القائمة الرئيسية

الصفحات

ورقة علمية حول عقد البيع

خصائص عقد البيع وتمييزه عن العقود الأخرى


مقدمة

عقد البيع من أقدم العقود وأكثرها شيوعا وهو من أهم موضوعات القانون المدني ولا يخفى تأثيره الكبير في المجال الاقتصادي، حيث بدأت المعاملات التجارية عند الجماعات البشرية الأولى في صورة مقايضة فكانت هي الوسيلة الوحيدة لتبادل الأموال ومع تطور المجتمعات ظهرت النقود كوسيلة لقياس القيم وكوسيط في المبادلة لذلك حل البيع محل المقايضة. حيث كان مقابل التخلي عن ملكية المبيع يتجسد في مرحة أولى في مقدار معين من المعادن الثمينة التي تقاس بالميزان ثم أصبح هذا المقابل في مرحلة ثانية مبلغا من القطع والأوراق النقدية التي لها قيمة معروفة.(1)  

والبيع لغة مصدر باع وهو مبادلة مال بمال، والشراء والبيع هما من أسماء الأضداد فيطلق الشراء على البيع، كقوله تعالى: "وشروه بثمن بخس دراهم" أي باعوه، ويطلق البيع على الشراء كقوله صلى الله عليه وسلم " لا يبع أحدكم على بيع أخيه" أي لا يشتر، وكذلك الاشتراء والابتياع فإنهما يطلقان عل فعل البائع والمشتري لغة،إلا أن العرف قد خص البيع بفعل البائع وهو إخراج الذات من الملك وخص الشراء والاشتراء والابتياع بفعل المشتري وهو إدخال الذات في الملك.  

أما في الفقه الإسلامي فقد عرفه المالكية بأنه عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة، وذلك للاحتراز من مثل الإجارة والنكاح، وعرفه الشافعية بأنه مقابلة مال بمال على وجه مخصوص للمنفعة.

وقد اتفق الفقهاء على أن البيع مشروع على سبيل الجواز، دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فمن كتاب الله تعالى" واحل الله البيع" وقوله عز وجل" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"، وأما السنة فمنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أطيب؟ قال : "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور".

وروى رفاعة أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من بر وصدق".

أما عن البيع في الاصطلاح القانوني فقد ورد في الفصل 478 من.ق. ع.ل بأنه "عقد بمقتضاه ينقل احد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له" وبالرغم من أن هذا النص ما هو إلا انعكاس لنص المادة1582 من القانون المدني الفرنسي،إلا أن هذا التعريف جاء أكثر دقة من نظيره فرنسي ففي الوقت الذي اعتبر فيه هذا الأخير عقد البيع بمثابة اتفاق يلتزم بمقتضاه احد المتعاقدين بتسليم شيء في مقابل التزام الطرف الأخر بدفع الثمن,

La vente est une convention par laquelle l’un s’oblige à livrer une chose, et l’autre à la payer

فان صياغة المشرع المغربي جاءت أكثر اتساعا لان البيع حسب هذه الصياغة لا يقتصر على نقل ملكية الأشياء فحسب وإنما يشمل نقل الحقوق المالية الأخرى سواء حقوق مادية أو معنوية.وعرفته المادة 351 من القانون المدني الجزائري:" البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية الشيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"

اما المشرع المصري فقد عرفه في المادة 418 من القانون المدني بأنه:"عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"

كما قررت المادة 372 من قانون الموجبات والعقود اللبناني أن:"البيع عقد يلتزم فيه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء, ويلتزم فيه الشاري أن يدفع ثمنه".



وتعريف القانون المدني المصري لعقد البيع يمتاز على تعريف قانون الموجبات له , بأنه لا يقتصر موضوع البيع على نقل ملكية شيء كما فعل القانون الأخير , بل يبين أن البيع كما يرد على ملكية شيء قد يرد على حق من الحقوق المتفرعة عن الملكية كحق الارتفاق أو حق الانتفاع أو حق شخصي كما في حوالة الحق إذا تمت في مقابل مبلغ من النقود .

ونستنتج من خلال هذه التعاريف مجموعة من الخصائص ينفرد بها عقد البيع  وبالتالي يتميز بها عن غيره من النظم المشابهة له وهذا ما سنعمل على بلورته من خلال المبحث الأول ، على أن نعرض في المبحث الثاني لعناصر عقد البيع والآثار المترتبة عنه.

المبحث الأول: خصائص عقد البيع وتمييزه عن العقود الأخرى

ضمن هذا المبحث سنتطرق لخصائص عقد البيع في مطلب أول، كما سنعمل على تمييزه عن لعقود التي قد تشابهه.

المطلب الأول: خصائص عقد البيع

يتبين من خلال التعريفات المشار إليها أعلاه أن لعقد البيع مجموعة من الخصائص يمكن إجمالها فيما يلي:

1- أنه عقد يستلزم توافر الأركان الموضوعية العامة للعقد وهي الأهلية والرضا والمحل والسبب.

2- أنه عقد ناقل للملكية فهو ينشئ التزاما بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر سواء كان من الحقوق العينية المختلفة أو حقا شخصيا أو حقا ذهنيا، فلا يستبعد من نطاق البيع إلا الحقوق اللصيقة بالشخص والتي تبقى ملازمة له والتي لا يمكن نقلها أوتمليكها للغير.

3- أنه عقد رضائي من حيث الأصل حيث ينعقد بمجرد تطابق الإرادتين بغض النظر عن شكله، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل بيع العقارات أو الحقوق العقارية حيث اشترط المشرع شكلا معينا لهذه العقود.

4- أنه عقد ملزم للجانبين يلتزم فيه البائع بنقل الملكية والمشتري بدفع الثمن.

5- أنه عقد معاوضة حيث يأخذ كل من البائع والمشتري مقابلا لما أعطاه فالمشتري يحصل على ملكية الشيء المبيع والبائع يحصل على الثمن الذي يجب أن يكون نقدا.

6- أنه عقد محدد القيمة من حيث الأصل أي أن كل من البائع والمشتري يعرف وقت العقد قيمة التزامه والتزام الطرف الآخر غير أن هذه الصفة ليست مطلقة ويمكن أن يكون البيع احتماليا كالبيع الذي يشترط فيه ثمن يصرف مدى الحياة.

7- أن التزام المشتري هو دفع مبلغ من النقود وإلا فإننا لن نكون أمام عقد بيع حيث إنه إذا كان الأمر يتعلق بمبادلة مال بمال فهي تعتبر بمثابة مقايضة، وإذا كان نقد بنقد فإننا نكون أمام عقد صرف.

من خلال ما سبق نستخلص أن عقد البيع عقد رضائي في الأصل وملزم لجانبين وهو عقد معاوضة ومحدد القيمة غالبا كما أنه يرتب التزاما في ذمة البائع بنقل ملكية مال أو حق مالي في مقابل ثمن نقدي يدفعه المشتري.

المطلب الثاني: تمييز عقد البيع عن العقود الأخرى

يتميز عقد البيع بميزتين أساسيتين كونه عقد ناقل للملكية كميزة أولى ،وكونه عقد ناقل للملكية  بمقابل كميزة ثانية.

الفقرة الأولى:تمييز عقد البيع كعقد ناقل للملكية

ضمن هذه الفقرة سنعرض لتمييز عقد البيع عن غيره من النظم المشابهة له كعقد الكراء وعقد المقاولة وعقد الوكالة.

1 - البيع والكراء

الكراء عقد يلتزم المكري بمقتضاه أن يمكن المكتري من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر محدد ومن خلال تعريف كلا العقدين يتضح الفرق بينهما. البيع يرد على الملكية بينما الكراء  يرد على المنفعة إلا أن التفرقة بين العقدين تصعب في بعض الحالات منها البيع الإيجاري وبيع المحاصيل.

♦ حيث إنه في البيع الإيجاري أوالإيجار السائر للبيع يتفق المتعاقدان على أن يؤجر أحدهما للآخر شيئا فيلتزم الثاني بدفع أجرة معينة على أن يتملك الشيء المأجور بعد وفائه بأقساط الأجرة ويلاحظ أن البيع الإيجاري إذا تخلف المشتري "المستأجر" عن دفع قسط الأجرة فإنه عليه رد الشيء المستأجر مع احتفاظ المؤجر "البائع" بالأقساط التي قبضها باعتبارها أجرة لإيجار أو كتعويض عن فسخ العقد،وهذا التكييف يعتبر العقد بيعا وإيجارا في آن واحد وهو أمر مرفوض إذ لا مناص من إعطائه أحد الوصفين ولذلك قد اختلف الفقه حوا هذه المسألة كثيرا إلا أن الرأي الراجح هو اعتبار هذا العقد هو عقد بيع معلق على شرط واقف هو وفاء المشتري بالثمن المؤجل في الميعاد المحدد أو الوفاء بكل الأقساط في الآجال المتفق عليها

♦ أما عن عقد بيع الثمار والمحاصيل حيث يتفق المالك مع طرف آخر على إعطاء هذا الأخير حق الحصول على ما ينتجه الشيء المملوك له من ثمار وحاصلات في مقابل مبلغ نقدي فهل هذا العقد بيع لهذه الثمارو المحصولات؟ أم إيجار بمنافع الشيء على اعتبار أن الثمار والمحصولات من منافع الشيء الأصلي؟

نفرق بين الثمار والمحصولات:

فالثمار ما يتولد عن الشيء في مواعيد دورية دون المساس بجوهر الشيء الأصلي كالمزروعات أما المحصولات فليس لها صفة كأشجار الغابة وأحجار المناجم وبما أن الإيجار يلزم المستأجر برد العين المؤجرة إلى حالتها التي تسلمها بها فإن العقود التي يكون محلها استخراج المحصولات تعتبر بيعا لتلك الحاصلات أما الثمار فقد تكون محلا للبيع إذا كان المقابل النقدي إجماليا وليس أقساطا دورية أو كان العقد واردا على بعض الثمار أما إذا كان المقابل النقدي مستحق بصفة دورية في فترات زمنية محددة ولم تكن نفقات الزراعة على صاحب الأرض فإن العقد يعتبر إيجارا،ويبقى دور القاضي "الموضوع المدني " في الترتيب واردا إذا تنازع الطرفان.

2- البيع والمقاولة

المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يضع شيئا أو يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر،يجوز فيها أن المقابل يكون أجرا ومثلا: المادة 495 ق.م، ولا صعوبة تذكر في التفرقة بين البيع والمقاولة إذا اقتصر عمل المقاول على تقديم عمله وقام رب العمل في تقديم المادة التي يستخدمها المقاول،إنما تصعب التفرقة إذا التزم المقاول بتقديم العمل والسلعة معا كصانع الأثاث فيرى بعض الفقهاء في فرنسا أنه عقد مختلط غير أن الرأي السائد فقها وقضاء هو إعطاء العقد وصفا واحدا بحسب المادة التي يقدمها المقاول،فإذا قدم صانع الأثاث الأخشاب والأقمشة اللازمة فالعقد يعد مبيعا للأشياء المستقبلية، أما إذا كانت المواد من رب العمل فيعتبر العقد مقاولة وتظهر أهمية التفرقة في تطبيق أحكام عقد البيع أو عقد المقاولة على الاتفاق المطروح في أحكام المسؤولية على العيوب.

3 - البيع والوكالة

الوكالة أو الإنابة هي عقد يفوض في مقتضاه شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل ولاسمه 571 ق.م وتثور الصعوبة بين البيع والوكالة إذا لم يكن قصد المتعاقدين واضحا كأن يسلم تاجر الجملة البضاعة إلى تاجر التجزئة لبيعها إلى عملائه بثمن محدد ويحاسب تاجر الجملة بعد ذلك مقابل عمولة معينة (وكالة بعمولة) فنكون بصدد وكالة لا بيع وقد يتفق الطرفان على بيع السلعة ونقل ملكيتها إلى تاجر التجزئة الذي يكون له في التصرف فيها لحسابه هو وبأي ثمن يريد فنكون إزاء عقد بيع وتظهر أهمية التفرقة في كون الوكالة عقد من عقود الأمانة فيعاقب الوكيل المبدد (تاجر التجزئة) بعقوبة خيانة الأمانة وليس كذلك عقد البيع ولو هلكت السلعة تحت يد تاجر التجزئة الوكيل دون تقصير منه يتحمل تبعة هذا الهلاك بائع الجملة الموكل التبعة بخلاف ما لو كان العقد بيعا.

الفقرة الثانية: تمييز عقد البيع كعقد ناقل للملكية بمقابل نقدي

من خلال هذه الفقرة سنعمل على تمييز عقد البيع عن كل من عقد المقايضة وعقد الهبة.

أولا: البيع والمقايضة

يميز عقد البيع عن المقايضة في كون عقد البيع فيه نقل الملكية للشيء المبيع بمقابل ثمن نقدي يدفعه المشتري للبائع , بينما في عقد المقايضة يتم فيه نقل الملكية عن طريق مقايضة شيء بشيء .

فإذا تعاقد أحد الأشخاص مع شخص آخر على نقل ملكية أحد العقارات مقابل أحد شيئين يختاره المتعاقد الآخر كأن يكون أحدهما مبلغا من النقود والآخر عقار آخر , فإذا اختار أن يبادل العقار بالعقار كان العقد مقايضة , وإذا اختار أن يبادل العقار بالنقود كان العقد بيعا .

ولكن المسألة قد تدق في التمييز عندما ينقل أحد الأشخاص ملكية داره لآخر مقابل أوراق مالية أو سبائك ذهبية , فهل يعتبر هذا العقد مقايضة أم بيعا ؟ .

إن الرأي يتجه إلى اعتباره عقد مقايضة لأن الأوراق المالية أو السبائك الذهبية رغم معرفة قيمتها نقدا بمجرد عرضها في الأسواق إلا أن العبرة ليست بمعرفة سعر أو قيمة هذه الأشياء بمجرد عرضها في الأسواق وإنما في طبيعتها وقت إبرام العقد وهي ليست بنقود .

ثانيا: البيع والهبة.

الهبة هي تمليك بلا عوض يقول ابن عرفة"الهبة لا لثواب تمليك ذي منفعة لوجه المعطى بغير عوض". ومن خلال هدا التعريف نلاحظ أن الهبة تشبه البيع في نقل الملكية وتختلف عنه في المقابل النقدي فالهبة تتم دون مقابل. لكن قد تنعقد الهبة بمقابل نقدي مما يجعلها تشبه البيع،وللتمييز بين إذا ما كان هذا التصرف بيعا أو هبة فإن الفقه ينظر إلى (المقابل) فإذا كان هذا المقابل يقترب أو يساوي أو يفوق قيمة الشيء محل العقد فالعقد بيع وإذا كان المقابل لا يتناسب إطلاقا وقيمة الشيء لأن يقل عنه كثيرا فالعقد هبة ولكن يجب توفر نية التبرع لدى الواهب.

وقد تستتر الهبة في صورة البيع فيكون العقد الظاهر البيع وهو ما لم يقصده الطرفان ويكون العقد المستتر الهبة وهو مقصود الطرفان فتسري على هذا التصرف أحكام الصورية سواء بالنسبة للعاقدين أو الغير وتبقى المحكمة المختصة هي صاحبة النظر في النزاع المعروض

المبحث الثاني: عناصر عقد البيع وآثاره

ضمن هذا المبحث سنعرض للعناصر المتطلبة في تكوين العقد بالإضافة للآثار المترتبة عن انعقاده وذلك في مطلبين اثنين.

المطلب الأول: عناصر عقد البيع

في هذا المطلب سنتطرق لعناصر العقد وهي التراضي والمحل والثمن.

الفقرة الأولى: التــــــراضي

البيع عقد رضائي في القانون المصري والفرنسي حيث يتم بمجرد التراضي دون حاجة إلى إتباع شكلية ما،سواء كان المحل منقولا أو عقارا.

أما في القانون المغربي فهو أيضا عقد رضائي إذا كان محله منقولا ولكنه عقد شكلي إذا كان محله عقارا استنادا إلى المادة 489 التي تنص على ما يلي:" إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ولايكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون".كما أن الرسمية تضع بين يدي المشتري والبائع سندا قابلا للتنفيذ ولإجراء الشهر بموجبه دون الحاجة إلى حكم لتنفيذه .

الفقرة الثانية : المحــــــل في عقـــــد البيـــــع أو المبيع.

محل أي عقد هو العملية القانونية ، أي أنه يتم صب الشيء المتفق على نقل ملكيته في قالب قانوني أي الالتزامات التي يراد إنشائها سواء التزام البائع بنقل الملكية والتزام المشتري بدفع الثمن. ويشترط في المحل بصفة عامة أربعة شروط أن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام أوالآداب العامة ،أن يكون ممكنا غير مستحيل استحالة مطلقة وان يكون معينا بذاته أو بنوعه أو قابلا للتعين وأن يعلم المشتري بالمبيع علما كافيا .

الفقرة الثالثة: الثمن

الثمن ركن جوهري وهو المقابل بالنسبة للمبيع ويشترط فيه أن يكون محددا لا شك فيه ولا غموض، وقد يتم تحديده بمجمله بما في ذلك الربح إلا أنه قد يحدد كرأسمال  والربح في نسبة مئوية.والثمن يؤدى بالعملة الوطنية لأن ذلك من النظام العام.

المطلب الثاني: آثار عقد البيع

المقصود بآثار عقد البيع هو التزامات كل من البائع والمشتري الناتجة عن هذا العقد .

حيث إن التزامات البائع تتمثل في الالتزام بتسليم الشيء المبيع والالتزام بضمانه كما جاء في المادة 498 من ق.ل.ع. أما التزامات المشتري فتتمثل في الالتزام بدفع الثمن والالتزام بتسلم المبيع.

الفقرة الأولى: التزامات البائع

أولا: الالتزام بتسليم الشيء المبيع

حق الملكية من الحقوق العينية التي ينقلها البائع للمشتري بمجرد انعقاد العقد صحيحا، ويعتبر الالتزام بنقل ملكية الشيء المبيع هو أول التزام يقع على عاتق البائع بمجرد إبرام العقد ، وقد نص المشرع في الفصل 499 من ق.ل.ع على مايلي :"يتم التسليم حينما يتخلى البائع أو نائبه عن الشيء المبيع ويضعه تحت تصرف المشتري حيث يستطيع هذا الأخير حيازته بدون عائق.

ويقتضي موضوع التسليم التعرف على طرقه وأحكامه ثم مشتملا ته.

1-   طرق التسليم:

نص المشرع على طرق التسليم في الفصل 500 من ق.ل.ع حيث يتبين من هذا النص أن التسليم يتم إما بصورة فعلية أو رضائية أو بالوثائق.

-       التسليم الفعلي:

هو الذي يقع بالنسبة للأشياء المادية كالمنقول والعقار،حيث إن المنقولات تسلم فغليا عن طريق المناولة من يد البائع إلى يد المشتري.أما في العقار فيتم التسليم فعليا بتخلي البائع عنها وإخلائها وتمكين المشتري منها.

-       التسليم الرضائي:

أقر المشرع طريقة التسليم بتراضي الطرفين بمثابة التسليم الفعلي فإذا ما اتفق البائع والمشتري على وقوع التسليم فإن اعترافهما دليل على التسليم الفعلي حيث جاء في الفصل 500 من ق.ل.ع"يتم التسليم ولو بمجرد رضى الطرفين إذا كان سحب المبيع من يد البائع غير ممكن وقت البيع أو كان المبيع موجودا من قبل في يد المشتري على وجه آخر"

2-   أحكام التسليم:

الأصل أن التسليم يتم بالمكان الذي يوجد به المبيع وهذا المبدأ الذي أقره المشرع في الفصل 502 من ق.ا.ع لا يمنع الأطراف على الاتفاق على خلافه ولا يلزم البائع بتسليم المبيع مالم يتوفي حقه من الثمن إلا في ثلاث حالات أوردها المشرع في الفصل 506 من ق.ا.ع " -إذا رخص البائع لأحد من الغير في قبض الثمن.

-إذا قبل البائع إنابة عن الغير من أجل استيفاء الثمن.

-إذا منح البائع للمشتري أجلا للوفاء بالثمن"

في هذ الفرضيات الثلاث يلزم البائع بتسليم المبيع إلا أن هذا الحكم ترد عليه استثناءات أوردها المشرع في الفصل507 من ق.ا.ع فالبائع لايجبر على تسليم المبيع ولو منح أجلا للوفاء بالثمن في ثلاث حالات.

-       إذا أعسر المشتري بعد البيع.

-       إذا كان المشتري مفلسا بالفعل عند البيع بدون علم البائع.

-       إذا أنقص المشتري الضمانات التي التزم بتقديمها لضمان الوفاء بالثمن إذا كان ذلك يعرض حقوق البائع لخطر الضياع.

3-    مشتملات التسليم:

القاعدة أن البائع والمشتري يتفقان في العقد على تحديد الميبع تحديدا تاما وقد اعتبر المشرع المغربي في الفصل 517 من ق.ا.ع بيع الأراضي شاملا لما يوجد عليها من مبان وأشجار ومزروعات ما لم يتفق على خلافه وبيع  العقار يشمل العقار الأصلي والعقار بطبيعته والعقار بالتخصيص.

ثانيا: الالتزام بالضمان

ينحصر هذا الالتزام في أمرين اثنين وهما الالتزام بضمان الاستحقاق والالتزام بضمان العيوب الخفية.

1- ضمان الاستحقاق: يجب على البائع أن يضمن للمشتري الحيازة والانتفاع الهادئ بالشيء المبيع فلا يتعرض له هو شخصيا في هذا الانتفاع، كما يضمن التعرض الصادر عن الغير.

وهكذا يكون ضمان التعرض الشخصي بأن يمتنع البائع عن إتيان أي فعل من شأنه أن يعرقل انتفاع المشتري انتفاعا هادئا بالمبيع، أمّا ضمان التعرض من الغير فيقصد به أن يدفع البائع أي عرقلة من الغير تحول دون انتفاع المشتري بالمبيع

أما ضمان الاستحقاق فهو أن يضمن البائع للمشتري تدخله في الخصومة أو أن يحل محله فيها إذا رفعت دعوى استحقاق بنزع ملكية المبيع كله أو بعضا منه من تحت يد المشتري عن طريق حكم قضائي.

2- ضمان العيوب الخفية:

 يضمن البائع للمشتري ما يقد يظهر في المبيع أو في ملحقاته من العيوب الخفية التي تحول دون الانتفاع بالمبيع. والعيوب قد تؤثر على المبيع إما بنقص قيمته، أو بنقص منفعته، كما يكون العيب ناتجا عن عدم وجود صفة معينة في المبيع تعهد البائع وجودها ممّا يجعل

المشتري يعزف عن هذا الشيء أي يصبح غير مرغوب فيه لديه

وهكذا نص المشرع في الفصل  من 549ق.ل.ع على ما يلي:"يضمن البائع الشيء التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا أو التي تجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العد أما العيوب التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو الانتفاع أو تلك التي جرى العرف على التسامح فيها فلا يجوز الضمان.

ويضمن البائع أيضا وجود الصفات التي صرح بها أو التي اشترطها المشتري."

غير أن البائع لا يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم بها وقت البيع، أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو أنه أخفاها غشا عنه.

الفقرة الثانية: التزامات المشتري

تتمثل التزامات المشتري في الالتزام بدفع الثمن والالتزام بتسلم المبيع.

أولا: الالتزام بدفع الثمن

هو الالتزام الأساسي للمشتري المقابل لالتزام البائع بنقل الملكية ، ويلتزم المشتري بدفع الثمن المتفق عليه في العقد وفقا لما ورد في العقد من شروط . ويكون ثمن المبيع مستحقا في الوقت الذي يقع فيه تسليم المبيع إذا لم يتفق طرفي العقد على غير ذلك أو لم يوجد عرف يقضي بخلاف ذلك حسب المادة 578 من ق.ل.ع.التي تنص على أنه:"إذا جرى العرف على أن يحصل أداء الثمن داخل أجل محدود أو في أقساط معينة افترض في المتعاقدين أنهما ارتضيا اتباع حكمه ما لم يشترطا العكس صراحة" أما مكان دفع الثمن فهو حسب الاتفاق بين طرفي العقد فإذا لم يوجد اتفاق بينهما ولم يوجد عرف يقضي بتحديد مكان دفع الثمن فإن مكان الدفع يكون في مكان تسليم المبيع.

وتجدر الإشارة إلى أن الثمن يجب أن يكون نقدا وأن يكون مقدرا أو قابلا للتقدير وأن يكون جديا.

ثانيا: الالتزام بتسلم المبيع

هذا الالتزام هو مقابل لالتزام البائع بالتسليم، ويقصد به وضع المشتري يده فعلا على الشيء المبيع، وحيازته حيازة حقيقية. أما بالنسبة لنفقات التسلم مثل انتقال المشتري إلى مكان التسليم، ونفقات نقل المبيع إلى مقر المشتري إذا كان من المنقولات فهي تقع على عاتق المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق بين طرفي العقد يقضي بخلاف ذلك

----------------------------------------------------------------------

محمد حسنين:عقد البيع في القانون المدني الجزائري-الطبعة الثالثة-ديوان المطبوعات الجامعية-الجزائر1990-ص2.(1)

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات