القائمة الرئيسية

الصفحات

وضعية الأجراء في ظل مساطر معالجة صعوبات المقاولة بين التشريعين المغربي والفرنسي

وضعية الأجراء في ظل مساطر معالجة صعوبات المقاولة بين التشريعين المغربي والفرنسي

وضعية الأجراء في ظل مساطر معالجة صعوبات المقاولة بين التشريعين المغربي والفرنسي
وضعية الأجراء في ظل مساطر معالجة صعوبات المقاولة بين التشريعين المغربي والفرنسي

مقدمة


ارتأت مختلف التشريعات الحديثة العناية بالمقاولة، كمجال يطبق داخله القانون التجاري والقانون الاجتماعي، وكفضاء ترتبط به العديد من المصالح العامة للدولة، ولعل المغرب من الدول التي أخذت بالنظم القانونية الحديثة والملائمة للعصر، من خلال تكوينه لترسانة قانونية حديثة ومتطورة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، ومن أبرز هذه القوانين: مدونة التجارة ومدونة الشغل[1].
ومن أهم المستجدات التي جاء بها المشرع المغربي في مدونة التجارة نجد الكتاب الخامس منها المتعلق بإجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة، الذي يهدف إلى خلق التوازن ما بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، تتجلى الأولى في دعم القدرة التنافسية للمقاولة، والثانية في ضمان الحقوق الأساسية للأجراء.
فهذا النظام يعتبر قيمة قانونية وحقوقية رديفة للمبادرة الحرة التي تعتبر قوام النظام الليبرالي الذي تبناه المغرب كخيار اقتصادي لتطور تاريخي. كما أنه يؤشر على تبني المشرع لرؤية جديدة تجاه المقاولة بالنظر للموقع السوسيواقتصادي الذي تحتله، وتخلى عن نظام الإفلاس بما يحمله من نزعة تجاه المقاولة التي تعرف الصعوبة، حيث أن هذا الأخير لم يعد قادرا على مواكبة التطور الذي عرفه الاقتصاد العالمي، بسبب اعتماده على تصفية أموال المدين المتوقف عن الدفع، وهو ما كان يؤدي إلى الإضرار بمجموعة من المؤسسات المعنية وعلى رأسها مؤسسة التشغيل[2].

وبالرجوع إلى القانون الفرنسي المصدر التاريخي للتشريع المغربي، نجد المادة الأولى من قانون 25 يناير 1985 المتعلق بالتسوية القضائية والتصفية القضائية للمقاولة والذي تم إلغاءه بموجب قانون 2005/845 الخاص بحماية المقاولة والذي يضم إلى جانب مساطر الوقاية والمعالجة والتصفية القضائية مسطرة جديدة وهي مسطرة حماية المقاولة، حددت بشكل واضح الأهداف التي يصبو إليها هذا القانون وتتمثل في ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي، وما هو ائتماني. وهي نفس الأهداف التي تبناها المشرع المغربي، وبالتالي ففي ضمان بقاء المقاولة ضمان لمختلف المصالح المرتبطة بها.
كما أن النهوض بهذه الأخيرة وضمان استمراريتها لم يعد حكرا على المشغل فقط، بل تعداه إلى أجهزة وهيئات أخرى تلعب فيها الدولة والدائنين والأجراء دورا بارزا من أجل تحقيق هذه الغاية[3].
ومنه، ومادام موضوع العرض هو: "وضعية الأجراء في ظل مساطر صعوبات المقاولة ما بين التشريعين المغربي والفرنسي"، فإن الإشكالية التي تطفو على السطح هي: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال إقراره لنظام صعوبات المقاولة تكريس السلم الاجتماعي؟
وتتناسل عن هذه الإشكالية المركزية تساؤلات فرعية تتمثل في:
ü    ما هو دور الأجراء في ظل نظام معالجة صعوبات المقاولة؟
ü    ما هي الأجهزة المحافظة على حقوق الأجراء في إطار هذه المساطر؟
أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليها من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول: وضعية الأجراء خلال مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة
المبحث الثاني: وضعية الأجراء خلال مساطر المعالجة من صعوبات المقاولة

المبحث الأول : وضعية الأجراء في مراحل الوقاية من الصعوبات


نظم المشرع المغربي مساطر الوقاية من الصعوبات في الفصول من 546 إلى 559 من مدونة التجارة، إلا أن الملاحظ أن وضعية الأجراء خلال هذه المرحلة لم يتم تنظيمها باستثناء ما جاء في الفصل 555 من نفس القانون والمتعلق يكون أن الأمر القاضي بالوقف المؤقت للإجراءات يطبق على الديون الناجمة عن عقد عمل التي لا يتوقف أداؤها عكس باقي الديون السابقة للأمر المذكور، كما أن مدونة الشغل لم تخص هذه الفئة من الأجراء بأي مقتضيات حمائية خلال مساطر الوقاية.

المطلب الأول : حدود استشارة الأجراء خلال مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة

كما هو معلوم فإن مساطر الوقاية تنقسم إلى 3 مساطر، هي مسطرة الوقاية الداخلية ومسطرة الوقاية الخارجية ثم مسطرة التسوية الودية، لذا سوف نتطرق لوضعية الأجراء خلال كل مسطرة على حدة.

أولا : استشارة الأجراء أثناء سريان مسطرة الوقاية الداخلية والخارجية

- الوقاية الداخلية: تتميز مسطرة الوقاية الداخلية بالسرية والمرونة، ذلك أنه لا يعلم بها سوى الأطراف الداخلية المرتبطة بالمقاولة، دون أن يعلم بها الغير، ودون أن تصل إلى علم رئيس المحكمة التجارية.
وقد حددت المادتان 546 و547 مجال أعمالها، ثم بعد ذلك حددت الأطراف الموكول إليها مهمة الرصد والإخبار والإخطار.
وباستقرائنا للمادة 546 من مدونة التجارة يلاحظ أن المشرع المغربي للإخطار، عن الوقائع التي من شأنها المس باستمرارية المقاولة كل من الشريك وكذا مراقب أو مراقبي الحسابات إن وجد، وقبلهما إلزام رئيس المقاولة بالكشف عنها.
وبهذا تميزت مسطرة الوقاية الداخلية في التشريع المغربي لغياب تام لدور الأجراء سواء حضورهم اجتماعات المسؤولين أو التشاور معهم وإبداء رأيهم إما مباشرة أو عن طريق ممثلهم، أو حتى الإشارة إلى دورهم في تبليغ المسؤولين بالإخلالات التي يكتشفونها من خلال مزاولة عملهم.
وقد انتقد بعض الفقه المغربي مشرع مسطرة الوقاية الداخلية لعدم منحه دورا إيجابيا وفعلا للإجراء أو منذوبيهم لإبلاغ المسيرين أو رئيس المقاولة بكل إخلال يمس هذه الأخيرة بمجرد اكتشافها، لأن هاته الفئة هي الأقرب والأقدر على رصد كل إخلال يمس السير العادي للمقاولة[4].
ونسجل في ذلك اختلافا واضحا بين القانون المغربي ونظيره الفرنسي الذي انفتح بالإضافة إلى هاتين الجهتين على لجنة المقاولة، وفي ذلك إشارة بينة وواضحة إلى الدور الذي يجب أن تقوم به الجهة الممثلة للأجراء، ويبدو هذا من خلال نص المادة 432 من قانون الشغل الفرنسي التي جاءت مطابقة للمادة 43 من قانون 1 مارس 1984، التي منحت صراحة للجنة المقاولة ضرورة تتبع وضعية المقاولة ومتابعة دائمة لوضعها المالي والاقتصادي وذلك لتجنب كل إخلال أو صعوبات قد تلحق بها، بالإضافة إلى ذلك فإن لجنة المقاولة في فرنسا تتخذ عدة مبادرات لمعرفة وضع المقاولة وتتلخص في:
-         طلب شروحات من اللجنة الاقتصادية للمقاولة أو من مراقب الحسابات
-         طلب شروحات من رئيس المقاولة.
-         طلب عقد اجتماعات مع أعضاء مجلس الإدارة والمراقبة.   
وفي حالة غياب أو عدم وجود لجنة المقاولة فإن المادة 42 في فقرتها الرابعة من قانون الشعل منحت نفس صلاحية لجنة المقاولة لمندوب الأجراء.
- الوقاية الخارجية: تتميز الإجراءات المرتبطة بالوقاية الخارجية بالبساطة والمرونة، إذ أن الأمر يتعلق بمسطرة غير تنازعية وتعتمد على السرعة لتخليل الصعوبات حتى تعود المقاولة إلى عافيتها الاقتصادية عموما.
وعليه فعندما يختار رئيس المحكمة تحريك مسطرة الوقاية الخارجية بهدف تصحيح وضعية المقاولة فإنه من أجل إنجاح هذه المسطرة يقوم بعدة إجراءات نصت عليها المواد 548 و549 من مدونة التجارة والتي من جملتها استشارة رئيس المحكمة التجارية لممثل العمال من أجل وضعه في الصورة المتبقية للوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة.
وهو في نفس التوجه الذي تبناه المشرع الفرنسي وكرسه في المادة 34 من قانون 1 مارس 1984 الذي اقتصر على إجراء رئيس المحكمة التجارية لعدة استشارات مع أي طرف بإمكانه منح معلومات تُكَون له صورة على المقاولة ويطلق على هذه المسطرة في الفقه الفرنسي اسم الإنذار الخارجي.
وهكذا يمكن القول أن مسطرة الوقاية الخارجية على عكس مسطرة الوقاية الداخلية قد أخذت باستشارة العمال لكنها قصرتها في إمكانية رئيس المحكمة التجارية الأخذ بها من عدمه دون أية إلزامية، وغالبا ما تكون بمبادرة من العمال حماية لمصلحتهم وارتباطهم المصيري بالمقاولة وذلك  في   فتح أو تحريك مسطرة الوقاية الخارجية.

ثانيا: وضعية الأجراء في مسطرة التسوية الودية

تعد مسطرة التسوية الودية من مساطر الوقاية الخارجية وهي بمثابة مسطرة تعاقدية أو اتفاق ودي بين المقاولة وكافة الدائنين الرئيسيين فقط، ويتم بواسطة المصالح مع تصديق رئيس المحكمة التجارية على هذا الاتفاق، ومن خلال تفحصنا للمواد المنظمة لتسوية الودية من المادة 550 إلى المادة 559 مدونة التجارة لاحظنا أن المشرع حافظ على مبدأ استشارة الأجراء واستثنى دونهم من المنع من الأداء.
- مدى استشارة الأجراء خلال مرحلة جريان مسطرة التسوية الودية
تنص المادة 552 من مدونة التجارة على ما يلي: "علاوة على السلطات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى المادة 548 يمكن تكليف خبير لإعداد تقرير الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمقاولة ..."
فهذه المادة تحيل صراحة على جميع مقتضيات المادة 548 التي تضمنت استشارة رئيس المحكمة العمال لأجل تزويده بالمعلومات الصحيحة عن وضعية المقاولة كما تطرقت المادة 552 إمكانية تكليف رئيس المحكمة التجارية لخبير تكون من بين مهامه إعداد تقرير عن الوضعية الاجتماعية للمقاولة.
ويستفاد من هذا المقتضى أن القانون منح لرئيس المحكمة التجارية عند اكتشافه صعوبات أو مشاكل تحبط وضعية الأجراء، إمكانية تكليف خبير الذي قد يكون من مندوب الأجراء، لأجل تزويده بالمعلومات حول وضعية العمال ومناصب الشغل، ومآل الأجور، حتى يمكن له اتخاذ القرار المناسب الذي يعود بالفائدة على الأجراء والمقاولة، ومما لا شك فيه أن استشارة الأجراء في هذه المرحلة الهامة لها أهمية بارزة باعتبارهم يمثلون الجانب الضعيف في المقاولة مما يمكنهم من التعبير عن آرائهم، للقضاء على كل خلل يعيق المقاولة.
- استثناء دين العمال من المنع من الأداء الوارد في الأمر بالوقف المؤقت للإجراءات.
تنص الفقرة الخامسة من المادة 555 من مدونة التجارة بمنع الأمر ولا يطبق هذا المنع على الديون الناجمة عن العمل.
يستفاد من مقتضيات هذه الفقرة أن رئيس المقاولة إذا كان مجبرا على عدم القيام بأي تصرف يضر المقاولة دون الحصول على ترخيص بذلك من رئيس المحكمة التجارية، فإنه غير مقيد بهذا الترخيص، ويملك كل الحرية في أداء ديون الأجراء وجميع مستحقاتهم، وتعد بذلك بادرة حسنة من قبل المشرع المغربي إذ اعتبر أن ديون الأجراء لا يمكن أن تشكل عبئا أو عائقا أمام تسوية المقاولة في حين تشكل في جميع الأحوال وسيلة عيش ومورد رزق لا يمكن التنازل عنه أبدا.

المطلب الثاني أهم الأجهزة المحافظة على حقوق العمال في مرحلة الوقاية

خول المشرع المغربي لمراقب الحسابات التبليغ عن الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرار المقاولة، ثم مكن مندوب الأجراء أو لجنة المقاولة من إبداء الرأي عن وضعية المقاولة بطلب من رئيس المحكمة، كما منح القضاء مجموعة من الصلاحيات لحمايتها

الفقرة الأولى مراقب الحسابات ومندوبية الأجراء كجهازين من داخل المقاولة
1.   مراقب الحسابات

تنص المادة 546 من مدونة التجارة على أنه "إذا لم يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح الإخلال الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على استغلالها يبلغ إيه مراقب الحسابات إن وجد أو أي شريك في الشركة الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلالها داخل ثمانية أيام من اكتشافه...إذا لوحظ أن الاستمرارية لازالت مختلة رغم القرار المتخذ من الجمعية العامة أخبر رئيس المحكمة بذلك من طرف مراقب الحسابات.
يتبن من هذه المادة أن مراقب الحسابات يعتبر من بين الأجهزة التي أناط بها المشرع تحريك مسطرة الوقاية الداخلية للمقاولة التجارية ودوره لا يتوقف عند الإخبار بدواعي الصعوبات وإنما يشمل كذلك فرض نوع من الرقابة على أجهزة الإدارة والتسيير قد تصل أحيانا إلى التدخل قصد خلق نوع من الشفافية في التدبير داخل المقاولة في التجارة[5]. وقد حمّل المشرع المغربي مراقب الحسابات المسؤوليات لتبليغ رئيس المقاولة بكل ما من شأنه الإخلال باستمرارية المقاولة داخل ثمانية أيام من اكتشافها، وذلك قصد حثّه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية المقاولة كخلية اقتصادية واجتماعية.
وباعتبار الأجراء هم الحلقة الأضعف في المقاولة فإنهم سيستفيدون من الحماية –ولو نسبية- هذا الإخطار الذي يقوم به مراقب الحسابات، بحيث أنه بإشعاره رئيس المقاولة سيضع حدّا لاستمرارية العراقيل التي تهدد المقاولة فإن أمكنه إصلاح الوضع داخليا فذلك وإلا فإن الوضع سينتقل إلى الوقاية الخارجية من خلال إشعار رئيس المحكمة التجارية باستمرار تلك الصعوبات، هذا الأخير سيقوم بالإجراءات اللازمة لإعادة الانتعاش للمقاولة.

2.   مندوبية العمال

ألزمت مدونة الشغل المقاولات التي تشغل عشرة أجراء على الأقل بتعيين مندوب الأجراء وإذا وصل عددهم إلى خمسين أجيرا تصبح ملزمة بتشكيل لجنة المقاولة[6]. ومن المهام التي منحت لمندوبي الأجراء في مساطر الوقاية ما نصّت عليه المادة 548 من مدونة التجارة التي مكّنت رئيس المحكمة التجارية من استشارة ممثل العمال لتكوين صورة حقيقية عن وضعية المقاولة التي تمر بصعوبات وما ينطبق على مندوب الأجراء ينطبق كذلك على لجنة المقاولة، إذ مكّنهما المشرع من إبداء المقتراحات التي يمكن أن تساعد على إعادة تصحيح مسار المقاولة.
وبالرجوع كذلك إلى المادة 185 من مدونة الشغل نجدها قد سمحت للمشغل الذي يمرّ بظروف طارئة أو تمر مقاولته بأزمة اقتصادية عابرة بالتخفيض من ساعات العمل لمدة لا تتجاوز 60 يوما في السنة أو تتجاوزها، فإذا تجاوزت هذه المدة فعليه استشارة مندوب الأجراء أو لجنة المقاولة قبل الإقبال على هذا التخفيض أما إذا تجاوز هذه المدة فإنه يصبح ملزما بالتفاوض معهم وإذا لم يتوصّلوا إلى اتفاق حقّ له أن يقوم بفصلهم طبقا للمادتين 66 و67 من هذه  المدونة.

الفقرة الثانية: جهاز القضاء كآلية حمائية للأجراء من خارج المقاولة

يتجلى دور القضاء في حماية الأجراء بصفة غير مباشرة في المادتين 549 و 553، تضمنت الأولى أنه يمكن لرئيس المقاولة تعيين وكيل خاص إذا تبين له أن الصعوبات التي تمر بها المقاولة يمكن تذليلها بتدخل من الغير ويكون بمقدوره تخفيف الاعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة. وكما هو واضح فإن المشرع لم يتطلب أية شروط في هذا الشخص فقط إن كانت له القدرة على التأثير في المتعاملين مع المقاولة وإقناعهم بالتساهل معها في حالة عدم وفائها بالالتزامات الكاملة الملقاة على عاتقها مستقبلا. لكن على ما يبدو فإن دور هذا الوكيل لا يعدو أن يكون مجرد أداة استشارية غير ملزمة إذ لا سلاح له في مواجهة الدائنين، هذه على عكس المادة 553 التي تتحدث عن فتح التسوية الودية عبر اعتماد الـمُصالح إذا تبين لرئيس المحكمة التجارية أن من شأن تعيينه أن يساهم في حلّ المشاكل التي تعاني منها المقاولة أو إذا تبين له أن اقتراحات رئيس المقاولة ستسهل ذلك.
ويتم تعيين المصالح لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد شهرا واحدا على الأكثر بطلب من هذا الأخير. وما يلاحظ هو أن المشرع منح للمصالح من خلال المادة 555 من المدونة مجموعة من الآليات التي ستساعده في الضغط على المتعاملين مع المقاولة، إذ يمكنه إن رأى أن الوقف المؤقت للإجراءات من شأنه تسهيل إبرام اتفاق أمكنه أن يعرض الأمر على رئيس المحكمة الذي يمكنه حسب سلطته التقديرية أن يصدر أمرا يحدد فيه مدة الوقف الذي لا يمكن أن يتجاوز مدة تعيين المصالح وذلك بعد الاستماع لرأي الدائنين وبالتالي حرمانهم من كل متابعة جماعية تهدف إلى الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي أو فسخ عقد لعدم سداده.
وإذا كان مشرعنا قد عدد الأجهزة المتدخلة لإنقاذ المقاولة –رهان التنمية الاقتصادية والاجتماعية- فإننا نعيب عليه عدم اشتراط أي تكوين اقتصادي أو قانوني في الوكيل الخاص والمصالح كما السنديك كما سيأتي معنا.

المبحث الثاني: وضعية الأجراء خلال مساطر المعالجة من صعوبات المقاولة

المطلب الأول: وضعية الأجراء أثناء فترة إعداد الحل

إذا تبين للمحكمة و هي تبث في غرفة المشورة في طلب فتح المسطرة أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه فإنها تقضي بفتح مسطرة التسوية القضائي وتعين القاضي المنتدب والسنديك لتتبع المسطرة ، وإذا كان المشرع المغربي كما أسلفنا سابقا لم يعرف التسوية القضائية  فإن المشرع الفرنسي قد حدد وبوضوح شديد الأهداف التي تروم إلى تحقيقها و هي أربعة كما حددناها آنفا ، ومن بينها الحفاظ على مناصب الشغل و ذلك بغية تحقيق نوع من التوازن بين مختلف الفعاليات الاقتصادية و الاجتماعية المرتبطة بالمقاولة ، أي ضرورة حصول توافق بين كل من رئيس المقاولة و الأجراء و الدائنين.[7]
وتجدر الإشارة إلى الدور الكبير الذي يلعبه السنديك خلال هذه المسطرة فهو يقع على عاتقه إعداد تقرير الموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية و إعداد مخطط التسوية، و كذا الظروف الاجتماعية المرتقبة لمواصلة النشاط و بالتالي فإنه يتعين على السنديك أن يضمن تقريره تحليلا شاملا عن العنصر البشري و بيان كيفية توظيف  العمال و المستخدمين ، و ما إذا كان هذا التشغيل يستجيب أم لا لحاجيات المقاولة وإمكانياتها، ومناصب الشغل و بيان ما إذا كانت هناك رغبة في تسريح الأعمال و المستخدمين لأسباب اقتصادية ومقدار التعويضات و كذا الإجراءات القانونية التي ينبغي اتخاذها طبقا لما تقرره مدونة الشغل وغيرها من الإشكاليات المرتبطة بالعنصر البشري والوضعية الاجتماعية للمقاولة .[8]
وإذا كان السنديك هو وحده القادر على تحديد مآل العقود جارية التنفيذ خلال سريان مسطرة التسوية القضائية و ذلك من خلال الصلاحية المقررة له بموجب نظام المساطر الجماعية وبالتالي هو الوحيد المخولة له سلطة الإبقاء على العقود الجارية التنفيذ أو إنهائها ، فإن الإشكال المطروح هو مدى سريان هذه الصلاحية كذلك على عقود العمل أم أن خصوصياتها تقتضي إقصاءها من هذه المسطرة ومعالجتها بكيفية خاصة؟
نجد المشرع المغربي ينص في المادة 573 من مدونة التجارة "..بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود  الجارية وتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة ..."
وهذه الصياغة لا تسعف في استثناء عقود الشغل ،بحيث إنها هي المطبقة علي كافة العقود الجارية بدون استثناء ،خلاف المشرع الفرنسي الذي حرص علي استثناء عقود الشغل من العقود الجارية المطبقة عليها المادة 37 من قانون التسوية والتصفية القضائية 1985 ، مستبعدا بذلك أية صلاحية لسنديك في إنهاء عقود الشغل . وقد أسندت المهمة إلي القاضي المنتدب وفق شروط محددة تتمثل في هذا الإعفاء له صيغة استعجاليه ولا يمكن تفاديه ، وعليه يظهر أن المشرع المغربي غلب الجانب الاقتصادي عن الجانب الاجتماعي مع العلم أنه فاعل مهم داخل المقاولة التي تمر بصعوبات . 

المطلب الثاني: وضعية الأجراء بعد اختيار الحل

سنتطرق في هذا المطلب إلى وضعية الأجراء خلال مخططي الاستمرارية والتفويت في (الفقرة الأولى)، على أن نتعرض في (الفقرة الثانية) لوضعية الأجراء أثناء التصفية القضائية.

الفقرة الأولى: وضعية الأجراء خلال مخططي الاستمرارية والتفويت

إن الآلية الكفيلة بتحقيق السلم الاجتماعي وحماية مناصب الشغل، هي ضمان بقاء المقاولة وذلك باعتماد مخطط الاستمرارية (أولا)، أو مخطط التفويت (ثانيا).

أولا: وضعية الأجراء خلال مخطط الاستمرارية

إن المشرع المغربي باعتماده مخططا للاستمرارية فإنه يهدف إلى الحفاظ على المقاولة ومن ثم المحافظة على مراكز الشغل... إلا أن الظرفية الاقتصادية لهذه الأخيرة قد تفرض التضحية ببعض عقود الشغل أو تعديل بعض بنودها لضمان بقاء العروض الأخرى.
فبالنسبة للقواعد الخاصة بالفصل لأسباب اقتصادية فإن المشرع في المادة 592 من م.ت لم يضع أحكاما خاصة تطبق في حالة الفصل فسخ عقود الشغل حينما يكون ذلك ضروريا لمعالجة وضعية المقاولة التي تعترضها صعوبات، وإنما أحال بشأن ذلك على أحكام مدونة الشغل.
وعليه، وطبقا للمادة 66 من م.ش يجب تبليغ الرغبة في الفصل لمندوبي الأجراء أو لجنة المقاولة عند وجودها قبل شهر واحد من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، مع تزويدهم بالمعلومات الضرورية ذات الصلة بالموضوع بما فيها أسباب الفصل، وعدد وفئات الأجراء المعنيين، والفترة التي يعتزم فيها الشروع في الفصل، واستشارتهم والتفاوض معهم حول الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى. وتبعا للفقرة الأخيرة من نفس المادة يجب على إدارة المقاولة تحرير محضر تدون فيه نتائج المشاورات والمفاوضات التي تحققت، موقع عليه من الطرفين، وتسلم نسخة منه لمندوبي الأجراء وأخرى إلى المندوب الإقليمي للشغل.
وبالنسبة للتشريع الفرنسي فإنه عندما يستدعي مخطط الاستمرارية فصل بعض الأجراء لأسباب اقتصادية، يتعين إعلام واستشارة ممثلي الأجراء، وكذا السلطة الإدارية المختصة، طبقا لمقتضيات المواد L321-8 وL321-9 من قانون الشغل. ويحدد المخطط بصفة خاصة الإعفاءات التي يجب أن تتم داخل أجل شهر من تاريخ الحكم، وذلك بمجرد إعلام الإدارة، دون الإخلال بحقوق الإخطار المنصوص عليها في التشريع والاتفاقات الجماعية.
أما بخصوص القواعد الخاصة المتعلقة بتعديل بنود عقد الشغل والتي تعود سلطة القيام بها إما لرئيس المقاولة أو السنديك أو هما معا بحسب مضمون المهمة التي كلف بها السنديك. وهذه التعديلات قد تكون جوهرية أو غير جوهرية.
ويقصد بالتعديل غير الجوهري التعديل الذي لا يترتب عليه أي أضرار للأجير سواء أكانت هذه الأضرار مادية أو معنوية[9]، وتطبيقا لذلك ورد في أحد قرارات المجلس الأعلى[10] سابقا محكمة النقض حاليا ما يلي: "وحيث صدق ما عابته الوسيلة لأن الطاعنة قد أدخلت تدابير تنظيمية جديدة على سير عملها بإنشاء مستودعات قارة بأهم المدن مما جعلها تستغني عن وظيفة الممثلين التجاريين، وأنها عينت المدعي في المحاسبة واحتفظت له بكل امتيازاته السابقة، وهو أمر لم يناقشه المطلوب في النقض الذي اعتبر ذلك فسخا للعقد مع أنه يحق لرب العمل اتخاذ جميع التدابير التنظيمية التي تهدف إلى تحسين مردودية العمل، وما دام الطاعن لم يتضرر في مصالحه لدى الطاعنة، فإن ما عللت بع المحكمة قرارها من اختلاف الميول والكفاءة هو تعليل غير كاف، ويتعارض مع حق الشركة في تنظيم العمل ويجعل القرار المطعون فيه بمثابة المنعدم التعليل المبرر للنقض".
أما التعديل الجوهري فهو الذي يلحق أحد العناصر الأساسية لعقد الشغل كالأجر مثلا، لذلك فإن أي إنقاص لهذا الأخير يعتبر تعديلا جوهريا لعقد الشغل يتطلب موافقة الأجير عليه[11]، سواء تعلق الأمر بالأجر الأساسي أو بملحقاته، وفي هذا الصدد نجد القضاء المغربي قد حمل المشرع المشغل الإنهاء التعسفي لعقد الشغل ولو قام الأجير بمغادرة المقاولة من تلقاء نفسه، متى كان ذلك نتيجة قيامه بالتخفيض من مدة الشغل، وتبعا التقليص من الأجر[12].
وبالنسبة لديون الأجراء خلال مرحلة حصر مخطط الاستمرارية فهي لا تخضع للتصريح والتحقيق، ويبقى للدائن الأجير المطالبة بديونه، واستعمال جميع الطرق القانونية للحصول عليها، دونما الخضوع لقاعدة وقف المتابعات الفردية المنصوص عليها في المادة 653 من م.ت.
كما أن ديون الأجراء لا تخضع للتخفيضات والآجال التي يقررها السنديك أثناء إعداد مخطط الاستمرارية.
هذا فيما يخص مخطط الاستمرارية فماذا عن وضعية الأجراء خلال مخطط التفويت؟

ثانيا: وضعية الأجراء خلال مخطط التفويت

إن اختيار المحكمة لمخطط التفويت رهين بتقديم عروض تضمن الحفاظ على مناصب الشغل من جهة، واستمرار عقود الشغل مع المالك الجديد للمقاولة من جهة ثانية.
بالنسبة لضمانات الحفاظ على مناصب الشغل فإنه بمجرد صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، يحق للأغيار تقديم ترشيحاتهم للنهوض بالمقاولة وتصحيح وضعيتها، وذلك بتقديم العروض إلى السنديك، خلال فترة إعداد الحل، وهذا ما يستشف من نص الفقرة الأولى من المادة 582 م.ت، وينبغي أن تتضمن هذه العروض إلزاميا الجانب الاجتماعي وهو ما يتضح من خلال المادة 604 م.ت.
وإذا كان التفويت يهدف أساسا إلى الإبقاء على النشاط الذي من شأنه أن يستغل بشكل مستقل والمحافظة على كل أو بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط وإبراء ذمة المقاولة من الخصوم حسب المادة 603 م.ت، فإنه يجب على المحكمة أن تختار العرض الذي يضمن أطول مدة لاستمرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين حسب م 605 م.ت، حيث إن العرض الأصلح هو الذي يراعي البعد الاجتماعي بما يقتضيه من ضمان استمرار مناصب الشغل الجديدة، والمناصب التي سيتم خلقها حسب حاجة المقاولة للأطر واليد العاملة المؤهلة[13].
غير أن الحفاظ على مناصب الشغل عند اعتماد مخطط التفويت، لا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه، لأن المفوت إليه قد يطلب في عرضه الترخيص له بالاستغناء عن بعض الأجراء ويستجاب لطلبه متى كانت مقترحاته جدية.
إلا أن المحكمة وهي تبت في هذا الطلب – طلب الفصل – يتعين عليها أن تأخذ بعين الاعتبار أن يكون الفصل استعجاليا وضروريا وعدم إمكانية تجنبه، إلا أن المشرع المغربي لم يحدد هذه المعايير، عكس نظيره الفرنسي الذي نص على هذه المقتضيات في نص المادة 45 من قانون 25 يناير 1985. والطبيعة الاجتماعية لفصل الأجراء تفرض على القاضي المنتدب مراقبة ما إذا كان الفصل يكتسي طابع الاستعجال وأنه إجراء ضروري ولا يمكن تجنبه، وأن ينظر إلى الفصل بأنه استثناء ضيق حتى لا يتحول إلى وسيلة احتيالية للاستغناء عن الأجراء[14].  
أما بالنسبة لاستمرار عقود الشغل مع المالك الجديد، فإن المشرع المغربي يربط الأجير بالمقاولة وليس بمالكها، وتبعا لذلك فإن انتقال المقاولة من مالكها الأصلي عن طريق التفويت أو غيره، لن يؤدي إلى إنهاء عقود الشغل بل تبقى مستمرة بين المالك الجديد للمشروع أو المفوت إليه، مما يشكل حماية للأجراء.

الفقرة الثانية: وضعية الأجراء أثناء التصفية القضائية

تعتبر التصفية القضائية شبحا يهدد المقاولة المتوقفة عن الدفع منذ رفع دعوى فتح المسطرة، إلى غاية إقفال التسوية القضائية التي تتم إما عن طريق اعتماد مخطط الاستمرارية أو اعتماد مخطط للتفويت.
ذلك أن المحكمة التجارية المختصة يمكنها أن تنطق بالتصفية القضائية منذ البداية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، كما يمكنها ذلك أثناء سير مسطرة التسوية القضائية، سواء خلال فترة إعداد الحل، أو خلال تنفيذ هذا الحل، نتيجة لفسخ مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت.
وعلى افتراض أن المحكمة قضت بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الدفع والمختلة بشكل لا رجعة فيه، فما مآل عقود الشغل خلال هذه المسطرة (أولا)، وما مصير ديون الأجراء (ثانيا).

أولا: مآل عقود الشغل

سنميز في هذا الصدد ما بين استمرارية عقود الشغل التي تفرضها مقتضيات المادة 620 م.ت، وبين الاستمرارية الناتجة عن تطبيق مقتضيات المادة 623 من نفس القانون.
فبالنسبة للاستمرارية في ظل المادة 620 م.ت فإنه إذا كان الغرض الأساسي من التصفية القضائية هو إنجاز الأصول وتصفية الخصوم وتوزيع العائدات على الدائنين، فإن تحقيق هذا الهدف قد يتطلب في بعض الأحيان استمرارية النشاط ولو أن المقاولة محكوم عليها بالتصفية القضائية، كما هو واضح من المادة 620 م.ت.
ويتبين من خلال هذه المادة أن استمرار نشاط المقاولة بعد الحكم عليها بالتصفية القضائية استثنائي ومؤقت، يجري خلال المدة التي تحددها المحكمة، والتي تبقى لها السلطة التقديرية في تبني هذه الاستمرارية من عدمها[15].
ومع ذلك تبقى هذه الحماية غير كافية خصوصا لأنها تتميز بطابع التأقيت.
أما بالنسبة للاستمرارية في ظل المادة 623 من م.ت فإن تقنية التفويت الشامل لوحدات الإنتاج تعتبر من بين الحلول المناسبة لإنقاذ عقود الشغل والحفاظ على حقوق الأجراء والحصول على ثمن يؤمن سداد ديون الدائنين إما كليا أو جزئيا، وتقوم هذه التقنية على تفويت وحدات الإنتاج سواء أكانت مؤلفة من جزء أو مجموع الأصول المنقولة أو العقارية.
وتبعا لذلك فإن الأجراء الذين يشتغلون بوحدات الإنتاج المفوتة يبقون محميين رغم خضوع المقاولة لمسطرة التصفية القضائية.
إلا أن هذه التقنية – تقنية التفويت الشامل لوحدات الإنتاج – تبقى هي الأخرى نادرة الوقوع إن لم نقل منعدمة، خصوصا أن المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، وفي هذه الحالة فلا مناص من بيع أصول المقاولة كل على حدة، مما يعني بالضرورة الإنهاء الكلي للوجود المادي والقانوني للمقاولة وبالتالي فسخ عقود الشغل.
وتجدر الإشارة هنا إلى مسطرة فصل الأجراء في حالة التصفية القضائية، حيث إنه وبالرجوع إلى القانون الفرنسي وبالضبط المادة 148 من قانون 1985 التي توازيها المادة L614-4 من قانون 2005، نجدها تنص على أن التسريحات التي يباشرها المصفي تطبيقا للقرار القاضي بالتصفية القضائية، تخضع لأحكام الفقرة الثانية من المادة L321-8 وL321-9 من قانون الشغل، وهو ما يعني أن تكون هذه التسريحات مسبوقة باستشارة ممثلي الأجراء، وإخبار السلطة الإدارية.
كما يتعين إجراء الفصل داخل 15 يوما من تاريخ الحكم بالتصفية تحت طائلة المسؤولية المدنية للمصفي عن ديون الأجراء.
أما بالنسبة للوضع في المغرب فإننا نظن أن الإحالة الواردة في المادة 592 م.ت لا تسري فقط على حالة حصر مخطط الاستمرارية المرفق بعملية توقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط، بل تشمل أيضا حالات التسريح التي تقع أثناء الإغلاق النهائي للمقاولة عند صدور حكم بالتصفية القضائية.

ثانيا: ديون الأجراء في ظل التصفية القضائية

إن حماية ديون الأجراء في ظل التصفية القضائية تعرف المحدودية وذلك راجع لسببين؛ الأول يتجلى في صعوبة حصر أموال المقاولة، والثاني يكمن في كثرة مصاريف المسطرة.
إلا أن السؤال الذي يظل مطروحا هو كيف يتعامل القضاء المغربي مع ديون الأجراء؟
بالنظر للطابع المعيشي للأجر، فإن بطء المساطر وعسر المشغل يكون له آثار وخيمة على الأجير، لذلك يبقى الرهان قائما على القضاء المغربي من خلال ضمان حسن تطبيقه لمقتضيات مدونة التجارة الواردة في هذا الباب ومن بينها المادة 629 م.ت والتي يستشف منها أن المشرع لم يتطلب أن يكون الدين مثقلا بامتياز أو بأي ضمان حتى يتم أداءه.
ومن تطبيقات هذا المقتضى ما جاء في إحدى الأوامر الصادرة عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالرباط[16] والذي جاء فيه: "بناء على الحكم الصادر بتاريخ 07/04/1999 في الملف عدد 4/1016/98 والقاضي بفتح مسطرة التصفية القضائية في حق شركة.... وحيث أن أصول الشركة قد تم بيعها بناء على الأمر بالبيع الصادر بتاريخ 01/06/2000 حيث سبق الأمر بأداء جزء من الديون وذلك لفائدة الأجراء في إطار المادة 629...".  

خاتمة

خلاصة القول، تعتبر المقاولة نواة اقتصادية تلتقي فيها مصالح ومستقبل مختلف شرائح المجتمع، فهي الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد قوي، وأي إخلال يؤثر على استمرارية مسيرتها الإنتاجية سيكون الأجراء هم المتضررون الأوائل، لذا يتعين دعمها وحمايتها والاهتمام بجوانبها الاجتماعية.

لائحة المراجع

الكتب
-   موسى عبود: "دروس في القانون الاجتماعي"، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية 1994.
-   محمد عبد الغفار البسيوني: "سلطة رب العمل في الانفراد بتعديل عقد العمل"، دار النهضة العربية، 1995.
-  أحمد شكري السباعي: "في التصفية القضائية والقواعد المشتركة بين مسطرتي التسوية القضائية والتصفية والجزاءات التجارية والجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة"، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى، 2000، الجزء الثالث.

الرسائل
-   عبد الرحيم القباب : "وضعية الأجراء في مساطر معالجة صعوبات المقاولة"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2009/2010.

المقالات
- محمد بن حساين: "عقد الشغل وصعوبات المقاولة"، مقال منشور بمجلة القانون المغربي، العدد 12، 2008.
- المهدي شبو: "لماذا تبنى المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة"، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 89، يوليوز 2001.
- محمد أبو الحسين: "وضعية الأجراء إثر تفويت المقاولة الموجودة في حالة تسوية قضائية"، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد الثاني، 2003.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - عبد الرحيم القباب : "وضعية الأجراء في مساطر معالجة صعوبات المقاولة"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر القانون الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2009/2010، ص 1و 2.
[2] - محمد بن حساين: "عقد الشغل وصعوبات المقاولة"، مقال منشور بمجلة القانون المغربي، العدد 12، 2008، ص 46.
[3] - المهدي شبو: "لماذا تبنى المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة"، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 89، يوليوز 2001، ص 61.
[4] -
[5] أحمد فراج. حماية الأجراء خلال مساطر صعوبات المقاولة، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء الرباط. ص15
[6]  راجع المادتين 430 و 464 من مدونة الشغل
[7]  -  أحمد شكري السباعي ، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة معالجتها ،ص 233 ط الثانية مطبعة النجاح
[8]  - عبد الحكيم فنجاوي ، سناء راكيع ، وضعية العمال في إطار القانون المقارن مصالحه صعوبات المقاولة ، رسالة نهاية التدريب ، المعهد العالي للقضاء ، 2002-2004
[9] - محمد عبد الغفار البسيوني: "سلطة رب العمل في الانفراد بتعديل عقد العمل"، دار النهضة العربية، 1995.
[10] - قرار المجلس الأعلى، ملف اجتماعي عدد 8415/92 بتاريخ 26 نونبر 1995، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 49 و50، يوليوز 1997، ص 127.
[11] - موسى عبود: "دروس في القانون الاجتماعي"، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية 1994، ص 139.
[12] - حكم صادر عن ابتدائية البيضاء، ملف رقم 3596، بتاريخ 30 شتنبر 1987، منشور بالمجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتنمية، العدد 22، 1990، ص 37.
[13] - عبد الرحيم القباب، م س، ص 68.
[14] - محمد أبو الحسين: "وضعية الأجراء إثر تفويت المقاولة الموجودة في حالة تسوية قضائية"، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد الثاني، 2003، ص 29.
[15] - أحمد شكري السباعي: "في التصفية القضائية والقواعد المشتركة بين مسطرتي التسوية القضائية والتصفية والجزاءات التجارية والجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة"، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى، 2000، الجزء الثالث، ص 17.
[16] - أمر صادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالرباط عدد 443، ملف رقم 323/21/2007 بتاريخ 24/5/2007، غير منشور.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات