القائمة الرئيسية

الصفحات

تقييد وتشطيب الحقوق العينية بين النص التشريعي والواقع العملي

تقييد وتشطيب الحقوق العينية بين النص التشريعي والواقع العملي



مقدمة
     يشكل قانون التحفيظ العقاري إحدى الركائز الأساسية لتثبيت الملكية العقارية، وتعتبر عملية التحفيظ وسيلة هامة لحفظ و صيانة الثروة العقارية باعتبار أن الرسم العقاري يعطي للملكية قوة و مناعة و يحميها من كل تسلط  أو عبث .
     و يهدف المشرع المغربي إلى إدخال اكبر عدد ممكن من العقارات في نظام التحفيظ العقاري من خلال تنصيصه على عدم إمكانية إخراج العقار المحفظ من هذا النظام بعد تحفيظه كما ينص على ذلك الفصل الأول من القانون رقم 07-14 .
     إن نظام التحفيظ العقاري يحتل مكانة متميزة على رأس الأنظمة القانونية الأكثر تطورا بمختلف تيارات التقدم، إذ يعد الوسيلة الفعالة لبناء المشروعات العملاقة، من خلال إدماجه للملكية العقارية في الحياة الاقتصادية و مساهمه في استقرار المعاملات و تسهيله للحصول على القروض الشيء الذي ينعكس إيجابا على مالية الأفراد و الاقتصاد الوطني .
 و يستمد نظام التحفيظ العقاري هذه الأهمية من خلال نوعية الإجراءات و المسطرة التي يتم إتباعها لتحفيظ العقار، إذ تمر عملية التحفيظ بمراحل دقيقة و متسلسلة توفر ضمانة سواء بالنسبة لطالب التحفيظ أو الاغيار من خلال عمليتا الإشهار و التحديد و تمكين الأغيار من تقديم التعرضات، و تحميل المحافظ العقاري مسؤولية  في حفظ السندات و الوثائق ...
     و هذا كله من أجل ضمان حماية حقوق الأفراد و عدم التطاول على حقوق الغير، و بعد سلوك مسطرة التحفيظ المنصوص عليها في القانون رقم 07-14 يتم التوصل إلى تأسيس الرسم العقاري الذي يعد بمثابة عنوان للحقيقة إذ يطهر العقار من جميع الحقوق السالفة على تكوينه والغير المقيدة فيه، وهنا نستشف انه يمكن أن تقيد في الرسم العقاري مجموعة من الحقوق و تكون ثابتة و ذات حجية مطلقة كمبدأ، فمثلما أتاح المشرع للأفراد الحق في إيداع ما لهم من حقوق على العقار في طور التحفيظ حسب صريح المادة 84 من القانون رقم 07-14 ، فقد خول لكل ذي حق إمكانية تقييد حقه على الرسم العقاري أيضا بعد تأسيسه و صيرورته قائما و منتجا لآثاره، و في المقابل فقد أتاح المشرع إمكانية التشطيب على أي حق من الرسم العقاري بعد تقييده.
     و على هذا الأساس يمكن تعريف التقييد بأنه تسجيل لحقوق ناشئة للأفراد على عقار تم تحفيظه و يتوفر على رسم عقاري بحيث يتم الاعتراف بالحقوق المقيدة فيه دون سواها من الحقوق غير المقيدة، أما التشطيب فهو إلغاء المحافظ ما ضمن بالسجل العقاري و ذلك بإبطاله بناء على طلب جديد يقدم إليه .
     و جدير بالذكر أن المشرع قد خول للمحافظ سلطة اتخاذ مجموعة من القرارات سواء بشان التقييدات أو التشطيبات و ترك إمكانية الطعن فيها، كما ألقى على عاتقه مسؤولية بشان هذه التقييدات و التشطيبات.
     و يكتسي موضوع التقييد و التشطيب على الحقوق العينية من الرسم العقاري أهمية قصوى نظرا لفائدته في إشهار كل ما يتحمله العقار المحفظ، و يعطي صورة واضحة لكل من له علاقة بالعقار عن وضعيته، كما أن مسالة التقييد تساهم في اكتساب الحقوق، إذ لا يعتبر الحق العيني موجودا إلا ابتدءا من تقييده في الرسم العقاري كما انه بمجرد التشطيب عليه يعد كان لم يكن و لا يغترف به قانونا، فأهمية هذا الموضوع تستشف من الغاية التي يروم إليها المشرع من خلال إقراره لعمليتي التقييد و التشطيب و التي تكمن في إشهار جميع الوقائع و التصرفات و الاتفاقات التي ترد على العقار المحفظ.
     و الإشكال الذي يطرح نفسه في هذا الموضوع يتعلق بمسطرة التقييد و التشطيب على الرسم العقاري و آثارها من جهة أولى، و كذا نوعية القرارات التي يتخذها المحافظ بشان التقييدات و التشطيبات و كذا حول مسؤوليته في هذا الإطار من جهة ثانية ؟
     و على هذا الأساس فقد ارتأينا تقسيم موضوعنا إلى مبحثين على الشكل التالي:
  المبحث الأول: مسطرة التقييد و التشطيب على الحقوق العينية العقارية
  المبحث الثاني: قرارات و مسؤولية المحافظ بشان التقييدات و التشطيبات.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات