القائمة الرئيسية

الصفحات

وضعية الأجنبي بين المقاربة الأمنية والمقاربة الحقوقية

وضعية الأجنبي بين المقاربة الأمنية والمقاربة الحقوقية

وضعية الأجنبي بين المقاربة الأمنية والمقاربة الحقوقية
وضعية الأجنبي بين المقاربة الأمنية والمقاربة الحقوقية

المقدمة

أمام عولمة تدفقات الهجرة في العقود الأخيرة، تعددت فئات الأجانب، منهم المقيمون الدائمون، والمهاجرون، واللاجئون، وطالبو اللجوء، وضحايا الاتجار بالبشر، والطلاب الأجانب، والزوار المؤقتين، وعديمو الجنسية، وتحولت معها العديد من البلدان من دول عبور إلى دول استقبال و استقرار للمهاجرين واللاجئين، من بينها المغرب.
فقد تحول المغرب بدوره منذ عقدين من الزمن، من دولة مصدرة للهجرة نحو الخارج، إلى دولة عبور، ثم دولة استقبال وإقامة، بالنسبة للعديد من مواطني العالم، خصوصا مواطني جنوب الصحراء؛ حيث صار يستضيف أصنافا مختلفة من الأجانب، من العمال المهاجرين، والطلبة الأجانب، والمهاجرين غير النظاميين، واللاجئين، وطالبي اللجوء.
وإذا كان الأجانب يشكلون عامل اغتناء لمجتمعات الاستقبال، ومحفزا للاقتصاد ومصدرا لتنميتها الثقافية، فإن حماية حقوقهم الأساسية، والتزام هذه البلدان أمام ما تقّره الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، تظل مصدر انشغال وقلق، وتواجه بإطارات قانونية صارمة، وسياسات غالبا ما تكون عنصرية، وتمييزية.
والمغرب الذي كان على الدوام بلدا منفتحا على الهجرة، على وعي تام بالمتطلبات التي يفرضها عليه موقعه الجغرافي، ووضعه الثلاثي، كبلد عبور ومصدر ومستقبل للهجرة، والذي يحتم عليه بلورة سياسة شاملة ومتكاملة، لتنظيم إقامة الأجانب فوق أراضيه، وحماية حقوقهم؛ تأخذ بعين الاعتبار المقتضيات الدستورية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب، وكذا الالتزامات الدولية للمغرب، التي تكرسها مصادقته على مجموعة من الصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان، لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والاتفاقية المتعلقة باللاجئين.


وفي هذا الإطار، وسعيا من المغرب في ملائمة تشريعاته الوطنية مع أحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتزامات وحقوق المهاجرين من جهة والتزامات وحقوق الأجانب المقيمين به من جهة أخرى، ووفاء منه بالتزاماته تجاه شركائه الرئيسيين ولاسيما في مجال العمل المشترك الهادف إلى محاربة ظاهرة الهجرة السرية عبر الحدود سواء على المستوى الوطني أو الدولي، صدر الظهير الشريف قم 1.03.196 بتاريخ 16 رمضان 1424 موافق 11/11/2003 القاضي بتنفيذ القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.[1]
هذا القانون الذي يندرج في سياق المقاربة الشمولية التي يتبناها المغرب من أجل محاربة ظاهرة الهجرة غير القانونية والإقامة غير المشروعة فوق التراب الوطني لما ينتج عنهما من آثار سلبية خطيرة تهدد أمن واستقرار بلدنا الذي أصبح بحكم موقعه مستهدفا من طرف شبكات الهجرة السرية خاصة عن طريق هجرة مواطني دول جنوب الصحراء. ويتميز هذا القانون بخاصيتين أولهما إقرار تدابير إدارية وقضائية فعالة للحد من الظاهرة، وثانيهما التزامه باحترام حقوق المهاجر وتوفير ظروف وشروط المحاكمة العادلة.
وهذا ما يدفعنا إلى طرح الإشكالية التالية: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي تبني مقاربة شمولية تمزج بين ما هو أمني وما هو حقوقي فيما يخص وضعية الأجانب بالمغرب؟
هذه الإشكالية التي تتفرع عنها مجموعة من الأسئلة الفرعية المتمثلة في ما هي تجليات المقاربة الأمنية على مستوى دخول وإقامة وخروج الأجانب من المغرب؟ وما هي مظاهر المقاربة الحقوقية على المستوى القانوني والقضائي والمؤسساتي؟
هذه الإشكاليات التي سنحاول الإجابة عنها من خلال وفق مقاربة تحليلية، وذلك حسب التصميم التالي:
المبحث الأول: المقاربة الأمنية لوضعية الأجانب بالمغرب
المبحث الثاني: المقاربة الحقوقية لوضعية الأجانب بالمغرب

المبحث الأول: المقاربة الأمنية لوضعية الأجانب بالمغرب


عرف المغرب بحكم موقعه الجغرافي و قربه من القارة الأوربية و انفتاحه الاقتصادي و السياسي،  توافد عدد كبير من الأجانب و المهاجرين الشرعيين و غير الشرعيين، وتفاعلا مع هذه الظاهرة عمل المشرع المغربي على سن قانون جديد[2] ينظم دخول و إقامة الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير المشروعة، والذي حاول من خلاله خلق التوازن بين حرية الأجانب في التنقل والإقامة المنصوص عليها دستوريا، وملائمة التشريع الوطني مع أحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتزامات وحقوق الأجانب المقيمين، إلى جانب الحفاظ على النظام العام الداخلي و الاستقرار الاجتماعي و الاقتصادي للبلد.
و قد تضمن هذا القانون شروط الإقامة و الإجراءات الواجب اتخاذها في حالة عدم احترام هذه الشروط ، كما تضمن مجموعة من الأحكام الزجرية و المتعلقة بالهجرة غير المشروعة وقد مكن هذا القانون الإدارة من سلطة تقديرية واسعة للتنظيم هذه العملية وفق مقاربة محددة. ولتحديد تجليات هذه المقاربة، سنحاول إبراز تجليات المقاربة الأمنية على مستوى دخول الأجانب وإقامتهم (المطلب الأول)، كما سنبرز تجليات هذه المقاربة على مستوى خروج الأجانب والجهود المبذولة في هذا الإطار (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تجليات المقاربة الأمنية على المستوى دخول الأجانب وإقامتهم

يتضمن مشروع القانون 02.03 الخاص بالأجانب والهجرة غير المشروعة 58 مادة، تتوزع على ثلاثة أقسام، الأول يهم "دخول الأجانب إلى المملكة المغربية وإقامتهم بها"، والثاني يعالج "الأحكام الزجرية المتعلقة بالهجرة غير المشروعة"، بالإضافة إلى قسم ثالث يتضمن بعض الأحكام الانتقالية. ويشتمل القسم الأول على مجموعة من الأحكام التي تهم كلا من تعريف المقصود بالأجنبي، والعلاقة بالاتفاقيات الدولية الواردة في الموضوع، وباب خاص بسندات الإقامة من بطاقة التسجيل وبطاقة الإقامة، ثم باب يبسط المقتضيات الخاصة بالاقتياد على الحدود، كما أورد نص هذا القانون بابا للطرد، وأفرد بابا آخر للأحكام المشتركة المتعلقة بالاقتياد إلى الحدود والطرد، ليتلو ذلك باب بأحكام مختلفة، همت عددا من الإجراءات الخاصة بعلاقة الإدارة بالأجانب والشروط المؤطرة لعمليات الاحتفاظ بهم. كما تم تخصيص باب لموضوع تنقل الأجانب وإقامتهم بهذا الإقليم أو ذاك، ليختم القسم الأول بباب ثامن حدد الأحكام الزجرية التي يعاقب بها عند مخالفة أحكام القانون.
أما القسم الثاني من القانون، فقد ركز على موضوع الهجرة غير المشروعة، والتي عالجها من خلال عرض مجموعة من الأحكام الزجرية الخاصة بها. وذلك في سبعة مواد همت مختلف المخالفات المرتبطة بهذا الموضوع، كمغادرة المغرب بصفة سرية أو التسلل إليه، أو تقديم المساعدة والعون سواء من طرف عموم المواطنين أومن طرف العاملين في الإدارة ( كالعاملين في نقط مراقبة الحدود...) للقيام بتلك الأفعال. ولقد نص القسم الثلث من القانون المتعلق بالأحكام الانتقالية.

الفقرة الأولى: على مستوى دخول الأجانب إلى المغرب

نصت كل من المادة 3 و 4 على ما يتعلق بمراقبة دخول الأجانب للتراب الوطني، و تعتبر شرطة الحدود من بين عناصر الأمن الوطني الموجودة بهذه المراكز[3]، وتتجلى مهمتها في مراقبة جوازات السفر و الوثائق الأخرى المتعلقة بالهجرة و العبور عبر هذه المراكز التي تتنوع ما بين مراكز برية أو بحرية أو جوية.
ومن مهام شرطة الحدود مراقبة حركات الأشخاص عبر الحدود، بما في ذلك السهر على تطبيق القانون الخاص بالأجانب و الهجرة و مراقبة الوثائق التي يحملها المسافرون ،كما تعمل على الحيلولة دون تسريب كل ما من شانه الإضرار بالآمن العام آو الإخلال بسلامة الدولة، فضلا عن ذلك فشرطة الحدود تعمل على منع كل شخص من دخول و خروج المملكة إذا كان لا يتوفر على جواز سفر أو صدرت في شانه تعليمات في هذا الشأن من طرف السلطات القضائية آو الإدارية.
كما أن شرطة الحدود تتعاون مع الجمارك في القيام ببعض المهام منها مقاومة التهريب و التصدي لكل ما يضر بأمن البلاد و تتمثل عملية المراقبة عبر الحدود في تقديم المسافر لجواز سفره مصحوبا باستمارة الدخول أو الخروج تملأ من طرف الشخص العابر للحدود ،حيث من شأن استعمال هذه الاستمارة تسيهل عملية العبور، و يتم ترتيب هذه الاستمارة و فحصها من طرف موظف مركز الحدود المختص في مراقبة المستندات و المحفوظات، وذلك من أجل ضبط تحركات الأشخاص و معرفة نشاطاهم، فضلا عن ذلك فهذه الاستمارات تساعد على معرفة هوية الأشخاص الذين يثيرون الانتباه أو أولئك الصادر في حقهم تعليمات خاصة منع دخول، منع خروج ،إلقاء القبض... ومن ثم فالاستمارات بالنسبة لشرطة الحدود هي وسيلة عمل كما هي وسيلة مراقبة.[4]

الفقرة الثانية: على مستوى إقامة الأجانب بالمغرب

على مستوى الإقامة يتجلى دور الإدارة في مراقبة سندات الإقامة الواجب توفرها لدى الأجانب بالمغرب، خاصة ما يتعلق ببطاقة الإقامة وبطاقة التسجيل.إلا أن المصالح الأمنية وطبقا للمادتين 14 و16 من القانون 02.03 تحتفظ بحق رفض تسليم سندات الإقامة، بالنسبة لكل أجنبي يشكل وجوده بالتراب المغربي تهديدا للنظام العام، أو إذا لم يعد يتوفر على الشروط والإثباتات القانونية أو إذا كان موضوع إجراء يقضي بالرد أو إذا صدر في حقه مقرر قضائي يمنع دخوله إلى التراب المغربي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مسألة المحافظة على النظام العام تبقى من حق الإدارة أو الدولة، سواء تعلق الأمر بالأجنبي أو المواطن المغربي، على غرار ما هو جار به العمل في أغلب التشريعات الدولية. وفي إطار الحق الممنوح للإدارة في حماية التراب الوطني، ألزمت المادة 18 على الأجنبي التصريح بتغيير مكان إقامته للسلطات المغربية، خلال الآجال وضمن الشكليات المحددة.

المطلب الثاني: تجليات المقاربة الأمنية على مستوى خروج الأجانب
الفقرة الأولى: على مستوى خروج الأجانب من المغرب

خول القانون 02.03 بمقتضى المادة 25 للسلطات المغربية حق طرد أجانب وإبعادهم  خارج التراب  الوطني، إذا كان هؤلاء يشكلون تهديدا خطيرا للنظام العام، مع منح حق للإدارة في إلغاء مقرر الطرد في أي وقت من الأوقات أو التراجع عنه مع كل ما يعنيه ذلك من مرونة في التعامل، غير أن الطرد لا يكون مقيدا بأي أجل إذا كان موضوع إدانة الأجنبي بجريمة تتعلق بفعل له علاقة باٌلإرهاب أو بالمس بالآداب العامة أو بالمخدرات، وفي ذلك ضمان لسلامة وأمن الدولة الداخلي والخارجي (المادة 26 و 27).[5]
كما تتضح المقاربة الأمنية من خلال الأحكام المشتركة المتعلقة بالاقتياد إلى الحدود والطرد المنصوص عليها في الفصل 28 و29 و30 حيث نص المشرع على تنفيذ قرار الطرد والاقتياد إلى الحدود في حق الأجنبي بصفة تلقائية من طرف الإدارة، ما لم يتم الطعن في هذا القرار.

الفقرة الثانية: الجهود المبذولة من طرف الإدارة في هذا المجال

في مجال تبسيط وتسهيل ولوج الأجانب إلى خدمات المرفق الأمني، قامت المديرية العامة خلال سنة 2016، باعتماد مسطرة مبسطة ومؤمنة لإصدار وثائق وسندات الإقامة والتأشيرات للأجانب واللاجئين وطالبي الهجرة. وفي هذا الإطار فقد تميزت سنة 2016 بإصدار 100.499 تأشيرة على مستوى المراكز الحدودية، و 1155 موافقة على تمديد أجل تأشيرة الولوج إلى المغرب، بالإضافة إلى إصدار 44.530 بطاقة جديدة و395 بطاقة تم تجديدها، وأخير إنجاز 16.288 سند إقامة في إطار المسطرة الخاصة بتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين بالمغرب، وذلك تنفيذا للسياسة الجديدة للمملكة المغربية في مجال تدبير قضايا الهجرة.[6]

المبحث الثاني: المقاربة الحقوقية لوضعية الأجانب بالمغرب


تشكل المقاربة القائمة على حقوق الإنسان على المستوى الوطني، البعد الأساسي والوحيد الذي من شأنه أن يضمن حقوق الأجانب الأساسية، بغض النظر عن وضعهم الإداري، إضافة إلى أن هذا البعد يعد ضروريا لبلورة سياسات في مجال هجرة طويلة المدى تضمن الحقوق وتتيح إمكانية التعايش الديمقراطي والتبادل المثمر بين الثقافات والحضارات. لذلك سنحاول من خلال هذا المبحث إبراز مظاهر المقاربة الحقوقية على المستوى القانوني (المطلب الأول)، ثم على المستوى القضائي والمؤسساتي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مظاهر المقاربة الحقوقية على المستوى القانوني
الفقرة الأولى: الضمانات القانونية التي خولها القانون المغربي للأجانب

قام المغرب منذ العشرية الأخيرة، بتحديث المنظومة القانونية وإعادة هيكلة الإطار المؤسسي المكلف بتتبع هجرة الأجانب إلى المغرب، وتم في هذا السياق المصادقة على القانون رقم 02.03 المتعلق بالدخول والإقامة بالمغرب والهجرة غير المشروعة.[7] حيث نجد المشرع ومن خلال هذا القانون قد ألزم الإدارة باتخاذ إجراءات قصد حماية حقوق الأجانب، إضافة إلى إعمال آلية القضاء كآلية لمراقبة عمل الإدارة ومدى احترامها لحقوق الإنسان عند تعاملها مع الأجانب.
ومن بين أهم هذه الضمانات القانونية التي نص عليها هذا القانون قرار الاحتفاظ بالأجنبي داخل أماكن غير تابعة لإدارة السجون[8]، إضافة إلى الاستعانة بترجمان، ومحامي في إطار المساعدة القضائية في حالة الطعن ضد قرار الإدارة. وأن هذا الاختيار الذي انتهجه المغرب لم يكن صدفة، وإنما أتى انسجاما مع مبادرات أخرى طبعت السنين الأخيرة وبدأت تظهر أكثر جلاء في الآونة
الأخيرة. وأن المقياس الذي تقاس به اليوم دولة الحق والقانون عن غيرها من أنماط الدول، هو مدى دور المراقبة والمحاسبة.[9]
كما قام المشرع بدسترة مجموع من الحقوق المتعلقة بالأجانب، حيث جاءت بعض الفصول من الدستور مستوعب لعد ة حقوق وحريات في صيغة عامة تشمل المغاربة والأجانب؛ ويتعلق الأمر بالحقوق والحريات الآتية: مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات (الفصل 19)، الحق في الحياة (الفصل 20)، والحق في سلامة الشخص والأقرباء وحماية الممتلكات (الفصل 21)، منع المعاملة القاسية أو اللانسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية ومنع ممارسة التعذيب بكافة أشكاله (الفصل 22)، منع العنصرية والكراهية والعنف(الفصل 23)، الحق في الحياة الخاصة وحرمة المسكن وسرية الاتصالات وحرية التنقل (الفصل 24) وحرية الفكر والرأي والتعبير(الفصل 25)، المشاركة في الانتخابات المحلية (الفصل 30).
كما تعد باقي نصوص التشريع المغربي الأقل درجة من الدستور، كالقانون الجنائي وقانوني المسطرة الجنائية والمدنية وقانون الالتزامات والعقود ومدونة الشغل وقانون الجنسية والقانون الإداري والتجاري ومدونة الضرائب وقانون المحاكم الإدارية، و كذا النصوص التي تنظم مختلف القطاعات مصدرا للحقوق وحريات المتعلقة بالأجانب.[10]

الفقرة الثانية: مدى ملائمة التشريع المغربي لمضمون الاتفاقيات الدولية

بالرجوع إلى التشريع المغربي سواء ما تعلق بالدستور أو القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب وبالهجرة غير المشروعة، نلاحظ  مدى حضور الاتفاقيات الدولية، فعلى سبيل المثال أشارت المادة 17 الفقرة الخامسة إلى أنه يتم تسليم بطاقة الإقامة إلى الأجنبي الحاصل على صفة لاجئ ولزوجته وأولاده القاصرين، كما لا يمكن إبعاد أجنبي إلى البلد الذي يحمل جنسيته إذا ما اعترف له بوضع لاجئ، أو كان طلب اللجوء قيد الدراسة (المادة 29)، وبذلك تكون المقتضيات المذكورة متوافقة مع اتفاقية سنة 1951 لاسيما فيما يخص عدم التمييز.
كذلك إلى جانب ذلك، لا تحق بطاقة التسجيل أو الإقامة على الأجنبي الذي لم يتجاوز 18 سنة (المادة 6 )،ويمكنه الحصول على وثيقة التنقل، ولا يمكن إبعاده (المادة 28). كما لا يمكن للأجنبي ممارسة نشاط مهني مأجور إلا ابتداء من سن 16 (المادة 6 الفقرة الثانية)، احتراما للمعايير الدولية المحددة في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138.
كما يقيم الأجانب وينتقلون بكل حرية، ولا يحد من هذه الحرية إلا عدم الحصول على بطاقة الإقامة أو بسبب تصرف أو سوابق المعني بالأمر (المواد 39-40-41). وذلك ما تؤكد عليه المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[11]

المطلب الثاني: مظاهر المقاربة الحقوقية على المستوى القضائي والمؤسساتي

سنحاول إبراز دور القضاء في احترام الضمانات المخولة للأجانب من خلال (الفقرة الأولى)، ثم الانتقال إلى إبراز دور المؤسسات في حماية هذه الحقوق (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور القضاء في احترام الضمانات المخولة للأجانب

يتعلق الأمر بنوعين من الضمانات تتعلق أولهما بالضمانات المسطرية المخولة للأجنبي، حيث يجب أن يحترم القرار الصادر عن الإدارة، المسطرة المنصوص عليها في القانون رقم 02.03، إضافة إلى الضمانات القضائية المتمثلة في الحماية المزدوجة يمارسها القضاء الإداري والعادي على حد سواء.[12]

أولا: دور القضاء الإداري في حماية الضمانات المخولة للأجانب

لا يقتصر دور القضاء الإداري المغربي في حماية الحقوق والحريات للمواطن المغربي فقط، بل يمتد أيضا للأجنبي المقيم فوق التراب الوطني. ويمكن أن نعالج هذا الدور من خلال نقطتين أساسيتين تتمثل أولهما في دور القضاء الإداري في حماية حق التقاضي، فالأجنبي الذي تم رفض طلبه الرامي إلى الحصول على سند الإقامة أو تجديدها أو تم سحب هذا السند منه أن يطعن في هذا القرار، وذلك بموجب دعوى للإلغاء في إطار القضاء الاستعجالي.
فالمشرع المغربي في إطار قانون دخول وإقامة الأجانب بالمغرب، ارتأى طريقة خاصة للتقاضي  بشأن منع حق الدخول وتجديد الإقامة. وجعله يمارس في إطار دعوى الإلغاء، ولكن عن طريق الاستعجال، بالرغم من أن مجال هذا الأخير محدد وفق المادة 19 [13]من قانون إحداث المحاكم الإدارية. ولجوء المشرع إلى الطريق الاستعجالي للنظر في دعوى الإلغاء ترجع بالأساس إلى التكاليف المادية التي يتطلبها الاحتفاظ بالأجنبي الممنوع من الدخول والمودع بأماكن الاحتفاظ، فضلا عن أن سرعة البت في الطعن أملتها ظروف سن القانون المرتبط بالهجرة غير الشرعية، وهو ما جعل المشرع يحدد آجالا لتقديم الطعن وأخرى للبت وأخرى للاستئناف تختلف عن المألوف في ممارسة دعوى الإلغاء.[14] هذا إضافة إلى التمتع بحق الدفاع وعلنية الجلسات، حيث تم التنصيص على إمكانية مؤازرة الأجنبي بدفاعه اختيارا منه أو تعيين محام عنه في إطار المساعدة القضائية.
والنقطة الثانية تتمثل في دور القضاء الإداري في حماية حق الإقامة والتجول للأجانب، وذلك عن طريق البحث في مشروعية أسباب القرار المطعون فيه والعلل التي اعتمدت، ومدى ارتباطها بالنص القانوني مما يجعل حق الإقامة مراقبا من طرف القضاء. والأمر كذلك بالنسبة لقرارات الإدارة المتعلقة بالاقتياد إلى الحدود  والمتعلقة بالطرد .

ثانيا: دور القضاء العادي على مستوى الأحكام و مراقبة أماكن الاحتفاظ

فيما يتعلق بالأحكام الزجرية نجد أن القضاء يتعامل بمرونة، حيث نجد أن القاضي الجنائي له حق الاختيار بين تطبيق الغرامة المالية أو العقوبة الحبسية التي تكون في غالبية الأحوال موقوفة التنفيذ[15] على الأجانب عند إخلالهم بقواعد دخولهم وإقامتهم بالمغرب باستثناء كل أجنبي تهرب أو حاول التهرب من تنفيذ قرار الطرد أو إجراء الاقتياد إلى الحدود، والذي دخل التراب المغربي دون ترخيص رغم طرده أو منعه من دخوله حيث يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين.[16] عكس المشرع الفرنسي الذي حدد العقوبة الحبسية محددة في 3 سنوات.[17]
أما بخصوص دور القضاء في مراقبة أماكن الاحتفاظ، لابد لنا أن نقوم أولا بتحديدها. فبعد استحالة مغادرة الأجنبي عن طريق إثبات عدم إمكانية رجوعه لبلده أو لبلد آخر، يمكن للإدارة أن تلزمه على الإقامة في أماكن تحددها الإدارة وقد ميز قانون 02.03 بين ثلاث أنواع من الأماكن:

*               منطقة الانتظار:
بالرجوع إلى المادة 38 فقد قام المشرع بتحديد منطقة الانتظار سواء على مستوى الميناء أو المطار، وهي تقع بين نقطة الوصول أو المغادرة ، ونقطة المراقبة أو التفتيش، ويمكن أن تضم مكانا أو أكثر للإيواء مجهز بالخدمات الضرورية. في نجد أن القانون لم ينص على وجود هذه الأماكن في الحدود البرية، حيث أن الأجنبي الذي لا يقبل دخوله إلى المغرب، يعاد إلى الجهة البرية التي قدم منها ولا حاجة للاحتفاظ به، عكس الأجنبي التي قدم عبر الطريق الجوي أو البحري إلى المطار أو الميناء، والذي يتطلب رجوعه إلى الجهة التي قدم منها أو لجهة أخرى بعض من الوقت.

*               أماكن الاحتفاظ:
حيث نصت المادة 34 من القانون 02.03 على أنه يمكن الاحتفاظ بالأجنبي في أماكن غير تابعة لإدارة السجون صالحة لإيواء الأجانب خلال المدة اللازمة لمغادرتهم لإقليم الدولة المغربية، ويتم هذا الإيداع بناء على قرار إداري كتابي ومعلل، كلما تعذرت المغادرة الفورية للأجنبي الصادر في حقه قرار الطرد أو الاقتياد إلى الحدود أو الذي رفض السماح له بالدخول للمغرب.

*               تحديد مكان الإقامة:
طبقا للمادة 31 فإنه يمكن للإدارة أن تلزم الأجنبي بالإقامة في أماكن تحددها له بدل وضعه في أماكن الاحتفاظ، إذا أدلى بما يبرر استحالة مغادرته للتراب الوطني، أو أثبت عدم إمكانية التحاقه ببلده أو ببلد آخر أو إذا كان قاصرا أو امرأة حامل، أو معرضا للإبعاد إلى بلد تكون حياته أو حريته فيه مهددة، وفي هذه الحالة يتعين عليه الحضور بكيفية دورية إلى مصالح الشرطة أو الدرك الملكي. إضافة إلى أنه وفي حال وضعه في هذه الأماكن يمكن له الاستعانة بترجمان إذا اقتضى الحال. [18]
ويتجسد الدور المهم للقضاء في حماية حقوق الأجانب، من خلال مراقبته لهذه الأماكن. حيث وبعد تسجيل قرار الاحتفاظ في منطقة الانتظار في سجل تمسكه السلطات المكلفة بتنفيذ القرار، يتضمن الإشارة إلى الحالة المدنية للأجنبي، وكذا تاريخ وساعة بداية ونهاية الاحتفاظ، ومعلومات عن قرار تمديده، بالإضافة إلى التاريخ والساعة اللذين تم فيهما تبليغه بقرار الاحتفاظ. ويبلغ قرار الاحتفاظ بالأجنبي بمنطقة الانتظار على الفور إلى وكيل الملك. هذا الأخير الذي يمكن له ولرئيس المحكمة الانتقال إلى هذه الأماكن لمعاينة الظروف والاطلاع على السجل.

الفقرة الثانية: دور المؤسسات في حماية حقوق الأجانب

شكل دستور 2011 للمملكة المغربية قيمة نوعية في اتجاه توطيد دولة الحق و القانون و تفعيل الحكامة الجيدة والديمقراطية التشاركية و قد احتلت هذه المفاهيم حيزا مهما في الدستور حيث أكد المشرع في الفصل 155 على أن هاته الهيآت المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة و تستفيد من دعم الدولة.
هذه المؤسسات التي تعتبر جديدة دستوريا يمكن تصنيفها إلى مؤسسات حقوقية و مؤسسات الحكامة الجيدة،  كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط.

أولا: دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان

من بين اختصاصات المجلس في هذا المجال:
ü     تلقي الشكايات ودراستها ومعالجتها وتتبعها وتقديم توصيات بشأنها وإحالتها عند الاقتضاء إلى الجهات المختصة وإخبار المشتكين المعنيين بذلك؛
ü     التدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، في إطار المهام المسندة إليه، وبتنسيق مع السلطات العمومية المعنية، ؛
ü     المساهمة في تفعيل الآليات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها؛
ü      زيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراكز حماية الأطفال وإعادة الإدماج والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية وإعداد تقارير عن الزيارات ويرفعها إلى السلطات المختصة.
وقد أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في شتنبر 2013 تقريرا موضوعاتيا  تحت عنوان " الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء "، حيث أسس هذا التقرير لمقاربة جديدة في معالجة قضايا الهجرة. وقد لعب هذا دورا رئيسيا في النقاش الوطني حول الموضوع.[19]
وقد دعا المجلس في هذا التقرير الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير نجمل أهمها في:
- ضمان حق المهاجرين الموجودين في وضعية غير نظامية في حالة توقيفهم أو وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي أو تقديمهم للمحاكمة في الولوج الفعلي للعدالة ( إمكانية الاستفادة من خدمات المحامين ومترجمين أكفاء والولوج للسلطات القنصلية ومساطر اللجوء والولوج للعلاج...إلخ)؛
- تطوير برامج تكوين وتحسيس موجهة لموظفي الإدارات المكلفة بمسألة الهجرة (قوات الأمن، شرطة الحدود، موظفو السجون، القضاة، الأطر الصحية... الخ)؛
-  إيلاء أهمية خاصة للتكفل المادي والقانوني بالقاصرين الأجانب غير المرفوقين، والنساء المهاجرات مع الحرص بشكل خاص على ضمان المواكبة النفسية والصحية لضحايا العنف؛
-   حظر كل شكل من أشكال العنف الممارس عل المهاجرين في وضعية غير نظامية خلال عمليات التوقيف؛
- اتخاذ تدابير كفيلة بزجر المشغلين الذين يستغلون المهاجرين غير النظاميين، وضمان حق هؤلاء المهاجرين في اللجوء عند الاقتضاء إلى مفتشية الشغل دون خوف؛
-   تسهيل تسجيل الولادات الجديدة وإصدار شهادات الوفاة.
وقد تم أخذ مجموعة من التوصيات بعين الاعتبار تتجلى أهمها في التسوية الأخيرة لوضعية الأجانب بالمغرب، والتي تمت عبر مجموعة من مرحلتين آخرها مرحلة تسوية وضعية المهاجرين في دجنبر 2016.
وفي نفس الإطار نظمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بدعم من المنظمة الدولية للفرنكفونية، يومي 8 و9 دجنبر 2016 بالرباط، ورشة دولية حول موضوع "ولوج المهاجرين للعدالة"، وذلك بحضور فاعليين حكوميين ومؤسساتيين ومن المجتمع المدني بالإضافة إلى خبراء وطنيين ودوليين.[20]
وتمثل الهدف من هذا اللقاء في الوقوف عند التقدم المحرز من لدن السلطات الحكومية والمؤسسات الوطنية وهيئات المجتمع المدني بالمغرب في مجال تيسير تقاضي المهاجرين وولوجهم لسبل تظلم فعالة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها تحقيق هذا الهدف وتحديد النقائص التي تعتري جهود تقديم المساعدة القانونية للمهاجرين.
كما نظم المجس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يومي 21 و22 دجنبر 2016 بالرباط ورشة عمل حول "دور المؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان والآليات الوطنية المتخصصة في مكافحة العنصرية والميز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب".
وشارك في هذه الورشة ممثلون عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني بكل من المغرب وتونس ومصر وموريتانيا وسلطة عمان وقطر، وممثلون عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وخبراء في آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وخاصة لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق العمال المهاجرين وكذا لجنة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الميز العنصري، وحضرها أيضا خبراء من خارج المنطقة العربية.[21]
وسلطت الندوة الضوء على الأدوار التي يمكن أن تلعبها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية في التصدي للعنصرية وكراهية الأجانب، وكذا بعض التجارب والممارسات الفضلى في بعض البلدان. كما استعرض المشاركون الواقع الراهن لمختلف مظاهر التمييز وما يتصل به بالمنطقة العربية، وأشاروا إلى أن التمييز يمارس بشكل خفي وواضح في المنطقة ضد عدة فئات على أساس الجنس والعرق والوضع الاجتماعي والدين، إلخ. كما أكدوا أن ظاهرة الهجرة ساهمت في تفاقم مختلف أشكال التمييز.
وقد انبثق عن مناقشات المشاركين جملة من المقترحات والتوصيات حول الأدوار التي يمكن أن تلعبها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية في مكافحة ظاهرة العنصرية، يمكن إجمالها في ما يلي :
-  معالجة الشكايات الواردة من ضحايا التمييز ومواكبتهم ومساعدتهم على اللجوء إلى مختلف سبل الانتصاف القضائية؛
-  القيام بدراسة حول وضعية المهاجرين والمهاجرات من زاوية التمييز وما يتصل به، والترافع من أجل إدماج مكافحة التمييز وما يتصل به في السياسات العمومية.
- التركيز على التربية على حقوق الإنسان لتغيير العقليات والقضاء على التمييز العنصري، والمساهمة في وإدماج مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان في المناهج التعليمية لمكافحة أشكال التمييز العنصري.
- تعزيز قدرات مختلف الفاعلين، وخصوصا موظفي إنفاذ القانون، والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام، والهيئات الحكومية العاملة في القطاع الصحي والتربوي؛
-  رصد مختلف مظاهر التمييز وما يتصل به من مظاهر أخرى ورفع تقارير بشأنها إلى مختلف الجهات المعنية وخاصة البرلمان والقطاعات الحكومية ذات الصلة والآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وتضمين هذه التقارير أرقاما وإحصائيات حول التمييز العنصري وما يتصل به؛
-  دراسة الإطار التشريعي والإطار المؤسساتي على المستوى الوطني ورصد الثغرات الموجودة بها وتقديم التوصيات بشأنه وفقا للصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ذات الصلة، وخاصة اتفاقية القضاء على التمييز العنصري واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛
-  تقديم توصيات لإحداث آليات لمنع التمييز وما يتصل به على المستوى الوطني تكون مستقلة أو مدمجة في آليات وطنية.

ثانيا: دور مؤسسة الوسيط

تعتبر "مؤسسة الوسيط" مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة تتولى، في نطاق العلاقة بين الإدارة والمرتفقين، مهمة الدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية، والسهر على تنمية تواصل فعال بين الأشخاص، ذاتيين أو اعتباريين، مغاربة أو أجانب، فرادى أو جماعات، وبين الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية و الهيآت التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية وباقي المنشآت و الهيآت الأخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة، والتي يشار إليها في هذا الظهير الشريف باسم"الإدارة".[22]
ومن بين الاختصاصات التي تضطلع بها هذه المؤسسة في هذا الجانب:
·        تلقي الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية التي يرفعها الأشخاص الذاتيون أو الاعتباريون، مغاربة أو أجانب، فرادى أو جماعات، إلى الوسيط، والنظر فيها في حدود الاختصاصات، وطبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في النظام الداخلي للمؤسسة، باستثناء تلك المتعلقة بقضايا ذات طابع وطني، أو التي تستلزم اتخاذ مواقف مبدئية؛
·        القيام بأعمال البحث والتحري في الشكايات والتظلمات التي ترفع إليهم، إذا كان الأمر يقتضي ذلك، بناء على تكليف خاص من الوسيط، بالنسبة لكل حالة على حدة؛
·        إعادة توجيه الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية التي ترد عليهم، والخارجة عن نطاق اختصاصهم، وإحالتها على الجهات المعنية عند الاقتضاء؛
·        رفع كل اقتراح أو توصية إلى الوسيط، من شأنها تحسين سير أجهزة الإدارة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض المواطنين المغاربة والأجانب في علاقاتهم بالإدارة.[23]
كما يؤهل الوسيط لإبرام اتفاقيات للتعاون والشراكة مع مؤسسات الوساطة والأمبودسمان وغيرها من المؤسسات الأجنبية المماثلة، بهدف تنسيق الإجراءات الكفيلة بمساعدة المواطنين المغاربة المقيمين بالدول الأجنبية المعنية، والأشخاص الأجانب المقيمين بالمغرب على تقديم شكاياتهم وتظلماتهم الرامية إلى رفع ما يلحقهم من ضرر من جراء تصرفات الإدارة، وعرضها على الجهات المختصة بالبلد الذي يقيمون فيه، وتتبعها والعمل على إخبارهم بمآلها.[24]

خاتمة:

من خلال كل ما سبق، يتبين لنا أن المغرب ومن خلال ترسانته القانونية،  قد مازج بين عدة مقاربات لتنظيم وضعية الأجانب سواء تم دخولهم بشكل قانوني أو غير قانوني، فمن جهة حاول التوفيق بين الضرورة الأمنية لحماية المجتمع والسهر على طمأنينة أفراده، وبين المكاسب الحقوقية بشكل متوازن، أي التوفيق بين حق الهجرة كحق من حقوق الإنسان والحاجة إلى ضوابط وقوانين تنظم الهجرة، لتتم بشكل يراعي التوفيق بين الواجبات والحقوق، أي بين رغبة الفرد والالتزام باحترام النظام الاجتماعي. ومن جهة أخرى حاول الحرص على احترام جميع المواثيق الدولية، والاتفاقيات الثنائية التي وقع عليها.
إلا أن قانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب وبالهجرة غير المشروع، لم يعد يستجيب للحاجيات الراهنة، حيث يجب إعادة النظر في مجموعة من المقتضيات، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار المستجدات التي عرفها التنظيم القضائي.
إضافة إلى أنه يجب تجاوز المقاربة الأحادية للتعامل مع الأجانب، وأصبح من الضروري بلورة إستراتيجية متعددة الأطراف، وتكثيف اتفاقيات التعاون بين الحكومات والمنظمات العالمية لحل جميع المشاكل المتعلقة بالتزايد الهام للأجانب سواء عبر الطرق القانونية أو غير القانونية.

المراجع
عبد المنعم فلوس:" وضعية الأجانب منذ الاستقلال"، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية السويسي، 2006-2007.

الندوات:
- أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية تحت عنوان" إشكالية الهجرة" (على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة)، مراكش، يومي 19 و 20 دجنبر 2003:
-  عبد اللطيف أكزول: " أشكال حماية التراب الوطني في قانون رقم 02.03 المتعلق بدخول إقامة الأجانب بالمغرب والهجرة غير مشروعة ".
-  عبد الكبير طبيح: "قراءة للقانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة على ضوء بعض التشريعات المقارنة".
-  إدريس بلماحي: " حقوق الأجنبي التي يكفلها القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير مشروعة عل ضوء المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالموضوع".
·       محمد عبد النباوي: "دور القضاء في محاربة ظاهرة الهجرة غير المشروعة على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة".
-  أعمال ندوة قراءة في قانون الهجرة"، (المنعقدة بمحكمة الاستئناف بتطوان)، بتاريخ 16/04/2004:
-  نور الدين كرناوي: " قراءة في قانون الهجرة المغربي".
-  محمد بنحساين: "قراءة في القانون الفرنسي المتعلق بدخول وإقامة الأجانب في فرنسا".

القوانين:
- القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.03.196 بتاريخ 11 نونبر 2003.
- الظهير الشريف رقم 1.11.25 صادر في 12 من ربيع الآخر 1432(17 مارس 2011) المتعلق بإحداث مؤسسة الوسيط.
 - القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية.

المجلات
- مجلة الشرطة: (تحقيق في قضية 16 ماي) , ملف خاص عن الارهاب , احمد بن دحان, ماي 2005 ,مطبعة ايديال سوشبريس,العدد 4 .
 - مجلة الشرطة: " إنجازات المديرية العامة للأمن الوطني برسم سنة 2016" ، العدد 21، دجنبر 2016.
 - عبد المنعم فلوس: " دسترة حقوق وحريات الأجانب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد 101، نونبر- دجنبر 2011.
-  مصطفى زاهر: "دور القضاء الإداري في حماية حقوق وحريات الأجانب المقيمين فوق التراب الوطني"، مجلة محاكمة: مجلة 
- فصلية متخصصة تعنى بالدراسات القانونية، مطبعة دار النشر المغربية، العدد الممتاز 7-8 فبراير- أبريل 2010.

البيبليوغرافيا الالكترونية
- http://cndh.ma/sites/default/files/resume executif - immigration va -.pdf vu à 10.14  à 13/01/2017.
- http://www.cndh.ma/ar/article/tzyz-lthq-fy-lmwsst-tjwz-lhjz-llgwy-wtqwy-qdrt-lflyn-brz-twsyt-wrsh-wlwj-lmhjryn-lldl vu à 13.45 à 13/01/2017.
- http://www.cndh.ma/ar/article/mn-jl-tby-kbr-lmkfh-lnsry-wltmyyz-lnsry-wkrhy-ljnb-wm-ytsl-bdhlk-mn-tsb vu à 14.05 à 13/01/2017.

 -----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1]   نور الدين كرناوي: " فراءة في قانون الهجرة المغربي"، أعمال ندوة قراءة في قانون الهجرة"، (المنعقدة بمحكمة الاستئناف بتطوان)، بتاريخ 16/04/2004، ص100.
[2]   القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
[3]   المقصود بالمركز الحدودي بأنه بناية تشكل مقرا للسلطات الحدود المغربية على مستوى نقاط العبور وهي تسير من طرف الموظفين المكلفين بمراقبة تنقل الأشخاص والأموال عبر الحدود وهم ينتمون لإدارات الشرطة والجمارك والدرك.عبد المنعم فلوس:" وضعية الأجانب منذ الاستقلال"، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية السويسي، 2006-2007 ص 54.
[4]   مجلة الشرطة: (تحقيق في قضية 16 ماي) , ملف خاص عن الارهاب , احمد بن دحان, ماي 2005 ,مطبعة ايديال سوشبريس,العدد 4 ,ص 8.
[5]   عبد اللطيف أكزول: " أشكال حماية التراب الوطني في قانون رقم 02.03 المتعلق بدخول إقامة الأجانب بالمغرب والهجرة غير مشروعة "،أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية تحت عنوان" إشكالية الهجرة" (على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة)، مراكش، يومي 19 و 20 دجنبر 2003، ص 57.
[6]   مجلة الشرطة: " إنجازات المديرية العامة للأمن الوطني برسم سنة 2016" ، العدد 21، دجنبر 2016، ص 9.
[7]   عبد المنعم فلوس: " دسترة حقوق وحريات الأجانب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد 101، نونبر- دجنبر 2011، ص 55.
[8]   نور الدين كرناوي: " فراءة في قانون الهجرة المغربي"، أعمال ندوة قراءة في قانون الهجرة"، (المنعقدة بمحكمة الاستئناف بتطوان)، بتاريخ 16/04/2004، ص106.
[9]   عبد الكبير طبيح: "قراءة للقانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة على ضوء بعض التشريعات المقارنة"، أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية، مراكش يومي 19 و 20 دجنبر 2003، ص 91.
[10]   عبد المنعم فلوس: " دسترة حقوق وحريات الأجانب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد 101، نونبر- دجنبر 2011، ص 57.
[11]  إدريس بلماحي: " حقوق الأجنبي التي يكفلها القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير مشروعة عل ضوء المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالموضوع"، أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية تحت عنوان" إشكالية الهجرة" (على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة)، مراكش، يومي 19 و 20 دجنبر 2003، ص 98-99.
[12]   عبد المنعم فلوس:" وضعية الأجانب منذ الاستقلال"، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية السويسي، 2006-2007 ص 179.
[13]   تنص المادة 19: " يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية".
[14]    مصطفى زاهر: "دور القضاء الإداري في حماية حقوق وحريات الأجانب المقيمين فوق التراب الوطني"، مجلة محاكمة: مجلة فصلية متخصصة تعنى بالدراسات القانونية، مطبعة دار النشر المغربية، العدد الممتاز 7-8 فبراير- أبريل 2010، ص 98.
[15]   حكم عدد 1528 بتاريخ 07/08/2015 في الملف الجنحي الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور.
[16]   نور الدين كرناوي: " فراءة في قانون الهجرة المغربي"، أعمال ندوة قراءة في قانون الهجرة"، (المنعقدة بمحكمة الاستئناف بتطوان)، بتاريخ 16/04/2004، ص 110.
[17]  محمد بنحساين: "قراءة في القانون الفرنسي المتعلق بدخول وإقامة الأجانب في فرنسا"، أعمال ندوة قراءة في قانون الهجرة"، (المنعقدة بمحكمة الاستئناف بتطوان)، بتاريخ 16/04/2004، ص 136.
[18]   محمد عبد النباوي: "دور القضاء في محاربة ظاهرة الهجرة غير المشروعة على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة"أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية تحت عنوان" إشكالية الهجرة" (على ضوء القانون 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة)، مراكش، يومي 19 و 20 دجنبر 2003، ص 74-75.
[19]  http://cndh.ma/sites/default/files/resume executif - immigration va -.pdf vu à 10.14  à 13/01/2017.
[20]  http://www.cndh.ma/ar/article/tzyz-lthq-fy-lmwsst-tjwz-lhjz-llgwy-wtqwy-qdrt-lflyn-brz-twsyt-wrsh-wlwj-lmhjryn-lldl vu à 13.45 à 13/01/2017.
[21]   http://www.cndh.ma/ar/article/mn-jl-tby-kbr-lmkfh-lnsry-wltmyyz-lnsry-wkrhy-ljnb-wm-ytsl-bdhlk-mn-tsb vu à 14.05 à 13/01/2017
[22]    المادة الأولى من الظهير الشريف رقم 1.11.25 صادر في 12 من ربيع الآخر 1432(17 مارس 2011) المتعلق بإحداث مؤسسة الوسيط.
[23]   المادة 23 من الظهير الشريف رقم 1.11.25 صادر في 12 من ربيع الآخر 1432(17 مارس 2011) المتعلق بإحداث مؤسسة الوسيط.
[24]   المادة 50 من نفس الظهير.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات