القائمة الرئيسية

الصفحات

دور القاضي في تحقيق التوازن العقدي




تمهيـــد

 إن المشرع مواكبة منه لميل الإنسان الفطري للعيش في وسط اجتماعي مع ما يؤمن استمرار الحياة الاجتماعية ، سمح للأفراد بتنظيم علاقاتهم الخاصة الناشئة عن التعاقد ، و ذلك في أحوال معينة ، احتراما لحرية الإنسان و حقوقه و إرادته.
و قد دأب الفقه ، في إطار هذا التفويض ، على تشبيه الالتزامات التعاقدية المنشاة على وجه صحيح بالقانون ، و لم يكن عمل واضعي قانون الالتزامات  و العقود سوى تكريس لهذا المبدأ من خلال الفصل 230 من ق ل ع.
و إذا كانت العقود التي يجريها الأشخاص هي المعبر عن الدورة الاقتصادية ، غير أن هذا المقياس و إن كان يعتبر من البديهيات في الفكر الاقتصادي ، فان النظرة التقليدية لهذه الحرية هي التي تضعنا اليوم في مواجهة مشكل اختلال توازن العقد . ذلك أن التمسك الشديد بمبدأ سلطان الإرادة ، إذا كان له ما يبرره في الماضي حيث كانت القدرة على التفاوض و معرفة شروط العقد لا تتفاوت من شخص لأخر إلا بشكل نسبي ، فان تطور الحياة الاقتصادية كرس واقعا يتمثل في التفاوت الاقتصادي الهائل بين المتعاقدين ، مما مكن الطرف القوي اقتصاديا من فرض شروطه على الطرف الأخر و تعسفه في ذلك ، و كل ذلك يؤدي إلى الاختلال بالالتزامات العقدية و التي قد يستحيل مع وجودها تنفيذ العقد أو يصبح مرهقا يؤدي إلى اختلال احد طرفي العقد. لذا كان لا بد من التفكير في خلق توازن بين التزامات المتعاقدين .
  والواقع أن التوازن العقدي في بعده الموضوعي ومن خلال الآليات التي تسمح بحمايته وتحقيقه هو بلا شك لبنة أساسية في بناء العدالة التعاقدية وتهذيب الإرادة حتى تستقيم بوظيفتها ولا تكون أداة هيمنة واستغلال بفعل التطورات التي لحقت الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،وما صاحبها من تطورات في العلاقات القانونية أدت بالنصوص التشريعية إلى العجز عن ملاحقة هذه التغيرات وبالتالي خلق بون شاسع بين النص والممارسة، ومن ثم حماية الطرف الضعيف في العقد.
وهو ما شعر به القضاء مؤخرا، فاتخذ من المبادئ العامة الواردة في القانون المدني وسيلة لتحقيق التوازن العقدي، سواء من خلال مؤسسة التفسير التي جعل منها أداة للوقوف بجانب الطرف الضعيف، أو من خلال التوسع في فهم العديد من النصوص القانونية المتفرقة للوصول إلى نفس الغاية[1].
و من هنا تبرز إشكالية موضوع هذا العرض الذي سنحاول من خلاله الوقوف على دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي، حسب التصميم التالي:
المحور الأول : دور القضاء في مواجهة اختلال التوازن العقدي الناتج عن الشروط التعسفية ( عقود 
                       الإذعان )
        أولا : سلطة القاضي في مراجعة الشروط المجحفة و التعسفية
                 1 ) سلطة القاضي في تفسير العبارات الغامضة
                 2 ) سلطة القاضي في تفسير العبارات الواضحة
       ثانيا : سلطة القاضي في إعادة النظر في القوة الملزمة لشروط العقد
                1 ) الشروط الواردة في الوثائق العقدية
                2 ) الشروط الغير الواردة بالعقد الموقع عليه
المحور الثاني : دور القضاء في مواجهة اختلال التوازن العقدي الناتج عن الشرط الجزائي
       أولا : دور القاضي في تعديل الشرط الجزائي
               1 ) تخفيض الشرط الجزائي
               2 ) الزيادة في الشرط الجزائي
      ثانيا : الرقابة القضائية على شروط تطبيق الشرط الجزائي
               1 ) التأكد من إخلال المدين بالتزامه الأصلي
               2 ) التحقق من إصابة الدائن بالضرر
               3 ) البحث عن توافر العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر
               4 ) تقديم الدليل على إنذار المدين بالتنفيذ


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات