القائمة الرئيسية

الصفحات

إشكالية الإندماج للمهاجرين

إشكالية الإندماج للمهاجرين

إشكالية الإندماج للمهاجرين
إشكالية الإندماج للمهاجرين

مقدمة:

كانت الهجرة ولا تزال تعتبر من أهم الظواهر التي ارتبطت بالإنسان منذ ظهوره، على الرغم من قدم هذه الظاهرة، فإن التحركات البشرية تتم الآن على نطاق أوسع بكثير مما يحدث في الماضي وأصبحت تتعدى كل الحدود الوطنية من كل الأعمار والجنسيات والمستويات الثقافية والتخصصات المهنية.
وقد أصبحت الهجرة عملية سهلة نظر لتقدم وسائل المواصلات والطرق. ولم تعد الحواجز الطبيعية تشكل عائقا أمام تحرك الإنسان من جزء إلى جزء آخر، ومما ساعد أيضا على ازدياد التحركات البشرية في ظهور مناطق جديدة للجذب السكاني تتيح فرصا جديدة للنجاح وتحقيق الذات، والتخلص من قسوة الظروف المادية أو الاقتصادية أو الاجتماعية في الموطن الأصلي.
ولكن ما أكثر المشاكل والعقبات التي تواجه المهاجرين مثل صعوبة التأقلم والتكييف مع المجتمع الجديد ومدى رغبة هذا الأخير في استيعاب الوافدين الجدد وامتصاصهم بدل تقييد حركتهم ووضع عوائق وعراقيل وقواعد وقوانين تحول دون اندماجهم فيه. فضلا عن إلتقاء ثقافتين كل منهما لها خصوصياتها التي تميزها عن الأخرى من مجال إلى آخر. وإذا كانت الدول العربية المستقبلة تشكل امتداد للثقافة ذاتها بالنسبة للشعوب العربية فإن الأمر يختلف في بلدان مثل الاتحاد الأوروبي، حيث يجد المهاجر نفسه بعد اقتحامه للحدود الخارجية في مواجهة الحدود الداخلية.[1]
وعلى أية حال فإن المقصود بالاندماج في حقل الهجرة الأولية هو الاندماج في الحياة الاجتماعية وفي مجالات العمل والنشاطات الرياضية والثقافية والسياسية وغيرها على سبيل المثال وليس المقصود الاندماج العقائدي والديني.
وتبرز أهمية دراسة موضوع الاندماج في حقل الهجرة من خلال الوقوف على أساس فشل بعض المهاجرين في الانصهار والتعايش مع المحيط الجديد غير الذي ألفه في بلدهم الأصل وأما عن المستوى العملي سيكون المقال كمساهمة متواضعة لكل المهتمين بحقل الهجرة الدولية، بصفة عامة للاضطلاع عليه ومعرفة العوائق التي تصادف المهاجرين في تحقيق اندماج فعلي في محيطه الجديد. وكما نحصر هذا المقال في الحديث على الاندماج المهاجرين في الجانب السلبي فقط.
وان الإشكالية التي يعالجها موضوع الاندماج هي على الشكل التالي :
ففي ظل الحديث عن الاندماج على مستوى الخطاب لدى الدول المستقبلة للمهاجرين، فهل الواقع العملي يترجم هذا الخطاب؟ وهذه الإشكالية تتفرع عنها أسئلة فرعية هي على الشكل التالي:
ما هي عوائق الاندماج التي يواجهها المهاجرون؟ وماهي سياسات الاندماج التي تتهجها  البلدان المستقبلة ؟وماهي الآثار المترتبة على دلك؟
للإجابة على هاته الأسئلة سوف ننهج المنهج التحليلي تبعا للتصميم التالي:
المبحث الأول: مشكلات الاندماج في المجتمعات المستقبلية
المبحث الثاني: سياسة الاندماج التي تنهجها البلدان المستقبلة وآثارها على المهاجرين

المبحث الأول: مشكلات الاندماج في المجتمعات المستقبلية


إذا كان الاندماج هو عكس العزلة وهو عملية تستهدف تقليص الهوة بين المهاجرين وبين المجتمع الحاضن لهم أو المستقبل وذلك عن طريق التركيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية من خلال توفير فرص العمل والتعليم والسكن اللائق والمساواة بالحقوق القانونية والكرامة الإنسانية ومحاولة تجنبهم الوقوع في الجريمة، ولتمييز العنصري، إلا أن هذه المعادلة ليست عملية التمثيل أو التمثل التي ينصهر فيها المهاجر في مجتمع المهجر بين فقد هويته وثقافته الأصلية.[2]
بل يتطلب ذلك دراسة وسوسيولوجية وإحصائية للوقوف مدى تحقق هذه الأمور التي أضحت عوائق أمام المهاجر في الاندماج لدى الدولة التي استقبلته، وهو ما سنتناول عوائق الاندماج الاجتماعي الاقتصادي (المطلب الأول)، ثم عوائق الاندماج الثقافي والسياسي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: عوائق الاندماج الاجتماعي والاقتصادي.

يواجه العديد من المهاجرين اليوم تحديات من نوع آخر تتعدد في صعوبة الحصول عن سكن لائق أو شغل يتمشى مع تطلعاتهم أو ظروف جديدة لإتمام الدراسة في أحسن لأحوال.

الفقرة الأولى: مشكلة البطالة

يضطر الشباب المهاجر العمل في المهن الشاقة مع أن فئة كثيرة منهم يتمتعون بمؤهلات علمية عالية وعلى الخصوص في الفترة الأولى للهجرة، وقد تمتد هذه الفترة إلى سنوات قبل أن يجد المهاجر نفسه في مكانه المناسب[3] وكما أن المهاجرون هم الذين يعانون أكثر من مشكلة البطالة ويتفاقم الوضع أكثر بالنسبة للمهاجرين من المغرب العربي وإفريقيا لسوداء وتركيا، ففي فرنسا مثلا إذا كانت نسبة البطالة العامة تقدر بحوالي 12.4% فهي تتغير بالنسبة للمهاجرين حسب أصولهم الاثنية وجنسيتهم، ففيما يخص مواطن دول الاتحاد الأوربي فإنه يقدر بـ 10.1% بينما يرتفع إلى 31.2% بالنسبة للجاليات الأخرى.[4]
وقد كان المهاجرون أوائل ضحايا الأزمة العالمية الأخيرة، ففي إسبانيا مثلا مست البطالة المهاجرين المغاربة أكثر من غيرهم حيث بلغ معدل البطالة عندهم 47.42%  أي ثلاثة أضعاف معدل البطالة عند الإسبان الذي لم يتعدى 16.8% وأكثر بكثير من معدل الجاليات الأخرى مثل الجالية البوليفية (19.5%) أو الرومانية (26.04%) أو الأرجنتينية (27.87%).[5]

الفقرة الثانية: مشكلة الشغل

إن الانانية واللاعقلانية وعدم الموضوعية هي القيم السائدة غالبا في سوق العمل عندما يتعلق الأمر بتشغيل الأشخاص المهاجرين أو ذي الأصول الأجنبية، لأن الحصول على الجنسية لا يعني بالضرورة الاندماج الكامل والتخلص من التمييز والإقصاء فهناك من قام بتغيير اسمه لكنه لم يتمكن من تغيير بشرته وملامحه.[6]
وهذا التمييز الذي يختلف نسبيا من بلد إلى آخر يزكيه جانب التفضيل الوطني العنصرية والإقصاء الذي يصيب نسبة كبيرة من المهاجرين في ديار المهجر.
وفي ظل الأبحاث التي قام بها المكتب الدولي للشغل في كثير من دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى نتائج تبرز أسلوب الإقصاء في سوق الشغل الذي يتم على ثلاث مراحل الاسم، والمقابلة مع مرشح العمل، ثم القرار النهائي، ففي بلجيكا مثلا، أكد البحث أنه بنفس مؤهلات يقصى الشباب المهاجر بنسبة 40% في منطقة الفلاندر 34% في بروكسيل و27 % في منطقة والونيا.[7]

الفقرة الثالثة: مشكلة السكن

إن مستوى الاستفادة من فضاء الإقامة والسكن يعتبر من أولى المؤشرات التي تبين مدى اندماج أو إقصاء فئة معينة، وفي هذا المجال نشير بأن جل المهاجرين يعانون من الإقصاء لكن حدته تختلف حسب مدة الهجرة والبلدان لكن السمة الغالبة في هذا المضمار هي:
·     تجمع المهاجرين خاصة المغاريين منهم في أحياء معينة حين ترتفع نسبة الانحراف والتهميش.
·  والبلدان الحديثة العهد بظاهرة الهجرة مثلا إسبانيا وإيطاليا يتكدس بعض المهاجرين (4.3 أو 5 أشخاص) في غرف مشتركة أو في أماكن العمل بالنسبة للعمال الفلاحين وتنعدم في هذه البيوت أبسط الظروف الصحية.[8]
وإذا كان السكن كذلك يشكل عنوانا دائما للحصول على وظيفة والالتحاق الأبناء بالمدارس ويساعد في الحصول على كافة الخدمات الاجتماعية "مثل بطاقة التأمين الاجتماعي الضرورية للحصول على كافة الخدمات الرئيسية، فإن المنزل الأول للمهاجر غالبا ما يكون منزل أو شقة مستأجرة فمثلا في كندا، أغلبية الشركات العقارية تعرض على المهاجرين عدة طلبات أحيانا تكون تعجيزية مثل: إثبات عمل شركة كندية، وهو أمر صعب على كثير من المهاجرين الذين لم يحصلون على وظائف بعد.
وخير مثال كذلك في كندا هناك دليل المهاجر الجديد إلى كندا للحصول على السكن الذي تدعمه الحكومة من خلال بعض الجهات لنفع العام وهي منازل أو شقق ترتبط قيمة استئجارها بمستوى الدخل فإن ارتفع الدخل ارتفع الإيجار، وإذا انخفض الدخل انخفض الإيجار، وتكمن صعوبة الحصول على هذه المنازل في قائمة الانتظار الطويلة جدا على الرغم من توفير حصص للمهاجرين الجدد من تلك المساكن. وقد تصل المدة إلى 3 سنوات.[9]

الفقرة الرابعة: مشكل التعليم

المدرسة للجميع تبقى هي أيضا في بعض الأحيان مجرد شعارات لأن المهاجر لا يتوفر على نفس الظروف الثقافية (اللغة)، والاجتماعية (البيئة العائلية). من إتمام مساره الدراسي في أحسن الأحوال. وحتى إذا ما تمكن من تجاوز مختلف العقبات والصعوبات وحصل مستويات أكاديمية عالية فإن ذلك لا يعني بالنسبة إليه الحصول على شغل يتلائم ومستواه الدراسي وكذا مؤهلاته العلمية والتقنية.[10]



ولا على سبيل المثال قام أحد الباحثين "هشام كوكل" بدراسة حول "الجالية العربية في بلجيكا بن الاندماج والعزلة" حيث توصل أن أغلب أطفال الجاليات العربية في بلجيكا يواجهون مشاكل عندما يباشرون التعلم باللغة الفلامانية مما يخلق لهم مشاكل كثيرة في عدم التكييف مع خصوصية النظام التعليمي. وكذا استقبال المعلومات الشفوية والكتابية لهم.
وتؤكد الدراسة أن أغلب الأطفال المنحدرين من أسر مغربية يفشلون في سلك نظام التعليم العادي البلجيكي، مما يؤدي إلى نقلهم إلى مدارس بـ "المدارس الخاصة" وهو نظام مخصص للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية.[11]

المطلب الثاني: عوائق الاندماج الثقافي والسياسي

في الحقيقة يواجه المهاجرون صعوبات عدة في الاندماج مع مجتمعات تسمي نفسها "بالمتحضرة" وتنظر إلى هؤلاء بكثير من الريبة والقلق والعنصرية، وتصنف أوطانهم في خانة المجتمعات البدائية المتخلفة، وهذه النظرة العنصرية اتجاه المهاجرين خلقت مشاكل عدة للمهاجرين في تأقلم والتكييف مع هذه المجتمعات ثقافيا وسياسيا. وهو ما سنحاول تسليط عليه للنقاش في الفقرات التالية:

الفقرة الأولى: مشكلة الهوية الثقافية

يواجه المهاجرون وخصوصا العرب تحديات عديدة هناك أهمها الاغتراب الثقافي والاجتماعي. وصعوبة الاندماج بالمجتمعات الغربية نظرا للاختلاف الكبير في الثقافة والعادات والأنظمة والقوانين والأعراف والتقاليد سواء في اللبس أو اللون، مما عزز نظرة الغرب نحوهم وكرس مشاعر الاستعلاء والكراهية خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر[12].
وهذه النظرة تسببت للمهاجرين خصوصا العرب بفشلهم في التواصل مع البلدان التي هاجروا إليها ثقافيا، مما جعلهم يعانون من مشكلة الهوية الثقافية، التي يحضرها معه من بلاده وهوية البلد الذي يلجأ إليه[13] حيث يبرز هذا الوضع في تشبت المهاجرون بعادات وسلوكات الارتباط الثقافي بالبلد الأصل من خلال ضرورة الحفاظ على اللغة، وشعائر الدينية على سبيل المثال.[14]

الفقرة الثانية: مشكلة الاضطهاد الديني وعدم الحرية في ممارسة الشعائر الدينية

يعاني المهاجرون خاصة المسلمون من مشكلة الاغتراب العقائدي بسبب النظرة العدائية في الغرب للإسلام، حيث المجتمعات التي استقر المهاجرون المسلمون محكومة بضوابط وقوانين تنظم الحياة وفقا للروى العلمانية المتناقضة تماما مع الرؤية الإسلامية المحافظة كما يواجه المسلمين لتعامل الإعلامي يقصد التشهير بهم وذلك عن طريق إعطاء معلومات عادية عن الصحة للرأي العام يتم على أساسها التعامل مع المهاجرين على أنهم إرهابيون وقتلة ومشتبه  بهم.[15]
كما أن الدول الغربية ترى أن المسلمين هم الأقلية الصاعدة في أوروبا، والتي تحمل منظومة قيم اجتماعية ومعتقدات مغايرة تماما لتلك التي يؤمن بها الغرب.

الفقرة الثالثة: مشكلة اللغة

إن من بين العوائق التي تواجه المهاجرون اليوم في الاندماج الحقيقي في المحيط الاجتماعي والمهني هو مشكلة الاندماج اللغوي فكلما تمكن المهاجر من لغة البلد الذي يعيش فيه بشكل مستديم كلما زادت فرصته للاندماج في وقت معقول، وكذلك فإن معظم المهاجرون يعانون من اكتساب اللغة تسهل عليهم عملية الاندماج بسرعة.[16]

الفقرة الرابعة: مشكلة الميز العنصري

مما لاشك فيه أنه من بين العوامل التي تساهم في عدم حصول اندماج فعلي للمهاجر وهي تزايد الظاهرة المرضية المعروفة على المستوى الاجتماعي والمكاني (عتبة التسامح في فرنسا مثلا).
وتتزايد هذه الظاهرة في أوربا كما تؤكد ذلك الأبحاث التي تقوم بها بعض المؤسسات المختصة وعلى رأسها المرصد الأوروبي للظواهر العنصرية ونبذ الآخر التابع للاتحاد الأوروبي والذي يقع مقره في فيينا بالنمسا، وقد أبرز أن 60% من سكان دول الخمس عشرة المكونة سابقا الاتحاد الأوروبي و48% من الدول التي انضمت بعد ذلك للاتحاد وترى ضرورة التخلص من الهجرة، معتبرة أن هناك حدودا لتقبل أشخاص من جنسيات وثقافات أجنبية، وقد أبدت 25% بالنسبة للفئة الأولى و28% بالنسبة للفئة الثانية، عزمها مقاومة مجتمع متعدد الثقافات.
وفي فرنسا حيث تتوافر جاليات عربية مهمة، استخلصت دراسة قامت بها الهيئة العليا لمناهضة التمييز أن ثلث المأجورين يعانون جراء التمييز.
وفي ظل هذا الوضع يمكن أن ينتج عنه المهاجر موقفان متناقضان، الانطواء الثقافي الذي يمكن أن يصل إلى حد التطرف الديني، أو التثاقف الذي قد يصل إلى حد نكران الثقافة الأمر وتبني عادات وتقاليد الاستقبال، وهذا يمر عبر الحصول على جنسية بلد الإقامة وفي بعض الحالات قد يصل إلى تغيير الاسم.[17]

الفقرة الخامسة: مشكلة الاندماج السياسي

إذا كان المهاجرون في بعض بلدان العالم يساهمون في التنمية الاقتصادية ويدفعون الضرائب كباقي السكان الأصليون، فإن ذلك لا يشفع لهم في اكتساب وممارسة حقهم في المشاركة السياسية في الانتخابات المحلية والبلدية، وتجد ذلك في دولة فرنسا التي تعتبر أصلا بلدا للهجرة لا تمنح حق التصويت في الانتخابات البلدية للأجانب المقيمين بشكل شرعي في فرنسا إلا إذا حصل على الجنسية الفرنسية، ونفس الاتجاه سار عليه المغرب، شرط الجنسية.
وإذا كان الكثير من الحقوق السياسية مرتبطا بالجنسية فإن بعض الدول قد منحت حق التصويت في الانتخابات المحلية أيرلندا (1963) والدنمارك (1981) والنرويج وهولندا (1985) وفي اسبانيا والبرتغال يمنح هذا الحق شرط المعاملة بالمثل، ومنح هذا الحق لرعايا هذين البلدين.
والجدير بالذكر أنه إذا كان الحصول على الجنسية بالنسبة للعرب من الناحية القانونية يجعل نهم مواطنين في بلدان الاستقبال، فإنهم من منظور اجتماعي يبقون دائما ينتسبون إلى المجموعة الظرفية التي ينتمون إليها، فتغير الوضع القانوني لا ينجم عنه حتما تغيير في الوضع الاجتماعي، إلا أن الأمر قد يختلف بالنسبة لبعض النخب في بعض الدول المستقبلة، تشكل بلجيكا وفرنسا[18] وهولندا نموذجا لبروز نخب سياسية مغاربية لها حضور في البرلمانات المحلية والوطنية وكذلك في المناصب الوزارية.[19]

المبحث الثاني: سياسة الاندماج التي تنهجها البلدان المستقبلة للهجرة وآثارها على المهاجرين


لمناقشة هذا المبحث لابد من تقسيمه إلى مطبين نخصص أولهما لبرامج الاندماج المثبت من قبل الدول المستقبلة للهجرة وثانيهما للآثار.

المطلب الأول: برامج الاندماج التي تنهجها الدول المستقطبة للهجرة

في ألمانيا أصبح موضوع الاندماج أو سياسة الاندماج من أبرز أجندة الأحزاب السياسية والسلطات الحكومية وكذلك تحول الموضوع إلى قضية سياسية واجتماعية وثقافية وحتى أمنية كما عقدت ألمانيا في عام 2006 قمة الاندماج ركزت هذه القمة على محاور رئيسية أهما التعليم والعمل فالتعليم هو أساس الرقي والاندماج في أي مجتمع من المجتمعات لذلك لابد من تشجيع تعليم الأجانب بشكل حازم وكذلك  دعم الآباء في تحمل مسؤولية تعليم الأطفال إضافة إلى ضرورة تعلم اللغة الألمانية كما ترى الحكومة الألمانية أن إذابة الفوارق وتحقيق تكافؤ الفرص في المجتمع.
أما بعض الدول التي تعاملت بشكل جيد ومعقلن مع مشكل الاندماج كالسويد[20] هي من أفضل الدول التي استطاعت تأمين للأجانب للمشاركة في المجتمع وذلك من خلال سنها لقوانين تتيح شروط أفضل لأجانب للاندماج والتأسيس لحياة جديدة في المجتمع أما أمريكا فقد نهجت سياسة الاندماج الإجباري للمهاجرين وذلك محاولة منها لإنعاش اقتصادها وكذلك حتى المهاجرون على تعلم اللغة الإنجليزية وتقديم حوافز مالية لأرباب العمل من أجل مساعدة المهاجرون العمال على شراء المنازل.[21]
عكس بعض الدول التي فشلت سياستها في إدماج المهاجرين كالنموذج الفرنسي القائم على الانصهار في المجتمع من الأسباب التي أدت إلى انحراف مهاجرين مغاربة ومغاربيين نحو التطرف والإرهاب والمغرب بدوره لا يخرج عن خانة الدول التي تعرف ضغط متزايد للهجرة[22] مما جعله يفكر في خطة لضمان كرامة وإنسانية المهاجرين وهي سياسة تم تدشينها تحت قيادة صاحب الجلالة محمد السادس وذلك من خلال عملية استثنائية لتسوية أوضاع المهاجرين وتنزيل برنامج الاندماج والاستفادة من التغطية الصحية.[23]

المطلب الثاني: آثار الاندماج
الفقرة الأولى: الآثار الإيجابية

ففي بلجيكا عمليتي التسوية والاندماج الاقتصادي في 1983 و1997 كان 30% من المهاجرون ثم دمجهم في قطاع البناء ثم بعده المطاعم وعناية الأشخاص المسنين والأشغال المنزلية والنسيج أما سياسة الاندماج التي نهجتها ألمانيا مؤخر تجاه اللاجئين السوريين جاءت ناجعة قد تم إعمار ثلاث بلدات في جنوب ألمانيا باللاجئين بعدما كانت تعاني من نقص في السكان.[24]

الفقرة الثانية: الآثار السلبية

بعض النماذج أبانت على فشل تام في إدماج المهاجرين داخل مجتمعها مما انعكس سلبا عليها كالنموذج الفرنسي الذي نهج سياسة الانصهار في المجتمع بدل التعدد الثقافي مما أدت إلى انحراف مهاجرين مغاربة نحو التطرف والإرهاب حيث أوضح السيد أكمير في مداخله له ضمن ندوة تدبير المغاربة للاختلاف استلهام أساليب التعايش وقبول الآخر المنضمة من طرف الجمعية المغربية للبحث التاريخي في عاصمة الرباط أن النموذج الفرنسي في إدماج المهاجرين والقائم على الوحدة الترابية والسياسية والثقافية جعل المنتمين إلى الثقافة العربية يحسون بأنهم لا يمكن أن يندمجوا في المجتمع الفرنسي فيفشلون في الاندماج ويتحولون إلى التطرف والإرهاب وذلك عكس النموذج الكندي الذي يكرس مبدأ التعددية الثقافية واحترام خصوصيات الأقليات.[25]

خاتمة

عموما إن سياسة الاندماج التي تنهجها جل الدول المستقبلة للهجرة بعضها كتب له النجاح بينما البعض الآخر أبان عن فشل تام فالاندماج له معوقات تجعل من الصعب على المهاجر أن يندمج في مجتمع غريب عن تقاليد والعادات بلده الأصل مما يحتم عليه إما أن يندمج في هذا المجتمع أو أن يرجع عن طواعية إلى بلده الأصلي فالمشكل لا يثير نوع من الحدة بالنسبة للأبناء المهاجرين لكونهم ازدادوا في تلك الدول مما يسهل عليهم الاندماج فيها بسهولة أما ذلك المهاجر الجديد الذي سافر إلى بلد آخر لدواعي سياسية أم اقتصادية سيعاني نوع من العزلة الثقافية والدينية قد تنعكس سلبا عليه وعلى الدول التي استقبلته فقد يتحول إلى متطرف أو إرهابي ويصبح ضحية شبكات الإرهاب والتطرف.


لائحة المراجع
- هشام عبود الموساوي: "إشكالية اندماج المهاجرين في المجتمعات الجديدة صحيفة المثقف العدد 3577 الثلاثاء 21/6/2016. www.almothakaf.com
- المهاجرون العرب... مضطهدون في بلاد الحرية، مقال بدون إ** الكاتب منشور في موقع
www.startimes.com/?t=23195325,12h53,17/02/2016
- محمد نظيف الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج، مقال منشور في
www.aljazerra.net.17/12/2017,9h00
- محمد خشاني، الهجرة الدولية الواقع والآفاق، سلسلة محاضرات الإمارات الطبعة الأولى، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية 2011
- دليل المهاجر الجديد إلى كندا للحصول على السكن مقال منشور في:
www.alitaliya.net 16/2/2017, 14h 12
- هشام عوكل الجالية العربية في بلجيكا بين الاندماج والعزلة مقال منشور في :
www.dimanlarab.com,16/12/2016,14h00
- شباب المهجر وإشكالات الهوية والاندماج "مقال منشور في
www.andalispress.com,15/12/2016,18h30
- موقع العربية – راغبي الهجرة إلى أمريكا سان فرانسيسكو ونيويورك ولوس أنجلس ترحب بكم. www.alarabiya.net
- الجالية المغربية في بلجيكا بين الاندماج والعزلةwww.safsaf.org
- موقع هسبريس الجريدة الإلكترونية – مغاربة العالم.www.hesspress.com
- مشكلة المهاجرون العرب وإشكالية الاندماج الاجتماعي – مجلة الابتسامة.www.ibtesamah.com
مواضيع ذات صلة

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] - هشام عبود الموساوي: "إشكالية اندماج المهاجرين في المجتمعات الجديدة صحيفة المثقف العدد 3577 الثلاثاء 21/6/2016. www.almothakaf.com
[2] - المهاجرون العرب... مضطهدون في بلاد الحرية، مقال بدون إسم الكاتب منشور في موقع
www.startimes.com/?t=23195325,12h53,17/02/2016
[3] - محمد نظيف، الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج، مقال منشور في
www.aljazerra.net.17/12/2017,9h00
[4] - محمد خشاني، الهجرة الدولية الواقع والآفاق، سلسلة محاضرات الإمارات الطبعة الأولى، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية 2011، ص: 29.
[5] - محمد نظيف، الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج مرجع سابق.
[6] - محمد خشاني، الهجرة الدولية الواقع والآفاق، مرجع سابق.
[7] - محمد نظيف، الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج مرجع سابق.
[8] - دليل المهاجر الجديد إلى كندا للحصول على السكن مقال منشور في:
www.alitaliya.net 16/2/2017, 14h 12
[9] - محمد نظيف، الهجرة بين الحاجيات وعوائق الاندماج مرجع سابق.
[10] - هشام عوكل الجالية العربية في بلجيكا بين الاندماج والعزلة مقال منشور في :
www.diwanlarab.com,16/12/2016,14h00
[11] - هشام عوكل، مرجع سابق.
[12] - شباب المهجر وإشكالات الهوية والاندماج "مقال منشور في
www.andalispress.com,15/12/2016,18h30           
[13] - محمد خشاني "الهجرة الدولية الواقع والآفاق مرجع سابق ص 31.
[14] - شباب المهجر وإشكالات الهوية والاندماج" مرجع سابق
[15] - المهاجرون العرب... مضطهدون في بلاد الحرية، مقال بدون إسم الكاتب منشور في موقع
www.startimes.com/?t=23195325,12h53,17/02/2016
[16] - المهاجرون العرب... مضطهدون في بلاد الحرية، مقال بدون إسم الكاتب منشور في موقع
www.startimes.com/?t=23195325,12h53,17/02/2016
[17] - محمد خشاني "الهجرة الدولية الواقع والآفاق" مرجع سابق.
[18] - محمد خشاني "الهجرة الدولية الواقع والآفاق" مرجع سابق.
[19] - محمد خشاني "الهجرة الدولية الواقع والآفاق" مرجع سابق.
[20] - الأجانب في ألمانيا بين الاندماج والعزلة – موقف أبو حمود.
[21] - موقع العربية – راغبي الهجرة إلى أمريكا سان فرانسيسكو ونيويورك ولوس أنجلس ترحب بكم. www.alarabiya.net
[22] - الجالية المغربية في بلجيكا بين الاندماج والعزلةةwww.safsaf.org
[23] - موقع هسبريس الجريدة الإلكترونية – مغاربة العالم. www.hesspress.com
[24] - مرجع سابق. www.hesspress.com
[25] - مشكلة المهاجرون العرب وإشكالية الاندماج الاجتماعي – مجلة الابتسامة. www.ibtesamah.com
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات