القائمة الرئيسية

الصفحات

بحث حول المعاهدات الدولية

بحث حول المعاهدات الدولية

بحث حول المعاهدات الدولية
بحث حول المعاهدات الدولية

المقدمة
بدا ظهور المعاهدات الدولية كوسيلة اتصال بين الشعوب مند العصور القديمة ،حيث عرفت مند مصر الفرعونية وبابل وأشور ،حيث كانت في شكل معاهدات تحالف او صلح بحيث كانت تحكم عملية إبرام المعاهدات قواعد العرف الدولي .
لقد سعى العرف الدولي الى وضع قواعد منظمة للإجراءات المتعلقة بالمعاهدات والتي كانت كلها إجراءات عرفية و قد تم تدوين جميع هده الإجراءات ودلك عن طريق لجنة القانون الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع مشروع لقانون المعاهدات الدولية عام1969 م و صلب معاهدة فيينا حول قانون المعاهدات و تسمى بـ " اتفاقية فيينا للمعاهدات " و دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ عام 1980م و هي تعتبر اليوم المرجع الأساسي و القاعدة العامة فيما يتعلق بالمعاهدات بين الدول المختلفة من حيث أطرافها ومن موضوعاتها ومن حيث الإجراءات المتبعة بشأنها
لكن هذه المعاهدة أكتفت بتدوين قانون المعاهدات المبرمة بين الدول فقط و لذلك وقع لاحقاً إبرام معاهدتان لاحقتين مكملتين للمعاهدة الأولى و هما معاهدة فيينا حول تعاقب الدول في المعاهدات عام 1978م .


و معاهدة فيينا حول المعاهدات المبرمة بين الدول و المنظمات الدولية و بين المنظمات الدولية فيما بينها عام 1986 م. طبعاً أهمها معاهدة فيينا للمعاهدات عام 1969
وتدور الدراسة الآتية لإبراز تلك الإجراءات المتخذة بشان هده المعاهدات والظروف الدولية الداعية لدلك والمتحكمة في مجرياتها وحقيقة أهدافها .
وعليه ماهي هده الإجراءات و المراحل التي على إثرها تبرم المعاهدة ؟
وتبنى هده الدراسة على ما يخص الموضوع من انواع هده المعاهدات و شروط انعقادها من شروط شكلية المتمثلة في المفاوضات ثم التحرير فالتوقيع والتصديق والتحفظات وأخيرا التسجيل والنشر بجانب الشروط الموضوعية المتطلبة لصحة إبرامها والمتمثلة في الأهلية وسلامة الرضا ومشروعية المحل والسبب ويأتي تطبيق المعاهدات الدولية مثيرا للعديد من المشاكل منها ما يتعلق بالسريان الزماني والمكاني ومن حيث الأشخاص، ومسالة تعاقب المعاهدات الدولية ، وسمو المعاهدات ومكانتها أمام القاضي الوطني، وكدا تفسيرها ومراجعتها وتعديلها ،وأخيرا بطلانها او انتهائها او تعليق تنفيذها
وتقسم هده الدراسة وفق الخطة التالية

المبحث الاول : مفهوم المعاهدة


لعبت الاتفاقية الدولية دورا لايمكن إنكاره في تطور القانون الدولي العام في شتى المجلات ابتداء من مسائل الحرب والسلام انتهاء بالتعاون الاقتصادي والمساعدات الفنية لهذا نرى ان المعاهدات الدولية تحتل المكانة الدولية الأولى في تنظيم العلاقات الدولية وعليه فالمعاهدة الدولية عدة أنواع ومبنية على شروط محدد.

المطلب الأول : تعريف المعاهدة وخصائصها 

« ويقصد بالمعاهدة الدولية او الاتفاق الدولي بالمعنى الواسع توافق إرادة شخصين او أكثر من أشخاص القانون الدولي على إحداث آثار قانونية معينة طبقا لقواعد القانون الدولي. »(1)
وتعني المعاهدة الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي سواء تضمنته وثيقة واحدة او وثيقتان واو أكثر .
« تعرف المعاهدة الدولية على انها اتفاق مكتوب يتم بين أشخاص القانون الدولي بقصد ترتيب اثار قانونية معينة وفقا لقواعد القانون الدولي العام » (2)
« وتعرف المعاهدة على انها اتفاق يكون أطرافه الدول او غيرها من أشخاص القانون الدولي ممن يملكون أهلية إبرام المعاهدات ويتضمن الاتفاق إنشاء حقوق والتزامات قانونية على عاتق أطرافه كما يجب ان يكون موضوعه تنظيم علاقة من العلاقات التي يحكمها القانون الدولي »(3)
خصائصها يتضح من هذا التعريف ما يلي:

1ـأن الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق يعبر عن التقاء إرادات موقعيها على أمرٍ ما، فهي ذات صفة تعاقدية لغرض إنشاء علاقة قانونية بين الأطراف المتعاقدة. لذلك تخرج عن وصف الاتفاقية الدولية أو المعاهدة الوثائق الدولية التالية:
- المذكرة: هي وثيقة دبلوماسية تحتوي على خلاصة وقائع معينة مثارة بين دولتين أو بين دولة ومنظمة دولية أو ما شابه ذلك.
- الاقتراح: هو وثيقة تتضمن إيجاباً أو عرضاً من دولة لأخرى.
- الكتاب الشفوي: وهو وثيقة غير موقعة تتضمن خلاصة محادثات بشأن حادث معين أو ما شابه ذلك. المحضر: وهو السجل الرسمي لمحاضر اجتماعات مؤتمرٍ ما أو إجراءاته أو النتائج غير الرسمية التي توصل إليها الممثلون المجتمعون. (4)
- التسوية المؤقتة: وهو اتفاق مؤقت يُرغب في استبدال غيره به فيما بعد، باتفاق أكثر دقة ووضوحاً. وتعقد التسوية المؤقتة عندما لاتريد الدولتان الارتباط فوراً بالتزامات دائمة ومطلقة، والغرض منها معالجة الصعوبات الوقتية المستعجلة.
- تبادل المذكرات: وهو أسلوب غير رسمي تحاول الدول بموجبه التعاون على إيجاد تفاهم بينها، أو الاعتراف ببعض الالتزامات الواجبة عليها.
- التصريحات الوحيدة الطرف: هي بيانات تصدرها دولة من جانبها توضح فيها موقفاً معيناً من مسألة ما.

2ـ الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق مكتوب ولذا لاتعد الاتفاقات الشفوية ولاسيما ما يعرف باتفاقيات الجنتلمان أو ما يسميه بعضهم «اتفاقيات الشرفاء» معاهدات بالمعنى الدقيق للمصطلح مع أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المبرمة عام 1969 لم تنكر ما قد يكون لهذه الاتفاقات الشفوية من قيمة قانونية. ومثال اتفاقات الجنتلمان الاتفاق الشفوي الحاصل عام 1945على توزيع المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن بين دول المناطق الجغرافية المختلفة. وقد عدل باتفاق شفوي آخر في عام 1964 بعدما ارتفع عدد هذه المقاعد غير الدائمة من ستة مقاعد إلى عشرة عقب تعديل الميثاق الذي أصبح نافذاً في 1965.أما إذا كان الاتفاق ين شخصين دوليين أو أكثر مكتوباً فيعدّ اتفاقية دولية مهما كانت الصيغة التي كتب بها ومهما تعددت الوثائق التي تضمنته، بغض النظر عن الاسم الذي يطلق عليه. فقد يسمى معاهدة او اتفاقية أو ميثاقاً أو عهداً أو صكاً أو دستوراً أو شرعة أو غير ذلك بحسب ما يتفق الفرقاء. فمعاهدة المعاهدات لعام 1969 مثلاً سميت «اتفاقية فيينة لقانون المعاهدات».
-أما تعبير بروتوكول في مجال الاتفاقيات الدولية، فقد يطلق على خلاصة محاضر الاجتماعات التي أدت إلى توقيع المعاهدة، وقد يطلق على ملحق الاتفاقية، وقد يطلق على الاتفاقية ذاتها.
3ـوالاتفاقية الدولية بين شخصين دوليين أو أكثر، وهذا يعني أنها قد تكون بين دول، وقد تكون بين دولة ومنظمة دولية، وقد تكون بين منظمات دولية. وفي حين نظمت اتفاقية فيينة لعام 1969 المعاهدات بين الدول، فإن اتفاقية أخرى أعدتها لجنة القانون الدولي وتم إقرارها في 1989 نظمت المعاهدات التي تكون المنظمات الدولية أحد أطرافها. والمعاهدتان متشابهتان في الجوهر مع مراعاة خصوصية المنظمة الدولية على أنها شخص دولي اعتباري على خلاف الدول التي تُعد تجاوزاً، الشخص الطبيعي في العلاقات الدولية. ويطلق على اتفاقية فيانا لعام 1969 اسم «معاهدة المعاهدات» لأنها الأساس الذي انبنت عليه المعاهدة الثانية.
وعلى هذا الأساس فالمعاهدات المعقودة بين الفاتيكان وإحدى الدول الكاثوليكية والتي تسمى اتفاقيات بابوية (كونك وردات هي معاهدات بالمعنى الصحيح للكلمة، مثلها في ذلك مثل أية معاهدة يعقدها البابا، بوصفه رئيساً لدولة الفاتيكان، مع أية دولة أخرى، بعدما اعترفت له معاهدة لاتران لعام 1969 بالصفة الدنيوية إضافة لصفته الدينية، وألغت بذلك قانون الضمانات الذي حصر صلاحياته بالأمور الدينية.
4ـوالمعاهدة هي الاتفاق الذي من شأنه أن ينشئ حقوقاً والتزامات متبادلة بين الأطراف المرتبطة، يحكمها القانون الدولي العام. (5)

المطلب الثاني أنواع المعاهدات

الفرع الأول: تصنيف المعاهدات من حيث عدد الدول الأطراف

تضف المعاهدات من هذه الناحية الى معاهدات ثنائية ومعاهدات جماعية أو متعددة الأطراف وتعقد بين عدة دول

اولا : معاهدات ثنائية

أدا كانت المعاهدة ثنائية كانت المشكلة الناجمة عن التحفظات قليلة ا ان الطرف الأخر إما ان يبرم الاتفاقية مع التحفظات المضافة إليها وإما ان يرفض إبرامها وبالتالي يقضي عليها .
والراجح فقهيا ان التحفظ على المعاهدات الثنائية من الأمور الجائزة سواء سمحت به المعاهدة موضوع التحفظ ام لم تسمح وانه يعتبر في جميع الأحوال بمثابة إيجاب جديد او اقتراح بالتعديل ومن ثمة يتوقف مصيره بل ومصير المعاهدة بكاملها على موقف الطرف الأخر ان شاء قبلها بصورتها الجديدة وان شاء رفضها مع التحفظ عليها ، ومن المتفق عليه في هدا المجال ان قبول التحفظ كما يتم صراحة قد يتم أيضا بطريقة ضمنية وان السكوت عن رفض التحفظ صراحة يعتبر بعد مضي اثنا عشر شهرا من تاريخ استشارة الدولة بالتحفظ او التاريخ الذي أعلن لبدء نفاد الالزام بمثابة القبول الضمني له . (6)

ثانيا : معاهدات متعددة الأطراف (جماعية)

المعاهدات الجماعية تشترك في ان عدد أطرافها يزيد عن دولتين ،وهي قد تكون من حيث المدى الجغرافي إقليمية وقد تكون دات اتجاه عالمي ،وتنشا المنظمات الدولية عن هدا النوع من المعاهدات الذي تطبق عليه اتفاقية فيينا كما تنطبق على أي معاهدة تعتمد في نطاق منظمة دولية (المادة 5 من اتفاقية فينا ) .
وتعد معاهدة باريس التي وضعت نهاية حرب القرم والمعقود في 30 مارس 1856 اول اتفاقية جماعية تم التفاوض عليها مباشرة وبهده الصفة وقد وقع على الاتفاقية الدول المتحاربة ودولتان محايدتان هما بروسيا والنمسا
وكانت المعاهدات الجماعية تنعقد خلال القرن التاسع شر في مؤتمرات دبلوماسية تلتئم لتنظيم المسائل ذات المصلحة المشتركة ولا تزال هده الطريقة تستخدم حتى الوقت الراهن ولكن أهميتها أصبحت تتراجع امام ظاهرة إعداد المعاهدات الجماعية في نطاق (داخل) المنظمات الدولية ،أي على حد إحدى الهيئات او فرع منظمات التي تمثل فيها الدول الأعضاء او تحت رعاية هده المنظمات
وعدد المعاهدات الجماعية كبير للغاية ،لكنه أقل من المعاهدات الثنائية وهي من حيث الموضوع قد تكون دات طبيعة سياسية أو عسكرية أو حربية أو اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية .......
وقد تتعلق بالمجال الدولي غير انها تتضمن في كثير من الأحيان قواعد قانونية موضوعية أو غير شخصية وتنصرف الى مسائل تتصل بالمصلحة العامة لمجموع الدول.
والواقع أنه لا يوجد فارق بين كلا النوعين السابقين من المعاهدات من حيث الاثار القانوني . (7)

الفرع الثاني : تصنيف المعاهدات من حيث الطبيعة.

ابرز بعض الفقهاء مند زمن طويل الوظائف التي تؤديها المعاهدات الدولية وعدم خضوعها لنظام قانوني موحد و يرى هؤلاء ان المعاهدات تنقسم من الناحية المادية أو من حيث المهمة الى معاهدات شارعة عامة ومعاهدات عقدية خاصة (

اولا : المعاهدة الشارعة

هي الاتفاقيات دات الطبيعة الشارعة فهي التي يهدف اطرافها من وراء ابرامها سن قواعد دولية جديدة تنظم العلاقات بين الاشخاص القانون الدولي ولما كانت القاعدة القانونية قاعدة عامة بطبيعتها فمن غير الممكن اعتبارها معاهدة شارعة في ابرامها عدد كبير من الدول
والمعاهدة الشارعة هي وثيقة تعلن الدول بمقتضاها عن ارتضائها بحكم معين من الاحكام القانونية فهده المعاهدات في حقيقتها تشريع اكتسى ثوب المعاهدة لانها لا تستمد قوتها من اتفاق المخاطبين بها ،وانما من صدورها عن مجموعة الدول الكبرى الممارسة للسلطة العليا في المجتمع الدولي نيابة عن الجماعة الدولية ، ومن أمثلة المعاهدات الشارعة ،اتفاقية فيينا سنة 1815 اتفاق البريد العالمي سنة 1874، واتفاق لاهاي 1899،وعصبة الأمم 1920،وميثاق الأمم المتحدة 1945،
وعليه فان المعاهدات الشارعة هي تلك التي يتولد عنها أحداث مراكز قانونية بالنسبة للدول لكونها صادرة عن اجماع دولي فان قواعدها يضفي عليها نوع من الأهمية . (9)

ثانيا :المعاهدات العقدية

فالاتفاقيات التي تعد من العقود هي تلك التي تبرم بين الأشخاص القانون الدولي في امر خاص بهم ،أي بين دولتين او عدد محدد من الدول او بين شخص دولي فرد او هيئة خاصة ،ويراعي ان الأشخاص الدين يبرمون هدا النوع من الوفاق بإرادتهم الخاصة لا يلزم بطبيعة الحال غير المتعاقدين والدي لا يتعدى اثر أساس الدول غير الموقعة عليه لانها ليست طرفا فيه كما ان هده الاتفاقيات تحكمها في مظاهرها الأحكام والقوانين الخاصة ،بمعني أخر ان الأشخاص القانون الدولي لا يستطعون إبرام هده الاتفاقيات الخاصة مالم تكن متفقة في جوهرها مع احكام القانون الدولي والا تعرضت للمسؤولية الدولية ،ومثال المعاهدات العقدية :معاهدات التحالف والصلح ، وتعيين الحدود والمعاهدات التجارية والثقافية وتبادل المجرمين . (10)

الفرع الثالث: تصنيف المعاهدات من حيث إجراءات الإبرام (من حيث الشكل) 

تنقسم المعاهدات من حيث أسلوب التعبير عن الرضا النهائي والالتزام بها الى معاهدات بالمعنى الضيق أو الشكلي ومعاهدات تنفيدية.

اولا : المعاهدات بالمعنى الضيق (معاهدات مطولة او ارتسامية )

وتكون هده المعاهدات شكلية (مطولة) لا تنعقد الا بعد ان تمر بثلاثة مراحل المفاوضة التوقيع والتصديق . (11)

ثانيا : معاهدات مبسطة او تنفيدية

عادة ما يكون الاتفاق التنفيذي في أكثر من أداة قانونية ،فهو يتم التبادل الرسائل او المذكرات او الخطابات او التصريحات أو بالتوقيع على محضر مباحثات ويشترط في ابرامها المرور بمرحلتين فقط المفاوضة والتوقيع ولا يلزم لنفادها التصديق عليها من السلطة المختصة بابرام المعاهدات (رئيس الدولة عادة ) ، بل تنفد بمجرد التوقيع عليها من وزير الخارجية أو الممثلين الدبلوماسيين أو الوزراء الآخرين او الموظفين الكبار في الدولة ولاعتبارات عملية واضحة تزايد عدد الاتفاقيات التنفيذية في الوقت الراهن وربما ياخد أكثر من نصف التعهدات الدولية حاليا هدا الشكل من المعاهدات . (12)
وفي هده المعاهدة المبسطة التي لا تستوجب التصديق لكفاء التوقيع على دخولها حيز النفاد ودلك لا يعني ان الدستور يكون متمثلا من خلال المجلس التشريعي للدولة . (13)
- هذا التصنيف لا يخلو من نقائص متمثلة في الآتي :
ففي معاهدة واحدة يمكن أن نجد في نفس الوقت قواعد شارعة و قواعد عقدية مثلاً : ( في إتفاقية قانون البحار نجد فيها في الآن نفسه قواعد شارعة و قواعد عقدية في آن واحد معاً ، شارعة مثل طريقة ضبط الحدود البحرية بين الدول و العقدية مثل القواعد المتعلقة بالتعاون بين الدول المطلة على البحار و الدول التي ليس لها سواحل ) ، و من ناحية أخرى نجد أنه لا ينتج آثر قانوني معين سواءً كانت شارعة ام عقدية كلها لها نفس الآثر القانوني .(14)

المطلب الثالث : شروط انعقاد المعاهدة

الفرع الأول :الأهلية

يملك أشخاص القانون الدولي العام أي الدول والبابا والمنظمات الدولية أهلية إبرام المعاهدات ، وعلى دلك لا تعتبر معاهدة دولية الأعمال التي يأتيها الأشخاص القانون الداخلي حتى لو اتخذت في بعض الظروف شكل المعاهدات ،وبما ان إبرام المعاهدات هو مظهر من مظاهر السيادة للدولة فان الدولة ناقصة السيادة لا يجوز لها إبرام المعاهدات الا في حدود الأهلية الناقصة وفقا لما تتركه لها علاقة الشعبية من الحقوق لدا يجب دائما الرجوع الى الوثيقة التي تحدد هده العلاقة لمعرفة ما ادا كانت الدولة ناقصة السيادة تملك إبرام معاهدة معينة ،غير انه ادا حدث وأبرمت دولة ناقصة السيادة معاهدة ليست أهلا لإبرامها لا تعتبر هده المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا وإنما تكون فقط قابلة للبطلان بناءا على طلب الدولة صاحبة الولاية على الشؤون الخارجية للدولة التي أبرمت المعاهدة فلها ان شاءت ان تبطلها وان شاءت ان تقرها اما بالنسبة للدول الموضوعية في حالة حياد دائم فلا يجوز لها ان تبرم من المعاهدات ما يتنافى مع تلك الحالة كمعاهدة التحالف والضمان اما الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي (الولايات ،الأقاليم ،الكاثونات )فيرجع بالنسبة لها الى الدستور الاتحاد المعروف ،لمعرفة ما ادا كانت كل منها تملك إبرام المعاهدات على انفراد ام لا .
وفي العادة لا تجبر الدساتير الاتحادية دلك وإنما تحتكر الحكومة المركزية مثل هده المواضيع .
اما بالنسبة لأشخاص القانون الدولي عدا الدول ،كالبابا والمنظمات الدولية فهم يملكون حق عقد المعاهدات التي تتفق مع الاختصاص المحدد والمعترف به لهم .
اما بالنسبة للسلطة التي تملك إبرام المعاهدات في داخل الدولة فهدا ما يحدده دستور الدولة نفسها . (15)

الفرع الثاني :الرضــــا

من المتفق عليه في النظم القانونية الداخلية ان العقد قوامه الإرادة التي يفصح عنها الأطراف من كامن النفس إلى العالم الخارجي والتي جاءت نتيجة لإحداث اثر قانوني معين والإرادة المقصودة هي الإرادة الحرة السليمة البريئة ،ومع هدا فان الرضا تشوبه عيوب تعرف بعيوب الرضا والمتمثلة في الغلط،، التدليس ، الإكراه ، إفساد ذمة ممثل دولة ،المحل . (16)

أولا : الغــلـــط 

ان إصلاح الغلط في المعاهدات الدولية له معنيان اثنان
الأول الغلط في صياغة نص المعاهدة فادا ما ظهر بعد إضفاء الصفة الرسمية على المعاهدة أنها تحتوي على خطا ، فالإجراءات في هده الحالة هو تصحيح الخطأ .
والثاني هو الغلط في الرضا ادا كان يتصل بواقعة معينة او موقف معين كان من العوامل الأساسية في ارتضاء الأطراف الالتزام بالمعاهدة . (17)

ثانيا : التدليـــس

يمكن تسمية التدليس او الغش بالتغيير او الخداع وهي من الأسباب المفسدة للرضا التي تدعوا إلى إلغاء والغش والتدليس يفترض وجود عمل ايجابي يدفع احد الأطراف في المعاهدة على فهم امر على غير حقيقة مما يسهل عليه التوقيع على المعاهدة هدا العمل الايجابي يتمثل في سلوك تدليسي بقصد حمل احد الأطراف على فهم امر معين على غير حقيقته ،ومن ثم يكون قبوله للمعاهدة بناءا على هدا الفهم الخاطئ ،أي النتيجة المؤدية لهدا السلوك التدليسي المعتمد أساسا على نية مبينة قائمة على التحايل وادا كان القضاء الدولي قد أخد بالتدليس او الغش كسبب من أسباب بطلان المعاهدات ،الا ان دلك كان محدودا ، ومن الأمثلة على دلكما حكمت به محكمة نورمبورغ العسكرية بخصوص اتفاق ميونخ المبرم بين ألمانيا وفرنسا و بريطانيا سنة 1938حيث قضت المحكمة بان الحكومة الألمانية .
قد سلكت مسلكا تدليسي عند إبرام هدا الاتفاق ولم يكن في نيتها احترامه ،وكان هدفها الأساسي طمأنة بريطانيا وفرنسا حتى تتمكن من ضم بوهيمياو ،مورافيا نتيجة فصلها عن تشيكوسلوفاكيا وقد استندت محكمة نورمبورغ في حكمها على الوثائق الرسمية للحكومة الألمانية سنة1945
وقد اخدت المادة 49 من اتفاقية قيينا لقانون المعاهدات بمبدأ جواز إبطال المعاهدات بسبب الغش او التدليس حيث نصت على« يجوز للدولة التي يدفعها السلوك التدليسي لدولة متفاوضة أخرى إلى إبرام معاهدة أن تستند إلى الغش كسبب لإبطال ارتضاءها الالتزام بالمعاهدة » . (18)

ثالثا : إفساد ذمة ممثل الدولة

يقصد بدلك التأثير على ممثل الدولة بمختلف وسائل الإغراء المادية والمعنوية كي ينصرف وفق رغبات الطرف الأخر صاحب المصلحة في ابرام المعاهدة على نحو معين لم تكن لتقبله الدولة التي يمثلها لو انها كانت على علم بكافة الأوضاع والملابسات المتصلة بالمعاهدة على حقيقتها ومن هده الوسائل تقديم الهدايا المالية والعينية كرشوة ،او دفع المفاوض الى الانغماس في الملذات الشخصية .
ويتميز عيب إفساد ذمة ممثل الدولة عن الغلط والتدليس كون ممثل الدولة ضحية مناورات خارجية أساسها سوء نية الطرف الأخر لحمله الارتضاء بالمعاهدة أما في حالة الإفساد فان ممثل الدولة يدرك ويعلم ان موقفه يتعارض مع مصالح دولته ولكنه يتفاوض عن دلك نتيجة لمقابل يحصل عليه . (19)

رابعا : الإكراه

يؤدي الإكراه إلى إفساد التصرفات القانونية فتنعدم الإرادة الحرة والمستقلة للممثلين فيحملهم الإكراه الذي يمارس على القبول بما يفرض عليهم من الالتزامات الإكراه الذي يقع على الممثلين لا يكون الا بالنسبة الى المعاهدات التي تسري أحكامها من تاريخ التوقيع (20)
كما يصعب اللجوء إلى هدا النوع من من الإكراه بالنسبة إلى المعاهدات التي تشترط التصديق ،هدا الإكراه في الحقيقة هو إكراه غير مباشر يقع على الدولة ويتخذ هنا الإكراه شكل أفعال وتهديدات موجهة الى هؤلاء الممثلين .
وقد نصت اتفاقية فيينا على بطلان المعاهدات التى تبرم نتيجة لإكراه اما الإكراه الذي يقع على الدولة فانه يثير العديد من المسائل لا يترتب على هدا الإكراه إبطال المعاهدات اد أبرمت نتيجة الحرب والإكراه هو وسيلة ضغط تمارسها دولة مفاوضة من اجل إبرام معاهدة والإكراه قد يقع على الممثل او على الدولة ذاتها فالإكراه الذي يمارس على المفاوض من شانه ان يكون سببا في إبطال المعاهدة .
والإكراه الذي يقع على الدولة ياتي مصحوبا بالقوة و هو الأكثر خطورة من الإكراه الذي يقع على ممثليها ، لانه في الغالب يكون بالتهديد . (21)

الفرع الثالث : المــــــحـل

يقصد بمشروعية المحل وسبب المعاهدة بعدم وجود تعرض بين موضوع المعاهدة والفرض منها وبين أي من قواعد القانون الدولي الامرة العامة المقبولة والمعترف بها في الجماعة الدولية كقواعد لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها الا بقواعد جديدة من قواعد القانون الدولي العام لها دان الصفة فكل معاهدة تتعارض مع هده القواعد تعتبر باطلة ولا يعتد بهاJus cogens
وهدا قد نصت المادة 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 او عام 1986 على « تعتبر المعاهدة لاغيه ادا كانت وقت عقدها تتعارض مع قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام »
وفي تطبيق هده الاتفاقية يراد بالقاعدة القطعية من قواعد القانون الدولي العام اية قاعدة مقبولة ومعترف بها من المجتمع الدولي ككل بوصفها قاعدة لا يسمح بالأشخاص منها ولا يمكن تغييرها الا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام ويكون لها نفس الطابع وليس دلك فحسب بل ان المادة 64 من ذات الاتفاقية ذهبت الى ابعد من دلك حيث نصت على « ادا ظهرت قاعدة قطعية جديدة في القانون الدولي العام تصبح ايه معاهدة قائمة تخالف هده القاعدة لاغيه ومنتهية »
وهدا عكس الحال في الإسلام حيث ان الشريعة الإسلامية لا تعترف بوجود قواعد أمرة لاحقة بحكم انها صالحة لكل زمان ومكان وثابتة التطبيق والسريان كما ان مسالة عدم مشروعية المعاهدات في الشريعة الإسلامية يتجاوزه القانون الوضعي حيث لا تجبر إبرام معاهدات التحالف والمعاهدات العسكرية مع الكفار لان هدا النوع من المعاهدات يتعارض مع مقاصدها الحقيقية التي ترفض عقد المسلمين لها والأمثلة على عدم مشروعية موضوع المعاهدة حكم احد المحاكم العسكرية المشكلة في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية بأنه ادا كان« لافال » رئيس وزراء فرنسا وسفير حكومة فيشي في برلين قد ابرم مع ألمانيا اتفاقية حول استخدام أسرى الحرب الفرنسيين في المصانع الألمانية فالمحكمة قضت بان الاتفاق يعد باطلا لكونه جاء مخالفا للآداب والأخلاق العامة الدولية.
ومن الأمثلة على عدم مشروعية المعاهدة خاصة ان موضوعها مخالف للآداب العامة الدولية ،الاتفاق الفرنسي الانجليزي و الإسرائيلي المعقود في سيفر والدي كان موضوعه الاعتداء على مص في 29 أكتوبر 1956 . (22)

المبحث الثاني :إبرام المعاهدة وأثارها


يخضع إبرام المعاهدات إلى عديد من الإجراءات و تمر المعاهدة قبل بداية نفاذها بعدة مراحل فلا تعتبر المعاهدة مستوفية لجميع شروطها إلا بعد تعبير الأطراف عن رضاهم النهائي بالالتزام ببنودها و المراحل هي كالآتي

المطلب الأول :إجراءات إبرام المعاهدة

تعتبر المعاهدة تصرف رضائي يتم بشكل معين حتى يمكن وصفها بالمعاهدة الدولية بالمعنى الضيق ، ولدالك فالمعاهدة بهدا المفهوم تمر بعدة مراحل لإبرامها (عقدها) بدءا بمرحة المفاوضة والتحرير مرورا بالتوقيع وانتهاء بالتصديق والتحفظ وقد تمر بمرحة أخرى هي التسجيل والنشر . (23)

الفرع الاول : المفاوضة

وتسبقها مرحلة الاتصالات وهي اتصال الدولتين او العديد من الأطراف للاتفاق مبدئياً على موضوع المعاهد والإجراءات اللازمة لانعقادها. (24) ثم المفاوضة هي تبادل وجهات النظر بين ممثلي دولتين او أكثر والراغبة في ابرام تلك المعاهدة الدولية من اجل محاولة الوصول الى اتفاق فيما بينهما بشان مسالة معينة من المسائل .
ثم ليست للمعاهدة نطاق معين ، فقد يكون موضوعها تنظيم العلاقات السياسية بين الدولتين المتفاوضتين ،وقد يكون موضوعها الشؤون الاقتصادية او العلاقات القانونية القائمة بينها ،وقد تكون موضوع المفاوضة تبادل وجهات النظر بين الدولتين وبالطرق السلمية . (25)
كما ليس للمفاوضة شكل محدد يجب أتباعه ،ثم قد يقوم بالتفاوض رؤساء الدول او رؤساء الحكومات او وزراء الخارجية للدول او بعض المندوبين الدبلوماسيين
وصيغة التفويض تختلف باختلاف الدول وتغاير أحكام الدساتير القائمة فيها ، وهي على وجه العموم مستندا مكتوب صادر من رئيس الدولة ،يحمله المفاوض لإثبات صفته والسلطات التي يخولها له رئيس الدولة في الإفصاح عن وجهة نظر الدولة . (26)

الفرع الثاني : تحرير المعاهدة

بعد التوصل الى اتفاق بشان الأمور والمسائل المتفاوض عنها فانه يتم صياغة كل ما اتفق عليه في شكل مكتوب تمهيدا للتوقيع عليه ، فتحرير تلك المعاهدة يعد شرطا ضروريا للمعاهدة الدولية واثبات الاتفاق الذي من شانه ان يقطع الخلاف في حال وجوده ،ويتكون نص المعاهدة من قسمين أساسيين : (27)
- الـــــديــبــــــاجــة .
- صلب الموضوع .
فالديباجة هي تشمل أسماء الدول المتعاقدة* او أسماء رؤساءها او تحتوي على بيان به أسماء المفوضين عن الدول المتعاقدة وصفاتهم.
وقد عرفت المادة 2/1/ج من اتفاقية فيينا بوثيقة التفويض « الوثيقة الصادرة عن السلطة المختصة في دولة ما بتعيين شخص او أشخاص لتمثيل الدولة في التفاوض بشان نص معاهدة ما او اعتمادها او توقيعها ،او في الإعراب عن موافقة الدولة على الالتزام بمعاهدة او في القيام باي عمل أخر إزاء معاهدة ما. » .
وتعتبر الديباجة وفقا للراي الراجح قسما من اقسام المعاهدة له نفس صفة الإلزام لأحكام المعاهدة .
اما صلب المعاهدة (المنطوق)فيتكون من مجموعة من المواد التي تشكل احكام المعاهدة التي تم الاتفاق عليها وبين أطرافها .
وقد يلحق بالمعاهدة في بعض الأحيان ملاحق تتضمن بعض الأحكام التفصيلية او تنظيم بعض المسائل الفنية ،ولهده الملاحق نفس القوة الملزمة التي تتمتع بها أحكام المعاهدة نفسها . (28)
كما انه أصبح استخدام اللغة في تحرير المعاهدة مسالة لا يختلف بشانها المفاوضون ،اد تجري تحرير نصوص المعاهدة باكثر من لغة ،ولم تعد توجد لغة واحدة في تحرير المعاهدة ولم يعد دلك مشكلة لدى الدول المتعاقدة حيث أصبح بإمكان الدول الموقعة فيي المعاهدة والتي تنتمي الى ثقافة واحدة الى اعتماد اللغة المشتركة للدول المفاوضة ،الا ان المشكلة تبرز ادا كانت الدول مختلفة في ثقافتها ولغتها فهنا تطرح اللغة التي يجري بها التفاوض وبها يتم تحرير المعاهدة . (29)

الفرع الثالث : التـــــوقيـــــــع

بمجرد الانتهاء من مرحلة التفاوض والتحرير ، تاتي المرحلة التالية والمتمثلة في التوقيع على نص هده المعاهدة ،ودلك من قبل المفاوضين لكي يسجلوا ما تم الاتفاق عليه فيما بينهم ويتبنوه ،لدلك فالتوقيع هو المرحلة الأساسية الأولى التي تليها مرحلة التصديق الدستوري . (30)
ويعبر التوقيع عن رضا المفاوضين ، ولا يعني ان المعاهدة أصبحت بدلك نافدة حيث ان التوقيع في المعاهدات الثنائية يفترض موافقة الطرفين ،اما في المعاهدات الجماعية فقاعدة الإجماع لا تطبق ،والموافقة على النص يفرض بالأغلبية. (31)
إلا أن اتفاقية فيينا أوردت حالات استثنائية تكتسب فيها المعاهدة وصف الإلزام بمجرد التوقيع عليها و من دون الحاجة الى التصديق ، حيث نصت المادة 12 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969« موافقة الدول على الالتزام بمعاهدة ما يعبر عنها بتوقيع ممثليها من ما يلي :
- ان يكون للتوقيع هدا الأثر او...
- ثبت بطريقة أخرى ان الدول المتفاوضة متفقة على ان يكون للتوقيع هدا الأثر او...
- تبين عزم الدولة على إضفاء هدا الأثر على التوقيع من وثيقة تفويض او تم التعبير عنه أثناء المفاوضات »(32)
وفي غير هده الحالات لا يكون للتوقيع على المعاهدة أي اثر قانوني ملزم قبل من وقوعها الا بالتصديق عليها وهدا ما يميزها عن الاتفاقيات التنفيذية ذات الشكل المبسط عن المعاهدات بالمعنى الفني الدقيق .
ويتخذ التوقيع شكلين ان يتم بأسماء ممثلي الدول كاملة وقد يكون التوقيع بالأحرف الأولى من أسماء المفاوضين لأسمائهم كاملة وهدا في حالات التردد في الموافقة نهائيا على نص المعاهدة ورغبتهم في العودة الى حكوماتهم قبل التوقيع النهائي . (33)

الفرع الرابع :الـــتصديــــق

يعتبر التصديق على المعاهدة دلك التصرف القانوني الذي يقصد به الحصول على إقرار السلطات المختصة داخل الدولة للمعاهدة التي تم التوقيع عليها /وهده السلطات اما لرئيس الدولة منفردا ، واما لرئيس الدولة مشتركا مع السلطة التشريعية ،واما السلطة التشريعية لوحدها كما لكل دولة إجراءات وطنية تعتمد عليها في عملية التصديق على المعاهدة ،ومع ان النصوص القانونية تختلف اختلافا كبيرا بين دولة وأخرى إلا أنها تشترك في المصادقة على المعاهدة من اجل نفادها . (34)
وقد نصت المادة 2/1/ب من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة1969التصديق بأنه « القبول » ، « الإقرار» ، « الانضمام »
ويعتبر التصديق إحدى الوسائل التي تعبر من خلاله الدولة عن ارتضاءها عن الالتزام بأحكام المعاهدة ،لكن التصديق يعتبر إجراء واجب الإتباع حتى تصبح المعاهدة نافدة ودلك في حالات معينة ،وهدا ما جاء في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدة في المادة 14« تعبر الدولة عن ارتضاءها الالتزام بمعاهدة بالتصديق عليها في الحالات التالية :
- نصت المعاهدة على ان يتم التعبير عن تلك الموافقة بالتصديق ،أو ..
- ثبت بطرقة أخرى ان الدول المتفاوضة قد اتفقت على اقتضاء التصديق ،او..
- وقع ممثل الدولة المعاهدة مع جعلها مرهونة بالتصديق ،او..
- بينت نية الدولة في توقيع المعاهدة مع جعلها مرهونة بالتصديق من وثيقة تفويض ممثليها او تم التعبير عنها أثناء المفاوضات .» (35)
ولقد صاغ الفقه ضرورة التصديق على المعاهدات ،لتنفد في الدائرة الدولية بمسوغات عديدة أهمها :
- إعطاء الدولة فرصة أخيرة للتروي وإعادة النظر قبل الالتزام نهائيا بالمعاهدة .
- تجنب ما قد يثور من خلافات حول حقيقة إبعاد التفويض الممنوح للمفوضين عن الدولة في التفاوض وتوقيع المعاهدة.
- إتاحة الفرص لعرض المعاهدة على ممثلي الشعب في الأنظمة الديمقراطية التي تشترط موافقة السلطة التشريعية على كل المعاهدات او على المهمة منها قبل تصديق رئيس الدولة عليها. (36)

الفرع الخامس : التـــحـــفــــضـــات

التحفظ إجراء رسمي يصدر عن إحدى الدول او المنظمات الدولية ، ودلك عند التوقيع او التصديق او الانضمام إلى معاهدة دولية تسعى من ورائه الى تعديل او استبعاد أحكام معينه في تلك المعاهدة .
فالأثر المباشر للتحفظ هو إلغاء الحكم القانوني الوارد في نص او أكثر من معاهدة واعتبار هدا الحكم غير نافد في مواجهة الدولة او المنظمة الدولية التي أبدته او اعتباره نافدا ،ولكن تحت شروط معينة لم ترد في المعاهدة . (37)
فالدولة تبدي ما لها من تحفظات عند التوقيع او التصديق او القبول او الانضمام ، ومن المعلوم ان التحفظات قد ترد على كل من المعاهدات الثنائية ، كما قد ترد أيضا على المعاهدات المتعددة الأطراف ،وان اختلفت وتباينت أثارها واحكامها القانونية . (38)

الفرع السادس : التسجيــــل والنشـــــر

تسجيل المعاهدات الدولية ليس فكرة جديدة أبدا ،كما انه بحكم عمل الدولة الى حد كبير مبدأ الدبلوماسية السوية ،أدي دلك الى البحث عن أسباب الحرب العالمية الأولى الى انتقاد مبدا الدبلوماسية السرية وكان بروز الرئيس الأمريكي ولسن كزعيم لاتجاه لا يحبد الدبلوماسية المكشوفة ويحبد التسجيل المعاهدة كوسيلة لنشر أنباء عقدها وتفاصيلها .

1 – عصبة الأمم :
« نصت المادة 18من عهد العصبة على ان كل معاهدة او ارتباط دولي تعقده دولة عضو في عصبة الامم من الان فصاعدا يجب تسجيله لدى الأمانة العامة ونشره في اقرب وقت ممكن ولن تكون اية معاهدة كما لن يكون أي ارتباد دولي ملزم ما لم يسجل »
ولقد كان السبب في وضع هدا النص هو الرغبة في تفادي النتائج السيئة التي كانت على عقد المعاهدات والمخالفات السرية وحمل الدول على إتباع خطة الدبلوماسية السرية .

2– الأمم المتحدة :
أدى ميثاق الأمم المتحدة الى حسم النقاش الذي كان بين الفقهاء منهم من قال يعني عدم التزام أطراف المعاهدة بها حتى يتم تسجيلها ،وفريق أخر رأى انه يعني عدم جواز تنفيذها جبرا مع جواز تنفيذها اختيارا،والتزام أطرافها بها بمجرد تمام التصديق حول تفسير نص المادة 18من العهد حينما قضت المادة 102من الميثاق « كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة بعد العمل بهدا الاتفاق ، يجب ان يسجل في أمانة الهيئة وان يقوم بنشره بأسرع ما يمكن ، ليس لاي طرف في المعاهدة او اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هده المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة او دلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة . »
ومفاد هدا النص ان عدم التسجيل لا يحول دون قيام المعاهدة بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات ،وانها تكون ملزمة لأطرافها وقابلة للتنفيذ بينهم وانه يمكن التمسك بها في مواجهة الدول الأخرى . (39)

المطلب الثاني : أثـــار الـمـعـاهـدات

القاعدة العامة هي ان المعاهدات الدولية لا تسري الا بين أطرافها ولا تترتب أثارها الا في مواجهتهم ، سواء كانت هده الآثار حقوقا او التزامات ، (40) لدا فهي تفرض إطارا للتصرفات وقواعد السلوك لا تتجاوزه الدول المتعاقدة فيما بينها ،فالمعاهدة تكون ملزمة لجميع الدول الأعضاء التي عليها واجب احترام العهود والالتزامات التي تتقيد بها وتنفيذها بصورة عادلة وبنية حسنة . (41)
ومن هنا نجد أن أثار المعاهد تكون ملزمة لمن يقبل بها.وهي سامية على على سائر التشريعات الداخلية ، هدا ما أكدته اتفاقية فيينا بسمو المعاهدة ،وهكذا فان احترام الدول للمعاهدات التي تبرمها ، هو من المبادئ الأساسية للقانون الدولي. (42)

الفرع الاول : النطاق الشخصي للمعاهدات

تنتج المعاهدة أثارها بين أطرافها ولا تنتقل هده الآثار الى الغير ،بحيث لا تمنحهم حقوقا ولا تلزمهم بالتزامات الا برضاهم وهدا ما دعت اليه اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969,1986 حيث نصت المادة 26« كل معاهدة نافدة تكون ملزمة الأطراف وعليهم تنفيذها بحسن نية »
انطلاقا من هدا النص على الأطراف تطبيق المعاهدة بحسن نية وعدم الاحتجاج بعدم تطبيقها بحجة القانون الوطني الدي قد يحول دون دلك. (43)
حيث كان الراي السائد سابقا ان قواعد القانون الدولي لا تخلق كمبدأ عام للحقوق والالتزامات الا في العلاقة فيما بين الدول وانها لا تترتب اثارا مباشرة في النطاق القانوني الداخلي .
ولا شك ان هدا الرأي كان صائبا حينما كانت الشخص الوحيد للقانون الدولي ، غير ان الفرد أصبح يظهر مؤخرا بشكل تدريجي كشخص مباشر للقانون الدولي .
ومن الطبيعي ان تطبيق المعاهدات التي من هدا القبيل ادا كانت ذاتية التفنيد مباشرة في النظام الداخلي ويمكن للأفراد الاحتجاج بها أمام القاضي الوطني .
ولكن القضاء الوطني يبدو مترددا في الاخد بوجهة النظم هده ،ولا يعتمد الأمر على الموقف الدي تتخذه الدولة من مسالة العلاقة بين القانون الداخلي والقانون الدولي . (44)

الفرع الثاني : النطاق المكاني للمعاهدات

ان المقرر بهدا الشأن ،هي ان المعاهدة ادا أصبحت نافدة فانها تصبح واجبة التطبيق في كافة الأقاليم الخاضعة لسيادة أي من الأطراف المتعاقدة . (45) أي ان المعاهدة تسري في نطاق الدولة التي تبرمها ،و قد أكدت اتفاقية فيينا على هدا المبدأ في المادة 29 بنصها
« مالم يظهر من المعاهدة قصد مغاير ويثبت دلك بطرقة أخرى ،تعتبر المعاهدة ملزمة لكل طرف فيها بالنسبة لكافة إقليمه. » ومن المعلوم ان الأقاليم يشمل الإقليم اليابس والمياه الإقليمية وما يعلو كل منهما من طبقات الجو . (46)
فالمعاهدة قد تطبق بموجب نص صريح او ضمني على المراكز والأوضاع القانونية ففي جزء معين او في منطقة معينة من الدولة وهي قد تستثني بعض أراضي الدولة في مجال تطبيقها .
وتنطبق المعاهدة عرفا على كل مستعمرات الدول الأطراف وأقاليم ما وراء البحار التابعة لها حالة معاهدات السلام غير ان هده المستعمرات والأقاليم قد تستبعد من مجال تطبيق المعاهدة .
ومما هو ملاحظ ان مجال تطبيق المعاهدة قد يتجاوز إقليم الدولة المتعاقدة ليشمل أقاليم لا تخضع لسيادة هده الدولة بل يرتبط بها برابطة جمركية (فرنسا ، إمارة موناكو ، سويسرا) ، كما ان المعاهدات تمتد الى مناطق بحرية خارج نطاق إقليم الدولة ( الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ) (47)

الفرع الثالث : تطبيق المعاهدات الدولية من حيث الزمان
اولا : عدم رجعية المعاهدات الدولية

من المعلوم ان القاعدة العامة للقانون الدولي العام تبدا في السريان مند اللحظة التي تتوافر فيها الشروط الأساسية
وتبقى هده القاعدة سارية المفعول حتى يتم إلغاؤها صراحة في اتفاق دولي او ضمنيا نتيجة لنشوء قاعدة متعارضة معها ادا نشأت القاعدة القانونية الدولية عن معاهدة فتطبيقها يبدأ من الوقت الدي حددته الدول بسريانها او من الوقت الدي وافقت فيه الدول عليها . (48)
غير ان مبدأ عدم الرجعية في النظام الدولي ليس مبدأ مطلقا ،فلا شيء يمنع طبقا لمبدأ سلطان الإرادة من اتفاق اطراف المعاهدة صراحة اة ضمنيا على انسحاب أثارها على الماضي .فالقاعدة الاتفاقية تضعها الدول التي لها ان تمد اثرها الى الوقائع والتصرفات السابقة على دخولها في النفاد .
وقد تضمنت المادة 28 من اتفاقية فيينا على مبدأ عدم رجعية المعاهدات ما لم يظهر في المعاهدة قصد مغاير او يثبت خلاف دلك بطريقة أخرى ، لا تلزم نصوص المعاهدة طرفا فيها بشان أي تصرف او واقعة تمت او أية حالة انتهى وجودها قبل تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ بالنسبة لدلك الطرف . (49)
وبمراجعة هده المادة يلاحظ انه على الرغم من أهمية مبدأ عدم الرجعية اثر المعاهدات الا انه لا يشكل قاعدة امرة من قواعد القانون الدولي كما هو الحال في المادة 53 والمادة 64 من اتفاقية فيينا وإنما هي قاعدة مكملة يجوز الخروج عليها بالاتفاق الصريح ،وهكذا فان مبدأ سلطان الإرادة يلعب دورا هاما ،حيث يعتمد على رغبة الأطراف فيها اذا كانوا يريدون مد اثر المعاهدة الى الماضي اولا .
ومن الأمثلة على مبدأ عدم رجعية اثر المعاهدات ،المواطن اليوناني الدي ابرم عدة عقود مع الحكومة البريطانية عام 1923-1922 وفي عام 1926 أبرمت اليونان وبريطانيا اتفاقية تجارية وملاحية نصت المادة 29 منها على عرض أي نزاع على محكمة العدل الدولية كما أكدت المادة 32 ان المعاهدة تدخل حيز النفاد بعد التصديق عليها .
وإسنادا لدلك قامت اليونان برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية عام1923-1922 للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابت مواطنيها أنداك بسبب تدخل السلطات البريطانية وإلغاءها للعقود من جانب واحد .
رفضت محكمة العدل الدولية التجاوب مع الحكومة اليونانية ، هدا لان قبولها الدعوى يعني منح الاثر الرجعي للمادة29 من معاهدة 1926 ،كما ان المعاهدة لا تتضمن أي شرط لتطبيقها باثر رجعي . (50)

ثانيا : التطبيق المؤقت للمعاهدات الدولية

ان المقصود بالتطبيق المؤقت للمعاهدات الدولية هو دخولها حيز النفاد كليا او جزئيا بين أطرافها خلال فترة معينة على سبيل الاتيار والتجربة فادا وجد الأطراف ان المعاهدة تخدم مصالحهم قرروا التصديق عليها والالتزام بها ،وان ظهر لهم عدم فائدتها رفضوا التصديق عليها واعتبروا كان لم يكن . (51)
وهدا ما نصت عليه المادة 25 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1986,1969 كما يلي :
« 1 – تنفد المعاهدة او جزء منها بصفة مؤقتة لحين دخولها دور النفاد في الحالات التالية :
1-1 ادا نصت المعاهدة داتها على دلك .
2-1 ادا اتفقت الدولة المتفاوضة على دلك بطرقة أخرى .
-2ما لم تنص المعاهدة او اتفقت الدول المتفاوضة على خلاف دلك سوف ينتهي النفاد المؤقت لمعاهدة او جزء منها بالنسبة للدولة ادا بلغت هده الدولة والدول الأخرى التي نفدت المعاهدة فيما بينهما بصفة مؤقتة عن نيتها في الا تصبح طرفا في هده المعاهدة »
فان تثبت بان المعاهدة تحقق مصالح الأطراف تمت المصادقة النهائية عليها فتصبح نافدة بصفة كلية ودائمة ،أما ادا ثبت العكس تم التخلي عن هده المعاهدة واعتبارها كأنها لم تكن ،على شرط عدم إلحاق الضرر بالدول الغير الأطراف في المعاهدة . (52)

الفرع الرابع : تطبيق المعاهدات الدولية من طرف القاضي الوطني

ادا استكملت واستوفت المعاهدة الدولية مراحل تكوينها في القانون الدولي وتوفرت فيها الشروط اللازمة لاعتبارها مصدر القانون الداخلي فهي تسري في مواجهة جميع الأطراف ،وتلزم المحاكم الوطنية بتطبيق أحكامها وبنفس المستوى الدي تلتزم فيه بتطبيق أحكام القانون الداخلي وبالتالي فيجب على القاضي الوطني تطبيق احكام تلك المعاهدة بأثر فوري مثل القانون الداخلي وليس بأثر رجعي
وتطبيق القاضي للمعاهدة قد لا يثير مشاكل ادا كانت نصوصها لا تتعارض مع القوانين الداخلية ،وادا كان هناك تعارض يجب على القاضي ان يفرض النزاع . (53)
اولا : الرقابة على توفير شروط المعاهدة
قبل ان يشرع القاضي في تطبيق أحكام معاهدة دولية ما يجب عليه ان يتأكد من توفر الشروط التي نص عليها الدستور الوطني ،ورقابة القضاء الوطني قد تكون شكلية وقد تكون موضوعية .

1 - الرقابة الشكلية :
وتقتصر على التأكد من وجود الإجراءات اللازمة لكي تكون المعاهدة الدولية في قوة القانون ،أي تم التصديق عليها ونشرها ،وادا تأكد القاضي الوطني من صحة نشر المعاهدة في الجريدة الرسمية دون غيرها من وسائل الإعلام ،اما بالنسبة للرقابة على صحة او مشروعية التصديق يجب التأكد من ان المعاهدة تم المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية مع مراجعة البرلمان
إضافة الى ان التصديق لا يعتبر مجرد اجراء دولي يعبر عن إرادة الدولة والالتزام بأحكام المعاهدة هو شرط هام للعمل بها كقانون داخلي طبقا لأحكام الدستور

2 - الرقابة الموضوعية
فهي تتجاوز إبرام المعاهدة وشكلها الى مضمون المعاهدة ومدى توافقه او تعارضه مع الدستور وتتوقف هده الرقابة على مدى اعتراف النظام الداخلي لمرتبة المعاهدة بالنسبة للدستور ،هل هي اعلى منه مرتبة ام أدنى منه وهدا يختلف من دولة الى أخرى .(54)

ثانيا : مبدأ سمو المعاهدات

اما المعاهدات التي تقوم الدولة بايرامها في مجال علاقاتها الدولية تصبح جزء من قانونها الداخلي بحيث يتعين على جميع سلطات الدولة ان تطبق المعاهدة . كما يختلف التعامل مع المعاهدات الدولية على حسب اخد الدولة بمبدأ وحدة القانون او بمبدأ ثنائية القانون
فبالنسبة لسمو المعاهدات الدولية على الدستور فان العمل بهدا المبدأ قليل ومن الدساتير التي تعتمد هده الطريقة الدستور الهولندي الصادر 1922 و المعدل بسنتي 1953 و 1956 . (55)

ثالثا : مكانة المعاهدات الدولية أمام القاضي الجزائري

بالنسبة للنظام الجزائري فان مسالة مكانة المعاهدات الدولية في القانون الداخلي وكيفية تعامل القاضي معه فلقد عرفت تطورا عبر الدساتير انطلاقا من دستور 1963 الذي لم يتضمن أحكاما تتعلق بمكانة المعاهدات ضمن القانون الداخلي
اما دستور1976 فقد أعطى للمعاهدات الدولية نفس المكانة التي يتمتع بها القانون العادي اد نصت المادة 159 منه على ان « المعاهدات الدولية التي صادق عليها رئيس الجمهورية طبقا للأحكام النصوص عليها في الدستور تكتسب قوة الدستور »
اما دستور 1989 فجاء في المادة 123 بتكريس مبدأ السمو للمعاهدات الدولية على القانون الداخلي ونص « المعاهدات الـــتي يصادق عليها رئــــيس الجمــهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون »(56)

المطلب الثالث : تفسير المعاهدة

يعتبر موضوع تفسير المعاهدة كثيرا ما يطرح مشاكل بشان تحديد المعنى المقصود بمصطلح او تعبير او نص (بند) مادة من مواد المعاهدة (57)وما يتطلبه من وضوح او تفسير او التعليق ودلك لقصر عبارة النص عن الدلالة على ما قصدته منه بالفعل الدول المتعاقدة او لغموضه او لتناقضه الظاهر مع نص اخر .فتكون مسالة تفسير المعاهدة بازالة هدا اللبس والابهام ودلك عن طريق هيئة (الجهاز) المختصة بتفسير المعاهدة وتتم هده الدراسة استنادا لطرق ومبادئ لتفسير المعاهدة . (58)

الفرع الاول : الجهة المختصة بتفسير المعاهدة

يتم تفسير المعاهدة بطريق دولي هدا ما يسمى بالتفسير الدولي للمعاهدة ،واما بطريق داخلي ما يطلق عليه بالتفسير الداخلي للمعاهدة .

اولا: التفسير الدولي للمعاهدة

ويتم هدا التفسير بعدة وسائل المتمثلة في التمثيل الحكومي الدولي والتفسير القضائي الدولي .
1 - التفسير الحكومي (التفسير الرسيمي)
ويتم هدا التفسير بالاتفاق بين الدول الأطراف في المعاهدة والدين يعتبرون اكثر مقدرة وتمكن من غيرها على تفسير نصوص تلك المعاهدة وكون هدا التفسير الحكومي للمعاهدة تفسيرا صريحا وقد يكون تفسيرا ضمنيا
فالتفسير الصريح يطلق عليه بالتفسير ألاتفاقي او الدبلوماسي ويأتي بأشكال عديدة فهو من جهة قديم بمقتضى نصوص تفسيرية تدرج ضمن أحكام المعاهدة بمعنى ان تشتمل المعاهدة على بعض النصوص التي تخصص لتفسير او إيضاح مدلول المصطلحات الواردة في المعاهدة . (59)
مثلا اتفاقية فيينا بشان قانون المعاهدات التي خصصت تعريفات قانونية لمختلف المصطلحات الواردة في الاتفاقية.(60)
ومن جهة ثانية يتم التفسير بشكل معاصر للمعاهدة عن طريق وضع ملاحق تضاف الى المعاهدة . (61)
ومن جهة ثالثة ياخد هدا التفسير شكل اتفاقيات تفسيرية سواء كانت معاصرة لاحقة على المعاهدة وتاخد هده الاتفاقيات التفسيرية صورة بسيطة يكون نتيجة تشاور في اجتماع خاص يحرر فيه برو توكول يلحق بالمعاهدة .
وكذلك يتم عن طريق تبادل البرقيات والمذكرات الرسمية وأيضا يتم بتصريحات متبادلة من احد الدول الأطراف يتم قبوله صراحة من جانب الدول الأخرى
اما التفسير الضمني ، فهو دلك التفسير الذي ينشا عن تنفيذ الإطراف المتعاقدة،(62) لأحكام المعاهدة بطريقة متماثلة ومنسجمة دون ان يعلن دلك بوثيقة رسمية . (63)
2 - التفسير القضائي الدولي للمعاهدة
ان عملية التفسير هي عملية قانونية نموذجية يمكن الفصل فيها عن طريق هيئة تحكمية او قضائية دولية .فالتفسير القضائي الدولي للمعاهدة يمكن ان يكون إلزاميا او اختياريا ،فهو من جهة يعتبر التفسير القضائي إلزاميا اد تم الاتفاق مسبقا على ضرورة عرض النزاع المتوقع حصوله مستقبلا بشان تفسير المعاهدة فادا لم تضع الدول المتعاقدة تفسيرا خاصا لبعض نصوص المعاهدة المبرمة بينها فعليها ان تراعي عند تنفيد قواعد العدالة وحسن النية وان تراجع كلما شب غموض في امر ما الى روح المعاهدة والقصد الحقيقي منها ان لم تسعفها حرفية النص وعليه ادا قام بينها خلاف بشان تفسير نص ما ان تعمل بقدر المستطاع على تسويته ولا تتركه يستفحل ويسيء الى العلاقات الدولية وفيما بينها وتحقيقا لهدا الغرض تقوم الدول المتعاقدة بعرض كل نزاع قد ينشا بينها خاصة عند تنفيذ المعاهدة او بتفسيراحد نصوصهاعلى التحكيم اوالقضاء الدولي اوعلى اية هيئة أخرى تعين في دات المعاهدة.
ثم قد يكون تفسير المعاهدة اختياريا عند اتفاق الأطراف المعنية - هدا بعد حصول – على عرض دلك النزاع على القضاء الدولي بنوعيه حول ما تثيره أحيانا تفسيرات المعاهدات العامة من خلافات قد تهدد السلم الدولي وما تقتضيه المصلحة العامة من ضرورة معالجة هده الخلافات قبل ان تتسع رقعتها وتشتد خطورتها
ولقد أشارت إليها في عصبة الامم في المادة 13 وفرض على الدول ان تلتمس تسويتها بالوسائل الدبلوماسية فان لم تفلح عرضت الأمر على التحكيم او القضاء الدولي . (64)

ثانيا : التفسير الداخلي للمعاهدة

اختلف الفقهاء في مدى اختصاص القضاة الوطني في تفسير المعاهدة ودلك من خلال اختلاف الاتجاهات المعبر عن التفسير الداخلي للمعاهدة حيث ان يأتي الاتجاه الأول برفضه لاختصاص المحاكم الوطنية بنوعيها القضائي والإداري لقيامها بعملية تفسير المعاهدة وليس من حقها فهو من عمل اختصاص الحكومة (السلطة التنفيذية)،هدا طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات ،هدا ما عبر عنه مجلس الدولة الفرنسي ويرى انه في حال ما ادا عرضت مشكلة تفسير معاهدة أمام القضاء الداخلي فعلى القاضي ان لا يفصل في النزاع المعروض عليه حتى يصله تفسير المعاهدة من طرف حكومته (وزارة الشؤون الخارجية)بمعنى ان حلها المسبق ضروري للفصل في النزاع ما يعرف بحل المسالة الأولية
ويأتي الاتجاه الثاني ما عملت به محكمة النقض الفرنسية التي يميز بين المسائل التي تثيرها المعاهدات حيث ان جهاز الحكومة يختص بتفسير المعاهدات المرتبطة بالنظام الدولي العام (معاهدات الحماية ،اتفاقيات الصلح ،الاتفاقيات القنصلية ،معاهدات تسليم المجرمين....)في المقابل تختص المحاكم الوطنية بنوعيها بتفسير باقي المعاهدات والتي لا ترتبط بالنظام الدولي العام .
ويرى الاتجاه الثالث ان القضاء الوطني يختص بتفسير المعاهدة وهي عند التطبيق بمثابة القانون كما يراعي القاضي الوطني المبادئ الدولية عند تفسير المعاهدة،هدا انطلاقا من مبدأ سمو القانون الدولي العام على القانون الداخلي هدا ما اقرته معظم تشريعات دول العالم و هدا الاتجاه الأخير الراجح الذي تاخد به المحاكم الوطنية بالعديد من الدول . (65)

الفرع الثاني : طرق ومبادئ تفسير المعاهدة

رغم عدم وجود قواعد مستقرة مسلم بها في شأن تقسيم المعاهدة فانه يمكن القول إن هناك ثلاث طرق أساسية لتفسير المعاهدة

أولا :الطريق الشخصية

تقوم هذه الطريقة على ان الهدف الرئيسي من تفسير المعاهدة عن نية أطراف المعاهدة وما يقصد كل منهما في نص المعاهدة أي الكشف عن المعنى الذي ينبغي إعطاءه للنص وفقا لنية أطراف المعاهدة وذلك عن طريق العودة للأعمال التحضيرية( المشاريع الدولية) للمعاهدة او من خلال التصرفات اللاحقة للأطراف أي بعدإبرام المعاهدة

ثانيا: طريقة المعالجة النصية

وتبدي هذه الطريقة الأهمية الكبرى على النص نفسه والذي يعتبر نقطة انطلاق في البحث عن مقصودا ته -مدلولاته- ثم إن هذه الطريقة وبطريقة عملها فهي الأخرى لتتجاهل كليا ميالة نية الأطراف ،حيث إن التفسير يبدأ بدراسة عميقة للنص المراد تفسيره نظرا لان النص هو التعبير عن نية وإرادة الأطراف فيكون بذلك إن إيضاح لمعني النص فهو بالحقيقة إيضاح لإرادة ونية الأطراف المعنية
وإذا لم يكن النص واضحا فانه لا يمكن الرجوع لهذه الحالة لمصادر تفسيرية أخرى

ثالثا: الطريقة الموضوعية

هذه الطريقة تستخدم بصفة خاصة في في تفسير الاتفاقيات الدولية الشارعة.(ذات الطابع الاجتماعي أو الإنساني) وأيضا في تفسير المواثيق والنظم التأسيسية للمنظمات الدولية
وهذه الطريقة متميزة بتجاهلها لنية الأطراف وتقوم هذه الطريقة على أساس تفسير المعاهدة على نحو يتفق أو يتماشى مع موضوعها وهدفها وتسمى هذه الطريقة التفسيرية بـ« التفسير الوظيفي للمعاهدات » (66)

رابعا: تفسير المعاهدات وفق اتفاقية فينا

جاء في اتفاقية فيانا في القسم الثالث من الباب الثالث في المواد 33-31 للقواعد الخاصة في تفسير المعاهدات وهي لا تخرج في جوهرها عما سلف الذكر فيما تقدم .
المادة 31: تضع القاعدة العامة في التفسير كالأتي:
1- تفسيربحسن نية طبقا للمعنى العادي لألفاظ المعاهدة في الإطارالخاص بها في ضوء موضوعها والغرض منها
2- الإطارالخاص بالمعاهدة لغرض التفسير يشمل إلى جانب نص المعاهدة بما في ذلك الديباجة والملحقات ما يلي:
1-2 أي اتفاق يتعلق بالمعاهدة ويكون قد عقد بين الأطراف جميعا بمناسبة عقد هذه المعاهدة .
2-2 اي وثيقة صدرت طرف أو أكثر بمناسبة عقد المعاهدة وقبلتها الأطراف الأخرى كوثيقة لها صلة بالمعاهدة:
3-يؤخذ في الاعتبار إلى جانب الإطار الخاص بالمعاهدة: (67)
1-3 اي اتفاق لاحق بين الأطراف بشان تفسير المعاهدة أو تطبيق أحكامها
2-3 اي مسلك لاحق في تطبيق المعاهدة يتفق عليه الأطراف بشان تقسيمها
3-3 أي قواعد في القانون الدولي لها صلة بالموضوع يمكن تطبيقها على علاقة بين الأطراف
4-يعطى معنى خاص للفظ معين إذا ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت إلى ذلك و تنص المادة 32-على الوسائل المكملة للتفسير كالأتي:
يجوز الالتجاء إلى وسائل مكملة في التفسير بما في ذلك الأعمال التحضيرية للمعاهدة والظروف والملابسات لعقدها وذلك لتأكيد المعنى الناتج عن تطبيق المادة31أو لتحديد المعنى إذا هدى التفسير وفقا للمادة 31 إلى:
1-بقاء المعنى غامضا أو غير واضح
2-أو أدى إلى نتيجة غير منطقية أو غير معقولة
أما المادة33-فتناولت تفسيرات المعاهدات المعتمدة بلغتين أو أكثر وتقرر:
1-إذا اعتمدت المعاهدة بلغتين أو أكثر يكون لكل نص من نصوصها نفس الحجية ما لم تنص المعاهدات أو يتفق الأطراف على أنه عند الاختلاف تكون الغلبة لنص معين
2-نص المعاهدة الذي يصاغ بلغة غير إحدى اللغات التي اعتمدتها لا يكون له نفس الحجية إلا إذا نصت المعاهدة أو اتفق الأطراف على ذلك
3-يفترض أن لإلغاء المعاهدة نفس المعنى في كل نص من نصوصها المعتمدة
4- عندما تكشف المقارن بين النصوص على اختلاف في المعنى لم يزله بتطبيق المادتين 31-32 يؤخذ بالمعنى الذي يتفق مع موضوع المعاهدة والغرض منها توفيق بقدر الإمكان بين النصوص المختلفة فيما عدا حالة ما تكون لأحد النصوص الغلبة وفقا للفقرة الأولى. (68)

المبحث الثالث : تعديل وإنهاء المعاهد

تخضع المعاهدة إلى التعديل او حتى الإلغاء و دلك نظرا لما يحتاجه أطراف المعاهدة من أهداف ومصالح

المطلب الأول: تعديل المعاهدة

إن اقتضاء التعديل يعني وجود مصلحة مشتركة لأطراف المعاهدة يراد الوصول إليها الشيء الذي يوجب التعديل من اجل الوصول لهذه المعاهدة

الفرع الأول : المبادئ العامة لإنهاء المعاهدة

تخضع العاهدات لقاعدة تنص على رضا الأطراف المتعاقدة على التعديل شرط أساسي وهذا المبدأ يكون سواءا في المعاهدات الثنائية أو الجماعية
المعاهدات تميز بين أحكام خاضعة للتعديل وأخرى يحضر تعديلها وذلك من أجل استقرار المعاهدة وقد يرفض التعديل إلا بعد انقضاء مدة زمنية مثل اتفاقية مونترو6 193المتعلقة بالمضايق التركية إلا بعد 5سنوات. وهكذا يستخلص إن لا تعديل للمعاهدة إلا بعد صروف دولية موجبة.
يتم تعديل المعاهدة بالممارسة اللاحقة للدولة المتعاقدة فممكن أن تعدل بعض الأحكام ناحيتها العملية دون إجراء تعديل على شكلها وقد رفضت اتفاقية فيينا الاعتراف بهذه الممارسة لنقض المعاهدة من إجراء التطبيق المخالف لنصوصها إلا إذا قبلت بذلك الدول نفسها
لا وجود لأي مشكلة في التعديل إذا ما تضمنت المعاهدة نصا يبين طريقة تعديلها(69)
التعديل يتم وفقا لقاعدة اغلبية الثلثين مالم تنص هده المعاهدة على جواز تعديلها باتباع اجراءات اخرى وفي حال غياب النص على التعديل في المعاهدة ، فتكون طريقة التعديل

الفرع الثاني : قواعد تعديل المعاهدة الثنائية

ان القسم الرابع من اتفاقية فيينا خصص لتعديل المعاهدات والقواعد التكميلية للمعاهداة ،فالمعاهدة الثنائية لا توجد صعوبة في تعديلها فمتى انعقدت ارادة الطرفين الى دلك يتم التعديل وفقا للاتفاق ومن هده القواعد ندكر :

اولا : التعديل عن طريق الاتفاق الصريح

في المادة 39من اتفاقية فيينا تنص على هدا التعديل فترى جواز تعديل المعاهدة باتفاق اطرافها ،وهده القاعدة طبيعتها تكميلية فقد تضمنت المعاهدة النص على عدم جواز التعديل او على وضع قيود او شرط على هدا التعديل ، وقد لا تشترط المعاهدة انقضاء مدة معينة لجواز التعديل ويتخد الاتفاق على التعديل اى شكل تختاره اطراف المعاهدة لدلك فقد يجري تعديل المعاهدة الشكلية عن طريق اتفاق مبسط وحتى بالطريق الشفوي او الضمني (70)

ثانيا : التعديل بالطريق العرفي

يمكن تعديل المعاهدة عن طريق العرف مثل ما تقدمت به لجنة القانون الدولي لما اقترحت في مشروع تقدمت به لاتفاقية فيينا نص ( م / 38من المشروع ) يمكن معه تعديل المعاهدة عن طريق التعامل الاحق متى ثبت ان هدا التعامل قد قصد اتفاق الاطراف على تعديل المعاهدة .

ثالثا : التعديل عن طريق ظهور قاعدة امرة جديدة

ليس هنالك ما يمنع من ظهور قاعدة امرة جديدة لا تتعارض مع المعاهدة بمجملها بل بحكم معين فيها فيكون الانقضاء على الحكم الملغي فقط لا على المعاهدة ككل (71)،إذ تعد المعاهدة باطلة ومنتهية إذا تعارضت مع قاعدة آمرة جديدة عامة التطبيق في القانون الدولي استقرت بعد نفاذها (72) ،وتعبر المادة 44 من الاتفاقية التي تتعلق بمسالة الفصل بين نصوص المعاهدة الموضحة بامعان صحة هدا الراي ولاسيما الفقرة الخامسة منها (73)
ونصت اتفاقية فيينة لقانون المعاهدات على طرق ووسائل ودية لحل النزاعات الناجمة عن المعاهدات المدعى ببطلانها أو القابلة للإبطال وذلك بالتوفيق الإلزامي (وهو ملزم بداية وغير ملزم من حيث النتائج) والتحكيم الدولي والقضاء الدولي في حالات معينة هي حالات تعارض المعاهدة مع النظام العام الدولي (المادة 66). (74)

الفرع الثالث : قواعد تعديل المعاهدات الجماعية

ان التعديل في هده الحالة لا يكون سهلا بالأخص ادا كانت الرغبة في التعديل ليست من جميع الأعضاء
ولقد تحملت اتفاقية فيينا على عاتقها القواعد والإجراءات التي يتعين اتباعها عند الاقدام على تعديل المعاهدة المتعددة الاطراف فنصت المادة 40 منها على :
-1تسري الفقرات التالية على تعديل المعاهدات المتعددة الاطراف مالم تنص المعاهدة على غير دلك .
-2 يجب ابلاغ جميع الدول المتعاقدة بان اقتراح بشان تعديل معاهدة متعددة الاطراف فيما بين الاطراف جميعا ويكون لكل طرف الحق في ان يشترك في :
1-2 الاقرار الخاص بالتصرف الدي يتخد بشان هدا الاقتراح.
2-2 التفاوض وابرام أي اتفاق لتعديل المعاهدة .
-3 كل دولة من حقها ان تصبح في المعاهدة ،و كطرف في المعاهدة المعدلة .
-4 لا يلزم الاتفاق الخاص بالتعديل اية دولة طرف في هده المعادلة ،حكم المادة 30 في فقرتها 4ب .
-5 اية دولة تصبح طرف في المعاهدة بعد دخول الاتفاق المعدل دور النفاد ومالم تعبر عن نية مغايرة تعتبر :
- طرفا في المعاهدة المعدلة .
- طرفا في المعاهدة الغير معدلة في مواجهة أي طرف في المعاهدة لم يلتزم بالاتفاق المعدل . (75)
ونجد ان المادة 41 من نفس الاتفاقية تضيف فيما يخص المعاهدة المتعددة الاطراف :
-1 يجوز لطرفين او اكثر في المعاهدة المتعددة الاطراف الاتفاق على تغيير المعاهدة فيما بينهم :
1-1 ادا كانت هده المعاهدة تنص على امكانية هدا التغيير.
2-1 ادا لم تحرم المعاهدة امكانية هدا التغيير وكان :
- لا يؤثر على تمتع الاطراف الاخرى بحقوقهم طبقا للمعاهدة او على ادائهم لالتزاماتهم .
- لا يتعلق بنص يتعارض الإخلال به مع التنفيد الفعال لموضع المعاهدة والفرض منها ككل .
-2 يجب في الحالات التي تخضع لحكم الفقرة الأولى (1-1) على الأطراف الراغبين في التغيير إبلاغ الأطراف الاخرى بنيتهم في عقد الاتفاق وبالتغيير الدي ينص عليه الاتفاق شرط عدم مخالفة المعاهدة . (76)

المطلب الثاني : إنهاء العمل بالمعاهدة

إن إنهاء العمل بالمعاهدة يعني وضع حد لاستمرار نفادها وتصبح في هده الحالة غير سارية المفعول. إلا انه هناك اختلاف في نهاية المعاهدة ،هدا يخص بطبيعة المعاهدة حيث المعاهدة الثنائية عند نقضها أو الانسحاب منها ، يعني زوال المعاهدة بمجملها على عكس المعاهدة الجماعية (77)

الفرع الأول : الأسباب الاتفاقية لإنهاء المعاهدة

تختص المادة 54 من اتفاقي فيينا بانقضاء المعاهدة او الانسحاب منها . أما المادة 57 فتختص بإيقاف العمل بالمعاهدة ، وقد يكون هدا الإنهاء بوقت لاحق او اتفاق مشترك

اولا : إنهاء المعاهدة وفقا لأحكامها

1- النص الصريح على أسباب الانقضاء او الانسحاب او الإيقاف :
ودلك لمبدا سلطان الإرادة ودلك كون المعاهدة تحمل نصوص بأسباب الانتهاء ،ولهده النصوص أشكال :
- النص على اجل محدد لانتهاء المعاهدة بحلوله :
ويشكل عامل الزمن مقياس لانتهاء المعاهدة ، حيث نهاية اجل الاتزام باحكام المعاهدة يعني انقضاء المعاهدة .
- النص على شرط فاسخ :
بوقوع حدث ما تنقضي جراءه المعاهدة ، بمعنى ان عند وقوع واقعة او حدث ما لها اثر على الاطراف المتعاقدة يتم بدلك انهاء هده المعاهدة (78) ويكون نتيجة للإخلال الجوهري بأحكام المعاهدة، مما يخول أطرافها الآخرين التمسك بهذا الإخلال أساساً لإنهاء المعاهدة أو لإيقاف العمل بها كلياً أو جزئياً. ويكون الإخلال جوهرياً بموجب معاهدة المعاهدات فيما لايبيحه قانون المعاهدات، أو أخلّ بنص ضروري لتحقيق موضوع المعاهدة أو الغرض منها. ومن أهم الأمثلة على الإخلال الجوهري بالمعاهدة اشتراك بريطانية في العدوان الثلاثي على مصر العربية عام 1956 خلافاً لأحكام معاهدة الجلاء عن مصر لعام 1954 التي كان يحق لبريطانية بمقتضاها استخدام قواعدها العسكرية إذا تعرضت مصر أو أي بلد عربي أو تركية لعدوان خارجي وسارعت بريطانية للدفاع عن البلد المعتدى عليه. والإخلال هنا كان جوهرياً لأن بريطانية كانت أحد المعتدين على مصر بدل الدفاع عنها مما حمل مصر على إعلان إلغاء البنود الخاصة بالقواعد العسكرية في معاهدة الجلاء (79)
- النص على نقض المعاهدة او الانسحاب منها :
وهو اشعار يصدر عن الارادة المنفردة اة الجماعية وهو تعبير عن الرغبة في التحلل من احكام المعاهدة ودلك يكون بشروط، (80) يمكن لدولة طرف في معاهدة أن تقرر بمحض إرداتها الإنسحاب من المعاهدة و ذلك بوضع
حد لوجود المعاهدة إزائها إذا كانت المعاهدة ثنائية أو بعد إلتزام الدولة ذاتها إذا كانت المعاهدة متعددة الأطرف ، يمكن للمعاهدةان تنص على إمكانية الإنسحاب وأن تضع شروطاً لذلك وتتعلق هذه الشروط غالباً بضرورة تنبيه الدولة(81) المنسحبة و إحترام الآجال بإعتبار أنه و في أغلب الأحيان الإنسحاب لا يكون فوري مثل معاهدة اليونيسكو نصت على إمكانية الإنسحاب و لكن لا يكون ذلك إلا بعد سنتان من تاريخ إبلاغ نية الإنسحاب ) ، أما إذا لم تتعرض المعاهدة إلى إمكانية الإنسحاب فإن ذلك مبدئياً غير ممكن إلا إذا تمكنت الدولة التي ترغب في الإنسحاب إقامة الدليل على أنه كان في نية الأطراف السماح بذلك عند إبرام المعاهدة أو أن تلك الإمكانية تسنتج من طبيعة المعاهدة مثل : ( ميثاق منظمة الأمم المتحدة لم يتعرض لإمكانية الإنسحاب و لكنه لم ينص على عدم إمكانية ذلك و وقع عدم تفسير ذلك بإمكانية ذلك أي الإنسحاب رغم أنه في الواقع لم يقع أي إنسحاب ) . (82)
- النص على إيقاف العمل بالمعاهدة :
نجيز المادة 57 من اتفاقية فيينا إيقاف العمل بالمعاهدة بالنسبة لجميع أطرافها أو لطرف معين مثلما نجده في المعاهدات الاقتصادية .
2- النص الضمني على أسباب الانتهاء :
ويدخل تحت هده الصورة عدة أشكال تجيز هي الأخرى انتهاء المعاهدة
- الانقضاء عن طرق تنفيذ المعاهدة تنفيذا كاملا :
وهنا يتم الانتهاء نظرا للوصول للهدف المراد ودلك بتنفيذ الالتزامات من قبل أعضاء المعاهدة بصورة كاملة ، مثل ريم الحدود ، أو سداد قرض ما فان المعاهدة تنقض بتمام عملية الترسيم أو قضاء تلك الديون .
- نقض المعاهدة أو الانسحاب منها دون إذن مسبق:
قد لا نجد جواز ذلك في معاهدات منصوص عليها. إلا أنه يبقى أمر وارد لكن أحكام المعاهدة تنص على ضرورة التزام الأعضاء بتنفيذ التزاماتها . (83)

ثانيا: انتهاء المعاهدة لاتفاق لاحق

بما أن المعاهدة فعل اتفاقي يستلزم حتى نهايتها يمكن أن نأتي باتفاق وهذا الاتفاق يمكن أن يأتي صرحا أو ضمنيا
-1 الاتفاق الصريح: وذلك طبقا للمادة 54 من اتفاقية فيينا فيما يخص جواز انتهاء المعاهدة برضا جميع الأطراف .وقديمكن أن يتقدم طرفين أو أكثر إيقاف العمل بالمعاهدة باتفاق بين بعض الأطراف فقط طبقا للمادة58
1-1 يجوز لطرفين أو أكثر في المعاهدة الجماعية أن يعقدوا اتفاقا بإيقاف العمل بنصوص المعاهدة بصورة مؤقتة وفيما بينهم فقط وذلك: (84)
- إذا نص على إمكان هذا الإيقاف بالمعاهدة
- إذا كان هذا الإيقاف غير محضور بالمعاهدة
2-1 فيما عدا ذلك أي الحالة التي تحكمها الفقرة (1-1)وما لم تنص المعاهدة على على خلاف ذلك ينبغي على الأطراف المعينة إحضار الأطراف الأخرى في عقد الاتفاق.
2- الاتفاق الضمني : «لا بفرق نص المادة54 بين الانقضاء الصريح و الانقضاء الضمني للمعاهدة وقد أجازت الفقرة الأولى من المادة59 من اتفاقية فيينا صراحة انقضاء المعاهدة المفهوم ضمنا من عقد المعاهدة لاحقة »(85)، فالمعاهدة تعتبر منتهية ضمنيا إذا تحقق:
ظهر من المعاهدة اللاحقة أو ثبت بطريقة أخرى أن الأطراف قد قصدت أن يكون الموضوع محكوما بهذه المعاهدة.

الفرع الثاني : الأسباب الخارجية )غير الإرادية( لإنهاء المعاهدة

وهذه الأسباب عديدة ومتنوعة إلا أنها تتفق بكونها لا تستند الى الارادة الصريحة أو الضمنية للأطراف المعاهدة وإنما ترجع إلى وقوع أحداث طارئة ولاحقة على إبرام المعاهدة تؤدي إلى انتهائها .(86)

أولا : الأسباب الخارجية الناتجة عن سلوك الأطراف

1-الإخلال الجوهري بأحكام المعاهدة:
إن عدم تنفيذ المعاهدة من قبل أحد أطراف المعاهدة يعتبر أمر معيب على الصعيد الدولي وذلك إخلالا بالالتزام الدولي الذي تفرضه قاعدة قانونية دولية.وتقنن المادة من اتفاقية فيينا القاعدة العرفية الخاصة بانقضاء المعاهدة.نتيجة الإخلال بها وذلك على الوجه التالي:
1-1 -اشتراط الإخلال الجوهري بالمعاهدة: وتعتبر الفقرة الثالثة من المادة تحدد بدقة هذا الإخلال وطبيعته للضمان الاستقرار في المعاهدة فكان الإخلال فيها كما يلي: (87)
- التنصل من المعاهدة بما لا تجيزه هذه الاتفاقية
- مخالفة نص أساسي لتحقيق موضوع المعاهدة والغرض منها
2-1-نتائج الإخلال الجوهري للمعاهدة :
- يخول هذا الإخلال للأطراف الأخرى باتفاق جماعي فيما بينهم إيقاف العمل بالمعاهدة كليا أو جزئيا سواء في العلاقة بينهم وبين الدولة التي أخلت بأحكامها أو في العلاقة بين جميع الأطراف
- يخول من تأثير بصورة خاصة من هذا الإخلال التمسك به كأساس لإيقاف العمل بالمعاهدة كليا أو جزئيا في العلاقة بينه وبين الدولة المخلة.
- يخول لأي طرف آخر ماعدا الطرف المخل التمسك بهذا الإخلال كأساس لإيقاف العمل كليا أو جزئيا بالنسبة إليه إذا كانت طبيعة هذه المعاهدة تجعل الإخلال الجوهري بأحكامها من جانب أحد الأطراف يغير بصورة أساسية وضع كل طرف فيما يخص التزاماته المستقبلية .
2- أثر الحرب على المعاهدات الدولية: فهنا نوع المعاهدة مرتبطا ارتباطا كبيرا بأثر الحرب فيكون الاختلاف كالتالي: (88)
1-2 الحرب قد تنهي المعاهدة الثنائية بين الدول المتحاربة مثل معاهدات التجارة والصداقة وذلك استنادا إلى نظرية التغير في الظروف
2-2 إلا أنه تبقى المعاهدات المعقودة خصيصا لوقت الحرب مثل المعاهدات التي تنص على تجنب أسلحة معينة خلال الحرب.
3-2 المعاهدات التي تنشئ مراكز موضوعية دائمة يحتج بها في مواجهة الكافة بالحرب لا تؤثر الحرب على الأوضاع الناشئة عنها.
4-2 استمرار المعاهدات المتعددة الأطراف التي تهم جميع الدول في النفاذ وكل ما لحالة الحرب من أثر عليها هو إيقاف العمل بها بين المتحاربين.
3- الصرف اللاحق:
إن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لا تتطرق لهذه المسألة إلا أنة يمكن اتخاذ الصرف اللاحق بعين الاعتبار في مسألة التعديل لأن المعاهدة تنقضي تدريجيا لعدم تطبيقها بين الأعضاء عرفيا إلا أن القضاء لا يؤيد عموما هذه النتيجة

ثانيا: الأسباب الخارجية المستقلة عن سلوك الأفراد

-1 استحالة التنفيذ: ويعالج هذا الأمر في المادة م(89) من اتفاقية فيينا حيث تجيز الاحتجاج باستحالة التنفيذ كسبب لانقضاء المعاهدة أو الانسحاب منها أذا كانت الاستحالة مطاقة أما إذا كانت مؤقتة فيجوز الاحتجاج بها كأساس لإيقاف العمل بالمعاهدة وهذا الأمر يخص بصفة خاصة المعاهدة الثنائية أما المعاهدة الجماعية فانه لا يؤثر كثيرا على حيات المعاهدة.
-2التغيير الجوهري في الظروف: إن الظروف ليس بالضرورة تبقى ثابتة فقد تتغير أثناء تنفيذ المعاهدة ووفقا لأحد مبادئ القانون الدولي العرفي تبقى المعاهدة ملزمة ما بقية الظروف بشكلها الأول. أما إذا تغيرت بشكل أساسي فأن للظرف المضرور الاحتجاج فيمكن أن ينسحب من المعاهدة.
-3ظهور قاعدة آمرة جديدة: وذلك نتيجة لمبدأ تدرج القواعد القانونية وقد استحدثته م/64 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات فيمكن أن تنتهي المعاهدة في حالة ظهور قاعدة آمرة جديدة من القواعد العامة للقانون الدولي تتعارض معها. (90)

الخاتمة

ان المعاهدات الدولية توجد كاتفاق يبرم بين شخصين او أكثر من أشخاص القانون الدولي، ودلك بقصد إحداث أثارقانونية ، للمعاهدة عدة أشكال ، ثنائية الأطراف او متعددة الأطراف أي جماعية .كما ان هناك معاهدات تتعلق بالطبيعة القانونية الدولية من معاهدات شارعة ،والتي تعمل على سن القواعد المنظمة لمختلف العلاقات بين أشخاص القانون الدولي ،ومعاهدات عقدية المتعلقة بالأمور الخاصة للأطراف المتعاقدة.ومعاهدات ذات الطابع الشكلي، ودلك انها معاهدات مطولة او ارتسامية أي انعقادها لا يتم الا بعد مرورها بمراحل خاصة، من مفاوضة والتوقيع والتصديق.ومعاهدات مبسطة تنفيذية ودلك عن طريق الأدوات القانونية المعمول بها من رسائل ومذكرات.هده المعاهدات وان اختلفت بأنواعها وتعددها ،فإنها تخضع لشروط لحتى يتم انعقاد هده المعاهدات، من الأهلية ،وهي توفر صفة الشخصية القانونية الدولية ،.إضافة لرضا الطرفين ،وإبداء إرادتهما بهده المعاهدة ،وأيضا مشروعية المحل وسبب المعاهدة .و إجراءات المعاهدة تبتدئ بالمفاوضة بين الأطراف بالاتصال و الاتفاق مبدئيا على الموضوع ،ثم يتم تحريرهده المعاهدة بعد التوصل للاتفاق ،ويكون بصيغة مكتوبة تمهيدا للتوقيع عليها ،من طرف المتعاقدين والمعبرين عن رضاهما لهده المعاهدة ،ليتم التصديق عليها من طرف السلطات المختصة داخل الدول المتعاهدة .وتخضع هده الإجراءات لضرورة التحفظ ، لضمان صيرورة المعاهدة. ثم يتم تسجيلها ونشرها تفاديا لفقدان المعاهدة لقوتها الملزمة.
وبعد إعداد هده المعاهدة يكون تطبيقها إلا على أطرافها ولا يترتب أثارها إلا في مواجهتهم بحيث لا تمنحهم حقوقا ولا تلزمهم بواجبات الا برضاهم ،وعلى الأقاليم الخاضعة لسيادة أي من الأطراف المتعاقدة ،وتسري المعاهدة مند لحظة نفادها حتى يتم إلغاءها ،كما أنها تلزم القاضي الوطني بتطبيق أحكام تلك المعاهدة مثل القانون الداخلي .
كما ان المعاهدات الدولية تفسر نصوصها وتحدد المعنى المقصود من مصطلح او تعبيرما ليسهل العمل بها ، ودلك من طرف جهة مختصة لدلك وبطرق ومبادئ يعتمدونها كالطريقة الشخصية ،وطريقة المعالجة النصية ،الطريقة الموضوعية،
ولوجود المصالح المشتركة بين الأطراف المتعاقدة تخع المعاهدة للتعديل وفق مبدأ رضا الأطراف وقواعد تنصها اتفاقية فيينا لدلك، من تعديل باتفاق صريح او بطريق عرفي او بظهور قاعدة آمرة جديدة .
كما ان سريان المعاهدة يمكن ان يحد مفعوله بوضع حد لنفادها وإنهاء العمل بها ودلك لأسباب اتفاقية مثل ما تنصه أحكامها او لأسباب خارجية أي غير اتفاقية ما تعبرعنه سلوك احد الأطراف المتعاقدة او استحالة تنفيذ تلك المعاهدة.
وتبقى طبيعة المعاهدات الدولية الوصول لحلول ترضي الأطراف وتضمن بها الحقوق والحريات ،الا ان هناك معاهدات استغلالية للأوضاع و الظروف وتكون بدالك وسيلة ضغط اكثر منها منفعة عامة. 
مواضيع أخرى قد تهمك:
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات