القائمة الرئيسية

الصفحات

التوقيف على ذمة المحافظ التوقيف الاداري

التوقيف على ذمة المحافظ التوقيف الاداري

التوقيف على ذمة المحافظ التوقيف الاداري
التوقيف على ذمة المحافظ التوقيف الاداري


مقدمة
يعد التوقيف على ذمة المحافظ من أكثر الأسانيد القانونية التي تلجأ لها السلطات لتوقيف الأشخاص دون عرضهم على المحكمة، فقد تواصلت عمليات الاعتقال على ذمة المحافظ ، مما يطرح تساؤلًا عن مدى قانونية هذا التوقيف. 
تلجأ عادة أجهزة الأمن للاعتقال على ذمة المحافظ عندما لا تجد أي سند قانوني أخر للتوقيف أمام المحاكم النظامية، والتهم التي توجه عادة – إثارة النعرات الطائفية أو شتم وقذف وتحقير موظف عام ، وكذلك يتم اللجوء للاعتقال على ذمة المحافظ في حال انتهاء المدد القانونية التي أتاحتها القوانين وخاصة قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني والتى بموجبها يتم توقيف الأشخاص لمدد لا تتجاوز 48 ساعة على ذمة النيابة العامة و 45 يومًا على ذمة قاضي الصلح، الذي يقوم عند انتهاء المدة أو خلالها إن بدت له الأسباب بالإفراج عن المتهم بكفالة.
ويعد قانون منع الجرائم الأردني رقم ( 7) لسنة 1954 السند القانوني للتوقيف على ذمة المحافظ الذي أعطى للمتصرف الذي فسر فيما بعد بالمحافظ صلاحية التوقيف على ذمته لمدة 6 شهور، ويعد هذا الأمر مخالفة دستورية، حيث أن جميع إجراءات التوقيف على ذمة المحافظ مخالفة لنصوص القانون الأساسي وكذلك نجد أن قانون منع الجرائم الأردني رقم (7) لسنة 1954 وتعديلاته لعام 1967 يخالف أبسط مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًا ومحليًا خصوصًا أن هناك مرسومًا رئاسيًا يحمل رقم (22) لسنة 2003، بخصوص اختصاصات المحافظين وكذلك مخالفته لقواعد التوقيف الواردة بقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001.
ومن هنا فان أهمية هذا البحث تكمن في صلة موضوعه بالحقوق والحريات الاساسية للأفراد وضمان كفالتها واحترامه وصون إنسانيته التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني والمواثيق الدولية والتي تتحقق حين يكون القانون قد بني في جوهره على أساس حماية وضمان الحقوق والحريات العامة للأفراد، وأن لا يكون سعي الإدارة للمحافظة على النظام العام مجالا لإنتهاك حقوق الفرد وحريته.
في هذه الدراسة نركز على التوقيف الإداري باعتباره إجراءً خطيرا يتناقض بشكل صارخ مع مبدأ رسخ دستورياً متمثل بقرينة البراءة، كما يمثل موضوع التوقيف مجالا للنزاع بين مصلحتين متعارضتين؛ مصلحة الفرد والذي له الحق الكامل بحريته، ومصلحة الدولة التي تنشد القيام بمهامها وفق أحكام القانون وايضا نركز على اهم اختصاصات المحافظين ومسؤولياتهم.
قسم البحث الى مبحثين, المبحث الاول يعرف المحافظ وتعيينه وقسم الى مطلبين, المطلب الاول تطرق الى اختصاصات وصلاحيات المحافظ والجهات المنازعة له, والمطلب الثاني جاء بعنوان الاطار القانوني لمسؤولية المحافظ.
اما المبحث الثاني تحدث عن دور ووظيفة المحافظ من خلال مطلبين، المطلب الاول تحدث عن ماهية التوقيف، اما المطلب الثاني فتحدث عن صلاحية التوقيف على ذمة المحافظ واتفاقه والقانون.

المبحث الاول: المحافظ


حسب المرسوم الرئاسي رقم  لسنة 2003 فان المحافظ ممثل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس الادارة العامة واعلى سلطة في محافظته ويشرف على تنفيذ السياسة العامة للسلطة وعلى مرافق الخدمات والانتاج في نطاق محافظته, ويعين ويعفى بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية.

المطلب الاول: اختصاصات وصلاحيات المحافظ والجهات المنازعة له

يعد المحافظ  ممثلاً عن السلطة التنفيذية في الدولة في نطاق محافظته، حيث يتم تعيينه من خارج سلطة تعيين الموظفين ، وهذا يعني ان هذه الوظيفة من الدرجات الخاصة التي تتبع السلطة المركزية وتتمتع بالحريه المطلقه في إشغالها استثناءً من مبدأ مساواة الجميع في تولي الوظائف العامة  سواء تم تعينه وفق نص دستورى أو بمرسوم صادر عن رئيس الدولة، أو قانون صادر عن البرلمان، وتمتاز المحافظة بشخصيتها الاعتبارية، بالإستقلال المالى، فالمحافظ ممثلا عن رئيس الدولة في وحدته الإدارية أي محافظته، فينوب عنه في جميع الأعياد والإحتفالات والمناسبات الرسمية ، كما يخضع المحافظ للسلطة المركزية خضوعاً تاماً، ويمنح المحافظ بمجموعه من الإختصاصات الإدارية المركزية والاختصاصات اللامركزية .
اما في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية اشتمل المرسوم الرئاسي على الصلاحيات والإختصاصات التى يتمتع بها المحافظ " وهي ممثلة بقانون التشكيلات الادارية الاردني وقانون الادارة المحلية وتعديلاته" وسوف نتطرق لهذه الاختصاصات والصلاحيات التى تمنح للمحافظ، والتى تنوعت ما بين الإختصاصات المركزية ، واللامركزية.
يقع على عاتق المحافظ مهمه أساسية تتمثل في تمثيل الحكومة داخل نطاق محافظته، فالمحافظ يمثل السلطة التنفيذية، وينفذ أوامرها، ويعد حلقه الوصل بين سكان المحافظة والسلطة المركزية في الدولة، إضافة الى قيامه بجانب مهامه السياسية هناك مهام آخرى وهي المهام الإدارية والتي تتمثل  في إدارة المرافق العامة التى تقع داخل نطاق المحافظة.
نلاحظ بان المادة الخامسة من  المرسوم الرئاسي لعام 2003 تضمنت  إختصاصات وصلاحيات المحافظ على النحو الآتي :
1- الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب العامة والصحة العامة وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين.
2- حماية الأملاك العامة والخاصة وتحقيق الأمن في محافظته يعاونه في ذلك قادة الشرطة والأمن العام في المحافظة وأن يكون هناك اجتماعات دورية ودائمة بينهم.
3- العمل على الرقي الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في المحافظة وتحقيق المساواة والعدالة وضمان سيادة القانون .
4- اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث ذات الأهمية ([1]) " نلاحظ هنا ان المرسوم الرئاسي جاءت فيه الإختصاصات المركزية  للمحافظ على النحو الآتى:

1- الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة .([2])

 أولى الاختصاصات التى يتمتع بها المحافظ داخل إقليم محافظته هو الإشراف على تنفيذ السياسة العامة في الدولة التى إعتمدها البرلمان في برنامج الحكومة ، والتى تتعلق بمجموعه من الأهداف تسعي الحكومة إلى تنفيذها من خلال أعضائها، والجهات ذات العلاقة بشكل متعاون مع بعضهم البعض " فجاء المرسوم  الرئاسي الخاص بإختصاصات المحافظ ونص على : " المحافظ هو ممثل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس الإدارة العامة وأعلى سلطة في محافظته ويشرف على تنفيذ السياسة العامة للسلطة وعلى مرافق الخدمات والإنتاج في نطاق محافظته. ([3])
نلاحظ بأن أولى إختصاصات المحافظ هو تنفيذ السياسة العامة للسلطة والإشراف على التنفيذ، كما يقوم بالإشراف على كافه فروع الوزارات الواقعه ضمن إقليم محافظته ، وعلى موظفيها، ولقد ذهب الدكتور سليمان الطماوي لجواز أن يفوض الوزراء بعض إختصاصاتهم للمحافظ داخل نطاق محافظته، وذلك لسهوله وتيسير العمل، ومقابل هذا التفويض يلتزم المحافظ أن يبدي للوزراء ملاحظاته في كل ما يتعلق بشئون المحافظة بما يدخل في إختصاصاتهم ([4]). كما يقوم بالإشراف على المرافق الخدماتية والإنتاجيه الواقعه ضمن نطاق المحافظة، يمنح المحافظ كافه الإختصاصات التنفيذيه ،الممنوحة للوزراء من أجل تحقيق أهداف المرافق العامة داخل نطاق المحافظة لذلك فالقرارات الصادرة من قبل المحافظ هي بمثابة قرارات صادرة من قبل الوزير المختص، وخاصة فيما يتعلق بالمرافق العامة الخدماتية ([5]).

2- الإختصاصات السياسية للمحافظين

يعد المحافظ عضواً مركزيا في السلطة التنفيذية فقد بات من اللازم أن يكون مطلعاً على كافة الامور التي تتعلق بالحياة السياسية داخل نطاق محافظته، إضافه لعلاقته المتواصله مع الهيئات المحلية، ومدى مسئوليته عن تنفيذ قرارتها أو المساءلة أمامها، كما يبرز دوره السياسي من خلال التزامه بوضع السياسة العامة للدولة موضع التنفيذ داخل الإطار الإقليمي لمحافظته، ومسئوليته عن ذلك أمام كل من رئيس السلطة الذي يختص بتعينه وإعفائه من منصبة، ورئيس مجلس الوزراء الذي يحدد له المهمات  السياسية والتنفيذيه المسندة، كما يظهر الدور السياسي للمحافظ من خلال الية تعينه، والغالب ان يقوم الرئيس باختياره من خلال التيارات والاتجاهات السياسية في الدولة.

3- الاختصاصات التنظيمية

يقوم المحافظ بتنفيذ القرارات واللوائح الصادرة من قبل السلطة المركزية، فاذا كان الأصل في اللوائح التى تصدر هى تنفيذاً للقوانين، وصادرة من السلطة المركزية في العاصمة،لأن القوانين ما هي الا قواعد عامة تطبق على السكان كافة، واللوائح المنفذة لها تتسم بصفة العموم، فإن المدراء والمحافظيين يملكون هذا الحق إستثناء في حالتين على النحو الأتى :-

الحالة الأولى : عندما ينص في قانون أو لائحة أصدرتها السلطة المركزية، فهو دليل على أن تنفيذ القانون يختلف باختلاف المناطق التي يكون المدير أو المحافظ هو السلطة الطبيعية لوضع شروط التنفيذ .

والحالة الثانية : عندما تصدر اللائحة من المدير أو المحافظ يتم تنفيذها  في حدود سلطاته، لأن من لا يملك الأصل لا يملك الفرع، لأن ما جري العمل بأن يقوم المحافظين بإصدار لوائح ضبط . ([6])  

- كما ان هناك  اختصاصات لامركزية ينفرد بها المحافظ في نطاق محافظته وهي كالتالي:

1-     الحفاظ على الأمن العام ، والأخلاق والنظام ، والآداب العامة، والصحة العامة وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين .

يقوم المحافظ استنادا على هذا النص بالحفاظ على الأمن العام لمحافظته، من خلال الرقابه على مدراء الشرطة والامن في أداء أعمالهم اتجاه المواطنين، مما يساعده على إستقرار الأمن وتنفيذ القوانين، وذلك ضمن خطط توضع بالتنسيق مع وزير الداخلية للحفاظ على أمن محافظته، ويقوم على ترسيخ الأخلاق الحميدة والقيم العامة، وإستقرار الآداب العامة في إطار المحافظة، ومنع التعدى على الحريات العامه والعمل على نيل الحقوق ومنحها للمواطنين والحفاظ على الصحة العامة، وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة بذلك من مدراء الآمن، ووزارة الصحة، ووزارة العدل. كما يقوم المحافظ بتفتيش مراكز الإصلاح والتأهيل ودور التوقيف في إقليم المحافظة. كما يلتزم مدير الأمن بابلاغ المحافظ بالحوداث التى تسبب إحداث فوضي وإخلال بالأمن لاتخاذ التدابير المناسبة.([7])

2-     حماية الأملاك العامة والخاصة، وتحقيق الأمن في محافظته يعاونه في ذلك قادة الشرطة والأمن العام في المحافظة وأن يكون هناك اجتماعات دورية ودائمة بينهم .

يقوم المحافظ بحماية الأملاك العامة الخاصة بالسلطة، من خلال تعاونه مع الجهات المختصة وذلك ضمن نطاق محافظته، حيث يستمر في عقد إجتماعات دورية ودائمة بين الأمن والجهة المختصة، وذلك بإتخاذه جميع الإجراءات الكفيلة بحماية الأملاك الخاصة والعامة  في الدولة، وإزالة التعديات التي تقع عليها، كما يعمل على تطويرها وحسن استغلالها بما يعود بالنفع على المحافظة، كما يكون المحافظ مسئولا عن كفاية الأمن الغذائي ورفع كفاءة الإنتاح الزراعي والصناعي والنهوض به، فيقوم على اتخاذ كافه الإجراءات الكفيله بتحقيق هذا الهدف .
الا ان جانب من الفقه منهم الدكتور سامي جمال الدين نادى بضروره نقل بعض الإختصاصات الأمنية من يد مدراء الأمن إلى أمن المحافظات ([8]) لتركيز دور المحافظات في العمل.

3-    العمل على الرقي الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في المحافظة وتحقيق المساواة والعدالة وضمان سيادة القانون.

يتحقق ذلك الأمر من خلال تشجيع الإستثمار في المحافظة، وتوفير متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعيه، وإتخاذ إجراءات تساعد على تحقيق الهدف المنشود، من خلال التنسيق بين الجهات المختصة، كما يقوم المحافظ على ترسيخ العدالة بين الجميع، ضمن سيادة القانون وبما لا يتعارض مع استقلال القضاء .([9])

4-    اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث ذات الاهمية   

يلتزم المحافظ باتخاذ تدابير الوقايه من الأمراض، وخاصة حال إنتشار الأمراض المعدية، فيقوم بالتواصل مع الجهات المختصة لحماية السكان، كما يلتزم باتخاذ التدابير الإحترازية حال حدوث الكوارث الطبيعية نحو زلزال أو فيضان ...... أو حدوث حوداث بشرية وذلك لتفادي اقل الخسائر وحماية السكان .

5-     يقوم المحافظ بتنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من رئيس السلطة الوطنية أو مجلس الوزراء. ([10])

يقوم المحافظ بمتابعه عمل دوائر الدولة ومؤسساتها في المحافظة، للقيام باعمالها والعمل على تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات والبلاغات والتوجيهات الرسمية الصادرة من السلطة المركزية أي من الرئيس أو مجلس الوزراء .

6-    يكون حلقة الاتصال بين المكتب التنفيذي في المحافظة وبين السلطة المركزية فيما يتعلق بالقرارات والتدابير التي يتخذها هذا المكتب .

يقوم المحافظ بممارسة سلطة الرقابة أو الوصاية كسلطة مركزية على الهيئات المحلية والإشراف عليها بما يكفل قيامها بواجباتها على أكمل وجه، وعقد الإجتماعات الدورية للمجالس واللجان التى يرأسها وإتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة عنها. ([11])

7-    يقوم بادارة  شؤون العاملين في أجهزة المحافظة وفقاً للاختصاصات المخولة له وللأحكام الخاصة بهم.   

يمنح المحافظ حق إدارة شئون العاملين في أجهزة المحافظة كافة فهذا الحق للمحافظ نابع من إعتباره صاحب الإختصاصات الإدارية بالنسبة للموظفيين العاملين بدائرته، فهو الرئيس الأعلى للمحافظة في جميع الاختصاصات المختلفة ويمارس سلطات واسعة على مرؤوسيه وعلى أعمالهم فلا يتوقف إختصاصه عند إصدار الأوامر والتعليمات، وإنما تصل إلى حد إلغاء أعمالهم او تعديلها أو الحلول محله في القيام بها. 

8-    نص المرسوم الرئاسي  على سلطة المحافظ للضبطية القضائية فيما يتعلق بالجرم المشهود وإبلاغ النيابة العامة عن الجرائم غير المشهودة التي يطلع عليها. ([12])

يقوم المحافظ بوظيفه الضبطية العدلية، فيما يتعلق بالجرم المشهود، كما هو منصوص عليه في قانون اصول المحاكمات الجزائية، وله تبليغ المدعى العام عن الجرائم غير المشهودة التى يطلع عليها

9-    يتمتع المحافظ بسلطة الضبط الاداري في استتباب الأمن وتطبيق مبادئ الحرية والمساواة  ينص المرسوم " يكون للمحافظ وبالتعاون مع السلطات المختصة وفقاً للقوانين والأنظمة والتعليمات المعمول بها صلاحية الإشراف والرعاية والعمل على تحقيق الخدمات المحلية التي تهم المواطنيين في المحافظة من جوانب صحية وتعليمية وثقافية واجتماعية وعمرانية وتطويرية وغيرها. ([13]).
يقصد بالضبط الإداري " هو حق الإدارة في فرض قيود على الأفراد فتحد من حرياتهم العامة بقصد حماية النظام العام، والمحافظة على سلامة المجتمع وصيانته، والحفاظ على الصحة العامة والأمن العام .([14])
فالمحافظ مسئول عن الأمن الخاص بمحافظته ويعاونه في ذلك الأمر مدير الأمن، الذي يقع على عاتقه أن يبحث الخطط التى تساعده في الإستقرار الأمنى، ووجوب إبلاغه حال حدوث أي حوادث ذات أهمية في المحافظة، ووجوب أخذ التدابير اللازمة في هذا الشأن بالاتفاق بينهم، كما يتمتع بالإضافة إلي ذلك بسلطة الضبط القضائي لأجل الحفاظ على الأمن والمساعدة في ترسيخ الحرية والمساواة بين أفراد المجتمع وفق الصلاحيات الممنوحه له ([15])

المطلب الثانى: الاطار القانوني لمسئولية المحافظ

ينبع مفهوم المسائلة من فكرة مفادها خضوع كل من يحصل على تفويض من الجهات المختصة حول تمتعهم بصلاحيات معينة باستخدامه لأدوات معينة عند توليه المنصب, ومن هؤلاء الاشخاص المحافظ, فهو ممثلا عن السلطة التنفيذية في المحافظة, ويتمتع بصلاحيات عديدة منحت له وفق المرسوم الرئاسي في اراضي السلطة الامر يتحدد حسب كل نظام سائد في الدولة.
وبما أن المحافظ يمنح عادة درجة وزير او رتبة لواء أي له سلطات واسعة وتعامل قانوني خاص به فقد ذهب رأي بأن ما يتم تطبيقه هو قواعد المنظمة بمحاكمة كبار الضباط والوزارء الا ان هناك رأيا مخالفا ذلك لانه لايمكن ان تطبق مسئولية المحافظ مثل الوزير بمجرد معاملته ماليا بدرجة وزير وليس لديه باقي الحقوق الاخرى التي يتمتع بها الوزير([16]) .
فيثور التساؤل ماهو الاساس الذي يعتمد عليه في مسائلة المحافظ حال تسبب بضرر لغير سواء عما وقع منه من جرائم اثناء تادية اعمال وظيفته او بسببها خاصة في حالة خلو النص التشريعي الذي ينظم هذه الجرائم حيث ان الحل هو تطبيق القواعد العامة للتاديب على المحافظ وفق قانون الخدمة العامة في الدولة وهو ما ذهبت اليه المحكمة الادارية العليا في احد احكامها حيث طبقت القواعد العامة في تاديب جميع العاملين في الدولة بخصوصية تاديب رؤساء الجامعات ونوابهم فجاء بالحكم متى كان قانون الجامعات هو قانون خاص لم يرد به احكاما خاصة بتاديب رؤساء الجامعات ونوابهم فان القانون الذي يخضعون له في شان تاديبهم هو قانون العاملين المدنيين في الدولة وقانون مجلس الدولة وقانون النيابة الادارية حيث من الاولى ان تسري الاحكام العامة للتاديب على جميع العاملين ايا كانت مواقعهم الا ما استثني منهم بنص خاص مع عدم جواز التوسع في تفسير الاحكام الخاصة بالتاديب ([17]).
لذا من الاهمية اعتبار المحافظ مسئولا امام رئيس مجلس الوزراء عند مباشرة اختصاصاته فيجب ان يعرض تقارير دورية عن نتائج اعماله في مختلف الانشطة التي يقوم بها من خلال المنصب واية موضوعات تحتاج الى تنسيق من خلال عمله مع الوزارات المعنية فهل يجوز للرئيس ان يفوض المحافظ لممارسة بعض الاختصاصات ؟.
المحافظ لا يحق له ان يفوض الا فيما يتعلق باختصاصاته الاصلية التى يستمدها من القوانين واللوائح اما بالنسبة للاختصاصات التى يمارسها على سبيل التفويض سواء من الرئيس او من الوزراء فانه لايحق له تفويض غيره في مباشرتها([18]). وعلى الرغم من اختصاصات المحافظ الواسعة ومنحه درجة وزير الا انه لايخضع لمحاكمة الوزراء لان المحافظ يعد مسئولا امام مجلس الوزراء عند مباشرة اختصاصاته ويلتزم بتقديم تقارير دورية الى الوزير المختص عن نتائج اعماله في مختلف الانشطة التى يباشرها المحافظ واية موضوعات تحتاج الى تنسيق مع محافاظات اخرى او وزارات معينة على ان يعرض الوزير المختص على رئيس مجلس الوزراء تقريرا دوريا عن نتائج اعمال المحافظات المختلفة وذلك بعد دراسة التقارير الدورية التى تقدم له من المحافظين لرئيس مجلس الوزراء ان يعقد اجتماعات دورية مشتركة بين الوزراء والمحافظين لمناقشة وسائل دعم التعاون والتنسيق بين الوزرارات والمحافظات وتبادل الراي في اسلوب تذليل ما قد يعترض نشاط وحدات الادارة المحلية من عقبات([19]).
اما مشروع قانون التشكيلات الادارية في فلسطين فقد وضح العلاقة بين الحكومة المركزية والمحافظات من خلال وزير الداخلية فالمحافظ يسال امام وزير الداخلية وملزم بتقديم تقرير شهرى للوزير المختص في كافة الانشطة والاحوال العامة للمحافظة وكذلك يتم تعيين المجلس الاستشارى من وزير الداخلية بينما يتبع معظم اعضاء المجلس التنفيذى لوزير الداخلية بحكم مناصبهم ينتج عن ذلك انه لا يوجد عمليا اى استقلال لاعضاء مجلس المحافظة في مباشرة اختصاصهم وان الهدف من وراء انشاء المحافظات سياسى وامنى بالدرجة الاولى وليس ممثلا عن الادارة المحلية في نطاق اللامركزية الادارية اما ما هو مطبق باراضى السلطة ومن هى الجهة المسئولة عن اعمال المحافظ والية مساءلته بالرجوع الى المرسوم الرئاسى الخاص باختصاصات وصلاحيات الرئيس نجد انه خلا من الية لمساءلة المحافظ عن الضرر الذى يتسببه للغير بسبب عمله.
للاجابة عن تلك الاسئلة من خلال قراءة ما جاء بالمرسوم الرئاسى رقم 15 لسنة 2005 الصادر بتاريخ 27 -6- 2005  ([20])اى بعد عامين من تاريخ اصدار المرسوم الخاص باختصاصات المحافظين اصدر الرئيس مرسوما بشان اجتماعات المحافظين حدد فيه موعد اجتماع المحافظون مع رئيس السلطة التنفيذية بصورة دورية كل شهرين او وقت الضرورة ويتم تشكيل لجنة باسم لجنة شئون المحافظات تتبع مكتب الرئيس مباشرة حيث حدد المرسوم موعد الاجتماع والمهام التى تقع على عاتقها واعتبار ان اللجنة هى وسيلة الاتصال بين المحافظين والرئيس كما خلا المرسوم من اى امر يتعلق بمسئولية او محاسبة المحافظين او الطريقة التى يلجا اليها المتضرر من اعمال المحافظ.
اما الواقع العملى فقد قام الرئيس بتعيين مستشار ليتابع شئون المحافظات ويتواصل مع المحافظين حال غياب الرئيس عن الاجتماعات كما شكل لجنة عمل تجتمع بشكل دورى كل شهرين كحد ادنى يتم خلال اجتماعاتها عرض كل متطلبات واحتياجات القضايا التى تتعلق بعمل كل محافظة وحال وجود اى حالة قصور فى اداء المحافظ يقوم مستشار اللجنة بتقديم تقريرا للرئيس، كما يقوم المحافظون بالاجتماع برئيس الوزراء ويوجب عليهم الالتزام بتعليمات رئيس الوزراء وهذا الالتزام ليس نابعا من نص قانونى بقدر ما هو التزام بسلطة السلطات المركزية كما توجد صفة الزامية فى اتباع التعليمات من قبل رئيس مجلس الوزراء تجاه المحافظة التى تقع تحت رعايته لانهم ينفذون تعليمات الحكومة كل حسب ما يناسب محافظته.
اما ما يتعلق باثار المسئولية امام القضاء فبصفة عامة لا يمكن ان تتحقق الا اذا توافرت اركان المسئولية التقليدية وهي الخطا والضرر وعلاقة السببية بينهما فمسائلة المحافظ سواء بالصفة الشخصية او الادارية لا تخرج عن هذه القاعدة متى تحققت مسائلته عما اوقعه من ضرر بالغير.
فمساءلة المحافظ عن اخطائه الادارية او الشخصية يمكن ان يباشرها طالب المسئولية عن طريق القضاء من خلال دعوى التعويض لان هذه الدعوى لاتختلف كثيرا عن باقي الدعاوي الاخرى من حيث الاركان العامة الا فيما يتعلق ببعض الخصوصيات التي تنفرد بها هذه الدعوى باعتبار المركز القانوني للمحافظ هو اساس المسئولية لانه ممثلا عن السلطة التنفيذية فالمتضرر عند رفعه دعوى له مجموعة من الخيارات وذلك حسب الضرر الذي لحقه.
ان الهدف الاساسي من اقامة دعوى المسئولية الادارية هو الحصول على تعويض يغطي الضرر الذي لحق بالمدعي وتبقى سلطة تقدير التعويض تعود للقاضي وذلك بناء على مجموعة من الاعتبارات حيث يلزم المشرع المدعي بوجوب توافر شروط رفع دعوى التعويض اضافة الى الغاء القرار الصادر بحقه اذا كان اساس الخطا الذي اصاب المدعي ناتج عن تدليس او فعل غير مشروع صادر عن المحافظ فعلى المدعي ان يرفع دعواه امام المحكمة المختصة حيث ان المحكمة المختصة بذلك اما ان تكون محكمة اقامة المحافظ او مقر العمل الذي ارتكب فيه هذا الخطا .
حيث تضاربت الاراء الفقهية حول المحكمة المختصة بالدعوى فالبعض ارجع ذلك الى القضاء الاداري والبعض الاخر ارجعها للقضاء العادي  فالفريق الاول ينظر الى هذه المسالة المتعلقة بالمحافظ باعتبارها قضاء الغاء نتيجة تجاوز المحافظ السلطات الممنوحة له اما الفريق الثاني الذي غلب القضاء الاداري باعتبار قانون المحاكم الادارية هو المختص نوعيا بالنظر فى هذه الدعاوى.

المبحث الثاني: التوقيف الاداري


الاصل ان حرية الانسان مصانة ولا تمس، وقد حرصت الدساتير الداخلية على ذلك في معظم التشريعات فالقانون الاساسي الفلسطيني نص على ذلك في المادة رقم 11 و 12 في باب الحقوق والحريات، كما ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان نص على ذلك في المادة التاسعة (لا يجوز القبض على اي انسان او حجزه او نفيه تعسفا)، كما ان الدستور الاردني اكد على ذلك في المادة السابعة (الحرية الشخصية مصونة) وفي المادة الثامنة، الا اننا نصطدم على ارض الواقع بما يطبقه بعض المحافظون من صلاحيات توقيف اشخاص على خلفيات مختلفة متذرعين بانهم يقوموا بانفاذ القانون وتطبيق القانون الذي يخولهم هذه الصلاحيات (قاون منع الجرائم الاردني لعام 1954)، وحين نتحدث عن التوقيف الاداري فاننا نقصد التوقيف الوقائي الذي يهدف الحفاظ على النظام والامن العام وهي الوظيفة الرئيسة للمحافظ.

المطلب الأول: ماهية التوقيف

التوقيف إجراء موسوم بالخطورة لكونه سالبا لحرية الإنسان، ويمثل إيلاما لذاته قبل أن يُطبق بحقه حكم قضائي، وهو بهذا لا يتفق مع قرينة البراءة التي استقر عليها دستورياً، وبالتالي لا يتعين الانصراف إليه إلا في حدود ضيقة ([21]).
أهم هذه الحدود الضيقة يتمثل بأن هذا التوقيف يجب ألا تأمر به إلا سلطة قضائية ذات اختصاص بحكم القانون، ولمدة تقتضيها حتما ضرورة مشروعة، ووفق حزمة من ضوابط قانونية بحيث لا تقتضيه إلا الضرورة الأكيدة التي تقدر بقدرها، وتحاط بالقدر الكبير من الضمانات الكفيلة بتحقيق الموازنة ما بين مصلحة المجتمع في التوقيف من أجل مصلحة التحقيق قبل صدور الحكم، وقرينة البراءة التي تقدم على أساس مفاده ألا تُسلب حرية الإنسان إلا إذا صدر حكم بإدانته، وهو ما لا يكون إلا بالتضييق في حالات التوقيف إلى الحد الأدنى سواء في حالاته أو مدده، واقترانه برقابة قضائية ضامنة لهذه الضمانات.
الأصل في سلطة التوقيف أنها للسلطة القضائية باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل وفق أحكام القانون، والتي من خلالها تتم مراعاة الضوابط الخاصة بعملية التوقيف وتقدير ضرورته، وإعمالا لمبدأ الشرعية الإجرائية، إلا أنه أيضا يُجاز من خلال بعض القوانين الخاصة للسلطة التنفيذية إصدار قرار بتوقيف الأشخاص في حالات محددة، حيث يطلق على هذا النوع من التوقيف تسمية )التوقيف الإداري(
هذا التوقيف الإداري الذي بموجبه تسلب حرية الشخص من قبل السلطة غير القضائية دون أن يكون هنالك إسناد أي تهمة للموقوف([22])، بعض هذه القوانين يجيز هذا التوقيف الإداري مثل قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 والمرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003
هذا التوقيف الإداري يتسم بالصفة الإدارية باعتباره مقررا من قبل السلطة التنفيذية، ويصدر خارج إطار الدعوى الجزائية، وذلك على سند من القول إن للسلطة التنفيذية )المحافظ مثلا( أن تصدر هذا القرار الإداري بالتوقيف في حالة الاشتباه، أو حالة الضرورة، أو الخطورة الإجرائية في الشخص الذي يصدر قرار بتوقيفه، كما أن للسلطة التنفيذية أن تصدر القرار بالتوقيف ولمدة غير محدودة طالما يرى صاحب السلطة في إطار هذا القرار أن أسباب التوقيف ما زالت قائمة، وذلك سنداً للمادة 8 من قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة  1954هذه الطبيعة الإدارية التي يوصف بها قرار التوقيف تجعله قابلا للطعن فيه أمام محكمة العدل العليا بصفتها الجهة القضائية المختصة بذلك.
من خلال استقراء النصوص القانونية التي تعطي الإدارة صلاحية التوقيف، نجد بأن هذه النصوص تخول الإدارة توقيف كل من يشكل خطرا على النظام العام، على اعتبار أن من واجبات الإدارة وسلطات الضبط الإداري  المحافظة على النظام العام ([23]) وعليه، فإن المبرر الأساسي الذي للإدارة أن تسوقه في سبيل تبريرها للتوقيف هو المحافظة على النظام العام. ([24]) ولكن هذه الفكرة وان كانت تجد قبولا عند بعض فقهاء القانون الإداري لا تتفق ومبادئ راسخة شرعت من أجل المحافظة على حقوق الإنسان. 
والتوقيف هو إجراء احتياطي من إجراءات التحقيق التي تتخذ في مواجهة الإنسان، حيث إن ذلك الإجراء يأخذ طابعاً تحفظياً، تكون الغاية المرجوة منه سعي السلطة صاحبة الاختصاص في التحقيق للمحافظة على سلامة ذلك التحقيق المنوط بها بموجب أحكام القانون، بحيث تعمل على تأمين الأدلة من أي عبث أو فساد، وهذا يدلل بوضوح أن التوقيف بحد ذاته لا يعتبر الا إجراء تحقيق يهدف إلى التنقيب عن الأدلة وجمعها في سبيل الكشف عن الحقيقة.
هذا التوقيف يتم بمذكرة وردت أحكامها في قانون الإجراءات الجزائية 23([25]) ، وبالتالي فإن هذه المذكرة تأخذ طابع القرار القضائي ولا تأخذ طابع القرار الإداري، وبهذا فهي تخضع للرقابة والإشراف القضائي وليس الإداري، وهذا يعطي قرار التوقيف الصادر عن الجهة القضائية ذات الاختصاص، شرعية إجرائية إذا ما توافرت أيضا خصائص تلك الشرعية التي سبق ذكرها.
كما أن هذا التوقيف وإن كان إجراءً سالباً للحرية، إلا أنه لا يكيف باعتباره عقوبة سالبة للحرية، كما هو الحال بالنسبة لعقوبة الأشغال الشاقة أو الاعتقال أو الحبس،ولكنه إجراء تحفظي مناط تقريره مصلحة التحقيق ومقتضياته، فالأصل ألا عقوبة إلا تنفيذا لحكم قضائي بالإدانة واجب النفاذ وبحكم القانون، والتوقيف يعتبر استثناء على هذا الأصل الذي بمقتضاه أن الانسان يجب أن يكون حراً ترسيخا لقرينة البراءة، والتي تعتبر أحد خصائص مبدأ الشرعية الإجرائية.
التوقيف الإداري نجده يفتقر للضمانات التي من خلالها تُكفل المحافظة على مبادئ دستورية راسخة، منها مبدأ تم بيانه في المادتين 11 و 14 من القانون الأساسي الفلسطيني واللتان قررتا أن الحرية الشخصية مصونة، حيث إننا نجد أن هذا التوقيف يفتقر لمبدأ المشروعية.
نرى أن هذا التوقيف لا تتوافر فيه الضمانات التي من شأنها صون حرية الإنسان الشخصية، حيث إن هذا التوقيف يُخرق به أهم ضمان من ضمانات المحافظة على حرية الإنسان الشخصية، وهو أن يُعهد بأمر التوقيف لسلطة قضائية بوصفها الحارس الطبيعي لحقوق الإنسان، لما تتمتع به هذه السلطة من استقلال وحياد وكفاءة وموضوعية وحسن تقدير، بالإضافة لكونها سياج قانوني يضمن من خلاله سلامة وصحة اتخاذ هذا التدبير الخطير بعيداً عن التعسف والتغول في استعمال السلطة.
بالرجوع لما ورد في نص المادة 3 من قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 نجد أنها منحت صلاحيات للجهات الإدارية بتوقيف من تدل ملامحه أو وجد في مكان عام أو خاص في ظروف تقنع المتصرف بأنه كان على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه، وكذلك من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة الأموال المسروقة أو اعتاد حماية اللصوص أو إيواءهم أو المساعدة على إخفاء الأموال المسروقة أو التصرف فيها أو كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً على الناس، وبالتالي اعتبر القانون أن من تتوافر في حقه إحدى الحالات المبينة فإنه يشكل خطرا على النظام العام، وبالتالي يوجد مبرر لصدور القرار الإداري القاضي بالتوقيف.
هذا النص فيه من السعة بما يتجاوز الحكمة التشريعية المرتبطة بمبادئ دستورية راسخة عمادها المادة 15من القانون الأساسي الفلسطيني الناصة على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فالنصوص الفضفاضة في قانون منع الجرائم تجعله غير واضح فيما يتعلق ببيان الفعل الإجرامي المعاقب عليه، حيث إن استخدام التعابير الفضفاضة في النص التجريمي تجعله مشوباً بعدم الدستورية.
بالتدقيق في الحالات الوارد ذكرها في قانون منع الجرائم نجد أن هذه الحالات لابد وأن تقترن بوجود مادي يعطي جهة الإدارة صلاحية في إصدار أمر التوقيف.
وبالرجوع إلى النصوص القانونية فإننا نجد بأن المادة 11 من القانون الأساسي الواردة في الباب الرابع من القانون تحت عنوان الحقوق والحريات العامة قد نصت على أن 1 - الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس. 2 - لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون. والقانون الواجب التطبيق هو قانون الإجراءات الجزائية لسنة 2001 حيث حددت المادة 120  منه مدد التوقيف وإجراءاته ونصت الفقرة الرابعة من المادة المذكورة بأنه لا يجوز بأي حال أن تزيد مدة التوقيف المذكورة في هذه المادة على ستة أشهر وإلا يفرج عن المتهم ما لم تتم إحالته إلى المحكمة المختصة لمحاكمته.
بعض قرارات محكمة العدل العليا الأردنية وفي صدد بحثها الوجود المادي للوقائع التي تعطي جهة الإدارة صلاحية إصدار أمر التوقيف، بينت وجوب أن يبنى القرار الإداري الصادر  بالتوقيف على وقائع صحيحة وثابتة، وتطبيقا لذلك قضت أنه ونظرا لانتفاء الواقعة التي بني
عليها القرار فإنها قررت إلغاء القرار الإداري القاضي بتوقيف أحد الأشخاص بقولها “.... القرار الإداري يجب أن يستند إلى أساس واقعي سليم... وإن الأمر الذي أصدره وزير الداخلية بتوقيف شخص لأجل غير مسمى بحجة أنه سلك سلوكاً يتعارض ومصلحة الأمن العام مع أن هذا الشخص محكوم بموجب قانون مقاومة الشيوعية وموجود في السجن لم يطلق سراحه ولم يتم مدة محكومتيه جدير بالإلغاء لأنه لا يستند إلى أساس واقعي سليم” ([26]) ، بمعنى أنه إذا بني القرار الإداري الصادر بالتوقيف على وقائع غير موجودة أو غير صحيحة، فإنه يكون – والحالة هذه - مخالفا للقانون. وقضت أيضا “... لم نجد في اضبارة المستدعي ما يشير إلى صحة الوقائع المادية التي أسندت إليه.. ولهذا وحيث إنه يشترط لصحة القرار الإداري أن يكون مؤسسا على وقائع صحيحة لا على مجرد الشكايات و الشائعات و أن يكون تقدير هذه الوقائع على أساس سليم” ([27]) . وتضيف في حكم آخر “... بأنها لم تجد فيما أوردته النيابة العامة من أدلة ما يثبت إن المستدعيين يعتنقان الشيوعية أو إنهما قاما بالدعاية لها، إذ كل ما جاء بهذا الخصوص لا يخرج عن دائرة الشبهات التي لا يبنى عليها حكم .....فإذا لم تتوافر مثل هذه البينات فان القرار الإداري يكون حقيقا بالإلغاء لأنه لا يقوم على أساس سليم” ([28]) .
باستعراض هذه الأحكام نجد أن ما قرر من مبادئ يكون مقبولا في ظل قانون يسمح بذلك شرط أن لا يكون مخالفا للدستور، والقول بأن هذه المبادئ التي قررتها محكمة العدل العليا والقياس عليها فيه ضمانة لحقوق الانسان ومنعا لتغول السلطات الادارية في استعمال سلطتها في التوقيف أمر لا يشكل ضمانة أكيدة لحماية الإنسان وصون حريته، خاصة وأننا لاحظنا مدى تعسف الإدارة في قرارات التوقيف التي قضت محكمة العدل العليا مثلا بإلغائها، وذلك على فرض وجود قانون يسمح للإدارة باتخاذ مثل هذا الاجراء. هذا الأمر لا يمكن التسليم به في فلسطين، فالسلطات الادارية التي تمتلك إصدار قرار التوقيف تتمثل بالمحافظ استنادا للمادة 5 من المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003بشأن اختصاصات المحافظين، وذات الصلاحية قررت بموجب قانون منع الجرائم التي منحت للمحافظ صلاحية القبض و التوقيف على كل من وجد في مكان عام أو خاص في ظروف تقنع المتصرف بأنه كان على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه، أو من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة الأموال المسروقة أو من اعتاد حماية اللصوص أو إيواءهم أو المساعدة على إخفاء الأموال المسروقة أو التصرف فيها،
أو من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة يشكل خطراً على الناس ([29]) . وبالتدقيق في قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 نجد أن تطبيقه يقتصر فقط على المتصرفين و محافظ العاصمة دون غيرهم، بحيث لا يملك باقي المحافظين صلاحية التوقيف، إعمالا لصراحة نص المادة 2 من ذات القانون التي نصت على اشتمال لفظة )المتصرف( محافظ العاصمة، ولا يوجد نص آخر يخول الحكام الإداريون صلاحية التوقيف.

المطلب الثانى: صلاحية التوقيف على ذمة المحافظ واتفاقه مع القانون

 وبالرجوع لنصوص المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 نجد بأنه وفي حدود المادة 5 منه قد نص على أنه “ يتولى المحافظ ممارسة الاختصاصات والصلاحيات التالية: 1 - الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب العامة والصحة العامة وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين” ولكن ذات المرسوم لم يبين للمحافظ ما هي الوسائل التي له أن يتخذها في سبيل ذلك، ونرى أننا هنا أمام فرضيتين تتمثلان فيما يلي:
.1 الفرضية الأولى وهي أن تقرأ المادة 5 من المرسوم الرئاسي بدلالة المواد الواردة في قانون منع الجرائم، وفي هذه الحالة لا يجوز إلا لمحافظ العاصمة فقط أن يمارس صلاحية التوقيف دون غيره وضمن نطاق اختصاصه المكاني، على اعتبار أن هذه الصلاحية حددت حصرا له دون غيره من المحافظين.
.2 الفرضية الثانية وهي أن يقرأ المرسوم الرئاسي دون دلالة قانون منع الجرائم، وفي هذه الحالة فإن التوقيف من قبل المحافظ هو استثناء على القواعد الأصلية التي لا تعطي المحافظ صلاحية التوقيف، وحيث إن الاستثناء يحتاج إلى نص صريح، وحيث لا يوجد هذا النص فإنه لا يكون للمحافظ وفي تطبيقه لنص المادة 5 من المرسوم الرئاسي أي صلاحية في التوقيف هذا بالإضافة إلى أن المادة 5 من المرسوم الرئاسي والتي صيغت على اطلاقها فيها مخالفة لما ورد من تحديد في قانون منع الجرائم من حيث حصر الاختصاص في محافظ العاصمة دون غيره.
وبالتالي فإن ما يقوم به المحافظون – غير محافظ العاصمة فيه مخالفة صريحة لقانون منع الجرائم وكذلك المادة 11 من القانون الأساسي الفلسطيني التي حظرت التوقيف إلا وفقا لأحكام القانون، ومع ذلك يستمر المحافظون )الحكام الإداريون( بممارسة التوقيف الإداري مستندين في ذلك لقانون منع الجرائم رقم 7 لسنة1954 ، والذي يختلف في أحكامه عن قانون منع الجرائم الملغي لسنة 1927 ، والذي كان يجيز لكافة الحكام الإداريين إصدار قرارات التوقيف دون أي استثناء ([30]) .
إن قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 وكذلك المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 يشكلان مخالفة دستورية واضحة من حيث مخالفتهما لأحكام المواد 10 و 11و 12 و 14 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، باعتبار أن ما ورد فيها يشكل مبادئ دستورية راسخة يجب احترامها، وأن كل تشريع أو إجراء يخالفها يكون مشوباً بعيب دستوري واضح وجلي، خاصة وأن الشرعية الدولية أيضا أكدت في عدد من نصوصها على ضرورة احترام حقوق الإنسان، وأن تلك الشرعة الدولية قد اصبحت وبعد انضمام فلسطين للعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية واجبة التطبيق في فلسطين، فالتطبيق العملي لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1954 يتضمن مساس واضح بالحرية الشخصية والتي كما بينا سابقاً لا يجوز أن تتخذ إلا من جهة قضائية ذات اختصاص.
هذا بالإضافة لكون القانون يمنح صلاحية واسعة من خلال عباراته الفضفاضة للحكام الاداريين، كما يمنحهم صلاحيات قضائية فيها اعتداء صارخ على اختصاص السلطة القضائية ([31]) .
كما أن القانون لم يحدد مدة للتوقيف أو ضبطها بحد أعلى ومما يعتبر ايضاً إمعاناً في مخالفة الشرعية الاجرائية والجنائية أن مجرد الاشتباه يشكل سبباً لاتخاذ اجراءات ماسة بحرية الفرد في المجتمع، حيث إن ما جاء في المادة 5 من ذات القانون وتحديدا في الفقرة )ب( التي تنص على أنه “ليس من الضروري في الإجراءات التي تتخذ بمقتضى هذا القانون بإثبات أن المتهم ارتكب فعلاً معيناً أو أفعالاً معينة”. ما ورد في هذه الفقرة لا يمكن أن يقرأ في ظل نصوص القانون الاساسي الفلسطيني الناصة على ترسيخ مبادئ حقوق الانسان والمحافظة على حريته وكرامته. إضافة لذلك، فإنه وفي إقرار التوقيف الإداري يكون هنالك تغول واضح من السلطات الإدارية على السلطات القضائية في الدولة التي أنيط بمحاكمها الجزائية صلاحية التوقيف وفقا لقانون الإجراءات الجزائية، الذي بموجبه تتوافر لإجراء التوقيف الشرعية الإجرائية  والتي نرى وبعد دراستها أنها لا يمكن أن تتوافر للتوقيف الإداري، أن يتصف بها التوقيف الاداري لمخالفته الصريحة مبادئ دستورية واضحة وراسخة، خاصة وأن المادة 119 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل أكدت على أنه «يلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القانون الأساسي المعدل، وحيث تبين لنا معارضة قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 و المادة 5 من المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 والقانون الأساسي الفلسطيني فإنه بذلك يكون حرياً بأن تنطبق أحكام المادة 119 من القانون الأساسي المعدل واعتبارهما مشوبان بعيب دستوري مُلغي لوجودهما.
ولابد من الاشارة الى ان التوقيف على ذمة المحافظ، يثير جدلاً كبيراً ، خاصة في ظل تزايد أعداد الموقوفين على ذمة المحافظين في مختلف المحافظات، هذا النوع من التوقيف الإداري الذي كما بينا يتم بعيداً عن الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة التي وضعها قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 الذي أكد أن النيابة العامة هي الجهة الوحيدة التي يحق لها التوقيف والتحقيق، وأعطى صلاحية الضبط القضائي لجهات محددة ذكرها القانون على سبيل الحصر، وجاء قانون الإجراءات الجزائية منسجماً مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 ، في المادة رقم 11 التي بيناها سابقا بالاضافة الى المادة (12) من القانون الأساسي “يبلغ كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو إيقافه، ويجب إعلامه بلغة سريعة يفهمها بالاتهام الموجه إليه، وأن يمّكن من الاتصال بمحامٍ، وأن يقدم للمحاكمة دون تأخير”.
في السياق ذاته، جاء المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 الذي حدد اختصاصات المحافظ منسجماً مع القانون الأساسي الفلسطيني، حيث أن المرسوم أعطى المحافظ صلاحية الضبط القضائي كما بينا في المبحث الاول وفي مطلب اختصاصات المحافظ في المادة رقم (7) التي نصت على أن المحافظ يقوم “بوظيفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بالجرم المشهود وإبلاغ النيابة العامة عن الجرائم غير المشهودة التي يطلع عليها”، وعليه فصلاحية المحافظ بالقبض تنحصر في الجرم المشهود الذي شاهده بإحدى حواسه بشكل يقطع الشك بارتكاب الفعل و الجرائم الأخرى غير المشهودة على المحافظ إبلاغ النيابة العامة كجهة اختصاص أصيل بتحريك الدعوى العمومية.
الا أن التوقيف على ذمة المحافظ من الناحية التطبيقية، يأتي أعمالاً للسلطة الإدارية الممنوحة للمحافظ التي منحته إجراءات استثنائية، تتيح له عملياً سلب الحرية الشخصية للفرد بهدف الحفاظ على الأمن العام والنظام العام، استناداً لنص قانون منع الجرائم الأردني رقم (7) 1954 الذي يمكّن المحافظ من اتخاذ إجراءات وتدابير غير قضائية تباشرها الإدارة وتتخذ الطابع الوقائي للحيلولة دون وقوع الجريمة أو حدوثها، وتتمتع الإدارة في هذا النوع من النشاط بسلطة تقديرية واسعة وهذا واضح بالنظر للألفاظ المستخدمة في صياغة القانون كاستعمال لفظ: “وإذا كان يحمله على الاعتقاد” (م3)، “و يجوز للمتصرف” (م7)، “وإذا اقتنع المتصرف” (م9)، وهي مصطلحات تحتمل التأويل والتفسير الواسع، الأمر الذي يتيح مساحة واسعة من الصلاحيات تجعل من قناعة الحاكم الإداري (المتصرف) بديلاً للنيابة العامة والقضاء وتعطيه الحق في فرض الإقامة الجبرية على الأفراد وكذلك الحق في توقيفهم والإفراج عنهم متى أراد ذلك.
بالرغم من حقيقة مخالفة قانون منع الجرائم الأردني للقانون الأساسي إلا ان العمل لازال مستمرا  بتوقيف الأشخاص بالاستناد إلى قانون منع الجرائم الأردني الملغي حكماً، مما يشكل سلوكاً تعسفياً في استعمال الصلاحيات الإدارية، علاوة على ذلك يلاحظ أن الأجهزة الأمنية والشُّرطية تخلط بشكل واضح بين صلاحيات الضبط القضائي الممنوحة لها قانوناً وصلاحيات الضبط الإداري باعتبارها الجهة المكلفة بإنفاذ القانون، مما يتيح للأجهزة الأمنية والشرطية هامش واسع من التصرف يؤدي إلى حرمان الأشخاص من حريتهم، خارج نطاق الضمانات القانونية المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجزائية.
بل أكثر من ذلك فإن السلطة التنفيذية بالممارسة العملية عندما تستند لنصوص قانون منع الجرائم، نجد أنها لا تتقيد بأحكامه، ولا تأخذ من قانون منع الجرائم سوى فكرة الصلاحيات الاستثنائية الممنوحة لها دون الالتفات إلى ما يتضمنه من إجراءات وشروط بشان التوقيف ويتم ذلك على النحو الآتي:-

1- إن التوقيف على ذمة المحافظ يحدث دون علم المحافظ في بعض الأحيان، وإن كان لديه علم لا يمثل الموقوف أمامه بالإضافة أن الموقوفين على ذمة المحافظ لا يمثلون أمامه بمجلس المحافظة ولا يتلقون مذكرة حضور لمقابلة المحافظ، حسب ما جاء بنص المادة 4 من قانون منع الجرائم تحت عنوان إصدار مذكرة التوقيف أنه “إذا أبلغ أي شخص من المذكورين في المادة الثالثة مذكرة الحضور أمام المتصرف ولم يمثل خلال مدة معقولة، فيجوز للمتصرف (منصب إداري لا يستعمل في المنظومة الإدارية الفلسطينية) أن يصدر مذكرة القبض على ذلك الشخص على أن تجري محاكمته خلال أسبوع من تاريخ القبض”.

2- التوقيف باسم المحافظ يتم بناء على تقديرات الأجهزة الأمنية والشرطية دون الرجوع له، حيث يتم اعتقال الأشخاص أولاً، ومن ثم يتم توقيفهم على ذمة المحافظ بعد مراسلة مكتب المحافظ، مع أن قرار التوقيف هو قرار إداري قابل للطعن أمام محكمة العدل العليا، ويصدر عن المحافظ أعمالاً للاختصاص الممنوح له شخصياً بموجب قانون منع الجرائم، وهذا القرار يجب أن لا يخضع للمساومة أو الاتفاق، كما يجب أن يكون قراراً إدارياً فردياً يصدره المحافظ دون غيره، ويجب أن يكون القرار مسبباً يعبر عن تقديره هو دون غيره لحالة الشخص الذي يعتقد أن عدم كتابة تعهد عليه أو إيجاد كفيل يضمنه يؤثر على الأمن العام، فلا يجوز أن يكون القرار وسيلة للمساومة، ولا يجوز للمحافظ أن يتفق مع أي شخص أو جهة أياً كانت على منحها أو تفويضها هذا الحق بالتوقيف الممنوح له قانونا دون غيره.

3- لا بد من الإشارة أن التوقيف على ذمة المحافظ بموجب قانون منع الجرائم هو إجراء وقائي يهدف إلى المحافظة على النظام والآداب العامة، حيث أن قانون منع الجرائم، ذكر على سبيل الحصر الحالات والأشخاص الذين يجوز توقيفهم لتحقيق الغرض منه، فلا يجوز استخدامه بشكل واسع ليشمل معاقبة البعض أو لأغراض خاصة بأشخاص أو جهات رسمية أو غير رسمية، وهذا ما نستنتجه من نص المادة الثالثة من قانون منع الجرائم رقم (7) 1954 المبينة سابقا.

4- إن التطبيق العملي لقانون منع الجرائم في الواقع الفلسطيني يبدأ في الغالب بعد وقوع الجريمة، ويتم استخدام هذا الإجراء من أجل التحقيق مع الموقوفين على ذمة المحافظ بشكل يهدف إلى التنصل من الضمانات، التي يوفرها القانون لهم.

5- استغلال التوقيف على ذمة المحافظ لأغراض أخرى منها توقيف الأشخاص المدينين لحمايتهم من دائنيهم لحين حل مشكلة الدين، بشكل يشير إلى نية الإدارة لتوسيع صلاحيتها في التوقيف دون اللجوء إلى القضاء، في اعتداء واضح على صلاحيات السلطة القضائية.

أخيراً، لابد من التذكير بأن قانون منع الجرائم الأردني عند صدوره كان يلبي احتياج المجتمع الأردني في مرحلة معينة، ويراعي تعقيداته القبلية والعشائرية وأصبح ساري المفعول على المجتمع الفلسطيني بحكم السيطرة الإدارية الأردنية، والآن بعد مرور 62 عاماً على إصداره لم يعد يراعي التطور الذي طرأ على المنظومة الاجتماعية الفلسطينية وخصوصاً بعد انتشار ثقافة حقوق الإنسان وازدياد الوعي بها بالأوساط الشعبية، وانضمام فلسطين لمجموعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وأن الاستمرار في اللجوء إلى قانون منع الجرائم الأردني مع عدم مشروعيته يعبر عن عجز الإدارة القانوني في مواجهة مع ما تبقى من قواعد اجتماعية بآلية لابد من إزالتها من أجل تطوير المجتمع، بهدف الوصول إلى دولة ديمقراطية عصرية في ظل سيادة القانون.
وهناك العديد من الاحكام القضائية التى صدرت عن محكمة العدل العليا والغت قرار المحافظ باستمرار التوقيف او الاعتقال منها ([32]).=

الخاتمة

هناك تجاوز واضح للقانون الاساسي والمواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل دولة فلسطين والقرار الاممي الخاص بالاعتراف بدولة فلسطين، وان احترام القانون في الدولة يُشكل مظهر من مظاهر السيادة، ويعزز ثقة المواطن برواسخ العدالة، هذه الرواسخ التي تمثل المبادئ الدستورية عمادها واجبة الاحترام والتطبيق، حتى يصار للقول بأن المواطن يتمتع بحقوقه في ظل مجتمع يسوده القانون.
هذا التمتع يجب أن يكون مكفول بضمانات حقيقية تمنع تغول السلطات على حقوقه وتضمن له العيش بكرامة مصونة، وهذا لا يتأتى وتطبيق قانون فيه مخالفة وموسوم بعيب دستوري واضح وجلي، كما هو الحال فيما يتعلق بقانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 و المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة2003 ، حيث نرى أن كل منهما حري بالإلغاء بموجب المادة 119 من القانون الأساسي الفلسطيني والعديد من المبادئ الدستورية الراسخة، وكذلك لعدم توافقهما مع مبادئ الشرعة الدولية خاصة فيما يتعلق بالتوقيف الإداري، الذي نرى أن فيه تعسف وتغول من جهة الإدارة في حق المواطن، كما أنه لا يمكن تبرير حق الإدارة في المساس بحرية الأشخاص وحقوقهم الأساسية على سند من القول الحفاظ على الأمن العام، فالأمر من المسلمات فيما يتعلق بواجب الدولة أن تقوم برعاية حقوق الفرد وحريته الشخصية، تجسيدا للمبادئ الدستورية التي تكون الدولة قد اعتمدتها في دستورها، وأسقطها المشرع على التشريعات الوطنية.

النتائج والتوصيات

1- التوقيف الإداري يفتقر للضمانات التي من خلالها تُكفل المحافظة على مبادئ دستورية راسخة، منها مبدأ تم بيانه في المادتين 11 و 14 من القانون الأساسي الفلسطيني واللتان قررتا أن الحرية الشخصية مصونة، حيث إننا نجد أن هذا التوقيف يفتقر لمبدأ المشروعية.
2- نص المادة 3 من قانون منع الجرائم فيه من السعة بما يتجاوز الحكمة التشريعية المرتبطة بمبادئ دستورية راسخة عمادها المادة  15  من القانون الأساسي الفلسطيني الناصة على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فالنصوص الفضفاضة في قانون منع الجرائم تجعله غير واضح فيما يتعلق ببيان الفعل الإجرامي المعاقب عليه وتجعله مشوباً بعدم الدستورية، كما أنها غير محددة بشكل واضح وفق معايير قابلة للقياس.
3- المبرر الأساسي الذي تسوقه الإدارة في سبيل تبريرها للتوقيف هو المحافظة على النظام العام، ولكن هذه الفكرة وان كانت تجد قبولا عند بعض الإداري، إلا أنها يجب أن لا تصل في تبرير وجودها إلى حد يخرق به مبادئ راسخة شرعت من أجل المحافظة على حقوق الإنسان.
4- إجراء التوقيف يجب أن يكون موسوما بالشرعية الإجرائية القائمة على قرينة البراءة، بحيث تحدد هذه القرينة نطاق أي إجراء جزائي، وتمثل ضابطاً لكيفية اتخاذ هذا الإجراء، فقرينة البراءة تضمن حرية الإنسان الشخصية تحقيقا لمبدأ الشرعية الإجرائية.
5- افتراض براءة المتهم كقاعدة دستورية واجبة التطبيق، ومبدأ قانونية الإجراءات الجزائية لا يكفيان وحدهما لتحقيق مبدأ الشرعية الإجرائية، بل لا بد وأن يكون للقضاء رقابة على تطبيق هذه المبادئ، إذ بالرقابة القضائية يكون للإنسان الوسائل القانونية اللازمة لضمان احترام مبدأ الحرية، الشخصية من أي خطر يتهدده.
6- إن قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 وكذلك المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 يشكلان مخالفة دستورية واضحة من حيث مخالفتهما لأحكام المواد 10 و 11 و 12 و 14 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل.
7- التوقيف الإداري فيه مخالفة صريحة لمبادئ دستورية واضحة وراسخة، وإعمالاً للمادة 119 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل التي نصت على أنه “ يلغى كل ما يتعارض مع أحكام هذا القانون الأساسي المعدل”، وحيث تبين لنا معارضة قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 والمادة 5 من المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 القانون الأساسي الفلسطيني، فإنه بذلك يكون حرياً بأن تنطبق أحكام المادة 119 من القانون الأساسي المعدل واعتبارهما مشوبان بعيب دستوري مُلغي لوجودهما.
8-  قانون منع الجرائم لا يتوافق وتوجهات دولة فلسطين ضمن المعايير القانونية التي تضمنتها المواثيق الدولية التي انضمت لها دولة فلسطين ومنظمات حقوق الانسان بالمقارنة مع ما ورد من صلاحيات في قانون منع الجرائم والمرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 .

قائمة المصادر والمراجع 

* القانون الاساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003.
* قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001.
* قانون منع الجرائم الاردني رقم 7 لسنة 1954.
* المرسوم الرئاسي رقم 22 لسنة 2003 بشان اختصاصات المحافظين.
1- باسم بشناق : التنظيم الاداري للمحافظات في فلسطين ، الهيئة المستقلة لحقوق المواطن سلسلة تقارير قانونية رقم 34.
2- رمضان محمد بطيخ ، د محمود أبو السعود : النظرية العامة في التنظيم الإداري ، دون دار نشر ، 1985.
3- زكريا المصري : اسس الإدارة العامة ، التنظيم الادارة – النشاط الاداري ، دراسة مقارنه ، دار الكتب القانونية ، 2007.
4- سامى جمال الدين : أصول القانون الأداري ، تنظيم السلطة الإدارية والإدارة المحلية ، دار المعارف منشأ الإسكندرية ، 2009.
5- سلمان محمد الطماوي : مبادئ القانون الاداري ، دراسة مقارنه ، الطبعه الرابعه ، دار الفكر العربي ، 1961. 
6- سليمان الطماوى: الوجيز في القانون الإداري ، دراسة مقارنه، دار الفكر العربي، القاهرة ، 1987. 
7- عبد المنعم محفوظ واخرين : اصول القانون الإداري ، التنظيم الادارى مكتبة النصر 1985.
8- فريجة حسين: شرح القانون الإداري، دراسة مقارنه ، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة النشر2011.
9- مصطفي محمود عفيفي : الوسيط في مبادئ القانون الإداري المصري والمقارن ، الكتاب الأول ، النظرية العامة للتنظيم الإداري، الطبعه الخامسة ، 2007/2008.
10- حكم المحكمة الادارية العليا في القضية رقم 3592 لسنة 1932 ، ص37
الدعوى :119/2005 السلطة القضائية رقم القرار: 167 محكمـة العدل العليــا التاريــخ 30/10/.2005
11- إبراهيم حامد طنطاوي، الحبس الاحتياطي، دراسة لنصوص التشريعي المصري والفرنسي وبعض التشريعات العربية، دار الفكر الجامعي.
12- توفيق نظام المجالي، الضوابط القانونية لشرعية التوقيف، دراسة مقارنة في التشريع الجزائي الأردني، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد الخامس ، العدد 2، جامعة مؤتة، 1990 .
13- رمضان محمد بطيخ، الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997
14- عبد الحكيم فوده، بطلان القبض على المتهم، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
15- عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، منشاة المعارف ، الاسكندرية، 2005
16- عزيزة الشريف، دراسات في التنظيم القانوني للنشاط الضبطي، دار النهضة العربية، القاهرة،1989.
17- علي خطار شطناوي، الوجيز في القانون الإداري، ط 1، دار وائل للنشر، عمان،2003.
18- عمرو واصف الشريف، النظرية العامة في التوقيف الاحتياطي، الطبعة الأولى، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2004 .
19-  فؤاد العطار، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973 .
20- قدري عبد الفتاح الشهاوي، ضوابط الحبس الاحتياطي، منشأة المعارف بالإسكندرية، 2003 .
21- مجدي محب حافظ، الحبس الاحتياطي، الطبعة الثانية، النسر الذهبي للطباعة، عابدين، 1998 .
22- محمد حسنين عبد العال، الرقابة القضائية على قرارات الضبط الإداري، ط 2، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991 .
23- محمد سعيد نمور، أصول الإجراءات الجزائية، شرح لقانون أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان2005 .
24- محمد شريف إسماعيل عبد المجيد، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية، رسالة دكتوراة، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1979 .
25- محمد عبد الله محمد المر، الحبس الاحتياطي، دار الفكر العربي، الإسكندرية، 2006 .
26- محمد فؤاد مهنا، القانون الإداري المصري والمقارن، الجزء الأول )السلطة الإدارية( ، مطبعة نصر، القاهرة ، 1958 .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
([1])المادة الخامسة  من مرسوم الرئاسي رقم (22) لسنه 2003 بشأن اختصاصات المحافظين
([2]) أ. د سامى جمال الدين : أصول القانون الأداري ، تنظيم السلطة الإدارية والإدارة المحلية ، دار المعارف منشأ الإسكندرية ، 2009 ، ص212 .
([3]) المادة الثانية من مرسوم الرئاسي رقم (22) لسنه 2003 بشأن إختصاصات المحافظين .
([4]) أ.د سلمان محمد الطماوي : مبادئ القانون الاداري ، دراسة مقارنه ، الطبعه الرابعه ، دار الفكر العربي ، 1961 ، ص 133
([5]) منح المشرع المحافظين الإختصاص بإزالة التعدى على أملاك الدولة  منح جواز التفويض فى هذا الإختصاص إذا وضع صاحب الإختصاص قيداً على إختصاصه فى هذا الشأن بتشكيل لجنة على نحو معين لتقديم تقرير بالموضوع قبل إصدار القرار فإن هذا القيد يسرى على من فوض فى مباشرة هذا الإختصاص - صدور قرار إزالة التعدى دون مراعاة هذا القيد يضم القرار بعيب الشكل و هو شكل جوهرى لازم للتحقق من التعدى فى حد ذاته وهو ما قضي به أمام المحاكم .
([6]) أ. د. سليمان محمد الطماوي : مبادي القانون الإداري المصري والعربي ، الطبعه الرابعه ، 1961 ، دار الفكر العربي ، ص 136 .
([7]) أ. د رمضان محمد بطيخ ، د محمود أبو السعود : النظرية العامة في التنظيم الإداري ، دون دار نشر ، 1985 ، ص154 .
([8]) أ. د  سامي جمال الدين : أصول القانون الاداري ، مرجع سابق ، ص 214 .
([9]) أ. د مصطفي محمود عفيفي : الوسيط في مبادئ القانون الإداري المصري والمقارن ، الكتاب الأول ، النظرية العامة للتنظيم الإداري ، الطبعه الخامسة ، 2007/2008 ، ص 298.
([10]) المادة الخامسة من المرسوم الرئاسي رقم (22) بشان اختصاصات المحافظين لسنة 2003
([11]) فريجة حسين: شرح القانون الإداري، دراسة مقارنه ، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة النشر2011،ص191
([12]) المادة السابعة من المرسوم الرئاسي رقم (22) بشان اختصاصات المحافظين لسنة 2003
([13]) المادة التاسعة من المرسوم الرئاسي رقم (22) بشان اختصاصات المحافظين لسنة 2003
([14]) أ.د سليمان الطماوى: الوجيز في القانون الإداري ، دراسة مقارنه، دار الفكر العربي، القاهرة ، 1987،ص 490 . 
([15]) أ. د . عبد المنعم محفوظ واخرين : اصول القانون الإداري ، التنظيم الادارى مكتبة النصر 1985 ، ص 266 .
([16]) أ. د  زكريا المصري : اسس الإدارة العامة ، التنظيم الادارة – النشاط الاداري ، دراسة مقارنه ، دار الكتب القانونية ، 2007 ، ص 150.
([17]) حكم المحكمة الادارية العليا في القضية رقم 3592 لسنة 1932 ، ص37 نقلا عن الدكتور زكريا المصري، مرجع سابق .
([18]) د. محمود ابو السعود حبيب، ود. رمضان بطيخ: النظرية العامة التنظيم الاداري ، مرجع سابق،
([19]) أ. د  زكريا المصري : اسس الإدارة العامة ، التنظيم الادارة – النشاط الاداري ، دراسة مقارنه ، دار الكتب القانونية ، 2007 ، ص 147.
([20]) المرسوم الرئاسي رقم 5 لسنة 2005 في شان اجتماعات المحافظين .
([21])قدري عبد الفتاح الشهاوي، ضوابط الحبس الاحتياطي، منشأة المعارف بالإسكندرية، 2003 ، ص40وما بعدها، وكذلك محمد عبد الله محمد المر، الحبس الاحتياطي، دار الفكر العربي، الإسكندرية، 2006 ، ص46وما بعدها، وكذلك إبراهيم حامد طنطاوي، الحبس الاحتياطي، دراسة لنصوص التشريعي المصري والفرنسي وبعض التشريعات العربية، دار الفكر الجامعي، ص 7 وما بعدها، وكذلك عمرو واصف الشريف، النظرية العامة في التوقيف الاحتياطي، الطبعة الأولى، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، 2004 ، ص 150 وما بعدها، وكذلك مجدي محب حافظ، الحبس الاحتياطي، الطبعة الثانية، النسر الذهبي للطباعة، عابدين، 1998، ص 35 وما بعدها، وكذلك عبد الحكيم فوده، بطلان القبض على المتهم، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ص 295 ..
([22])محمد سعيد نمور، أصول الإجراءات الجزائية، شرح لقانون أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005 ، ص 374 ، وكذلك توفيق نظام المجالي، الضوابط القانونية لشرعية التوقيف، دراسة مقارنة في التشريع الجزائي الأردني، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد الخامس ، العدد 2، جامعة مؤتة، 1990 ،ص 239 وما بعدها.
([23])د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، ص 394 ..
([24])د. رمضان محمد بطيخ، الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997 ، ص 736 . وكذلك د. محمد فؤاد مهنا، القانون الإداري المصري والمقارن، الجزء الأول )السلطة الإدارية( ، مطبعة نصر، القاهرة ، 1958 ، ص 493 ، وكذلك د. فؤاد العطار، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973 ، ص 333 ، وكذلك د. محمد شريف إسماعيل عبد المجيد، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية، رسالة دكتوراة، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1979 ، ص 10 ، وكذلك د. عزيزة الشريف، دراسات في التنظيم القانوني للنشاط الضبطي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989 ، ص 30 - 31 ، وكذلك د. علي خطار شطناوي، الوجيز في القانون الإداري، ط 1، دار وائل للنشر، عمان، 2003 ، ص 361 - 387 . .
([25])وردت تلك الأحكام في المواد  115 - 129  من قانون الإجراءات الجزائية. .
([26])حكم محكمة العدل العليا في القضية رقم 12 / 1955 ، مجلة نقابة المحامين لسنة 1955 ، ص 368 ..
([27])حكم محكمة العدل العليا في القضية رقم 58 / 1953 ، مجلة نقابة المحامين لسنة 1954 ، ص 74 . .
([28])حكم محكمة العدل العليا في القضية رقم 57 / 953 ، مجلة نقابة المحامين لسنة 1954 ، ص 139 ، وقررت المحكمة الإدارية العليا المصرية نفس الاتجاه، إذ تجد عدم كفاية الشبهات لتأسيس قرار الاعتقال، انظر : حكمها الصادر بتاريخ1985/5/7 ، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة السنة القاضية 30 ، ص 1038 ، انظر كذلك د. محمد حسنين عبد العال، الرقابة القضائية على قرارات الضبط الإداري، ط 2، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991 ، ص 38 - 40  .
([29])المواد  3و  4 و  8 من قانون منع الجرائم رقم  7 لسنة 1954 .
([30])المواد  9 و 10  من قانون منع الجرائم رقم لسنة 1927 ، والذي الغي بموجب قانون منع الجرائم رقم  7 لسنة 1954  .
([31])المواد  12 ، 13 ، 14  من القانون رقم 7 لسنة 1954 . .
([32])رقم الدعوى :119/2005 السلطة القضائية رقم القرار: 167 محكمـة العدل العليــا التاريــخ :30/10/2005

القــرار

الصادر عن محكمـة العدل العليا المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار الحكم
باسم الشعب العربي الفلسطيني .
الديباجة
الهيئة الحاكمــة : برئاسة نائب رئيس المحكمة السيد القاضي/ عيسى أبو شرار . وعضويـة
السيديـن القاضيين / عبد الله غزلان وايمان ناصر الدين .
المستدعـــي:- حسين حسني سعيد عطا الله/ سجن نابلس المركزي. وكيله المحامي عبد الله حسني سعيد عطا الله/ نابلس. المستدعى ضدهم :- محافظ نابلس بالاضافة لوظيفته. مدير سجن نابلس بالاضافة لوظيفته. وزير الداخلية بالاضافة لوظيفته. نائب العام بالاضافة لوظيفته

الأسباب والوقائع
بتاريخ 6/9/2005 تقدم المستدعي بواسطة وكيله بهذه الدعوى ضد المستدعى ضدهم للطعن في قرار محافظ نابلس تاريخ 7/6/2005 المتضمن استمرار توقيف المستدعي (حسين
حسني سعيد عطا الله) على ذمة المحافظ المذكور.
تستند الدعوى للاسباب التالية:-
القرار المطعون فيه معيب بعيب اساءة استعمال السلطة.
القرار المطعون فيه مخالف للقانون.
القرار المطعون فيه يشكل اعتداء على السلطة القضائية ومخالفة صارخة لقرارات المحاكم.
ولهذه الاسباب يلتمس المستدعي:-
تعيين جلسة واصدار القرار المؤقت لامهال المستدعى ضدهم المهلة القانونية التي تحول دون اخلاء سبيل المستدعي و/أو اصدار قرار اخلاء سبيل المستدعي فوراً.
بعد المحاكمة الغاء القرار المطعون فيه واخلاء سبيل المستدعي فوراً.
الزام المستدعى ضدهم الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.
وبعد الاستماع الى اقوال وكيل المستدعي في جلسة تمهيدية علنية قررت المحكمة بتاريخ 11/9/2005 اصدار القرار المؤقت وتوجيه مذكرة للمستدعى ضدهم لبيان الاسباب الموجبة للقرار المطعون فيه او المانعة من اصدار القرار موضوع الطلب.
بتاريخ 24/9/2005 تقدم رئيس النيابة العامة بلائحة جوابية طلب في نهايتها رد الدعوى.
وفي اليوم المعين للمحاكمة حضر الطرفان وكرر رئيس النيابة العامة اللائحة الجوابية، واستمعت المحكمة الى اقوال ومرافعات الطرفين، ومن ثم كرر كل منهما اقواله وطلباته المقدمة في الدعوى.

التسبيب المحكمـــة بعد التدقيق والمداولة:

يتبين بأن المستدعي قد تقدم بهذه الدعوى بواسطة وكيله للطعن في قرار محافظ نابلس تاريخ 7/6/2005 المتضمن استمرار توقيف المستدعي على ذمة المحافظ المذكور طالباً الغاء القرار المطعون فيه للاسباب الواردة في لائحة الدعوى.
وبدءاً بالدفع الاول المثار من قبل رئيس النيابة العامة من ان الدعوى واجبة الرد شكلا عن المستدعى ضدهم الثاني والثالث والرابع الذين لم يصدروا او يشاركوا في اصدار القرار المطعون فيه فانه بتدقيق اوراق الدعوى تجد المحكمة بان القرار المطعون قد صدر عن المستدعى ضده الاول (محافظ نابلس) وان المستدعى ضدهم الثاني والثالث والرابع لم يصدر عن أي منهم القرار المشكو منه كما انهم لم يشاركوا في اصداره، ولما كانت دعوى الالغاء تقام ضد مصدر القرار الاداري فان أياً من المستدعى ضدهم الثاني والثالث والرابع لا ينتصب خصماً للمستدعي في هذه الدعوى مما يستوجب رد الدعوى عنهم شكلاً.
أما فيما يتعلق بالدفع الثاني المثار من قبل النيابة العامة من الدعوى مستوجبة الرد موضوعاً لعدم ابراز وكيل المستدعي للقرار محل الطعن، فانه على ضوء ما استقر عليه الفقه والقضاء الاداريين فان عدم ارفاق صورة عن القرار المطعون فيه مع لائحة الدعوى لا يستوجب رد الدعوى، كما ان المشروحات التي دونها مدير سجن نابلس على ظهر الاستدعاء المقدم من وكيل المستدعي بتاريخ 13/8/2005 (المبرز ع/2) تفيد بان المستدعي موقوف على ذمة محافظ نابلس، وعليه فان دفع النيابة العامة يستوجب الرد.
وفي الموضوع، وبالرجوع الى اوراق الدعوى تجد بان المستدعي قد تم توقيفه على ذمة القضية التحقيقية رقم 24/2005واحيل الى محكمة بداية نابلس الجناية رقم 78/2005 وانه
موقوف من تاريخ 12/1/2005 بتهمة الشروع بالقتل والسطو وقد تم اخلاء سبيله بالكفالة بتاريخ 6/6/2005 لحين المحاكمة (المبرز ع/3)، الا ان محافظ نابلس قرر بتاريخ 7/6/2005 توقيفه في سجن نابلس بالرغم من ان محكمة بداية نابلس هي المحكمة صاحبة الولاية بتوقيفه او اخلاء سبيله طالما ان القضية احيلت اليها تحت رقم 78/2005.
وبالرجوع الى القانون تجد بأن المادة 11/1 من القانون الاساسي قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس". كما أن الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على انه "لا يجوز القبض على احد او تفتيشه او حبسه او تقييد حريته باي قيد او منعه من التنقل الاّ بامر قضائي وفقاً لاحكام القانون،....الخ".
كما ان المادة (98) من القانون الاساسي قد نصت على ان "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لاية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة". أما المادة (106) من نفس القانون فقد نصت على ان "الاحكام القضائية واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها او تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة اذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم له الحق في رفع دعوى مباشرة الى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له". كما نصت المادة (3) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001 على أنه:- تنظر المحاكم النظامية في فلسطين في المنازعات والجرائم كافة الاّ ما استثني بنص قانوني خاص، وتمارس سلطة القضاء على جميع الاشخاص.

تحدد قواعد اختصاص المحاكم وتباشر اختصاصها وفقاً للقانون".

كما ان قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 وهو القانون الاساسي للقضاء قد وضع قواعد آمرة تمنع التدخل في الشأن القضائي حماية للسلطة القضائية من تغول السلطة التنفيذية على اختصاص واستقلال القضاء، ومن هذه القواعد ما نصت عليه المادة (1) من نفس القانون من أن "السلطة القضائية مستقلة، ويحظر التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة". كما نصت المادة (2) من نفس القانون بأن "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون". ونصت المادة (14) من نفس القانون تحت عنوان ولاية المحاكم على انه "تنظر المحاكم النظامية في المنازعات والجرائم كافة إلا ما استثني بنص خاص، وتمارس سلطة القضاء على جميع الأشخاص". كما نصت المادة (82) من نفس القانون على أن "الأحكام القضائية واجبة التنفيذ والامتناع عن تنفيذها او تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة اذا كان المتهم موظفاً عاماً او مكلفاً بخدمة عامة....الخ"
اما قانون الاجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 فقد وضع قواعد وضوابط تحول دون الخروج على الحقوق الاساسية للانسان التي نصت عليها الاعلانات والمواثيق الدولية والاقليمية التي تحمي حقوق الانسان، وطبقاً لما نصت عليه المادة 117/ و المادة 119 من القانون المذكور فان مراكز الشرطة والنيابة العامة لا تملك حجز او توقيف أي مقبوض عليه لمدة تزيد على ثمانية واربعين ساعة، واي توقيف يزيد عن هذه المدة هو من اختصاص المحاكم. كما ان المادة 120/4 من نفس القانون قد وضعت قاعدة امره بانه "لا يجوز باي حال ان تزيد مدة التوقيف التي نصت عليها فقرات هذه المادة على ستة اشهر والاّ يفرج فوراً عن المتهم ما لم تتم احالته الى المحكمة المختصة لمحاكمته". كما ان المادة (121) من نفس القانون قد نصت على انه "لا يجوز اصدار امر بتوقيف أي منهم في غيابه، الا اذا اقتنع القاضي بالاستناد الى بينات طبية انه يتعذر احضاره امامه، بسبب مرضه". وطبقاً لما تضمنه الفصل الثامن من قانون الاجراءات الجزائية المذكور -وهو الفصل المخصص للافراج بالكفالة- فانه يجوز تقديم طلب اعادة النظر في الامر الصادر في طلب الافراج الى المحكمة التي اصدرت الامر وذلك في الحالات المنصوص عليها في المادة (134) من القانون، كما انه يجوز للنيابة العامة او الموقوف او المدان استئناف قرارات الافراج وعدم الافراج بطلب يقدم الى المحكمة المختصة بنظر الاستئناف، كما يجوز تقديم طلب الى رئيس المحكمة العليا لاعادة النظر في أي امر يصدر بالافراج او عدم الافراج. كما ان محكمة النقض تملك الحق بفرض رقابتها على مثل هذه القرارات. ولقد استقر فقه القانون بان الامتناع عن تنفيذ القرارات القضائية يشكل اعتداء على الدستور وذلك لاستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وامتناع السلطة التنفيذية عن تنفيذ القرار القضائي هو اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات، وهذا الامتناع هو بمثابة مناقشة للقرار القضائي يفقده حجيته التي فرضها القانون فاحترام قرارات المحاكم يتطلب تنفيذها حتى لو كانت خاطئة. كما انه لا يجوز للسلطة التنفيذية فرض رقابتها على إجراءات المحاكم وقراراتها، ولقد اجمع فقهاء القانون بان غل يد السلطة التنفيذية عن التدخل في الدعاوى المنظورة أمام المحاكم هو من أهم عوامل إرساء مبدأ استقلال القضاء وفرض احترامه على الجميع، ويجب ان تبقى يد السلطة التنفيذية مغلولة حتى لو كان هناك خطأ في تطبيق القانون ارتكبه القاضي اثناء سير الدعوى، لان الوسيلة الصحيحة لتدارك مثل هذا الخطأ واصلاحه تتم بالطعن في تلك الاحكام بالطرق المقررة قانوناً، وليس عن طريق تدخل السلطة التنفيذية في اجراءات وقرارات المحاكم. ولما كان المستدعى ضده الاول (محافظ نابلس) قد ابقى على المستدعي موقوفاً في سجن نابلس بالرغم من صدور قرار محكمة بداية نابلس بالإفراج عنه بالكفالة فانه يكون قد امتنع عن تنفيذ قرار قضائي واجب التنفيذ وهو بعمله هذا يكون قد اعتدى على مبدأ الفصل بين السلطات، وبعمله هذا يكون قد اغتصب سلطة القضاء واصبح قراره في هذا الشأن معدوماً لا اثر له، وبالتالي فان اسباب الطعن ترد على القرار الطعين الامر الذي يغدو معه القرار مستوجب الإلغاء.

منطوق الحكم

فلهذه الأسباب تقرر المحكمة:-
رد الدعوى عن المستدعى ضدهم الثاني والثالث والرابع شكلاً. الغاء القرار الطعين واصدار الامر الى سجن نابلس للافراج عن المستدعي فوراً ما لم يكن موقوفاً او محكوماً لسبب آخر. جملة الصدور والإفهام وتاريخ الفصل قراراً صــدر وتلــي علنــاً وافهم بتاريخ 30/10/2005.
------> قد يهمك أيضا:

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات