملاحظ أن هناك نزوعا نحو الإسهال التشريعي، فالبرلمان كان قد أصدر القانون التنظيمي رقم 11. 59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية،[32] قبل القوانين التنظيمية الثلاثة للجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، مما أدى "إلى تفتيت وتوزيع مقتضيات الفصل 146 من الدستور عبر مجموعة من القوانين التنظيمية"[33].

ثانيا : التراجع عن البعد الديمقراطي في التدبير 

لقد كان دستور 1996 في فصله 102 ينص على أن العمال يمثلون الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، فأضحى ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات يمثلون فقط السلطة المركزية في الجماعات الترابية تبعا لأحكام الفصل 145 من دستور 2011، وبموجبه يمارس هؤلاء المراقبة الإدارية، كما يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية. إلا أن القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية رجحت كفة التدبير البيروقراطي على ذاك الديمقراطي، وخولت لهؤلاء أدوارا تتجاوز المراقبة والمساعدة إلى التدخل في التدبير من خلال [...] إدراج النقط الإضافية التي يقترحها الوالي في جدول أعمال دورات مجلس الجهة (المادة 42)، بل إن النقط المدرجة والمعترض عليها من طرف الوالي تصنف في خانة الخطأ الجسيم، وتقع تحت طائلة البطلان (المادة 44)، كما يمارس الوالي الحلول في حالة امتناع الرئيس عن مزاولة مهامه (المادة 79)،[34] وهو ما نراه أيضا في دور العامل في العمالة والجماعة، بالإضافة لترؤس الوالي للجنة التقنية لصندوق التأهيل الاجتماعي (المادة 232).
صحيح أن الدستور ربما المتطور على أداء المؤسسات الرسمية والسياسية، قد عبر بصراحة على خيار التدبير الحر للجماعات الترابية، وصحيح أيضا أن النصوص موضوع القراءة قد كررت هذا المبدأ بنصه على سلطة المجالس في التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ المداولات والمقررات التي يتخذها المجلس، إلا أنها عادت لتكريس نوع من الوصاية فيما يشبه تراجعا أو إلتفافا على مبدأ التدبير الحر، فالمقررات التي تهم الجانب المالي مازالت غير قابلة للتنفيذ إلا بعد تأشير سلطة الوصاية عليها، ولعل ذلك راجع إلى عدة عوامل موضوعية أحيانا، كمحدودية النخب المحلية التي تفرزها الصناديق على مستوى الكفاءات، بل أيضا على مستوى الحكامة، إذ أن التجربة ربما أفرزت عدة تجازوات على مستوى التدبير والحكامة، وهذا المعطى يستشف من حجم المخالفات الواردة في تقارير لجان المراقبة وعلى رأسها المحاكم المالية المختصة، ولعل تلك التقارير تشكل دراسة لواقع التدبير ومستوى تطور اللامركزية ببلادنا في جانب الممارسة وتخريج النخب.[35]

خـاتـمـة 

إجمالا، ورغما عن كون البرلمان يعتبر صاحب الحق والاختصاص الأصلي في التشريع، إلا أن الحكومة الحالية وجدت نفسها ملزمة دستوريا بإيداع جميع مشاريع القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور الجديد وعرضها وجوبا على البرلمان في غضون الولاية التشريعية الجارية التي تلت إصدار الأمر بتنفيذ دستور فاتح يوليوز 2011، إلا أنه كذلك لا يستقيم العمل على إصدار هذه القوانين التنظيمية من طرف الأجهزة التنفيذية والتشريعية بالاعتماد والتركيز فقط على الزاوية التقنية والإجرائية المتعلقة بالمسلك المتعلق بمسطرة سن هذا الصنف من القوانين، وإنما ونظرا لأهمية هذا الورش التشريعي، وفي إطار العمل بأحكام "الديمقراطية المواطنة والمقاربة التشاركية" التي أوصى بتفعيلها الدستور الجديد، يُفترض أن تفتح نقاشات عمومية حول مواضيع ومجالات هذه القوانين التنظيمية مع مختلف الجهات المعنية بكل قانون تنظيمي على حدة دون إغفال مقترحات ومبادرات المجتمع المدني في ذلك، وعليه، بناء على ما سلف يظل السؤال مطروحا.
هل ستتمكن المؤسسة التنفيذية خلال الأجل الدستوري المحدد لها من الإدلاء بجميع مشاريع القوانين التنظيمية والعمل على إخراجها رغم حساسية بعضها، حتى تكون بذلك قد أقدمت من جهة على تنفيذ مخططها التشريعي المحتمل تعديله وفق الدخول السياسي الجديد، ومن جهة أخرى تكون قد استطاعت الالتزام بمقتضى الفصل 86 من الدستور؟ أم أن انشغالها بتدبير التقلبات والتصدعات الحاصلة داخل مكوناتها وخارجها ستحول دون إتمام ذلك؟

لائحة المراجع
الركن الأول: الكتب و المؤلفات
*  أودنكاي علي،" دور لجان تقصي الحقائق في حماية المال العام بالمغرب"، دبلوم الدرسات العليا المعمقة، الدارالبيضاء، سنة 2006-2007

 الركن الثاني: مقالات المجلات
*  اعبيزة عبد الغني، "التطور الدستوري لوسائل المراقبة البرلمانية بالمغرب"، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، عدد 115، مارس-ابريل 2014
*  حميجو إبراهيم، "تعليق أولي على مشروع القانون التنظيمي للجماعات رقم 14- 113"، الجريدة الإلكترونية القانونية، عدد 222، نشر بتاريخ : 2015-07-08.
*  حضراني أحمد، "دستور 2011 على محك مسودة القانون التنظيمي حول الجهة..ما مدى التنزيل الدستوري للدستور؟"، الجريدة الإلكترونية القانونية، عدد 139، نشر بتاريخ : 2014-12-09.
*  مفيد احمد، " الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في الدستور المغربي الجديد"، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، عدد 102، يناير-فبراير 2012.
*  أحمد غزال: "قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي 066.13 المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 117-118، يوليوز أكتوبر 2014.

الركن الثالث : النصوص التشريعية و التنظيمية
*    دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
*  الجريدة الرسمية رقم 5397 الصادرة يوم الإثنين 20 فبراير 2006 ظهير شريف رقم 18-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006)  بتنفيذ القانون رقم 04-36 المتعلق بالأحزاب السياسية.
*    القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
*    القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.
*    القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعملات والأقاليم.
*    القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات والمقاطعات.
*    القانون التنظيمي رقم 13-066 المتعلق بالمحكمة الدستورية.
*  قرار المجلس الدستوري رقم 2011-818 الصادر بتاريخ 20 اكتوبر 2011 بشأن القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالاحزاب السياسية، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، سلسلة "نصوص ووثائق"، عدد 285، 2016
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
 [1] المادة 4 من القانون التنظيمي 11-29 كما تم تتميمه وتغييره بمقتضى القانون التنظيمي 15-35 المتعلق بالاحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.89 بتاريخ 16 يوليوز 2015.
[2] المادة 6 من نفس القانون التنظيمي.
[3]  قرار المجلس الدستوري رقم 2011-818 الصادر بتاريخ 20 اكتوبر 2011 بشأن القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالاحزاب السياسية، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، سلسلة "نصوص ووثائق"، عدد 285، 2016.
[4] المادة 5 من نفس القانون التنظيمي.
[5]  الجريدة الرسمية رقم 5397 الصادرة يوم الإثنين 20 فبراير 2006 ظهير شريف رقم 18-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006)  بتنفيذ القانون رقم 04-36 المتعلق بالأحزاب السياسية.
[6]  إذ سبق للمحكمة الإدارية أن قضت بحق أي عضو في أي حزب في تغيير انتمائه الحزبي بعد نجاحه بتزكية من ذلك الحزب، وهو الاتجاه الذي أكدته محكمة الاستئناف الإدارية. وهو ما نظر إليه من قبل الفاعلين السياسيين كموقف لتشجيع الترحال و ليس لمحاربته .
غير أن المجلس الأعلى عندما أحيل عليه الطعن في ذلك القرار ألغى قرار محكمة الاستئناف، واعتبر أن المادة 5 يجب أن تطبق حتى في الانتخابات الجماعية، وبالتالي لا يحق لمن ترشح في أي انتداب انتخابي أن يغير حزبه بعد نجاحه سواء في الجماعات أو في البرلمان.(قرار 207 بتاريخ 24 - 03 - 2011 ملف اداري 7 - 4 - 1 - 2010 قضية جبهة القوى الديموقراطية ضد السيد ابراهيم الناموسي)
فعندما نتابع المواقف المتخذة من قبل كل من المحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف الإدارية من جهة والمجلس الأعلى من جهة أخرى، نلاحظ أنها تترجم بالفعل أثر الإشكال المشار إليه، أي كيف نفسر القاعدة القانونية و من يترجم إرادة المشرع الحقيقية. كان تطرح إشكالية من هو الحكم الصحيح و المعبر عن العدالة الحقيقة التي يجب أن يقبل بها المواطن، هل ما قضت به المحكمة الإدارية و محكمة الاستيناف الإدارية، أم ما قضى به المجلس الأعلى. 
إن الجواب على هذا السؤال لا يتأتى من الإطلاع على حيثيات كل مقرر على حدة ومدى صلابة و تماسك منطقه و تعليله، و إنما يتأتى من معرفة من بين تلك المقررات القضائية كان مطابقا لإدارة المشرع.
وفي هذا المجال يمكن القول بأن المقرر الذي طبق إرادة المشرع ليس هو قرار المجلس الأعلى، إنما هو ما ذهبت إليه كل من المحكمة الابتدائية و محكمة الاستئناف الإدارية، لأنهما طبقا إرادة المشرع التي رمت إلى حصر تطبيق المادة 5 في انتخابات البرلمان وليس في انتخابات الجماعات المحلية، وهو ما يتبين بكل وضوح من جواب الحكومة أمام لجنة العدل والتشريع المشار إليه أعلاه.
[7] المادة 32 من نفس القانون التنظيمي.
[8] المادة 31 من نفس القانون التنظيمي
[9] المادة 31 من نفس القانون التنظيمي
[10]  اعبيزة عبد الغني، "التطور الدستوري لوسائل المراقبة البرلمانية بالمغرب"، مرجع سابق، ص 183
[11]  الفصل 40 من دستور 1992.
[12]  الفصل 42 من دستور 1996.
[13]  الفصل 60 من دستور 2011.
[14]  المادة 2 من القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
[15]  أودنكاي علي،" دور لجان تقصي الحقائق في حماية المال العام بالمغرب"، دبلوم الدرسات العليا المعمقة، الدارالبيضاء، سنة 2006-2007، ص :52.
[16]  تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق (الفصل 42 من دستور 1996). 
[17]  مفيد احمد، " الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في الدستور المغربي الجديد"، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية، عدد 102، يناير-فبراير 2012، ص 17.
[18] - الظهير الشريف رقم 139-14-1 بتاريخ 16 شوال 1435 الموافق 13 غشت 2014 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 13-006 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الجريدة الرسمية عدد 6288 بتاريخ 8 ذو القعدة 1435 الموافق 11 شتنبر2014.
[19]- يضيف الفصل 130 من الدستور أنه إذا تعذر على المجلسين أو على أحدهما انتخاب هؤلاء الأعضاء داخل الأجل القانوني للتجديد، تمارس المحكمة اختصاصاتها، وتصدر قراراتها، وفق نصاب لا يحتسب فيه الأعضاء الذين لم يقع بعد انتخابهم. وأشارت المادة الثالثة من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية أنه عند أول تعيين لأعضاء المحكمة الدستورية، يعين:
·         ثلث أعضاء كل فئة لمدة ثلاث سنوات
·         الثلث الثاني لمدة ست سنوات
·         الثلث الأخير لمدة تسع سنوات.
[20] - تنص المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري على:
"يتألف المجلس الدستوري من:
·         ستة أعضاء يعينهم الملك.
·         ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الفرق.
·         ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين بعد استشارة الفرق.
يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين الأعضاء الذين يعينهم.
تنشر بالجريدة الرسمية الظهائر الشريفة والقرارات الصادرة بتعيين رئيس وأعضاء المجلس الدستوري".
[21] - أحمد غزال: "قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي 066.13 المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 117-118، يوليوز أكتوبر 2014، ص:69
[22] - حسب الفقرة الأخيرة من المادة 27 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، إذا صرحت المحكمة الدستورية أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإنه لا يمكن المصادقة عليه.
[23] - أحمد غزال: "قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم 066.13"، مرجع سابق، ص:75.
[24] - أحمد غزال: " قراءة حول اختصاصات المحكمة الدستورية وفقا للقانون التنظيمي رقم 066.13، مرجع سابق، ص:70.
[25]  حضراني أحمد، "دستور 2011 على محك مسودة القانون التنظيمي حول الجهة..ما مدى التنزيل الدستوري للدستور؟"، الجريدة الإلكترونية القانونية، عدد 139، نشر بتاريخ : 2014-12-09، بتصرف http://www.alkanounia.com
[26]  انظر القانون التنظيمي للجهات، ص ص: 37 – 44.
[27]  حميجو إبراهيم، "تعليق أولي على مشروع القانون التنظيمي للجماعات رقم 14- 113"، الجريدة الإلكترونية القانونية، عدد 222، نشر بتاريخ : 2015-07-08، http://www.alkanounia.com
[28]  حضراني أحمد، دستور 2011 على محك مسودة القانون التنظيمي حول الجهة..، سبق ذكره.
[29]  المقال نفسه، بتصرف.
[30]  المقال نفسه.
[31]  حميجو إبراهيم، تعليق أولي على مشروع القانون التنظيمي للجماعات..، سبق ذكره، بتصرف.
[32]  حضراني أحمد، دستور 2011 على محك مسودة القانون التنظيمي حول الجهة..، سبق ذكره.
[33]  المقال نفسه.
[34]  المقال نفسه، بتصرف.                                     
[35]  حميجو إبراهيم، تعليق أولي على مشروع القانون التنظيمي للجماعات..، سبق ذكره، بتصرف.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات