القائمة الرئيسية

الصفحات

تعدد الزوجات في مدونة الأسرة

تعدد الزوجات في مدونة الأسرة





تعدد الزوجات


تقديم حول موضوع البحث

من المعلوم آن تعدد الزيجات من الظواهر الإنسانية القديمة وعلى هذا الأساس فان الشريعة الإسلامية لم تنشا التعدد بل وجدته قائما وإباحته ورخصت به وقيدته بشروط معينة منها العدل بين الزيجات في جميع مظاهر الحياة وهذا ما جاء في الآية الكريمة "وان خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا من النساء مثنى وثلاثي ورباعي ،وان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك ادني أن لا تعدلوا".
وهكذا فان الإسلام جاء ليحدد ويقيد التعدد بالعدل وان لا يترك الأمر لإرادة الزوج وحريته المطلقة في التعدد لمنع تعسفه في استعمال هذا الحق .
ومن هنا يمكن تعريف التعدد انه زيادة زوجة أو أكثر على الزوجة الأولى في حدود العدد المحدد شرعا على عقد صحيح .
 ولقد أباحت مدونة الأحوال الشخصية التعدد تماشيا مع روح الشريعة الإسلامية ونفس الأمر عليه مدونة الأسرة التي أباحت التعدد بدورها لكنها قيدته بشروط اقل ما يمكن القول عنها أنها مستحلة أو تعجيزية فلم تبحه ولم تلغيه نهائيا ،وبهذا تكون المدونة قد وقفت موقفا وسطا بين الاتجاهين المطالبين بإلغاء التعدد والاتجاه الأخر المطالب بالإبقاء عليه .
أصبح التعدد في ظل مدونة الأسرة خاضعا لمراقبة قضائية صارمة ولا تأذن به ألا بعد توفر الشروط الموضوعية والاستثنائية .وتظهر أهمية الموضوع في الغاية من تعدد الزيجات من اجل تحقيق غاية اجتماعية تقوم على مبادئ العدل والإنصاف ،تخصص بالأساس الطفل والمرأة والحقوق المكفولة لها .
أما على المستوى العملي افرز الواقع تباين في تطبيق المحاكم المغربية لمسطرة التعدد.
ومنه يمكن لنا طرح الإشكال التالي: إلى أي حد نجح المشرع والقضاء في معالجة مسطرة التعدد؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية أسئلة فرعية:
-      ما موقف الفقه والقانون المقارن من نظام التعدد؟
-      كيف نظم المشرع المغربي التعدد؟ وما هي الصعوبات القانونية والواقعية التي تعتري هذا النظام؟.
وللإجابة عن هذا الإشكال ارتأينا اعتماد التصميم التالي:

        المبحث الأول: تعدد الزوجات في الفقه الإسلامي والقانون المقارن.

 المطلب الأول: موقف الإسلام من تعدد الزوجات.

 الفقرة الأولى: التأصيل الشرعي للتعدد من القران والسنة.
  أولا: الأدلة من القرآن الكريم والسنة.
 ثانيا: الأدلة من السنة النبوية.
الفقرة الثانية: اختلاف الفقهاء حول التعدد وأسباب دلك.
أ/ موقف الفقهاء من التعدد .
أولا:المجيزون للتعدد وأدلتهم:
ثانيا: المقيدون للتعدد بإذن القاضي وأدلتهم.
 ثالثا: المانعون للتعدد وأدلتهم.
ب/ أسبب الاختلاف بين الفقهاء.
أولا: الاختلاف في الأمر الورد في الآية.
ثانيا: الاختلاف في الشرط الوارد في الآية.

 المطلب الثاني: التعدد في القانــون المــــقارن.  

  المبحث الثاني: النصوص المنظمة للتعدد والصعوبات التي تعترضه

 المطلب الأول:النصوص المنظمة للتعــدد .

 المطلب الثاني:الصعوبات القانونية والواقعية التي تعترض مجال التعدد


تمهيد:
في القوانين القديمة نجد تقرير لظاهرة تعدد الزوجات، فقد أجاز قانون (مانو ) الهندي الزواج من امرأة ثانية، ولكنه اشترط على الرجل أن يحصل على موافقة زوجته إذا كانت هذه الزوجة فاضلة حميدة السيرة وكانت منجبة للأولاد، أما إذا كانت سيئة الأخلاق أو كانت عقيمة أو مريضة فيتزوج بغير موافقتها، وإذا كانت الزوجة الثانية من طبقة أدنى من طبقة الزوجة الأولى فلا تستويان في المعاملة، وعلى الزوج أن يميز بينهما في الملبس والمأكل والمسكن والاحترام.
 كذلك كان قانون حمورابي البابلي يجيز أن يتزوج الرجل من امرأة ثانية، إذا كانت زوجته عاقرا أو مريضة، وتحتفظ الزوجة الأولى بمكانتها كسيدة، وتعتبر الزوجة الثانية خادمة لها، وقد جرت التقاليد البابلية أن تزوج الزوجة العاقر زوجها من جاريتها طلبا للولد، فإذا لم تلد الجارية حق لسيدتها أن تبيعها.
  وعند الجماعات البدائية جرى العمل على تفضيل الزوجة الأولى، ومن مظاهر التفضيل أن يقام لها كوخ خاص بها لا يشاركها فيه أحد، ولها وحدها حق الجلوس إلى جانب زوجها، وهي لا تعمل وإنما تشرف على عمل الزوجات الأخريات، وليس للزوج أن يطلقها إلا إذا ارتكبت فاحشة، وتتولى إدارة أموال زوجها بعد موته، وترث نصف ما يترك من ما، ويرث الأولاد النصف الباقي، وتكون حصة أولادها أكبر من حصص أبناء ضرائرها 
  أما الرومان فكان الأصل عندهم هو وحدة الزوجة، مع انتشار نظام التسري والخليلات، ومع ثبوت بعض الحقوق للخليلات مشابهة لحقوق الزوجة، وينتقد بعض مؤرخي القانون أن المجتمع الروماني كان يقبل العشيقة ولا يقبل الزوجة الثانية على أساس أن الجمع بين زوجتين كان يكلف الزوج مصاريف باهظة، ولذلك يمكن القول بأن حظر تعدد الزوجات عند الرومان كان يرجع إلى أسباب اقتصادية بحتة، كما يمكن القول بان الرومان منعوا الجمع بين (زوجتين )وأباحوا الجمع بين) امرأتين(تكون أحدهما زوجة والأخرى خليلة 
 وفي التوراة، ورد أن سارة زوجة إبراهيم عليه السلام حين قنطت من إنجاب الولد، زوجت زوجها من جاريتها هاجر فولدت له إسماعيل، ويشاء الله أن تحمل سارة بعد ذلك فتلد إسحاق.
  وقد أجازت الشريعة اليهودية تعدد الزوجات، وجمع ملوك بني إسرائيل ورؤساؤهم بين عدة زوجات، فقد جاء في التوراة أن سليمان بن داود كان متزوجا من سبعمائة امرأة، وكان له من الجواري ثلاثمائة، وقد حدد التلمود بعد ذلك عدد النساء بأربع زوجات، وأقر الربانيون والقراؤون هذا المبدأ، وظل اليهود طيلة العصور الوسطى يجمعون بين عدة زوجات، حتى منع الأحبار الربانيون تعدد الزوجات لضيق أسباب المعيشة التي كان يعانيها اليهود في تلك العصور، وقد صدر هذا المنع في القرن الحادي عشر، وقرره المجمع اليهودي في ألمانيا، وكان هذا المنع في أول الأمر قاصرا على يهود ألمانيا ويهود شمال فرنسا ثم عمّ جميع يهود أوربا، وبه أخذت قوانين الأحوال الشخصية لليهود وألزمت الزوج أن يحلف يمينا عند إجراء العقد على ذلك.
 وإذا شاء الرجل أن يتزوج من امرأة أخرى فعليه أن يطلق زوجته ويدفع لها حقوقها، إلا إذا أجازته بالزواج، وكان في وسعه أن يعيل الزوجتين وكان قادرا على العدل بينهما، وكان هناك مسوغ شرعي لهذا الزواج كعقم الزوجة.
 أما المسيحية فلم تعترض الكنيسة على ملوك ونبلاء كان لهم أكثر من زوجة، فقد كان للملك (شارلماني)زوجتان واثنتان من السـراري، كذلك عقد الملك (فردريك) زواجه على امرأتين بموافقة رجال الدين البروتستانت وكان (لوثر)نفسه يتحدث عن تعدد الزوجات بكل تسامح ويقول إن الله لم يمنع التعدد بدليل أن إبراهيم الخليل كانت له زوجتان ويرى لوثر أن تعدد الزوجات خير من الطلاق.
 ي سنة 1531م نادت فرقة مسيحية تدعى(أنابا بتيست) بجواز التعدد ودعت فرقة مسيحية أخرى تدعى (المورمون)إلى التعدد، على أن تكون الزوجة الأولى هي المفضلة على الأخريات، ولها وحدها الحق بحمل لقب زوجها، غير أن الكنيسة المسيحية قررت بعد ذلك، بجميع مذاهبها منع التعدد وإبطال الزواج الثاني ولم تعتد بعقم المرأة سبباً للتعدد، فهي لا تراه مبررا للطلاق والزواج من امرأة ثانية.
 وقد اعتمدت الكنيسة في تحريم تعدد الزوجات وقصر الزواج على امرأة واحدة وعدم جواز تطليقها على قول السيد المسيح الوارد فى إنجيل متى (إن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى، من أجل ذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان جسدا واحدا، إذ ليس بعد اثنين، بل جسد واحد)
 قد عرف العرب قبل الإسلام تعدد الزوجات، وساد بينهم الاعتقاد بأن المرأة التي ترضع ولدها إذا حملت ينقطع لبنها، وقد يموت الرضيع، فكانوا يبتعدون عن المرأة المرضع خوفـاً من موت الطفل الرضيع، ويكون ذلك بالزواج من أخرى
بعد التمهيد الذي تكلمنا فيه عن التعدد في الشرائع الوضعية والشرائع السماوية قبل الإسلام، ننتقل للحديث عن موقف الإسلام من التعدد فما هو موقف الإسلام من تعدد الزوجات؟. هــدا ما سوف يجيب عنه المطلب الأول مـن المبحث الأول.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات