مقدمة:
باسم الله
الرحمان الرحيم، الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
يقول موسى عليه السلام:" أنا أعرف
تمردكم وقلوبكم الصلبة إنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم،
ويصيبكم الشرفي آخر الأيام"[1].
تعد الشرائع السماوية رسالة ربانية المصدر
للإنسان، حيث أن الله سبحانه وتعالى لم يخلقه عبثا بل جعله خليفة في الأرض، مصداقا
لقوله تعالى:" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"[2].
وبالتالي أرسل
له الرسل والأنبياء وأنزل عليهم الكتب والشرائع التي توضح لهم ما هو مطلوب منهم ليحققوا
غايته، وتعمل هذه الشرائع على غاية أساسها تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا.
ومن بين هذه الشرائع نجد الشريعة اليهودية
التي أنزلت على إبراهيم الخليل، وتتسم بتعدد كتبها، حيث تستمد أحكامها من العهد
القديم الذي اختاره الله ليوعز إلى أبنائه وذريته بالتزام تعاليم الإله السرمدي في
ممارسة التقوى والعدالة، وبالإضافة إلى
العهد القديم نجد مصادر أخرى يلتزم اليهود بتقديسها كالتلمودوبروتوكولات حكماء
صهيون.
والشريعة في اللغة لها
معنيان هما المذهب والطريقة المستقيمة، واصطلاحا هو كل ما شرعه الله لعباده من
الأحكام[3]
.
أما اليهودية فهي الديانة التي أنزلت على إبراهيم
الخليل عليه السلام، وانتقلت من إبراهيم إلى ابنه إسحاق ومن هذا الأخير إلى إبنه
يعقوب وأصبحت تعرف بديانة بني إسرائيل.
وقد مرت اليهودية ، كنسق ديني، بمراحل
تطور تاريخية طويلة، ولهذا فهي تأخذ شكل تركيبي جيولوجي تراكمت داخله عدة طبقات
تتعايش جنبا إلى جنب، وتنقسم اليهودية إلى قسمين الشريعة المكتوبة والشريعة
الشفهية وتعرف الشريعة المكتوبة باسم العهد القديم وتضم ثلاثة أقسام، أسفار
موسى الخمس تم كتب الأنبياء وهي أكثر الأسفار توحيدية، وأخيرا كتب الحكم والأمثال
والأناشيد تم الشريعة الشفهية التي يرقى عهدها تقليديا إلى أيام موسى وتتعلق
بالتعاليم الهادفة إلى دقة تطبيق الشريعة المكتوبة، وإن هذه الشريعة بعد أن
تناقلها الأجيال شفهيا .جرى تسجيلها خطيا حوالي 200 ق.م الربان يهوذا وأطلق عليها اسم "المشنة"، وقد جرت
تعليقات على المشنة في مدارس الربانية في فلسطين وبابل وأطلق على مجموعة هذه التعليقات
إسم "الحضارة" ألحقت بالمشناه.
ومع القرن السادس، ثم تدوين التلمود الذي
أصبح كتاب اليهود الديني الأول، حتى أنه حل محل العهد القديم نفسه، ومع القرن
الثالث عشر ظهرت كتب القبالاهإبتداء من الباهيرفالزوهار تم كتابات إسحاق لوريا
التي سادت الفكر الديني اليهودي.
وتكمن أهمية الموضوع في الإطلاع على أهم
المصادر التي تعتبر أساسا للديانات اليهودية والتي يعمل اليهود وفق أحكامها.
إن أهم الإشكال الذي يطرح نفسه يتمثل في
طبيعة مصادر التشريع اليهودي المعتمدة لديهم.
وانطلاقا من هذا الأشكال تتفرع مجموعة من
الأسئلة من قبيل، ما الفرق بين التلمودوالثوراة؟ وما المقصود بالمشناه عند اليهود؟
وما المقصود بالأحبار وأين يتجلى دورهم في التشريع اليهودي؟.
ولدراسة هذا الموضوع والإطلاع على أهم
مصادر التشريع اليهودي سنعمل على مناقشة هذا الموضوع وفق التقسيم التالي:
المبحث الأول: المصادر
الرئيسية للتشريع اليهودي
المطلب الأول:
الكتاب المقدس (التوراة)
المطلب
الثاني: المصدر الثاني للتشريع اليهودي (التلمود)
المبحث الثاني:
المصادر الشفوية أو المكملة للتشريع اليهودي
المطلب الأول:
البروتوكولات الملحقة بالمصادر الرئيسية
المطلب
الثاني: فتاوى واجتهادات الأحبار
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا برأيك