القائمة الرئيسية

الصفحات

مفهوم التحكيم التجاري الدولي ومصادره

مفهوم التحكيم التجاري الدولي ومصادره

مقدمة:

يعتبر القضاء العادي الوسيلة الأصلية التي يتم اللجوء إليها لفض المنازعات والخلافات التي قد تنشأ بين الأفراد أو الأشخاص. 
إلا أن هناك وسائل وطرق أخرى، يتم اللجوء إليها كبديل للتقاضي أمام المحاكم عند وقوع هذه المنازعات، أطلق عليها بعض الفقه تسمية الوسائل البديلة أو العدالة الموازية أو القضاء الخاص (alternative dispute résolution ADR) 
وتتسم هذه الوسائل بالتعدد والتنوع، أهمها التحكيم، الوساطة، الخبرة، التوفيق والصلح.
ويعد التحكيم أكثر هذه الوسائل شيوعا لعدة اعتبارات تـميزه عن باقي الوسائل والتي سنحاول الإشارة إليها لاحقا.
فالتحكيم إذن كوسيلة بديلة لفض النزاعات ليس آلية حديثة، فأصوله تمتد إلى العصور الغابرة، وكان اللجوء إلى هذه الوسيلة في روما وأثينا يتم بصورة طبيعية وتلقائية، وقد عرفت هذه الوسيلة كمؤسسة اختيارية لحل النزاعات منذ عهود قديمة جدا إذ كان معتمدا في مجتمعات مصر القديمة وبابل وأشور الفينيقيين والرومان .
وقد كان العرب بدورهم يحتكمون في معاملاتهم إلى شيوخ القبائل، كمحكمين يضطلعون بمهمة فض الخلافات التي كانت تثار بينهم، وظهور الإسلام عزز من اعتماد الصلح، الوساطة والتحكيم، والتاريخ الإسلامي عني بالوقائع التي تم فيها اللجوء إلى مثل هذه الوسائل ومن أمثلة ذلك واقعة التحكيم التي تمت بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان .
وفي المغرب، فإن فض النزاعات كان يتم بواسطة حكماء القبائل، وكان ينظر نظرة إقصائية لمن يتخطى القبيلة ويلجأ للمحاكم، ويتهم بوضع أسرار القبيلة أمام الملأ، والحال أنه يجب معالجتها داخليا، حفاظا على وحدة الجماعة. ويعود الاهتمام بالتحكيم التجاري في المغرب إل عهد المولى إسماعيل، وتـحديدا إلى سنة 1693 م تاريخ إبرام معاهدة سان جرمان مع الدولة الفرنسية التي تضمنت إمكانية الفصل في بغض النزاعات الخاصة عن طريق التحكيم  
إلا أن أول تنظيم قانوني للتحكيم من طرف المشرع المغربي، كان بمقتضى ظهير المسطرة المدنية الملغى لـ 12 غشت 1913، والذي خصص له الفصول من 527 إلى 543  ، ثم جاء قانون المسطرة المدنية 28 شتنبر 1974 واهتم كذلك بالتحكيم وخصص له الفصول من 306 إلى 327.
ولم يهمل المشرع المغربي مؤسسة التحكيم عند إنشاءه للمحاكم التجارية، وذلك في الفقرة الأخيرة من المادة 5 من قانون إحداث هذه المحاكم والتي نصت على " يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاعات المثبتة  أعلاه على مسطرة التحكيم وفق أحكام الفصول من 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية".
فالتحكيم أو اتفاق التحكيم الدولي إذن هو ذلك الاتفاق الذي بمقتضاه تتعهد الأطراف بان يتم الفصل في المنازعات الناشئة بينها أو المحتمل نشؤها بينها من خلال التحكيم   .
وقد جاءت مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والقرارات الصادرة عن المحاكم الأوربية لتأسيس مجموعة من المبادئ للتحكيم التجاري الدولي ومن هنا يثور إشكال أساسي: هو ما مدى نجاعة هذه الآلية أمام ترسيخ مجموعة من المبادئ الدولية لتنظيمها من قبل الدول؟
وانطلاقا من الإشكال المومأ إليه أعلاه تبرز لنا مجموعة من التساؤلات وهي ما أهمية التحكيم التجاري لدولي في المنظومة الدولية؟ وهل نجح التحكيم في الفض من النزاعات كآلية دولية لذلك؟ وماذا يميزه عن باقي النظم الأخرى؟ وأين تتمثل المساهمات والجهود الدولية في إرساء المبادئ المنظمة لهذه الآلية البديلة عن القضاء؟
للإجابة عن الإشكال والتساؤلات المنبثقة عنه سنتتبع التصميم الآتي بيانه:

المبحث الأول: تمييز التحكيم التجاري الدولي عن باقي الوسائل البديلة لتسوية المنازعات

المطلب الأول: نجاح التحكيم التجاري الدولي في تسوية منازعات التجارة الدولية 
المطلب الثاني: مدى مساهمة المعايير المعتمدة في التحكيم التجاري الدولي في نجاح هذه المؤسسة.

المبحث الثاني: الطبيعة المختلطة لمصادر التحكيم التجاري الدولي

المطلب الأول: تنوع الصيغ المعتمدة لتقنين قواعد التحكيم التجاري الدولي على الصعيد الداخلي
المطلب الثاني: المساهمة الفعالة للهيئات الخاصة في التجارة الدولية في مجال وضع قواعد التحكيم التجاري الدولي.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات