القائمة الرئيسية

الصفحات

الغش أو التحايل على القانون

الغش أو التحايل على القانون

الغش أو التحايل على القانون
الغش أو التحايل على القانون

المقدمة

لقد فرضت العلاقات الدولیة الخاصة نفسها، وأضحت واقعا دولیا لا یمكن تجاهله في القانون المعاصر، ممّا استوجب تنظیمها بصفة موضوعیة تتفق وخصوصیتها، فلم یعد مبدأ إقلیمیة القوانین معمولا به بشكل مطلق كما كان علیه الأمر في الأنظمة القانونیة القدیمة، حیث أبدت مختلف التشریعات الوطنیة درجة من المرونة في التعامل مع القانون الأجنبي بالسماح للقضاء بتطبیقه متى ما تم إسناد الاختصاص له بمقتضى قواعد اصطلح على تسمیتها بقواعد الإسناد .
غیر أنّ الأمر لیس على إطلاقه كما یتصور البعض، فالقانون الأجنبي المختص بحكم العلاقة الدولية الخاصة بمقتضى قاعدة الإسناد في قانون القاضي لا یجد دائما مجالا للتطبیق، حیث قد یصادف حالات تؤدي إلى استبعاده، فإذا ما فرغ القاضي من إعمال قاعدة التنازع الوطنیة، وأمكنه الوقوف على مضمون القانون الأجنبي المختص، فلیس معنى ذلك أنه سیطبق هذا القانون بصفة آلیة وعلى نحو لازم، وٕإنما ینبغي أن یقوم بفحصه أولا، فقد یظهر عندئذ أنّ هذا القانون یتعارض مفهومه مع المبادئ الأساسیة والأسس الجوهریة التي یقوم علیها كیان مجتمعه، ومن ثمّ یتعین علیه في هذه الحالة استبعاده.


كما قد یتضح له من خلال ظروف الدعوى وملابساتها أنّ الخصّوم تعمدوا التلاعب بضابط الإسناد حتى یتسنّى لهم الإفلات من أحكام القانون الواجب التطبیق أصلا على العلاقة القانونیة، ومن ثمّ وجب على القضاء سد الطریق أمام تحایل الخصوم على هذا النحو بإعمال نظریة الغش نحو القانون، وذلك بامتناع القاضي عن إعمال حكم القانون الذي سعى الخصوم لتطبیق أحكامه عن طریق التحایل وتطبیق القانون الذي كان مختصا أصلا بحكم النزاع.
فالتحايل على القانون أو الغش نحو القانون، كما أوردها بعض الفقه هو "الاستعمال الإرادي لقاعدة الإسناد بهدف التهرب من حكم آمر في القانون" أو هو " التهرب من القانون الذي يجب أن يحكم عادة الرابطة القانونية، وذلك بإخضاعها غشا لقانون دولة أخرى أكثر استجابة للنتائج المرجوة".[1]
وعرفه بعض الفقه المغربي بأنه " هو التعديل الإرادي النظامي للعنصر الواقعي في ضابط الإسناد المتغير ، ومن تم تحويل الإسناد إلى قانون معين وذلك بنية التهرب من القانون الواجب التطبيق أصر، سواء كان قانون القاضي، أم قانون أجنبي"، كما تم تعريفه على أنه " عبارة عن الاستعمال الإرادي لوسائل مشروعة في حد ذاتها، بغية الوصول إلى أغراض تخالف أوامر القانون ونواهيه".[2]
ويتضح من التعاريف المتقدمة أن التحايل أو الغش نحو القانون يتحقق في الأحوال التي يعمد فيها أطراف العلاقة القانونية إلى إدخال تغيير ما على ضابط الإسناد بغية الانحراف بقاعدة الإسناد عن غرضها وغايتها، وجعل الاختصاص ينتقل إلى القانون الذي يحقق لهم المصلحة المرجوة من عملهم. فقد يعمد الزوج إلى تغيير جنسيته، إذا كان قانونه الوطني يمنع الطلاق، فيكتسب جنسية دولة أخرى، يبيح قانونها حل الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق أو التطليق، أو قد يستلزم القانون الوطني للزوجين إجراءات معينة في شكل الزواج، فينتقل الزوجان إلى دولة أخرى، قصد الاستفادة من أحكام القانون المحلي التي يعتبرانها أكثر تحقيقا لمصالحهما.[3]
وتمتد جذور الغش نحو القانون إلى عهد بعید، فقد عرفت فكرة الغش في القانون الفرنسي القدیم، عندما كانت فرنسا مقسمة إلى مقاطعات تطبق كل منها عرفا خاصا بها، وكان آنذاك العرف المطبق في مقاطعة نورماندي بأنّ النظام المالي المطبق على الزوجین هو نظام "الدوطة"[4]، بینما السائد في مقاطعة باریس هو نظام "الاشتراك المالي"، ولذلك كان الزوجان ینتقلان إلى باریس ویتزوجان هناك من أجل إخضاع نظامهما المالي لما هو مطبق هناك "الاشتراك المالي"، ثم یعودان إلى موطنهما الأصلي نورماندي، كل ذلك أدّى إلى اعتبار أنّ الذهاب إلى مقاطعة باریس كان الغرض منه الغش نحو قانون الموطن .
ولم تغفل المدرسة الهولندیة فكرة الغش نحو القانون، فقد أورد فقهاء هذه المدرسة منذ القرن السابع عشر تحفظا على قواعد الإسناد خاصا بالتحایل على القانون، ومن تطبیقاته استثناء الفقیه  "هوبر"  تطبیق القانون المحلي على أهلیة الموصي لإبرام الوصیة وذلك إذا كان الموصي قد حلّ بمكان الإبرام قصد تجنب حكم قانونه الشخصي.[5]
إذن ففكرة الغش نحو القانون في إطار القانون الدولي الخاص لها جذورها التاریخیة ولیست ولیدة الساعة، بید أنّ هذه الفكرة لم تتبلور في قالب نظریة مستقلة ومنظمة إلاّ في منتصف القرن التاسع عشر، أین تناولها الفقه بالبحث والتمحیص بمناسبة قضیة شهیرة في فقه القانون الدولي الخاص عرضت على القضاء الفرنسي والتي تتلخص في قضیة الأمیرة بوفرمون "Princesse de Bauffremont" ، وتتجلى وقائعها فیما یلي:
أنّ الكونتیسة كرمان شیماي البلجیكیة الأصل اكتسبت الجنسیة الفرنسیة على إثر زواجها من ضابط فرنسي یدعى الأمیر "دي بوفرمون"، وفي سنة 1874  حدث بینهما انفصال جسماني على إثر خلافات نشبت بینهما، فأرادت الزوجة الحصول على الطلاق، لكن القانون الفرنسي المختص والذي هو قانون جنسية الزوجين كان یحظر الطلاق آنذاك،  فلجأت للسفر إلى إحدى المقاطعات الألمانیة وهي دوقية ساكس وتجنست بجنسیتها ممّا أتاح لها الحصول  على التطليق سنة 1875، وفقا لقانونها الشخصي الجديد الذي يبيح ذلك.
بعد ذلك سافرت إلى برلین وتزوجت بأمیر من جنسیة رومانیة یدعى بیبیسكو ورحلا معا للإقامة بباریس، وعند علم زوجها بالأمر رفع دعوى أمام المحاكم الفرنسية مطالبا ببطلان الزواج الثاني، وبتاريخ 18 مارس 1878 أصدرت محكمة النقض قرارها بشأن هذه القضية، حيث قضت فيه بعدم الاعتراف بالطلاق الذي تم في الخارج معللة موقفها بأن تغيير الكونتيسة لجنسيتها لم يكن إلا بهدف التحايل على القانون الفرنسي الذي كان يمنع الطلاق آنذاك، فاستبعدت بذلك القانون الأجنبي وهو قانون الجنسية الجديد للزوجة، واعتبرت أن الزواج الأول مازال قائما حسب القانون الفرنسي الواجب التطبيق أصلا والذي تم التحايل عليه.[6]
وتكتسي دراسة هذا الموضوع أهمية خاصة في نطاق القانون الدولي الخاص ويتجلى ذلك من خلال النقاط التالية:
ü       لكون إعمال التحايل على القانون كأحد موانع تطبيق القانون الأجنبي المختص للفصل في النزاع بموجب قاعدة الإسناد الوطنية من شأنه حماية المصلحة الوطنية، والوقوف بالمرصاد لكل محاولة غش من الأطراف للتلاعب في ضوابط الإسناد بغية التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق في الأصل.
ü       أن الدفع بالغش أو التحايل على القانون باعتباره مانعا من موانع تطبيق القانون الأجنبي ينبغي أن يكون مقرونا بالحكمة والاعتدال، حيث لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات التي تستدعي التدخل حقيقة من أجل حماية المبادئ الأساسية في مجتمع دولة القاضي.
وهذا ما يدفعنا إلى طرح الإشكالية التالية: إلى أي حد تم ضبط فكرة الغش أو التحايل على القانون كوسيلة لاستبعاد القانون الأجنبي؟
هذه الإشكالية التي تتفرع عنها مجموعة من الأسئلة الفرعية المتمثلة في : ما هو مفهوم التحايل على القانون وما هو أساسه القانوني؟ وما هو موقف كل من الفقه والتشريع والقضاء، المغربي والمقارن من التحايل على القانون؟ وما هو نطاق وكيفية إعمال الدفع به؟ وما هي أهم عناصره؟ وما هي الآثار المترتبة عنه؟
وسنعتمد في إطار الإجابة عن ذلك على المناهج التالية: المنهج التحليلي الذي يظهر لنا من خلال محاولة الإحاطة بمفهوم التحايل على القانون وطبيعته  القانونية وأهم المجالات التي يتم فيها الدفع به، والمنهج المقارن والتاريخي من خلال التطرق إلى مختلف مواقف كل من التشريع والفقه والقضاء المغربي والمقارن من التحايل على القانون والتطور التاريخي الذي عرفه ذلك.
لإجابة عن مختلف هذه الإشكاليات ارتأينا معالجة هذا الموضوع وفق التصميم التالي: مفهوم التحايل على القانون وطبيعته القانونية وكيفية الإعمال به (المبحث الأول)، ثم الآثار المترتبة على الغش أو التحايل  القانون (المبحث الثاني).

المبحث الأول: مفهوم التحايل على القانون وتحديد أساسه القانوني وكيفية الإعمال به


إن مفهوم الغش نحو القانون لا یقتصر فقط على محیط القانون الدولي الخاص، بل له امتداد على مستوى القانون الداخلي، ویحصل عندما یعمد أطراف العلاقة إلى تبدیل الوصف القانوني لها، فینقلوا أحكامها من نطاق قانون إلى نطاق قانون آخر من السیادة التشریعیة للدولة الواحدة، كما لو كان قانون الدولة یمنع بیع مال معین فیعمد الأطراف إلى تبدیل العلاقة من وصف البیع إلى الإیجار الطویل.
أما الغش نحو القانون في إطار القانون الدولي الخاص فیحدث عندما یعمد الأطراف إلى تغییر بعض عناصر العلاقة القانونیة القابلة للتغیر على نحو ینقل الاختصاص في العلاقة من محیط قانون دولة إلى محیط قانون دولة أخرى، للخروج من أحكام القانون الأول والاستفادة من التسهیل في أحكام القانون الثاني، والمثال التقلیدي الذي دائما ما یشار له هو تغییر ضابط الجنسیة.[7]
فإذا ما أراد شخص الطلاق وكان قانون جنسیته یحضر ذلك فیلجأ الزوج لتغییر جنسیته عن طریق اكتساب جنسیة دولة تسمح له بذلك، فیكون بذلك قد قام بتغیر ضابط الجنسیة بإرادته بقصد نقل الاختصاص في الطلاق من قانون یحضره إلى قانون یبیحه، أي أنه تخلص من قانون یتشدد بشأن الطلاق ودخل في نطاق قانون یخفف من إجراءاته، فهو بذلك لم يغير الجنسیة لذات التغییر أي لتغیر بیئته الاجتماعیة، وإنما لتبدیل الاختصاص في العلاقة.[8]
ویلجأ الأفراد إلى التحایل في محیط العلاقات الدولية الخاصة بغیة إنشاء علاقة أو مركز قانوني لم یكن یسمح بإنشائه القانون الواجب التطبیق أصلا، أو كان ذلك القانون یتطلب من أجل ذلك شروطا أكثر شدّة من تلك التي یتطلبها القانون الذي یشیر إلیه ضابط الإسناد الجدید الذي تمّ التوصل إلیه عن طریق الغش أو التحایل على القانون .[9]

المطلب الأول: مفهوم التحايل على القانون وأساسه القانوني

قبل الشروع في تحديد الأساس القانوني للتحايل على القانون لابد من تحديد مفهومه، وذلكم من خلال (الفقرة الأولى) ثم بعد ذلك ننتقل لتحديد هذا الأساس (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم التحايل على القانون

بالرغم من تصدي القضاء في أغلب الدول للتحايل على القانون في شتى أشكاله، إلا أنه لم يقدم لنا أي تعريف له، فاسحا في شأن ذلك للفقه الذي قدم مجموعة من التعاريف فيما يلي:
يعرف الأستاذ Georges RIPERT التحايل على القانون بأنه " عملية تتم وفق اتفاق صادر عن جماعة للتهرب من تطبيق قاعدة قانونية آمرة".[10]
ویعرّفه الدكتور أحمد عبد الكریم سلامة  بأنّه: " التعدیل الإرادي النظامي للعنصر الواقعي في ضابط الإسناد المتغیر، ومن ثمّ تحویل الإسناد إلى قانون معین، وذلك بنیة التهرب من القانون الواجب التطبیق أصلا، سواء كان قانون القاضي أم قانون أجنبي". [11]
ویعرّف الأستاذ حسن الهداوي الغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص بأنّه "عبارة عن تدبیر إرادي لوسائل تؤدي إلى الخلاص من قانون دولة، لتصبح العلاقة من اختصاص قانون دولة أخرى أكثر تحقیقا للنتائج المتوخاة، ویعتمد ذوو المصلحة في ذلك على تغيير عناصر العلاقة القانونية لإنشاء ظروف تصبح معها العلاقة خاضعة لقانون آخر".[12]
ويعرف الأستاذ عكاشة محمد عبد العال بأن" الغش نحو القانون في ميدان تنازع القوانين هو كل تغيير إرادي في ضابط الإسناد أو في طائفة الإسناد ذاتها، تغيير مقصود يتم بطريقة قانونية للتهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق أصلا على العلاقة، وإحلال قانون آخر بدلا عنه من شأنه أن يحقق الغاية التي كان التغيير بسببها".[13]
فمن خلال كل هذه التعاريف يتضح لنا أن الغش نحو القانون هو عبارة عن تدبير إرادي لوسائل مشروعة في ذاتها تتفق وحرفية القانون، بقصد الوصول لأهداف غير مشروعة تخالف أوامر القانون ونواهيه.
كما أنّه من خلال التمّعن في مختلف هذه التعاریف، نلاحظ تعدّد الوسائل والأشكال والحالات التي تمكّن من التحایل على أحكام القانون، وهو ما یحتّم علینا التطرّق لمختلف هذه الحالات والأشكال. ففي العلاقات الخاصة الدولیة تحتفظ العلاقة بوصفها القانوني، ولكن یتحقق التحایل بأشكال مختلفة، فقد یتحقق عن طریق تغییر ضابط الإسناد ، كما قد یتحقق بواسطة تغییر طائفة الإسناد برمتها.
فالغش بواسطة تغییر ضابط الإسناد هي الحالة الأكثر حدوثا ، فمن المسلّم به أنّ قاعدة الإسناد تسترشد بضابط معین یشیر إلى القانون الواجب التطبیق، هذا الضابط يستند إلى أسس تحتمل بطبیعته التغير بإرادة الأطراف، وبالتالي فإنّه من المتصور أن یعمد هؤلاء إلى التلاعب بضابط معین يوصلهم إلى تطبیق أحكام قانون یحقق لهم ما یریدون، وفي نفس الوقت تجنب تطبیق أحكام القانون المختص أصلا والذي یقف حائلا، وتحقیق ما یرتجیه هؤلاء الأطراف.
ولعلّ المثال الكلاسیكي في هذا الشأن هو مثال تغییر ضابط الجنسیة ، وتغییره یؤدي إلى تغییر قاعدة التنازع وبالتالي القانون الواجب التطبیق، ممّا یتیح التهرب من محرمات وممنوعات القانون الشخصي الأصلي ، فإذا كان قانون جنسیة الزوج لا یتیح له الطلاق فقد یعمد هذا الأخیر إلى تغییر جنسیته لكي یتوصل إلى تطبیق قانون آخر یسمح له بذلك، وهو ما حصل في قضیة بوفرمون -المشار إلیها سابقا- عندما تجنّست الأمیرة بوفرمون بجنسیة إحدى المقاطعات الألمانیة بهدف الحصول على الطلاق الذي یحرّمه آنذاك القانون الفرنسي قانون جنسیتها الأصلیة، وبالمثل قد یعمد الشخص إلى تغییر موقع المنقول تهرّبا من أحكام قانون الموقع الأول وسعیا وراء تطبیق قانون الموقع الثاني الجدید، كما قد یعمد إلى تغییر الموطن عندما یستخدم كعنصر ربط للحالة الشخصیة.
ومن ثمّ فإنّ إمكانیة الغش نحو القانون في هذا الشكل من أشكال التحایل لا یقع إلاّ في الأحوال التي یكون فیها ضابط الإسناد قابلا بطبیعته للتغییر وفق إرادة الأطراف، إلّا أنّه إذا كان هذا التغییر ممكن ومتیسّر في مثل ضوابط الجنسیة والموطن وموقع المنقول ومحل إبرام التصرف، فإنّه غیر ممكن في حالات أخرى كموقع العقار ومحل  حصول الفعل الضار أو الفعل النافع.[14]
أما الغش بواسطة تغییر طائفة الإسناد فقد كشف القضاء الفرنسي حدیثا أنّ الغش نحو القانون قد یتم لیس فقط من خلال التلاعب بضابط الإسناد، وٕإنما أیضا من خلال التغییر في تكییف الرابطة القانونیة والتي هي عنصر من عناصر قاعدة الإسناد (الفكرة المسندة)، ومن ثمّ فكما یمكن التغییر في ظرف الإسناد یمكن أیضا التغییر في طائفة الإسناد، ویقدم لنا الاجتهاد القضائي الفرنسي مثالا على ذلك من خلال قضیة عرضت علیه.
وتتلخص وقائعها في أنّ المورّث Caron  [15]وهو مواطن أمریكی مقیم في الولایات المتحدة الأمریكیة یملك عقارا في فرنسا، وعندما شعر بدنو أجله، وبغیة التهرّب من أحكام القانون الفرنسي الواجب التطبیق على الميراث في العقارات (التهرّب من فكرة النصیب أو الحصة المحجوزة التي یعرفها القانون الفرنسي لمصلحة الأبناء والذي لا یمكن للمورّث التصرف فیها) فقام بتقدیم هذا العقار كحصة عینیة على سبيل التمليك إلى شركة أمريكية لقاء تملكه أسهما في هذه الشركة قاصدا من وراء ذلك إخضاع هذا الميراث لقانون موطنه (القانون الأمريكي) الذي يجهل فكرة النصيب المحجوز، وذلك من خلال تغيير الطائفة القانونية التي تنتمي إليها العلاقة من الطائفة المتعلقة بالعقارات إلى تلك الخاصة بالأموال المنقولة.
وبعد وفاة المورث أثيرت المسألة أمام القضاء الفرنسي، فحكمت محكمة إكس أن بروفانس بتاريخ 09/03/1983 وأيدتها بعد ذلك محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 20/03/1985 باستبعاد تطبيق القانون الأمريكي الذي تم التوصل إليه بنية الغش نحو القانون، وطبقت القانون الفرنسي المختص أصلا بحكم العلاقة محتفظة للأبناء بالنصيب المحجوز لهم من العقار.[16]

الفقرة الثانية: الأساس القانوني للتحايل على القانون

موقف الفقه المقارن من نظرية التحايل على القانون

تكفّل الفقهاء الفرنسیون الذین رحبّوا بفكرة الغش نحو القانون بالبحث عن الطبیعة القانونیة والأساس القانوني لهذه الفكرة، وقد تقصوا وهم في هذا السبیل ما إذا كانت فكرة الغش نحو القانون هي فكرة مستقلة قائمة بذاتها، أم أنها تنطوي في غیرها وتستقي منه أساسها القانوني، واختلفوا في ذلك اختلافا بیّنا، فأرجع بعض الفقه الغش نحو القانون إلى فكرة الصوریة  وهناك من أرجعه إلى نظریة التعسف في استعمال الحق.
حيث یذهب جانب من الفقه إلى اعتبار أنّ الغش نحو القانون تطبیق من تطبیقات نظریة[17] الصوریة  الشائعة في القانون المدني، ویمكن أن تتقاطع الفكرتان في أنّهما من عمل المتعاقدین، وكذا من حیث الغرض الذي ترمي إلیه كلا منهما وهو التحایل على أحكام القانون وتحقیق نتیجة غیر مشروعة  ورغم هذا التقارب والتشابه بین النظریتین، إلاّ أنّ الفرق بینهما واضح، ویتجلى ذلك في عدة نقاط نبرز أهمها في الآتي:

·     تنحصر الصوریة في نطاق التصرفات القانونیة وحدها، بینما قد یحصل الغش بعمل مادي، كما أنّ الصوریة تفترض وجود عقد ظاهري غیر حقیقي یستر عقد باطني حقیقي فإرادة المتعاقدین الظاهرة غیر مطابقة لإرادتهما المستترة الحقیقیة، بینما في الغش نحو القانون الإرادة الظاهرة فیه إرادة حقیقیة ولا تستر إرادة أخرى، فقط أنّ الغرض غیر مشروع .[18]
·     كذلك قیام الصوریة ینفي وجود فكرة الغش، فلا یتم إعمال الدفع بالتحایل على القانون إلاّ إذا تعذّر اللّجوء إلى وسیلة أخرى لتطبیق الجزاء على النتیجة غیر المشروعة، وهذا ما یفسّر الدور الاحتیاطي لهذه الفكرة، أضف إلى ذلك أنّه من بین الفروق المهمة والجوهریة بین النظریتین هو الجزاء المقرّر لكلّ منهما، حیث ینحصر جزاء الغش في عدم الاحتجاج بالنتیجة غیر المشروعة، في حین أنّ جزاء الصوریة یتمثل في إعدام وجود التصرف الصوري بین المتعاقدین وعدم إنتاجه لأيّ أثر، بینما التصرف الحقیقي الذي أراد الأطراف إخفاءه یطبق علیه الجزاء المقرّر في القاعدة القانونیة التي خالفها الأطراف.[19]
ویذهب جانب كبیر من الفقه الحدیث، ومنهم الأستاذ "Jacques MAURY" إلى أن فكرة الغش نحو القانون لا تعدو أن تكون صورة من صور التعسف في استعمال الحق  ومن ثمّ یرجع أساسه إلى نظریة المسؤولیة التقصیریة، مادام أنّ التعسف في استعمال الحق هو أحد التطبیقات الرئیسیة لنظریة المسؤولیة التقصیریة ، فإن كان من الطبیعي أن یتمتع الفرد بالحق في تغییر جنسیته أو موطنه، أو نقل أمواله عبر الحدود بقصد تیسیر علاقات الأفراد وتحقیق نموّها وازدهارها، فإنّه یتعیّن أن یكون هذا التغییر مشروع ولا یكون القصد من ورائه هو التهرّب من أحكام القانون الواجب التطبیق، وإلا اعتبر هذا التصرف تعسفا في استعمال الشخص لحقه في تغییر جنسیته أو موطنه أو غیرها، وٕإذا ما تبیّن للقاضي وجود تعسف في التغییر على الوجه السالف وجب علیه أن یهدر كل أثر له، ویعید الاختصاص للقانون الواجب التطبیق أصلا على العلاقة.[20]
غير أنه وإن اتفق المفهومان في أن كل منهما يشكل انحرافا في استعمال رخصة مقررة قانونا، فإنّ ذلك لا یمكن أن یحجب الفروق الواضحة بینهما على نحو ما سنبیّنه:

·        الغش موجه ضدّ القانون، في حین أنّ التعسف في استعمال الحق موجه ضدّ الأفراد ومن ثمّ فإنّ التعسف یقع ضد مصلحة خاصة تتمثل في الإضرار بالغیر، بینما یتعدى ذلك في الغش لیطال المصلحة العامة .[21]
·        إعمال المبادئ العامة في التعسف في استعمال الحق قد یؤدي بالقاضي إلى الحكم بالتعویض للطرف المضرور من جراء التعسف على أساس المسؤولیة التقصیریة، في حین أنّ نظریة الغش تهدف أساسا إلى استبعاد تطبیق أحكام القانون المختص بناء على ضابط الإسناد المفتعل وتطبیق القانون المختص بحكم النزاع أصلا .
·        كذلك من بین الفروق بین المفهومان هو أنّه قد یقع التعسف لمجرد إهمال أو عدم احتیاط ولو لم یقترن بسوء نیة، في حین یشترط في مرتكب الغش توافر نیة التحایل وتحقیق نتیجة غیر مشروعة.

موقف التشريع المغربي و المقارن من نظرية التحايل على القانون .

بالرجوع إلى القانون المغربي فليس هناك أي تشريع يعالج مسألة التحايل على القانون في إطار التنازع الدولي للقوانين ، حيث خلت النصوص الثلاثة المتعلقة بالوضعية المدنية للأجانب، من أي مقتضي يتعلق بهذا المفهوم[22] وهو ما سار عليه القانون المدني الأردني الذي لم يعالج هذه الحالة بشكلٍ خاص، وإنما ترك الباب موارباً تجاه تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص متى ما قصُرت نصوصه عن معالجة المسألة.
عكس بعض التشريعات الأخرى التي نصت بصراحة على الأخذ بهذا الدفع في ميدان تنازع القوانين ، ومن ذلك القانون المدني البرتغالي الذي نص في مادته على أنه :" في تطبيق قواعد الإسناد،  لا تؤخذ في الاعتبار المراكز الواقعية أو القوانين التي تم خلقها بقصد تحايلي لتجنب تطبيق القانون الذي كان له الاختصاص لو لم تتغير الظروف "  وكذا القانون المدني لدولة الجابون الصادرة في 1972 والتي نصت في مادتها 31 على أنه :" لا يجوز التمسك بمركز قانوني نشأ بتطبيق قانون أجنبي لم يكن مختصا إلا بطريق الغش نحو قانون الجابون " .فضلا عن القانون الدولي الخاص المجري لسنة 1979 [23]حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 8 على أنه :" لا محل لتطبيق القانون الأجنبي الذي يستند اختصاصه إلى عنصر أجنبي خلقه الأطراف على نحو اصطناعي أو صوري ، تحايلا على الحكم التشريعي الذي يحكم عادة الحالة المعروضة ".وكذا القانون الدولي الخاص الاسباني لسنة 1974 الذي نص في  فقرته الرابعة من المادة 12 على أنه :" يعتبر تحايلا على القانون استعمال إحدى قواعد الإسناد بغية التملص من تطبيق قانون أجنبي إسباني أمر ".وكذا قانون الأسرة السنغالي في مادته 801 .وكذا القانون الدولي الخاص اليوغسلافي لسنة 1982 حيث  جاء مادته 5 على أنه :" لا يطبق قانون دولة أجنبية واجب التطبيق بمقتضى القانون الحالي أو قانون فيدرالي آخر إذا كان هدف ذلك التطبيق هو التحايل على القانون اليوغسلافي " بالإضافة إلى القانون السويسري لسنة 1987 في فقرت الثانية من المادة 6 .
وفي نفس السياق فقد تبنى المشرع الجزائري هذه النظرية بموجب نص المادة 24/1 من القانون المدني:" لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي.....أو ثبت له الاختصاص بواسطة الغش نحو القانون". وهكذا فإن نظرية التحايل على القانون في منظور التشريع الدولي عرفت تباين من حيث مدى الأخذ بهذا الدفع ، ومن خلال استقرائنا لهذه  التشريعات نجد أن هناك تشريعات  نصت صراحة على مسألة الدفع بالتحايل على القانون، ومنها من ترك هذا الدفع للقواعد العامة .وهو ما سينعكس على العمل القضائي .[24]

موقف القضاء المغربي و المقارن من نظرية التحايل على القانون .

إن القضاء كان له  السبق في إثارة هذا الدفع وخاصة القضاء الفرنسي على إثر القضية الشهيرة والتي تعرف بقضية الأميرة دي بوفرمون سنة 1878 ، والذي قررت معه محكمة النقض الفرنسية "أن الأميرة لم تغير جنسيتها إلا بقصد التحايل والغش نحو القانون الفرنسي الذي يمنع الطلاق الحاصل في الخارج والزواج الثاني غير سار بوجه الزوج الأول الذي يبقى زواجه في فرنسا قائما ".[25]
أما القضاء المغربي فقد كان موقفه متأرجح وحسب رأي الأستاذة جميلة أوحيدة فإن المحاكم في عهد الحماية لم تولي أي اهتمام للبحث عن وجود التحايل أو الغش نحو القانون سواء تعلق الآمر بالقانون المغربي أو بالقانون الأجنبي.[26] أما اليوم فقد حاول القضاء، في إطار القانون الدولي الخاص المغربي، احتضان مفهوم التحايل على القانون المعمول به في القانون المقارن، حيث فتح المجال لإمكانية استبعاد القانون الأجنبي للأحوال الشخصية بسبب التحايل على القانون.[27] وهو ما سارت عليه محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا ) قرار صادر بتاريخ 5 يوليوز 1974 ومفاده بوجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، في ميدان الأحوال الشخصية والمواريث على من يعتنق الديانة الإسلامية أوضح أنه يجب أن يكون :" هذا الاعتناق قد وقع بدون تدليس ". أما القضاء في دول مثل بلجيكا و إيطاليا فقد أخد بنظرية التحايل على القانون مع تضييق نطاق تطبيقها بينما كان تطبيقها في دول أخرى كألمانيا نادرا جدا.[28]

المطلب الثاني: نطاق وإعمال الدفع بالتحايل على القانون
الفقرة الأولى: نطاق الدفع بالتحايل على القانون

یثیر تحدید نطاق الدفع بالتحایل على القانون عدة تساؤلات أهمها: هل یقتصر نطاق الدفع بالغش نحو القانون على حالة التهرّب من أحكام قانون القاضي فقط؟ أم یتعداه إلى حالة التهرب من أحكام القانون الأجنبي؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل یقتصر هذا الدفع على حالة التلاعب بقاعدة قانونیة آمرة؟ أم یتم إعماله حتى في حالة التلاعب بقاعدة مكملة.

أولا: نطاق الدفع بالغش من حیث القانون المتهرّب من أحكامه

ظهر في الجواب على هذا التساؤل الأول اتجاهان رئیسیان، الأول یحصر نطاق التحایل على قانون دولة القاضي وحده، والثاني یقضي بإعمال الدفع بالتحایل على القانون بصفة مطلقة مهما كان القانون المتهرب منه، سواء كان هذا القانون هو قانون دولة القاضي أو أي قانون أجنبي آخر[29].

أ‌- حصر نطاق إعمال التحایل على قانون القاضي: استقر الفقه وأیّده في ذلك القضاء خلال فترة لیست بالیسیرة على قصر إعمال الدفع بالغش نحو القانون فقط إذا كان القانون المتهرّب من أحكامه هو قانون القاضي، بمعنى أنّه یشترط من أجل إعمال هذا الدفع أن یكون القانون الواجب التطبیق على العلاقة هو القانون الوطني للقاضي المطروح أمامه النزاع، وفي حالة ما إذا كان قصد الأفراد هو التهرّب من تطبیق قانون أجنبي على علاقتهم فلیس هناك محل للّجوء لهذه الوسیلة [30]، تبنّى هذا الاتجاه جانب من الفقه الفرنسي التقلیدي [31]، وكذا جانب من القضاء في بدایة الأمر ، خاصة منذ قضیة " بوفرمونت" التي تبیّن من خلالها أنّ هذا التحایل كان من إحدى الوسائل التي تمّ اللجوء إلیها عند التهرّب من أحكام قانون القاضي فقط، كما ذهب في هذا الاتجاه مجموعة من التشریعات الحدیثة، من بینها القانون الدولي الخاص الإسباني لسنة [32]1974 ، وكذا مجموعة القانون المدني لدولة الجابون لسنة 1972، حيث نصت المادة 31 من مجموعة القانون المدني الجابوني على " لا يجوز التمسك بمركز قانوني نشأ بتطبيق قانون أجنبي لم يكن مختصا إلا بتطبيق الغش نحو القانون الجابوني".[33] ومجموعة القانون الدولي الخاص المجري  لسنة 1978.[34]
وقد استند هذا الاتجاه فیما ذهب إلیه على مجموعة من الحجج من بینها:
·  أنّ التهرّب من الأحكام القانونیة في القانون الوطني هو الذي من شأنه المساس بالمصالح العامة  في دولة القاضي.[35]
·  ثمّ إنّ وظیفة القاضي في الدولة هي كفالة تطبیق القانون الوطني ومنع الأفراد من مخالفة أو التهرب من أحكامه، وبالتالي لا یدخل في نطاق هذه الوظیفة منع الأفراد من التهرب من أحكام القوانین الأجنبیة أو السهر على حراسة هذه القوانین ضد التلاعب بها.

ب‌-    إعمال الدفع بالتحایل بصفة مطلقة مهما كان القانون المتهرّب من أحكامه:یذهب  الفقه الحدیث مدفوعا بالعدید من الأحكام القضائیة ، ومؤیدا من بعض الاتفاقیات الدولية، بل وتبنّته العدید من التشریعات  إلى إعمال هذه النظریة بشكل مطلق طالما توفر الغش نحو القانون، سواء أكان القانون المتهرّب منه قانون دولة القاضي أو قانون دولة أجنبیة، فالغش یفسد كل شيء وأیّا كانت الغایة منه فإنّه تجب محاربته، ولهذا الاتجاه جملة من الحجج لتبریر موقفه أهمها:

v    هذه النظریة تستجیب لمبدأ عام، وهو وجوب مطاردة الغش ومحاربته أیا كانت صورته وسواء قصد به التهرّب من أحكام القانون الوطني الواجب التطبیق أو الإفلات من تطبیق القانون الأجنبي .
v    كذلك إنّ الدفع بالتحایل على القانون یستند إلى اعتبارات خلقیة ولمبدأ حسن النیة یستوي في شأنها ما إذا كان القانون المتهرّب منه قانون وطني أو أجنبي، ثمّ أنّ فكرة التعاون فیما بین الدول تفرض على كل دولة العمل على احترام القوانین الأخرى.[36]

ثانيا: نطاق الدفع بالغش من حیث القاعدة المتهرّب منها

وأمّا التساؤل الثاني والمتمثل في: هل یقتصر الدفع بالتحایل على حالة التلاعب بقاعدة قانونیة آمرة ؟ أم یتم إعماله حتى في حالة التلاعب بقاعدة مكملة؟، فقد تجاذب في الإجابة علیه هو الآخر اتجاهان:
یرى الأول أنّ نطاق إعمال نظریة الغش تقتصر على حالة مخالفة القواعد الآمرة في القانون المتهرب منه فقط ، في حین یذهب الاتجاه الثاني إلى أنّ الأمر یتعدى ذلك إلى القواعد المكمّلة.

أ- قصر إعمال نظریة الغش نحو القانون على القواعد الآمرة
یتبنّى هذا الاتجاه الفقه التقلیدي الذي یقصر إعمال الدفع بالغش نحو القانون على حالات التهرّب من قاعدة آمرة، وأمّا لو كانت القاعدة القانونیة اختیاریة فلا یتصور في نظرهم التهرّب منها، ویمیل إلى هذا الاتجاه بعض التشریعات على غرار التشریع الإسباني، فقد ورد في نص المادة  12/4 من القانون الدولي الخاص الاسباني الوارد بالمجموعة المدنیة لسنة 1974 النص على أنّه " یعتبر تحایلا على القانون استعمال إحدى قواعد التنازع بغیة التهرّب من قانون إسباني آمر"، ویستند هذا الاتجاه فیما ذهب إلیه إلى أنّ المشرّع خوّل للأفراد صراحة مكنة الخروج على القواعد المكمّلة والاتفاق على مخالفتها، وهم  لیسوا في حاجة للجوء إلى مناورات احتیالیة من أجل تجنب إعمال هذه القواعد.[37]

ب-إعمال نظریة الغش نحو القانون مهما كانت طبیعة القاعدة المتهرب منها
یذهب الفقه الحدیث إلى القول بأنّ نظریة الغش نحو القانون تجد تطبیقا لها سواء كانت القواعد القانونیة المتهرّب منها آمرة أو مكمّلة، وحجّتهم في ذلك أنّ العبرة هي بالغرض الذي یهدف إلیه الأفراد من وراء تصرفهم، إذ من الممكن تصور خروج الأفراد عن الهدف الذي توخاه المشرع من وراء القاعة القانونیة دون تفرقة في ذلك بین ما إذا كانت هذه القاعدة آمرة أم مكملة.[38]

الفقرة الثانية: إعمال الدفع بالتحايل على القانون
أولا: مجال إعمال الدفع بالتحايل على القانون

اختلف الفقه أیضا في مسألة مجال إعمال الدفع بالغش نحو القانون، فذهب جانب منه إلى قصر إعمال هذا المانع ضمن مجال مسائل الأحوال الشخصیة وهي الزواج والطلاق، وذلك لكون أنّ أغلب هذه المسائل ضوابطها قابلة للتغییر، في حین ذهب جانب آخر من الفقه إلى إعمال هذا الدفع في جمیع مسائل تنازع القوانین وفي كل المجالات سواء في مجال الأحوال الشخصیة أو العقود أو الفعل الضار والنافع، غیر أنّ الفیصل في هذا الأمر یكمن في أنّه یمكن إعمال الغش كمانع في المسائل التي تكون ضوابط الإسناد فیها قابلة للتغییر ، مثل الجنسیة والموطن وموضع المال المنقول، وأمّا إذا كانت الضوابط غیر قابلة للتغییر مثل موقع العقار فلا تعمل فكرة الغش في هذا المجال.[39]
الغش نحو القانون في مسائل الأحوال الشخصیة: یعتبر المجال الرئیسي لإعمال فكرة الغش نحو القانون في الغالب هو مسائل الأحوال الشخصیة، وذلك على اعتبار أنّ هذه المسائل عموما تعتمد على ضابطین، ضابط الجنسیة في بعض الدول غرار فرنسا ومعظم الدول العربیة، وضابط الموطن في البعض الآخر كما في الدول الأنجلو أمریكیة، وهما من أكثر الضوابط التي یكون لإرادة الأطراف دخل في اختیارها أو تغییرها، فیستطیع الأفراد في مثل هذه الحالات تغییر جنسیاتهم ومواطنهم، فیتغیّر تبعا لذلك القانون الواجب التطبیق [40]
ومن مواضیع الأحوال الشخصیة التي یبلغ فیها التنازع ذروته، هو موضوع الزواج، وذلك لكون أنّ جل التشریعات تختلف في شأنه اختلافا بیّنا، یبدأ ذلك الاختلاف في فكرة الزواج ذاتها، ویمتد إلى انعقاده وآثاره وانقضائه، حیث توجد من بین التشریعات من تعتبر الزواج نظاما دینیا، في حین تعتبره أخرى نظاما مدنیا، وهناك من یعتبره رابطة أبدیة غیر قابلة للانحلال، بینما یمكن حلّه في بعض التشریعات سواء بالإرادة المنفردة للزوج أو باتفاق الزوجین، وهناك من هذه الدول من یبیح التعدّد في هذه الرابطة، في حین یعتبر ذلك من أكثر الخطوط الحمراء وأخطرها بل یعتبر ذلك جرما في دول أخرى.[41]
ویعتبر هذا الاختلاف الكبیر بین التشریعات في مسائل الزواج، سببا رئیسا لتحایل الأفراد على القوانین، عن طریق تغییر جنسیاتهم بغیة التهرّب من أحكام قانون جنسیتهم الأصلیة الذي لا یتوافق وما یصبون إلیه، وعلى ذلك فإذا غیّرت امرأة جنسیتها للتهرّب من قانونها الشخصي الذي یتضمن مانعا من الموانع الشرعیة للزواج، كأن تكون زوجة في دولة لا یبیح قانونها الطلاق فتتجنس بجنسیة دولة أخرى لتزیل مانع وجودها في عصمة رجل  آخر لتتزوج برجل آخر.[42]
كذلك یعتبر موضوع الطلاق من أكثر المجالات التي یكثر فیها التحایل على القانون في میدان الأحوال الشخصیة ، خاصة إذا علمنا أنّه كانت هناك عدید التشریعات من لا تجیز الطلاق، كالتشریع الفرنسي قبل سنة 1884 ، وكذلك هناك من التشریعات من لا یجیز الطلاق بالإرادة المنفردة وهناك من یضع شروط تعجيزية لذلك، وبغیة تجنّب كل ذلك یعمد الأفراد لتغییر ضابط الإسناد، سواء بتغییر الجنسیة أو الموطن  في الدول التي تعتمد الموطن كضابط مي مسائل الأحوال الشخصیة  بغیة التملّص من أحكام قانون جنسیتهم الأصلیة أو موطنهم الأصلي والاستفادة من تسهیلات قانون الجنسیة الجدیدة أو الموطن الجدید في هذا الموضوع ، وهو ما قامت به الأمیرة بوفرمون عندما قامت بتغییر جنسیتها بقصد تجنب أحكام القانون الفرنسي الذي یحضر الطلاق، والحصول على ذلك بموجب قانون جنسیتها الجدیدة.
الغش نحو القانون في مسائل التصرفات القانونیة: للأفراد وسائل عدّة تمكنهم من التحایل على أحكام قانونهم الشخصي المتعارضة مع مصالحهم، من ذلك أن یعمدوا إلى اصطناع عنصر أجنبي في علاقة وطنیة بحتة بغیة الإفلات من أحكام القانون الوطني، أو تغییر العنصر الأجنبي كي تصبح وطنیة تهربا من أحكام القانون الأجنبي المختص، حیث یشكّل ذلك أحیانا وسیلة للتهرّب من الأحكام التي لا تتوافق مع یصبوا إلیه الفرد في قانونه الشخصي، فیلجأ إلى بلد آخر یجري فیه هذا التصرف، لذلك نلاحظ العدید من التشریعات ومن أجل ردع المتحایلین على قوانینها لا تعترف بنفاذ تلك التصرفات إذا كان قانونها هو المختص أصلا، مثال ذلك ما تقضي به بعض القوانین الغربیة من عدم الاعتراف بالزواج الذي يجري في الخارج من غير توفر الشروط المطلوبة حسب قانون الجنسية المختص.[43]

ثانيا: المجالات التي تخرج من نطاق إعمال الدفع بالغش نحو القانون

هناك عدة مجالات لا تتوقف ضوابط الإسناد فیها على إرادة الأشخاص، فهي محددة سلفا سواء لطبیعتها، أو في الفروض والمجالات التي یحسم فیها المشرع مسبقا مشكلة التنازع المتحرك للتنازع، وهذا ما سنوضحه فیما یلي:

أ- الحالات التي لا یسمح ضابط الإسناد بطبیعته حصول التغییر: سبق وأن ذكرنا أنّ الدفع بالغش نحو القانون یكون ممكنا في الحالات التي تتدخل فیها الإرادة لاختیار ضابط الإسناد أو تغییره، وعلى ذلك فإنّه لا محل للأخذ بهذا الدفع في الفروض التي لا تتدخل فیها الإرادة في تحدید هذا الضابط الذي یتحدّد به القانون الواجب التطبیق، فعناصر التعیین في هذه الفروض ثابتة لا تتحرك بالإرادة، منها محل وقوع الفعل الضار، وموقع العقار إلاّ إذا حدث تحویل في طبیعته، كما لو تمّ تقدیمه كحصة عینیة على سبیل التملیك في شركة أسهم والحصول مقابله على أسهم، وذلك بغیة التهرّب من أحكام قانون موقع العقار، كم حدث في إحدى القضایا التي عرضت على القضاء الفرنسي، عندما أقدم أمریكي یملك عقارا في فرنسا بتقدیمه كحصة في شركة أمریكیة لقاء تملكه أسهما فیها، قاصدا من وراء ذلك( التهرّب من أحكام القانون الفرنسي الواجب التطبیق على الميراث في العقارات (.[44]

ب - الفروض والمجالات التي یحسم فیها المشرع سلفا مشكلة التنازع المتحرك للقوانین: كذلك لا مجال لإعمال نظریة الغش نحو القانون في الفروض التي یحسم فیها المشرّع مشكلة التنازع المتحرك للقوانین، فإذا جاء النص القانوني مثلا، أنّ التطلیق یخضع لقانون الجنسیة المشتركة للزوجین وقت انعقاد الزواج، وكان قانونهما یحظر الطلاق، فإنّ تجنّس الزوج بجنسیة دولة أخرى یبیح قانونها الطلاق سیكون عدیم الأثر على اعتبار أنّ النص القانوني یربط ذلك بضابط الجنسیة وقت انعقاد العقد دون سواه، وهو ما لا یمكن التلاعب به باعتبار أنّ النص القانوني حسم المسألة مسبقا، ویعطي القانون اللبناني نموذجا لهذا الفرض، حیث یسند قانون 02 أبريل 1952 الخاص بالطوائف غیر الإسلامیة الاختصاص للقانون الذي حصل الزواج في ظلّه بدون أن یعطي أيّ أثر لتغییر الجنسیة أو محل الإقامة على الزواج، لذلك ستكون المناورات التحايلية عدیمة الأثر في هذه الحالة.[45]

الفقرة الثانية: شروط الدفع بالتحايل على القانون

سبق وأن ثم التطرق في معرض تعريف التحايل على القانون أن هذا الأخير هو التحايل الذي يقع من أحد الأطراف في علاقة مشوبة بعنصر أجنبي اتجاه ضابط الإسناد بتغيير ظرف الإسناد بنية التهرب من تطبيق أحكام قاعدة الإسناد الوطنية.
وعليه، يتبين أن للدفع بالتحايل  نحو القانون شرطان أساسيان يتمثل الأول في أن يقوم أحد الأطراف في علاقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي بتغيير ظرف الإسناد، وهذا هو العنصر المادي وكذلك أن يكون هذا التغيير بنيّة التهرّب من تطبيق أحكام قاعدة الإسناد الوطنية وهو العنصر المعنوي.

أولا  :العنصر المادي للتحايل نحو القانون

يشترط للدفع بالتحايل نحو القانون أن يتوافر عنصر مادي في الغش وهو إجراء تغيير إرادي في ضابط الإسناد، ويجب أن يكون هذا التغيير في ضابط من ضوابط الإسناد التي يمكن تغييرها إرادياً. وهو ما يشترطه القضاء الفرنسي لإمكان الدفع بالغش نحو القانون.  ويكون ذلك على سبيل المثال بتغير الجنسية أو الموطن أو موقع المنقول أو مكان إبرام العقد.[46]
وقد ثار تساؤل عن إمكانية توافر الركن المادي للغش بتغيير الديانة ؟.
والحقيقة أنه رغم عدم اعتداد المشرع ( المصري) بالديانة كضابط لإسناد العلاقات المتضمنة عنصرا أجنبيا إلا أن البعض يرى أن الركن المادي للغش كما يمكن أن يتحقق بحالة تغيير الديانة في مجال العلاقات الخاصة الدولية فيما لو كان تغيير الديانة قد تم باعتناق الإسلام بغرض الاستفادة من استقرار المحاكم في دولة مثل مصر في مجال الأحوال الشخصية على استبعاد القوانين الأجنبية المختصة ، أخذا بالدفع بالنظام العام ، متى تعارضت مع حقوق المسلمين ، بصرف النظر عن حقيقة الدوافع الكامنة وراء اعتناق الشخص للإسلام .[47]
ويشترط أن يكون هذا التغيير فعلياً إذ لو كان تغير ضابط الإسناد صورياً فهنا لا حاجة لإعمال الدفع بالغش نحو القانون، إذ يكفي بهذه الحالة التمسك بأحكام الصورية لإهدار كل أثر لهذا التغير، فإذا غير شخص موطنهُ صورياً فلا عبره في هذا التغير، فالعبرة في الموطن الحقيقي .
ويشترط أيضاً أن يكون التغيير مشروعاً، ولعل هذا هو وجه الطرافة في الدفع بالغش نحو القانون .إذ لو كانت الوسيلة المستخدمة في التغيير غير مشروعة ، كأن يتم تغيير الجنسية عن طريق الغش في أحكام قانون الجنسية ، فإنه لا يجوز الاعتداد في هذه الحالة بالجنسية عن طريق الغش وتكون العبرة بالجنسية الأولى .
ففي مثل هذا الفرض لا حاجة لنا بنظرية الغش نحو القانون ، على أساس أنه يكفي لتلافي النتيجة التي يهدف إليها الشخص، أن يثبت أن الوسيلة المستخدمة غير مشروعة ، فهنا تكمن الخطورة إذ يهدف الشخص من وراء استخدام هده الوسيلة المشروعة أن يتوصل إلى نتيجة غير مشروعة ، وفي هذا الفرض وحده تبدو أهمية الدفع بالتحايل على القانون.[48]
وعليه فإن الدفع بالتحايل على القانون لا يتأتى إلا في الأحوال التي ينعدم فيها جزاء آخر يمكن عن طريقه تلافي النتيجة غير المشروعة التي يسعى الشخص إلى تحقيقها.[49]

ثانيا: العنصر المعنوي للغش نحو القانون

وتبعا لما ثم ذكره  فإنه يشترط للدفع بالغش نحو القانون أن يتوافر عنصر مادي في الغش وهو إجراء تغيير إرادي في ضابط الإسناد، وبالإضافة للعنصر المادي يجب أن يتوافر عنصر معنوي يتمثل في نية التهرب من أحكام قانونٍ ما.
وهنا يشترط أن يكون الباعث الرئيسي من تغيير ضابط الإسناد هو نقل الاختصاص من قانون دولة إلى قانون دولة أخرى؛ أي التهرب من أحكام قانون واللجوء إلى قانون آخر تعينه قاعدة الإسناد. وللمحكمة سلطة تقديرية. [50] في تقرير وجود نية الغش من عدمها وهذا ما قد يثير صعوبة من الناحية النظرية إذ أن المعيار الشخصي في البحث عن النية صعب التحقق ولذلك يلجأ القاضي إلى معيار موضوعي بحيث يستخلص النية من وقائع كل قضية على حدة ومن خلال بعض القرائن.² والتي يمكن ومن خلال البحث أن نشير منها على سبيل المثال:
- التزامن بين تغيير ضابط الإسناد وبين طلب تطبيق القانون الذي يشير إليه هذا الضابط.
- التسهيلات التي ينطوي عليها القانون الجديد لصالح الشخص الذي قام بتغيير ضابط الإسناد.
وفي هذا الصدد لا بد وأن نشير إلى أن البعض قد أنكر وجود فكرة الغش نحو القانون مستنداً إلى أن العنصر المعنوي في الغش نحو القانون المتمثل بنية المتحايل في التهرب من أحكام قاعدة الإسناد. وهذا الإثبات على الرغم من صعوبته إلا أن مسألة الإثبات مسألة مختلفة عن وجود الفكرة من عدمها؛ فعلى الرغم من صعوبة إثبات قصد التعدي مثلاً في نظرية التعسف باستعمال الحق، إلا أن القانون لم ينكر وجودها ونص عليها صراحةً في نص المادة (66/2) من القانون المدني الأردني.
وبالتالي، ومن كل ما سبق، يمكن أن نضع هاذين الشرطين المشار إليهما في هذا المبحث كمعيار يمكن تقديمه والدفاع نحوه أمام القاضي الأردن للدفع نحو منع التحايل على تطبيق القانون الأردني طالما أنه ليس هناك قواعد منظمة لهذه المسألة في القانون المدني الأردني وليس هناك أيضاً اجتهادات لمحكمة التمييز الأردنية حسب ما وصل إليه الباحث في هذا الصدد.[51]

المبحث الثاني: الآثار المترتبة على التحايل على القانون

تتعدد الآراء حول الأثر المترتب على الدفع بالغش نحو القانون وحدود الجزاء الذي یتقرّر بمقتضاه، والراجح أنّ لهذا الدفع أثرين  أحدهما سلبي یتمثل في استبعاد القانون الذي تم الغش توصلا لتطبيقه، مع اختلاف بیّن بین الفقهاء حول حدود ذلك الاستبعاد (المطلب الأول)، والآخر إیجابي یتمثل في وجوب تطبیق القانون الذي كان مختصا بمقتضى قاعدة الإسناد الوطنیة(المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأثر السلبي المتمثل في استبعاد القانون الذي تم الغش توصلا لتطبيقه

 إذا كان الهدف من قيام أطراف العلاقة أو أحدهم بالتلاعب في واحد أو أكثر من العناصر الواقعیة التي تؤثر في تحدید ضابط الإسناد هو التوصل إلى استبعاد قانون لصالح قانون آخر، فإنّ الجزاء الواجب توقیعه تجاه هذه المخالفة هو إحباط أثر ذلك التلاعب باستبعاد القانون الذي حاول أطراف التوصل إلى تطبیقه وعدم نفاذ أي أثر له، حماية للمصالح الخاصة المشروعة للغير – ممن قد تضار مصالحهم بينما هم ليسوا بأطراف في العلاقة- ودفاعا عن سلطان القانون الذي يتلاعب الأطراف بقصد استبعاده.[52]
واختلف الفقه في هذه المسألة اختلافا بیّنا، وانقسم الفقهاء في شأن ذلك إلى اتجاهین. اتجاه یضیّق من نطاق هذا الاستبعاد لیقتصر على عدم نفاذ النتیجة فقط (الفقرة الأولى)، واتجاه ثاني موسع لنطاق هذا الأثر السلبي الاستبعادي لیشمل عدم نفاذ الوسیلة والنتیجة معا (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: عدم نفاذ النتيجة

یرى أصحاب هذا الاتجاه ( وهو الرأي الغالب فقها وقضاء في فرنسا)[53] ومنهم "نبواییه" أنّ أثر الدفع بالغش نحو القانون یجب أن یقتصر على عدم نفاذ النتیجة غیر المشروعة التي أراد الأفراد تحقیقها من  تغییر ضابط الإسناد، دون الوسیلة المستعملة للوصول إلى تلك النتیجة، وذلك على اعتبار أنّ النتیجة وحدها من تعتبر غیر مشروعة، في حین أنّ الوسیلة تمّت بطریقة صحیحة وسلیمة تماما ولا تنطوي على أي مخالفة للقانون.[54]
وترتیبا على ذلك إذا تجنّس شخص مثلا بجنسیة أجنبیة وفقا للشروط المطلوبة لاكتسابها بغیة التملّص من الحكم المانع للتطلیق في قانون جنسیته الأصلیة، وحصل على مبتغاه بمقتضى قانون جنسیة الدولة الجدیدة، فإنّ أثر الغش – حسب هذا الاتجاه – هو عدم نفاذ الطلاق الحاصل وفقا للقانون الجدید، لكن دون أن یتطرق إلى الجنسیة الجدیدة ذاتها التي تبقى صحیحة منتجة لآثارها القانونیة فیما یتصل بأي مسألة أخرى خلاف النزاع المذكور، وعلى ذلك فإنّ أي نزاع مستقبلي متعلق بأهلیة هذا الشخص مثلا یقتضي تطبیق قانون جنسیته الجدیدة مادام أنّه لم یقم بتغییر جنسیته تهرّبا مما یقضي به قانونها في شأن الأهلیة بالنسبة لهذا النزاع بالذات.[55]
وكذا فإنّه في قضیة "الأمیرة بوفرمون"  المشار إليها سالفا، فإنّه یقتصر أثر إعمال الدفع بالتحایل على القانون في هذه الحالة على عدم نفاذ الطلاق وبالتالي الزواج الثاني، وهي الغایة التي كانت تصبوا إلیها الأمیرة حینما قامت بتغییر جنسیتها للتملّص من أحكام القانون الفرنسي الواجب التطبیق أصلا والذي كان یحضر الطلاق آنذاك، وعلى إثر ذلك یبقى تجنّس الأمیرة منتجا لأثاراه القانونية  في خارج حدود القضية المطروحة. [56]
ویستند هذا الاتجاه في تبریر ما ذهب إلیه على مجموعة من الحجج، أهمها ما یلي:
v    طبیعة الدفع بالغش: فالدفع بالغش نحو القانون في إطار القانون الدولي الخاص یختلف عنه في القانون الداخلي، فهو في الأول وسیلة احتیاطیة تستعمل كعلاج أخیر لحمایة قاعدة التنازع ویجب استعمالها في الحدود التي تحقق تلك الغایة.
v    مبدأ عدم الاختصاص: فالقاضي الوطني غير مختص للحكم بإبطال الإجراء الذي تمّ   بموجبه تغییر ضابط الإسناد، لاسيما التجنس والتوطن خاصة وأنها تتم بوسيلة مشروعة في ذاتها.
v    فكرة الجزاء المضاعف: حیث أنّ المتحایل إذا كان من المؤكد أنّه لن یستفید من النتائج التي كان یصبوا إلیها من جزاء مناوراته التحایلیة على القانون الواجب التطبیق أصلا، فإنّ الإبقاء على التغییر الحاصل في ضابط الإسناد قد تترتب عنه نتائج أخرى أكثر صرامة وٕإضرارا  به من القانون الذي تمّ التحایل علیه، وفي ذلك ردع له ومعاملة له بنقیض مقصود.[57]

نقد هذا الاتجاه:

انتقد هذا الاتجاه الذي یرى بعدم نفاذ النتیجة دون الوسیلة بشدّة واعتبر ما ذهب إلیه مجاف للمنطق القانوني السلیم، إذ یؤدي إلى خلق أوضاع قانونیة تنتج آثار متناقضة، فالمتحایل الذي تجنّس بجنسیة جدیدة یبقى خاضعا للقانون الذي تحایل علیه وتهرّب من أحكامه بالنسبة للنتائج التي أراد تحقیقها من خلال تلاعبه بضابط الإسناد، وفي نفس الوقت یخضع لقانون جنسیته الجدیدة بالنسبة للآثار الأخرى، وهو ما یبیّن بجلاء أنّ هذا الحل لا یحقق استقرار المراكز القانونية . كما أنّه یشكل جزاء مبالغا فیه، إذ لیس هناك من داع له، فالشخص الذي یكتسب جنسیة جدیدة إنّما فعل ذلك بغیة التملّص من أحكام قانون جنسیته الأولى بشأن تصرف معیّن فقط، ومن ثمّ لم تعد له أیّة مصلحة للاستمرار في جنسیته الجدیدة بسبب زوال الباعث وراء تجنّسه بها، وهو القیام بالتصرف الذي حكم علیه بعدم النفاذ.[58]

الفقرة الثانية: عدم نفاذ كل من الوسیلة والنتیجة

یرى جانب آخر من الفقه ومنهم الأستاذ بیجو نییر" أنّ أثر الغش لا یقتصر على عدم نفاذ النتیجة التي قصد الأطراف الوصول إلیها من وراء تغییر ضابط الإسناد فحسب، بل یجب أن یطال أیضا الوسیلة التي لجأ إلیها هؤلاء الأطراف للوصول إلى هاته النتیجة غیر المشروعة، فتغییر ضابط الإسناد وٕإن كان استعمالا لحق مشروع، فالباعث الدافع للقیام به لم یكن كذلك، ومن ثمّ یتعین عدم اعتداد القاضي به . [59]
وتبعا لذلك ففي قضیة "الأمیرة بوفرمون" مثلا یجب أن لا یقتصر أثر الغش على عدم نفاذ الطلاق والزواج الثاني الذي أبرمته بمقتضى قانون جنسیتها الجدیدة، وٕإنما یجب أن یطال أیضا الوسیلة التي استعملتها وهي تجنّسها بجنسیة إحدى المقاطعات الألمانیة Duché de Saxe altermbourg، فتبقى بذلك فرنسیة لیس فقط بالنسبة لتنازع القوانین، وٕإنما أیضا، بالنسبة لجمیع الحالات الأخرى.
ویستند أنصار هذا الاتجاه فیما ذهبوا إلیه على مجموعة من الحجج،[60] أبرزها ما یلي:  یبرّر هذا الاتجاه من الفقه موقفه هذا والقاضي بشمولیة الجزاء للوسیلة والغایة معا بأنّ ذلك یؤدي إلى السهولة في تطبیقه، حیث أنّ عدم نفاذ النتیجة غیر المشروعة باستبعاد تطبیق أحكام قانون الدولة التي أسند الاختصاص إلیها بسبب ضابط إسناد مفتعل، وكذا عدم نفاذ الوسیلة، كل ذلك یجنّب المشاكل القانونیة التي تحدث من جراء تطبیق قانون على النتیجة غیر المشروعة، وتطبیق قانون آخر على الوسیلة .
-  كذلك من بین مبررات هذا الجانب من الفقه هو تفادي الازدواجیة في معاملة الشخص، فالآثار العرضیة والجزئیة المترتبة على الغش غیر مهمة بالنسبة إلى المتحایل، ممّا یتعیّن عدم نفاذها هي الأخرى، فمن غیر المعقول تجزئة العمل القانوني الواحد فیعترف ببعض الآثار العرضیة غیر المهمة، دون الاعتراف بالبعض الآخر الذي انصرفت إلیه نیته، من أجل ذلك یتعیّن تعمیم الجزاء ومحو كل الآثار الناجمة عن ارتكاب الغش .
- ثم إنّ محكمة النقض الفرنسیة في قضیة "الأمیرة بوفرمون" ذكرت بصریح العبارة أنّ هذه السیدة لازالت تتمتع بالجنسیة الفرنسیة، ولا یهم ما یقضي به قانون المقاطعة الألمانیة من صحة تجنّسها أو عدم صحته. 
- كما یبرّر مناصرو هذا الاتجاه رأيهم بالقاعدة العامة "أن الغش یفسد كل شيء" المعروفة في القانون الداخلي، حیث أنّها تطبّق في هذا الأخیر حتى وان كانت الوسیلة المستخدمة مشروعة في ذاتها فالنیة السیئة المصاحبة لها تفسدها، ذلك أنّ الغایة عندهم لا تبرّر الوسیلة ومن ثمّ لا یمكن الفصل بینهما.[61]
- من جانب آخر فإنّ شمولیة جزاء الغش للوسیلة والغایة معا من شأنه أن یجنّب الأطراف مضاعفة الجزاء الذي وٕإن حدث سیكون بدون وجه حق، فالأمیرة بوفرمون أرادت فقط التملّص من أحكام القانون الفرنسي التي تمنع الطلاق، فلماذا یمدّد لها الجزاء إلى آثار لم تبحث عنها أصلا، والمنطق یقضي بقصر جزاء الغش على الأثر الذي ارتكب التحایل من أجله دون غیره.[62]

المطلب الثاني: الآثار الإيجابي المتمثل في تطبيق القانون الذي قصد الأطراف التهرب من أحكامه

عندما يتم استبعاد تطبيق القانون الذي ثبت له الاختصاص، إعمالا بالدفع بنظرية التحايل على القانون، فإنه يترتب على ذلك نشوء فراع قانوني يتعين سنده بإسناد الاختصاص إلى قانون آخر يحكم هذه العلاقة القانونية، ويجمع الفقه والقضاء على إعادة الاختصاص إلى القانون الواجب التطبيق أصلا والذي قصد الأطراف التهرب من أحكامه.

الفقرة الأولى: إعادة الاختصاص للقانون الواجب التطبيق

إن التحايل على القانون هو اعتداء على قاعدة التنازع الوطنية، ودرء هذت الاعتداء لا يكون إلا بإعادة الاعتبار إليها. وتطبيقها على النحو الذي كان يجب أن تطبق عليه لو لم يحدث تغير أو تلاعب بضابط الإسناد، وهذا ما قام به القضاء الفرنسي في قضية "بوفرمون" عندما قام القضاء الفرنسي باستبعاد القانون الألماني وتطبيق القانون الفرنسي الواجب التطبيق أصلا وكانت النتيجة إبطال الطلاق وكذا الزواج الثاني.[63]
وبما أن قاعدة الإسناد تتصف بالازدواجية، أي أنها قد تشير إلى تطبيق قانون القاضي أو قانون أجنبي، فإن الأثر الإيجابي لإعمال الدفع بالتحايل على القانون قد يؤدي إلى حلول قانون أجنبي محله.
ويجمع الفقه على تأييد هذا الموقف على اعتبار أن التحايل على القانون هو في حد ذاته يعتبر تعطيلا لتطبيق القانون الذي تشير إليه قاعدة الإسناد التي تم التلاعب بضابط الإسناد فيها، ومن ثم وجب إعادة الاختصاص إلى القانون الذي أراد المتحايل التملص من أحكامه، وذلك بغض النظر عن طبيعة هذا القانون ما إذا كان قانون وطني أم أجنبي.
وبالتالي لا يجب حصر الاختصاص المذكور لقانون القاضي وحده وذلك لكون أن مفعول هذا القانون المختص بمقتضى قاعدة الإسناد الوطنية مازال قائما ولم يفقد سلطانه، وكذا لكون أن الاعتداء على اختصاص هذا القانون إنما هو اعتداء على قاعدة التنازع الوطنية التي تشير إلى تطبيقه، ومن ذلك كله فإن القانون الذي يحل محل القانون المستبعد في حكم العلاقة القانونية هو القانون الواجب التطبيق بمقتضى قاعدة الإسناد الوطنية قبل التحايل عليها، سواء أكان هذا القانون هو قانون القاضي أو قانون أجنبي.[64]

الفقرة الثانية: معاقبة التحايل على القانون

إن معاقبة التحايل أو الغش على القانون سواء أكان نحو القانون المغربي أو القانون الأجنبي، تفرضه اعتبارات منطقية وأخرى قانونية.
فبخصوص الاعتبارات المنطقية: يعتبر عدم ردع التحايل على القانون الأجنبي إهدارا لقاعدة الإسناد المغربية، وإنكارا للقيمة القانونية لذلك القانون من ناحية أخرى. إذ كيف يتم الاعتراف بالطابع القانوني للقانون الأجنبي واحترام قاعدة الإسناد المختص بناءا على أمرها في ذات الوقت، الذي تطلق فيه يد الأفراد لتحايلوا على أحكامها. فحسب الأستاذة أوحيدة: فإن معاقبة التحايل على القانون الأجنبي يساعد ليس فقط على احترام قاعدة الإسناد المغربية بل كذلك في بلوغ الغايات التي ترمي إليها تلك القاعدة ومن بينها تحقيق حل عادل وتوفير الأمان القانوني للعلاقات الدولية الخاصة عن طريق القانون الذي عينته بأنه الملائم والأصلح من غيره من القوانين التي اختارته من بينها، فضلا عن أن التحايل على القانون فيه مساس بالمبادئ العليا للأخلاق وقواعد الآداب وهي مبادئ عامة على القاضي حمايتها.
أما فيما يخص الاعتبارات القانونية: فإن هذا الحل قد بدأ يستقر في القضاء والفقه الفرنسيين، ويتبناه الفقه العربي. كما تكرسه اتفاقية لاهاي المبرمة في فاتح يونيو 1956 المتعلقة بالشخصية القانونية للشركات، وأيضا مدونة القانون الدولي الخاص المجري لسنة 1979، التي سبقت الإشارة إليها. [65] وقد قننه المشرع التونسي في مجلة القانون الدولي الخاص لسنة 1998 وذلك من خلال الفصل الثلاثين من هذه المدونة.[66]

خاتمة:

من خلال ما سبق، يتبين لنا الدور الفعال الذي يلعبه التحايل على القانون باعتباره مانعا من موانع تطبيق القانون الأجنبي في حماية الأسس الجوهرية والمبادئ الأساسية والمثل العليا لدولة القاضي، إضافة إلى دوره في الوقوف ضد المتحايلين ومنعهم من التلاعب بقواعد التنازع الوطنية بتغيير ضوابط الإسناد بغية التهرب من أحكام القانون المختص أصلا لحكم النزاع.
إلا أن إعمال الدفع بالتحايل على القانون تعترضه صعوبات بالغة من الناحية التطبيقية ، لعل أبرز تلك الصعوبات تتعلق بشرط توافر نية التحايل، حيث يعتبر هذا الشرط مسألة داخلية وجدانية يصعب إثباتها. وهذا ما أدى إلى منح سلطة تقديرية واسعة للقاضي في تقدير توافر نية التحايل من عدمه، وهو أمر في غاية الصعوبة لتعلقه بمسألة داخلية وذلك من شأنه أن يؤدي إلى خطر الوقوع في الخطأ.
یعتبر المجال الرئیسي لإعمال التحايل على القانون هو میدان الأحوال الشخصیة نظرا للاختلاف البیّن بین مختلف الأنظمة القانونیة في تنظیمها من جهة، وكذا على اعتبار أنّ هذه المسائل عموما تعتمد على ضابطي الجنسیة والموطن وهما من أكثر الضوابط التي یكون لإرادة الأطراف دخل في اختیارها أو تغییرها، غیر أنّ ذلك لا یمنع من الإعمال به في باقي المجالات.
ولهذا ونظرا للانفتاح الذي يعرفه المغرب على الخارج، وتزايد المعاملات، أصبح حتميا إعادة صياغة بعض النصوص، خاصة ما يتعلق بظهير وضعية الأجانب بالمغرب، إضافة إلى ضرورة التخصص في هذا المجال خاصة بالنسبة للقضاة باعتبارهم الأشخاص الناضرين في النزاع والذي يتوجب عليهم فض هذا النزاع عن طريق الوصول إلى القانون الواجب التطبيق الذي تحدده قواعد الإسناد الوطنية.

المراجـــع

باللغة العربية
ü     أحمد زوكاغي: " أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي"، مطبعة الكرامة، الطبعة الثانية 2002، الرباط،.
ü     أحمد محمد الهواري:" الوجيز في القانون الدولي الخاص الإمارتي"، إثراء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2008، عمان.
ü     أمينة رايس:" النظام العام والغش نحو القانون كموانع لتطبيق القانون الأجنبي أمام القاضي الجزائري"، المركز الجامعي العربي بن مهيدي، (بدون طبعة)،أم البواقي .
ü     بيار آميل طوبيا:"التحايل على القانون"، المؤسسة الحديثة للكاتب، (بدون طبعة)، لبنان.
ü     حفيظة السيد حداد:"الموجز في القانون الدولي الخاص- المبادئ العامة في تنازع القوانين-"،طبعة 2009، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان.
ü     حسن الهداوي: "القانون الدولي الخاص – تنازع القوانين- المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"(دراسة مقارنة)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة السادسة 2011، عمان.
ü     جميلة أوحيدة:" آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2007.
ü     جمال محمود الكردي:" تنازع القوانين"، دار النهضة العربية، طبعة 2005، القاهرة.
ü     عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"(دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى 2007،مصر.
ü     عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"(دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى 2007،مصر.
ü     علي علي سليمان: " مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري"، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الخامسة2008، الجزائر.
ü     عز الدين عبد الله : "القانون الدولي الخاص تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين الجزء الثاني"، دار النهضة العربية ،الطبعة السادسة 1969 ، القاهرة.
ü     عبده جميل غصوب:" دروس في القانون الدولي الخاص"،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،الطبعة الأولى 2008.
ü     صلاح الدين جمال الدين:" تنازع القوانين" (دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، دار الفكر الجامعي، الطبعة الثالثة 2007،مصر.
ü     صلاح الدين جمال الدين:" القانون الدولي الخاص، الجنسية وتنازع القوانين"، دراسة مقارنة ، دار الفكر الجامعي، مصر، الطبعة الأولى.
ü     سامي بدیع منصور، عبده جمیل غصّوب، نصري أنطوان دیاب:" القانون الدولي الخاص"، مجد المؤسسات الجامعیة للدراسات، الطبعة الأولى2009.
ü     هشام صادق:" تنازع القوانين"،دار المطبوعات، طبعة 2007، الاسكندرية.
ü   محمد التغدويني: " الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مطبعة أنفوبرانت، الطبعة الثالثة 2009، المغرب.

باللغة الفرنسية
ü Pierre MAYER: "Droite International Privé", 5éme Edition, Delta,1996, p182.
ü Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE: "Droit international privé", Septième édition. Tom 1,Librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1981.

رسائل:
ü   بوخروبة حمزة، موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري، دارسة مقارنة، رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، الجزائر، 2014.

موقع إلكتروني:
http://www.mohamah.net/answer/21533

قد يهمك أيضا


-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] محمد التغدويني: " الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مطبعة أنفوبرانت، الطبعة الثالثة 2009، المغرب، ص 413.
[2] أحمد زوكاغي: " أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي"، مطبعة الكرامة، الطبعة الثانية 2002، الرباط، ص 112.
[3] أحمد زوكاغي: " أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي"، مرجع سابق، ص 113
[4] نظام الدوطة: أي أن تقوم الزوجة بتقديم بعض أموالها إلى الزوج ليتولى إدارتها دون ملكيتها.
[5]  عز الدين عبد الله : "القانون الدولي الخاص تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين الجزء الثاني"، دار النهضة العربية ،الطبعة السادسة 1969 ، القاهرة، ص 548.
[6] محمد التغدويني: " الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مرجع سابق،ص 400-401.
[7]   Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE: "Droit international privé", Septième édition. Tom 1,Librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1981,p 428
[8] حسن الهداوي: "القانون الدولي الخاص – تنازع القوانين- المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"(دراسة مقارنة)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة السادسة 2011، عمان، ص 195-196.
[9] أحمد محمد الهواري:" الوجيز في القانون الدولي الخاص الإمارتي"، إثراء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2008، عمان، ص 358.
[10] أحمد محمد الهواري:" الوجيز في القانون الدولي الخاص الإمارتي"، مرجع سابق، ص 338
[11]  بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"( دارسة مقارنة)، رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، الجزائر، 2014، ص 146
[12] حسن الهداوي: "القانون الدولي الخاص– تنازع القوانين- المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"،مرجع سابق،ص196
[13] عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"(دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى 2007،مصر، ص 491
[14]  بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"( دارسة مقارنة)، مرجع سابق، ص 147.
[15]  عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"(دراسة مقارنة)، مرجع سابق، ص 490.
[16]  عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"(دراسة مقارنة)، مرجع سابق، ص 490.
[17]  الصوریة ھي وجود عقدان صادران في وقت واحد، أحدھما ظاھر، والثاني خفي من شأنه تعدیل أثر العقد الأول، أو إبطال أثره بالمرة والصوریة نوعان: مطلقة ترد على العقد كله فیكون العقد الظاھر كله صوریا ولا وجود له في الحقیقة، ونسبیة وھي التي لا تتناول وجود التصرف ذاته وفي ھذه الصوریة یوجد تصرف قانوني بین المتعاقدین یستخدم فیھ التصرف الظاھر أو الصوري لإخفاء جانب فیھ قد یكون طبیعته أو موضوعه أو أطرافه. نادیة فضیل:" الغش نحو القانون"، مرجع سابق، ص 88-89.
[18]  علي علي سليمان: " مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري"، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الخامسة2008، الجزائر، ص 161.
[19]  بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"( دارسة مقارنة)، مرجع سابق، ص149 .
[20]  حفيظة السيد حداد:"الموجز في القانون الدولي الخاص- المبادئ العامة في تنازع القوانين-"،طبعة 2009، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،ص 289.
[21] علي علي سليمان، مرجع سابق، ص 161
[22] جميلة أوحيدة:" آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2007، ص 358.
[23]  حسام أبوحمادة:" الغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص كسبب لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي" ،بحث منشور بالموقع الإلكتروني:
 http://www.mohamah.net/answer/21533. vu le 23/12/2016 à 15.35
[24]  حسام أبوحمادة:" الغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص كسبب لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي" ،بحث منشور بالموقع الإلكتروني. http://www.mohamah.net/answer/21533. vu le 23/12/2016 à 15.35.
[25] بيار آميل طوبيا:"التحايل على القانون"، المؤسسة الحديثة للكاتب، (بدون طبعة)،لينان، ص 314-315.
[26] جميلة أوحيدة:" آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"، مرجع سابق، ص 360. 
[27] جميلة أوحيدة، مرجع سابق، ص 365-368.
[28]  http://www.mohamah.net/ 21533.اطلع عليه 17 أبريل 2017
حسام أبوحمادة:" الغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص كسبب لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي" ، بحث منشور بالموقع الالكتروني
[29] محمد التغدويني: " الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مرجع سابق،ص 405.
[30]   Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE: "Droit international privé",op.cit,p 429-430.
[31] Lerebours-pigeonnière و Loussouarne : من ذلك   
[32]  تقضي الفقرة 04 من المادة 12 من القانون الدولي الخاص الإسباني لسنة 1974 على " یعتبر تحایلا على القانون استعمال إحدى قواعد التنازع بغیة التخلص من تطبیق قانون إسباني آمر". نقلا عن، محمد التغدویني، مرجع لسابق،ص 406.
[33] جمال محمود الكردي:" تنازع القوانين"، دار النهضة العربية، طبعة 2005، القاهرة، ص 230-231.
[34]  تنص المادة 08/1 من مجموعة القانون الدولي الخاص المجري على " لا محل لتطبيق القانون الأجنبي الذي يستند اختصاصه إلى عنصر أجنبي خلقه الأطراف على نحو اصطناعي أو صوري تحايلا" نقلا عن، محمد التغدویني: " الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مرجع لسابق،ص 406
[35] عز الدين عبد الله : "القانون الدولي الخاص تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين"، مرجع سابق، ص 555. 
[36] بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق، 115.
[37] بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق،117.
[38] بوخروبة حمزة، مرجع سابق، ص 152.
[39]    Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE. Droit international privé, op.cit, p 428.
[40] عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"، مرجع سابق، ص 497-498.
[41] بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق،153.
[42]  صلاح الدين جمال الدين:" تنازع القوانين" (دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، دار الفكر الجامعي، الطبعة الثالثة 2007،مصر،ص187.
[43] بوخروبة حمزة: "موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق،154.
[44]  سامي بدیع منصور، عبده جمیل غصّوب، نصري أنطوان دیاب:" القانون الدولي الخاص"، مجد المؤسسات الجامعیة للدراسات، الطبعة الأولى2009، ص 490.
[45]  عبده جميل غصوب:" دروس في القانون الدولي الخاص"،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،الطبعة الأولى 2008، لبنان، ص182.
[46] حفيظة السيد حداد:"الموجز في القانون الدولي الخاص- المبادئ العامة في تنازع القوانين-"، مرجع سابق 315.
[47] صلاح الدين جمال الدين:" تنازع القوانين" (دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، مرجع سابق، ص 190. 
[48]  أمينة رايس:" النظام العام والغش نحو القانون كموانع لتطبيق القانون الأجنبي أمام القاضي الجزائري"، المركز الجامعي العربي بن مهيدي، (بدون طبعة)،أم البواقي ص 13.
[49] أحمد زوكاغي: " أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي"، مرجع سابق، ص 115. 
[50] هشام صادق:" تنازع القوانين"،دار المطبوعات، طبعة 2007، الاسكندرية، ص 326.
[51]أمينة رايس:" النظام العام والغش نحو القانون كموانع لتطبيق القانون الأجنبي أمام القاضي الجزائري"، مرجع سابق، ص 14.
[52] صلاح الدين جمال الدين:" تنازع القوانين" (دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، مرجع سابق، ص 152. 
[53]  عز الدين عبد الله : "القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين" مرجع سابق ، ص 559.
[54] بوخروبة حمزة:" موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق، ص 147.
[55] عكاشة محمد عبد العال:" تنازع القوانين"، مرجع سابق، ص 513.
[56]   Pierre MAYER, Droite International Privé, 5éme Edition, Delta,1996, p182.
[57] صلاح الدين جمال الدين:" تنازع القوانين" (دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون)، مرجع سابق، ص 153.
[58] بوخروبة حمزة:" موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق، ص 149.
[59] بوخروبة حمزة:" موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق، ص 147. 
[60]  عز الدين عبد الله : "القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين" مرجع سابق ، ص 560.
[61]  صلاح الدين جمال الدين:" القانون الدولي الخاص، الجنسية وتنازع القوانين"، دراسة مقارنة ، دار الفكر الجامعي، مصر، الطبعة الأولى، ص 368-369.
[62]  بوخروبة حمزة:" موانع تطبيق القانون الأجنبي في ضوء المادة 24 من القانون المدني الجزائري"، مرجع سابق، ص151
[63]  محمد التغدويني:" الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مرجع سابق، ص 413. 
[64]  محمد التغدويني:" الوسيط في القانون الدولي الخاص"، مرجع سابق، ص 414. 
[65] جميلة أوحيدة:" آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي، مرجع سابق، ص 375-376
[66]  ينص هذا الفصل: " يتكون التحايل عل القانون بالتغيير المصطنع لأحد عناصر إسناد الوطنية القانونية الواقعية بنية تطبيق القانون التونسي أو الأجنبي الذي تعينه قاعدة التنازع المختصة، وإذا توفرت شروط التحايل على القانون، فلا عبرة لتغير عنصر الإسناد" 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات