القائمة الرئيسية

الصفحات

منهجية تحرير مقال الدعوى

منهجية تحرير مقال الدعوى
منهجية تحرير مقال الدعوى


مقدمة
- لقد كان فض النزاعات فيما مضى يتم عن طريق الثأر بين الجماعات والعشائر، في جو  تسوده الفوضى وعدم الاستقرار، وجاء الاسلام لتقنين هذا الجانب عن طريق القصاص، والدية، والحدود..
.إلا أن تطور المجتمعات وظهور مفهوم الدولة الحارسة وخضوع الافراد لمنطق سمو القوانين، أدى الى إيجاد هيأة عامة تتكفل بفض النزاعات التي تنشأ بين الأفراد و الجماعات تدعى بالسلطة القضائية. 
 -  و إذا كان حق التقاضي كمبدأ دستوري أصيل مكفول لجميع المواطنين على حد سواء ، و هو من الحقوق الدستورية التي كفلها دستور 2011 عند نصه في الفصل 118 في فقرته الأولى" أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه  و عن مصالحه التي يحميها القانون  " فإن ممارسة هذا الحق ينبغي أن تتم وفق ضوابط قانونية لا حياد عنها . 
و من المعلوم أن المحكمة لا تباشر ولايتها على المظالم و لا تبسط يدها على الخصومات إلا عند تقديم طلب لها يستجمع مجموعة من الشروط الشكلية  ، إلا في حالات إستثنائية محصورة ، لأن الخصومة القضائية لا تبدأ أمام المحكمة المختصة إلا بالمطالبة القضائية التي يعتبر  " المقال الإفتتاحي" في أغلب حالاتها قاطرتها ما لم يتعلق الأمر بالمسطرة الشفوية (1)  أو الإحالة عن الطريق الإداري (2) .
- و نظرا لكون المقال الإفتتاحي " فاتحة الدعوى كان لا بد لكاتبه و محرره التقيد بوصفة منهجية تسهل عليه مأمورية إيصال مظالمه إلى القضاء بطريقة سلسة و فعالة تؤمن له الطريق للوصول الى حقه ، وفق ضوابط  و أشكال إجرائية معينة  ، تختلف بإختلاف و تنوع القضايا المعروضة عليه .
ويتعين أن تتوفر هذه الدعوى على شروط موضوعية والتي نص عليها المشرع في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية حيث جاء فيه " لا يصح التقاضي  إلا ممن له الصفة )تعتبر شرط جوهري و أساسي لقبول الدعوى التي يتحلى بها طالب الحق في إجراء الخصومة يستمدها من كونه صاحب الحق المدعى به أو خلفا له أو من يمثله قانونا أو اتفاقا( و الأهلية التي تهمنا في الشروط المتعلقة بصحة الادعاء هي أهلية الأداء ، أي صلاحية الشخص لممارسة التصرفات و الحقوق الشخصية و التحمل بالالتزامات على وجه يعتد بها قانونا ، لقد حدد الفصل 209 من مدونة الأسرة سن الرشد القانوني" بثمانية عشرة سنة شمسية كاملة ".       و المصلحة )يقصد بها المنفعة المادية ، أو المعنوية ، التي يبتغيها المدعي من وراء اقامة دعواه أمام القضاء للمطالبة بحقه( لإثبات حقوقه...".
1  نصت المادة 6 من قانون 10.42 المتعلق بتنظيم قضاء القرب و تحديد اختصاصاته على أنه (( تكون المسطرة أمام قضاء القرب شفوية و مجانية ، و معفاة من الرسوم القضائي.))
2  مثل قضايا التعرضات على مطلب التحفيظ و التي يحيل المحافظ العقاري  الأطرف رفقة الملف مباشرة على المحكمة الإبتدائية حيث يصبح المتعرض هو المدعي  و طالب التحفيظ هو المدعى عليه.
بالإضافة الى هذه الشروط الموضوعية لابد من توافر شروط أخرى شكلية، و المتمثلة في تقييد الدعوى وذلك من خلال تقديم المقال الافتتاحي أمام المحكمة المختصة، وهذا الشرط الأخير هو ما ستنصب حوله دراستنا، فالمقال الافتتاحي أو ما يسمى بصحيفة الدعوى او عريضة الدعوى او صحيفة افتتاح الدعوى، يعتبر من أهم الوسائل القانونية المعتمدة من أجل طرق باب القضاء، وبرجوعنا إلى قانون المسطرة المدنية المغربية، لا نجد أي تعريف لمفهوم المقال الافتتاحي على اعتبار أن مهمة التعريف منوطة باختصاص الفقه وليس من اختصاص التشريع، وهكذا يعرفه  بعض الفقه كونه تلك الطريقة القانونية المعتمدة من أجل طرق باب القضاء، وينبغي أن تتوفر فيها كل ما اشترطه القانون صراحة من شروط شكلية وأخرى موضوعية، وينبغي أن تقدم داخل أجال معينة، والجهة المكلفة بضبطها وفق الشكليات التي حددها القانون.
و على هذا النحو  ، يمكننا أن نتسائل : عن مدى تأثير  نظامية المقال الإفتتاحي و شكلياته ، على مسار الدعوى و تحقيق الغاية منها ؟
وعليه فسنحاول أن نجيب عن هذا التساؤل وذلك باعتمادنا على التصميم التالي :
المبحث الأول: ماهية المقال الافتتاحي و أجزاؤوه
المبحث الثاني : اليات تحرير المقال و الرقابة القضائية 

المبحث الأول: ماهية مقال الدعوى وأجزاؤه


للوقوف على حقيقة المقال الإفتتاحي للدعوى و معرفة كنهه و ماهيته لا بد من أن نضع له تعريفا يميزه عن باقي الإجراأت القضائية المشابهة و كذا التطرق الى أجزائه و تركيبته الشكلية و التي لا يستقيم معه إلا بتواجد مجموعة من العناصر تحت طائلة عدم القبول .

المطلب الأول: ماهية مقال الدعوى
الفقرة الأولى: التعريف

لتحديد مفهوم وتعريف ماهية الدعوى (مقال الدعوى) اختلف المفسرون في تحديد معنى ومدلول وماهية وطبيعة الدعوى هناك من يقول الدعوى هو الحق نفسه والدعوى مظهر الحق وقيل إن الدعوى هي التجسيد العملي بالحق واللجوء إلى القضاء (1)
و المشرع المغربي لم يعرف كباقي جل التشريعات مفهوم الدعوى في قانون المسطرة المدنية عكس المشرع الفرنسي "الذي عرف الدعوى بالحق الذي يتوفر عليه كل شخص في أن تسمع له المحكمة فيما يدعيه...
وعموما يمكن القول على أن مقال دعوى هي احدى الوسائل القانونية التي بواسطتها يمكن للأفراد المطالبة بحماية حقوقهم أمام الجهة القضائية المختصة.

الفقرة الثانية: أنواع و صيغ المقالات  

يلجأ الأفراد للمطالبة القضائية لحماية حقوقهم بواسطة مقال الدعوى مكتوب او بتصريح شفوي في حالات خاصة لعرض نزاعهم و يكون ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى (ابتدائية) الى ذلك يشير الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية إذ لا يمكن تقديم مقال افتتاحي مباشرة إلى المحكمة الدرجة الثانية و أن مقال الدعوى يختلف من محكمة لأخرى كما يختلف من حيث طبيعته فإن تعلق الأمر بمقال دعوى موضوعية يقدم  بشأنها مقال افتتاحي للدعوى و إذا تعلق الأمر بطلب استعجالي قدم  بشأنه مقال استعجالي (مؤسسة الرئيس باعتباره قاضي المستعجلات). الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية.و كلاهما يشتركان من حيث الاجراأت الشكلية ووقوعها وفق مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.
- كما أنه يقدم المقال مباشرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة إذا تعلق الأمر بإجراء طارئ ومستعجل كالأمر بإجراء حجز تحفظي أو الأمر بإجراء معاينة واستجواب والأمر بإجراء خبرة وتدخل في إطار ما اصطلح عليه بالأوامر المبنية على طلب أو أمر بناأً على عريضة يبث فيه الرئيس في غيبة الأطراف ولا يحتاج للاستدعاء وهناك الطلب المضاد أو المقال المضاد والطلب الاضافي وطلب التدخل الارادي ومواصلة الدعوى  ومقال التعرض الغير عن الخصومة الفصل 303 و 305 من قانون المسطرة المدنية وطلب إدخال
الغير في الدعوى الذي يقوم به المدعي أو المدعى عليه الذي تكون له المصلحة في إدخال الغير و يكون هذا الطلب ضروريا في دعاوى حوادث السير بالدرجة الأولى لكونها تتضمن دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية اعتباراً أن الضحية أو ذوي حقوق الهالك في حوادث السير يتقدمون بمطالب مدنية في مواجهة المتسبب في الحادثة والمسؤول المدني أي مالك العربة ويتم في نفس الوقت إدخال شركة التأمين التي تؤمن المتهم لتحل محلهما في أداء التعويضات المحكوم بها.

المطلب الثاني: أجزاء المقال

- يعتبر المقال الافتتاحي للدعوى هو الذي تفتح بمقتضاه الدعوى التي يرفعها المدعي الى القضاء ليحكم له بما يدعيه إن اثبت جدية موقفه بوسائل قانونية ثابتة.
ولا يكون المقال الافتتاحي مقبولا شكلاً إلا بتوفره على مقتضيات الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه" .
والبيانات الشكلية هي التي يتم تضمينها بدباجة المقال الافتتاحي للدعوى.

الفقرة الأولى: الديباجة (الصفة – الأهلية – المصلحة)


- يجب أن يشتمل أو يتوفر المقال الافتتاحي للدعوى على طرف أول صاحب الحق و هو المدعي و المطلوب في الحق المدعى عليه و لا يمكن لأي كان ان يتقدم بالمقال الافتتاحي للدعوى وإنما على طالب الحق المدعي أن تكون له الأهلية القانونية التي تسمح له بممارسة حقه في التقاضي أمام المحاكم "18 سنة شمسية كاملة دون سفه أو جنون" وبذلك لا يجوز للقاصر أن يكون مدعياً أي إنما يكون ذلك بواسطة نائبه القانوني أو الاتفاقي أو وكيله القضائي استثناأً طبقا للمادة 22 من مدونة الأسرة آهلية التقاضي فيما يتعلق بآثار عقد الزواج بالنسبة للقاصر والفقرة الثانية من الفصل 276 من قانون المسطرة المدنية  223 من قانون المسطرة المدنية اذ اجاز المشرع رفع دعوى من قاصر أو ضده.
- كما يحق للأشخاص الطبيعيين أن يرفعوا دعاوى باسم ممثلهم القانوني المفوض لهذه المهمة و إلى جانب أهلية التقاضي من اللازم في صاحب المقال الصفة و المصلحة تحت طائلة عدم قبول طلبه وبالنسبة للمدعى عليه يجب أن يكون معينا لاستحالة قبول الطلب ضد غير معين أو شخص مجهول وميزة ذلك أي تحديد المدعى عليه و عنوانه معرفة الاختصاص المكاني بناأً على موطن المدعى عليه كقاعدة عامة من الفصل 23 من قانون مسطرة المدنية.
- كما أن صاحب المقال يجب أن تكون له مصلحة في التقاضي أي المنفعة المتوخاة من الحكم القضائي الذي سيصدر في قضيته الدعوى  وهذه الشروط الشكلية واجبة التوفر في المقال وبذلك يكون مقال الدعوى في منهجية تحريره كالتالي:
- الاشارة في أعلى المقال إلى المحكمة المرفوع إليها في شخص رئيسها و صاحب الدعوى اي المدعي والاشارة إلى عنوانه الكامل و اسمه الشخصي والعائلي إن كان بواسطة محامي فيتم الاشارة إلى ذلك بعبارة نائبه أو إذا كان التقاضي باسمه شخصيا بناأً على الاذن بالتقاضي أو سلوك مسطرة المساعدة القضائية و تحديد طرف المدعى عليه المطلوب في الحق وعنوانه الكامل واسمه الشخصي والعائلي إن تعدد المدعى عليهم الاشارة كذلك إلى أسماءهم الشخصية و عنوان كل واحد منهم مع الاخذ بعين الاعتبار إن كان الامر يستلزم إدخال بعض الاطراف في الدعوى تستوجب المسطرة ذلك أو تسجيل حضور بعضهم فالدولة المغربية يمثلها رئيس الحكومة و الوزارة يمثلها الوزير مع مراعاة ان كان الامر يستدعي ادخال الوكيل القضائي للمملكة او المساعد القضائي للجماعات المحلية اذا كانت الدعوى موجهة ضدها واذا كانت الدعوى موجهة ضد شركة فيجب ان تقدم ضد ممثلها القانوني او مجلسها الاداري او باسم او ضد سنديك التصفية اذا كانت تخضع لمساطر معالجة صعوبة المقاولة و في بعض قضايا الاسرة تسوجب احيانا المساطر القضائية ادخال النيابة العامة او قاضي شؤون القاصرين و المحاجير  ..

الفقرة الثانية : الوقائع

- و تعني حسب بعض الفقه " الوقائع تعني الأحداث، أي ما حصل وكان له كيان ذاتي وصار بذلك منتميا الى الماضي" وهي تمثل نقطة البدء في ترتيب وتحديث النشاط القضائي بين سكوته وسكونه 
وقد تعددت التعريفات التي تناولت الوقائع، فهناك من ذهب الى أنها تعني المسائل الواقعية التي لا معقب على رأي قاضي الدعوى فيها بوقائع الدعوى وبموضوع الدعوى" وتعني في ما يمكن استخلاصه من قانون المسطرة المدنية بسرد تاريخي للنزاع المعروض على المحكمة مع الأدلة الواقعية والحجج القانونية  و تكون هذه الوقائع متماشية مع السبب المؤسس عليه الطلب في مقال الدعوى، فقد جاء في الفقرة الثانية من الفصل  32 من قانون المسطرة المدنية على أنه " يجب أن يبين بايجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى  و الوقائع و الوسائل المشارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء."
و تتجلى أهمية ذكر الوقائع في أنها تبين المراحل التي مر بها النزاع قبل اختيار اللجوء الى القضاء كحل أخير لفضه كما أنها تخول معرفة المركز القانوني للأطراف، و وسيلة لمراقبة حكم القاضي في ما بعد، أي كيف تعامل معها وما اذا كان في حكمه قد التزم حدود الطلبات أم تجاوزها وحاد عنها زيادة أو نقصانا"
وفي هذا الاطار أيضا فان الوقائع هي التي توجه اقتناع القاضي وعقيدته، فلا يمكن أن يبني هذه القناعة الا بناء على ما يعرض عليه، فلا يمكنه أن يحكم بعلمه الشخصي، الا عد متجاوزا لحدود سلطته  
- و اذا كانت الوقائع من تأليف وضع المدعي، كان لابد عليه من انجازها و ترتيبها وصياغتها بلغة قانونية تسهل على القاضي فهمها و ادراك معانيها تفاديا لفهمها عن طريق الخطأ أو لتحريفها، أو تعديلها أو الفصل في أكثر منها، وعلى المدعي أن يبدأ بسرد الوقائع الثابتة التي لانزاع فيها ثم يتطرق فيما بعد الى موضوع النزاع أي نقط الخلاف بينه وبين المدعى عليه.
- و للإشارة فالوقائع يجب أن تصاغ في الماضي، لأنها من المفترض أن تكون حصلت قبل تاريخ تحرير مقال الدعوى، و اتباع زمن الماضي هو الأسلم في الصياغة، و لابأس أن يشير فيها المدعي الى تواريخ الأحداث بشكل متوالي يسهل على القضاء الاطلاع على ملف القضية بتسلسلها الزمني، واستخلاص وقائعها و تقديرها وانزال القانون الواجب التطبيق عليها بشكل سليم.
ويستحسن على المدعي أن يتفادى استعمال مسألة الاجمال والعمومية وعدم الوضوح،اذ من شأن الغموض في الوقائع أن يؤثر في تكييفها من طرف القاضي أو تحريفها بشكل يضر بمصالحه.

الفقرة الثالثة: المناقشة


- ونعني بها تعليل الطلب وتسبيبه و إثارة الوسائل.
- يعتبر هذا الجزء من المقال بحق أهم من باقي الأجزاء الأخرى لأنه هو الرابط و المخيط بين الواقع والحق المطالب به وبدونه يبقى الحق المدعى فيه غير مبرر سينتهي به الأمر الى الرفض  من طرف المحكمة.
- ومناقشة الطلب تعني تعليله وتسبيبه بجميع الحجج الواقعية والقانونية والاستدلال بما استقر عليه اجتهاد العمل القضائي في قضايا مماثلة.  
- والتعليل هو تضمين طلب الدعوى الأسباب الضرورية التي تعززه أو تضحد ادعاء الخصم وهو وسيلة لدفع القاضي للتقييد بما ورد عليه من وقائع وحجج ومناقشتها بشكل قانوني دون اغفال وذلك في اطار الاحترام الواجب لحقوق المتقاضي في الدفاع.
- ومناقشة أو تعليل الطلب وتسبيبه مسألة قانونية بحتة يختص بها رجل القانون أو الدارس له، وهي عملية ذهنية تعتمد على تكوين المدعي أو وكيله و مؤهلاته العلمية و المهنية ان كان الأمر يتعلق بمحام أو رجل قانون.
وتتجلى العملية الذهنية في محاولة المدعي تطويع النصوص القانونية وجعلها في خدمة مصالحه الشخصية والمالية أو الحق المدعى فيه على الخصوص ولابأس في استمالة الخصم وجره لمجراة وقائع القضية ومناقشة القانون المطبق بشأنها بالكيفية والفهم الذي يخدم مصالح المدعي.
- وبما أن تسبيب الطلب هي عملية ذهنية فان البعض اعتبره مجرد وسيلة أو صياغة لازمة للعبور بالوقائع الى الطلب أو الملتمس الأخير ويرى البعض أنه عملية قانونية صرفة تروم الواقعة بالنص القانوني.
- و لابأس أن يشير المدعي في مقاله للنصوص القانونية التي يريد من القاضي تطبيقها على وقائع قضيته رغم أن ذلك لايلزم القاضي في شيء ما لم يتعلق الأمر باغفال طلباته، لأن تعليل التكييف في آخر المطاف وهو من واجب القاضي وهو بصدد النطق بالحكم والا عرض حكمه الى الالغاء بسبب نقصان التعليل او لانعدامه.

 الفقرة الرابعة: تحديد الطلب

- والطلب هو مناط الدعوى وهو الأمر الذي يطلب المدعي من القاضي أن يحكم له به، ويسمى هذا بالمدعى فيه،أو الحق المتنازع عليه أو المقضي فيه.
- وأثناء تحديد الإطار القانوني لمقال الدعوى ننتقل إلى مرحلة ختامية للمقال للوصول إلى خلاصته والتركيز على الطلب النهائي المطلوب من المحكمة الحكم به أو ما يسمى بالملتمسات أي ما يطلب من المحكمة وتعتبر جوهرية وأساسية في أي مقال لكون العبرة في الاخير بالملتمسات وتكتسي أهمية بالغة أثناء اختتام المطالب النهائية أمام المحكمة.
- ويشترط في الطلب أن يكون معلوما اي محددا على وجه الدقة، و محققا  لا مجرد مشكوكا أو على سبيل الظن وأن يكون المدعى به (الطلب) معتبرا قانونا ولا يخالف النظام العام أو الأخلاق الحميدة كما يشترط في موضوع الدعوى (الطلب) مما يتعلق به حكم أو غرض صحيح و لم يسبق للقضاء أن فصل فيه بحكم حاز قوة الشيء المقضى به و أن لا تشهد العادة أو العرف بكذبه كما لو ادعى شخص أنه اشترى عقارا من شخص آخر سنة كذا مع أن البائع في ذلك التاريخ لم يكن قد ولد بعد.
- كما تجب الإشارة الى بعض الإستثناأت الواردة بنص خاص او المتعلقة بالنظام العام ومن جملتها مساطر التسوية والتصفية القضائية ( خاص بمعالجة صعوبات المقاولة) فإن المحكمة قد تأمر بالتصفية القضائية رغم أن المدعي حدد طلبه في التسوية القضائية أو العكس وقضايا حوادث الشغل،حيث يكفي للمصاب الضحية أن يطلب من المحكمة تطبيق القانون دون تحديد مقدار التعويض ان لم يرغب في ذلك، وبعض قضايا التطليق و النفقة.
- و بما ان الطلب في النزاع المدني، المحور الأساسي في الخصومة القضائية فلا يمكن تصور خصومة دون طلب، فهو روح الدعوى وجوهرها والطلب اما أن يكون منشئا للحق أو مقررا له أو معدلا لحالة قانونية أو نافيها.
- كما تختلف طلبات الأطراف ايجابا وسلبا في التعاطي مع الدعاوى القضائية، لذا كان من المفروض تحديد الطلب بشكل دقيق وواضح ينسجم مع نوع الوثائق والمستندات المصرح بها على وجه الاستدلال.
- و تبرز أهمية تحديد الطلب الأصلي في تميزه عن باقي الطلبات المتشابهة فهو يحدد نطاق اختصاص المحكمة للبت في القضية المعروضة عليها نوعيا ( تجاري، مدني، اداري ، شرعي) أو قيميا  كما لو كان موضوع الطلب أداء مبلغ معين من المال و بالتالي ترتيب الوصف القانوني للحكم الذي سيصدر ان كان ابتدائيا أو انتهائيا.

الفقرة الخامسة : التوقيع والمستندات
* التوقيع

- جاء في الفصل 31 من ق م م أن الدعوى ترفع الى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه  من طرف المدعي أو وكيله، أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعي أو يشار في المحضر الى أنه لا يمكن له التوقيع:
- إن إغفال التوقيع على المقال يجعله كان لم يكن.
- ان التوقيع على المقال توجبه القواعد العامة ومقتضيات الفصلين 31 من قانون المسطرة المدنية.
- قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 23/9/97 تحت عدد 578 في الملف العقاري عدد 5091/93 منشور بمجلة رسالة الدفاع عدد 2 ص 129 وما يليها.
- في حالة عدم توقيع المقال يتعين انذار صاحبه بتوقيعه قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 7/6/2000 تحت عدد 11 ص 207 وما يليها.
- وما دام أن الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية يعطي للقاضي أن يطلب عند الاقتضاء تحديد البيانات  التامة أو التي وقع اغفالها، وأن المحكمة حينما صرحت بعدم قبول الاستئناف بعلة عدم توقيع المقال، دون أن تطالب المستأنف بتدارك هذا الاغفال وتنذره بتوقيع مقاله قبل أن تبت في القضية تكون قد عرضت قرارها للنقض ( نفس القرار أعلاه)

*المستندات ( المرفقات)

- وتعني جميع الوثائق والحجج التي ينوي المدعي الاستدلال بها من أجل اثبات حقه وحجة ما  يدعيه ويستحسن ان تكون نسخ مصادق عليها و مطابقة للاصل خوفا على اصولها من الضياع او اندثارها مالم تطلب المحكمة حين سلوك مسطرة الزور  و تحقيق الخطوط .
فإذا كانت الدعوى ء كما سبق الذكرء ترفع بواسطة مقال مكتوب وموقع من المدعي أو من ينوب عنه، أو بواسطة تصريح شفوي يقدمه المدعي أمام أحد أعوان كتابة الضبط،  فان المشرع علاوة على ذلك ألزم المدعي بإرفاق مقاله بالوثائق والمستندات التي تثبت إدعاءه وهذا ما نجده منصوصا عليه وفقا لمنطوق الفقرة الثانية من الفصل 32 من ق.م.م الذي  تنص على ما يلي: " ترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء، مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي، يبين فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها ".
ويستشف كذلك من منطوق المادة 3 من قانون المحاكم الإدارية و كذا المادة 13 من قانون المحاكم التجارية نفس المقتضيات حيث يلزم أن يرفق الطلب بالوثائق     و المستندات التي تثبت ادعاء الطالب،  وحسنا فعل المشرع بإقراره لهذا الشرط، إذ الحكمة منه هو بيان جدية التداعي من جهة، وللتخفيف من الدعاوى الكيدية التي ترفع على غير أساس ومبرر مشروعين من جهة أخرى، وكذا ليطلع عليها المدعى عليه ليتمكن من الإدلاء بدفاعه، كما تخول للقاضي فرصة الاطلاع على كل المعلومات والتي ستسهل عليه الحكم في القضية بالجلسة الآولى .
ومن المعلوم أنه لا وجه ولا عبرة للبث الفوري إلا إذا كانت الوثائق والسندات المدعمة للدعوى، والا اعتبر طلبه والعدم سيان .
وإذا كان من المنطق القانوني أن المدعي ملزم  مبدئيا بإثبات الوقائع المادية منها والقانونية، فان المشرع تدخل في بعض الحالات وألزم بتقديم تلك المستندات تحت طائلة عدم قبول الطلب .
فبالعودة إلى بعض النصوص القانونية بجميع مستوياته، نجد أن المشرع ألزم بإرفاق المقال الافتتاحي بمجموعة من الوثائق والمستندات، ونذكر على سبيل المثال:
- في مجال دعوى الإلغاء تخضع لمجموعة من الشكليات، أوجبها كل من الفصل 355 من قانون المسطرة المدنية والمادة 3 القانون المحدث للمحاكم الإدارية التي أحالت بدورها على الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، حيث يتعين أن يرفق المقال الإداري في دعاوى الطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، بنسخة من القرار الإداري المطعون فيه، وعند الاقتضاء نسخة من التظلم وما يثبت إيداعه، وكذا جواب الإدارة عنه .
- في دعاوى نقل الملكية في إطار مسطرة نزع الملكية، حيث يجب على المدعي إرفاق المقال بالوثائق الخاصة بالإجراأت الإدارية لنزع الملكية ومنها نسخة من الجريدة الرسمية التي نشر فيها مشروع المرسوم ونسخة من سجل الملاحظات، ثم نسخة من الجريدة الرسمية لنشر المرسوم نفسه...و أعفى العمل القضائي للمجلس الأعلى(سابقا) المدعي من التقيد حرفيا بالمادة 32 من ق.م .م فيما يتعلق بالبيانات المتعلقة بهوية المالكين.
- في دعوى طلب فتح مسطرة صعوبات المقاولة، التي يرفعا رئيس المقاولة، حيث أوجبت المادة 562 من مدونة التجارة، الإدلاء بالقوائم التركيبية لآخر سنة مالية ووثيقة الجرد، ولائحة الدائنين والمدينين وجدول التحملات، وينبغي أن تكون هذه الوثائق مؤرخة وموقعة ومصادق عليها من طرف رئيس المقاولة، وإذا تعذر الإدلاء ببعضها وجب على المدعي بيان أسباب ذلك  في التصريح المضمن في الطلب .
-  بالعودة الى قانون المسطرة المدنية نجدها تنص في مادتها 32 على أنه عندما يدلي المدعي بتلك السندات التي سيستعملها عند الاقتضاء، فانه يسلمه مقابل ذلك وصل من قبل كاتب الضبط، حيث يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها، الا أنه لا تلتزم جميع المحاكم بتسليم هذا الوصل، بل تكتفي بوضع طابع المحكمة على نسخة المقال أو المذكرة التي تتضمن الاشارة الى المستندات المرفقة والذي يعتبر في حكم أو بمثابة الوصل قانونا.
كما تنص المادة 3  من قانون المحاكم الادارية على ضرورة تسليم كاتب الضبط لوصل بإيداع  المقال يتكون من نسخة منه يضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة بالمقال، في حين تنص المادة 13 من قانون المحاكم التجارية على تسليم كاتب الضبط وصلا يثبت فيه اسم المدعي وتاريخ إيداع المقال ورقمه بالسجل  و عدد المستندات المرفقة ونوعها.

المبحث الثاني: آليات تحرير مقال الدعوى و الرقابة القضائية

 المطلب الأول : آليات تحرير مقال إفتتاحي للدعوى
الفقرة الأولى : لغة تحرير المقـــــــال:

- تعتبر اللغة العربية اللغة الوحيدة المعتمدة رسميا في التقاضي على جميع مستويات ودرجات محاكم المملكة المغربية بدأ بتسجيل المقالات الافتتاحية والطلبات الى غاية صدور الأحكام والقرارات المتعلقة بها مرورا بالجلسات والمرافعات وباقي الاجراأت الموازية.
- واذا كانت  اللغة العربية ثابت من ثوابت السيادة الوطنية،فان صدور الظهير الشريف رقم 64 ء3 المؤرخ في 26/1/1965 المعلاوف بقانون المغربة و التعريب محطة تاريخية بارزة في توحيد اللسان المغربي ادارة وقضاء، حيث أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية للقضاء  و التقاضي وهو النهج الذي كرسه قرار وزير العدل آنذاك الصادر بتاريخ 29/6/1965 وأضفى الطابع الرسمي العام في العمل باللغة العربية كلغة المقالات والمذكرات و المرافعات والمداولات والأحكام والأوامر، مع جعل الترجمة آلية لتسيير التواصل بين الأطراف التي لا تجيد اللغة العربية من أجل ضمان حقوق الدفاع للجميع خصوصا الأجانب منهم وتوفير شروط المحاكمة العادلة.  و هو الظهير الذي أصبح يعرف فيما بعد بظهير التوحيد و المغربة و التعريب، أي أنه الظهير الذي وحد جسم القضاء المغربي بعد الاستعمار، وحصر المغاربة كمورد من الموارد البشرية.
- وعند رجوعنا الى قرار وزير العدل كما هو منشور بالعدد 2755 من الجريدة الرسمية تجده ينص في فصله الاول على ما يلي:" يجب أن تحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز 1965 جميع المقالات، والعرائض والمذكرات وبصفة عامة جميع الوثائق المقدمة الى مختلف المحاكم".
- كما صدر منشور لوزير العدل سنة 2003 جاء فيه "...  لا يخفي عليكم المشرع انسجاما مع الدستور المغربي الذي أكد في تصديره على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، أقر مبدأ تقريب القضاء بمقتضى الفصل 5 من ظهير  26يناير 1965 المتعلق بتوحيد القضاء ومغربته وتعريبه.
- وهو نفس المبدأ الذي أقره الفصل 5 من دستور 2011 الذي جاء فيه مايلي " تظل العربية  اللغة الرسمية للدولة، و تعمل الدولة على حمايتها و تطويرها، وتنمية استعمالها"
- اللغة الأمازيغية أيضا  لغة رسمية حسب مقتضيات الفصل 5 من الدستور وتفعيل طابعها الرسمي موقوف عن صدور قانون تنظيمي لتحديد كيفية ادماجها في التعليم ومجالات الحياة العامة.
- الا أن الملاحظ أن البعض يرى أن اللغة العربية تسري على الأحكام والمرافعات فقط و لا تسري على الوثائق والمستندات وتبعا لذلك لا يلجأ الى ترجمة هذه الأخيرة من اللغة الأجنبية رغم تمسك أحد الأطراف بذلك ويبقى الاستثناء الوحيد و هو ما نصت عليه المادة 431 من قانون المسطرة المدنية التي أوجبت في دعاوى تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية ترجمة الوثائق والمستندات الى العربية وفي حالة مخالفة ذلك يبقى الطلب غير مقبول.

الفقرة الثانية: الصياغة القانونية

- اذا قدم المقال الافتتاحي بصفة شخصية فالأمر يستدعي من صاحب المقال استعمال ضمير المتكلم " أنا " أو " نحن" للجميع أو التعظيم، أما اذا قدم المقال من طرف وكيله القضائي فالصيغة تختلف نسبيا حيث يجوز استعمال عبارة  " وكيلي القضائي" أو ذكره بالاسم كأن يقول   " ان موكلي القضائي عمر " وهكذا....
- وما دام أن غالبية المقالات الافتتاحية تقدم بواسطة محامي فالصيغ القانونية المستعملة قضائيا تختلف من محام الى آخر رغم أنها تؤدي نفس الوظيفة اللغوية في وصف المراكز القانونية للأطراف فصاحب المقال قد يسمى " مدعي" أو "الطالب " أو " العارض" أو " المنوب عنه" أو " الموكل" وكلتا العبارات والأوصاف تضعان صاحب المقال في مصاف طالب الحق، ونفس الشيء ينطبق على الطرف الثاني في الخصومة القضائية فتعدد الأوصاف من " مدعى عليه" أو " المطلوب في الدعوى " أو " الفريق المدعى عليه " الا أن عبارة المدعي و المدعى عليه هي العبارات الأكثر استعمالا في مرحلة التقاضي  على مستوى المحكمة الابتدائية أو باقي محاكم الدرجة الأولى (تجارية، ادارية، قضاء الأسرة..) وهي الصيغة التي تتوافق مع الصيغة الرسمية المستعملة في قانون المسطرة المدنية ، و في قضايا التحفيظ العقاري فان المتعرض يكون مدعيا وطالب التحفيظ مدعى عليه.
- الا أنه عند توجيه الدعوى ضد مجموعة من الأطراف كان لزاما على صاحب المقال أن يميز بين مراكزهم القانونية  و حيث يفرز في ديباجة مقاله بين المدعي عليه الرئيسي والمدخل في الدعوى،  والطرف الذي أقيمت الدعوى فقط بحضوره.
- أما بخصوص موضوع الدعوى أي الحق المتناع حوله والمطالب به فتعدد الصيغ حسب طبيعة الدعوى و الجهة القضائية المعروض عليها النزاع، فان كان مبلغا من المال سمي " دينا" وان كان أرضا سمي "  عقار مدعى فيه " وان كان النزاع ينصب حول علاقة كرائية سمي محل عقد الكراء بالعين المكتراة والمالك بالمكرى والمنتفع بالمكتري وثمن الكراء بالسومة أو الوجيبة الكرائية.
- كما ينصح على صاحب المقال أن يتحاشى استعمال العبارات البذيئة التي تخدش الحياء والماسة بالاحترام الواجب لمرفق القضاء أو نعت غريمه بأوصاف قدحية لا تليق بمقام العدالة اذ من المفترض أن يكون رزينا، متزنا في اختيار العبارات، والكلمات الهادئة للبوح بمظلوميته والكشف عن معاناته بشكل يحفظ ماء الوجه والكرامة و دون الغلو  في استعمال ألفاظ التودد والتوسل و التباكي..
- ويقصد بالصياغة القانونية لمقال الدعوى هي الاختيار الأنسب والسليم للأسلوب القانوني الذي يحاكي وقائع القضية وطلبات المدعي حيث يسهل فهمه واستيعابه من طرف القاضي بصفته المخاطب الأول بين عموم المتقاضين .
- ومن ثم كان من المفروض على المدعي الابتعاد على الأسلوب الانشائي والوصفي وهو بصدد تحرير مقاله، كما يستحب الإلمام ببعض النصوص القانونية المطبقة على النازلة ومحاولة إدراجها في صلب المقال أو في الملتمس الأخير.

 المطلب الثاني : الرقابة القضائية على نظامية المقال
- ان الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية أعطت الحق للمحكمة عند الاقتضاء أن تطلب تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها في المقال وبالتالي فان المدعي لا خوف عليه ان هو أغفل ذكر أسماء الخصوم وصفاتهم وموطنهم مادام أن المحكمة ملزمة بانذاره بتصحيح المسطرة وتدارك الاغفال والنقص الذي طال مقاله الافتتاحي.
- الا أن الواقع أثبت أن بعض المحاكم تتجاوز هذا المقتضى وتحكم بعدم قبول طلبات المدعي شكلا لمجرد اغفال بسيط لأحد البيانات المنصوص عليها في الفصل 31 من ق م م ما لم يتعلق الأمر بالصفة والأهلية والمصلحة أو الاذن بالتقاضي وهكذا جاء في قرار صادر عن استئنافية الدار البيضاء بتاريخ 26/1/82 تحت رقم 107 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 60 ص 160  على أن " انذار الطرف المدعي بالادلاء بالوثائق مصادق عليها لا يوجبه القانون اذ أن الحالة التي يجب على القاضي فيها انذار الطرف المدعي هي ما نص عليه الفصل الأول من ق م م أي ما يتعلق بالصفة والأهلية والمصلحة أو الاذن بالتقاضي.
- وفي حكم صادر عن المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ7/6/2007 تحت عدد 1281 في الملف عدد 1124/2005 جاء فيه أن " تقديم الطلب بشكل يشوبه العمومية والابهام يقتضي عدم قبوله عملا بمقتضيات 31 من قانون المسطرة المدنية"
- وفي حكم آخر صادر عن نفس المحكمة بتاريخ 21/6/2007  تحت عدد 1386 في الملف عدد 33/2005 جاء فيه أن " عدم تضمين مقال الدعوى موطن أو محل اقامة المدعي يقتضي عدم قبوله عملا بمقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية"
- وفي أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بسوق الأربعاء بتاريخ 21/11/2001 تحت عدد 839/2001 منشور بمجلة الاشعاع عدد 27 ص 272 وما يليها أن  " الطلب الرامي الى اجراء خبرة لمعاينة رسم عقاري محفظ مختل شكلا لمخالفته مقتضيات الفصل 31 من  قانون المسطرة المدنية لأنه لم يحدد به الطرف المدعى عليه ويجب التفرغ برفضه"
- وفي قرار صادر عن محكمة الاستئناف الادارية بالرباط بتاريخ 7/5/2013 في الملف رقم 762/2013 " و حيث أنه من المبادئ التي كرسها الاجتهاد القضائي لهذه المحكمة من خلال عدد من القرارات الصادرة عنها من
ضمنها القرار عدد 3309 الصادر بتاريخ 47/12/2011 في الملف رقم 7/11/66 وكذا القرار عدد 1710 الصادر بتاريخ 17/4/2012 في الملف رقم 6/12/24 والقرار عدد 3207  الصادر بتاريخ 25/7/2012 في الملف عدد 6/10/618 ... فانه ثبت من خلال مقال و دعوى المدعين أنهم بعد توجيهها ضد المساعد القاضي للجماعات المحلية وفقا لما يقتضيه القانون غير أنه و بالمقابل من ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل الأول من ق م م المحال عليه بمقتضى المادة 7 من قانون 41/90 المحدث للمحاكم الادارية فقد كان يتعين على المحكمة الادارية أن تعمل على انذار الطرف المدعي – المستأنف عليهماء على القيام باصلاح المسطرة بادخال المساعد القضائي في الدعوى حيث تعتبر و كأنها أقيمت بصفة صحيحة ومستوفية لهذا الشرط الشكلي مما تقرر معه الغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا بعدم قبول الطلب.
- وفي قرار صادر عن محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا ) عدد 568 بتاريخ 4/7/2006 بأنه " اذا لم يقدم الطلب من طرف شركة المساهمة بواسطة ممثلها القانوني فان مآله يكون  عدم القبول لتقديمه من غير ذي صفة طبقا للفصل الأول من ق م م وللمادة 748 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة التي تنيط برئيس مجلس الإدارة مسؤولية الإدارة العامة للشركة وتمثيلها في علاقتها مع الغير"  
- تبعا لمقتضيات الفصل 32 من ق م م يعتبر تضمين المقال الافتتاحي أسماء الإطراف وصفاتهم من الشروط الشكلية الواجبة لقبول الدعوى و إدا كان إسم أحد  الخصوم مدعيا أو مدعى عليه أجنبي  أو مكتوب بلغة أجنبية فينبغي كتابتها باللغة العربية كما تنطق بالغة الفرنسية و لا يجوز ترجمتها الى اللغة العربية حتى ولو كانت سهلة اللفظ و المعنى و لو افترضنا ان اسم المدعى عليها كما هو مدون في وثائقها سوچيéتé دي چونفيچتيون)  ) فإن كتابة إسمها بالمقال يجب أن يكتب على الشكل التالي (سوسيتي دو كونفيكسيون) وهذا هو ما استقر عليه العمل القضائي بعلة أن الترجمة غير الاحترافية قد يشوبها أخطاء من طرف المتقاضين و يغير معناها و إسمها الحقيقي كما هو مدون في وثائقها و نظامها الأساسي و في هذا الاتجاه قضت المحكمة التجارية مراكش بتاريخ 3ء4ء2007 ملف أمر بالأداء عدد 150/2/2007 بعدم قبول الطلب الرامي الى استصدار أمر بالأداء بعلة ان اسم المدعى عليها جاء مكتوبا بالفرنسية خلافا لما هو منصوص عليه في ظهير المغربة والتوحيد مما يستلزم التصريح بعدم القبول .
- و جاء في قرار لمحكمة النقض بتاريخ 23ء7ء1997 عدد 578 ملف عقاري 5091 /93 منشور بمجلة رسالة الدفاع عدد2 الصفحة 129 و ما يليها ( أن إغفال التوقيع على المقال يجعله كأن لم يكن و أن التوقيع على المقال توجبه القواعد العامة و مقتضيات الفصلين 31 و 354 من ق م م .
- كما جاء في قرار صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 7ء6ء2007 تحت عدد 1281 في الملف عدد 1124/2005 '( فإن عدم تضمين مقال الدعوى موطن أو محل إقامة المدعي يقتضي عدم قبوله عملا بمقتضيات المادة 32 من ق م م .
- وإذا كانت الإشارة الى هوية الأطراف و عناونهم من الشكليات الهامة التي يتأسس عليها المقال الإفتتاحي فإن ما يعتري هوية الأطراف و أسمائهم العائلية و الشخصية من أخطاء لا يترتب عنها حتما مخالفة الفصل 32 من ق م م إذا تحققت غاية المشرع من هذه الشكلية و هي تبليغ الإجراأت و الأحكام كما استقر  على ذلك المجلس الأعلى – محكمة النقض حالياء  في قراره عدد 770 بتاريخ 27/2/2008 حين ذهب الى أن الغاية من
ذكر هوية الأطراف وأسمائهم العائلية هي تبليغهم الإجراأت و الأحكام و ممارستهم الطعون المخولة لهم قانونا داخل الآجال المتطلبة  إذا تحققت هذه الغاية فلا يعتد بأي خطأ مطبعي بهوية الأطراف .
- ان القاعدة التي يقررها الفصل 3 م م التي تلزم القاضي بأن يبت في حدود طلبات الأطراف موضوعا وسببا تعد واجبة التطبيق بحيث لا يجوز للمحكمة أن تقضي بشيء لم يطلب منها أو بأكثر منه. ( قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 6/2/90 تحت عدد 1051 في الملف الجنحي عدد 13600 /89 منشور بمجلة الاشعاع عدد 3 ص 100 وما يليها).ا

خاتمة
- إن الحديث عن الضمانات الحقيقية و الفعلية لحقوق المتضرر في الدفاع و في الأمن القضائي لن يستقيم أبدا مع وجود جبهة و سلسلة من الشروط الشكلية و الإجراأت المركبة و المعقدة للوصول الى الغاية المنشودة من مرفق العدل و هو   »  الحق  . «
- فالحرص الشديد على نظامية المقال الإفتتاحي للدعوى فيه تعطيل للحق بسبب تجاوز بسيط لإجراء شكلي لم يلحق ضررا بالغير و مساس خطير بمفهوم الحماية القضائية التي من المفروض التي توليها الدولة لمواطنيها و للمتقاضين على الخصوص ، فكيف يعقل أن تعمر الدعوى في ردهات المحاكم لمدة طويلة تمتد في بعض الأحيان لسنوات و تقطع أشواطا مهمة في الإجراأت بجلساتها و أبحاثها و مصاريف و رسوم قضائية مهم و في الأخير يفاجئ المتقاضي بعدم قبول طلبه لسبب بسيط مع العلم أن الفصل 31 م  ق م م ألزم القاضي بإشعار الطرف الأخر بإتمام البيانات الناقصة و أضف الى ذلك الفقرة الأخيرة من المادة 49 من نفس القانون اشترطت حصول الضرر الفعلي لمن له مصلحة في إثارة الدفوعات و الإخلالات الشكلية . 
- وأخيرا، هل يمكن أن نتساءل و أمام التطور التقني المتسارع الذي يعرفه عالم التكنولوجيا الحديثة و الذي بدأنا نلمس مواكبته التدريجية من طرف النظام القضائي المغربي، باعتبار أن القضاء كغيره من المجالات تتسارع و سائل تطويره بتطور المجتمع عن بداية اندثار و أفول المقال الإفتتاحي للدعوى كأحد الوسائل التقليدية  والنمطية لإفتتاح الدعوى و الخصومة القضائية . 
- وإذا كانت الإدارة القضائية بالمغرب قد تعاطت مع هذه المستجدات الإلكترونية التي تمضي بوثيرة سريعة حيث مكنت عموم المتقاضين من الإطلاع على ما آلت إليه ملفاتهم و قضاياهم عبر البوابة الإلكترونية  لوزارة العدل    و الحصول على المعلومة في حينها و عممتها على جميع المحاكم  بدرجاتها بما فيها محكمة النقض ، فإن الأمر لا بد أن يمتد في يوم من الأيام إلى باقي الإجراأت القضائية الأخرى بما فيها إمكانية خلق تطبيق ولإستقبال و تعبئة المقال الإفتتاحي و الطلبات المشابهة وفقا لبرنامج إلكتروني خاص يكون سهل التعبئة خصوصا و أن وزارة العدل ما فتأت تتحدث في كل مناسبة عن الإدارة الإلكترونية و المحكمة الرقمية تحت شعار  »  محكمة بدون أوراق  . « 

لائحة المراجع

- عيد الوهاب المريني قانون المسطرة المدنية الصفحة الأولى.
- محمد الكشور في كتابه رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية ص 243 عن محمد نجيب حسني،  شرح الاجراأت   الجنائية القاهرة 1988. ص 1180.
- عبد الرحمان الشرقاوي ،محاضرات في القانون الخاص –المسطرة المدنيةء مطبعة بدون ،ط 2014.
- عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مطبعة النجاح الجديدةألدار البيضاء، ط 2013.
- عبد الوهاب المريني، دروس في قانون المسطرة المدنية لطلبة الفصل السادس، من الاجازة كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية –جامعة محمد الخامس باكدالء السنة الجامعية – 20132014 .
- نور الدين لبريس، نظرات في قانون المسطرة المدنية، ، مطبعة الامنية ،الطبعة الآولى  2012 .
- موسى عبود و محمد السامحي ، المختصر في المسطرة المدنية  و التنظيم القضائي ، مطبعة بدون ،ط 1999.
- محمد بفقير ، قانون المسطرة المدنية و العمل القضائي المغربي طبعة ثانية ، منشورات دراسات قضائية.عدد5.
- مجلة القصر عدد  شتنبر 201027 مقال حول تعريب الوثائق المحررة باللغة العربيةء تعليق على قرار .
- الطاهر عطاف، دليل المحامي طبعة 2012
- سعاد مواق ، تعدد الأطراف و الخصوم : ط 2015
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات