القائمة الرئيسية

الصفحات

رسالة ماستر حق الطفل ضحية العنف في التأهيل

رسالة ماستر حق الطفل ضحية العنف في التأهيل  

رسالة ماستر حق الطفل ضحية العنف في التأهيل
رسالة ماستر حق الطفل ضحية العنف في التأهيل


        لا ترفض الإنسانية سلوكا كما ترفض العنف بكل صوره و بالأخص ذلك الممارس على فئة الأطفال، بحيث إذا تسامحت مع غيره من صور الإنحراف فإنها لا تتسامح إذا كانت ممارسته قد تمت على طفل، على اعتبار أن الرفض يكون رفض غريزي فطري و ليس مجرد رفض تنظيمي قانوني، فالجاني على حسب البعض  لا يعتدي على نص قانوني بقدر ما يطعن الإنسانية ذاتها في صميم وجدانها و فؤادها.
 و بما أن العنف هو ذلك السلوك المرفوض من طرف الإنسانية فهو كلمة مشتقة من مادة عنف عنفا و عنافة أي أخذ الشخص بالشدة و القسوة و كذلك باللوم و التعيير، و هو ضد الرفق واللين .
 و قد عرفته المادة الأولى من الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء الصادرة سنة 1993 بأنه "كل فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد بإقتراف مثل هذا الفعل سواء أكان هذا في الحياة العامة أو الخاصة"، في حين لم تتطرق إليه إتفاقية حقوق الطفل الصادرة في 20 نونبر 1989  بأي تعريف باستثناء إيراد بعض صوره تحت إسم سوء المعاملة التي هي بدورها صورة من صوره المتعددة، حيث نصت المادة 19 من الإتفاقية الأممية لحقوق الطفل على وجوب أن تتخذ الدول الأطراف في الاتفاقية كل التدابير لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو المعاملة المنطوية على إهمال و إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية. 
في حين يعرفه الأستاذ خالد زيو بأنه "كل سلوك سلبي أو إيجابي عمدي أو غير عمدي من شأنه أن يعدم أو يقلص فرص تمتع الشخص بأي حق من حقوقه المشروعة" ، على أن الأستاذة نجاة السنوسي تعتبر العنف بأنه "ممارسة القوة والإكراه ضد الغير عن قصد من أجل إخضاعه" ، الشيء الذي يبدو أنه يتوافق معه توجه الأستاذ عبد العزيز بوودن العنف حينما يرى بأن العنف هو "إستخدام القوة إستخداما غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما أو على مجموعة من الأفراد"   و يعتبر الأستاذ أحمد الخمليشي أن العنف هو "كل اعتداء يستهدف به الجاني المس بسلامة جسم الضحية أو صحته" .
       و بذلك، يمكن القول بأن العنف من الجانب القانوني ينحصر فقط في السلوك الذي من شأنه أن يمنع أو يؤثر على ممارسة الضحية لحقوقه بصورة عادية، في حين أنه يتجاهل آثار العنف النفسية و الجسمية على الضحية ، مما يدفعنا إلى البحث عن تعريف من الجانب السيكولوجي.
       الجانب الذي يعتبر العنف بأنه "ذلك السلوك الممارس قصد إلحاق الأذى و الضرر بالآخر ماديا أو معنويا أو رمزيا و التأثير عليه بالقوة، والذي يترجم على المستوى السيكولوجي لدى الضحية بمشاعر المعاناة والألم" ، ليصير العنف بذلك السلوك المرفوض الذي يؤدي إلى المعاناة الجسدية أو الجنسية أو النفسية، و يكره من تم الضحية على التخلي على ممارسة حق من حقوقه القانونية من قبيل الحق في الأمن و الحماية.
       في حين أن صور العنف رغم تعددها فهي تبرز، أولا من خلال طريقة صدوره، حيث نجد العنف المادي الذي يتطلب صدوره فعل مادي يعكسه من قبيل الضرب أو الإيذاء، و هو ما تعتبره المادة الثانية من الإتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء من قبيل العنف البدني والجنسي و النفسي و كذلك العنف المرتبط بالاستغلال.
       على أن هناك ما يعرف بالعنف المعنوي، الذي يقتصر في الغالب على الإهانة أو الإمتناع عن تقديم خدمة معينة لمن هو في حاجة إليها من قبيل الامتناع عن تغذية طفل أو حرمانه من كل ما من شأنه أن يغذيه و يساعده على النمو بشكل سليم .
       كما أن هناك صور للعنف تبرز ثانيا من خلال طبيعة المكان الذي ينفذ فيه و شخصية فاعله فنجذ على سبيل المثال العنف المنزلي أو الأسري الذي لا يمكن أن يصدر إلا من أفراد الأسرة، أو العنف المدرسي أو العنف المهني.
       على أن هناك بعض صور العنف التي تبرز من خلال طبيعة السياسة الجنائية التجريمية المنتهجة، التي قد تجرم بعض صور العنف و قد لا تجرم بعضه الآخر ، أو ما يعرف بالعنف المجرم والعنف غير المجرم حسب طبيعة السياسة الجنائية المتبعة.
       و أمام تعدد صور العنف و خاصة تلك المرتبطة بطبيعة السياسة الجنائية المتبعة، فإننا سنقتصر في هذه الدراسة على الإحاطة بوضعية الطفل ضحية العنف المجرم سوء كان عنف صادر عن الأغيار أو من طرف الأقرباء و المربين من قبيل العنف المنزلي أو المدرسي.  
       و رغم تعدد صور العنف الممارس على الطفل فقد استطاع البعض أن يحشرها في تعريف جامع للعنف، من قبيل تعريف ذ. نعيمة البالي بأنها " مختلف التصرفات الإرادية أو غير الإرادية الصادرة عن أي شخص، كيفما كانت صفته و التي تلحق بأي وسيلة كانت السلامة الجسمانية والعقلية و المعنوية للطفل و تحدث لديه ضررا ماديا أو معنويا أو نفسيا، أحس به أو لم يحس به و أيا كان المجال الذي وجد فيه .
       و على العموم يبقى العنف تعبير غير حضاري، يقصد من ورائه الحصول على متعة أو تفجير غضب إن لم يكن تحقيق رغبة خبيثة في إهانة الفئات المستضعفة من قبيل فئة الأطفال، دون أن تراعى نتائجه التي تؤدي في حالة إرتكابه إلى تضاعف عدد الأشخاص الذين يوصفون بالضحايا. فماذا يقصد إذن بالضحية؟ ومن هو الطفل ضحية العنف ضمن المفهوم العام للضحية؟  

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات