القائمة الرئيسية

الصفحات

خصوصيات مساطر صعوبات مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها

خصوصيات مساطر صعوبات مؤسسات الائتمان  والهيئات المعتبرة في حكمها

خصوصيات مساطر صعوبات مؤسسات الائتمان  والهيئات المعتبرة في حكمها
خصوصيات مساطر صعوبات مؤسسات الائتمان  والهيئات المعتبرة في حكمها



المقدمة

يعد مجال المال والأعمال من أهم المجالات التي صارت معها النصوص القانونية مطبوعة بسمة تقنية تحصل من الحداثة الشيء الدام. وبذلك لا يمكن الحديث عن مجال الأعمال من الجانب القانوني دونما الاستعانة بعلم الاقتصاد، فهناك علاقة وطيدة بين مضمون القانون والاقتصاد، وهذا الأخير يستبد القانون ويلحق به القانون فيما بعد بالتعديلات الجديدة، ومنها هنا لابد لنا من الحديث على الاقتصاد القانوني.
ونظرا لما عرفه المشرع من تطور وظهور قانون الشركات التجارية توجه المشرع المغربي في سنة 1996 بنظام معالحة صعوبات المقاولة حيث هجر المغرب نظام الإفلاس، هذا النظام الذي اعتمد على مناهج اقتصادية ونظام علمي مدقق حيث أنه يهتم بالمقاولة وبعدها الطبقة الشغيلة وأخيرا الدائنين وهذا على عكس ما كان عليه الأمر في نظام الإفلاس هذا الأخير كان نظاما للدائنين ونظام صعوبات المقاولة نظاما بالدائنين.
وعلى هذا الأساس يجب على كل مقاولة أن تقوم بذاتها بوقاية داخلية وأخرى  خارجية وعند الفشل نصل إلى المعالجة. ونظام صعوبات المقاولة  يطبق على كل تاجر وشركة تجارية توقفت عن سداد ديونها، ومؤسسات الائتمان تعتبر من الشركات التجارية، لكنها لم تخاطب بنصوص الكتاب الخامس من مدونة التجارة وهذا الاقتصاد نجد سنده في المادة 85 من قانون 34.03 الصادر في 2006، ومؤسسات الائتمان هي الأشخاص المعنوية التي تزاول نشاطها في المغرب أيا كان مقرها الاجتماعي أو جنسية المشاركين في رأسمالها، والتي تحترف بصفة اعتيادية نشاطا واحدا أو أكثر من الأنشطة التالية:
-تلقي الأموال من الجمهور –عمليات الائتمان...

وهذه المؤسسات لا تخضع لنظام صعوبات المقاولة بل تخضع لنظام خاص وذلك من خلال إجراءات وقائية مأخوذة من اتفاقية بازل إلى جانب فرض رقابة دقيقة وكل هذا في مرحلة  الوقاية أما في مرحلة المعالجة فتكون هناك مرحلة إدارية أو تصفية إدارية وأهمية الموضوع تتجلى في تعدد الحقوق القانونية مثل مدونة التجارة وقانون الشركات وقانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والأهم من ذلك هو الوصول إلى القواعد الجديدة التي استعملها المشرع المغربي في مؤسسات الائتنمان ولم تستعمل فيي نظام صعوبات المقاولة، ومن خلال ما تقدم يمكن لنا طرح الإشكال الأساسي وهو ما هي الخصوصيات التي تمتاز بها مؤسسات الائتمان في نظام الصعوبات؟ وإلى أي حد استطاع المشرع المغربي تجاوز نظام صعوبات المقاولة؟ للإجابة عن هذا الإشكال سنعلن عن التصميم التالي:
المبحث الأول كمرحلة الوقاية من صعوبات مؤسسات الائتمان، المبحث الثاني: مرحلة المعالجة من صعوبات مؤسسات الائتمان.

المبحث الأول: مرحلة الوقاية من صعوبات مؤسسات الائتمان


يعتبر النظام البنكي متوقعا أساسا في إطار قواعد القانون الاقتصادي، ويرتبط بتقنيات متطورة، لذا فهو يعرف تحولا سريعا بالمقارنة مع القواعد القانونية التي تعرف الاستقرار، وهذا ما يجعل المؤسسة البنكية معرضة لمخاطر عدة ولمشاكل تصعب حلها وقد تؤدي بحياتها.
والنظام البنكي المغربي انفتح منذ مدة على المحيط الدولي، وعرف تطورا دقيقا في الآليات المستعملة والتقنيات المعتمدة في داخل البنوك والقاعدة المعروفة في البنوك أن كافة معاملاتها تبقى نسبة في النجاح لأن المخاطر تزداد بتزايد الأنشطة لذا يمكننا القول بأن العمل البنكي يعرف صعوبات ومخاطر الأمر الذي يستلزم تحديد هذه المخاطر وتحديد معايير الاحتراز المأخوذ به في النظام البنكي المغربي (المطلب الأول) و(المطلب الثاني) نتركه للرقابة المطبقة في مؤسسات الائتمان.

المطلب الأول: مخاطر ومعايير الاحتراز داخل مؤسسات الائتمان

إن ازدياد الخدمات البنكية المقدمة من قبل الأبناك وتنوعها وازدياد تعقد العمليات البنكية[1] يؤدي حتما إلى ارتفاع المنافسة وعند ازدياد هذه الأخيرة فإن المؤسسة المالية تعرض نفسها لأضرار احتمالية، لذا يمكن القول بأن هذه المخاطر يجب أن تكون محددة من قبل الاقتصاديين حتى يتم تداركها في المستقبل وفي نفس الوقت فإن الأبناك تضع عدة معايير قد تعترضها من خلال ما تقدم سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين (الفقرة الأولى) مفهوم وأنواع المخاطر التي تهدد مؤسسات الائتمان أما (الفقرة الثانية) سنخصصها لمعايير الاحتراز المطبقة في مؤسسات الائتمان.

الفقرة الأولى: مفهوم وأنواع المخاطر التي تهدد مؤسسات الائتمان 

كما نعلم بأن عملية التعريف تعد من أصعب العمليات المرتبطة بالانتاج المعرفي، وذلك لتعرضها لتطورات الزمان والمكان لذا تم منح هذه المهمة للفقهاء ومن بين التعريفات المتوصل إليها  هي: تعريف (Joel Basis) المخاطرة بأنها تمثل الآثار غير المواتية على الربحية الناتجة عن العديد من عوامل عدم التأكد وأن قياس المخاطر يتطلب الوقوف على تأثير الأصول غير المواتية التي تتم في ظل ظروف عدم التأكد على الربحية[2].
وإلى جانب هذا التعريف نجد تعريف آخر وهو ينص على أن "المخاطر هي احتمال وقوع حدث يؤثر سلبا على السير العادي للمؤسسة وخصوصا على إنتاجها وبالتالي على الربح الذي تتوخاه"[3].
ويجب الإشارة إلى أن قانون 1993 المتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها أو القانون البنكي الحالي 34.03 الصادر في 2006 لم يقم بتحديد مفهوم المخاطر واكتفى القانون بالإشارة إلى المصطلح بشكل عام من خلال المواد 51 و52 من قانون 34.03[4].
وتمتاز المخاطر البنكية بعدة خصائص من بينها خاصية التعقيد وخاصية الخطورة وأيضا المباغثة وأخيرا الاحتمالية.
وأيضا فإن المخاطر الموجودة في مؤسسات الائتمان فهي تمتاز بطابع خاص وهو إدراجها في العمل الاقتصادي لذا فهي عدة أنواع وليست نوعا واحدا فالاقتصاديين يقسموها إلى مخاطر مالية وهذه الأخيرة تنقسم إلى مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة وأيضا مخاطر أسعار الصرف ولا ننسى مخاطر أسعار الفائدة.
وإلى جانب هذه الأنواع نجد مخاطر أخرى مثل مخاطر التشغيلة وأخرى مخاطر قانونية.

الفقرة الثانية: المعايير الاحترازية المطبقة في مؤسسات الائتمان

إن العمليات البنكية ترتكز في مضمونها على فن إدارة المخاطر وهذا الفن يقوم بتحديد عدة معايير واضحة للتحوط والاحتراز من الوقوف في صعوبات تكون ناتجة عن العمليات المطبقة في مؤسسات الائتمان والمعايير التي تم الأخذ بها في ظل مؤسسات الائتمان هي معايير دولية في إطار اتفاقيات ومقررات وكانت هذه الأخيرة محل تعديل مواكب لتطورات الاقتصادية ومن بين المقررات نجد اتفاقية بازل الأول والمطبقة سنة 1974 من طرف محافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرة[5].
ومن بين أسباب إنشاء هذه اللجنة هي تفاقم أزمة المديونية الخارجية للدول النامية وازدياد نسبة الديون المشكوك في تحصيلها[6].
وهذه اللجنة تركز على المخاطر الائتمانية، أيضا تهتم بنوعية الأصول وكفاية المخصصات الواجب تكوينها إلى جانب ارتكاز هذه الاتفاقية على مبدأ معدل كفاية رأس المال الذي يتكون بحسبها من شريحتين: الأولى تمثل  رأس المال الأساسي، والثانية تمثل رأس المال المساند أو التكميلي والأمر لم ينتهي بل وصل التطور إلى اتفاقية أخرى وهي اتفاقية بازل الثانية وبازل الثالثة.
إن كانت هذه المعايير جاءت من الخارج وبالتالي هل مؤسسات الائتمان في المغرب تلتزم بهذه المعايير؟ يجب على مؤسسات الائتمان التقيد بالقواعد الاحترازية والمحاسبية وذلك من خلال معامل أدنى سبق لوزير المالية أن حدد ذلك المعامل في ظل قانون 1967 الصادر في 25 مارس 1969 ونسبة المعامل حددت في 5% وتم رفعها إلى 8%[7]. أيضا فرض على المؤسسات المالية التقيد بواجب اليقظة.

المطلب الثاني: الرقابة المعمول بها ضمن مؤسسات الائتمان وكفاءتها

أصبحت المؤسسات البنكية تلعب دورا هاما في الاقتصاديات الوطنية اعتبارا لكونها إحدى الدعامات الأساسية لبناء هذه الاقتصاديات وذلك لمساهمتها في بناء وتطوير مختلف قطاعات الاقتصاد، وخلق المحيط المناسب للتنمية الاقتصادية وتعبئة جميع المواد اللازمة لذلك بالإضافة إلى ارتباطها بجل الهيئات والقطاعات الأخرى داخل وخارج الدولة مما يجعل هذه المؤسسات ذات طبيعة حساسة تؤثر في المنظومة الاقتصادية ككل، تأسيسا على كل ذلك سنظهر أهم الهيئات التي خول لها المشرع البنكي إمكانية ممارسة الرقابة على النشاط البنكي بغية تجنب المخاطر والصعوبات (الفقرة الأولى) كما سنركز على بنك المغرب (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الهيئات المخول لها الرقابة على مؤسسات الائتمان

لقد خول المشرع المغربي مهمة الرقابة هيئات استشارية ونجدها تنقسم إلى هيئات ذات طابع نظامي رسمي وأخرى ذات طابع مهني جمعوي، الأول نجد من بينها المجلس الوطني للائتمان والادخار سند هذا المجلس هو المادة 18 من قانون 34.03.
أيضا نجد لجنة أخرى وهي مؤسسات الائتمان وسندها المادة 19 من قانون 34.03 حيث تنص "تحدث لجنة تسمى مؤسسات الائتمان يستطيع رأيها وإلى بنك المغرب في كل مسألة ذات طابع عام أو فردي لها علاقة بنشاط مؤسسات الائتمان والهيئات الأخرى المعتبرة في حكمها...
وتقوم اللجنة كذلك بجميع الدراسات المتعلقة بنشاط مؤسسات الائتمان ولاسيما بعلاقاتها مع العمليات وبإعلام الجمهور". ونجد أيضا اللجنة التأديبية لمؤسسات الائتمان[8]. أما الثانية فنجد يدخل ضمنها المجموعة المهنية لبنوك المغرب وتقوم بدور رقابي وآخر تأطيري واستشاري ودفاعي[9]. وكذلك نجد لجنة التنسيق بين أجهزة القطاع المالي.
وكل هذه الهيئات تقوم بدور رقابي داخل مؤسسات الائتمان ولكن هناك هيئات أخرى تقوم بدور التقرير ويدرج في إطارها وزير المالية وبنك المغرب باعتباره أعلى مؤسسة بنكية تقوم بمراقبة كافة البنوك الموجودة في التراب الوطني.

الفقرة الثانية: بنك المغرب موقعه في مؤسسات الائتمان

لقد أصبح بنك المغرب يتصدر مكنة جد متقدمة في منظومة الرقابة على الأنشطة والعمليات التي تمارسها مؤسسات الائتمان، إذ منحه القانون 34.03 اختصاصات واسعة بالمقارنة مع ما كان يسنده له القانون البنكي القديم.
وعرف بنك المغرب مجموعة من التطورات والتغييرات على المستوى القانوني والتنظيمي لذا سنحدد أهم السلطات المخولة له (أولا) ونحدد سلطة تتبع تسيير مؤسسات الائتمان (ثانيا).

أولا: سلطة تنظيم القطاع البنكي

يعتبر بذلك المغرب هو المخول لمنح ترخيص ممارسة النشاط البنكي وذلك من خلال توفر عدة شروط قانونية مدرجة في المادة 27 من قانون 34.03 وأيضا شروط أخرى متطلبة في المؤسسة والأشخاص والبنك يمارس نشاطه في ظل شركة مساهمة[10] ولا يكفي أن تتخذ مؤسسة الائتمان شكل شركة مساهمة بل خصصها القانون البنكي بأحكام خاصة تعد أكثر حرصا وذلك من ناحية التسيير والرقابة وفرض بنك المغرب شروط أخرى وهي شروط اقتصادية.
وبنك المغرب يعتبر هو المتحكم في السوق النقدية من خلال تحديد الاحتياطي النقدي وتنظيم أسعار الفائدة[11].

ثانيا: سلطة تتبع وتسيير مؤسسات الائتمان

لقد جاء المشرع المغربي ووسع من نطاق المراقبة غير المباشرة وذلك عبر استحداث قواعد قانونية جديدة تتلاءم والمعايير الدولية المعمول بها في المجال البنكي.
ومن أهم هذه الأساليب الرقابة الذاتية لمؤسسات الائتمان نجدها في ظل المادة 51 من قانون 34.03 وهذه الرقابة الذاتية تتمثل في التحقق من العمليات والمساطر الداخلية والتحقق من الجهاز الإداري وجهاز التسيير أيضا الافتحاص الداخلي ومراقبة التقيد بالقوانين وأسلوب آخر هو مراقبة الوضعية المحاسبية[12].
من خلال ما سبق بعد الانتهاء من مرحلة الوقاية المعمول بها في مؤسسات الائتمان فإن هذه الأخيرة أيضا لها معالجة لكن هل تشبه المعالجة المعمول بها في نظام صعوبات المقاولة لذا هو موضوع النقطة الموالية.

المبحث الثاني: مرحلة المعالجة من صعوبات مؤسسات الائتمان


كما نعلم أن المقاولة تتم معالجتها عن طريق التسوية القضائية وذلك باعتماد مخطط الاستمرارية والتفويت، وأحيانا لا بل غالبا فإن الصعوبات التي تتعرض لها المقاولة تؤدي إلى إنهائها بالتصفية القضائية[13].
وكل هذه الإجراءات تأتي بعد فشل الوقاية بشقيها الداخلية والخارجية وفلسفة المشرع المغربي وراء تبني مساطر المعالجة تهدف إلى الحفاظ على المقاولة ولكن المشرع استثنى خضوع مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها من الخضوع لمساطر الوقاية وأيضا حتى المعالجة باستثناء التصفية وبالعودة إلى القانون البنكي الصادر في 2006 المادة 85 منه نجدها تنص: (لا تخضع مؤسسات الائتمان لمساطر الوقاية ومعالجة صعوبات المقاولة...).
تأسيسا على ما سبق فإن المشرع المغربي اعتمد أساليب مغايرة لأساليب نظام صعوبات المقاولة ومن بينها أسلوب الإدارة الوقتية[14].
وهذه الإدارة المؤقتة فإنها تحل محل مساطر المعالجة القضائية الموجودة في نظام صعوبات المقاولة ولكن المشرع المغربي لم يتخل عن نظام التصفية القضائية في الحالة التي تكون فيها وضعية مؤسسات الائتمان مختلة بشكل لا رجعة فيه بناء على ما سبق سنخصص (المطلب الأول) الإدارة المؤقتة لمؤسسات الائتمان و(المطلب الثاني) تطبيق نظام صعوبات المقاولة وحدود خضوع مؤسسات الائتمان له.

المطلب الاول: الإدارة المؤقتة لمؤسسات الائتمان

تعد مسطرة الإدارة المؤقتة من الآليات القانونية التي نص عليها المشرع المغربي في قانون 34.03 وذلك من أجل معالجة المؤسسة المالية من الصعوبات ونظرية الإدارة المؤقتة هي من ابتداع القضاء الفرنسي[15]، وهذه المؤسسة (الإدارة المؤقتة) تعد من الآليات التي يراهن عليها المشرع المغربي في القطاع البنكي من أجل تصحيح ومعالجة أوضاع مؤسسات الائتمان التي قد تجد نفسها أمام صعوبات ذات طبيعة هيكلية أو مالية من شأنها أن تهدد وجودها عبر شل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها إزاء دائنيها والمتعاملين معها.
إذن سنحدد العوامل المتحكمة في تحريك مسطرة الإدارة المؤقتة وذلك من خلال الشروط التي على أساسها يتم ذلك (الفقرة الأولى) وبعدها سنهتم بالأدوار الممنوحة للمدير المؤقت (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: شروط فتح مسطرة الإدارة المؤقتة لمؤسسات الائتمان

 بالعودة إلى المادة 86 من قانون 34.03 نجدها تنص على أنه (يتولى المغرب تعيين المدير المؤقت في الحالات المنصوص عليها في المادة 62) ولكي تتم فتح هذه المسطرة لابد من توفر مؤسسات الائتمان على عدة شروط من بينها ما هو موضوعي (أولا) ومنها ما هو شكلي (ثانيا).

أولا: الشروط الموضوعية لفتح مسطرة الإدارة المؤقتة

لفتح المسطرة لابد من توفر مؤسسات الائتمان على الصفة وهذه الصفة تتمثل في اتخاذ مؤسسات الائتمان شكل شركة مساهمة، المادة 28 من قانون 34.03 لا يجوز أن تؤسس مؤسسات الائتمان الموجودة مقارها الاجتماعية بالمغرب إلا في شكل شركة مساهمة ذات رأسمال ثابت باستثناء المؤسسات التي حدد لها القانون نظاما أساسيا خاصا[16].
أيضا يجب على مؤسسة الائتمان أن تمارس الأنشطة المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون 34.03 ومن بينها (عمليات الائتمان –وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملات أو القيام بإدارتها...).
ويوحد شرط موضوعي آخر وهو الحصول على رخصة الاعتماد المادة 27 من قانون 34.03.
ولابد من وجود اختلال في وضعية مؤسسات الائتمان سواء في أجهزة المؤسسة المادة 62 من قانون 34.03 واختلال في الوضعية المالية المادة 59 من قانون 34.03[17].

ثانيا: الشروط الشكلية لفتح مسطرة الإدارة المؤقتة

إلى جانب الشروط الموضوعية، فقد أخضع المشرع البنكي تحريك مسطرة الإدارة المؤقتة لمجموعة من الشروط الشكلية، ومن بين هذه الشروط لابد من صدور مقرر بتعيين المدير المؤقت حسب المادة 86 من قانون 34.03 والجهة المخول لها التعيين هي والي بنك المغرب.
ولابد من أن يتم تبليغ مقرر التعيين إلى المدير ونشره لكن المشرع المغربي لم يحدد طريقة التبليغ وهذا يطرح إشكالا؟ ولابد لإعلام الأغيار المتعاملين مع مؤسسة الائتمان المعنية والمشرع بدوره هنا لم يحدد لنا آجال نشر المقرر وهذا عكس ما نجده في المادة 569 من المدونة التجارية.

الفقرة الثانية: الأدوار الممنوحة للمدير المؤقت

ما يميز مؤسسات الائتمان عن باقي شركات المساهمة الأخرى، التي تزاول أنشطة لا تخضع لترخيص مسبق ولابد من احترام شروط الإدارة والتسيير ومن بين الصلاحيات المخولة للمدير المؤقت هي صلاحية المدير الإدارة المادة 89 من قانون 34.03 ويمارس المدير صلاحية الإدارة الممنوحة للسنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة[18].
وصلاحيات الإدارة التي يمارسها المدير تنقسم إلى صلاحيات اقتصادية المادة 87 من قانون 34.03 وتندرج في ضمن الصلاحيات الاقتصادية إعداد المدير تقرير تشخيصي لوضعية المؤسسة واقتراح الحل الملائم لتذليل الصعوبات وإلى جانب الصلاحيات الاقتصادية هناك صلاحيات أخرى وهي قانونية وتتمثل في التقيد بالالتزامات القانونية والتعاقدية لمسير مؤسسات الائتمان أيضا حماية أصول المؤسسة[19].
ولا ننسى أن لكل دور مسؤولية فالمدير المؤقت بدوره يتحمل مسؤولية الإخلال بالالتزامات المفروضة عليه سواء في الشق المدني أو الجنائي.
والمشرع المغربي لم يحدد لنا المسؤولية المدنية في ظل القانون البنكي بل إنه يتم العودة إلى القواعد العامة حيث يترتب على المدير مسؤولية اتجاه المؤسسة المالية في شق تعاقدي أو تقصيري، وهذا يشكل مشكل لأنه لا نعلم أي شقسيطبق على المدير.
أيضا يكون المدير مسؤولا عن اتجاه الأغيار نظرا للأفعال التي لم تكبدها[20].
والمدير يتحمل إلى جانب المسؤولية المدنية أخرى جنائية في ظل جريمة خيانة الأمانة الفصل 550 من القانون الجنائي المغربي.

المطلب الثاني: تطبيق نظام صعوبات المقاولة وحدود خضوع مؤسسات الائتمان

عند التمعن في نصوص القانون البنكي نجد أن المشرع المغربي اعتمد تقنيات اقتصادية ومالية لحماية المؤسسة المالية ويبرر ذلك من خلال المادة 85 من قانون 340.3 ولعل ما جعل المشرع يستثنى مؤسسات الائتمان من الخضوع لمساطر صعوبات المقاولة هو طبيعة العمليات التي تقوم بها والمصالح المرتبطة بها، فهذه العمليات تخالف باقي الأعمال التجارية، لأنها تتسم بخطورة كبرى لكن مع ذلك عمل المشرع على تطبيق جزء من نظام معالجة صعوبات المقاولة وهذا ما سنعرفه من خلال (الفقرة الأولى) حدود تطبيق مسطرة التصفية على مؤسسات   الائتمان، (الفقرة الثانية) تحديد الضمانات الممنوحة للمودعين باعتبارهم عماد وجود مؤسسات الائتمان.

الفقرة الأولى: حدود تطبيق مسطرة التصفية على مؤسسات الائتمان

تعد مسطرة التصفية من أخطر المساطر التي تهدد المقاولة والمؤسسة البنكية واشترط المشرع أنه لن تطبق هذه المسطرة إلا إذا كانت المؤسسة مختلة بشكل لا رجعة فيه المادة 619 من المدونة التجارية، ونفس المعطى أكده قانون 34.03 من خلال المادة 101.
والمشرع المغربي حدد حالات تحريك هذه المسطرة

-الحالة الأولى: وبناء على دعوى قضائية

في بعض الحالات قد يتم اللجوء مباشرة إلى تصفية هذه المؤسسات البنكية إذا كانت وضعيتها تقتضي ذلك، لكن تبقى في جميع الحالات محاطة بهالة من الإجراءات حتى لا يخرج الأمر عن مساره الصحيح المادة 98 من قانون 34.03 وتتم التصفية في حالة رفع دعوى قضائية ضد هذه المؤسسة ووجد أنه من اللازم الحكم بفتح التصفية القضائية[21].

-الحالة الثانية: فتح المسطرة بناء على تقرير المدير المؤقت

كما هو الحال بالنسبة لجميع المقاولات التجارية التي يمكن أن تخضع لمسطرة التصفية القضائية بعد عدم جدوى التسوية القضائية، وبناء على تقرير السنديك الذي يبين اختلال وضعية المقاولة بشكل لا رجعة فيه، فإن مؤسسات الائتمان قد تخضع للتصفية القضائية بعد فشل إجراءات التسوية الإدارية وهذا ما نجده حتى في المادة 87 من قانون 34.03[22].

-الحالة الثالثة: بناء على سحب الاعتماد

بالعودة إلى المادة 99 من قانون 34.03 تدخل في طور التصفية كل مؤسسة ائتمان سحب الاعتماد منها:
-إما بطلب من مؤسسة الائتمان نفسها
-وإما في إحدى الحالة التالية:
-إذا لم تستخدم مؤسسة الائتمان اعتماده داخل أجل إثني عشر شهرا ابتداء من تاريخ تبليغ مقرر منح الاعتماد...)
وللإشارة فإن التصفية التي تقع لمؤسسات الائتمان ليست تصفية قضائية بل تصفية إدارية التي يمارسها بذلك المغرب كهيئة رقابية على مؤسسات الائتمان.
والتصفية القضائية المطبقة على مؤسسات الائتمان تمتاز بعدة خصوصيات من بينها تدخل بنك المغرب في مصير المسطرة وخصوصية أخرى هي إعفاء المودعين من التصريح بديونهم.

الفقرة الثانية: ضمانات المودعين

إن الأموال المتلقاة من الجمهور على سبيل الوديعة من طرف مؤسسات الائتمان هي أساس وجود المؤسسة البنكية والمشرع نظم إجراءات إنجاز التصفية لضمان حق المودعين وأيضا أعد صندوق ضمان الودائع كآلية تخول المودعين عن المطالبة بالتعويضات.
لذا فإن إجراءات التصفية لا تختلف عن التصفية الموجودة في نظام صعوبات المقاولة وتتمثل الإجراءات في جرد أصول المقاولة من عقارات ومنقولات ووحدات الإنتاج وبيعها واستيفاء ديون المقاولة على الأغيار في تاريخ استحقاقها.
وتبدأ الإجراءات من تحقيق الأصول سواء ببيع العقارات المادة 622 من المدونة التجارية[23] أو قد يتم بيع جميع وحدات الإنتاج بما يطلق عليه التفويت الشامل لوحدات الإنتاج.
ووعيا بخطورة التصفية التي ستتعرض لها مؤسسات الائتمان فقد خلق المشرع المغربي صناديق تختص في تعويض المودعين إن تمت تصفية للمودع لديه، ومن أهم هذه الصناديق نجد الصندوق الجماعي لضمان الودائع الذي نظمه المشرع من خلال قانون 34.03 ويتكلف بتعويض المودعين في حالة عدم توفر ودائعهم وإلى جانب مناشير والي بنك المغرب.
وللإشارة فإن الحماية المقررة لمودعي مؤسسات الائتمان خاصة إن تم مقارنتها مع التشريعات المقارنة فنجد أنها لا ترقى إلى ما تضمنه بعض التشريعات مثل المشرع المصري حيث حدد السقف من 90% وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية حدده في 75% أما المغرب فحدده في 80000 درهم وهذا الأخير يكون بالنسبة للمودعين الكبار كالعدم.

خاتمة

عموما لقد حاول المشرع المغربي خلق نظام جديد إلى جانب نظام صعوبات المقاولة حتى يكون هناك خصوصية في صعوبات مؤسسات الائتمان لكن هذا التطبيق احتوى على نوع من التسرع التشريعي.
ومن النتائج المتوصل إليها في الموضوع:
-مساطر خصوصيات صعوبات مؤسسات الائتمان مساطر غامضة وغير مضبوطة بشكل متناسق.
-التداخل الحاصل بين المدونة التجارية وقانون 34.03.
ومن بين التوصيات:
-لابد من وضع نظام مستقل وخاص بمؤسسات الائتمان
-إعادة النظر في المقتضيات الخاصة بمساطر الإدارة المؤقتة لأنها الأداة المهمة في استمرار المؤسسة البنكية.
-تحديد مسؤولية المدير المؤقت بشكل دقيق
-منح ضمانات حقيقية للمودعين وإلا سيعرف هذا المجال اهتزازا في الثقة الاقتصادية.

لائحة  المراجيع:

-القوانين:

-ظهير شريف رقم 1.93.147 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.

-الكتب:

-عائشة الشرقاوي المالقي، الوجيز في القانون البنكي المغربي، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط، 2004، الطبعة الأولى.
-عبد المطلب عبد الحميد، العولمة واقتصاديات البنوك، الدار البيضاء الجامعية، الإسكندرية 2001.
-فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الثاني، الشركات التجارية، مطبعة الأمنية الرباط، 2012، الطبعة الأولى.
-محمد كرام، الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي الجزء الأول، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، 2010، الطبعة الأولى.
-عبد الواحد الصفروي، التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون والقضاء، مطبعة ابن سينا 2008، الطبعة الأولى.

-الأطروحات:

امحمد لفروجي، القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء، السنة 1996-1997، الجزء الثاني.

-الرسائل:

-ميرفت علي أبو كمال، الإدارة الحديثة لمخاطر الائتمان في المصارف وفقا للمعايير الدولية، بازل II، دراسة تطبيقية على المصارف العاملة في فلسطين، رسالة ماجستر في إدارة الأعمال، كلية التجارة، الجامعية الإسلامية غزة 2007.
-سعيد العماري، تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية الرباط، 2008.

الكتب بالفرنسية:

Joel Basis, risk management in banking, john Wiley ans sons lrd, 1998.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] -ميرفت علي أبو كمال، الإدارة الحديثة لمخاطر الائتمان في المصارف وفقا للمعايير الدولية، بازل 2، دراسة تطبيقية على المصارف العاملة في فلسطين، رسالة ماجستير في إدارة الأعمال، كلية التجارة، الجامعة الإسلامية غزة 2007، ص: 67.0
[2] -Joel Basis "risk management in banking" jhon wulay and sons lrd 1998, p: 35.
[3] -سعيد العماري، تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة، جامعة محمد الخامس، السويسي، كلية العلوم القانونية الرباط، 2008، ص: 61.
[4] -ظهير شريف رقم 1.93.147 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[5] -هذه الدول هي السويد، كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إيطاليا، اليابانان، المملكة المتحدة، هولندا، إلى جانب سويسرا ولكسمبورغ.
[6] -عبد المطلب عبد الحميد، العولمة واقتصاديات البنوك الدار الجامعية الإسكندرية، 2001، ص: 80.
[7] -عائشة الشرقاوي المالقي، الوجير في القانون البنكي المغربي، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2004، الطبعة الأولى، ص: 60.
[8] -عائشة الشرقاوي المالكي، الوجيز في القانون البنكي المغربي، مرجع سابق، ص: 57.
[9] -المادة 26 من قانون 34.03.
[10] -فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الثاني، الشركات التجارية، مطبعة الأمنية الرباط، 2012، الطبعة الرابعة ص: 177.
[11] -عائشة الشرقاوي المالقي، الوجيز في القانون البنكي المغربي، مرجع سابق، ص: 71.
[12] -أنظر سعيد العماري، تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، مرجع سابق، ص: 67.
[13] -أنظر المادة 545 من المدونة التجارة.
[14] -يتولى والي بنك المغرب تعيين المدير المؤقت في الحالات المنصوص عليها في المادة 62 من قانون 34.03 (يحدد مقرر تعيين المدير المؤقت مدة انتدابه وشروط أداء أجرته التي تتحصلها مؤسسات الائتمان المعنية...)
[15] -امحمد لفروجي، القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق، عين الشق الدار البيضاء، السنة 1996-1997، الجزء الثاني، ص: 306.
[16] -أيضا أنظر المادة 44 من قانون 5.96 الخاص بباقي أنواع الشركات.
[17] -امحمد لفروجي، القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء، مرجع سابق، ص: 318.
[18] -امحمد لفروجي، القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء، مرجع سابق، ص: 353.
[19] -أنظر المادة 89 من قانون 34.03.
[20] -امحمد لفروجي، القانون البنكي المغربي وحماية حقوق الزبناء، مرجع سابق، ص: 399.
[21] -محمد كرام، الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي، الجزء الأول، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2010، الطبعة الأولى، ص: 109.
[22] -عبد الواحد الصفروي، التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون والقضاء، مطبعة ابن سينا، 2008، الطبعة الأولى، ص: 57.
[23] -عبد الواحد الصفروي، التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون والقضاء، مرجع سابق، ص: 60.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات