القائمة الرئيسية

الصفحات

محاضرة السلطات الإدارية المستقلة

محاضرة السلطات الإدارية المستقلة 

محاضرة السلطات الإدارية المستقلة
محاضرة السلطات الإدارية المستقلة 

تقديم
من الطبيعي جدا أن يثير مفهوم السلطات الإدارية المستقلة تساؤلات بشأن ماهية هذا المفهوم، ومعايير تعريفه، وخصائصه والأدوات القانونية لمزاولة مهامه، وأداء وظائفه، وأنماط الرقابة الممارسة عليه، ولكن قبل ذلك فإن السؤال الذي يبدو منطقيا في المقام الأول هو المتعلق بنوعية العلاقة أو الارتباط الموجود بين هذا المفهوم وحقل النشاط الحكومي.
للإجابة على ذلك يمكن القول بأن العلاقة بين السلطات الإدارية المستقلة والجهاز الحكومي تتأسس على الجانبين القانوني والوظيفي، فمن الناحية القانونية، يتأكد الارتباط على مستوى أسمى قاعدة قانونية، حيث ينص الدستور لا سيما في فصله 89 على أن " تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية" ولعل هذا الارتباط هو الذي دفع بعض الفقه إلى القول بأن القانون الإداري ليس في الواقع سوى امتدادا للقانون الدستوري، من زاوية أن الإدارة هي أداة موضوعة رهن إشارة الحكومة للاضطلاع بمهامها، ومن ثمة فهي ضمن تصور واسع امتداد طبيعي لها، لذلك فإن دراسة القانون الحكومي لا سيما من خلال العلاقات الممكنة بين الحكومة وباقي الهيئات الدستورية تقتضي بديهيا مقاربة الموضوع من جانب علاقتها مع الإدارة كذلك.
 وبالنظر إلى أن القانون الإداري قد ركز غالبا على الإدارة الكلاسيكية في شقيها المركزي واللامركزي، فإننا سنحاول هنا أن نتطرق إلى مكون إداري قلما حظي باهتمام الفقه في بلادنا، هو مفهوم السلطات الإدارية المستقلة، الذي تنطوي دراسته على فوائد تتأتى من عدة اعتبارات أبرزها تنبع من كون السلطات الإدارية المستقلة مكلفة بصفة عامة بتدبير مجالات تدخل عادة ضمن نطاق اختصاصات الحكومة (منافسة، إعلام، بورصة، حماية المعطيات الشخصية....الخ) وبالنظر إلى ارتباطها العضوي بالحكومة عموما وبرئيسها على وجه الخصوص، وهذا ما يجعلها مشمولة بالقانون الحكومي في معناه الواسع، أي من حيث كونها تمارس مهاما تدخل ضمن النشاط الحكومي.
وغير خاف أن نجاح الأنشطة الحكومية يرتهن إلى حد بعيد بتأثير الجهاز الإداري من حيث هو المنوط به تنزيل السياسات الحكومية وأجرأتها على مستوى الواقع من هنا أهمية دراسة السلطات الإدارية المستقلة من حيث هي جزء من البنيان الإداري. لكن ما يميز هذه السلطات هو أنها تتجاوز أن تكون مجرد أداة لتنفيذ سياسة الحكومة، حيث تصبح أيضا وسيلة إما لتأطير النشاط الحكومي أو لمراقبته في بعض الحالات، حيث يندرج إنشاء السلطات الإدارية المستقلة على حد تعبير الأستاذ محمد يحيا في إطار اعتماد رؤية جديدة لمقاربة إشكالية السلطة، أي أن الأمر يتعلق بتبني خيار مواز للسلطة الكلاسيكية القائمة من جهة على الطابع الفردي لممارسة الاختصاصات، ومن جهة أخرى على الفصل بين البنيات الإدارية حسب المهام المنوطة بها.
لكن لابد من الإشارة إلى أن هذا المفهوم ما يزال إلى حدود اليوم في بلادنا يسعى إلى أن يشق لنفسه طريقا تجعله غير خاضع لنفس الضوابط المعروفة في الميدان الإداري حسب تقدير الأستاذ الحسن حوات.


 والملاحظ في الأنظمة القانونية المقارنة هو أن هذه السلطات تمارس أنشطتها المتعلقة بمجال معين إما في ظل غياب تام لقطاع وزاري، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للمجال الإعلامي في كثير من الدول، وإما أنها تمارس مهامها بموازاة مع وجود وزارة وصية على القطاع، ولكن في استقلال تام عنها سواء من ناحية الوظائف الممارسة أو من ناحية التعيين أو على مستوى علاقات التبعية وتلقي الأوامر. وهذا ما يميزها عن البنيات الإدارية الكلاسيكية التي ترتبط بالقطاعات الوزارية من جانب كون المهام التي تمارسها تتم في إطار تفويض أو من حيث التعيين أو من ناحية الوصاية وإمكانية تلقي الأوامر والخضوع باستمرار للرقابة.
ويثير موضوع السلطات الإدارية المستقلة جملة من الملاحظات حيث تندرج تحت هذه التسمية مجموعة من الهيئات التي تتباين من حيث تشكيلها، ومهامها بل وحتى على مستوى تسميتها، فبعضها يسمى لجنة، والبعض الآخر مجلسا أو مجلسا أعلى، وتسمى هيئة كذلك في بعض الحالات. غير أن مفهوم السلطات الإدارية المستقلة في الأنساق القانونية المقارنة يحظى بوجود فعلي وقانوني تحت هذه التسمية بالذات، ففي فرنسا مثلا توجد العديد من النصوص القانونية التي تستعمل تعبير " السلطات الإدارية المستقلة" في حين أنه في بلادنا لا يوجد إلى حدود اليوم نص قانوني يستعمل هذه العبارة، على الرغم من وجود هيئات تنطبق عليها هذه التسمية عند مقارنتها بمثيلاتها في الدول الأجنبية، ذلك أن الدستور المغربي نص على مجموعة من الهيئات التي يمكن أن تصنف في هذا المجال، مثل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ومجلس المنافسة ومؤسسة الوسيط والتي تم إدراجها في أبواب مختلفة وإن كان أغلبها مشمولا بالباب الثاني عشر تحت عنوان الحكامة الجيدة الحكامة، كما أنه يستعمل إما تسمية الهيئة أو المجلس ويحددهما معا باعتبارهما مؤسسة مستقلة  (راجع الفصل161 المتعلق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة) والفصل 162 المتعلق بالوسيط (مؤسسة) والفصل 165 الخاص بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري و الفصل 166 الذي يهم مجلس المنافسة ويعتبره هيئة مستقلة،. وكذا الفصلين 36 و167 المتعلقين بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. شأنه في ذلك شأن النصوص القانونية التي تنظم هذه الهيئات، في حين أن جانبا من الفقه الدستوري المغربي يستعمل عبارة "هيئات الضبط أو التقنين". لكن تعبير السلطات الإدارية المستقلة لا يعدم استعمالات من طرف بعض الفقهاء والباحثين في مجال القانون خاصة في القانونين الإداري والدستوري.
إن التماثلات الموجودة بين الهيئات المغربية ونظيراتها الأجنبية بشأن مفهوم السلطة الإدارية المستقلة، تسمح بمقاربة الموضوع في توجهه العام، مع أخذ الفوارق الموجودة بعين الاعتبار، وهي فوارق تسجل ليس فقط على مستوى السبق التاريخي، بل وأيضا على مستوى القانون والقضاء، وبدرجة أقل على مستوى الفقه. إذ في الوقت الذي ما يزال فيه هذا الموضوع حبيس نقاشات أكاديمية ضيقة في بلادنا، فإنه على العكس من ذلك يتمتع بوضعية قانونية أوضح وأقوى في دول أخرى. وإذا أخذنا النموذج الفرنسي كمرجعية فإن مفهوم السلطات الإدارية المستقلة يتميز بأساس قانوني وقضائي إداري ودستوري وأوربي، كما يستفيد من تحليلات الفقه في هذا المجال، والتي قدمت إضافات نوعية للمفهوم وفقا لمنظور سوسيو إداري يتجاوز المقترب القانوني بغرض خدمة المواطن في إطار عملية تتغيى التجديد وعصرنة دور الدولة في المجال الإداري باسم الدولة ولصالح المواطنين.
وسنحاول من خلال هذه الورقة أن نحيط ببعض الجوانب الأساسية لمفهوم السلطات الإدارية المستقلة خصوصا من ناحية تعريفها، والخصوصيات التي تميزها، والأنشطة أو الوظائف التي تضطلع بها، قبل أن نتطرق إلى علاقتها مع الرقابة القضائية. 

I – معايير تحديد مفهوم السلطات الإدارية المستقلة 


تتميز السلطات الإدارية المستقلة بتظافر ثلاثة معايير، وتطلق هذه التسمية أحيانا على هيئات ولو أنها لا تتوفر على سلطات تقريرية حقيقية وتمارس مجرد مهام استشارية ولكن بصيغة خاصة.
إن المعايير التي يشكل تظافرها وجود السلطات الإدارية المستقلة تتمثل في غياب شخصية معنوية خاصة وعدم الخضوع إلى أية رقابة هرمية أو وصائية وسلطة اتخاذ قرارات إدارية انفرادية تنفيذية.

1- غياب شخصية قانونية خاصة: أثار مفهوم الشخصية المعنوية كثيرا من الجدال الفقهي واعتبر دوما عنوانا لاستقلالية الهيئات التي تتمتع بهذه الشخصية، خصوصا لدى الهيئات اللامركزية والمؤسسات العمومية، وجدير بالذكر أن الفقه القانوني الفرنسي كان هو السباق إلى إثارة مفهوم الشخصية المعنوية، وهو مفهوم نشأ في مجال القانون الخاص ومنه انتقل إلى مجال القانون العام، حيث أصبح حاليا يكتسي في القانون العام أهمية أكبر منه في القانون الخاص. والشخصية المعنوية مفهوم لا يدرك بالحس وإنما بالفكر فقط، وهي تعني الأهلية للتمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات. ففي مطلع القرن 19 اعتبرت نظرية مجازية، على أساس أن الشخص المعني لا يملك إرادة خاصة به، ولكن مع منتصف القرن 19 تحولت إلى نظرية حقيقية قائمة على اجتماع عدة أفراد طبيعيين ومن ثمة اعتبرت بمثابة تجسيد للإرادة الجماعية لهؤلاء الأفراد.
 تتميز السلطات الإدارية المستقلة بكونها تنشأ داخل شخصية عمومية موجودة (الدولة بالنسبة للسلطات الإدارية المستقلة المركزية)، ولذلك فهي لا تتوفر في حد ذاتها على شخصية قانونية خاصة بها.
إن الشخصية المعنوية لا تفترض وإنما تمنح صراحة من طرف القانون وهذا ما يلاحظ مثلا من خلال النصوص القانونية التي تتعلق بالمؤسسات العمومية كما هو الشأن بالنسبة للوكالات الحضرية على سبيل المثال حيث تنص المادة الأولى من الظهير الشريف رقم 51- 93- 1 الصادر في 10 شتنبر 1993 بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية على أن " تحدث مؤسسات عامة تسمى الوكالات الحضرية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي"، وهو نفس المبدأ الذي ينطبق على الجماعات الترابية كما هو الحال مثلا بالنسبة للمادة الأولى من القانون 00- 78 المتعلق بالميثاق الجماعي التي ورد فيها " الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي" أو المادة الأولى من القانون 00- 79 يتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم التي نصت على أن " العمالات والأقاليم جماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي" أو حاليا بالنسبة للمادة 3 من القانون التنظيمي رقم 14- 111 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 83- 15- 1 بتاريخ 7 يوليوز2015 المتعلق بالجهات التي نصت على ما يلي " الجهة جماعة ترابية خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي" أو المادة 2 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم التي نصت على أن "العمالة أو الإقليم جماعة ترابية خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي" أو المادة 2 من القانون التنظيمي 14- 113 المتعلق بالجماعات التي نصت على أن "تشكل الجماعة أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة وهي جماعة ترابية خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي".
لذلك فإن عدم تنصيص القانون صراحة على منح السلطات الإدارية المستقلة على شخصية معنوية يعني بداهة أنها لا تتوفر على هذه الشخصية، وأن كل هيئة تتوفر على شخصية معنوية تسقط عنها صفة السلطة الإدارية المستقلة، وهذا ما قاد في فرنسا إلى التوقف عن منح صفة السلطة الإدارية المستقلة لمجلس الصفقات بمجرد أن منح له قانون 2 غشت 1989 شخصية معنوية، وإلى عدم اعتبار مجلس الأسواق المالية الذي منحت له الشخصية المعنوية بموجب قانون 2 يوليوز 1996 سلطة إدارية مستقلة. وبذلك يمكن القول إن السلطات الإدارية المستقلة لا تعتبر بأي حال من الأحوال مظهرا من مظاهر اللامركزية سواء تعلق الأمر باللامركزية الترابية أو المرفقية.  
ينتج عن عدم توفرها على شخصية معنوية أولا أنها لا يمكن أن تترافع أمام القضاء أو أن يطعن في قراراتها امام القضاء باستثناء ما إذا رخص القانون بذلك صراحة وفي حدود هذا الترخيص فقط (قانون 2 غشت 1989 المتعلق بلجنة عمليات البورصة COB لم ينص سوى على إمكانية تقديمها لدعوى القضاء الشامل ضد قرارات هيئات الإيداع الجماعي للقيم المنقولة organismes de placement collectif en valeurs mobilières OPCVM وبالتالي فإن هذه اللجنة لا يمكنها مثلا رفع دعوى قضائية أخرى أو تقديم استئناف أو طعن بالنقض. وفيما يتعلق بدعاوى المسؤولية فإن لجنة عمليات البورصة يتم تمثيلها من طرف الوكيل القضائي للخزينة العامة، أما فيما عداها من الدعاوى فتمثل من طرف وزير المالية انظر (Cass. Com 26/10/1993 courrier jur des finances, janv fev 1994)
ويستتبع غياب الشخصية المعنوية  غياب الاستقلال المالي باعتبارهما متلازمين، حيث لا تتوفر السلطات الإدارية المستقلة على ذمة مالية خاصة بها، لذلك فإنها وبالنظر إلى كونها تعتبر جزءا لا يتجزأ من الدولة فإن هذه الأخيرة هي التي تعتبر مسؤولة عن الأضرار الناجمة عن أعمال وقرارات السلطة الإدارية المستقلة. وبتعبير أدق فإن قرارات السلطة الإدارية المستقلة غير المشروعة تؤدي إلى إثارة مسؤولية الدولة إذا سببت ضررا يتطلب التعويض.

2- الاستقلال الوظيفي: إن كل هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية يكون لها استقلال مالي وإداري، ولكنها تظل خاضعة لأنواع مختلفة ومتباينة من الرقابة أو الوصاية التي يمارسها عليها الشخص العام الذي تتبع له، وهذا ما يسمح لهذا الشخص العام الوصي أو المراقب بأن يؤثر في نشاط الهيئة المعنية بالتوجيه والتأطير أو حتى الحلول، فإذا استعدنا الظهير المتعلق بالوكالات الحضرية كمثال فإن المادة الأولى منه تنص أيضا على أن "تخضع الوكالات الحضرية لوصاية الدولة"، كما أن القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية تنص على أشكال متنوعة للرقابة التي تمارسها الدولة على الجماعات هكذا فإن المادة 76 من القانون التنظيمي 14- 111 المشار إليه أعلاه المتعلق بالجهات تسمح للدولة بتوقيف أو حل المجلس الجهوي في حين تنص المادة 77 على ممارسة سلطة الحلول.
لذلك لا بد من توضيح أن الاستقلالية المقصودة كمحدد مميز لمفهوم السلطات الإدارية المستقلة، حسب الأستاذ حوات هي استقلالية تخرج عن الإطار الطبيعي الذي تعرفه الدراسات الإدارية، وتقلب المفاهيم رأسا على عقب، بمعنى أن السلطات الإدارية المستقلة  في ممارستها لسلطة اتخاذ القرار فإنها لا تخضع بالمطلق للسلطة الرئاسية ولو أنها تتموقع داخل شخص عام. ففي حالة السلطات الإدارية المستقلة المركزية فإن هذه الأخيرة غير خاضعة للسلطة الرئاسية للوزير الأول أو للحكومة أو للوزراء. 
وإذا كان واضحا أن استقلالية السلطات الإدارية المستقلة تمنحها حرية أكبر للتصرف من تلقاء ذاتها، ودون حاجة إلى تدخل هيئات أخرى، فإن السؤال الذي يشغل بال الباحثين في هذا المجال هو المتعلق بمدى هذه الاستقلالية، وهل بالإمكان أن تكون استقلالية مطلقة وبدون حدود؟
على هذا السؤال يجيب الأستاذ المهدي السرسار في معرض دراسته للسلطات الإدارية المستقلة الفاعلة في ميدان الإعلام السمعي البصري، قبل أن يعمم الإجابة على كامل السلطات الإدارية المستقلة، أن هذه السلطات مستقلة نسبيا فقط، وألا أحد بإمكانه أن يؤكد بيقين وهو واثق من أنه على صواب من الناحية العملية على وجود سلطة مستقلة بالكامل، لأن القوى والعوامل التي تؤثر في السلطات الإدارية المستقلة متعددة، وأن القول بكونها مستقلة لا يعني بالضرورة أن تتجاهل كل شيء من أشخاص وقوانين وأخلاق، بالنظر إلى أن الاستقلالية بدون حدود أو قيود مستحيلة عمليا، ولا يمكن منطقيا التطلع إليها، لذلك فإن استقلالية السلطات الإدارية المستقلة تتضمن قيودا في كل بلاد ترتكز على المشروعية والتعاون الاجتماعي، أي أنها استقلالية تراعي باستمرار اعتبارات تمليها الحقوق الفردية والاجتماعية داخل الدولة. بتعبير آخر فإن استقلالية السلطات الإدارية المستقلة محدودة بالنصوص القانونية التي تنشئها من جهة، وبضرورة توخي المصلحة العامة في أنشطتها، وبوجود رقابة قضائية يمكن أن تقوم أعمالها في نطاق ما ينص عليه القانون.
3- الطابع الإداري للسلطات الإدارية المستقلة:
 تستمد السلطات الإدارية المستقلة الطابع الإداري من كونها تتولى أعمالا إدارية وقادرة من الناحية المبدئية على اتخاذ قرارات إدارية انفرادية تنفيذية.
وغالبا ما يتم تشخيص هذه السلطات من خلال اعتماد منهج المخالفة أي عبر نفي الصفتين التشريعية والقضائية عنها، إذ من المؤكد أن الأمر لا يتعلق بجهاز تشريعي على اعتبار أن هذه السلطات لا تمارس أنشطة إصدار القانون بمعناه الضيق والدقيق، كما لا تعتبر جزءا من الجهاز التشريعي، مثلما أن أعمالها لا تتمتع بحجية الشيء المشرع. 
ومن ناحية أخرى فإن هذه السلطات لا تنتمي إلى الجسم القضائي وأعمالها لا تكتسي حجية الشيء المقضي به. وبتوفرها على سلطة اتخاذ قرارات إدارية انفرادية تنفيذية تتميز السلطة الإدارية المستقلة عن الأجهزة ذات الطابع القضائي (التي توجد أحيانا داخل الإدارات من قبيل بعض المجالس التأديبية) والتي تعتبر مؤهلة لاتخاذ قرارات قضائية تتمتع بحجية الشيء المقضي به، وليس فقط قرارات إدارية ( مثلا في ما يتعلق بقرارات مجلس بورصة القيم أنظر ( CE 1er Mars 1999, Sté des bourses françaises RFDA 1999 p 632 Concl M de Saint- Pulgent)  
ولكن الأمر يتعقد أكثر عندما يتعلق بجهاز يتوفر على سلطة قضائية (زجر تأديبي عموما) وصلاحيات إدارية (تنظيم نشاط مقنن) في نفس الوقت. هكذا فإن أجهزة مثل المجلس الأعلى للسمعي البصري أو لجنة عمليات البورصة، او اللجنة البنكية في فرنسا تتوفر على صلاحيات إدارية وقضائية وهي لا تعتبر سلطات إدارية مستقلة سوى بالنسبة للنوع الأول من الأنشطة التي تمارسها.
وإذا كان الفقه الإداري الفرنسي  مثله مثل القانون يعتبرها سلطات إدارية، فإن الاختلاف الفقهي يبرز أساسا حول تحديد مجالها، حيث أنه في الوقت الذي يقصرها البعض على الهيئات القادرة على اتخاذ قرارات إدارية، ويربط منحها صفة سلطة بتوفرها فعلا على سلطة اتخاذ قرار كما هو الشأن بالنسبة لبول سابوران الذي يصنف ضمن السلطات الإدارية المستقلة فقط الهيئات التي تتميز قراراتها بطابع تنفيذي وتقبل الطعن فيها بالإلغاء.
فإن جانبا آخر من الفقه يدرجها ضمن مفهوم واسع كما هو الشأن بالنسبة لماري جوزي كيدون أو تيتجن كولي أو جانطو أو كازيي وكاناك الذي اعتبر أن  السلطة الإدارية المستقلة لها دائما سلطة، لكن مفهوم السلطة لا يقتصر على حالة قانونية ومادية فقط بل يمكن أن يكون له طابع معنوي أي أنه ليس من الضروري أن تتخذ أعمالها دوما طابع القرار التنفيذي ذي المضمون القاعدي، وإنما يمكن أن تتخذ في شكل آراء واقتراحات وتوصيات.
ويختصر كوديمي النقاش حول هذا الموضوع حيث يقول بأن الأمور واضحة مبدئيا إن السلطة الإدارية المستقلة تتميز بصلاحية اتخاذ قرارات إدارية انفرادية تنفيذية، وهذا ما يميزها عن الأجهزة الاستشارية التي لا تتوفر على هذه الصلاحية ويقتصر دورها على إصدار الآراء. ولكن من الممكن أن يتم منح نفس الجهاز صلاحيات للضبط واتخاذ القواعد ووظائف استشارية هكذا فإن أغلب السلطات الإدارية المستقلة تمارس فعلا أنشطة استشارية أو مهام اقتراح إلى جانب صلاحياتها التقريرية.
بل أكثر من ذلك يحدث أن القانون يمنح للجهاز صلاحيات استشارية تتجاوز مجرد الاستشارة وتكمن في إعداد مضمون القرار لكي يتبناه الوزير أو الحكومة وكمثال على ذلك فإن مدونة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية  تنص على أنه في حالة ندرة الترددات  بالنسبة لشبكة المواصلات السلكية واللاسلكية فإن الوزير ينشر باقتراح من سلطة تنظيم المواصلات السلكية واللاسلكية كيفيات وشروط منح الرخص، والأمر لا يتعلق هنا بمجرد اقتراح لأن الوزير مقيد ولا يمكنه رفض النشر أو طلب مقترح جديد بمعنى أن القرار متخذ فعلا من قبل سلطة تنظيم المجال وليس من طرف الوزير الذي يتحدد دوره في مجرد النشر فقط.
وتوجد حالات تمنح فيها تسمية سلطة إدارية مستقلة أحيانا بموجب نصوص القانون لأجهزة لا تتوفر سوى على اختصاص استشاري، ولكنها تمارسه بكيفية متميزة. فمنذ سنة 1983 تعتبر لجنة الولوج إلى المعلومات الإدارية CADA  سلطة إدارية مستقلة في حين أنها لا تقدم سوى آراء يتم اتباعها في 95 % من الحالات.  كما أن المشرع قد أهل سنة 1989 اللجنة الوطنية لتقييم المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني إلى مستوى سلطة إدارية مستقلة في حين أن هذه اللجنة لا تتوفر على اختصاص تقريري.
وأخيرا فإن فقهاء القانون الإداري يعتبرون أحيان كسلطة إدارية مستقلة هيئات ليس لها سوى اختصاص استشاري كما هو الشأن بالنسبة للجنة الاستشارية لأسرار الدفاع الوطني.
انطلاقا من هذه العناصر المكونة والضرورية فإن السلطات الإدارية المستقلة تنتظم وفق أشكال جد متنوعة حيث يمكن أن يتعلق الأمر بسلطات جماعية (وهذا ما يحدث غالبا) أو بشكل فردي (حالة الوسيط او المدافع عن الأطفال...الخ). كما يمكن أن تكون مركزية أي أن يتم إنشاؤها على مستوى إدارات مركزية كما يمكن أن تكون محلية أو حتى متخصصة عندما ترتبط بمؤسسات عمومية.
كما يحدث أيضا أن بعض السلطات الإدارية المستقلة لا تكون مستقلة أي غير خاضعة للسلطة الرئاسية سوى بالنسبة لجزء فقط من صلاحياتها مثلا لجنة عمليات البورصة أو اللجنة البنكية  فيحين أن بعض قراراتها يجب أن تتم المصادقة عليها من طرف وزير المالية.
وقد أدت إصلاحات السنوات الأخيرة إلى مضاعفة عدد السلطات الإدارية المستقلة وإنشائها في مجالات عديدة لكي تتناسب مع المظاهر الحديثة للإدارة العمومية كالاتصال السمعي البصري ومراقبة الاتفاقات والتركيز الاقتصادي والاستطلاعات والتمويل السياسي واستعمال المعلوميات وعلاقة الإدارة مع المدارين والأنشطة الرياضية ومراقبة الأسواق المالية وضبط الاتصالات السلكية واللاسلكية وعمليات التحويل من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتقييم المقاولات. وقد بلغ عدد السلطات الإدارية المستقلة في فرنسا سنة 1983 حوالي 18 ثم ارتفع إلى 34 سنة 2001.
وفي هذا الصدد يلاحظ وجود نموذج حقيقي للسلطات الإدارية المستقلة والذي شأنه شأن كل ظاهرة من هذا النوع يغذي نقدا خاصا به يتوجه أساسا إلى توسع هذه الظاهرة وليس إلى مبدئها.
لكن توسع وسيلة السلطات الإدارية المستقلة له حدود وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أثناء فحصه لمشروع قانون يتعلق بالأمن النووي أنه إذا كان ممكنا تخويل السلطات الإدارية المستقلة مهام الإخبار والخبرة فإن تخويلها سلطة المراقبة لا يبدو مبررا عندما يتعلق الأمر بشرطة خاصة للأمن النووي والوقاية من الإشعاع.

II- الخصائص المميزة للسلطات الإدارية المستقلة


على الرغم من صعوبة تحديد وصف نهائي لهذه الخصائص لا سيما بالنظر إلى قلة الكتابات في الموضوع والتحول المتزايد لهذه السلطات فإن الفقه يحدد بعض المميزات التي يمكن أن نجملها في الطابع الجمعي والحياد من جهة، وفي محدودية الانتداب والاستقلالية من جهة أخرى. 

1- الطابع الجمعي والحياد في تشكيل السلطات الإدارية المستقلة
تتكون مجمل السلطات الإدارية المستقلة من عدة أعضاء يشاركون في اتخاذ القرارات التي تصدر عن هذه السلطات، مع وجود اختلاف في طرق توليتهم. 
وهذا التعدد يستدعي كما يقول كوديمي من خارج نطاق الوظيفة العمومية التقليدية اختصاصات ومشروعيات خارجية تتمثل في أعضاء برلمانيين وقضاة محاكم عليا وشخصيات مختصة وممثلين عن المجتمع المدني.
في الولايات المتحدة الأمريكية فإن السلطات الإدارية المستقلة مسيرة بصفة عامة بشكل جماعي من 5 إلى 7 أعضاء في الغالب، ويتم تشكيلها حسب مبدأ الثنائية الحزبية أي بضمان تمثيلية متساوية لحزبي الأغلبية والأقلية بهدف تقوية حيادها السياسي.
وبصفة عامة كما يقول ميشال جانطو فإن فلسفة السلطات الإدارية المستقلة تفترض أن يقع اختيارها على أشخاص قادرين بفعل اختصاصاتهم والنظام الخاضعين له لكي يحظوا بثقة العموم.
والنقطة اللافتة للانتباه في تشكيل السلطات الإدارية المستقلة تتمثل في عضوية أفراد من السلك القضائي، حيث يمكن أن نشير مثلا إلى أن مجلس المنافسة الفرنسي يتكون من 16 عضوا من ضمنهم 7 قضاة أو قضاة سابقين وهذا ما يمثل ضمانة مهمة لاستقلالية السلطات الإدارية المستقلة.
إن تعدد صيغ الطابع الجمعي في تشكيل السلطات الإدارية المستقلة بقدر ما يفند فكرة النموذج الوحيد، يؤكد أيضا أن تصورات عديدة ممكنة وهذا ما يخدم بشكل إيجابي فكرة التلاؤم مع تنوع المهام التي تضطلع بها السلطات الإدارية المستقلة، وتعدد واختلاف المجالات التي تتدخل فيها.

2- المحدودية الزمنية لمدة الانتداب والاستقلالية العضوية للسلطات الإدارية المستقلة
من أبرز العيوب والانتقادات التي توجه إلى السلطات الإدارية الكلاسيكية هناك ديمومة المهام من جهة، وعدم الاستقلالية من جهة أخرى، ولعل من بين أهم خصائص السلطات الإدارية المستقلة  وجود محدودية زمنية على مستوى مدد الانتداب بالإضافة إلى استقلالية واسعة في مجال اتخاذ القرار.
فبالنسبة لمحدودية مدة الانتداب فعلى الرغم من تنوعها ما بين مدد طويلة أو قصيرة نسبيا فإنها دوما محدودة، ففي فرنسا مثلا لا تتجاوز المدة أربع سنوات بالنسبة للجنة عمليات البورصة، وخمس سنوات بالنسبة للجنة الوطنية للإعلاميات والحريات، وأقصى مدة هي ست سنوات كما هو الشأن بالنسبة للمدافع عن الحقوق والمجلس الأعلى للسمعي البصري ومجلس المنافسة. وإلى ذلك يسري عليها مبدأ عام هو أن مدة الانتداب غير قابلة للتجديد مبدئيا (حالة المدافع عن الحقوق، واللجنة الوطنية لتقييم الجامعات، ولجنة الاستطلاعات) أو أنها قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط ( حالة لجنة عمليات البورصة والمجلس الأعلى للسمعي البصري)
في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا فإن مدة الانتداب ولو أنها على العموم أطول من ولاية الرئيس المحددة في 4 سنوات لكنها دائما محدودة، وفي الغالب غير قابلة للتجديد.
وبالنسبة للاستقلالية فإن رقابة الوصاية والرقابة الإدارية بصفة عامة التي تمارس على المؤسسات العمومية والجماعات الترابية لا تطبق من حيث المبدأ على السلطات الإدارية المستقلة، التي لا تتوفر على الشخصية المعنوية ولا تندرج في إطار اللامركزية حيث أن أعضاء السلطات الإدارية المستقلة  عند ممارستهم لمهامهم لا يتلقون أوامر أو تعليمات من أية جهة كانت برلمانا أو حكومة كما أن قراراتهم لا تخضع لأية رقابة هرمية أو وصائية ولا يمكن تعديلها أو إلغاؤها إلا من طرف سلطة قضائية.
ولكن الاستقلالية تتأكد أيضا من الناحية العضوية بالنسبة لشغل مهام داخل هذه السلطات هكذا فإن التعيينات التي يقوم بها رئيس الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية لعضوية السلطات الإدارية المستقلة تتطلب موافقة مجلس الشيوخ حيث أن الرئيس ليست له سلطة مطلقة في التعيين كما أن سلطته في العزل مقيدة جدا ولا يمكن أن يمارسها إلا من أجل سبب مشروع. نفس الشيء بالنسبة لفرنسا فإذا كان التعيين مبدئيا يتم من طرف الرئيس والوزير الأول فإنه كثيرا ما يكون بناء على اقتراح من طرف هيئات أخرى وضمن شروط تحد من هيمنة الاعتبارات الشخصية في هذا المجال.
ويتعزز نظام الاستقلالية من خلال إقامة نظام لحالات التنافي في الجمع بين عضوية السلطات الإدارية المستقلة ووظائف أخرى، لأن من شأن ذلك أن يساعد على تفادي تأثير المصالح الذاتية في نشاط يفترض فيه أن يستجيب لضرورات الحياد والموضوعية، ويعرف هذا المقتضى تطبيقا صارما ونموذجيا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تنظم القوانين حالات التنافي من أجللا تقليص التأثيرات المصلحية والمنفعية، إذ يمنع على أعضاء السلطات الإدارية المستقلة شغل مناصب في المقاولات التي كانت تخضع سابقا لرقابتهم وذلك حتى بعد انصرام مدة انتدابهم ضمن هذه السلطات إما بشكل نهائي، أو على الأقل لمدة زمنية طويلة نسبيا بعد انتهاء انتدابهم ضمن السلطات الإدارية المستقلة المعنية.    

III- اختصاصات السلطات الإدارية المستقلة

تتدرج هذه الاختصاصات من مستوى استشاري إلى مستوى تنظيمي مرورا بإمكانية اتخاذ قارات إدارية انفرادية شخصية:

1- المهام الاستشارية للسلطات الإدارية المستقلة (الإدارة الاستشارية والاستشارة الإدارية)
إذا كانت السلطات الإدارية المستقلة  مدعوة دوما إلى تبرير وجودها على حد تعبير نينو لونكوباردي فإن قدرتها على تقديم آراء استشارية يمكن اعتبارها بمثابة حد أدنى ضروري وحيوي لوجود السلطات الإدارية المستقلة.
وينطبق على الآراء الاستشارية التي تصدرها السلطات الإدارية المستقلة نفس التصنيف المعروف في مجال القانون الإداري أي أنها إما آراء اختيارية أو إلزامية أو مطابقة.
وبصفة عامة فإن الآراء الاختيارية عمليا تكاد تكون بدون تأثير يذكر لأن السلطة المستشيرة تتمتع في هذه الحالة بامتياز تقديري في اللجوء إلى الاستشارة من جهة، وفي الأخذ بها من جهة أخرى. وفي هذا الإطار فإن طلب الاستشارة من السلطات الإدارية المستقلة في المواضيع التي تدخل في اختصاصها يمكن أن يقدم من طرف الإدارة بل وحتى من طرف الخواص، حيث يمكن أن نشير إلى  أن اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات تتلقى طلبات من طرف الإدارة بخصوص استعمال بعض طرق المعالجة المعلوماتية.  كما أن لجنة حماية المستهلكين لها سلطة استشارية عامة ترخص للوزراء باستشارتها في كل المجالات التي تدخل في اختصاصها، بدون تلزمهم بذلك.
أما في حالة الرأي الاستشاري الإلزامي فإن السلطة الإدارية تصبح ملزمة بطلب رأي السلطات الإدارية المستقلة، ومع أنها غير ملزمة بالأخذ بمضمون الاستشارة فإن عدم اللجوء إليها يؤدي إلى جعل القرار معيب من ناحية الشكل وبالتالي معرض للإلغاء، ويعتبر ميشيل جانطو أن الاستشارة الالزامية تعتبر قاعدة عامة بالنسبة للقرارات التنظيمية التي تدخل في نطاق الاختصاص الاستشاري للسلطات الإدارية المستقلة كما في حال اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات التي تقدم آراء معللة قبل صدور القرارات التنظيمية عن إدارات  أخرى  في مجال معالجة المعلومات إعلاميا. وبالنظر إلى أن رأي هذه اللجنة يجسد الرغبة في حمالة المدارين فإن عدم الأخذ به من طرف السلطة المستشيرة لا يمكن أن يكون مقبولا إلا ذا أجازه مرسوم يتخذ بناء على رأي مطابق لمجلس الدولة.
لكن الاستشارة الالزامية تطبق أيضا على القرارات الفردية خاصة في المجالات التي ترتبط بحقوق الأفراد وحمايتهم ضد التعسفات الإدارية كما هو الحال بالنسبة للجنة الاطلاع على الوثائق الإدارية، حيث أنه عندما ترفض إدارة معينة إطلاع شخص على وثيقة تهمه يمكنه أن يحيل الأمر على هذه اللجنة لتعطي رأيا استشاريا حول شرعية موقف الإدارة وهو رأي تبلغه خلال شهر للإدارة وللمعني بالأمر، وقد أثبتت الممارسة أن هذا الرأي تأخذ به الإدارة في تسع حالات من بين كل عشرة.
ومع أن حالة الرأي المطابق تعتبر جد استثنائية فإن التنصيص عليها يتم بغاية توفير ضمانات قوية لحماية المواطنين، حيث أن الإدارة في هذه الحالة ليست ملزمة فقط بطلب الرأي الاستشاري من السلطات الإدارية المستقلة  بل مجبرة أيضا على التقيد بمضمون هذه الاستشارة، كما هو الشأن بالنسبة للاستشارات التي تطلبها مختلف الإدارات الفرنسية من اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات في حالتين الأولى تهم تزويد الحاسوب بمعطيات اسمية تظهر الأصول العرقية والآراء السياسية والمعتقدات الفلسفية أو الدينية والانتماءات النقابية للأشخاص، والثانية تخص نظام التراخيص الممنوحة إلى أشخاص معنويين يديرون مرفقا عموميا من أجل إنجاز متابعة تلقائية للمعلومات الاسمية التي تهم المخالفات والإدانات وإجراءات الأمن، أو بالنسبة للرأي المطابق الذي تبديه لجنة المخالفات الجبائية لفائدة الإدارة العامة للضرائب قبل أن تلجأ إلى المتابعات القضائية، حيث يعتبر رأي اللجنة ملزما في مضمونه تحت طائلة بطلان الشكاية التي تتقدم بها الإدارة العامة للضرائب، ولكن وأساسا لأن الإدارة لا يمكنها وضع شكاية إذا كان رأي اللجنة سلبيا، وهي مطالبة بوضع شكاية إذا كان رأي اللجنة إيجابيا من دون إمكانية التراجع مهما كان السبب في ذلك.  وهذا ما يعني أن  السلطة الإدارية المستقلة صاحبة الرأي المطابق في هذه الحالة هي صاحبة القرار الفعلي.

2- الأنشطة التقريرية  للسلطات الإدارية المستقلة
تتجاوز أنشطة السلطات الإدارية المستقلة  المجال الاستشاري لتشمل الاختصاصات التقريرية وقد كان دور المجلس الدستوري الفرنسي مهما في حسم الخلاف حول أهلية هذه السلطات لمزاولة اختصاصات تنظيمية حيث اعترف لها بهذا الاختصاص طالما أن ذلك يتعلق بمجال يحدده القانون واللوائح التنظيمية وبشرط ألا يتجاوز سلطة الدولة.
لقد أدت التطورات إلى نمو متواصل للاختصاصات التقريرية للسلطات الإدارية المستقلة  بسبب الرغبة في تحصين حقوق وحريات المواطنين من ناحية وبحثا عن الفعالية والكفاءة والخبرة في مجالات النشاط الإداري. وبصفة عامة يمكن التمييز في قرارات السلطات الإدارية المستقلة بين القرارات الفردية والقرارات التنظيمية.

أ‌- القرارات الفردية:  فيما يتعلق بالقرارات الفردية، تتمتع السلطات الإدارية المستقلة بصلاحيات هامة في هذا المجال على مستوى التعيين، والترخيص، لكن نوعا خاصا من هذه القرارات الفردية هو الذي أثار نقاشا فقهيا وقضائيا واسعا، وهو المتعلق بسلطة إصدار وتوقيع جزاءات على الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، حيث يربط جانب من الفقه الإداري العام تطور الجزاءات الإدارية بظهور السلطات الإدارية المستقلة .
إن تزايد سلطات التنظيم والمعاقبة وحل الخلافات الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة  في الولايات المتحدة الأمريكية يقود حسب لونكوباردي إلى اعتبارها سلطات" شبه تشريعية" و"شبه قضائية" تنجم فعاليتها عن تعدد وظائفها ومناط الضمان بالنسبة لأنشطة السلطات الإدارية المستقلة هو أن نشاطها خاضع لرقابة القضاء والكونغرس معا، حيث يمكن لهذا الأخير تشكيل لجان خاصة لمراقبة أنشطة السلطات الإدارية المستقلة    بل ويمكنه أن يضع حدا لأنشطة بعضها.
ويرى بعض الفقه الإداري الفرنسي الحديث أن التطور الحالي للجزاءات الإدارية، قد وجد متنفسا جديدا في ظهور السلطات الإدارية المستقلة، من غير أن يتعارض ذلك مع مبدأ الفصل بين السلطات. فقد حدث توسع الزجر الإداري في سنوات الثمانينات، من خلال منح السلطات الإدارية المستقلة صلاحيات مهمة لتوقيع الجزاءات الإدارية، و كان موقف القضاءين الإداري والدستوري الفرنسيين واضحا، عندما أقر إمكانية صدور الجزاءات الإدارية عن السلطات الإدارية المستقلة، واعتبر أنه لا يوجد مبدأ يمنعها من ذلك، لا سيما وأن الطبيعة القانونية لهذه الجزاءات، بوصفها قرارات إدارية انفرادية، لا تتعارض في شيء مع مبدأ الفصل بين السلطات. فقد أقر المجلس الدستوري الفرنسي صراحة دستورية الجزاءات الإدارية، ابتداء من سنة1989، أولا من خلال اعتراف جزئي في قراره الصادر في 17 يناير 1989 ، ثم حدث بعد ذلك التكريس الكلي للمبدأ، من خلال صياغة عامة أقرها في قراره الصادر في 28 يوليوز1989 المتعلق بسلطة لجنة عمليات البورصة. ففي هذا القرار الذي اعتبر أول مقاربة تحليلية من جانب القضاء الدستوري للزجر الإداري الممارس من طرف السلطات الإدارية المستقلة، استبعد المجلس الدستوري الفرنسي صراحة الشكوك والاعتراضات الفقهية، وخاصة المقاربة الأساسية التي يثيرها الفقه عند اعتراضه على الجزاءات الإدارية. والتي تتمثل في خرق مبدأ الفصل بين السلطات، إذ بإعلانه أن الزجر الإداري لا يتعارض مع الدستور، حيث اعتبر أن مبدأ الفصل بين السلطات لا يمنع السلطات الإدارية المستقلة  من اتخاذ قرارات ذات طبيعة عقابية وكان شرطه الوحيد هو ألا تكون العقوبة الموقعة من جنس العقوبات السالبة لحريات الأفراد.
إن الحالة الوحيدة التي يرفض فيها القضاء الدستوري الفرنسي جزاءات إدارية، صادرة عن سلطة إدارية مستقلة، هي الحالة التي يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحرمان من الحرية الشخصية. أما في ما عدا ذلك، فيمكنها أن توقع أي جزاء آخر، طالما أن ذلك لا يتعارض مع مبدإ المشروعية طبقا للقاعدة الشهيرة   " لا عقوبة إلا بنص". وهكذا فإن المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا على سبيل المثال، يمكنه أن يصدر أربعة أنواع من الجزاءات على الأشخاص الحاصلين على رخص البث الإعلامي، في حالة ارتكابهم لأعمال مخالفة لمقتضيات القانون المنظم لمجال الإعلام. وتتدرج هذه الجزاءات بالنظر إلى خطورتها من توقيف الرخصة أو جزء من البرنامج لمدة شهر على الأكثر إلى التقليص من مدة الترخيص لمدة لا تتجاوز سنة واحدة إلى فرض جزاءات مالية مع توقيف الرخصة أو جزء من البرنامج ويمكن أن تصل إلى حد سحب الرخصة بصفة نهائية.
أما بالنسبة لبلادنا فيعتبر الظهير الشريف الصادر في 31 غشت 2002 بشأن إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي- البصري مظهرا لتأكيد القانون سلطة إصدار جزاءات إدارية من قبل السلطات الإدارية المستقلة، لمعاقبة الحاصلين على رخص استغلال البث السمعي البصري، على عدم احترامهم للقانون أو لتعهداتهم. إذ جاء في المادة 3 منه وفي إطار اختصاصات الهيئة، أنها مختصة بالمعاقبة على المخالفات المرتكبة من لدن هيئات الاتصال السمعي البصري، وفي نفس الإطار أكدت المادة  17 من نفس الظهير أنه " إذا لم يتقيد حامل الرخصة بالتأسيس والاستغلال بالشروط المفروضة عليه وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية... فإن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري يجوز له بعد التداول أن يقرر إما توجيه إنذار إلى المنشأة المعنية أو إيقاع العقوبات المنصوص عليها في دفتر التحملات. وإذا لم يمتثل المرخص له للإعذار الموجه إليه. فإن مدير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات يحيل الأمر في الحال إلى المدير العام للاتصال السمعي البصري، قصد اتخاذ إحدى العقوبات المشار إليها أعلاه، وفي حالة الاستعجال يوقف مدير الوكالة رخصة استعمال الموجات....".
وبالنسبة لماري جوزي كيدون فإن العقوبات الموقعة من طرف السلطات الإدارية المستقلة  تراعي منطق العدالة لأنها تخضع لشروط أساسية تتمثل في :
- شرعية الجزاء طبقا للمبدأ الشهير "لا عقوبة إلا بنص" والذي يطبق على عقوبات السلطات الإدارية المستقلة  بنفس الصرامة التي يطبق بها في مجال القانون الجنائي؛
- مبدأ عدم رجعية القرار العقابي؛؛
- احترام حقوق الدفاع (الاطلاع على الملف، المسطرة الحضورية وإمكانية إيقاف تنفيد القرار الزجري)؛
- وأخيرا خضوع جزاءات السلطات الإدارية المستقلة  لرقابة القضاء الذي يمكنه إلغاء جزاءات السلطات الإدارية المستقلة  إذا ثبت لديه وجود شطط في استعمال السلطة.
في حين يرى كوديمي أن القانون عندما منح القانون للسلطات الإدارية المستقلة اختصاصات للزجر الإداري خاصة في مواجهة المقاولات، فإن هذه الجزاءات لا يمكن إصداراها سوى مع مراعاة كافة الضمانات التي يتضمنها القانون الإداري الزجري ومثلا فإن الجزاءات الموقعة من طرف لجنة مراقبة التأمينات يجب أن تكون مسبوقة بإعذار  CE21 février 1996 MUTUELLE ANTILLAISE D’ASSURANCEكما أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يطبق بنفس الصيغة على الجزاءات الإدارية والجنائية CE 09 octobre 1996 société Prigest  ثم إن أجهزة التحقيق والتقرير يجب أن تكون منفصلة . وإذا كان مبدأ الإحالة الذاتية من قبل السلطات الإدارية المستقلة ممكنا بغرض توقيع جزاء فإنها لا يجب أن تتجاهل مبدأ الحياد CE 22 octobre 2000 société Habib Bank Limited.

ب‌- القرارات التنظيمية للسلطات الإدارية المستقلة: التقنين والتنظيم 
من الطبيعي أن يطرح السؤال حول الأساس القانوني لسلطة التنظيم الممنوحة للسلطات الإدارية المستقلة، والتي تمارس باسم الدولة، وقد قدم المجلس الدستوري الفرنسي جوابا يبين حدود هذه السلطة التنظيمية المفوضة. حيث اعتبر أن القانون يمكنه وبدون أن يعتبر ذلك إخلالا بتوزيع السلطة التنظيمية كما هي محددة دستوريا منح اختصاصات تنظيمية للسلطات الإدارية المستقلة ولو أنها غير خاضعة لأي شكل من أشكال السلطة الرئاسية من قبيل الوزير الأول أو باقي الوزراء. ففي قراره الصادر في 18 شتنبر 1986 بخصوص اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات اعتبر المجلس الدستوري أن الفصل 21 من الدستور لا يضع حاجزا امام المشرع لتأهيل سلطات اخرى من الدولة غير الوزير الأول "لكي تتولى ضمن مجال محدد وفي الإطار الذي تحدد القوانين والنظم  وضع قواعد تسمح بتفعيل قانون معين" ولكن بشرط ألا تؤدي هذه السلطة التنظيمية الخاصة إلى تجاوز السلطة التنظيمية للحكومة وألا تكون واسعة من حيث مضمونها.
كذلك فإن المجلس الدستوري عندما أحيل عليه قانون تنظيم المواصلات السلكية واللاسلكية اعتبر أن "الاختصاص التنظيمي المعترف به لهيئة تنظيم المواصلات السلكية واللاسلكية هو اختصاص محدود من ناحية مجال تطبيقه، ويجب أن يمارس في إطار احترام مدونة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكي والنصوص التنظيمية الصادرة بتطبيقها".
كما أوضح المجلس الدستوري من ناحية أخرى أنه إذا كان مسموحا للمشرع باعتباره المؤهل بموجب الفصل 34 من الدستور لكي يحدد القواعد المتعلقة بالضمانات الأساسية الممنوحة للمواطنين من أجل ممارسة الحريات العامة أن يمنح للسلطات الإدارية المستقلة صلاحيات تقديرية ضمن شروط وتحديدات يسنها، فإنه مطالب أيضا بأن يخضع ممارسة هذه الصلاحيات لإجراءات تهدف إلى حماية الحقوق والحريات التي يضمنها  الدستور.
وفي هذا الإطار يرى الأستاذ يحي حلوي أن سلطة إصدار القرارات التنظيمية الموكولة لبعض السلطات الإدارية المستقلة هي سلطة محدودة ومتميزة فيهي محدودة لأنها لا ترتبط إلا بالمجال الذي أنشئت من اجله وهي متميزة لأنها تختلف عن السلطة التنظيمية العامة التي يتمتع بها الوزير الأول، كما أنها مقيدة أيضا بالقانون والنصوص التنظيمية.
الضبط والتنظيم
هل يمكن ان نذهب بعيدا للقول بأن السلطة القاعدية لدى السلطات الإدارية المستقلة في عمومها تبدي خصائص تميزها عن السلطة التنظيمية الكلاسيكية وتبرر تقديمها باعتبارها "ضبطا" (مع محاولة نسيان أن مصطلح الضبط المستمد من اللغة الإنجليزية يعني التنظيم هناك( يعتقد بعض الكتاب ذلك. والمشرع نفسه حاليا يصف السلطات الإدارية المستقلة حاليا أو على الأقل تلك التي تنشط في المجال الاقتصادي باعتبارها سلطة ضبط.
صحيح أن أشكال ممارسة هذه الاختصاصات التي تمر عبر التشاور والتجريب ومن خلال عمل بيداغوجي للإقناع والمواكبة بالتوصيات ومدونات حسن السلوك والتحكيم وهي كلها تستعمل غالبا إيديولوجيا للشراكة وما نسميه بالقرارات الإدارية "غير المهيكلة" والتي تتميز بشدة عن الوسائل الكلاسيكية للتنظيم الانفرادي للدولة، ولكن هذا الأمر يتعلق حاليا بمجموع القانون الاقتصادي والاجتماعي الذي يخضع حاليا لهذا التحول العميق على مستوى الشكل والتعبير.
وفي حالة المنازعات خصوصا فإن الاختلاف يظهر بوضوح لأن القرار إما ان تكون له حمولة قاعدية أو ضبطية إيجابية "يسبب ضررا" وبالتالي يكون قابلا لرقابة المشروعية بواسطة القاضي وإما أنه من جنس الإقناع السياسي ولا يشكل عملا تنظيميا بالمعنى الدقيق للمصطلح وبالتالي لا يخضع لرقابة المشروعية بواسطة القاضي. 

IV- الرقابة القضائية على قرارات السلطات الإدارية المستقلة

تنبغي الإشارة إلى أنه لكي تكون مستقلة فإن  السلطات الإدارية المستقلة، تخضع لرقابة المحاكم بالنسبة للقرارات التي تتخذها وعندما لا تكون هذه القرارات مشروعة يتم إلغاؤها من طرف القاضي الإداري على غرار القرارات الإدارية الأخرى التي تسبب ضررا، وتعتبر الدعوى القضائية الوسيلة الوحيدة المتاحة للإدارة من أجل إلغاء قرارات السلطات الإدارية المستقلة. وغالبا ما يطبق القاضي على قرارات السلطات الإدارية المستقلة النظام العادي للنزاعات المتعلقة بالقرارات الإدارية الانفرادية.
لكن المشكل الذي يبرز في هذا المجال يرجع إلى تداخل ممارسة السلطات التنظيمية غالبا مع منح السلطات الإدارية المستقلة اختصاص إصدار توصيات أو التوفيق بين المصالح أو تقديم اقتراحات، ويصعب تحديد الطبيعة القانونية لهذه الأعمال احيانا، علما بأنها يمكن أن تكون ملزمة عمليا دون ان تسمح بمراقبة قضائية.
ومن حيث المبدأ هذه التوصيات لا ترقى إلى مستوى قرارات إدارية انفرادية لذلك فقد اعتبرت توصيات اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات غير مسببة لضرر وبالتالي غير قابلة لأن تكون موضوع دعوى للإلغاء 27 Septembre 1989 SA Chopin Rec Lebon p 432.  CEنفس الشيء بالنسبة لآراء لجنة حماية المستهلكين CE 27 mai 1987 SA Laboratoires Goupil Rec Lebon p 181.
إلا ان القاضي اعتبر في العديد من المرات بأن لها مضمونا قاعديا، فانطلاقا من قانون 29 يوليوز1982 اعتبر مجلس الدولة أن التوصيات التي سهرت عليها السلطة السمعية البصرية قد أحدثت آثارا قانونية متوازية مع القرارات التنظيمية وبالتالي يمكن الطعن فيها بسبب تجاوز السلطة. وفي قرار له اعتبر المجلس الدستوري أن سلطة التوصية الممارسة من طرف اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات تجاه المستغلين بمقتضى المادتين 10 و13 من قانون 30 شتنبر 1986 شبيهة بالسلطة التنظيمية وإن رفض التدخل عن طريق التوصية من أجل إعمال احترام مبدأ التعدد يمكن أن يؤدي إلى رفع النزاع إلى المحكمة الإدارية المختصة".  
نفس الشيء بالنسبة لإنذار ممنوح من طرف رئيس المجلس الأعلى للسمعي البصري لمدير محطة تمارس البث بدون رخصة أو إعذار موجه من طرف رئيس المجلس الأعلى للسمعي البصري لقناة تلفزية.
ولكن في المقابل فإن "القواعد المبسطة" التي تعدها اللجنة الوطنية للإعلاميات والحريات تعتبر قرارات تنظيمية قابلة للطعن بالتجاوز في استعمال السلطة CE 12 Mars1982, CGT Rec Lebon p 107 كذلك الشأن بالنسبة لمداولات هذه الهيئة، ونفس الشيء بالنسبة لبلاغ صادر عن المجلس الأعلى للسمعي البصريCE 3 Juillet 2000 Sté civile des acteurs réalisateurs producteurs . 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات