القائمة الرئيسية

الصفحات

القاصر و العقوبة السالبة للحرية على ضوء قرار محكمة النقض

القاصر و العقوبة السالبة للحرية على ضوء قرار محكمة النقض

 
القاصر و العقوبة السالبة للحرية على ضوء قرار محكمة النقض
القاصر و العقوبة السالبة للحرية على ضوء قرار محكمة النقض
قرار المجلس الأعلى عدد 512 بتاريخ 13 أكتوبر 2010 في الملف الجنحي عدد 8/04/2011 / 8400


القاعدة :

المبدأ العام هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481 من قانون المسطرة الجنائية، وإذا ما قررت غرفة الأحداث استثناء أن تعوض أو تكمل هذه التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للحدث الجانح الذي يقل عمره من 18 سنة نظرا لظروفه أو شخصيته، فإنه يشترط أن تعلل قرارها بهذا الخصوص.
نقض وإحالة.

باسم جلالة الملك

وطبقا للقانون :
''حيث إن طالب النقض كان يوجد رهن الاعتقال خلال الأجل المضروب لطلب النقض فهو معفى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 530 من قانون م.ج من الإيداع المقرر بالفقرة الأولى من نفس المادة.
وحيث إن المادة 528 من القانون المذكور بعد تعديلها بمقتضى ظهير23/11/2005 تنص في فقرتها الأخيرة على أنه إذا لم تسلم للمصرح بالنقض نسخة من المقرر المطعون فيه داخل الأجل المنصوص علية في القفرة 1 من المادة المذكورة­ وهو30 يوما من تاريخ تلقي التصريح بالنقض­ فإنه يتعين عليه الاطلاع على الملف بكتابة ضبط المجلس الأعلى و تقديم مذكرة وسائل النقض بواسطة محام مقبول للترافع أمام المجلس الأعلى خلال 57 يوما من تاريخ تسجيل الملف بها وحيث إن الطاعن الذي لم يستلم نسخة من المقرر المذكور لم يقم بإيداع المذكرة رغم مرور 60 يوما عن تسهيل الملف بكتابة ضبط المجلس الأعلى تاريخ 1/03/2011  إلا أن الفقرة 3 من المادة المذكورة تجعل من تقديم تلك المذكرة إجراء اختياريا في قضايا الجنايات بالنسبة للمحكوم عليه طالب النقض دون سواه.
وحيث إن الطاعن محكوم عليه من أجل جناية فهو غير ملزم بالإدلاء بالمذكرة وحيث كان الطلب علاوة على ذلك موافقا لما يقتضيه القانون فإنه مقبولا شكلا .

وفي الموضوع:
في شأن الوسيلة المثارة تلقائيا من طرف المجلس الأعلى و المتخذة من نقصان التعليل الموازي لانعدامه.
بناء على المواد 365 و370 و482 من قانون المسطرة الجنائية.
حيث إنه بمقتضى الفقرة 8 من المادة 365 و الفقرة 3 من المادة 370 من القانون المذكور٬ فإن كل حكم أو قرار يجب أن يكون معللا من الناحيتين الواقعية و القانونية وإلا كان باطلا.
وحيث إن نقصان التعليل يوازي انعدامه.  
وحيث تنص الفقرة 1 من المادة 482 من نفس القانون على أنه " يمكن لغرفة الأحداث بصفة استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير المنصوص عليها في المادة السابقة بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12و 18 سنة، إذا ارتأت أن ذلك ضروري نظرا لظروف أو شخصية الحدث الجانح، وبشرط أن تعلل مقرها بخصوص هذه النقطة.
وفي هذه الحالة يخفض الحدان الأقصى و الأدنى المنصوص عليهما في القانون إلى النصف و حيث إن المحكمة المطعون في قرارها لما أثبت أن الحدث كان لا يبلغ 18 سنة كاملة أثناء الواقعة المتابع من أجلها وأدانته من أجل جناية السرقة المقرونة بالسلاح و الضرب و الجرح العمدي بالسلاح و خفضت الحد الأدنى للعقوبة عن الجريمة الأشد عللت سبب رفع العقوبة من 3 إلى 5 سنوات، و قفزت عن الأصل الذي هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في 481 من قانون المسطرة الجنائية إلى الاستثناء و هو الحكم بعقوبة سالبة للحرية دون الالتزام المقرر قانونا بتعليل مقررها بخصوص ذلك، الأمر الذي يكون معه قرارها الصادر على النحو المذكور مشوبا بعيب نقصان التعليل الموازي لانعدامه وهو ما يعرضه للنقض و الإبطال. ''

لهذه الأسباب :
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه.
الرئيس : السيد ا.د.
المقرر : السيد ب.س.
المحام العام : السيد ا.ر.

مقدمة

 إذا كان الأصل في جنوح الأحداث أن الحدث الجانح هو في حقيقة الأمر "ضحية" الظروف والعوامل المختلفة التي تآمرت عليه، وفرضت عليه سلوكا غير اجتماعي، وأجبرته على ارتكاب الفعل الجانح، فإن مؤدى هذا القول يتمثل في وجوب اعتباره مجني عليه وليس جانيا، وهذا يقتضي أن تتم معاملته ومعالجته وفقا لأساليب إنسانية تخلو من الإيلام والردع والانتقام والتفكير، وتهدف إلى الرعاية والإصلاح.
فمن هنا كانت فكرة التدابير التربوية والإصلاحية التي يجب أن تحل محل العقوبات والتدابير الوقائية التي تنص عليها التشريعات الجنائية كجزاء عن الجرائم التي ترتكب من البالغين، وهي الجزاءات التي يجب استبعادها بالنسبة للأحداث، وذلك لانتقاء شروط وعناصر تطبيقها عليهم. إذا ليس من المنطق أو الحكمة في شيء أن يعامل الحدث معاملة البالغين في حالة ارتكابه جريمة معينة، ومن ثم لا يجوز إخضاعه للعقوبة المستحقة على الجريمة التي ارتكابها، إلا استثناء ووفقا لقيود حددها له المشرع[1].
فإذا كانت السياسة الجنائية للأحداث في المغرب تميل إلى إبقاء العقوبة السالبة للحرية وجعلها استثناء وذلك بإبقائها كجزاء للجرائم الهامة وللأحداث الذين يحتاجون إلى برامج إصلاحية خاصة، فإن هذه الأخيرة تبقى مقيدة بشروط ألزم بها المشرع القاضي عند النطق بها، غير أن الواقع العملي يثبت خلاف ذلك، و هو الموضح في القرار أعلاه و الذي يتمحور حول جناية السرقة المقرونة بالسلاح و الضرب و الجرح العمديين المرتكب من طرف قاصر يسميه القانون المغربي ب''الحدث'' الذي لم يتجاوز سنه 16 سنة مما أفضى إلى اعتقاله و محاكمته بتطبيق عقوبة حبسية عليه خلافا للمبدأ العام الذي يقضي بأن الحدث في القانون المغربي يخضع للتدابير التهذيبية بالدرجة الأولى و هو التوجه الذي لم تسري فيه محكمة الاستئناف، و الذي جعل قرارها عرضة للنقض.
وبناء عليه يمكن التساؤل حول:
إلى أي حد استطاع القانون والقضاء المغربي جعل من العقوبة السالبة للحرية استثناء بالنسبة للحدث؟
وهو ما سنحاول الإجابة عنه من خلال تعليقنا على القرار المشار إليه أعلاه من وفق التصميم التالي:

المحور الأول: الإطار القانوني لأولوية التدابير التهذيبية المطبقة على الأحداث
المحور الثاني: مدى مطابقة قرار المجلس الأعلى سابقا- محكمة النقض حاليا 
للمقتضيات القانونية و الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال

المحور الأول: الإطار القانوني لأولوية التدابير التهذيبية المطبقة على الأحداث


إن توقيع العقوبات الجنائية على الأحداث يؤدي إلى هدم الفلسفة التي تقوم عليها رعاية الأحداث وتقويمهم، فالحكم على الحدث بعقوبة جنائية ولو في صورتها المخففة، يساوي بالنتيجة النهائية بين الحدث وبين الشخص البالغ في المعاملة العقابية التي تقوم بالنسبة للشخص البالغ على فكرة الردع والإيلام والانتقام، وهذه اتجاهات يجب أن تندثر وتختفي من قاموس معاملة الأحداث الجانحين، هذه المعاملة التي يجب أن تؤسس على مبادئ علمية واجتماعية تقوم على فكرة التربية والحماية والتقويم، وتستبعد كليا فكرة العقاب وما يرتبط به من صور الألم والتعذيب والإهانة.[2]
فكان أول من تصدى لعدم تطبيق العقوبات على الأطفال هي شريعتنا الإسلامية فهي لم تهتم كثيرا بالعقوبة على الحدث وإنما أولت عناية خاصة له لإعادة إدماجه في المجتمع[3]، فقد ذكر ابن حزم أن الحدث إذا ارتكب جريمة تدل على خطورة تصرفاته وسوء أفعاله فالواجب على وليه تأديبه حتى تحسن تصرفاته فقال."ولا قوض على مجنون ولا على من يبلغ الحلم ولا دية على هؤلاء ولا ضمان إلا إن من فعل هذا بمن الصبيان في دم أو جرح أو مال، ففرض ثقافته بيت ليكف أذاه"[4].
بعد ذلك جاءت العديد من الصكوك الدولية لجعل العقوبة استثناء يتم اللجوء إليها بالنسبة للحدث. ومن ذلك اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 في مادتها 37 على أنه لا يجري حبس الطفل إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة[5]. كذلك القاعدة (18-1) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بكين) تتاح للسلطة المختصة مجموعة من التدابير توفر لها من المرونة ما يسمح إلى أقصى قدر ممكن بتفادي اللجوء إلى الإيداع في المؤسسة الإصلاحية.
وأيضا قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم تدعو إلى اللجوء أقل ما يمكن إلى التجريد من الحرية، وخاصة الإيداع في السجون إلا كملاذ أخير ولأقل فترة ممكنة ومحدودة وتكون في الحالات الاستثنائية فقط.[6].
نفس الأمر نصت عليه مجموعة من القوانين المقاربة باعتبار أن الحدث لا يطبق عليه إلا التدابير وجعل العقوبة استثناء، بحيث نجد قانون الطفل السوداني ينص على أن تكون مصلحة الطفل هي الغاية من التدبير وعليه يجب أن يتوفر قدر من التناسب بين التدبير المتخذ وظروف الطفل من ناحية لذلك يجب الابتعاد بقدر الإمكان عن القيود على الحرية الشخصية، إلا بعد الدراسة الوافية على أن يقتصر على أقل مدة ويتصل ذلك إثبات ارتكاب الطفل لفعل ينطوي على استخدام العنف أو العود إذا لم يكن هناك تدبير آخر ملائم، ومن حق الحدث الطعن في قرار المحكمة أمام محكمة الاستئناف، والتي يكون قرارها نهائيا مع حقها في مراجعة قرارها إن رأت مسوغا لذلك.[7]
كما نظمت المواد 13 و 12 من قانون العقوبات الفلسطيني المقررة للأحداث، على أنه لا يحكم على حدث بالحبس إذا كان في الإمكان معاملته بأي طريقة أخرى. و يستفاد من المواد أعلاه أن المشرع حاول أن يستبعد اللجوء إلى العقوبة و تطبيقها على الحدث.[8]
وأخيرا القانون الفرنسي حيث نجد أن المادة الثانية من مرسوم الطفولة الجانحة قد حددت مجموعة من التدابير يجوز فرضها على الحدث الجانح[9]، غير أنه في حالة إدانة الحدث بعقوبة حبسية يجب أن يكون مبررا تبريرا خاصا من قبل المحكمة، وإن كان استثنائيا أن يحكم على الحدث بنفس طريقة الحكم على البالغ[10]، والمحكمة إن تخلت عن الأصل الذي هو التدبير وحكمت بالاستثناء الذي هو العقوبة عندما ترى أن شخصية الحدث تدعو إلى ذلك، مثل حالات العود أو الخطورة الإجرامية لدى الحدث.
وبالرجوع إلى القانون الوطني، نجد أن المشرع المغربي أسوة بالقوانين المقارنة جعل التدبير هو الأصل ومن العقوبة السالبة للحرية استثناء، تماشيا مع متطلبات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ومعها جل المعايير الدولية ذات الصلة.
فقانون المسطرة الجنائية المغربي وخصوصا الكتاب الثالث أفرد معاملة خاصة للأحداث من ضمنها تخصيص مجموعة من التدابير حسب المادة (481). غير أنه يمكن للمحكمة بصفة استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير المنصوص عليها في المادة أعلاه بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة، إذا رأت ذلك ضروري نظرا لظروف أو لشخصية الحدث الجانح، بشرط أن تعلل مقررها بخصوص هذه النقطة وفي هذه الحالة يخفض الحدان الأقصى والأدنى المنصوص عليهما في القانون إلى النصف.[11]
إن هذا النص القانوني يتنزل ضمن السياسة التشريعية العامة في مجال معاملة الحدث الجانح، وهي سياسة تقوم إحاطة القاضي بشخصية الحدث ودراسة الأسباب التي أدت به إلى الجريمة، ولتحقيق هذا الغرض يكون على القاضي في إطار سلطته التقديرية إقصاء الوسائل الزجرية واستبدالها بأخرى اجتماعية، أو على الأقل عدم اللجوء إليها بصفة استثنائية ووفقا لمعايير معينة[12].
 فالقاضي عند تصديه لجرائم الأحداث قيده المشرع بمجموعة من القيود إذا ما قرر النطق بعقوبة سالبة للحرية في مواجهة الحدث الجانح، اعتبارا لكون العقوبة السالبة للحرية هي الملاذ الأخير، ولا يمكن اللجوء إليها إلا استثناء. وهذا ما سنتناوله في المحور التالي من القرار المعلق عليه.

المحور الثاني: مدى مطابقة قرار المجلس الأعلى سابقا - محكمة النقض حاليا    للمقتضيات القانونية و الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال      


إن المشرع المغربي تماشيا مع ما أقرته الشريعة الإسلامية، وما أقرته مختلف الاتفاقيات والقواعد الأممية الخاصة بالطفل وما اعتمدته التشريعات المقارنة حاول إرساء مبدأ أولوية التدبير لمساعدة الحدث وإعادة تربيته وبالمقابل لم يستبعد خيار العقوبة السالبة للحرية، لمواجهة الخطورة الإجرامية لبعض الأحداث وترك المجال للقضاء وفق سلطة الملائمة لاختيار التدبير الأنجع للحدث بما يجعل للحكم الصادر في مواجهته دورا هاما في عملية التأهيل وإعادة الإدماج، ذلك أن الأصل في التشريع الخاص بالأحداث أن الحدث لا يحكم عليه إلا بتدبير من تدابير الحماية والتهذيب، وهو لا يتعرض للعقوبة إلا استثناء،[13]وهذا ما نستشفه من مقتضيات الفقرة 1 من المادة 482 من ق.م.ج.
انطلاقا من المادة السالفة الذكر يتضح أن قرار المجلس الأعلى عدد 512 بتاريخ 13 أكتوبر 2010 في الملف الجنحي عدد 8/04/2011 / 8400 كان صائبا بنقض القرار المطعون فيه، ذلك أن المحكمة المصدرة للقرار كانت متشددة حينما قررت الحكم على الحدث، بعقوبة سالبة للحرية محددة في 5 سنوات بعد أن خفضت الحد الأدنى للعقوبة عن الجريمة الأشد، وقفزت عن الأصل الذي هو الحكم على الحدث بتدابير الحماية والتهذيب.
وبذلك فإذا كانت غرفة الأحداث سوف تعوض أو تكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 481 من ق.م.ج بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للأحداث الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 سنة إذا ثبت لها أن العقوبة ضرورية نظرا لظروف الجريمة ولشخصية الحدث فعليها أن تعلل قرارها تعليلا خاصا وهو الأمر الذي لم تلتزم به المحكمة الأمر الذي يكون معها قرارها الصادر على النحو المذكور مشوبا بعيب نقصان التعليل الموازي لانعدامه وهو ما يعرضه للنقض والإبطال.
والجدير بالذكر أن سلطة القاضي في إقراره لعقوبة حبسية أو مالية لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى إلا من حيث التعليل وفي هذا الإطار جاء في قرار للمجلس الأعلى على أنه:"حيث وبمقتضى المادة 482 من ق.م.ج تكون القاعدة عقاب الحدث الجانح الذي يقل منه عن 18 سنة هي اتخاذ المحكمة في حقه أحد أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب التي حددتها المادة 481 من نفس القانون في حين يبقى الاستثناء هو تعويض المحكمة لتلك التدابير أو تكميلها بعقوبة حبسية أو مالية.
وحيث إن من الثابت من تنصيصات القرار المطعون فيه أن الطاعن وقت ارتكابه المنسوب إليه لم يكن يتجاوز 16 سنة وبالتالي فإن عقابه يخضع لمقتضيات المادتين 482 و481، مما تكون معه المحكمة المصدرة لقرار لما قضت عليه بعقوبة حبسية تعويضا لتدابير الحماية والتهذيب المقررة قانونا من غير أن تعلل المحكمة ذلك بوجه خاص وفق ما تقتضيه الفقرة الأولى من المادة 482 تكون المحكمة قد خرقت مقتضيات المادة المذكورة ولم تجعل لما قضت به أساسا من القانون الأمر الذي يعرض قرارها للنقض والإبطال.
كذلك قرار المجلس الأعلى عدد 548 سنة 2013 بتاريخ 0970/04/16"لا يجوز للمحكمة بمقتضى الفصول (515، 516، 517 من ق.م.ج القانون القديم) إلا بصفة استثنائية نظرا للظروف ولشخصية المجرم الحدث أن تعوض في حق الأحداث الذين يتجاوز عمرهم 12 سنة وقت ارتكاب الفعل المتابع عنه بموجب مقرر تعلل أسبابه خصيصا في هذه الحالة التدابير المنصوص عليها في الفصل (516- القانون القديم) وتتمها بغرامة أو عقوبة حبسية وذلك إن لم يكن معللا بأسباب خاصة[14].
إن القاضي الذي يقرر في شأن قضية ضد الحدث هو ملزم بتخفيض العقوبة بالنسبة إليه ما بين 12 و18، في حين نجد التشريع الفرنسي يميز بين مرحلتين مرحلة ما بين 12 و16 فالقاضي ملزم بتخفيض العقوبة، أما إذا تعلق الأمر بمرحلة ما بين 16 و18 فإن للقاضي السلطة التقديرية لتخفيض العقوبة أو لا بحيث يمكنه استبعاد تطبيق العذر بناء على قرار صريح ومسبب من القضاء الناظر في الدعوى، لذلك كان على القاضي المغربي فضلا على تخفيض العقوبة أن يراعي كذلك عذر صغر السن.
و يلاحظ أن قرارات محكمة النقض في مجال رقابتها على تعليل القاضي الذي يحكم بعقوبة حبسية في حق الحدث، أصدرت عدة قرارات سواء في ظل النص القديم أم الحديث تكاد تكون متطابقة[15]، مما يؤشر على انغلاق جهاز قضاء الأحداث على ذاته وعدم اهتمامه بما يصدر عن محكمة النقض من قرارات الأمر الذي يفرض على الجهاز احترام القرارات الصادرة عن محكمة النقض في مجال الأحداث، خاصة وأن عدد كبير منها تروم إلى حماية الأحداث، وبذلك سيساهم في تخفيف نسبة القضايا في محكمة النقض التي سبقت لهذه الأخيرة أن قالت كلمتها فيها[16].

خاتمة

في الأخير يمكن القول أن المشرع المغربي في مجال جنوح الأحداث اعتمد على السلطة التقديرية للقاضي الجنائي المختص، وأجاز لهذا الأخير الاختيار بين تدابير الحماية والتهذيب والعقوبة السالبة للحرية، وبذلك بحسب ما يراه عند دراسة ملف الحدث الجانح ومن خلال الوقوف على الظروف الشخصية للحدث، وبدرجة أقل جسامة للجريمة المرتكبة، وإن يقيد عند الحكم بعقوبة سالبة للحرية بمجموعة من الضوابط من ضمنها تعليل الحكم القاضي بعقوبة للحرية تعليلا خاصا، اعتبارا لكون التعليل هو المدخل الأساسي والوجيه لمعرفة مدى احترام القاضي لروح النص، ويمكن المحكمة الأعلى درجة من مراقبة مدى تطبيق القانون.
لذلك فإن التوجه الذي سار عليه المشرع المغربي هو اعتبار العقوبة السالبة للحرية استثناء، يتم اللجوء إليها إلا إذا ارتأى القاضي أن تدابير الحماية والتهذيب لا تستطيع لوحدها معالجة نوازع الإجرام لدى الحدث، لكون المشرع لا يرغب في مساءلة الحدث جنائيا طبقا للقواعد العامة، بقدر ما يرغب في تأهيل الحدث وإعادته للمجتمع عضوا صالحا، بتبني تدابير تتلاءم مع خطورة الحدث وقلة خبرته وتجاربه في الحياة.

لائحة المراجع:
·    الكتب القانونية :
-    علي محمد جعفر: ''حماية الأحداث المخالفين لقانون والمعرضين لخطر الانحراف''، دراسة مقارنة، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت سنة 2004.
-    محمود سليمان موسى: ''قانون الطفولة الجانحة''، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية  والقانون الدولي، منشأة المعارف، الطبعة الثالثة، سنة 2006.
-    محمود سليمان موسى: ''الإجراءات الجنائية للأحداث الجانحين'' دراسة مقارنة في تشريعات الدول العربية والقانون الفرنسي في ضوء الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية، دار المطبوعات الجامعة، كلية الحقوق- الإسكندرية، سنة 2008.
-    طارق الديراوي: ''مراجعة قانونية بشأن المعاملة العقابية للأحداث في التشريع الفلسطيني''، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، الطبعة الثالثة، سنة 2011.

.       الرسائل الجامعية:
-    رشيد النووي: ''التفريد العقابي للأحداث الجانحين بين النظرية والتطبيق''، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة، القانون الخاص- وحدة قضاء الأحداث، كلية الحقوق فاس، سنة 2008/2007.
-    إبراهيم يوسات: ''حماية الأحداث الجانحين في ضوء قانون المسطرة جنائية والعمل القضائي ومؤسسات التنفيذ''، بحث لنيل ديبلوم الماستر، وحدة العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، جامعة محمد الخامس -أكدال- كلية الحقوق، الرباط، سنة 2011/2012.
-    بوسلهام كراد: ''الضمانات الحمائية للأحداث في القانون الجديد للمسطرة الجنائية المغربية''، رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس- السويسي-كلية الحقوق، سنة 2006/2005.

·    المجلات :
-    رنا إبراهيم سليمان العطور: ''العدالة الجنائية للأحداث''، مجلة الشريعة والقانون، العدد 29، الأردن، يناير 2007.
-    فيصل الإبراهيمي : ''السلطة التقديرية للقاضي بين التدبير والعقوبة''، مقال منشور بالمجلة المغربية للطفل والأسرة، العدد 1،  يناير 2010.
-    محمد بوفقير: ''قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي''، منشورات دراسة قضائية، طبعة ثالثة منقحة، العدد الثاني 2013.

·    القوانين:
-    قانون رقم 01.22 المتعلق بالمسطرة الجنائية كما تم تعديله بالقانون رقم 10.36.

·    المواثيق والاتفاقيات الدولية:
-    اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989.
-    قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بكين) الصادرة في 1985/11/29.

·    القرارات القضائية :
-    قرار مجلس الأعلى عدد:2/649 المؤرخ في فاتح يونيو 2005، ملف جنحي عدد: 05/5432
-  قرار المجلس الأعلى عدد:2/856 الصادر بتاريخ 20 يوليوز2005، ملف جنحي عدد 05/5632.

·    المواقع الإلكترونية :
www.http://vb.mediu.edu.my/archive
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1]محمود سليمان موسى:'' قانون الطفولة الجانحة''، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي، منشاة المعارف،سنة 2006. ص:255.
[2]  محمود سليمان موسى: ''قانون الطفولة الجانحة''، مرجع سابق، ص:330.
[3] علي محمد جعفر: ''حماية الأحداث المخالفين لقانون والمعرضين لخطر الانحراف''، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، مجد المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت سنة 2004، ص:212.
[4]  الموقع الكتروني:www.http://vb.mediu.edu.my/archive تاريخ الزيارة: 2017/02/25 الساعة. 17:01.
[5]  المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادق عليها المغرب سنة 1993.
[6]  رشيد النووي: ''التفريد العقابي للأحداث الجانحين بين النظرية و التطبيق''، كلية الحقوق فاس، سنة 2008/207. ص:39-40.
[7]  شهاب سليمان موسى عبد الله: ''قانون الطفل السوداني لسنة 2004 نظرة تحليلية''،المكتبة الالكترونية، مجموعة المساعدة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة: ص5.
[8] طارق الديراوي: ''مراجعة قانونية بشأن المعاملة العقابية للأحداث في التشريع الفلسطيني''، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، سنة 2011. ص:5.
[9] محمود سليمان موسى: ''الإجراءات الجنائية للأحداث الجانحين دراسة مقارنة في تشريعات الدول العربية والقانون الفرنسي في ضوء الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية''، دار المطبوعات الجامعية ،كلية الحقوق الإسكندرية ،سنة 2008. ص:146.
[10] رنا إبراهيم سليمان العطور: ''العدالة الجنائية للأحداث''، مجلة الشريعة والقانون، العدد التاسع والعشرون يناير 2007. الأردن، ص:18
[11] المادة 482 من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
[12]  فيصل الابراهيمي: ''السلطة التقديرية للقاضي بين التدبير والعقوبة''، مقال منشور بالمجلة المغربية للطفل والأسرة، العدد 1 يناير 2010. ص:158.
[13]  إبراهيم يوسات: ''حماية الأحداث الجانحين في ضوء قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي ومؤسسات التنفيذ''، بحث لنيل ديبلوم الماستر، وحدة العلوم الجنائية وحقوق الإنسان، جامعة محمد الخامس-أكدال-كلية الحقوق. الرباط. سنة 2012/2011. ص:65
[14]  محمد بوفقير: ''قانون المسطرة الجنائية والعمل الفضائي''، منشورات دراسة قضائية، طبعة ثالثة منقحة، العدد الثاني 2013. ص:384-385.
[15]   راجع كذلك في نفس الإطار:قرار مجلس الأعلى عدد:2/649 المؤرخ في فاتح يونيو 2005، ملف جنحي عدد: 05/5432
و قرار المجلس الأعلى عدد 2/856 الصادر بتاريخ 20 يوليوز2005 ، ملف جنحي عدد 05/5632.
[16] بوسلهام كراد: ''الضمانات الحمائية للأحداث في القانون الجديد للمسكرة الجنائية المغربية''، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس- السويسي-كلية الحقوق سنة 2006/2005. ص:118-119. 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات