القائمة الرئيسية

الصفحات

الطبيعة القانونية للإتفاقات والعقود التمهيدية

الطبيعة القانونية للإتفاقات والعقود التمهيدية






 عقد البيع الإبتدائيContrat Préliminaire 

فإلى جانب الوعد بالبيع والعربون هناك عقد تمهيدي آخر وهو عقد البيع الإبتدائي والذي يتحول في مرحلة لاحقة لعقد نهائي، وهو مرحلة وسطى بين المفاوضات التمهيدية والعقد النهائي.
وقد يكون الهدف من إنشاء البيع الإبتدائي هو حفظ حق أحد الطرفين في استحقاق الأولية في التعاقد، فالعقد الإبتدائي قد يكون مجرد عقد مؤقت يتم به التمهيد لإبرام عقد نهائي، الشيء الذي أدى إلى تضارب الفقه في تكييف هذا النوع من العقود.
فقد اعتبره البعض صورة من صور الوعد الملزم للجانبين، وهناك من اعتبره من عقود البيع العقارية غير المسجلة في السجل العقاري في حين هناك من اعتبر العقد الإبتدائي مجرد وسيلة قانونية للإحتفاظ بالحق في إبرام العقد النهائي.
نجد في هذا الصدد رأي محكمة النقض الفرنسية التي اختارت وفضلت تسمية هذا الإتفاقالإبتدائي بأنه عقد ذو طبيعة خاصة.
هناك الكثير من المظاهر التعاقدية التي يتم إبرامها في القانون المغربي على مرحلتين أبرزها حالتي بيع العقار في طور الإنجاز وعقد الإيجار المفضي إلى تملك عقار.
لهذا سنحاول إعطاء نظرة موجزة على هذين العقدين بتخصيصنا في الفقرة الأولى لبيع العقار في طور الإنجاز فيما سنعرض في الفقرة الثانية لعقد الإيجار المفضي لتملك عقار.
لا بد لنا لبحث الطبيعة القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز من تحديد ماهية هذا البيع وبيان الإشكالات التي يطرحها بالإضافة إلى موقف القضاء المغربي من هذا البيع.

المطلب الأول: بيع العقار في طور الإنجاز

مع تطور الأوضاع الإقتصادية وتزايد الحاجة إلى تملك سكن لائق، من خلال أداء الثمن على أقساط، وتشجيع المنعشين العقاريين على إقامة مشاريع خاصة بدون قروض، فقد رخص المشرع المغربي في بيع العقار وهو في طور البناء، حيث صدر القانون رقم 44.00 فهو يندرج ضمن العقود التمهيدية التي تسبق إبرام البيع النهائي (برجوعنا إلى كتاب أستاذنا الدكتور عبد القادر العرعاري  "عقد البيع") .
وقد تم تعريف هذا العقد في الفصل 1-618 من قانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز بأنه "اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال".
وقد رأى النور هذا البيع قبل تدخل المشرع من أجل تنظيمه سواء في فرنسا أو في المغرب، ذلك أن المشرع الفرنسي لم يتدخل لتنظيم هذا النوع من العقود إلا سنة 1967 بمقتضى القانون رقم 03.67 بتاريخ 3 يناير 1967، تلاه مرسومان بتاريخ فاتح مارس 1993 و7 مارس 1994.
أما في المغرب فإن المشرع اضطر لإدخال تعديل على الفصل 618 من قانون الإلتزامات والعقود بمقتضى القانون 44.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.309 بتاريخ 25 رجب 1423 الموافق 3 أكتوبر 2002. على غرار المشرع الفرنسي والمشرع التونسي الذي قننه سنة 1990 .
فهي محاولة تشريعية هدفها سد الفراغ الذي يعاني منه النظام القانون المغربي في هذا الباب، و تخليق مجال المعاملات العقارية مع خلق ديناميكية اقتصادية تستند على خفض النفقات والتكاليف وإنعاش السوق العقارية.
برجوعنا إلى القانون المدني الفرنسي نجد أنه قد عرف في الفصل 1601.3 بيع العقار في طور الإنجاز بأنه "عقد بمقتضاه ينقل البائع فورا لفائدة المشتري حقوقه على الأرض وكذلك ملكية البناءات الموجودة وتنتقل المنجزات المستقبلية لفائدة المشتري مقابل ثمن يدفعه هذا الأخير تبعا لتقدم الأشغال. ويحتفظ البائع بصلاحيته كصاحب المشروع إلى غاية انتهاء الأشغال".
 وتجدر الإشارة إلى أنه بمقارنة التعريف الفرنسي والتعريف الذي اعتمده المشرع المغربي نجد أن المشرع المغربي تدارك النقص الذي اعترى النص الفرنسي بحيث نجد في الفقرة الأولى من المادة 1601 ما يلي:
"La vente d’immeuble à construire est celle par laquelle le vendeur s’oblige à édifier un immeuble dans un délai déterminé par le contrat. "
في هذا التعريف نجد أن المشرع الفرنسي أغفل ولم ينص على أن أحكام هذا البيع تسري على العقارات في طور البناء سواء كانت معدة للسكن أو الإستعمال المهني أو الحرفي أو الصناعي من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص، بينما المشرع المغربي تدارك هذا الأمر ونص على ذلك في الفقرة الثانية من المادة 618 من ق.ل.ع.
والجدير بالملاحظة أن المشرع المغربي قد لمح إلى هذا النوع من العقود من خلال مضمون الفصل 61 من ق.ل.ع عندما نص على أنه: "يجوز أن يكون محل الإلتزام شيئا مستقبلا أو غير محقق..."
غير أن هذا المقتضى القانوني لم يكن يمنح أية ضمانات للمشتري سواء فيما يتعلق بتاريخ تسليم العقار موضوع البيع أو مراحل التنفيذ وكذا التعويض عن التأخير أو استحالة التنفيذ.
وأهمية هذا البيع تتجلى في أن المشتري بمجرد إبرامه للعقد الإبتدائي يكون قد ضمن مرتبته في الحصول على شقة أو البناء المتفق عليه مقابل أدائه لأقساط من الثمن مجزأة حسب مراحل إنجاز مشروع البناء. والبائع بدوره يجد في هذا النمط التعاقدي متنفسا اقتصاديا، يمكنه من الحصول على السيولة المالية لإتمام مشروعه دون اللجوء إلى القروض البنكية المرهقة لأوضاعه المالية.
ونظرا لأهمية هذا العقد الأولي نجد أن المشرع تطلب فيه أن يشتمل على العناصر المذكورة في الفصل 618.3 وهي:
- ذكر هوية الأطراف المتعاقدة – تاريخ ورقم رخصة البناء.
- الرسم الأصلي للعقار المحفظ موضوع البناء أو مراجع ملكية العقار إذا كان غير محفظ مع تحديد الحقوق العينية والتحملات العقارية الواردة على العقار أو أي اتفاق آخر عند الإقتضاء.
- ذكر ثمن البيع النهائي وكيفية أدائه.
- أجل تسليم البناء للمشتري.
- الإشارة لمراجع الضمانة البنكية التي يتعين على البائع تقديمها لفائدة المشتري حماية للأقساط المدفوعةمن قبل المشتري للطرف البائع.
كما ألزم المشرع أيضا إرفاق هذا العقد بالوثائق التي تؤكد وجود التصاميم المعمارية المتطلبة لإنجاز البناء محل التعاقد سواء تعلق الأمر بتصميم المهندس المعماري أو تصميم الإسمنت المسلح الذي ينجزه المهندس المكلف بوضع هذا النوع من التصاميم المعمارية مع إرفاق ذلك كله نسخة من دفتر التحملات كما هو منصوص في الفصل 618.4.
كما أن المشرع استلزم أيضا ضرورة إرفاق العقد بشهادة مسلمة من لدن المهندس المعماري تثبت واقعة الإنتهاء الفعلي من إنجاز الأساسيات على مستوى الطابق الأرضي للعقار وفق الفصل 618.5.
بالرغم من أهمية الإلتزامات التي يتضمنها العقد الإبتدائي والإجراءات التي أحاطها المشرع في هذا العقد الأولي من حيث الشكل والمضمون كدليل جدية المعاملة إلا أنه كغيره من العقود الموقوفة على تحقق شرط مستقبلي ألا وهو لإنجاز مشروع البناء وفقا للتفاصيل المحددة في دفتر التحملات، قد تعترضه بعض الصعوبات التي تحول دون إنجاز المشروع أصلا أو إنجازه بطريقة معينةأو خارج الأصل المتفق عليه من الأمور التي تضعف القوة الملزمة لهذا العقد.
لهذا قام المشرع المغربي بتحديد سقف للتعويضات المستحقة للطرف المتضرر من الإخلال ببنود العقد الإبتدائي (في الفصل 618.12 من ق 44.00) لا يتجاوز 1%عن كل شهر من المبلغ الواجب دفعه على ألا يتجاوز هذا التعويض 10%في السنة سواء تعلق الأمر بتأخر المشتري عن أداء الدفعات المستحقة عليه أو تمثل ذلك في تأخر البائع عن إنجاز العقار في الأجل المحدد لذلك.
بالإضافة لما سبق، فإن قوة هذا العقد الإبتدائي تمكن كل من البائع والمشتري من اللجوء إلى القضاء في حالة رفض أحدهما إتمام العقد النهائي.
وفي هذا الصدد، قضت ابتدائية تمارة أحقية مطالبة المدعى عليه بإتمام إجراءات التفويت كالتزام واقع عليه، وهو ما ذهبت إليه استئنافية الرباط في قرار جاء في أحد تعليلاته: "لكن بالرجوع إلى العقد الرابط بين الطرفين والذي بمقتضاه باع المستأنف عليهما محل النزاع، يتبين أن عقد البيع خاليا من أي شرط مما أصبحت بنوده ملزمة للطرفين معا".
وقد تبنت محكمة النقض  هذا الموقف في قرار صادر عنها حيث جاء فيه ما يلي: "يستخلص من مستندات الملف أنه ليس هناك ما يستفاد منه الإستحالة القانونية لإبرام عقد البيع النهائي المطلوب، ولذلك فإن المحكمة لما لها من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها، حيث عللت قرارها بأن الشهادة الإدارية المستدل بها من طرف الطاعن وما تتضمنه لا تمنع هذا الأخير من إتمام إجراءات البيع النهائي حول العقار موضوع الوعد بالبيع، فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار معللا ومرتكزا على أساس قانوني".
ومن خلال ما سبق، يتضح أنالإتجاه الذي سار عليه القضاء المغربي هو اعتبار العقد التمهيدي في بيع العقار في طور الإنجاز عقد ابتدائي ملزم للجانبين وليس وعد بالبيع الإنفرادي فمجرد الوعد لا ينشئ التزاما.
ونظرا للموقع الحساس للمستهلك العقاري المغربي فإنه يتعين على الجهاز القضائي أن يكون يقظا في تطبيق بنود هذا القانون بالشكل الذي يحفظ ويضمن العلاقة العقدية التي تربط بين هؤلاء المستهلكين بالباعة والمنعشين.
حتى ولو كانت الغاية من إبرام البيع الإبتدائي هي تمهيد لإنشاء عقد نهائي طبقا لما ينص عليه الفصل 618.16 من ق 44.00 المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز، إلا أن أهمية هذا العقد تقاس عادة بأهمية الإلتزامات المتقابلة التي يتضمنها، بحيث لا يجوز لأي متعاقد منهما العدول عن هذه الإلتزامات بإرادته المنفردة إعمالا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين (الفصل 230 من ق.ل.ع).
لكن يتميز هذا العقد بمحدودية الآثار المترتبة عنه، لكونه عقد مؤقت تنتهي مهمته بانتهاء مدته، التي ترتبط عادة بإنجاز أشغال البناء حسب التصور المنصوص عليه في الفصل 15-618 ولا ينقل الملكية إلى المشتري، فالذي ينقل الملكية هو العقد النهائي وليس العقد الإبتدائي، وفقا لما يؤكده القانون المنظم لهذا النوع من البيوع (الفصل الأخير من ق 44.00 وهو 20-618).
وباعتباره عقدا أوليا يرد على شيء مستقبلي فإنه لا يخول للمشتري إمكانية الإستفادة من دعاوى الضمان كيفما كان نوعها لارتباطها بانتقال الملكية للمشتري. وهذا ما سيتم عند إبرام العقد النهائي. وبالتالي يكون المشتري محروما من التمتع بالآثار البارزة التي ترتبط بالبيع عادة.
غير أن المشرع المغربي متع المشتري ببعض الحقوق التي يحق له التمتع بها بالإستناد إلى العقد الإبتدائي كحقه في الإستفادة من الضمانة البنكية كما أشار إلى ذلك أستاذنا عبد القادر العرعاري في كتابه أنه يمكن للمشتري أن يطلب من المحافظ العقاري (إذا كان العقار محفظا) إجراء تقييد احتياطي بالإستناد إلى عقد البيع الإبتدائي وبموافقة مسبقة من البائع وذلك لحفظ حقوقه بصورة مؤقتة إلى غاية إجراء البيع النهائي.
ونظرا لأهمية العقود المتعلقة ببيع العقارات في طور البناء فقد اشترط المشرع فيما يخص مسألة إثبات هذه العقود وإضفاء المزيد من القوة الإثباتية لهذه الإتفاقات، نص قواعد صارمة حيث استعمل صيغة الوجوب في ضرورة إثبات كل العقود الإبتدائية والنهائية لبيع العقار في طور الإنجاز بالكتابة الرسمية أو بموجب عقد ثابت التاريخ محرر من طرف مهني ينتمي لمهنة قانونية منظمة يخولها قانونها الأساسي تحرير هذه العقود تحت طائلة البطلان.
وبهذا الصدد نجد في الفصل 489 من ق.ل.ع على أن الكتابة هي للإثبات وليست شكلية في البيوع فقط، كما أضاف المشرع فقرتين لمضمون الفصل 618.3 خول بمقتضاهما وزير العدل صلاحية تحديد لائحة سنوية بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود مع إمكانية إدراج أسماء المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض ضمن هذه اللائحة، وذلك طبقا للمادة 24 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة.
برجوعنا لرأي أستاذنا الدكتور عبد القادر العرعاري  فيما يخص إضافة شريحة المحامين لقائمة الأشخاص المرخص لهم بتحرير هذه العقود، رأى أنه لا يوجد هناك أي تبرير لإضافة هذه الفئة نظرا لكثرة الأعباء والمشاكل الكثيرة التي تثقل كاهل رجل الدفاع، كما أن مهام التوثيق عموما ليست من صلاحيات المحامي كيفما كانت درجته في هيئة الدفاع. أما عن باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود، فإن المشرع ربط هذه المسؤولية بضرورة استصدار نص تنظيمي يحدد شروط تقييد هؤلاء ضمن اللائحة المشار إليها سابقا والتي تدخل ضمن اختصاصات وزير العدل. 
المطلب الثاني: عقد الإيجار المفضي إلى تملك عقار:
بداية يلزم التعريف بهذا العقد، حيث جاء في المادة 2 من القانون  51.00 ما يلي: "يعتبر العقد المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الإنتفاع به مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك حين حلول تاريخ حق الخيار".
وتبعا لذلك فهو عقد كراء مفضي إلى تملك العين المكتراة يبتدأ وينتهي بيعا إذا ما أعمل المكتري المتملك خيار الشراء حين حلول تاريخ حق الخيار لذلك فهو عقد من نوع خاص له اسم وأحكام خاصين خاضع لمقتضيات القانون 51.00.
تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون جاء بعقد جديد يجمع بين تصرفين قانونيين الكراء والبيع،فالبيع هو العملية المتوخاة من العقد، غيرأنها مسبوقة بعملية أخرى هي انتفاع المكتري المتملك بالعقار مقابل أدائه الوجيبة التي تتكون من جزأين: مبلغ متعلق بحق الإنتفاع من العقار والآخر يتعلق بالأداء المسبق لثمن تملك العقار.
وهذا ما أشارت إليه المادة 8 من نفس القانون.
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ القضاوي  الطاهر أنه "عقد يهدف إلى بيع تام يرتب انتقال الملكية بعد أن يكون مسبوقا بكراء لفترة زمنية وثمن البيع فيه هو أجرة الكراء بحيث إذا دفع المكتري جميع الأقساط لمدة متفق عليها تحول من مكتري إلى مشتري والعقد إلى بيع نهائي".
يسعى المشروع من خلال القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار إلى تحقيق أهداف اقتصادية وأخرى اجتماعية، إذ يهدف إلى التجاوب مع الضغوط المتزايدة لطلبات السكن وتوسيع قاعدة تملك العقار لفائدة الفئات الإجتماعية الضعيفة من جهة، ومن جهة أخرى يتوخى تشجيع جميع الأسر وبالأخص ذات الدخل المحدود من الحصول على السكن
ولكي نحدد الطبيعة القانونية لهذا العقد "الإيجار المفضي إلى تملك العقار" يجب علينا التعمق أكثر في مضمونه والإشارة أيضا إلى أهمية توثيقه. وأيضا نطاق تطبيقه.
تشمل أحكام هذا القانون العقارات المنجزة والمعدة للسكن بحسب ما جاءت به المادة الأولى من ق 51.00. ويستثنى من ذلك ما جاءت به المادة الثالثة من نفس القانون.
حيث تبقى الأحكام التالية خارج تطبيق هذا القانون:
·        ق رقم 6.79 المنظم للعلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري.
·        ق رقم 64.99 المتعلق باستيفاء الوجيبةالكرائية.
·       المرسوم الصادر في 8 أكتوبر 1980 القاضي بالتخفيض من مبلغ كراء الأماكن المعدة للسكن لفائدة بعض فئات المكترين.
وكما هو معلوم فإن تملك العقار حسب القانون 51.00 يمر بمرحلتين أساسيتين:
مرحلة العقد الإبتدائي الذي يظل خلالها المكتري منتفعا بالعقار مقابل تأدية وجيبة الكراء المحددة اتفاقا مع المكري مقرونة بمناب الشراء ثم مرحلة البيع النهائي التي يحسم فيها المكتري خياره بإتمام التعاقد بعد أن يكون قد أدى كامل الأقساط المتوجبة عليه.
إذا كانت الرضائية هي المعول عليها في جل العقود المدنية الكبرى كعقد البيع والكراء فإن المشرع المغربي خرج عن هذه القاعدة بالنسبة إلى عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار حيث اعتبر الكتابة شرط صحة ونفاذ، وفي غيابها يعتبر العقد باطلا، وقد أكد المشرع من خلال المادة 4 من ق 51.00 على أن الكتابة تتم إما في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، من طرف مهني ينتمي لمهنة قانونية منظمة يخولها قانونها الأساسي تحرير هذه العقود كالموثقون والعدول والمحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض، وكذا الأشخاص الواردة أسماؤهم ضمن المهنيين المقبولين لتحرير العقود.
وفيما يخص شكليات هذا العقد جاء في المادة 7([12]) من قانون 51.00 ما يلي: يجب أن يتضمن عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار العناصر التالية:
- هوية الأطراف المتعاقدة /- مراجع العقار محل العقد.
- موقع العقار ووضعه كليا أو جزئيا /- ثمن البيع محدد غير قابل للمراجعة.
- مبلغ التسبيق عند الإقتضاء وتحديد الوجيبة التي يتحملها المكتري المتملك وفترات وكيفية تسديدها وكذا كيفية خصم الوجيبة من ثمن البيع.
- تخويل المكتري المتملك إمكانية تسبيق أداء ثمن البيع كليا أو جزئيا قبل حلول تاريخ حق الخيار.
- مراجع عقد التأمين المبرم من قبل البائع لضمان العقار.
- شروط مزاولة حق الخيار وفسخه.
- تاريخ بدأ الإنتفاع من العقار والأجل المحدد للمكتري المتملك لممارسة حقه في تملك العقار وكذا شروط التمديد والفسخ المسبق للعقد.
ومن أجل حماية حقوق طرفي هذا العقد، فإن المشرع المغربي بمقتضى القانون 51.00 قرر لهم بعض الضمانات، لعل أهمها ما نصت عليها المادتين 15 و 16 من هذا القانون حيث جاء في الأولى أنه يتعين على البائع، ثلاثة أشهر قبل حلول حق الخيار أن يطلب من المكتري المتملك بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتسلم ممارسة حقه في تملك العقار محل العقد داخل الأجل المتفق عليه. أما المادة 16 فقد نصت على أنه لا يتم إبرام عقد البيع النهائي إلا بعد أداء المبلغ المتبقي من ثمن البيع المتفق عليه في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار (العقد). ويبرم هذا وفق نفس الكيفية التي تم بها إبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار كما هو مبين في المادة 4 من هذا القانون.
ولقد متع القانون 51.00 المكتري المشتري في إطار حمايته وصيانة حقوقه بطرق إشهار عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار تختلف تبعا لاختلاف الأنظمة القانونية للعقار.
فبالنسبة للعقار المحفظ نصت المادة 5: "إذا كان العقار محفظا يطلب المكتري المتملك من المحافظ على الأملاك العقارية إجراء تقييد احتياطي وذلك للحفاظ المؤقت على حقوقه، يبقى التقييد الإحتياطي ساري المفعول إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي في الرسم العقاري".
يتم تعيين رتبة تقييد العقد النهائي بناءا على تاريخ التقييد الإحتياطي.
أما بالنسبة للعقار غير المحفظ فنجد المادة 6 تنص على أنه "إذا كان العقار غير محفظ تسجل نسخة من عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بسجل خاص يمسك بكتابة الضبط لدى المحكمة الإبتدائية بالدائرة التي يوجد بها العقار وتودع النسخة المذكورة لدى نفس الكتابة".
وخلاصة القول فيما يخص هذا القانون، أنه رغم صدوره فإنه يلاحظ عدم انتشار عقود الإيجار المفضية إلى تملك العقار أو بالأحرى انعدامها، بحيث تبقى مجرد حبر على ورق، ويعود ذلك إلى عدم توفر الشروط والأجواء المناسبة لهذا النوع من العقود بالنظر إلى الطبيعة الإجتماعية والسوسيولوجية والإقتصادية للمجتمع المغربي.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات