منازعات التحصيل الجبري للدين الضريبي
منازعات التحصيل الجبري للدين الضريبي |
مقدمة
تعد الضرائب أهم مصادر التمويل لميزانية الدولة، فهي تساهم بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية و إنعاش الحياة الاقتصادية و الاجتماعية، لذلك عهد المشرع المغربي لإدارة الضرائب والخزينة العامة أمر فرضها و تحصيلها، و خولها من السلطات و الامتيازات العامة ما يكفي لأداء وظيفتها تلك، و في المقابل سن ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الإدارة ضد حقوقهم المالية.
وإذا كانت المديرية العامة للضرائب هي المختصة قانونا لتحديد أساس الضريبة و مراقبته مبدئيا، فان المشرع قد اسند صلاحية تحصيل الديون الضريبية للخزينة العامة للمملكة، وذلك إعمالا لمبدأ فصل سلطات الأمر بالصرف عن المحاسب العمومي.
و الأصل في الدين الضريبي انه يحصل رضائيا، في مقر مصلحة القباضات و فروعها المختلفة، غير أن تخلف الملزم عن أداء الضريبة المستحقة عليه في آجالها المحددة لدى مصالح القباضات، سيدفع الإدارة إلى إتباع إجراءات المتابعة و التنفيذ الجبري على المتخلفين من الملزمين، و هو ما يثير نزاعات بين الإدارة و الملزم ، ترتبط بمرحلة التحصيل.
إن المنازعة في التحصيل و إن كانت ترتبط بالنزاع الجبائي في مفهومه الواسع فهي تنصب في حقيقة الأمر على إجراءات التحصيل فقط، و التي عرفتها المادة الأولى من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، على أنها:" مجموع العمليات و الإجراءات التي تهدف إلى حمل المدينين للدولة و الجماعات المحلية و هيئاتها و المؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل أو ناتجة عن أحكام و قرارات القضاء أو عن الاتفاق".
و بذلك فالملزم في إطار المنازعة في التحصيل فهو لا ينازع في أساس الضريبة أو احتسابها، بل ينازع فقط في الشرعية الشكلية للإجراء المتخذ المتعلق بالتحصيل، و هكذا فهو يعترض قانونا على إلزامية الضريبة و يعترض على أدائها.
و يكتسي موضوع " منازعات التحصيل " أهمية بالغة ، تتلخص على المستوى النظري من خلال الاهتمام التشريعي البالغ بتنظيم إجراءات تحصيل الدين الضريبي من خلال القوانين الضريبية و التي يطالها التغيير المستمر، ما يؤدي إلى تعدد النصوص القانونية و تعقدها، و صعوبة تفسيرها و تطبيقها أحيانا.
أما على المستوى العملي، فتتمثل أهمية الموضوع من خلال انعكاس هذا التنظيم على مستوى العلاقة بين طرفين غير متكافئين، كون اللجوء إلى المنازعة يقتضي بالضرورة معرفة كاملة للقواعد القانونية المنظمة، و تطبيقها تطبيقا سليما.
و هكذا فان معالجة هذا الموضوع تفرض الانطلاق من إشكالية محورية مفادها: كيف عمل المشرع الضريبي المغربي على تحقيق التوازن بين حقوق الإدارة و ضمانات الملزم خلال مرحلة تحصيل الدين الضريبي؟
المبحث الاول: سلطة الادارة في اعمال اجراءات التحصيل الجبري للدين الضريبي.
المطلب الاول: الاجراءات العادية للتحصيل الجبري للدين الضريبي.
في هذا المطلب سنحاول التطرق الى ما يمكن ان نسميه الاجراءات العادية للتحصيل الجبري للدين الضريبي ( الفقرة الاول)، ثم نعرض للاجراءات الخاصة للتحصيل الجبري التي يمكن ان تطال بعض الاموال ذات الطبيعة الخاصة ( فقرة ثانية).
الفقرة الاولى : الاجراءات العامة للتحصيل الجبري.
تطرق المشرع المغربي لهذه الاجراءات من خلال المادة 39 من مدونة تحصيل الديون العمومية، و قد وردت مرتبة على الشكل التالي:
اولا: الانذار القانوني:
يعد الانذار القانوني عبارة عن اشعار يتضمن مجموعة من البيانات التي تحتوي على مبلغ الدين المطالب به و الجزاءات المترتبة عنه، كما يشمتل كذلك على كل ما يمكن ان يفيد في اجبار المدين على الوفاء حالا بما في ذمته تجاه الخزينة، و يتم اعداد الانذار القانوني على مرحلتين:
مرحلة اولى : يتم من خلالها اعداد قائمة جماعية تضم كل الملزمين المتقاعسين عن اداء الدين الضريبي الذي في ذمتهم، و الذين سيكونون محل خضوع لاجراءات التحصيل الجبري ، بحيث يتم تحديدهم بدقة و جرد ديونهم.
مرحلة ثانية: يتم من خلالها تحرير قوائم فردية باسماء الملزمين كل على حدة تتضمن كل منها هوية الملزم و موضوع الدين و سنة فرضه و مبلغه الاجمالي، وصيغة و جوب الاداء، و كذا جهة الاداء.
و يتم تبليغ الانذار القانوني بواسطة ماموري التبليغ و التنفيذ التابعين للخزينة، و اي شخص منتذب لذلك كقاعدة، و استثناء يمكن التبليغ بالطريقة الادارية او عن طريق البريد المضمون مع اشعار بالتوصل.
و تتلخص خصوصية تبليغ الانذار على مستوى فرضيتين:
ففي حالة رفض المدين او من يقوم مقامه تسلم الانذار، فانه يشار الى ذلك على الاصل، و يعتبر الانذار مبلغا تبليغا صحيحا في اليوم الثامن الموالي لتاريخ رفض تسلم الانذار طبقا لاحكام المادة 43 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
و هذا في نظرنا هو توجه صائب و محمود، نظرا لان الملزم قد يستغل حقه في التبليغ بشكل تعسفي، الامر الذي يستوجب معاملته بنقيض قصده,
اما في خلة الفرضية الثانية ، و هي حالة تعذر تسليم التبليغ لعدم توفر المدين على موطن او محل اقامة، فان تبليغ الانذار القانوني يعتبر صحيحا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ تعليق الانذار في اخر موطن للمدين.
و يتم تبليغ الانذار القانوني للمزم المدين في جميع الاحوال ، بعد مرور 20 يوما من تاريخ ارسال اخر اشعار بدون صائر، اذا تم ارسال هذا الاشعار بعد 10 ايام من تاريخ الاستحقاق، او بعد مرور 30 يوما من تاريخ الاستحقاق اذا تم ارساله قبل 10 ايام من تاريخ الاستحقاق او في اليوم العاشر نفسه طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادة 41 من م.ت.د.ع.
ثانيا : التحصيل الجبري من خلال الحجزعلى اموال الملزم المدين.
يقصد بالحجز كدرجة من درجات التحصيل الجبري، تلك الوسيلة التنفيذية الجبرية المخولة للمحاسب المكلف بالتحصيل، و بعد انصرام اجل 30 يوما من تاريخ التبليغ للانذار طبقا لمقتضيات الفقرة الاخيرة من المادة 44 من م.ت.د.ع، و التي يكون الغرض منها تثبيت جزء من اموال المدين محل التنفيذ لتغطية الدين الضريبي المترتب في ذمته و صوائره، بحيث يصبح مجرد حارس لها لا يجوز له التصرف او التمتع بها، الى ان يتم بيعها لاحقا لاستفاء الدين من ثمن البيع ، اذا لم يدفعه الملزم قبل ذلك.
و لاقامة الحجز على اموال الملزم الضريبي المدين ، لابد من توافر شروط عامة واخرى خاصة.
فبالنسبة للشروط العامة لاقامة الحجز هي الشروط التي عددها المشرع من خلال الفصل 438 من قانون المسطرة المنية ، باعتبارها الشريعة الاجرائية العامة، هذه الشروط يمكن اجمالها في:
ان يكون هناك دين محدد ومحقق و مستحق الاداء.
ان يكون بين يدي الدائن سند تنفيذي.
ان يسبق مسطرة الحجز تبليغ الانذار القانوني، و في هذا الاطار جاء في حكم لادارية الرباط بتاريخ 2/4/2009 :" ان الحجز التنفيذي المباشر من طرف القابض في مواجهة المدعية ثبت انه اتى من دون ان يسبقه انذار قانوني... و حيث لذلك يتعين التصريح ببطلانه".
كذلك سلكت محكمة الاستئناف الادارية هذا التوجه في قرار بتارخ 14/4/2007 ، جاء فيه: " لا يمكن اللجوء الى الحجز كاجراء من اجراءات التحصيل الا بعد استنفاذ الاجراءات السابقة عنه من اشعار بدون صائر و انذار قانوني... تطبيقا للمادة 39 من مدونة التحصيل تحت طائلة بطلان الحجز المنفذ".
ان يقع الحجز على مال او حق لا يمنع القانون الحجز عليه. و في هذا الصدد فقد استثنى المشرع بعض الاشياء التي لا تكون محلا للحجز من اجل التحصيل الجبري للدين الضريبي من خلال المادة 46 من مدونة التحصيل.
ان تتناسب قيمة المحجوز مع ما هو لازم لاداء الدين.
اما بالنسبة للشروط الخاصة لايقاع الحجز فهي:
ضرورة تبليغ الانذار القانوني للملزم قبل ايقاع الحجز، و استقر القضاء على بطلان الحجز في حالة مخالفة هذا المقتضى .
وجوب حصول المحاسب المكلف بالتحصيل على الترخيص بذلك من رئيس الادارة التي ينتمي اليها، او عن الشخص المفوض من طرفه لذلك.
ضرورة احترام الاجال، و هو مرور 30 يوما على الاقل من يوم تبليغ الانذار. و في هذا الصدد قضت ادارية وجدة في حكم بتاريخ 19/08/2007 انه:" لا يجوز متابعة المدين بالحجزعلى امواله الا بعد توجيه الانذار القانوني و فوات 30 يوما على ذلك".
و لا يفوتنا ان نشير في هذا الصدد الا ان المادة 53 من مدونة التحصيل قد عددت بعض الحالات التي لا يتم فيه تقيد الادارة الضريبية بهذا الاجل في استخلاصها الجبري للدين الضريبي من الملزم المدين.
ثالثا: التحصيل الجبري للدين الضريبي عن طريق البيع
يعد البيع اخر اجراء في عمليات المتابعة، يتم اللجوء اليه عندما لا تحقق المتابعات السابقة اي نتيجة تذكر، و للقيام ببيع اموال الملزم المحجورزة يتوجب مراعاة الشروط التالية:
ضرورة حصول المحاسب المكلف بالتحصيل على ترخيص من الادارة طبقا لاحكام المادة 37 من م.ت.د.ع.
وجوب انقضاء اجل 8 ايام من تاريخ الحجز ما لم يتم الاتفاق مع الملزم على اجل اقل من ذلك.
و تتم ممارسة اجراءات البيع اما من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل شخصيا ، او بواسطة ماموري كتابة الضبط او المفوضين القضائيين، و في جميع الاحوال تتم عملية البيع بحضور السلطة الادارية المحلية او من يمثلها، و ذلك من اجل حفظ الامن اللازم لمرور عملية البيع بكل نظام وسلاسة و توفير الجو المناسب للبيع. و استثناء من القاعدة اعلاه، فانه يمكن ان يرخص المحاسب المكلف بالتحصيل للملزم المدين ان يبيع بنفسه ممتلكاته المحجوزة من اجل استيفاء مبلغ الدين الضريبي منها، و تعد هذه المسطرة من المستجدات التي جرى اعتمادها من قبل المشرع المغربي من خلال المادة 61 من مدونة التحصيل.
و يجب ان يتم هذا البيع الذي يقوم به الملزم بنفسه، في اجل 30 يوما من تاريخ الترخيص الذي يمنحه له المحاسب المكلف بالتحصيل، و بحضور مامور التبليغ و التنفيذ التابع للخزينة و لحساب المحاسب وفقا لمقتضيات المادة 61 من مونة التحصيل.
و في حالة عدم مفاية المبالغ التحصل عليها من عملية البيع في تغطية الدين الضريبي، فانه تتم متابعة اجراءات التحصيل بالنسبة للمبلغ المتبقي، و فقا للتدرج الاجرائي لاجراءات التحصيل المشار اليها في المادة 39، او من خلال سلوك مسطرة الاشعار للغير الحائز.
الفقرة الثانية: الاجراءات الخاصة للتحصيل الجبري للدين الضريبي.
ان هذه الاجراءات في حقيقتها هي امتداد لعملية الحجز، غير انها ترد على اموال ذات طبيعة خاصة تفرض على المحاسب المكلف باجراءها سلوك اجراءات خاصة تتناسب و طبيعة هذه الاموال.
اولا: الحجز على العقارات.
ان الحجز على العقارات لا يتم اللجوء اليه الا عندما تكون المنقولات غير كافية او منعدمة، حيث يتوجب انذاك على المحاسب المكلف بالتحصيل ان ينجز محضرا بعدم كفاية المنقولات.
كما ان المشرع لا يجيز الحجز على العقار المخصص لسكنى عائلة المدين الذي لا يتعدى ثمنه 200000 درهم.
ولايقاع الحجز على عقار، يتوجب على المحاسب المكلف بالتحصيل توجيه طلب موقع من لدنه الى المحكمة الابتدائية التي يتواجد في دائرة نفوذها العقار المراد حجزه، قصد استصدار امر بالحجز التحفظي عليه.
ويجب ان يتضمن الطلب المقدم الى رئيس المحكمةالمرفقات التالية:
مستخرج الجداول يتضمن مبلغ الدين، و اجراءات المتابعة التي تمت مباشرتها في حصة المدين.
قائمة الانذارات، تبين تاريخ الانذار و من تسلمه.
محضر بعدم و جود منقولات او عدم كفايتها.
اذا صدرحكم وفق طلب المحاسب المكلف بالتحصيل ، فانه يقدم طلبا الى المحافظ على الاملاك العقارية ، مرفقا بالامر الصادر عن المحكمة.
بعد تقييد امر المحكمة القاضي بالحجز على العقار بسجلات المحافظة العقارية، يقوم القابض المكلف بالتحصيل بسحب شهادة من الرسم العقاري يتضمن تقييد الحجز المطلوب.
في حالة عدم اداء المدين ما بذمته، يمكن للقابض تقديم طلب الى رئيس المحكمة الابتدائية قصد تحويل الحجز التحفظي الى حجز تنفيذي.
و يسهر اعوان التبليغات و التنفيذات القضائية على تنفيذ مرحلة بيع العقار بالمزاد العلني، بعد التحقق من القيام بكافة الاجراءات التي تتطلبها عملية البيع من اعداد لدفتر التحملات و شروط البيع و تحديد الثمن الافتتاحي للبيع، و تاريخ اجراء السمسرة و الاشهار.
ثانيا: حجز الاصول التجارية.
في البداية نشير الى ان م.ت.د.ع. لم تتطرق الى كافة اجراءات الحجز على الاصول التجارية و بيعها، و انما اكتفي من خلال المادة 68 بالاحالة على قانون المسطرة المدنية و مدونة التجارة.
ونظرا لخصوصية الاصل التجاري، باعتباره ما معنوي منقول، فانه يتعين على المحاسب الذي يتولى حجز و بيع اصل تجاري احترام الاجراءات المنصوص عليها في مدونة التجارة في الكتاب الثاني المتعلق بالاصل التجاري من خلال المواد من 79 الى 110، و المادة 455 من ق.م.م.
وبذلك من اجل حجز و بيع الاصل التجاري يتوجب على المحاسب المكلف بالتحصيل:
تحديد المبيع بجميع عناصره المادية و المعنوية طبقا لاحكام المادة 81 من م.ت.
تحرير محضر بالحجز التنفيذي يبين فيه اسم و صفة المدين، و وصف عناصر الاصل التجاريو حصرها مع تعيين حارس على هذه العناصر.
تقييد محضر الحجز بالسجل التجاري.
تبليغ الحجز الى المدين بالضريبة، و الحارس الذي يتم تعيينه لحراسة الاصل المحجوز.
اما من اجل بيع الاصل التجاري فان يتعين على المحاسب المكلف بالتحصيل ان يقدم مقال الى رئيس المحكمة التجارية التي يوجد بدائرة نفوذها الاصل التجاري محل الاجراء، بالاضافة الى المرفقات التالية:
نسخة من مستخرج الجداول، يتضمن مبلغ الدين و اجراءات المتابعة المباشرة في حق الملزم.
نسخة من شهادة تسليم الانذار.
نسخة من محضر الاصل التجاري.
ثالثا: حجز وبيع السفن لتحصيل الدين الضريبي.
بالنسبة لحجز و بيع الدين السفن من اجل تحصيل الدين الضريبي، التي نظمها المشرع من خلال المادة 66 من م.ت.د.ع، فقد احال من خلالها على احكام مدونة التجارة البحرية، و خاصة الفصول من 110 الى 123، و ذلك نظرا لخصوصية هذه الاموال التي تفرض سلوك اجراءات و مساطر خاصة تكفل للادارة الضريبية استخلاص الدين الضريبي و كذالك حماية الملزم المدين مالك السفن المعنية بالاجراء.
رابعا : حجز السيارات و بيعها:
بالرغم من كون العربات السيارة هي اموال منقولة بطبيعتها، تخضع في اجراءات حجزها و بيعها لنفس اجراءات حجز و بيع الاموال المنقولة في اطار الاجراءات العادية للتنفيذ الجبري، غير ان المشرع و نظرا لخصوصيتها، فقد خصها بتنظيم خاص من خلال المواد 69الى 75 من م.ت.د.ع، هذه المواد التي حملت اجراءات جديدة يمكن ان تكون العربات السيارة موضوعا لها.
أ تثبيت العربات السيارة:
نظم المشرع المغربي هذا الاجراء من خلال المواد 70 و 71 من م.ت.د.ع، و يتم تثبيت العربات البرية اينما و جدت من طرف اعوان التبليغ و التنفيد للخزينة، الذين يحررون محضرا بذلك، ليتم بعد ذلك تبليغ الملزم المدين داخل اجل 8 ايام بانذار بالاداء بمثابة حجز.
اذا تم التثبيت بالطريق العام فان المدين بمنح اجل يومين للاداء بالدين المترتب في ذمته، و في حالة تقاعسه عن الاداء فان عون التبليغو التنفيذ يعمل على رفعها الى مستودع ايداع العربات.
و في جميع الاحوال يتم بيع العربات المحجوزة طبقا للقواعد المنظمة للبيع الجبري للمنقولات كما تطرقنا اليها سابقا.
ب التعرض لدى مراكز تسجيل السيارات.
يعد هذا الاجراء من الصلاحيات الجديدة المخولة للمحاسبين المكلفين بالتحصيل طبقا لاحكام المادة 73 من م.ت.د.ع، على اعتبار انه اجراء هام مستحدث لسد الطريق امام الملزم المماطل في اداء دينه الضريبي لمنعه من التصرف في سيارته، بكل تصرف قد يتخذه افتعالا منه للعسر و تضييعا لاحدي ضمانات استخلاص الدين الضريبي.
و هكذا ، فهذا الاجراء يسمح بمقتضاه المشرع للمحاسب المكلف بالتحصيل، بموجب تصريح يتضمن هوية المدين، و نوعية دينه، و مبلغه، بالاضافة الى مختلف البيانات المتعلقة بالسيارة، و التي من شانها تعيين العربة على وجه الدقة و الوضوح رفعا لكل لبس يمكن ان يحدث.
المطلب الثاني: الاجراءات الاستثنائية للتحصيل الجبري للدين الضريبي
سنتناول في هذا المطلب اجراءين يمكن للادارة الضريبية خاصة عندما لا تجدي الاجراءات السابقة نفعا، و هما اجراء الاشعار للغير الحائز (فقرة اولى)، و اجراء الاكراه البدني (فقرة ثانية).
الفقرة الاولى: الاشعار للغير الحائز
في اطار توسيع قاعدة استخلاص الديون العمومية لتمويل النفقات العمومية، خول المشرع من خلال المواد 95، 100، 101و 104 من م.ت.د.ع، المحاسب المكلف بالتحصيل امكانية متابعة الغير الحائز للاموال المملوكة للمدين الاصلي بالدين الضريبي، عن طريق مباشرة مسطرة الاشعار للغير الحائز، حيث الزم المشرع المغربي الغير المودعة لديه اموال المدين الاصلي باداء الضرائب و باقي الديون العمومية، اما تلقائيا او بناء على طلب المحاسب، تحت طائلة ترتيب المسؤولية بالاداء على وجه التضامن.
و يتم تطبيق الاشعار من حيث الديون التي يمكن ان تكون محلا له، على كافة الديون المتحملة بشكل مشروع من لدن المحاسب، بغض النظر عن العيوب التي تكون قد مستها في مرحلة فرضها.
اما من حيث الاشخاص فقد حدد المشرع جميع دائني المدين الاصلى و مسيري امواله طبقا للتعداد الوارد في المادتين 100 و 101 من مدونة التحصيل.
و يترتب على الاشعار للغير الحائز، ضرورة التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الاغيار الحائزين في حدود مبلغ الدين العمومي المطلوب ادؤه، و في حالة عدم الامتتثال، تحل مسؤولية الغير الحائز محل المدين الاصلي على سبيل التضامن ، و يصبح بدوره خاضعا لكل اجراءات التحصيل الجبري للدين الضريبي، باستثناء الاكراه البدني وفقا لما نصت عليه المادة 104 من مدونة التحصيل.
و رغم اشادة وزير المالية بهذا الاجراء حيث اعتبره من بين الاجراءات التي لها اهمية متميزة في ميدان التحصيل، حيث يعد اللجوء اليه مسلكاناجعا يغني الادارة عن حجز و بيع منقولات المدين على حد تعبير السيد الوزير في عرضه التقديمي.
و ذلك نظرا لكون هذا الاجراء يتميز بعدة خصائص اهمها:
البساطة: حيث ان المشرع لم يخضعه لاي اجراءات شكلية، ما ينم عن رغبته في عدم تقييد المحاسب بالشكليات الادارية المعقدة.
المباغثة: ذلك انه يشترط لممارسةه دخول تاريخ الاستحقاق فقط، و التقيد بمقتضيات المادة 36، مما يمنح المحاسب فرصة اختيار الوقت المناسب لاتخاذه، خاصة ان المشرع لم يلزم المحاسب باحترام ترتيب معين لسلوك هذا الاجراء على خلاف الاجراءات الاخري التي جرى الزامه باحترام تراتبها.
الفعالية: كون هذا الاجراء يضع نقطة النهاية للضرائب و الرسوم موضوعه، على خلاف الاجراءات الاخرى التي يفضي بعضها الى بعض ضمن مراحل متواصلة.
غير انه رغم ذلك ، فقد عرف الاشعار للغير الحائز انتقادات واسعة من لدن الفقه الضريبي المغربي، خاصة في كون هذا الاجراء يعد سلاحا فتاكا في يد الادارة الضريبية تستعمله وفق سلطتها التقديرية، اما غياب تنظيم شامل له فانه و من خلاله تنعدم الحماية القانونية اللازمة للملزم المعني به، بالاضافة الى عدم وجود اجل قانوني للمحاسب عليه احتلرامه للقيام به، كما ان المشرع لم يشترط ضرورة اخبار الملزم بمباشرة هذا الاجراء.
لكل ذلك فان يمكناعتبار هذا الاجراء من الناحية القانونية اجراءا استثنائيا، رغم ان الواقع العملي يفرض اللجوء اليه في الغالب الاعم نظرا للنتائج المرضية التي يحققها بالنسبة للادارة الضريبية.
الفقرة الثانية: تحصيل الدين الضريبي عن طريق الاكراه البدني
يعد الاكراه البدني اجراءا استثنائيا من قاعدة ان المدين يلزم في ماله و ليس في شخصه، و بالعودة الى النصوص التي نظمته المواد 635 الى 647 من قانون المسطرة الجنائية، نجدها لا تعرف هذا الاجراء و انما تكتفي بالاشارة الى شروطه.
غير ان الفقه عرفه بانه:" حبس المحكوم عليه حبسا بسيطا لانه لم يسدد ما عليه من ديون"، بذلك فالاكراه البدني هو اجراء تهديد يستهدف الضغط على المادين القادر (سيء النية) على الوفاء، عن طريق حبسه لاجباره على تنفيذ التزامه.
و طبقا لاحكام المادة 76 و ما بعدها من م,ت,د,ع فقد اشترط المشرع لسلوك الادرة الضريبية مسطرة الاكراه البدني لتحصيل الدين الضريبي الشروط التالية:
الا تؤدي طرق التنفيذ الجبري على المدين الى نتيجة .
الا يقل سن الملزم عن 20 سنة و ان لا يتجاوز 60 سنة.
الا يكون المدين امراة حاملا.
الا يكون المدين امراة مرضعة، و ذلك في حدود سنتين ابتداء من تاريخ و لادة الرضيع.
الا يكون الاكراه البدني موجها ضد الزوج و الزوجة في ان واحد.
ان يتجاوز الدين مبلغ 8000 درهم.
اما بالنسبة للاشخاص الذين يمكن ان يطالهم الاكراه البدني فهم:
المدينون الذين لم يثبتوا عسرهم طبقا لاحكام المادة 57.
المدينون المفتعلون لعسرهم، او المعرقلين لتحصيل الدين الضريبي طبقا لمقتضيات المادة 84.
وهكذا فعندما تتحقق الشروط المبينة اعلاه، يقوم المحاسب المكلف بالتحصيل بتوجبه طلب مؤشر عليهمن طرف رئيس الادارة التي ينتمي اليها، الى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات.
و يعد هذا المقتض من المستجدات المحمودة التي اتت بها مدون التحصيل، حيث انه في ظل النظام السابق، كان المحاسب يكتفي بتوجيه طلب الاعتقال الى وكيل الملك الذي له اجل 15 يوما ليامر باعتقال المدين.
ويتعين على رئيس المحكمة الابتدائية البث في طلب داخل اجل 30 يوما، حيث يحدد الحكم الصادر عنه مدة الاكراه البدني بحسب مبلغ الدين، طبقا للتحديد الوارد بالمادة 79، والتي وضعت سلما تصاعديا لمدد الاكراه بتواز مع تصاعد مبلغ الدين في ذمة المدين.
غير ان المشرع بتحديده لاجل بث رئيس المحكمة في 30يوما لم يحدد بالمقابل جزاءا لعدم التقيد بهذا الاجل، على خلاف المشرع الفرنسي الذي اعتبر عدم بث القاضي في طلب تاجيل مسطرة الاستخلاص داخل شهر يعد رفضا لطلب المحاسب.
بعد ذلك يعمل المحاسب على توجيه الحكم بالاكراه الى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، و الذي يتولى فورا تنفيذه باصدار الامر بالاعتقال، يتولى رجال القوة العمومية تنفيذه.
و نشير في هذا الصدد الى ان الاكراه البدني وسيلة للاجبار فقط، و ليس تنفيذا في حد ذاته، بحيث ان الدين الضريبي لا يمكن ان يحول الى عقوبة حبسية، في حال امتناع المحكوم عليه عن الوفاء به، فان تطبيق الاكراه البدني في حق المدين لا يؤدي الى سقوط الدين الذي اكره بدنيا من اجله، بل يبقى بذمته مستحقا عليه، و يمكن اللجوء بشان تحصيله الى باقي اجراءات التنفيذ على امواله من حجز و بيع كلما اصبح ذلك ممكنا، و ذلك بظهور منقولات في حوزة المدين او تملكه لعقار اوغيره، اما الاكراه البدني فانه لا يمكن اللجوء اليه من جديد في حق مدين من اجل نفس الدين.
وينتهي الاكراه البدني بانتهاء المدة المحددة له قانونا، الا انه قد يتنهي قبل انصرامها، و بالتالي يتم ايقاف اثر و مفعول الاكراه البدني بمقتضى امر بالافراج عن المعتقل يصدره وكيل الملك، و ذلك في حالتين:
عند الاداء الكلي للمدين للدين الضريبي.
عند الاداء الجزئي للدين الضريبي، وذلك بعد اداء قسط من الدين يعادل على الاقل نصف المبلغ المترتب في ذمة الملزم، مع تعهد كتابي بدفع ما تبقى من الدين داخل اجل لا يتعدى 3 اشهر، و ضرورة تقديمه عن باقي الدين احدى الضمانا المنصوص عليها في المادة 118 من مدونة التحصيل.
في حالة عدم الالتزام باداء باقي الدين داخل الاجل المذكور، يمكن من جديد اكراه المدين بدنيا من اجل سداد المبالغ الواجبة المتبقية، و عذه الحالة تشكل استثناءا من قاعدة عدم جواز اللجوء الى الاكراه البدني مرتين ضدد نفس المدين من اجل نفس الدين.
المبحث الأول: ضمانات الملزم المرتبطة بإجراءات التحصيل الجبري .
في مقابل السلطات الواسعة التي منحها المشرع المغربي للإدارة المكلفة بالتحصيل، فإنه وبهدف تحقيق نوع من التوازن في العلاقة الجبائية بين الملزم والإدارة المكلفة بالتحصيل فقد سلح الملزم بمجموعة من الضمانات القانونية المرتبطة بإجراءات التحصيل الجبري للديون الضريبية سواء تعلق الأمر بإمكانية منازعة هذا الأخير في إجراءات التحصيل الجبري ( المطلب الأول) أو إمكانية إعماله لمسطرتي وقف الأداء ووقف التنفيذ ( المطلب الثاني ) وذلك بهدف توفير الحماية القانونية لمصالح الخاضع للضريبة.
المطلب الأول: إمكانية منازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري
تنص المادة119 من مدونة تحصيل الديون العمومية على انه " يمكن لأي مدين يكون محل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري أن يتعرض عليه إذا تعلقت مطالبته بما يلي :
. قانونية الإجراء المتخذ من حيث الشكل؛
عدم اعتبار أداءات يكون قد قام بها.
وبذلك فإن هذه المادة هي التي حددت نطاق منازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري سواء تعلق الأمر بالمنازعة ضد أعمال المتابعة أو بالمنازعة في وجود الالتزام بالأداء ( الفقرة الأولى) كما ان منازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري تتطلب توفر شروط معينة ( الفقرة الثانية=.
الفقرة الأولى: نطاق منازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري
سنتطرق لمنازعة الملزم في أعمال المتابعة ( أولا ) ثم لمنازعة الملزم في وجود الالتزام بالأداء ( ثانيا).
أولا: منازعة الملزم ضد أعمال المتابعة
إذا كان المشرع المغربي قد منح للإدارة المكلفة بالتحصيل إمكانية إعمال إجراءات التحصيل الجبري بهدف استخلاص الدين العمومي، فإن هذا الأمر لن يحجب عنا التزام هذه الأخيرة باحترام المقتضيات القانونية المؤطرة لهذه الإجراءات، وإلا فإن للملزم أن ينازع في كل إجراء يثم إعماله خرقا للمقتضيات القانونية المنظمة له، سواء تعلق الأمر بعدم احترام الإجراءات القبلية للتحصيل الجبري والمتمثلة في إرسال آخر إشعار للمدين دون صائر مع ضرورة تقييد هذا الاشعار في جدول الضرائب والرسوم أو في أي سند تنفيذي آخر، بحسب ما نصت عليه مقتضيات المادة 36 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
كما أن المادة 37 من م ت د ع أكدت على ضرورة استصدار المحاسب المكلف بالتحصيل لترخيص مسبق من رئيس الإدارة التي ينتمي إليها أو من الشخص المفوض من طرفه لذلك، بحيث ان أي إجراء يقوم به هذا الأخير دون الترخيص المذكور أعلاه يمكن للخاضع للضريبة المنازعة فيه.
كما يمكن للملزم ان ينازع في إجراءات التحصيل الجبري إذا لم تحترم الإدارة المكلفة بالتحصيل مقتضيات المادة 41 من م ت د ع وخاصة تلك المتعلقة بالآجال المرتبطة بالإنذار القانوني بحيث لا يمكن تبليغ الإنذار القانوني إلا بعد مضي 30 يوما من تاريخ الاستحقاق و20 يوما على الأقل بعد إرسال الاشعار.
وبذلك يتضح أن تبليغ الإنذار - باعتباره أولى إجراءات التحصيل الجبري – لا ينبغي أن يتم إلا بعد تاريخ الاستحقاق بحسب التاريخ أعلاه، وهذا امر طبيعي مادام أن هدف الإنذار القانوني هو إعلام الملزم بضرورة تنفيد التزاماته الضريبية ومادام ان الزامه بذلك لا يمكن ان يتم إلا إذا كان أصبح الدين الضريبي مستحق الأداء.
غير أن القضاء المغربي وفي إطار حماية الملزم أكد على ضرورة تضمين الإنذار القانوني البيانات الأساسية والمتمثلة في نوع الضريبة والرسوم الطلوب استخلاصها ، وهذا ما أكده حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 20 يناير 2000 الذي جاء فيه " أن الإنذار الذي لم يتضمن نوع الضريبة والرسوم المطلوب استخلاصها يعد خاليا من البيانات الأساسية ولذلك وجب التصريح ببطلان الإنذار المتعرض عليه".
كما أن للملزم إمكانية المنازعة في إجراء الحجز، خاصة عند عدم احترام الإدارة المكلفة بالتحصيل للضوابط القانونية الموضوعية والاجرائية لإعمال الحجز، خاصة إذا تعلق الأمر بالحجز التنفيذي بحيث يجب ان يكون الدين الضريبي في هذه الحالة مقدر ومحقق وأن يكون بين يدي الإدارة المكلفة بالتحصيل سند تنفيذي إعمالا لمقتضيات المادة 438 من قانون المسطرة المدنية، بالإضافة إلى ضرورة احترام أو تقيد الإدارة المكلفة بالتحصيل بالشكليات المنصوص عليها في المادة 44 من م ت د ع والمتمثلة في عدم إجراء الحجز قبل مرور 30 يوما من تاريخ تبليغ الإنذار القانوني.
كما أن للملزم إمكانية المنازعة في إجراء الحجز إذا كان محله أشياء غير قابلة للحجز بموجب المادة46 من م ت د ع .
كما ان المشرع المغربي تطرق لمجموعة من الضمانات القانونية المخولة للملزم عندما منح للإدارة المكلفة بالتحصيل إمكانية إعمال إجراء الإكراه البدني بحيث ضيق من نطاق اللجوء إليه، طبقا للمادة 77 من م ت د ع التي تنص على انه" لا يمكن اللجوء إلى الإكراه البدني في ما يخص تحصيل الضرائب والرسوم والديون العمومية الأخرى في الحالات الآتية :
• إذا كان مجموع المبالغ المستحقة يقل عن ثمانية آلاف درهم (8.000) ؛
• إذا كان سن المدين يقل عن 20 سنة أو بلغ 60 سنة فما فوق ؛
• إذا ثبت عسر المدين طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 57 أعلاه ؛
• إذا كان المدين امرأة حاملا ؛
• إذا كان المدين مرضعة، وذلك في حدود سنتين ابتداء من تاريخ الولادة.
وبدلك نلاحظ انه( المشرع المغربي) ضيق من مجال اللجوء إلى هذا الإجراء بحيث على الإدارة المكلفة بالتحصيل ان لا تلجأ له إذا تعلق الأمر بإحدى الحالات المنصوص عليها أعلاه، وإلا أمكن للملزم المنازعة في هذا الإجراء انطلاقا من عدم قانونيته.
ومن أبرز الضمانات القانونية المخولة للملزم عند إعمال الإدارة المكلفة بالتحصيل، إمكانية منازعته في هذه الإجراءات إذا لم تحترم هذه الأخيرة مبدأ التدرج في اتخاذ أو في إعمال إجراءات التحصيل الجبري المنصوص عليه في المادة 39 من م ت د ع حيث جاء فيها على انه " تباشر إجراءات تحصيل الديون العمومية حسب الترتيب التالي :
- الإنذار
- الحجز
- البيع
يمكن اللجوء إلى الاكراه البدني ......
وبذلك على الإدارة المكلفة بالتحصيل ان تراعي هذا الترتيب أعلاه عند إعمالها لهذه الإجراءات، بيد ان إشكالا طفى فوق السطح يتعلق بمدى إلزامية احترام الإدارة للتدرج في إعمالها للإشعار للغير الحائز باعتباره من بين إجراءات التحصيل الجبري الاستثنائية؟
أعتقد أن هذا الإجراء ( الاشعار للغير الحائز) لا يخضع لمبدأ التدرج في اعمال المتابعة بحيث يمكن اللجوء إليه دون توجيه الإنذار القانوني او القيام بالحجز إلى غير ذلك من إجراءات التحصيل الجبري الأخرى فهو لا يخضع للتراتبية، لأن المادة 39 أعلاه التي تحدثت عن التدرج في اللجوء إلى إجراءات التحصيل الجبري لم لم تتطرق للإشعار للغير الحائز، كما ان المادة 91 من م ت د ع والتي تحدثت عن هذا الاجراء لا تتعلق بالتدرج في أعمال المتابعة وإنما حددت تعرفة إجراءات التحصيل الجبري وأقحمت الاشعار للغير الحائز ضمن هذه الإجراءات وأخدعته لتعرفة معينة. وهذا ما أكده قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى حيث جاء فيه " ...حيث عاب أيضا على الأمر المستأنف بكونه اعتبر أن الاشعار للغير الحائز لا يكون مبررا إلا بعد تبليغ الإنذار القانوني مع أنه بالرجوع للمواد المنظمة لمسطرة الإشعار للغير الحائز نجد ان المشرع المغربي لم يفترض ضرورة تبليغ الإنذار قبل اللجوء إلى هذه المسطرة " .
ثانيا: منازعة الملزم في وجود الالتزام.
تنص المادة 119 من م ت د ع على أنه " " يمكن لأي مدين يكون محل إجراء من إجراءات التحصيل الجبري أن يتعرض عليه إذا تعلقت مطالبته بما يلي :
. قانونية الإجراء المتخذ من حيث الشكل؛
عدم اعتبار أداءات يكون قد قام بها.
هده الحالة لا ترتبط بمنازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري من زاوية عدم قانونية الإجراء المتخذ من حيث الشكل، وإنما من زاوية عدم قانونية الإجراء المتخذ من حيث الموضوع، بمعنى ان الملزم لا ينازع في صحة الإجراء شكليا بل ينازع الإدارة المكلفة بالتحصيل في عدم أحقيتها في اللجوء إليه، على اعتبار أن التزام الملزم قد انقضى خاصة بسبب الوفاء بالدين الضريبي أو الإبراء الكلي او الجزئي، ومع ذلك تقوم هذه الأخيرة باللجوء إلى إجراءات التحصيل الجبري بالرغم من عدم أحقيتها في إعمالها، من هنا يمكن للملزم ان ينازع الإدارة المكلفة بالتحصيل في ذلك. وهذا ما قصده المشرع المغربي بالضبط حينما ضمنة المادة أعلاه عبارة " عدم اعتبار أداءات يكون قد قام بها.".
الفقرة الثانية: شروط منازعة الملزم في إجراءات التحصيل الجبري.
يمكن للملزم المنازعة في إجراءات التحصيل الجبري سواء امام الإدارة ( أولا) أو أمام القضاء ( ثانيا ) إلا أن دلك مقيدة بشروط معينة يجب على الملزم احترامها.
أولا: شروط المنازعة امام الإدارة.
تنص المادة 120 من م ت د ع على انه " ترفع المطالبات المتعلقة بإجراءات التحصيل الجبري تحت طائلة عدم القبول، إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل المعني أو إلى من يمثله، داخل أجل ستين يوما (60) الموالي لتاريخ تبليغ الإجراء، مدعمة بالمستندات التي تثبت تكوين الضمانات، طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 118 أعلاه".
وبدلك يتضح من هذه المادة ان الخاضع للضريبة ملزم باحترام آجال رفع المطالبات إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل.
غير أن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد هو من قصد المشرع برئيس الإدارة ؟
لقد اختلفت الآراء بخصوص هذه النقطة، بين من يحدد هدا الأخير بالخازن العام فقط دون غيره ومنهم من اعتبر أنه يمكن تقديم المطالبة حتى للخازن الإقليمي وفي ذلك تخفيف للعبء على الملزم، غير أن أستاذنا زهير بونعامية اكد على ان الإدارة الضريبية أصبحت مكلفة أيضا بتحصيل الديون الضريبية ومدام ذلك كدلك فيمكن تقديم المطالبة أمام الإدارة الضريبية أيضا، وترجع أهمية تحديد المقصود برئيس الإدارة إلى أن تقديم المطالبة يجب ان يتم إلى شخص ذي صفة، كي لا تدفع الإدارة بعدم تقديم المطالبة لذي الصفة إذا وصل النزاع إلى المرحلة القضائية.
كما أن المشرع المغربي أكد على ضرورة تقديم الضمانات النصوص عليها في المادة 118 من م ت د ع كشرط ثالت للمنازعة امام الإدارة، وأعتقد ان هذه الضمانات ترهق كاهل الملزم بحيث قد يتعذر عليه تقديمها.
ثانيا: شروط المنازعة امام القضاء.
يمكن للملزم المنازعة في إجراءات التحصيل الجبري أمام القضاء، بيد أن إعمال هذه الإمكانية يتطلب توف شروط معينة، تتمثل في شرط أسبقية التظلم الإداري بحيث لا يمكن للملزم المنازعة في هذه الإجراءات امام القضاء دون اسبقية تقديم المطالبة بشأنها امام الإدارة كما بينا أعلاه، وذلك تحت طائلة عدم قبول الدعوى وذلك ما نصت عليه مقتضيات المادة 120 من م ت د ع .
كما يجب على الملزم رافع الدعوى أن يلتزم بآجال رفع الدعوى أمام القضاء، وإذا كانت المادة 120 من م ت د ع لم تحدد أي أجل لرفع الدعوى أمام القضاء، فإننا سنرجع إلى الآجال المنصوص عليها في قانون إحداث المحاكم الإدارية .
بيد اننا إذا رجعنا إلى المادة 121 من م ت د ع سنجد أنها حددت أجل 30 يوما الموالي لتاريخ تبليغ قرار الإدارة أو انقضاء أجل الرد الممنوح لها وهذا الأجل يرتبط فقط بحسب منطوق هذه المادة بالمنازعة في إجراء الحجز وذلك في حالة المطالبة بالآتات وغيره من المنقولات المحجوزة، أو في حالة طلب فصل أشياء غير قابلة للحجز، بمعنى ان هذا الأجل لا ينصب على المنازعة في كافة إجراءات التحصيل الجبري وإنما نطاقه محدد فيما ذكر أعلاه.
كما أن على الملزم ان يحترم الشكليات المرتبطة بمقال الدعوى.
المطلب الثاني: إمكانية سلوك الملزم لمسطرتي وقف الأداء ووقف تنفيد إجراءات التحصيل الجبري.
سنتحدث عن مسطرة وقف الأداء في ( الفقرة الأولى) ثم مسطرة وقف التنفيذ في ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إمكانية إعمال الملزم لمسطرة وقف الأداء.
إن مسطرة من بين الضمانات المخولة للملزم، وذلك بان يلجأ إلى المحاسب المكلف بالتحصيل أو القابض من أجل ان يوقف إجراءات المتابعة إلى حين البت في شكايته المتعلقة بموضوع الدين أو صدور حكم في الدعوى المقامة أمام القضاء حول نفس الدين وذلك شريطة تقديم ضمانات تؤمن هذا الدين وهذا ما أكدته المادة 117 من م ت د ع.
ومن خلال ذلك نستخلص أن وقف الأداء مرتبط بتوفر مجموعة من الشروط الأساسية وهي:
- ضرورة المنازعة كليا أو جزئيا في المبالغ المطالب بها
- أن ينصب طلب وقف الأداء على الجزء المتنازع فيه
- تقديم ضمانة كافية لتأمين أداء الضريبة .
وهناك من برر اشتراط المشرع المغربي على الملزم تقديم ضمانة كافية لتأمين أداء الضريبة ، بأنه يهدف إلى التصدي إلى الطلبات الكيدية التي تهدف إلى عرقلة تحصيل الدين العمومي.
وعلى الرغم من واجهة هدا الرأي إلا أننا نعتقد ان إلزام المشرع للملزم طالب وقف الأداء بتقديم ضمانة كافية لتأمين أداء دين الضريبة، إنما هو إفراغ لهذه الضمانة من محتواها على اعتبار ان أمر تقدير كفاية الضمانة من عدمه يرجع للمحاسب المكلف بالتحصيل الذي يوجه إليه طلب وقف الأداء بحيث أن هؤلاء غالبا ما يرفضون الضمانات المقدمة من قبل الملزمين رغم انها تبدو كافية لتأمين الدين الضريبي.
وبالتالي فإن هذه المسطرة الإدارية بالرغم من أهميتها إلا أن الشروط التي تطلبها المشرع المغربي حولتها من ضمانة إلى شبه ضمانة لفائدة الملزم.
إذا تقرر ما سبق ذكره أشرنا إلى ان للملزم الذي رفض المحاسب المكلف بالتحصيل طلبه لوقف الأداء بالرغم من توفر الشروط القانونية، أن يطعن في هذا القرار الإداري أمام القضاء الإداري وأعني هنا قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل.
كما ان للملزم أيضا أن يلجأ إلى مسطرة وقف التنفيذ أمام القضاء الاستعجالي.
الفقرة الثانية: سلوك الملزم لمسطرة وقف التنفيذ إجراءات تحصيل الدين الضريبي .
يقصد بإيقاف تنفيذ إجراءات تحصيل الدين الضريبي، ذلك الأمر القضائي الذي بموجبه يرى قاضي الأمور المستعجلة الاستجابة بناء على طلب الملزم وبعد توفر شروط معينة أن يوقف مؤقتا إجراءات تحصيل الضريبة إلى حين البت بحكم نهائي في موضوع المنازعة.
غير ان استجابة القضاء الاستعجالي لطلب الملزم بإيقاف تنفيد إجراءات تحصيل الدين الضريبي يتطلب توفر شرط جدية المنازعة وعنصر الاستعجال، شرطان أساسيان اسقر عليهما الاجتهاد القضائي.
أولا: جدية المنازعة.
لكي يستجيب القضاء الاستعجالي الإداري لطلب الملزم بوقف تنفيد إجراءات تحصيل الدين الضريبي، لا بدة من أن تكون هناك منازعة جدية ، سواء تعلق الأمر بالمنازعة في مبدأ الاخضاع الضريبي أو في مسطرة فرض الضريبة.
ثانيا: عنصر الاستعجال.
ويقصد به الحالة التي يرى فيها طالب الإيقاف ان مباشرة إجراءات التحصيل في مواجهته من شأنه ان يتسبب له او لمقاولته في أضرار وخيمة قد يصعب تدارك نتيجتها في المستقبل كما لو انصب إجراء التحصيل الجبري المتمثل في الحجز على كافة منقولات الأصل التجاري المملوك لشركة معينة مما سيترتب عليه شلل تام لهذه الأخيرة نتيجة فقدانها لكل عناصره المادية في حالة مواصلة إجراء الحجز عليه مما قد يترتب عواقب وخيمة يصعب تداركها بعد التنفيذ.
وفي ختام هذا المطلب كان لا بدة من التمييز بين مسطرة وقف الأداء ومسطرة وقف التنفيذ، فإذا كانت هذه الأخيرة مسطرة قضائية فإن مسطرة وقف الأداء مسطرة إدارية، كما ان تطبيق المسطرتين يختلف تماما فإذا كان تقديم ضمانة كافية لتأمين أداء الضريبة شرطا أساسيا للاستجابة لطلب وقف الأداء فإن طلب وقف التنفيذ لا يتطلب هذا الشرط بل يتطلب فقط شرطي جدية المنازعة وعنصر الاستعجال.
خاتمة
وفي ختام هذا الموضوع يمكن القول أن النصوص القانونية مهما بلغت من دقة وجرأة وصرامة لتحقيق أهدافها وخاصة ضمان التوازن بين الإدارة الضريبية والملزم فإن التطبيق السليم والمتوازن لأحكامها هو الكمين بتحقيق الغايات والأهداف المتوخاة من سن هذه القوانين وهذا يصدق تماما على المقتضيات القانونية المرتبطة بتحصيل الديون العمومية.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك